بحر بلا شاطئ

ELBANOTA GEGE`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-10-25ضع على الرف
  • 50.6K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول بحر بلا شاطئ

.. يقف شاب هزيل، أشعث الشعر، بالرغم من خضرة عينيه التي تشبه العشب الرطب، إلا أنها ذابلة كالورود في فصل الخريف، أصبح جلده يلتصق بعظامه دون عزول، كأن شحومه قد هجرته عقاباً على ما أقترفه في حقها، كان يشاهد النيل من فوق إحدى الكباري، وهو يتساءل.. هل سيشعر بالدفء والراحة في حضن النيل؟ فلا يرى له ملاذ غيره، فكل الأبواب قد أغلقت في وجهه، لا أمل له في الحياة، ادمعت عيناه في تحسر لحاله، فماذا كان وكيف أصبح؟ لقد سحقت الدنيا هامته، وأصبح قلبه كعداد ساعة يدق بلا نبض، لقد لطم في الحياة برغم من وجود الجميع حوله، فهو كان كنجم ساطع يسحر كل من ينظر له، أما الآن فأصبح كالمرض الخبيث الذي يستعيذ منه الجميع.

.. في منطقة شعبية بإحدى ضواحي القاهرة، تقبع أسرة لديها ثلاثة ابناء من الذكور في عُمر الزهور، نالوا حظاً وافراً من التعليم، يتمتعون بالوسامة والرجولة، ف هم فرسان أحلام كل فتاة، حين يتجولون في الحي يقف لهم الجميع احتراماً وتقديراً، ف هم كأقمار نسجت أنوارها في ليلة مظلمة، كانوا مصدر فخر لوالديهم، ولكن لم يستمر ذلك طويلاً.

.. يوم (وقفة العيد) حيث السعادة تنشر بريقها على الوجوه، والشوارع والبيوت تملؤها الفرحة والزينة احتفالاً بالعيد، ففي الأماكن الشعبية تستمع لغناء أم كلثوم لأغنية (يا ليلة العيد) وتركض الأطفال في زيهم الجديد، وسط أصدقائهم في الشوارع، وهم يمرحون ويلعبون، ويتجمع الشباب مع بعضهم للاحتفال، سواء بلعب كرة القدم أو البلاي ستيشن، وهناك من يقبعون في ناصية الشوارع لبيع المخدرات.


أمهم (فاتن) وهى تقوم بتبخير المنزل بالمسك والعنبر، ووضع كحك العيد على المائدة، والابتسامة تملأ ثغرها قائلة:
- كل سنة وأنت طيب يا آدم، يعود عليك الأيام بخير، وتملأ عيناي برؤيتك مع عروسك في قاعة الزفاف، فلقد أتممت عامك الخامس والعشرين، فأنت مهندس تتمناك كل فتاة، متى سيسعد قلبي بزواجك؟

ضحك ابنها (آدم) وهو يقترب من أمه ويقبل رأسها قائلاً:
- وأنتِ طيبة يا "ست الكُل" هل تريدين التخلص مني سريعاً؟!

داعبت فاتن خده قائلة:
- أتمنى رؤية أحفاد من صلبك قبل أن أقابل وجه كريم.. أنت أقرب الأبناء إلى قلبي.


قَبّلَ آدم يديها قائلاً:
- اطال الله عمرك، ولم يحرمني من دعواتك لي ابدا.

خرج ابنها الأصغر (يزيد) من غرفته، ناشراً رائحة عطره الفواحة قائلاً:
- بالطبع.. فآدم هو الأبن المدلل، إنما نحن مساكين، نرضى بفتات حنان.

نكزه (آدم) قائلاً:
- كفاياك حقد.. اجتهد أنت فقط؛ لتنال شهادة الدكتوراه.

ضحكت الأم على مشاغبتهم وهى تدعوا لهم بصلاح الحال، ولكن تذكرت قائلة:
- أخيكم (أدهم) لم يأتي بعد، فمن المفترض أن يحضر مع زوجته وابنه، لقضاء وقفة العيد معنا.

غمز (يزيد) بعينيه (لآدم) قائلاً:
- اتركيه ينعم بدفئ زوجته، فهناك أسرار بين الزوجين لا يمكن إفشاؤه، لا تكوني عزول بينهم.

ضحك (آدم) حتى بدت نواجذه قائلاً:
- لقد وعدت أصدقائي بقضاء وقفة العيد معهم، سأعود بعد صلاة العيد، أستودعك الله.

صرخ (يزيد) قائلاً:
- خذني معك.. تصحبك السلامة يا أمي.

تجمع (آدم) مع أصدقائه في منزل حديث البناء يملكه أحدهم، وظلوا يلعبون (الفيفا) وهم يصدرون أحكام على الخاسر، بشراء تسالي ومشروبات، وعند الحُكم على (ماهر) أخرج من جيبه شريط من الحبوب المخدرة قائلاً:
- هذة معايدة مني لكم في هذا اليوم المفترج، أعاده عليكم بالخير والبركات.

نظر له (آدم) وهو متعجب قائلاً:
- ماذا تحمل في يدك؟ هل جننت!

ضحك (ماهر) ساخراً من (آدم) قائلاً:
- هذة للرجال ليس لك " آدم ماما" اجلس أنت، فلا يعنيك هذا الأمر.

غضب (آدم) فهو يكره هذا اللقب، فدائماً يلقبه (ماهر) "بآدم ماما" قائلاً:
- أتعلم سأخذ حبة من الذي بيدك.. لترى من ابن أمه المدلل.

فرح (ماهر) بشدة فهو وصل لمراده في تدمير مستقبل (آدم) الذي طالما عايره أبيه به، فدائماً يكون في مقارنة معه حتى كره آدم، بالرغم من أن آدم لم يأذيه قط بل كان يعامله كأخ له، ولكن ما تدري كل نفسٍ بما في نفس الآخر من سوء، وحقد، وغل (فماهر) كان كالثعبان الذي لدغ صاحبه في مقتل
{يا ويلتي ليتني لم أتخد فلاناً خليلا}

.. وكان ذلك أول طريق الإدمان، فهى تبدأ من خطوة غير محسوب عواقبها، وتنتهي بكارثة، ظل (آدم) يتردد على (ماهر) حتى يجلب منه الحبوب المخدرة، فهو لا يستطيع الاِستغناء عنها في حياته، فتغيرت طبائعه، سار أكثر عصبية وإهمالاً، لم يعد كما كان من قبل، وظهرت علية بعض الأعراض مثل: ألم في الرأس وفي جميع أجزاء الجسم، مما يجعله غير قادر على بذل أي مجهود بدني، ظهور رعشة في الأطراف وبالأخص على اليد، مما يصعب التحكم في أعصابه، القلق المتزايد والتوتر بشكل دائم، الميل للعنف والعدوانية، تقلب حاد في حالته المزاجية، حيث يكون في حالة هادئة، ثم فجأة ينقلب إلى حالة الهياج الشديد، الخمول والرغبة في النوم أثناء النهار، والأرق الشديد في الليل، ورغبته الدائمة في الأنعزال، وعدم تفضيل تواجده في التجمعات، مع ظهور علامات الأكتئاب عليه.

كان الأبن الأكبر (أدهم) يضجع فوق الفراش وهو يتحدث مع زوجته (خديجة) قائلاً:
- أشعر بتغير في تصرفات وسلوك أخي آدم، فحاله لم يعد يعجبني.

أومأت له زوجته (خديجة) قائلة:
- عندك حق.. تصرفاته أصبحت غريبة، تتخيل لقد شب نزاع بينه وبين أمك، لأنها قامت بتنظيف غرفته وترتيبها، فعصبيته لم تعد تحتمل.

تنهد (أدهم) وهو يتعجب من تصرفات أخيه قائلاً:
- أنا لا أدري كيف يستطيع إنفاق راتبه في ظرف أسبوع واحد؟! فهو لا يعول ولا لديه زوجة، فلقد أخبرني أبي أنه قام بالأقتراض منه مبلغ ثلاثة آلاف جنيهاً، مع أنه قد حصل على راتبه منذ أيام قليلة.

شعرت (خديجة) بالحيرة، ثم انتفضت وهى تجلس على ركبتيها، فوق الفراش قائلة:
- قد يكون أسس مشروع مع أصدقائه في العمل، وكان بحاجة إلى مبلغ إضافي.

زفر (أدهم) وهو يجلس على طرف الفراش، ويتكئ بمرفقه على ركبتيه قائلاً:
- مشروع ماذا؟! الموضوع أكبر من ذلك بكثير، هذا ليس بأخي! سوف أتحدث مع أمي بهذا الشأن بعد إنتهاء اليوم الدراسي، لقد كرهت عملي بالتدريس.

(فاتن) وهى تنظر لساعة يدها ثم نظرت (لآدم) بغضب قائلة:
- الثالثة فجراً يا آدم! هل وصل بك الاِستهتار أن تعود للمنزل قرب الصباح؟ أين كنت؟

تأفف (آدم) بضيق و لوى شدقه بعدم اِكتراث، ثم إتجه إلى غرفته، فأمسكت أمه يده قائلة:
- ألا أتحدث معك.. متى صرت عديم الاحترام والأدب؟ هل هذا تصرف يليق مع أمك؟

زفر (آدم) بحنق قائلاً:
- أوووف.. ماذا تريدين مني؟

اندهشت (فاتن) من تصرف ابنها، وطريقة حديثه معها قائلة:
- ماذا حدث لك؟! منذ أكثر من شهرين وتصرفاتك غريبة، اِلتمست لك العذر وظننت أنه من ضغط العمل، لكن لا أظن ذلك فهناك شيء آخر تخفيه عني، فأنت لست على طبيعتك.

حك (آدم) جبهته بعنف وقال من بين أسنانه:
- وما المطلوب مني الآن؟ أريد أن أنام.. أرجوكي.

نظرت (فاتن) له بذهول، ولم تنطق بكلمة واحدة، وتركته وهى تتجه إلى غرفتها، وتتمتم بكلمات غير مفهومة..

.. خرج (آدم) من المرحاض بعدما أخذ حماماً هادئاً، واستلقى على الفراش وهو ينظر لسقف حجرته، لم يدري ما العمل؟! لقد سقط في بئر لا نهاية له، فلا منجى منه، كيف يتخلص من إدمانه؟ والكارثة ماذا لو علمت أسرته بما اقترفه في حق نفسه؟! لابد من وجود حل لمشكلته، ولكن ما هو؟

.. ظلت (فاتن) مستيقظة، لم يقترب النوم من جفنها، فهى تفكر ما آلت إليه شخصية ابنها، وتساءلت.. هل وقع ابنها في مشكلة ما في عمله بالشركة؟ فما سبب ضائقته المالية المبالغ فيها؟! ولما وجهه شاحب كالأموات، ودائما يشعر بالشبع بالرغم من عدم أكله، فالقد فقد شهيته، وبدأ يفقد وزنه بشكل سريع، هل يعاني من مرض ما؟ وعند ذلك انتفضت من الفراش، وقلبها يقرع كالطبول من الخوف.


.. كان (يزيد) في حجرته، يجلس على مكتبه وأمامه عدة كتب، وهو يمسك بقلمه ويكتب رسالة الماجستير، فلا يهتم بما يحدث خارج غرفته، فكل تركيزه في رسالة الماجستير التى ستناقش بعد عدة أيام..

.. أما أبيهم ( محمود) فكان في بلدته في الصعيد، يهتم بأرضه والمحصول الزراعي وجودته، فهو يعمل مهندس زراعي، ويعشق مهنته ويطبق مهارته وخبرته في أرضه، لقد كان في عالم آخر بعيداً عن أسرته وما تعانيه من مشاكل، فقط يرسل المال لزوجته اذا إحتاجت للمال، ويقوم بالمرور للمنزل في أوقات متقطعة، فكانت زوجته هى من تدير أمور المنزل وتقوم بتربية ابنائها وتعليمهم، حتى صاروا مثل يحتذى به في الأدب والأخلاق والتفوق الدراسي، ولكن للأسف الكثير من الأباء يرون أن دورهم في حياة ابنائهم يقبع في توفير حياة كريمة، وتناسوا دورهم المهم في التربية وتقويم الأخلاق ورسم طريقهم الآمن للعبور بهم لبر الأمان.

(بعد مرور يومين)

كان (أدهم) في طريقة للعمل، عندما توقفه صاحب المقهى المجاور لمنزل والديه قائلاً:
- كيف صحتك يا أستاذ أدهم؟ ما أخبارك؟ لم نعد نراك، فلقد أشتقنا لك.

ابتسم له (أدهم) وهو يربت على كفه قائلاً:
- أعذرني يا عمِ ( شوقي) مشاغل الحياة، ولكني أرى صحتك بكامل عافية، لقد سمعت أنك تزوجت بالثالثة "يا رجل يا خلبوص"

ضحك (شوقي) حتى بدت نواجذه قائلاً:
- تغيير.. العاقبة لك يا أستاذ أدهم "لما تخاوي المدام"

ضحك (أدهم) بصخب قائلاً:
- لا فأنا أخشى على روحي من غضب زوجتي، فقد تقوم بتقطيعي وتعبأتي في حقائب سوداء بلاستيكية.

ظهر على ملامح المعلم (شوقي) الجدية قائلاً:
- سبب قدومي لك الآن هو التنبيه.. انتبه لأخيك آدم، فطريقه مليئ بالأشواك، وأنتم نعم الأهل والجيرة، فلا أرضى لكم بالمهانة.

انتبه (أدهم) له، وهو لا يفهم شيء، سوا أن أخيه في خطر قائلاً:
- أنا لا أفهم شيء، وضح يا عمِ شوقي، ليكرمك الله.

تلفت المعلم (شوقي) حوله، ثم نظر (لأدهم) وهو يتحدث بصوت منخفض قائلاَ:
- أخوك مدمن مخدرات "لا مؤاخذه"

صعق (أدهم) وهو لا يصدق ما يسمعه، كيف ذلك؟ فأخيه متعلم وليس بجاهل، حتى يقع في هذا الوحل قائلاً:
- هل أنت متأكد من هذا الحديث يا معلم شوقي؟

أومأ له قائلاً:
- أقسم لك يا أستاذ أدهم، عندما علمت بهذا الخبر كاد عقلي أن يجن، وقررت التأكد بنفسي، فأرسلت صبي القهوة ( دقدق) حتى يتأكد من صحة الخبر، وللأسف لقد رأه وهو يشتري الحبوب المخدرة من الديلر، ولم تكن مرة واحدة بل عدة مرات.

جحظ عينا (أدهم) من هول ما قيل، لدرجة أنه ضل طريق عمله، فلم ينتبه إلى أين يتجه، نظر له المعلم (شوقي) وهو يضرب كفه بالكف الأخر قائلاً:
- "لا حول ولا قوة إلا بالله" ربنا يزيح عنهم الإبتلاء.

وقف (أدهم) بجانب قارعة الطريق، وهو يقوم بالأتصال على أخيه (آدم) قائلاً:
- أين أنت؟ نصف ساعة وأجدك أمامي في مقهى** لا تتأخر.

ظل (آدم) يفكر وهو في طريقه لأخيه، ماذا يريد مني؟ ولما صوته غاضب؟ دلف (آدم) للمقهى، فوجد (أدهم) يجلس وهو يهز ساقه بعصبية، تنهد واقترب منه قائلاً:
- ماذا حدث يا أدهم في هذا الصباح الباكر؟ أليس لديك عمل؟! خير.

اِمتعضت ملامح (أدهم) وهو ينظر إليه بازدراء قائلاً:
-اجلس يا باشا.. دعنا نرى مصيبتك السوداء التي أوقعت نفسك بها.

أزدرد (آدم) ريقه وهو يجلس متوجساً الخيفة من أخيه قائلاً:
- ماذا حدث؟ عن أي مصيبة تتحدث؟

ضرب (أدهم) على سطح الطاولة بكفيه قائلاً:
- لا أحب اللف والدوران، منذ متى تتعاطى المخدر؟

شعر (آدم) بالخزي ولم يستطع رفع عينه في عين أخيه قائلاً:
- منذ أكتر من شهرين، لكن أقسم لك حاولت الإبتعاد عنه.. فلم أستطع.

صدم (أدهم) للمرة الثانية، فكان يتمنى أن يكون على خطأ قائلاً:
- من الغد ستقدم على طلب إجازة من وظيفتك، وسأرسلك لمصحة لعلاج الإدمان، وهذا لا نقاش فيه، وإن لم تنفذ أقسم لك سأحتجزك في المنزل كالنسوه، ولن ترى ضوء النهار مرة أخرى.

حك (آدم) خصلات شعره وهو يومأ (لأدهم) قائلاً:
- أوافق لكن بشرط، لا يعلم أحد بذلك خصوصاً أمي وأبي، سأكذب عليهم بإنني في مأمورية تابعة لوظيفتي.

أردف (أدهم) ببرود:
- حسناً.

(بعد أسبوع..)

..توقف سيارة (أدهم) وبصحبته أخيه (آدم) أمام فيلا بمنطقة أبو النمرس، محاطة بالأشجار العالية، تعلوها لافتة كتب عليها ( مركز لعلاج الإدمان والصحة النفسية) يغلب عليها الطابع الريفي، دلف كل من أدهم وآدم للداخل، وفي اعتقادهم إنهم في بداية الطريق الصحيح، دفع (أدهم) عشرة آلاف جنيهاً أو ما يزيد، ثم مضى في حال سبيله، وهو يعتقد بأن أخيه سيتعافى عما قريب، وهنا يتبدل معاملة المريض المدمن، حيث تفاجأ (آدم) بحبسه في حجرة بها خمس أسرة، بها ١٥ إلى ٢٠ شخصاً، غير مسموح لهم أحياناً بالتحدث إلى بعضهم البعض، حتى لا يحدث فوضى، وإذا المريض علا صوته أو بادر بأي عنف يضعونه بغرفة احتجاز انفرادية، حيث يتبعون طرق للتعامل مع المدمنين غير آدمية، قد تصل طرق علاجهم إلى الكي بالنار، وإستخدام لبعض الأدوية الغير مصرح بها في علاج المدمنين وغير المدرجة بجدول المخدرات.

كان يجلس العاملين في المصحة النفسية لعلاج الإدمان، وهم يتسامرون ليلا في غرفة منطويه عن بقية الغرف، فقال أحدهم وهو يقهقه من الضحك:
- البلهاء يرمون المال تحت الأقدام حتى يتم شفائهم من مرض هم السبب في البلاء به لأنفسهم.

يرد العامل الآخر قائلاً:
- لا يهم فهذا المكان مفتوح لأمثالهم من أجل لقمة عيشنا، فبدونهم سيموت أولادنا جوعا.

ضحك أحدهم وهو ممسك بيده أحد الأسواط قائلاً:
- لا أدري كيف أجد متعتي في تعذيبهم؟! فياله من شعور مريح للأعصاب! يجعلني أتلذذ من صريخهم وهم يطلبون مني الرحمة.

كان يقبع في زاوية الغرفة عامل طيب القلب، إضطرته الظروف للعمل في هذة المصحة قائلاً:
- ألا تخشى الله؟! فمن لا يَرحم لا يُرحم، ألا يكفي مصيبتهم وبلائهم في أبدانهم حتى تقوم بتعذيبهم؟! اتق الله.

ظل أحد العاملين يقهقه قائلاً:
- دع قلبك الطيب لنفسك، فهنا يوجد فقط قساة القلوب، فأهلاً بك بيننا.





يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي