الفصل الرابع

تغير «ميدوس» للحد الذي لا يتوقعه أحدًا بالمرة، لقد كانت حياتهُ مليئة بالظلام و الوحدة وكان راني في ذلك الوقت كَالشُهب الذي أضاء ظلماته و غير حياته بالكامل، أهذا «ميدوس»؟ الحاكم القاسي ذو النظرات القاسية!

لم يكن «ميدوس» الطفل الذي دُلل من قِبل والده الملك و لا والدته المشغولة بالفتنة و مجارات الخلافات بين العائلة الملكية بأكملها، حيث انها تسببت في قتل الكثيرين بسبب لسانهم السليط ونميمتها وكذبها.
أما والده فقد كان قاس الطباع ووالدته مشغوله دائمًا لا تهتم به ملطقًا وكأنه ليس ولدها الوحيد
حتى و إن كان ولي العرش طالما انه بخير ولم يتأذي جسديًا فكل شيؤ على ما يرام تقريبًا
لذلك قد عاش ميدوس وحيدًا.
لم يكن يطمح لشيء في حياته سوى الحب كان يكره كونه أمير، كان يتمنى أن يصبح طفل عاديًا في أسرةٍ عادية، كان ببساطة يحقد على أي أسرة سعيدة، يكرهها و يكره أهلها ولا يعترف بأنه يشعر بالغيرة مُطلقًا.
لم يكن يعترف أبدًا بينه و بين ذاته أنه تمنى ذلك في يوم من الأيام ذلك..
تمني فقط أن يعيش حياة سعيدة بين عائلته تلك التي لا تعرف معنى العاطفة من الأساس.
وبرغم أنه إستلوى به الدهر، إلا أن مُجرد طفلًا صغير، إستطاع كسب كل حبه و إهتماماته بطريقة غريبه.
بعد فتره قليلة مات والده الملك بسبب مرضٍ لعين فُتِك به و لم يكن هناك سوى وريث العرش الشرعيّ (ميدوس) والحقيقه ان ميدوس رغم طموحاته ليصبح ملكًا إلا أنه لم يكن بتلك السعادة المتوقعه ولم يحتفل بذلك أبدًا وربما السبب وراء ذلك هي عائلته الملكيه تلك.
لم يسعد أحدًا بذلك أبدا منهم وكان الجميع عابس الوجهه حتى والدته نفسها.
لم يفعل ميدوس شيء لأنه لم يكن مهتمًا بهذه الامور
لذلك ظنوا انه لن يكن قادرًا على حُكم دولته، كانت والدته تقسوا عليه دائمًا لتوليه أمور البلاد ولكنه لم يكن مهتمًا بذلك وبرغم سيعانها لذلك إلى أنها لم تُسعد بذلك.
وبعد وقت ليس بكثير من تولية ميدوس للعرش توفيت هي الاخرى حتي أمسى وحيدًا تمامًا كما كان لم يختلف شيء.
لقد حزن ميدوس عليها كثيرًا لأنها في النهاية كانت والدته ومهما فعلت سيكِّن لها الحُب وبرغم صموده في تلك الليلة إلا أنه فرَّ هاربًا إلى غرفته بعد مراسم الدفن و أخذ يبكي كثيرًا.. و لم يواسيه في ذلك اليوم سوى «رانجوران».


في المحكمة الملكيه، حيثُ يقع العدل فقط ميزان المحكمة هُنا متساوي، فمن يقع في الخطأ عن قصد يُعاقب والمظلوم تُرفع عنه تهمته، مكانٌ ضخم بقاعة ضخمة و كرسي العرش بجواره كرسي آخر! فكيف لأحد آخر أن يجلس بجوار الملك، حتي اعظم الامراء في عصرهم وزمانهم لم يستجروا الجلوس هكذا ليأتي طفل ويصبح في ذلك المكان بتلك البساطه؟

- يقول يا «راني» أنه قد سرق، يريد مني أن أغفر له يا صغيري، ما رأيك؟

كانت صدمة للجميع!
ألا يكفي ذلك المقعد الصغير الذي بناه أشهر ساحرًا في العالم، قد بناه مُقابل أغلى شيء يملكة «ميدوس»
و هذا الشيء هو «كتاب»، كتاب يعرف العالم بوجوده و لكن لا يعرفون أن «ميدوس» تخلى عنه! لقد وقع ضحية للحب وتخلي عن أعظم شيء لدى العالم وبالأخص ذلك العالم الآخر.. عالم السَّحره.

يعرفون أيضًا أن ذلك الكتاب سوف يكون سببا لتغير العالم إلى سلامٍ دائم
لا أحد يعرف أن ذلك الكتاب رُهن مع ذلك الساحر ليقوِّي سحره.
لكن الشيء الذي لا يعرفه «ميدوس» أن الكتاب سوف يصبح ضد السلام سيُستغل أشد الأستغلال بسبب لعناته وقوته تلك.
فمثلما فيه الخير فيه الشر أيضًا والشر يكمن في الداخل ويتزايد يوما بعد يوم حتى يقضي على الجميع بكل بساطه.


بُنيَّ ذلك العرش الصغير مُخصصًا لـ«راني» ليجلس عليه بجانب «ميدوس»، هل يتدخل أيضا في الحُكم؟
(أنتَ مخطئ يا «ميدوس»، أنتَ مخطئ.)
ذلك ما يدور في عقل الجميع والذي لا يجرؤ أحدًا على قوله.

- لو لم أكن أحتاج ما كنت سرقت يا سيدي.
قالها ذلك الشاب في مقتبل العمر يرتدي بعض الثياب المهترئة و و جهه يمتلئ بالأسى والحزن.

أجابه«راني» الذي رفع رأسه قليلا ينظر إليه بغضب يحاول إخفائه، و لو دققت بعينيك قليلًا، سترى أنها نفس نظرات «ميدوس» للرجل
و ذلك أغرب شيء تراه العين!

-لا تَتَندم على ما حَدث نحن هُنا نحكم بالعدل
قالها «راني» بجدية، ثم نظر إلى «ميدوس» قائلًا:
- مِن مَن سرقت و ما الذي سرقته؟
أجاب الرجل بقلة حيلة و حزن و تعجب بعض الشيء مؤمنًا انه طفلا لن يغير شيء أبدًا.
- زوجتي أنجبت طفلة في ذلك اليوم و لم يكن لدي المال لأحضر لها الأعشاب الطبيه والطعام اللذيذ، فطلبت ذلك لأجلها و قلت أنني سوف أسترجع الثمن في أقرب وقت.
لكن البائع لم يقبل بذلك وطردني بطريقة رزيله، وذلك جعلني أفعل ذلك.
فكر «راني» قليلًا في ذلك ثم قال بجديه:
- أعفي عنه يا أبي، و أحضر له الكثير من المال لأجل زوجته وطفلته.
ابتسم «ميدوس» إبتسامه غريبة، لم يفهمها أحد، ثم نظر لـ«راني» قائلًا بإعجاب:
- إذًا فقد عفوت عنه.


كبُر «راني» وإشتد عوده وأصبح في مقتبل العمر ما بين شابًا وطفلًا.
تزوج «ميدوس» حينما أصبح «راني» أكبر.
و ذلك بعدما أصرّ «راني» على ذلك، كان يعرف أن والده لن يقتنع أبدًا بذلك، لكنه لا يقدر عليه أحدًا غيره بالمره
و بعد و قتٍ ليس بالطويل، قتلها!
حاولت زوجته أن تقتل «راني» بسبب تلك الغيرة في قلبها وبسبب إهتمامه الزائد بهذا الطفل.
- لما هو انه حتى ليس بطفلك أنتَ؟
قالتها زوجته بطريقة وقحه أزعجته بقوة وجعلته يقول:
- اصمتي أيتها المُجرمه، لقد حاولتِ إيذاء اهم شخص في حياتي، لن أرحمكِ ابدًا.
قالت بغضب وحقد دفين بين اعينها:
- يستحق هذا لقد سيطر علي عقلك وأصبحت لا تفكر إلا بسواه! وسوف احاول قتله مرارًا وتكرارًا للقضاء عليه وأريحك من هذا الهَوس.

لم يتردد «ميدوس» لحظة، لم يتردد أبدًا بأن يقتلها رغم كونها أميرة و رغم أن الجميع قد تحالف ضده لشدة تسرعه وتهوره في قتل زوجته.
كانت صدمة أن يقتُل الملك زوجته بسبب ذلك الشاب الذي لم يكن ولده من الأساس.
و لأن الغيرة قد ذكرت، دعني أخبرك بشيء آخر.

كان «ميدوس» يغار على «راني» من صديقاه الأثنان رغم أنه يحبهم، ويعتبرهم أولاده.
هؤلاء الاصدقاء كلما اجتمعوا سويًا كان ميدوس يشعر بالغيرة منهم لم يكن يحاول تفرقتهم وجعل راني وحيدًا، لا ولكن داخله لم يكن يحب أحدًا في ذلك العالم بقدره، لذلك زرعت تلك الغيرة بداخله.

(في مكانٍ آخر تمامًا)

أهلًا بك في عَالمي المُروعِ ذاكَ، حرِك قدميكَ وأفتح بوابتهِ بلا رُهبةٍ أو خوفٍ أو قلقّ، كُن واثقًا أنك لن تُمَس منك شعرةً واحدة لأنك ببساطة مُحَّصن! لا تنظر لي ببلاهةِ هكذا وكأنك لا تُصدقني، فنحنُ هُنا لا نتعامل بالمنطق مطلقًا لذلك لا تعتقد أن هذه النار الحاميّه المضاءةِ هُناك ستحرقك إذا أقتربت منها ووضعتّ نفسكَ فيها ولا تظن أنك لو إستنشقت هوَاها ستختَنق! إنها مُزيفة صدقني، مزيفه مثلك بالضبط، هل تنظر لي بغرابةٍ مرة آخرى وكأنني أخبُرك بشيءٍ غير موثوق؟ هل ما زِلت تشُك بي؟ ألستّ واثقًا بإخلاصي لك؟ لقد وضعت أسراري كُلها في جُعبتكَ وأخبرتُك ما لا يجب أن تعرِف ثُم أتيتُ بك إلى هُنا وأنت لا تثق بي؟ كم أحزنني ذلك بحقّ.
دعنا من دائرة الثقةِ تلك لأنني سأذوق حلاوةَ ثقتكم جميعًا، ستثقون بي كأنني الشيء الوحيد الحقيقيّ في هذا العالم كأن جُليد الساحر هو الحقيقة الوحيدة التي ترونها لكن ليس الآن.
فقط يتبقى القليل، يمكنُك أن تنظر لي هكذا أو لا، لن يُقلل شيء هذا، لكن مقاطعتكَ لي هو الجحيم بحد ذاته، فإياك أن تُقاطعني أنتَ هُنا لتسمعني فقط، تُنصت إلي ولا تتحدث أبدًا، وأنا طيبٌ وبشدة لدرجةِ أنني سأترُك لكَ سبيلًا للهروب متى شئت، أيوجدُ دلالًا أكثر من ذلك؟ متى أردت، متى تمنيتّ هُناك على أول بابٍ سوف تعود لعالمكَ مرة آخرى وسوف تنسى كل ما سوف يحدث هُنا، سيُقتلع من ذاكرتكَ كأنه لم يحدث، سوف تعود بقلبٍ سلِّيم
فهل أنت مُستعد؟
لقد قرأتُ في عيناكَ مزيجًا من التوتر والخوف والفضول، سألعب معك على تلك النقطة بالتحديد لذلك هيا بنا، هيا بنا لهذا العَالم الذي لن تجدَّ عالمًا يشبهه أو يمثله في حياتك كُلها، سأرويّ لكَ أسرارًا لن يعرفها سوىٰ أنتَ فقط.
يمكنك أن تجعله سرًا بيننا!
مايحدث في هذا العالم، لا يمكن أن يعرفه أي أحدٍ سواك لقد إخترتُك من بين ملايين الأشخاص في العالم لأنني أعرفك جيدًا، أعرفك أكثر منك وأعرفُ أنكَ لن تبِحِّ بتلك الأسرار مُطلقًا، هل تدري لِما؟
ليس لأنك شريف وصادقًا أبدًا، وانما سيُطلق عليك "المجنون" ولن يُصدقكَ أي مخلوقًا على وجهِ الأرض، حتى المجانين نفسهم سيضحكون عليك.
الآن وأمامك بالضبط، بوابةٌ كبيره جدًا تبدو من طرازٍ قديم سوداوية اللون تسخب ألوان عيناكَ من ضخامتِها، انظر هُنا سوف ترى على كلا جانبيها عدة أحجار سوداء كُتب عليها بطلاءٍ من النار، لا ترفع لي حاجبيك مجددًا! سوف أُريكَ ما يُدهشك وأجعل عقلك يسبح في خللٍ من عظمه المكان، والآن هيا أطرُق الباب هيا لا تقلق إنها مجرد طرقة بابٍ أو طرقتين لن تُكلفك سوى ثانية واحدة لكل طرقة.. لا تخاف لن يُصيبك شيء سوى الزهول، والصدمة وبعضًا من الغرابة والخلّل
طرقة.. طرقة أخرى وها قد فُتِحت البوابةِ على مصراعيها
والآن ها هو عالمي عالم جُليد انظر هناك هل رأيت هؤلاء الذين يقفون عِند نهاية آخر السور؟ يُشبهون ماذا هل تعلم؟ أجل ما دارَ في مُخيلتكَ الآن أنه عالم الجان، أرأيتَ هذا الذي ينظر لي بخبثٍ وكأنه فقط ينتظر إلتهامي.. إنه صديق جيد لا تقلق منه ولكن إحذر..
هل رأيتك عيناه؟ انظر خلف رأسه وسَوف ترى عينّ أخرى هناك، أجل غريب أليس كذلك!؟ ولكنه رائع جدًا
سوف أُريك ما لم تراهُ مِن قبل هل رأيت لون جانٍ مارد من جنانِ النار أحمر اللون زو قرنين كبيريّن وثلاثةِ أعين عينان في المُقدمة وعين في نهايةِ الرأس من الخلف.
هل فعل شيء سيء لك؟
إنه يقف هُناك ويناظرك لكنه لا يمُسك بسوءٍ هذه هي طبيعتنا.. نحن لا نؤذي أحدًا أبدًا، لا نؤذي الا عندما نؤذىٰ.
عالمنا مليءٌ بالقصور انظر هُنا، قصر مِن النارِ ولكن لا تقلق فأنت مُحصَّن، "لا لا لا"أصواتٌ جديدة! هيا فلتبدأ بخطواتٍ ثابِته إلى الداخل لنرى من أينَ تأتي تلك الضوضاءّ، إستمر لا تقلق.. أنظُر إلى جانبك هيا هيا.. أرأيتَ دماء..!!
يبدو أنَّ أحدهم فازَ في معركة ما والنصرّ أصبح حليفَه أما الخاسر فقد قطع رأسه خزيّ لما حدث له مِن خسارة، بريقُ ولمعانَ الإنتصار يعلو.. ذلك هو المنشود أيها الإنسان، تلك الجِنيّة هي النصر، هي حزينة فلقد خَسر عشيقُها الحَرب وتم قطع رأسه.
دعك من هذا الآن لا تنظُر هناك حتى لا تَتشوش بصيرتِك ويعتليكَ الخّوف، إنظر معي هُناك أمام تلك الغرفةِ بالضبط بابها المُريب، وشحوبةِ.. لونه الأسود القاتم الممزوج بالنحاسيّ، يخيلُ لك أنها وحدها عالمًا آخر.. ستتحرك قدميّك قليلًا معي وكما أخبرتُك مُنذ قليلًا دعك من كُل شيء ولا تدّع ما رأته مُقلتاكَ في رأسك كصورةٍ بدائيةٍ لعالمي ذاك، لقد خطوّتَ أول خطوات وأنت ترتجِف ثم نظرت خلفَك بخوفٍ وإذا بك تجد كل من خلفكَ ينظُر لك، ستتذكر تلك النظراتِ جيدًا.. ستتذكرها إلى الأبدّ ولن تنساها أبدًا..
لقد فعلّت مثلما أمليتُ عليكَ بالضبط ولم تُعارضني.. يا لكَ من شخص طيب وذكي! هيا معي تعالَ لقد إقتربنا
وها أنا وأنتَ نقف أمام الباب مباشرةً، فقط وبطرقةٍ واحده سيُفتح هذا الباب أمام مُقلتَيك لكن أولًا أريد أن أخبركَ بشيء
حينما تخطي أول خطواتِك في هذه الغرفة، لن تجدني مجددًا! إلى هُنا وقد إنتهت مُهِمتي التي كُلِفت بها، لكن حينما تخطي خطوتَك الأولى خارجُها.. سوف تجدني أولَ من يَقِف على رأسِك، فهذه الغرفةِ لا يدخُلها أمثالي، نحنُ فقط ننتظرُ أمام بابَها العريقٌ هذا، ننتظر إلى حين ينتهي أمثالُك أنت، لكن لا تقلقّ لن تكونَ وحدكَ أبدًا.. سيُرافقكَ أحدهم، سأدعك تكتشفُ ذلكَ بنفسك.. هيا دُقَ الباب.
انا لستُ جني ولست روحًا انا فقط ساحر وأكشف لك أوراقي كلها، جليد العظيم الذي لم يُهزم من قبل مطلقًا قرر الإعتراف بأكبر اسراره.

دقةٍ واحدة، ثم فُتِح الباب على مصرعيّه، وفجأة تكونوا جميعهم خلفك وذلك لم يكن لأجلك أنت، كانوا ينظرون إلى تلك الغرفة يحاولون تفحُصِ ما بها لكن لا شيء سوى الظلام الدامِس القاتم، لا شيء مطلقًا.. يقتربون أكثر وأكثر مما أصابَك بالرُهبة من مظهَرِهم، تلك الأنثى التي كانت تبكي مُنذ لحظاتٍ ها هي تقِف وتنظر لتلك الغرفة بفضولٍ وكأنها فارغةٌ تمامًا، كانوا يقتربونَ شيء فشيء مما جعلكّ من فِرط الخوف تُسرعَ خطواتِك إلى أن أصبحت في داخلها بالضبط، وفجأة وقبلَ أن تنظُرَ خلفكَ سَمعت صوتَ الباب يُغلَق بقوة.
غرفةٍ واسعة بإفراط، في مقدمتها صورة كبيرة جدًا لكائنٍ غريب، لديه ثلاثةٍ عيون وقرنيّن حمراويتان قد لا تُفَسر نظراته بالضبط لكنك لوهلةٍ تظن أنهُ ينظر لك لولا العين الثالثه التي توترُ نظراتِك.. جعلك مظهره تتمنى الذهاب الآن، فتنظرُ خلفكَ تجد أن البابَ مقفولًا فتُدرك أنه لا يوجَد مهربًا لك حينها تُغلق عينيكَ بقوةٍ إلى أن تسمع ذلك الصوتّ "هل تريد الذهاب الآن؟" تلتفت بخوفٍ ثم تتجه مُقلتاكَ في مكانٍ آخر، تتجه لتلك الكُتب ذاتَ الحجم المريّب، فكتابًا واحد يبدو وكأنه يَزِن غرفته بأكملها، ذلك هو الكتاب المنشود.
ها هو ما اريده أحضره لي يا ميدوس هيا.. إقترب ولا تخاف.

انظر إلي ذلك الغُلاف وأوراقه الباهتة انه كنز وأنت الوحيد من سيأتي به إليّ.
و أنظر إلي ذلك الإسم المطبوع بخطٍ نحاسيّ خلف إسم كل كتابٍ إنهم إسم "ليختوس" لم تفهم معنى ذلك لكنكَ لوهلةٍ يَخيلُ لكَ انه مُصمم تلك الأغلفة المرعبة، التي تبدو جميعها وكأنها قصةَ رُعبٍ ما، يتوقف عقلكَ عن التفكير بذلك، ثم تتذكر ذلك الصوتّ الذي حدثَك مُنذ قليل.. سوف تُحاول أن تُجيب عليه، لكن صوتُك لن يخرُج من حنجرَتك، سوف تصمت مرة آخرى حينما تنظُر في الجهةِ الآخرى وترى ضوءً خافتًا وبعض الأوراقِ تتطاير خلف ذلك الضوء انها اوراق الكتاب، سوف تحاول أن تقترب وتلمُس ورقةٍ منهم لكن ذلك الصوتّ سيُعاود من جديد ويُحدِثُك وهذه المرة لن يكون مجرد صوتٌ عاديًا وإنما صوتٍ بلحمٍ ودمٍ "هل توَّد قراءة هذه الصفحة؟ إحذر فقد تلعن احدًا ما" ولكن حينها ستبدأ بحةِ صوتَك في الإجابة بنعم، لكنكَ ستعاودها مجددًا إلى أن يظهر صوتُكَ بدقةٍ خارقه حين تقول "نعم، أوَّد".
فضولك ما جاءك إلي هنا يا ميدوس وفضولك من سيأتي لي بهذا الكتاب، كانت إجابتك الآهم في هذا الوقت يجب أن تقول:
- (من أنتم)
لكنك فضُولي بشكلٍ زائدٍ عند حده ولهذا أنت هُنا الآن.. لفتّ نظركَ شيء أليس كذلك؟ لقد قُلت (أنتم) وليس (أنت) وذلك لآن الصوت الأول كان صوتّ رجُل مذكر، أما الصوت الثاني كانَ صوتّ أنثى، لم تكن تشعُر باريحيةٍ مطلقًا لكن وجودِ شخصيّن أو أكثر معك في نفس المكانِ يُشعرك لوهلةٍ بالأمان، وكلما تتذكر أن هاذين الشخصيّن مجهولين، رُبما مُخيفين كما الآخرين.. تشعُر بالقلقِ والخَوف، بعد سماعِك وإجابتك تحدث ذلك الصوتَ مجددًا لكن هذه المرة رأيتهُم
بينما تتطاير الأوراقُ حولَ ذلك الضوء الخافِت يقِف أمامك بالضبط أوسَم رجُلًا رأتهُ عيناك في هذه الحياة، من شدة جماله قدّ تظُن أنهُ ملاكًا يعيشُ على هذه الأرض، لدرجةِ أن الغرفة مِن حولك أصبَحت فارغة، ولا يوجَد فيها سوى مقعدًا غريبًا لم ترى كمثلهُ من قبل، مقعدًا مطاولًا يسيع ثلاثين شخص أو أكثر، وعلى الجانِب الآخر توجد تلك الفتاة.. لم تكن جميلة، لقد تخَطت الجمال بمراحلٍ عديده! ستُحدِقُ فيها بإعجوبةٍ وتظلّ هكذا لمدة من الوقت إلى أن تُدرك الأشياءِ من حَولك، ستقطعُ هي هذا الصمّت وتقُول "ها هو الوَرق يدورُ حَولك، إختر منهُما ما شِئت" ستُريحك نظراتها وصوتِها العذب، لكِنك ستنظُر لذلك الرجل مرة آخرى إلى أن تجده مؤيدًا لها، فتقتربّ أكثر من تلكَ الأوراق ثُم تسحَب ورقةِ منهم بسرعة ظنًا أنها ستفِر منك، حينها ستنظُر فيها لكنكَ لن تقدر على قراءة سطرًا واحدًا مِنها، ستجِدها مكتوبةٍ بلغةٍ غريبة.. لُغة لم تمُر على بصيرتُكَ من قبل.
ستمُد تلك الفتاة يديها بإبتسامةٍ لم تُفهَم معناها حتى الآن، حينها ستُعطيها تلك الورقةِ وفقًا لأمرها الصريح.. ستأخذُ منك الورقةِ وتنظُر فيها ثم تتجه لذلك الوسيم الذي يَقِف بجانِبُها وتُعطيها إليه، وبعد قليلٍ سيبتسمُ لك ذلك الوسيم ويقول لكَ بصوتِه الأجشّ الخَشِن ذاك "تعالَ معنا" ثُم يتحرك هو وتلكَ الجميلة إلى ذلك المقعَد لتجلسَ هي على الطَرف الأيمن بينما هو على الطرف الأيسر.. مِما أزاح لك مكانً واسعًا جدًا بينهم، وفجأة وبدون مقدِمات.. ستجلس أنت بينهم فتقولُ الفتاة "سنرويّ لكَ تلك القِصة في الورقةِ التي إخترتها" ستبدأ علامات الفضولّ تَتبين في معالِم وجهَك، فيقول ذلك الجميل "إستَرِح وإستمِع إلينا جيدًا.."
حينها ستفعَل مِثلَما أملىٰ عليكّ، وستُنصت لهم بحواسِك كُلها.

- في قديم الزمان كان هناك شاب صغيرًا في العمر ولقد كان بشريًا ولديه العديد والعديد من الاصدقاء لكن أقربهم إليه كان سنعاني وعناني أكبر ملوك السنعان والعنان وذلك الشاب كان حاكم البشر حينذاك، صداقة دامت لعديد من السنوات إلى أن بدأ يظهر المرض على حاكم العنان، فإرتعب الأصدقاء من فقدان صديقهم بسبب صغر سنه هو عناني ويعيش لمدةٍ طويلة وطويلة عن البشر حاولوا بقدر الإمكان مساعدته بالسحر والادوية ولكن لم يفلح شيء أبدًا وعندما نام حاكم البشر ذات يوم آتته رؤية غريبة.
كان يجلس وسط الكثير من الحوريات وواحدة منهم تنبؤه بعيش صديقه إذا قدم له في المقابل نِصف عمره، فوافق الشاب علي الفور واتفق أن يُقابلها عند الشجيرة على أعلى التلة، وهي الفاصل بين هذه العوالم.
حيذاك أتت للحاكم الآخر نفس النبوءة، العناني المريض أتت له الحوريه قائلة أن صديقيه سوف يضحيان بعمرهما من اجله.
إنتفض من نومه قائمًا يرتدي ملابسه راكضًا لمكان التلة حتي قابلهما ودار بينهم نقاشًا حاد.
- لا يمكنكم فعل ذلك
قالها بنظرات عميقه وكذلك خائفة، فأجابه الآخر:
- يجب أن تعيش أنت ونحن سوف نساندك لا تقلق.
في تلك اللحظة خرجت لهم الحورية وكانت فتاة جميلة جدًا رقيقة الملامح بشعر أبيض مسترسل علي ظهرها بطريقة مروِعه وملابس بيضاء دافئة.. مُبتسمه للغاية وقالت:
- أنتم البداية لكل شيء، أري المستقبل الآن وسوف اساعدكم لإكمال حياتكم على أن يعطيني كل منكم أنتما الاثنين نصف حياته.
لقد أقترب وقتي علي النفاذ واريد العيش لعدة اعوام قادمة حتي انهي مُهماتي كلها.

بعد استشارات كبيرة ومشاورات بينهم قرروا الموافقة على أن تعطيهم وعد وإن خلفت الحورية بوعدها تموت، وبالفعل اخذت نصف اعمارهم وجعلت الشفاء لصديقهم العناني لكنها اعطتهم شيئًا قبل ان ترحل.

- ما هذا كتاب.
سألوها بإستجواب، فقالت:
- إنه كتاب فريد من نوعه لا يوجد مثله حول العالم أجمع، يمتلئ بالكثير والكثير من التعاويذ التي سوف تملأ العالم بالخير  الأبدي ولكن أحذروا إذا وقع في الأيادي الخطأ سوف يتحول ذلك الخير إلى اكبر شر ممكن.

وقبل أن ترحل وتتركهم قالت لهم مُحذره عليهم:
- حسنًا إحذروا فإن الكتاب يعُض..
ضحكوا على تلك الكلمات التي قالتها ثم بالفعل أخذوا الكتاب وإستفادوا منه بأقصى حد.
كانت أكثرها تعاويذ للخير وللحب.. ولكن ذات يوم جاء ملك البشر صبيًا رائعًا فتي يتمتع من ملامح الجمال ما لم يوصف، وجاء ملك العنان فتاة، اعتلت الغيرة رأس زوجة العنان وتسللت للكتاب الذي لديه حيث اتفقوا لكل منهم على أن يأخذه شهر ثم ألقت تعويذة خاطئة لتقتل ذلك الصبي وهنا فُعلت تعاويذ خاطئة وتحولت تعاويذ الكتاب على قائلها !
فظهرت الحورية للثلاث ملوك وهم في مجلسهم قائلة بغضب:
- لقد امرتكم بالحذر وأنا الآن لا أملك الوقت للمساعدة لقد أنهيت مهامي الآن.. وأنتم من أوقعتم أنفسكم في تلك الحيرة.

فُعلت لعنة على العالم أجمع ولن يحلها سوا دماء طفل مُختار ومن يجده يستطيع إستعمال هذا الكتاب حسب رغباته في الخير أم الشر.
والآن يجب أخفاؤه داخل عقل سلالة السنعان فهي الوحيدة التي لم ياتي لها وريث حتي الآن ولكنه قادم سوف تستمر السلالة حتي المختار.

تركتهم الحورية بعد أن تبخرت في المكان وقعوا في حيرة من أمرهم وتشاجروا شجارًا قويًا حطم علاقتهم وصداقتهم وجعلهم أبعد القلوب لبعضهم ثم تفرقوا ومنذ ذاك الوقت إلى الآن في كل جيل تقع حروب بين الثلاثة ممالك واجيال اخرى تحاول إنشاء السلام.

لقد إنتهينا الآن أما أنت يا ميدوس لن تتذكر ذلك الشيء الذي قيل بعد خروجك من تلك الغرفة، فهذه الغرفة هي عقلك.. لم يستطع جليد السيطرة على كامل عقلك إن الكتاب هنا يمكنك ان تختار ان تعطيه لجليد أم أن تجعله معك أنت وحدك.
اخفض رأسه يفكر قليلًا ثم قال بعد تفكير عميق:
- سوف أخذه أنا، لن يأخذه هذا الجليد، بدات الغرفة في التلاشي شيئًا فشيئًا حتي استيقظ ميدوس علي سريره في غرفته مستغربًا ذلك الشيء واقعًا بجواره ذلك الكتاب مما جعله متعجبًا ولا يصدق ما حدث الآن.. كان مع الكتاب ورقة كُتب عليها بالحبرِ الأسود ( إنه كتاب مهم هو لك فقط لا تعطيه لأحد أبدًا)

أما عند جليد فكان يصرخ وهو يقول ذلك الأحمق، أصبح الكتاب مع السنعان الآن! كان مصدومًا وغاضبًا لحدٍ كبير.
إستمع له أحد الحرس وأخبر جميع من يعرفهم بظهور الكتاب الملعون أخيرًا ولكن أرتعب الجميع من المجئ بجانبه خوفًا من كسر النبوءه.
               

أما الآن في الحاضر عند الساحر «جُليد»

طأطأ رأسه للأسفل من عظمة ذلك السيد الذي يقف أمامه بعبائته الطويلة السوداء و شعره الطويل أسفل قدميه
- لقد وضعتها مثلما طلبت يا سيدي.

إبتسم بخبث ثم التفت ينظر لوجهه في المرآة الخضراء المليئة بالبخار الأحمر
ثم حرك رأسه و طأطأ يضيق عينيه بحركه غريبه إستعجبها الحارس:
- هل تُخبرني ياسيدي العظيم ما سر هذه المادة الغريبه؟
نظر إليه من تلك المرآه بمقلتيه التي أضاءت بالأبيض المُشع بريبه
- إنه «ميدوس» الغبي، من أجل عرشٍ لا مثيل له، أعطاني سر عالمه، ذلك الكتاب.. وهو صغير رفض أعطائي اياه ونسى وجودى تمامًا لذلك لا يعرف قيمة هذا الكتاب، يظنه انه كتاب لعنات عادي جميع الممالك تتحدث عنه فقط!
يا له من أحمق يبدو ان ذلك الراني في ناظريه أهم من كتاب اللعنات ذاك.
نظر إلى الكتاب بطرف عينيه، كان كتاب أسود على غلافه جوهرة مقوره تضئ كل حين.
أخذ يقهقه بشدةٍ ثم أخذ يفضفض لحارسه الذي يتابع في صمت:
- أتخذته رهان منذ أعوام كثيرة لكي يفيديني في مجالي وهو السحر، كنت أريده منذ ان كان ميدوس طفلًا حاولت أخذه بكل الحيّل لكن لم تنفع، والصبر هو ما جائني بالكتاب على طبق من الماس، وأعتقد أنه قد حان الوقت ليسترجع ميدوس ذلك الكتاب، لقد كان رهانًا وهذا هو موعد إعادته.
لكنه وبالتأكيد لا يعرفني بعد.
ذلك الكتاب يستطيع أن يغير العالم بلعنةٍ واحده فقط.
وسع الحارس مقلتيه بصدمةٍ قائلا:
-اتقصد أن تلك الماده التي نشرتها في الثلاثة عوالم هي لعنه؟ من.. من لعنات ذلك الكتاب يا سيدي؟
قال الأخيرة متوترًا.
إلتفت إليه الساحر «جُليد» نافيًا برأسه قائلًا:
-إنها من مُختراعاتي، شيء صغير كهذا لم يكن شيء أبدًا أمام عظمة ذلك الكتاب، تلك اللعنة مخصصة لجُليد اما لعنات الكتاب فهي للأمور الكبيرة فقط.. الأمور التي لا يقدر عليها أي ساحر.
قال الحارس بفضول واضح:
- إذًا قل لي ما هذا الشيء يا سيدي؟
نظر إليه جُليد بحدةٍ قائلًا:
-إنتظر، إنتظر وسترى.

ضوضاء.
وفوضى وهناك دماء!
الذي يحدث الآن، لم يحدث مُسبقًا.
الزوجات تقتل أزواجها، و الأزواج تقتل أولادها.
من كان بينهم ودٍ أخلفوه، و من كان يعشق أصبح أكثر الكارهين لمعشوقه.
من كان يحمل في قلبه القليل من الرحمة واللين أصبح غليظ القلب يكره من حوله، دُفنت المحبة في أعماق الظلام، وأصبح الحقد هو السائد في الأرجاء كلها.

تنكر «ميدوس» وذهب ليتأكد بنفسه من ذلك الشيء ارتدى ملابس العامة ولف وجهه بأحد الأوشحه أخذ إحدى الأحصنة العادية ونزل للميادين، بعد ما سمع الخبر الذي لم يصدقه مطلقًا.
أما «راني» فكان يفكر إن كان حقيقي فكيف ذلك؟ كيف يمكن للجميع التصرف بمثل تلك الطريقة
أما الكارثة الحقيقية أن «ميدوس» في جولته تلك قد أصابته نفس اللعنة!
وأخذ يقتل كل من حوله.
فقط اخرج من بيتك وسوف تصيبك تلك اللعنة القاتلة ومن يفلت من إصابتها لا يفلت من غضب الذي أمامه!
لعنة أصيبت جميع الممالك لم ينجوا أحد تعرض لها حتى الآن، القتل وسفك الدماء  يوسوس في عقول الناس، إذا خرج احدهم من بيته ولم تلمسه تلك اللعنة مسه الضر من الشعب المجنون.

عندما عاد «ميدوس» إلى القصر هجم على راني وإذا لم يستخدم أحد رفاق راني سحره جاهدًا ليحاول إبعاد «ميدوس» عنه لقتله لأنه لم يحاول الدفاع عن نفسه أمام والده، وذلك من شدة صدمته وخوفه في إيذاءه.
- ابتعدوا سوف اقتلكم جميعًا ايها الحمقى انتم موتى الآن.
قالها ميدوس بغضب ظاهر على وجهه وهو يلتف بطريقة دائرية.
أما الأغرب من ذلك أن تلك اللعنة لم تكن في سنعان فقط فقد كانت في عنان والبشر.
توقفوا عن قتل أنفسهم وأخذوا يقتلون المقربين إليهم، كل من رأته اعينهم وإذا لم يجدوا أحد قتلوا أنفسهم.

(عِنان)
عنان تُقاتل في سنعان حربًا اقيمت من الاشيء
كان «راني» في تلك الفترة رشد قليلًا أصبح شابًا يُعتمد عليه جدًا
إستشار صديقاه الإثنان، كانت هذه المرة الأولى التي يعترف فيها «راني» بقواه أمام أحد غير والده
أغلق عينيه بإحكمام وقرأ بعض التعويذات الغريبة التي فهمها صديقه «فاثونيت» على عكس «إيلاف» الذي كان يشاهد بغرابة.
بدت على ملامحهم معلام التعجب والاستغراب فكيف لا يلحظون هذا على صديقهم الذي كان جزء منهم منذ أعوام فهم اصدقاء الطفوله
كانوا سرًا لبعضهم و لا يقلق أحدهم من الآخر لذلك من كان لديه شيء ساعد به
فقال راني لـ«إيلاف» الذي يرتدي ثوبًا ذهبي طويل ويحمل خنجره العجيب على خصره، وشعره الذي قم بعصجه كعكة فوق رأسه، وتدلى بعض خصلات منه على جبهته.

- أريد عُقد، عقد من الألماس لا الذهب!
أخذ ينظر بمقلتيه القوية لكل مكان بجانبه ولم يجد شيء أي عقد.
ثم نظر لرقبة «إيلاف» و أقتلع ذلك العقد الذي أهداه إليه مُعلمه العجوز الحداد، رغم أنه كان عزيز عليه للغايه ولكن صديقة الوحيد بحاجة إليه الآن فلا يستطيع أن يمتنعه عنه أبدًا ضحى به من أجل صديقه

فقال «راني» لصديقه الثاني «فاثونيت» الذي يرتدي زيًا كزيّ الحراس، اسودًا و طويل برباطٍ في الخصر يضع فيه خنجره..
كان يُدقق بمقلتيه الحاده على إحدى الطير العالقه:
- بسرعة.
قالها راني لـ«فاثونيت» مستعجلًا ففهمه على الفور.

فك قيدها بعينيه ثم إتخذها في جولة أخرى لتعلق داخل تلك القلادة للأبد..
وكانت هذه القلادة تسقط أشياء صغيرة ذهبيه بحجم اللؤلؤ في العِقد
أخذ «راني» و احدة ثم إقترب من تلك القارورة المليئة بالطين ووضعها فيها
فنبتت زهرة عجيبة فإبتسم «راني» بإنتصار كذلك أصدقائه.


كان ذلك هو الشبهه دواء لتلك الكارثة.
لقد فعلها هو واصدقائة
وبرغم أن «ميدوس» أكد على «راني» أن لا يستخدم قواه أبدًا حتى لا يستغله أحد
لكن بفضل ذلك الشيء، قد عرفت كل العوالم بقوته تلك، وذلك ما أقلق «ميدوس» لحدٍ كبير فإنه هكذا معرضًا للخطر.

في حين أن ملوك كل الدول يطالبون بذلك الدواء الذي يقضي على تلك اللعنة والذي سماه «راني» (عِقد السلام)
لم يبخل «ميدوس» أبدًا حتى على أعدائه
أما «راني» لم يكن يفكر سوى بشيء واحد.
من هو المتسبب في كل هذا؟
بالتأكيد أن هناك شخص مسؤل عن ذلك!


في تلك الصحراء الفارغة داخل ذاك الكهف القديم:
- كيف ذلك، كيف!

قالها الساحر «جليد» بصراخ لذلك الحارس الذي يقف أمامه مطأطأ الرأس في رُهبه.
فأكمل ينظر لنفسه أمام تلك المرآة بدقةٍ فظهرت أسنانه المرعبة:
- الأمر سهلٌ، هربت بكتابك يا «ميدوس» ولم تستطيع الحصول عليه حتى الآن، صدقني سأفعل ذلك بمحبوبك أيضًا، فإذا كان الكتاب يساعدني في تطويري وعلايّ سيفعل ذلك أيضًا «راني» بفضل قوته تلك التي سمحت له بعمل ذلك الدواء.

نظر لحارسه الخائف من هيئته ويرتعش ثم قال:
- إذهب وأخبر الجميع أن المتسبب في تلك اللعنة هو «راني»، وأنه يسعىٰ لكثير من المصائب، أشعِل تلك الفتنة في كل مكان.
حرك الحارس رأسه بطاعة بينما قال بصوت ذو صدى:
سأريكم، لن تفلتوا من جحيمي أبدًا.
       
                  

في جناح «راني».
كان يجلس شاردًا حتى سمع صوت «ميدوس» يقول بقلق ممزوجًا بالجدية و الحيرة معا:
- أعرف إنك تكبر ، ذلك الذي حدث لو لم يعرفه العالم لكانوا يظنون أنني السبب في تلك اللعنة.
لو أنني ما قُلت إنك المتسبب في إنجاد كل العالم، لكان العالم كله تحالف علينا؛ لأنه بدأ من هنا من سنعان.. من دولتنا.
و يبدو أن الفاعل متقصد ذلك، وأنا أعرف أنكَ الآن تفكر من هو الفاعل.

حرك «راني» رأسه بنعم ثم بدأ متفهمًا وقال:
- الفاعل يمتلك شيء، شيء قوي جدًا يا أبي.
ضيق «ميدوس» عينيه بعدم فهم ثم قال
- ماذا تقصد يا راني؟
قال يحرك سبابته بإحكام يشرح:
- أقصد أن الذي فعلته أنا لم يكن معالجًا لذلك الوباء، الفاعل لديه العلاج الحقيقي..
تفهم «ميدوس» قليلًا، فقال «راني» يُفسر:
-العلاج في الوباء نفسه، أنه يمتلك شيء يجلعه..

قاطعه «ميدوس» يوسع عينيه بشدة ويقول:
-الكتاب!

نظر إليه «راني» نظرة واسعة حينما سمعه
فقال «ميدوس» يبتلع لعابه بتوتر:
- يبدو أنه يغدر، لقد راهنته حينما تنتهي مهلة ذلك العرش.
أنتبه «راني» أكثر ثم ردد في تتمة
- لا أفهم يا أبي؟ ماذا تقصد.

قال «ميدوس» موضحًا بقلقٍ يراه راني لأول مرة في عينيه:

- ذلك العرش لم يكن عرشا عاديًا، أنه يحميك طوال الوقت كل الأيام الماضية التي جلست فيها على ذلك العرش منعت عنك الأعداء و الإصابة بالأمراض ألم تلاحظ ذلك؟
صمت قليلا ثم أكمل تحت نظرات راني المصدومه.
- و مقابل ذلك أعطيت ذلك الساحر كتابنا العظيم الذي يستطيع تغيير العالم بأكمله!
- اعطيتيه إياه حتى ترشد أنتَ و تستطيع حماية نفسك.

كانت الصدمة من نصيب «راني» فقال بغضب:
- كيف؟ كيف تفعل ذلك يا أبي!
كيف ترهن شيء مثل ذلك و أنتَ تدري مدىٰ خطورته، ثم أنك إذا أردت حمايتي فكنت تستطيع فعل ذلك بسهولة بفضل ذلك الكتاب.
حرك راسه نافيا:
- لا يا «راني»، لا.
أن ذلك الكتاب لا يستطيع استخدامه أي شخص بتلك السهولة، لا يستخدمه سوى شخص عالم كالساحر «جليد».
لم أفكر أنه من الممكن أن يخونني.

غضب «راني» من «ميدوس» بشدة ثم حاول أن يتماسك قليلًا قائلا
- ذلك الساحر هو من فعل ذلك، و الآن سيفعل الأسوأ من ذلك.. لا بُد وأنه يخطط لشيء آخر.
ضيق عينيه بخوف لم يراه «راني» في عينيه من قبل فقال:
-ماذا تقصد يا «راني»؟
قال «راني» محاولًا أن يطمئنه على عكس ما يشعر
- لن يُرَّجع ذلك الكتاب أبدًا.

تنفس «ميدوس» قليلًا حينما شعر أن الأمر لن يؤذي «راني» في شيء
لكنه يشعر ببعض القلق، و التوتر من هذا الموضوع!
ذهب إلى جناحه وأخذ ينظُر لتلك اللوحة
كانت تبدو منذ أن كان «راني» طفلًا، يجلس على ركبتيه و ينظر إليه ببعض الضيق بينما يبتسم «ميدوس» غصبًا حتى تصبح اللوحة أجمل
لكن يبدو أن الفنان خفيف الظل، فقد جعلهم في مشهدًا مضحك..
كلما ينظر إليه «ميدوس» يتذكر طفولة «راني» و كيف أنهم كانوا يتشاجرون دومًا رغم حبهم لبعضهم.

                  
لا ريب أن المتسبب في تلك اللعنة هو الساحر «جُليد».
كان «راني» متأكدًا أنه لديه هدف كما أخبر و الده «ميدوس»، و متأكد أكثر أنه كما لديه الوباء الملعون لديه علاجه و على يقين تام بأن لكل داء دواء.
و بعد الكثير و الكثير من التفكير استنتج شيء مهم
الكتاب يُصلح أكثر مما يُفسد، و شخصًا كالساحر «جُليد» ما الذي يفيده من قتل و موت الأبرياء؟
هناك شيء آخر أهم.
أن المتسبب في تلك اللعنه بالتأكيد «جليد»، لكن علاجها هو ذلك الكتاب.
إذًا «جُليد» يفعل ذلك لسببًا ذكي، بعدما ينتشر الوباء في كل مكان
سيأتي هو بالحل و الحل هو الكتاب، إذًا ستتوحد العوالم كلها و يحكمها هو بقوته.
إنه ذكي جدًا ليفكر في ذلك، لكنه ليس أذكى من «راني» الذي فهم لعبته الخبيثه تلك.
جُليدكان ساحر قوي و يملك من الذكاء ما يكفي العالم بأكمله، و لكن هناك مقوله صادقة تقول إذا زاد الشيء عن حده ينقلب ضدة تمامًا و هذا ربما يحدث مع جليد، فهو من كثرة ذكائه يستهين بقوة رأني و يظن أنه مازال فتى طايش لا يفقة اي شيء، رغم أن بياده اي شيء ولكنه لا يملك العكس، من الغباء أن جليد فسر عدوه بطريقة خطأة هو يظن أنه هين وربما يكن قد استهان به أكثير، و لكن اتقي شر الحليم إذا غضب.
حذرة كتيرًا من الاقتراب من راني فهو ليس كما يظن فهو حتى أذكى أذكى اباه، ولكن جليد لم يبالي لمساعده أبدًا وكان يراه أنه غبي ولا يُفيده في شيء، من السيء أنك تأتيك رسائل تكون دليل على ابتعادك عن هذا الطريق وأنت تستمر فيما تفعله بكل غباء، ليس من الحكمة التأني في شيء أنت تعلم أنه سوف يكون نهايتك ولكن الشر يتملك من قلب جليد ويعمي عني اي شيء اخر، حتى لو سوف يتكلف هذا حياته سوف يكمل مسيرته القاسية، الساحر جليد لم يكن لديه ولي عهد وهذا لم يفعله من أجل أن يخلص العالم منه، ولكن جحوج قلبه وأنناتيه اعمته عن هذا، وقرر أنه لن ينجب أحد يتعلم ما تعلمه هو في أعوام واعوام لقد أفنى عمره على هذا الأمر فلا تنتظر من شخص مثله اي خير فسلامًا عليه و على من يتبعه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي