رانجوران

شُروق سَيدكِشك`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-11-01ضع على الرف
  • 60.3K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

إنَّ الفضول يعرف طريقه في هذا المكان جيدًا، و الأساطير لا يمتلكها إلا الأباطرة، فإستعد لمغامرة حتمية؛ حيثُ انه سيجذبك فضولك إلينا، وإن لم يحدث فبالتأكيد أنكَ لست مِنا! و عليك والرِحيل الأن قبل أن نبدأ.
أجل مثلما أمليتُ على مسمعِك الآن
كما انه يجب عليك إدراكنا ولا فهمنا فقط فالفهم شيء والإدراك شيء آخر تمامًا.
نعم نحن و ليس أنا، نحن فعلنا كل المستحيل و أخترقنا كل القوانين لنأتي إليك اليوم بتلك الأحداث المروعةِ لذلك يجب أن تُنصت لنا بدقةٍ عالية والأهم من كل ذلك تجنب السخرية أرجوك لأن هذا ليس بصالحك.
عليكَ أن تسمعنا بكل إنتباهٍ وشغف، ربما تسمع شيء يُعلمك شيءٍ ما، أو يُعطيك شعور بحنين تفقدة مُنذ سنوات عديدة وذلك مِما نوده تقريبًا.
لا ريب أننا الآن على و شك الموت، فقط يتبقىش القليل و ربما ننتهي، وما النهاية إلا صفحة مطوية تظل على حافة الهوامش ساكنه تغمرها الاتربة ويجيرُ عليها الزمان حتى تُفَتَت وتنتهي وتصبح كما الهواء لا تُمس ولا تُرى بالكاد تُسمع فقط.
نحن محاصرون بالكثير و الكثير من الخطر، لكن حقًا لا يوجد شيء في هذه الحياة يستحق أن يجعلنا نخفي تلك الأسرار عنك لأجل العيش، الحياة لا تستحقها ونحن كذلك
لقد تحدثنا مع بعضِنا مُنذ قليل و ذلك كان القرار الأخير الذي إتفقنا عليه سويًا.
نحن الآن قررنا ولن نتراجع أبدًا في سرد تلك القصة إليك، ولا يجب عليك أن تتعجب من هذا الأمر، فهذا الواقع يا عزيزي، الواقع الذي مازلت وسوف تزال تفر منه حتى مماتك.

سوف نسرد لك قصة الزمن الذي مره علينا بكل ما فيه وما يملك من فرحٍ وحزن وغضب وإحتواء وصداقة دامت حتى النهاية ومحبة اكملت تلك الصداقة سوف نريك كل ما خبئ القلب والفؤاد وفي النهاية سنترك لكَ مجال لتدعو لنا من كل قلبك بعد أن تعرف قصتنا، ربما ننتهي بعد هذة القصة و لكن تأكد أن أساطير الماضي تاريخ لا يُنسى ولا حتى يُمحىٰ وإنما سيظل محفورّ على جدار عقولكم ولن يختفي، نحن دعوناك لتُصنت لنا ولما حدث معنا، و هذا ليس مِن فراغ أبدًا، لدينا أسباب عديدة لا داعي لذكرها أعزائي.. أسباب خاصة ربما لو أخبرناك عنها ستعذرنا حتمًا.

لكن يجب أولًا أن تثقَ بنا، أن تثق بنا ثقةً عمياء حيث أنك لا تشُك في إخلاصنا وحُبنا وصِدقنا إليك، ولا حتى فيما نقوله لك.
أتدري، إن أفضل ما يقدمه المرأ لمن يُحب، هو قلبه
لكننا الآن نقدم لك حياتنا بأكملها والغريب أننا نتفاخر بذلك لآخر لحظة، فماذا تُريد بعد ذلك؟ أتحتاج مصدر ثقه أكثر من أن نُسلمك قلبنا وروحنا؟
فشخصًا مثلُك أنت وحدك
يستحق أن يعرف كل تلك الأسرار المخبأه طوال ألآف السنين الماضية والتي سوف يتم وضعها أمامك حتى نثبت لكَ صحتها، أنت الآن داخل عهدنا، أنت الآن حافظ تاريخنا، وحامي أصلنا، فإحفظ عهدنا واحفظ سرنا، ولا تترك أوراقنا يَأكُلها الغبار، دعوا العالم أجمعهُ يقرأ كُل ما لدينا، ويعرف تاريخنا، ويدونه في جميع الحاضرات.


وسط أرضٍ واسعه جدًا وجافة، لا يسكُنها غَير الغبار والرماد وكذلك المواشي والحشرات الغريبه التي لم ترى مثلها أبدًا في حياتك.

إنها مملكة عريقة حَال عليها مُرَّ الدهر فدُمرت، مرَت عليها أوقات سيئة منها حروب ودمار عاثَ في الأرض الفساد.

كانت حبات الرمال تتطاير في الهواء ونسيم الهواء العليل يعصف بها في كل إتجاه، بعض الحشرات تطل بكثرة فوق مكانٍ يوحي بالغربة والألفة في آن واحد.
كان الهدوء يعم المكان السكينة تضرب في القلوب والوحدة تحيط بك إن كنت هناك، والصوت الوحيد المسموع في تلك الأرض هو صوت الرياح.

وقف رجلٌ ذو أنفٍ طويل، تراه يرتدي قبعةً صفراء اللون ورداءً يشبهُ لملكات النحل الزنانةِ بالأصفر و الأسود، رجلٌ تشُق إبتسامته وجهه ويُداري نصف وجهه شعره المُمَوج برتقالي اللون يبدو أن البرتقال أعطاه بعضًا من لونه! قامته قصيره بعض الشيء لكنه يُهيبك حتمًا من مظهره العجيب.
يبدو مرحًا عند رؤيته، للوهلة الأولى يجعلك تحب تلك الشخصية كثيرًا.
- أترى ذلك المنزل المهجور هنالك يا «قُبع»؟
قالتها تلك الفاتنة بخطوات تتهادى فيها بردائها الأبيض الناصع وحذائها الذي يلتفُ إلتفاف أغصان شجرة الكرز حول ساقيها الجميلتين إنها إحدى جميلات عصرها تجعلك تقع واقفًا عند النظر إليها للوهلة الأولى بجمالها الأخاذ هذا تسرق قلوب كل من رآه.
فقال ذلك «القبع» و هو ينظر لعينيها الزرقاوتين بإبتسامة متفقده لم تُفارقه أبدًا منذ الوهلة الأولى:
- بالطبع، قد رأيته كما رأيت تلك الفراشات تتجه هناك.
قالها يشير بإصبعيه في ذلك الإتجاه ثم أكمل قائلًا:
- لقد ظننتها في البداية حشرات و لكن حينما أمعنت النظر فيها تأكدت بأنها فراشات طائرة أو حوريات.

هكذا قُبع دائمًا لا يفوته شيء أبدًا، لديه حدَّس مرعب لدرجة أنه يشتم رائحة الأشياء قبل أن تحدث، رغم أن ذلك لا يظهر عليه مطلقًا بسبب مظهره الطفولي ذلك، كان من بعيد يراها فراشات صغير ملونه تعطيك نظرة ساحرة للوهلة الأولى.

كل شيء هنا ساحر شيء مميز وخفيف ومُلتمس للقلوب، ولكنه في نفس ذات الوقت شيء مخيف جدًا.
بالمناسبة لُقب «قُبع» لأنه يمتلك قُبعةً سحرية لا يقتلعها أبدًا، وتلك القُبعة هي ما تميزه، قد تظن أنت لوهله أن سبب ذكاءه وحكمته هي تلك القبعة السحريه ولكن هذا ليس صحيح أبدًا فإن قبع لديه قوات خارقه قبل حتى أن يمتلك هذه القُبعه، رغم أنها ثمينه جدًا وتمتلك قواتٍ خاصه أيضًا لكنه يعتبرها شيء روتيني واعتاد عليه ليس إلا.
تذكر «قبع» للوهلة الأولى تلك الفاتنة وأول مقابلة مرَت بينهم وأنا هي من لقبته بذلك «القبع» في ذلك الوقت
لقد كان يتجول في أرجاء مدينتها الساحرة ولكن لم تؤثر فيه أي شيء، كل من فيها جميل ومميز ولكن قبع لم يتأثر بذلك السحر مطلقًا.
أتت عاصفة هواء عليلّ عندما ظهرت تلك الجميلة رفيقة العُمر «فاتنة» حينها أطاحت بقبعته تحت اقدامها الملفوفتين بثقه، فابتسم هو الآخر واعتذر منها قائلًا:
- أنا.. أنا آسف جدًا.
فأنخفضت تحضرها قائلة:
- جميلة هي تلك القبعة.
قال بهدوء على عكس عادته عادته:
- أشكركِ سيدتي ذلك لطف منك، انها قبعتي العزيزة لا اتركها ابدًا لقد إعتدت عليها منذ أعوام طويلة جدًا.

وبعدما مرَ العديد من الوقت على صداقتهم التي بدأت تنشأ قررت «فاتنة» مناداته بـ«قبع» لعدم أبتعاد القبعة عنه أبدًا بالكاد أثناء نومه فقط.

عاد من شروده هذا على صوت فاتنة الجذاب وهي تقول له:
- هيا يا قُبع لنرى ماذا بداخل هذا البيت الغريب.. أنا متشوقة لهذا جدًا.
قالتها «فاتنة» ببعض الفضول و الرقةِ و الذكاء كعادتها
وكل ذلك أكتُشف من معالم و جهها المختلفه، و حركة حاجبها الغريبة التي تدُل على كم عمقها و دلالها في آن واحد.

أزدات إبتسامة «قُبع» ثم تحرك خلفها في طريق المنزل القديم.
عتبت أقدامهم حيثُ تتطاير الفراشات
لكن و عندما دققَ «قُبع» بنظراته أكثر
و جد أنها ليست بالفراشات أيضًا و إنما حوريات ضئيلة الحجم تتراقص على أنغام موسيقاها الخاصة، كما توقع في البداية، حوريات ملونه!
أقترب من تلك الحوريات، فوجدَّ ما لفَت انتباه كلًا مِنهما، رفع «قُبع» حاجبيه قائلًا بتعجب:
- هذا طفل يا سيدتي! لا أصدق هذا!
ردت عليه «فاتنة» و هي تتلامس أصابع الرضيع الصغيرة بكل هدوء وحنان خوفًا عليه وكأنها تعرفه منذ فترة طويلة جدًا، لقد كانت تمتلك ثباتًا إنفعاليًا:
- هل تظن ان عائلته قريبة من هنا يا «قُبع»؟!

لا نَعلم ما الذي جاء بذلك الكائن الصغير الجميل وحده في ذلك المكان الذي يبدو أنه هُجر منذ عدة أعوام، ذلك أغرب شيء رأيته في حياتي
و لكنها الأقدار تسلُك الدروب كما تشاء ولا يجب عليك أعتراض طريقها مطلقًا.

أتفق قُبع و «فاتنة» والتي سُميت على مُسمى ملامحها المروعه و الدقيقه
وإتفِقا أن يأخذوا الرضيع إلى حيثُ يسكنون، حيث قال لها قبع :
- لنأخذه معنا (إسبُكتلان) لترى في أمره الملكة، فهي تعرف في هذا الأمر أكثر مِنا

إبتسمت «فاتنة» و هزت رأسها بالموافقة و عندها أنخفض «قُبع» بمستواه إلى الرضيع مداعبًا أياه بأنفه الطويل النحيل ثم تذكر شيئًا و بدأ ينتبه أكثر لذلك الصغير.
ثم تفاجأ كتلةً و احدة بطريقة لم تتوقعها فاتنه ثم قال:
- تلك النظرات قد رأيتُها من قبل! تلك النظرات لم تفارقني أبدًا يا سيدتي.
التمعت أعين «قُبع» بالدموع قائلًا «لفاتنة»
- لم يمُت الصغير، إنه على قيد الحياة يا سيدتي! أن لا أصدق هذا.
إبتسم «قُبع» قائلًا يجاهد أن لا تسقط دموعه فيبدو كطفلًا صغيرًا أمام «فاتنة» رغم أنه بدا كذلك بالفعل، ثم قال مكملًا حديثه:
في ذلك العام تغير الكثير، حتى أنتَ يا صغيري تغيرت، لكن نظراتك تلك لم تتغير مطلقًا
إنها منكسرة وحزينة فقط.
ناظرته «فاتنة» ببعض التأثر والحزن الذين إتضحو في عينيها الواسعة قائلةً:
- معنى ذلك أنه لم يُقتل في ذلك الحفل؟ كيف ذلك يا «قُبع»!
نظر «قُبع» للفراغ قائلا:
-كم يتمنى قلبي أن ينسى تلك الذكرى المريرة، و لكن دعكِ من ذلك.
المهم أنه على قيد الحياة، أنا متأكد أنهم الآن مطمئنين في ضرائحهم.
ربتت على الصغير و هي تخبره:
-الآن يجب أن نخبئ الطفل «أذيب» من أعين المتربصين، أرى له مستقبل باهر عظيم، سيصبح شيئًا يومًا ما.
حرك «قُبع» رأسهِ مُتفقًا تمامًا لما تقوله «فاتنه».
رحلا وسط عاصفة من الغبار الأزرق بعدما اختفت كل الحوريات من امامهم، يبدو أن رحلة جديده سوف تأخذ بهذا الصغير إلى أملًا قريب.

نظن أنها النهاية، ولكن القدر يسطر لنا أحداث أخرى ليَقول لنا أن مازال في الحياة مُتسع رغم كل هذه العصائب.
لم ننتهي ولم تصل رسالتنا بعد، يجب أن نحيا ليصل صوتنا لمن حولنا، عندما تظن انها أوشكت حياتك على النهاية ثم تنجو من لعبة القدر الذي قدرها الله، تأكد بأنه يجب عليك أن تُيقَن و تستعد لرحلتك القادمة.


مرٕ الدهر و هو يطوي إحدى الأساطير ليسرُد لنا مُستقبل جديد، يحوي على كُل الخبايا المخفأة لسنوات عديدة.

يقف «أذيب» الصغير بجانب «جير» الصغير و يبدو الغضب الواضح في ملامحهم البريئة، أو ملامح أذيب فقط فهذا المدعو «جير» يظهر على و جهه معالم الخبث واللؤم هكذا منذ طفولته وذلك لأنه لم يحب «أذيب» يومًا ما.

كانوا أمام الملكة «لورا» في قاعة الحُكم، تلك السيدة التي مهما مرَ عليها الدهر لا تُظهر علامات السن على وجهها المُشع جمالًا.
ترتدي ذلك الرداء الذهبي و التاج الألماسي الذي يزين رأسها ببراعة وتجلس على العرش و هي تُناظر الإثنين بذكاء حيث قالت متسائلة بنبرتها الهادئة الحكيمه.
الملكة «لورا»:
-لماذا تشاجرتم؟
قالتها بغضب متقصداه لتريب «جير» و «أذيب» فأجاب «جير» بحزن مصطنع:
-إنه ياسيدتي يتقصد آذيتي، لقد أفسد لي بيتي الخشبيّ بعدما أتخذتُ في صنعه ثلاث ليالي، هكذا أذيب دائمًا يُزعجني مهما فعلت لذلك يجب أن تعاقبيه حتى لا يتجرأ عليّ مرة آخرى.
تعجبت الملكة لورا» بعد سماعها لتلك الكلمات فهي تعرف جيدًا أن «أذيب» لا يفعل ذلك ولا يهتم بهذه الأمور فكيف له أن يفعل ذلك بأجير.
فقالت بعتاب وحزن مصطنع و هي تنظر إلى «أذيب» ببعض الطفولة التي لا تليق بكونها ملكة أبدًا:
- هل هذا صحيح يا «أذيب»؟
رفع رأسه قليلًا ثم قال ببعض الجمود الذي لا يليق بكونه طفلًا أبدًا وذلك الإسلوب يريبها دومًا لأنها تتعامل معه بطولة مُفرطه:
- كنت أتعلم السحر سيدتي، وبالخطأ أصاب سحري بيته.. لكنني لم أتقصد ذلك في الأصل.

إبتسمت الملكة ابتسامة و اسعة و هي تحرك نظرتها لـ«فاتنة» و «قُبع» في ثواني بالكاد تُلاحظ ثم إلتفتت عينيها لأذيب مرة ثانيه متسائلة بنظرة تعجب وفرحة:
-أنتَ تتعلم السحر؟
حرك رأسه بنعم فقالت و هي تهِم من عرشها في إتجاه «أذيب» وردائها المرصع يتطاير خلفها:
- لكنك صغير على ذلك يا أذيب؟ ولكن هذا جيد منك.
قالتها تربت على و جه الصغير بيديها الناعمتين، ثم أكملت بحب أزعج «جير»:
- في المرة القادمة إنتبه، أما عن السحر فأنا من سيُشرف على تعليمك السحر بنفسي.
إبتسم «أذيب» فرحًا أما «جير» فقد أصابه الغيظ الشديد وهمَّ بالذهاب بعدما حيّ برأسه إحترما للملكة و في داخله عكس ذلك تمامًا.

لكن نادت عليه الملكة قبل ان يخرج من بوابة القاعة و بحركه سريعة من زراعها على منزل «جير» الخشبي أعادته مجددًا كمان كان ثم قالت بإبتسامة:
- لقد أصبح أجمل بكثير هكذا.
إبتسم جير غصبًا فإن ذلك الفعل يبدوا وكأنه يسعده البته حيث ابتسم و حياها مجددًا و رحل من القاعه سريعًا بنظرات غاضبه لم يلاحظها أحد.

في حين أن كل أطفال القصر يلعبون و يستمتعون، كان «قُبع» يسير بجانب «أذيب» و يبثَ إليه قائلًا بمرح وإبتسامة لم تُفارقه أبدًا:
-نعم، إنه عالم كبير جدًا يا إذيب.
مُقسم لثلاثةِ أقسام (سنعان، و عنان، و البشر)، إثنان مرتبطين ببعضهم ترابطًا قويًا جدًا و واحدة لا تمسهم بشيء أبدًا، و هي (البشر) و التي تم عزلها تمامًا عن باقي الممالك منذ أعوامًا طويلة جدًا..
أما عن المملكتين الآخرتين بينهم ترابُطًا كبير لدرجةٍ لا يمكن وصفها، فقد كانت تُحكم بالعدل و الصدق والأمانة و القوة، تلك الممالك هي سنعان، و عنان
كان يحكُمها ثلاثة أصدقاء أقوياء جدًا، كانوا رجالًا يمتلكون من الشجاعة و القوة ما جعلهم ملوكًا لتلك الممالك.

ثم أنخفض «قُبع» إلى مستوى «أذيب» و أمسك زراعه قائلًا بهمس غامض لم يفهمه أذيب رغم محاولاته:
-تعلم يا «أذيب» إذا أشتدَ جسدُك قليلًا ستصبح يومًا ما مثلهم، عادًلا، صادقًا، قويًا، وشجاعًا.
ثم همس «قُبع» مكملًا بنبرةٍ غير معتادة:
وملكًا.

انتهى ذلك الحديث بينهم لكن «أذيب» لا ينتهي فضوله أبدًا ليعرف كل ما يخُص تلك العوالم كان يحييٰ بداخله كل يوم عن ذي قبله و ما قاله «قُبع» وما يقصد من قوله (ملكًا)؟ مازالت تتراوح هذة الكلمة في عقلة ذهابًا وايابًا، الفضول تحكم منه ومن ذكاء ذلك الفتى، تأكد بأنه ما قاله لهُ قُبع خلفه مغزى كبير لذلك أخذ يبحث ويبحث ويتعلم القراءة ليقرأ والكتابة ليكتُب، كان ذكيًا جدًا وذلك ما قد عرفه الجميع في هذه الفترة بالأخص الملكه.


كان «قبع» و «فاتنة» يجلسون في حضرة الملكة «لورا» يتحدثون و يبدو أن الموضوع مهم حيثُ أخفض قبع صوته قائلا:
- يا مولاتي إن «أذيب» مُلم بأمور السحر و أعتقد أن قواه بدأت في الظهور بشكل واضحًا ودقيق و ذلك خطأ بالنسبة لوجوده في هذا القصر بالأخص في و جود..
حركت «فاتنة» رأسها قائلة مقاطعته إياه:
في الماضي أخبرتك يا «قُبع» لو كنت تتذكر، أن مستقبل ذلك الطفل سيكون عظيم يومًا ما، دع الأمور تسير كما هي و لا تقلق
إبتسمت الملكة «لورا» و قالت تتذكر:
- أذكر عندما أتيتم إلىَّ في الماضي و اخبرتموني بهوية أذيب كنت مندهشة أهناكَ أحد لازال على قيد الحياة و فرَ من ذلك الحفل اللعين؟ العلامة التي على ذراعهُ هي ما أثبتَت لي من هو و من سيكون في المستقبل لذا أردت أن أحتضن ذلك الصغير تحت و صايتي.

كانوا يتحدثون و لم يلاحظ أيًا منهم تلك الأذان الصغيرة التي تستمع لهم خلف الباب دون معرفتهم ولا حتى حسِهم برغم ذكائهم الخالص ولكن أذيب كان يمتلك خفة رائعه حيث أنه يستطيع الحركة دون حتى أن يشعر من يقف بجانبه وليس فقط من يستمع إليهم دون معرفتهم مهما كانت قواتهم.

في منتصف القصر يجلس «قُبع» بجانب «أذيب» يسايره في اللعب قائلًا
-و الآن ماذا تريد أن تلعب يا إذيب؟
قالها «قُبع» بنفاذ صبر بعدما أصرّ «أذيب» على أخذ «قُبع» ليلعب معه في الليل على غير المعتاد أبدًا
فأجابه «أذيب» بطفولة حقيقه لكنها تبدو لك مصطنعه بفضل ذلك الذكاء الذي يمتلكه:
-لا أريد أن العب الآن، أريدك أن تكمل قصة البشر و المملكتين و ان تخبرني أيضًا عن الثلاثة أصدقاء و كيف أصبحوا أقوياء هكذا؟

تعجب مما قاله لدرجة أنه توقف عن الكلام والحركة لثوانِ ثم أدرك قُبع وتفهمه جدًا حتى أنه تنهد على حال ذلك الطفل الفضولي ثم أخذه للأعلى و أجلسه على طرف القلعة المرتفعة التي أظهرت المملكة بأكملها و ذلك مشهدًا مهيبًا لأي طفل على و جه الأرض عداه، كانت المسافة مُرتفعه لدرجة أن البيوت كانت بعيدة وصغيرة جدًا في الحجم.
لم يهيب «أذيب» ذلك المشهد أبدًا، و ربما ذلك لأنه يثق في «قُبع» ويعرف جيدًا أنه حريص عليه فإنه يثق به عمياء غريبة، تؤكد أنه طفلًا ذكي جدًا يفسر حقيقة من حوله و معرفتهم حتى وإن كان مجرد طفلًا صغير، هكذا يكون أي مخلوق حينما يشعر بالأمان ولو كانت هِرة صغيره.
بدأ قُبع بالسرد مفسرًا لأذيب بذكاء:
-أتعلم يا «أذيب» أن زوجات الثلاثة أصدقاء كانوا من البشر؟ كانوا بشريين، و رغم إنفصال هذه العوالم إلى أنها هي من جمعتهم
الإختلاف لم يكن فقط في عوالمهم و إنما أيضًا في شخصيتهم و تفكيرهم و قواتهم وكل شيء.
فكر الصغير قليلًا ثم رفع حاجبيه قائلًا:
-كيف ذلك؟! إذًا ما الذي جمعهم بالضبط؟.
نظر إليه «قُبع» نظرة عميقة جدًا معجبًا بذكائه الحاد
ثم قال في هدوء:
-جمعهم القلب ياصغير، القلوب لا تعرف بلادًا و لا حكمًا و لا حتى قوة، للقلوب مرادات غريبة يا عزيزي.
وهذا الشيء الوحيد الذي لن تفهمه الآن، وربما حتى لو كنت أكبر من ذلك.
لم يستوعب أذيب شيء مما قال هذه المره، لكنه سأل قبع بفضول شديد فهذة الرغبة و الفضول مازال يعتلي قلبه الصغير
- هل تعرفهم يا قُبع؟ أخبرني أرجوم.
إبتسم قُبع إبتسامة حزينه، ثم قال بسخرية:
- و من لا يعرفهم يا صغيري، المَاضي عهد لا يُنسى، والابطال تاريخ يدون ولا يُمحى أبدًا!

هنالك نهاية، نهاية لكل شيء يا إذيب.
حتى أنتَ لكَ نهاية.
هكذا تَكُن الحياة يا صغيري يجب أن تُدرك ذلك الأمر جيدًا الحياة لا تكُن مُنصفة لنا دومًا، تكون يومً لكَ و يومًا عليك يا أذيب، إنها الحياة، يجب أن تُدركها جيدًا قبل أن تُعلمك دروسها القاسية أو ربما تَكُن مؤلمة جدًا.
تعلم يا إذيب مداخل ومخارج الحياة لتعرف أين تسير، و كيف تقود طريقك بالضبط فإن طُرق الحياة حربًا قاسيه، إما تنجو مِنها أوتنتهي يا أذيب، تنتهي فيها وتغوص بداخلها كالغريق الذي يُعافر لينجو لكن ينتهي به المطاف في القاع، وأنا لا أريدك أن تغرق أبدًا، أريدك أن تطفوا دائمًا على الشط، أن تواجه البحّار ولا تدعه أبدًا يصطادك.. أعرف أنك ذكيًا بما فيه الكفايه وسوف تستوعب ما أقوله لك يومًا ما، لكنني أريد منك إستعيابه قبل أن تتعرض له حتى تقدر على المواجهه.. أنت ستكون الإعجوبة الوحيدة في هذا العالم يومًا ما أعدك، لذلك كن قويًا لهذه الحرب.. أجل إنها كذلك.
لكن قبل هذا أريد منك أن لا تخبر أحدًا أبدًا بما أخبرته لك الآن، أريده عالقًا في ذاكرتك أنت وحدك.
حرك أذيب رأسه بمعنى موافقًا لكن عقله كان يدور كل لحظة متذكرًا تلك الكلمات الدلالية.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي