الفصل الثانى عشر
الفصل الثانى عشر
في ساحه بيت عائله الجابر الواسعه الذي امتلأت بعمال الانارة و الفرش للاستعداد لاجواء الفرح ..
بعض الرجال واقفين علي السلالام الخشبيه ترفع حبال الانارة الملونه حول البيت ... و اخرين يفرشون الارضيه بنشارة الخشب الملون .. و غيرهم من يقوم بوضع الستائر الملونه حول البيت .. ضجه علي غير المعتاد تملاه بفرحه و زهوٍ مميزٍ .
تحرك الجد جابر مستندا علي كعازه بينهما : يلااا يلااا شهلوا يارجاله
- الف مبرروك يا جابر بيه .
- الله يبارك فيك يا أبنى عقبالك و عقبال اخواتك .
ثم استدار برأسه فاردف قائلا للغفير بصيغه امره
- الدبايح جاهزه يا أبنى ؟!
الغفير : كله تمام .. زي ما امرت اسبوع كامل الناس كلها مش هتاكل غير لحمه جنابك ..
اومأ راسه بفرحه : كويس فين العرسان مش شايف حد منهم .
- أدهم باشا لسه مصحاش .. و سعد بيه في البيت جوه .. و ألبشمهندس صالح خرج
كمل جابر و خلفه ثلاثه من الغفر كى يشرف علي باقي العمال ..
في بيت عائله الفاروق
شد العم اخر نفس من شيشته قبل ما يرد علي اتصاله التليفونى
- ايوة يا أبنى ... فينكم الوقتى ... مممممم ... عال عال انا جايلكم اهوو خليكم مكانكم ..
عزيز جلس بجواره : خير ياعمى !
مسك عمه طرف جلبابه ثم وقف : يلا قوووم تعالي معااي .
رفع عزيز حاجبه متسائلا : هما الرجاله وصلوا ..
تقدم عمه امامه بهيبه و وقار : ااه .. يلااااه مافيش وقت ...
تحرك كلاهما صوب سيارتهم المصفوفه امام بهو بيتهم .. كانت قنر واختها تترقبهم باهتمام و حزن بالغ.
اردفت كيان قائله : هما رايحين فين ؟!
قمر بخوف : ليكون رايحين يؤذوا أدهم يا كيان
ضغطت علي كف اختها المستند فوق السور : اهدى .. هما صبروا سنه كامله مخدوش بالتار .. مش هيجوا ياخدوه دلوقتى .
انخرطت دمعه من عينيها بمرارة : لا يا كيان صبرهم دا قالقنى .. اكيد بيخططوا لحاجه اكبر .. هيقتلوه يا كيان هيقتلووه .
تشبثت كيان بمعصمها : خدى هنا رايحه فين ؟!
زاحت كف اختها بقلق يرعد جسدها : هلحقه يا كيان قبل مايعملوا فيه حااجه .
- ربنا يريح قلبك يا أختى
استيقظ أدهم من سبات نومه العميق و هو يتقلب ببطء في فراشه : كل دا نوم يا أدهم .. اومال لو كان بالك خالى كنت هتنام قد ايييه ؟!
نهض من فوق فراشه بكللٍ القى نظرة علي هاتفه : اوووف حتى انت فصلت !! هي جيت عليك يعنى !!
لفح منشفته فوق كتفه متجها نحو المرحاض
جالسه زينب بين الخدم وهم يعدون اشهي المخبوزات للافرح .. ثم اردفت زينب قائله
- يلا يابت منك ليها سمعونا زغرووده اكده ... و انتي ياابت علىّ صوت المسجل دا شويه خلينا نفرح
- عيونى ياام أدهم .. الفرحه عندنا تلاته النهارده .. قومى يابت ارقصي منك ليها
راقبتهم سعاد بنظرات تحمل نيران الغل و الاغتياظ
احدى الخادمات : مالك ياست سعاد ماتيجي ياختى تخبزي حلو بنات بأيدك دي فرحتهم الكبيره وليله العمر
ضربت فخذها بكفها بغل ثم اردفت قائله بتأفف : مش لما اكون راضيه عليها الجوازه دي !!
خفضت الخادمه صوت ضجيج الاغانى سريعا .. للاستمتاع بالنيران التى اوشكت علي الاندلاع ، رفعت زينب عينيها بفظاظه : و انتى كنتى تحلمى بجوازه زي دي لبناتك !! جري ايه يا سعاد و لا علي رأي المثل الانصاص قامت و القوالب نامت .
وثبت سعاد قائمه بقوة : لا يا زينب اقفي معوج و اتكلمى عدل و اعرفي بتتكلمى على مين الاول .. بنات جمال الجابر الف مين يتمناهم .. معاهم شهادات من مصر و متربين و زينة بنات المنصورة كلها .. فياريت كل واحد يعرف مقامه كويس و تعرفي انتى مناسبه مين !
رمقتها بنظرة ساخرة :مش هرد عليكى .. عارفه ليه !! لانه جيه اليوم اللي ربنا يظهر فيه الحق و ينصرنى عليكى .. و انا واحده فرحانه بعيالها و مش هتسمح لوحده زيك تعكنن عليها .. عليّ ياابت عليّ الاغانى خلينا نفرح .
كانت كلمات زينب جيشا هجيما مسلحًا بالغضب مما جعل الدماء تغلى بداخلها لانها مدركه تماما لمغزي حديثها عن الماضي الذي دفنوه سويا ..
عادت زينب لتصفيق و التهليل بفرحه صُبيانها و الفرحه الاكبره بالنصره علي عدوتها اللدودة ..
وصل عزيز بصحبة عمه الي مخزنهم السري بحرصٍ شديد .. وجد مجموعه من الرجال في انتظارهم .. القى عليهم ادهم التحيه
- أخباركم ياااارجاله ..
صوت جمهوري قوى : نورت يا عزيز باشا
وقف عمه بالقرب منهم : كله تمام ؟!
احدهم اردفت قائلا : عااااين بنفسك ...
- شووف يا عزيز شغلك ...
نكث عزيز علي احد ركبتيه ممسكًا بكيسٍ ابيض ، ليتذوقه بانتشاء بَين ، وضع اصبعه المنغمس بالمخدر داخل فمه و بعد قليل من الوقت رفع حاجبه مع التواء شفته جنبا تبدو عليه معالم الفرحه و السرور .
اقترب من عمه كالمنتصر فالمعركه هامسا في اذانه : كله تمام ....
اتسع ثغر عمه مسرورا : عال عال .. هاتلهم فلوسهم ...
انكمشت ملامح عزيز سريعا : مش لو قمر بت اخوك تطاوعنا وتشتغل معانا الشغلانه دى هناكل الشهد .. و يبقي زيتنا في دقيقنا و قرشنا مايطلعش برا . . .
تنحنح عمه بخفوت : متقلقش هيحصل . . بس كله بآوانه ..
_ مش قلقان بس مقهور علي دراستها 5 سنين و فالاخر مش مستفدين حاجه . . . .
- بلاه كلامك الى ملوش لازمه ده .. روح هات حق الرجاله يلا
ضاقت عينيه متوعدا : اللي مستنيكى تقيل قوى يا قمر
ببيت الفاروق
_ أدهم مش بيرد يا كيان و فونه مقفول
لازالت تجوب غرفتها ذهابا و ايابا بحيره و توتر .
- اهدى بس اكيد فصل شحن ..
تنهدت بضيق : لالا قلبي مش مستريح واصل .. انا لازم اقابله .
اتسعت حدقه عيني اختها بدهشه : اقصري الشر يا قمر .. و خافي علي أدهم
- هي خلاص خلصت !!
- ازااى ؟! قصدك ايه !
- انا و أدهم هنهرب الليله .. . .
"خدعوك فقالوا ان الناس سواسيه كأسنان المشطٍ في مُجتمعٍ اصلع المبادئ .. "
في سياره الذي يقودها عزيز بنفسه و يجلس بجواره عمه في ثوبه القووى يتفقد الطريق بذهنٍ منغمس في بئر مخططاته الدنيئة .. دار ( عزيز ) مقود سيارته بعنايه و خلفه سيارة اخرى للرجاله فتنحنح بخفوت قائلا : ماهو انت ياعمى لو تفهمنى ناوي علي ايه .. هرتاح ؟
ألقى عليه نظرة خبيثه : اسمعنى .. هتروح تراضي بنت عمك و تنزلها شغلها .. وبطل بخ سم من لسانك ... عاوزين نكسبها النسوان مابتجيش بالعند والقسوة
فرمل سيارته فجاة ثم اردف قائلا بعصبيه : شغل في عينها ياعمى علي جثتى تنزل شغلها تانى
- اسمعنى واااهدى كدا و بطل عند قنر تنزل شغلها و أيدك مااتتمدش عليها تانى سامعنى ؟
عاود في التحرك بسيارته و خلفه سيارة رجاله الذي اصيب كل من بداخلها بالاستغراب لوقوفه المُفاجئ
- طب فهمنى ليه ؟!
اردف عمه قائلا بهدوء
- انا عارف كويس علاقتها بحفيد الجابر مش مغفل و لا مختوم علي قفااي بس احنا محتاجين ليها قوى اليومين اللي جاايين و نقطة ضعفها الوحيده هي أدهم .. اول ماناخد مرادنا هنخلص عليهم كلهم و انت ابقي اتصرف مع مراتك بطريقتك
اعتلت ثغرهم ابتسامه ماكرة لما يخططوا له : تعجبنى ياعمى وانا بردو مكنتش مرتاح لسكوتك ده .. كده اللعب هيحلو .
اجابه بثقه : كبير عيله الفاروق مابيسكتش علي الحال المايل المهم عاوزك تجهزلى زياره حلوة كدا نروح بيها لعيله الجابر نباركلهم ..
اتسعت حدقة عين ادهم بدهشه : نععععععم !!!
. . . . . . . . . .
أصوات موسيقي صاخبه تخترق الجدران و حركه اهل المنزل من خدم و غفر لمعاونة اصحابه .. دلف أدهم الي مطبخ القصر وجد امه فاردف قائلا : في حاجه تتاكل ؟!
قاال جملته و هو يفتح باب الثلاجه باحثا عن شيء يأكله .. غسلت والدته كفها قائلة : طب استنى شويه يكون الطباخ خلص الاكل و اتغدي بالمرة ..
تناول ثمرة تفاح يأكلها بغل و كإنه يتنقم من احزانه فربتت امه علي كتفه مردفة : مالك ياحبة عينى ؟!
جلس فوق معقد الطاوله التى تتوسط ساحه المطبخ : عاجبك انتى الوضع دا يعنى يا أمى ؟!
اردفت قائله بحنو : حنان بتحبك يا أبنى
اجابه بتلقائيه و تأفف : و انا مابحبهااش يا أمى .. لما بشوفها كإنى شوفت عفريت قدامى
- يا أبنى البت غلبانه والله .. ادى قلبك فرصه و هتحبها ..
احمرت وجنته بدماء الغضب قائلا : وانا مابحبهااش و مش من حق اي حد يقولى اعمل ايه .. محدش له الحق يرسملى طريقى مش مسموح لحد يشوف حياتى بعينيه مش مسمووح ياامى تقولولي احب مين و اعيش مع مين دى حياتى مش حياتكم .. ذنبى ايه انا الملم ورا عمى واشيل شيلته قوووليلى ؟!
انخرطت دمعتين واحده من عين امه والاخري خدشت وجنة حنان ابنة عمه فاكمل أدهم قائلا و هو متأهبا للمغادرة : انا هعمل اللي طلبتووه منى بس النتايج استحملوها انتوا مش عاوز حد يلومنى ...
خرج من المطبخ فوجدها امامه تنهمر دموعها بغزاره رمقها بنظرة ساخطه و تقدمه خطوتين للامام ثم توقف فجاة وعاد و اقترب منها : اظن انك سمعتى قولت ايييه .. عشان متتفاجئيش
القي عليها قذيفه كلماته الناريه التى فجرت عبراتها من عيونها و تركها تسبح في بحور احزانها بدون ما يتحرك له جفن الرحمه ، اصبح صوت شهيقها يعلو ، اصبح يؤلمها من الداخل ، اصبح حزنها يضاجع حبها فينجيب عشقًا لايُداوى ، كلما قررت ان تستقوى علي نفسها و تموت حزنا بداخلها ياتيها تؤامه راكضًا .. جلست فوق عتبه المطبخ بعد ما ارهقت ارجلها لم تقدر علي حمل جسدها المُثقل بالهموم .. وقفت زينب عاجزه فهى الاخري وضعت في نيران لم ترحم .. نيران تحرق فلذه كبدها و نيران اخري تأكل قلبها فإنها تري امام عينها قلب يحترق ويتبخر كما تبخر قلبها في ماضٍ كلما قررت دفنه حاصراتها اشباحه مجددا وطوقت علي عنقها حبل مشنقة النسيان . . .
كيف لرجل ان يتحرر من قيود امرأة استعبدته عشقا !
في ساحه بيت عائله الجابر الواسعه الذي امتلأت بعمال الانارة و الفرش للاستعداد لاجواء الفرح ..
بعض الرجال واقفين علي السلالام الخشبيه ترفع حبال الانارة الملونه حول البيت ... و اخرين يفرشون الارضيه بنشارة الخشب الملون .. و غيرهم من يقوم بوضع الستائر الملونه حول البيت .. ضجه علي غير المعتاد تملاه بفرحه و زهوٍ مميزٍ .
تحرك الجد جابر مستندا علي كعازه بينهما : يلااا يلااا شهلوا يارجاله
- الف مبرروك يا جابر بيه .
- الله يبارك فيك يا أبنى عقبالك و عقبال اخواتك .
ثم استدار برأسه فاردف قائلا للغفير بصيغه امره
- الدبايح جاهزه يا أبنى ؟!
الغفير : كله تمام .. زي ما امرت اسبوع كامل الناس كلها مش هتاكل غير لحمه جنابك ..
اومأ راسه بفرحه : كويس فين العرسان مش شايف حد منهم .
- أدهم باشا لسه مصحاش .. و سعد بيه في البيت جوه .. و ألبشمهندس صالح خرج
كمل جابر و خلفه ثلاثه من الغفر كى يشرف علي باقي العمال ..
في بيت عائله الفاروق
شد العم اخر نفس من شيشته قبل ما يرد علي اتصاله التليفونى
- ايوة يا أبنى ... فينكم الوقتى ... مممممم ... عال عال انا جايلكم اهوو خليكم مكانكم ..
عزيز جلس بجواره : خير ياعمى !
مسك عمه طرف جلبابه ثم وقف : يلا قوووم تعالي معااي .
رفع عزيز حاجبه متسائلا : هما الرجاله وصلوا ..
تقدم عمه امامه بهيبه و وقار : ااه .. يلااااه مافيش وقت ...
تحرك كلاهما صوب سيارتهم المصفوفه امام بهو بيتهم .. كانت قنر واختها تترقبهم باهتمام و حزن بالغ.
اردفت كيان قائله : هما رايحين فين ؟!
قمر بخوف : ليكون رايحين يؤذوا أدهم يا كيان
ضغطت علي كف اختها المستند فوق السور : اهدى .. هما صبروا سنه كامله مخدوش بالتار .. مش هيجوا ياخدوه دلوقتى .
انخرطت دمعه من عينيها بمرارة : لا يا كيان صبرهم دا قالقنى .. اكيد بيخططوا لحاجه اكبر .. هيقتلوه يا كيان هيقتلووه .
تشبثت كيان بمعصمها : خدى هنا رايحه فين ؟!
زاحت كف اختها بقلق يرعد جسدها : هلحقه يا كيان قبل مايعملوا فيه حااجه .
- ربنا يريح قلبك يا أختى
استيقظ أدهم من سبات نومه العميق و هو يتقلب ببطء في فراشه : كل دا نوم يا أدهم .. اومال لو كان بالك خالى كنت هتنام قد ايييه ؟!
نهض من فوق فراشه بكللٍ القى نظرة علي هاتفه : اوووف حتى انت فصلت !! هي جيت عليك يعنى !!
لفح منشفته فوق كتفه متجها نحو المرحاض
جالسه زينب بين الخدم وهم يعدون اشهي المخبوزات للافرح .. ثم اردفت زينب قائله
- يلا يابت منك ليها سمعونا زغرووده اكده ... و انتي ياابت علىّ صوت المسجل دا شويه خلينا نفرح
- عيونى ياام أدهم .. الفرحه عندنا تلاته النهارده .. قومى يابت ارقصي منك ليها
راقبتهم سعاد بنظرات تحمل نيران الغل و الاغتياظ
احدى الخادمات : مالك ياست سعاد ماتيجي ياختى تخبزي حلو بنات بأيدك دي فرحتهم الكبيره وليله العمر
ضربت فخذها بكفها بغل ثم اردفت قائله بتأفف : مش لما اكون راضيه عليها الجوازه دي !!
خفضت الخادمه صوت ضجيج الاغانى سريعا .. للاستمتاع بالنيران التى اوشكت علي الاندلاع ، رفعت زينب عينيها بفظاظه : و انتى كنتى تحلمى بجوازه زي دي لبناتك !! جري ايه يا سعاد و لا علي رأي المثل الانصاص قامت و القوالب نامت .
وثبت سعاد قائمه بقوة : لا يا زينب اقفي معوج و اتكلمى عدل و اعرفي بتتكلمى على مين الاول .. بنات جمال الجابر الف مين يتمناهم .. معاهم شهادات من مصر و متربين و زينة بنات المنصورة كلها .. فياريت كل واحد يعرف مقامه كويس و تعرفي انتى مناسبه مين !
رمقتها بنظرة ساخرة :مش هرد عليكى .. عارفه ليه !! لانه جيه اليوم اللي ربنا يظهر فيه الحق و ينصرنى عليكى .. و انا واحده فرحانه بعيالها و مش هتسمح لوحده زيك تعكنن عليها .. عليّ ياابت عليّ الاغانى خلينا نفرح .
كانت كلمات زينب جيشا هجيما مسلحًا بالغضب مما جعل الدماء تغلى بداخلها لانها مدركه تماما لمغزي حديثها عن الماضي الذي دفنوه سويا ..
عادت زينب لتصفيق و التهليل بفرحه صُبيانها و الفرحه الاكبره بالنصره علي عدوتها اللدودة ..
وصل عزيز بصحبة عمه الي مخزنهم السري بحرصٍ شديد .. وجد مجموعه من الرجال في انتظارهم .. القى عليهم ادهم التحيه
- أخباركم ياااارجاله ..
صوت جمهوري قوى : نورت يا عزيز باشا
وقف عمه بالقرب منهم : كله تمام ؟!
احدهم اردفت قائلا : عااااين بنفسك ...
- شووف يا عزيز شغلك ...
نكث عزيز علي احد ركبتيه ممسكًا بكيسٍ ابيض ، ليتذوقه بانتشاء بَين ، وضع اصبعه المنغمس بالمخدر داخل فمه و بعد قليل من الوقت رفع حاجبه مع التواء شفته جنبا تبدو عليه معالم الفرحه و السرور .
اقترب من عمه كالمنتصر فالمعركه هامسا في اذانه : كله تمام ....
اتسع ثغر عمه مسرورا : عال عال .. هاتلهم فلوسهم ...
انكمشت ملامح عزيز سريعا : مش لو قمر بت اخوك تطاوعنا وتشتغل معانا الشغلانه دى هناكل الشهد .. و يبقي زيتنا في دقيقنا و قرشنا مايطلعش برا . . .
تنحنح عمه بخفوت : متقلقش هيحصل . . بس كله بآوانه ..
_ مش قلقان بس مقهور علي دراستها 5 سنين و فالاخر مش مستفدين حاجه . . . .
- بلاه كلامك الى ملوش لازمه ده .. روح هات حق الرجاله يلا
ضاقت عينيه متوعدا : اللي مستنيكى تقيل قوى يا قمر
ببيت الفاروق
_ أدهم مش بيرد يا كيان و فونه مقفول
لازالت تجوب غرفتها ذهابا و ايابا بحيره و توتر .
- اهدى بس اكيد فصل شحن ..
تنهدت بضيق : لالا قلبي مش مستريح واصل .. انا لازم اقابله .
اتسعت حدقه عيني اختها بدهشه : اقصري الشر يا قمر .. و خافي علي أدهم
- هي خلاص خلصت !!
- ازااى ؟! قصدك ايه !
- انا و أدهم هنهرب الليله .. . .
"خدعوك فقالوا ان الناس سواسيه كأسنان المشطٍ في مُجتمعٍ اصلع المبادئ .. "
في سياره الذي يقودها عزيز بنفسه و يجلس بجواره عمه في ثوبه القووى يتفقد الطريق بذهنٍ منغمس في بئر مخططاته الدنيئة .. دار ( عزيز ) مقود سيارته بعنايه و خلفه سيارة اخرى للرجاله فتنحنح بخفوت قائلا : ماهو انت ياعمى لو تفهمنى ناوي علي ايه .. هرتاح ؟
ألقى عليه نظرة خبيثه : اسمعنى .. هتروح تراضي بنت عمك و تنزلها شغلها .. وبطل بخ سم من لسانك ... عاوزين نكسبها النسوان مابتجيش بالعند والقسوة
فرمل سيارته فجاة ثم اردف قائلا بعصبيه : شغل في عينها ياعمى علي جثتى تنزل شغلها تانى
- اسمعنى واااهدى كدا و بطل عند قنر تنزل شغلها و أيدك مااتتمدش عليها تانى سامعنى ؟
عاود في التحرك بسيارته و خلفه سيارة رجاله الذي اصيب كل من بداخلها بالاستغراب لوقوفه المُفاجئ
- طب فهمنى ليه ؟!
اردف عمه قائلا بهدوء
- انا عارف كويس علاقتها بحفيد الجابر مش مغفل و لا مختوم علي قفااي بس احنا محتاجين ليها قوى اليومين اللي جاايين و نقطة ضعفها الوحيده هي أدهم .. اول ماناخد مرادنا هنخلص عليهم كلهم و انت ابقي اتصرف مع مراتك بطريقتك
اعتلت ثغرهم ابتسامه ماكرة لما يخططوا له : تعجبنى ياعمى وانا بردو مكنتش مرتاح لسكوتك ده .. كده اللعب هيحلو .
اجابه بثقه : كبير عيله الفاروق مابيسكتش علي الحال المايل المهم عاوزك تجهزلى زياره حلوة كدا نروح بيها لعيله الجابر نباركلهم ..
اتسعت حدقة عين ادهم بدهشه : نععععععم !!!
. . . . . . . . . .
أصوات موسيقي صاخبه تخترق الجدران و حركه اهل المنزل من خدم و غفر لمعاونة اصحابه .. دلف أدهم الي مطبخ القصر وجد امه فاردف قائلا : في حاجه تتاكل ؟!
قاال جملته و هو يفتح باب الثلاجه باحثا عن شيء يأكله .. غسلت والدته كفها قائلة : طب استنى شويه يكون الطباخ خلص الاكل و اتغدي بالمرة ..
تناول ثمرة تفاح يأكلها بغل و كإنه يتنقم من احزانه فربتت امه علي كتفه مردفة : مالك ياحبة عينى ؟!
جلس فوق معقد الطاوله التى تتوسط ساحه المطبخ : عاجبك انتى الوضع دا يعنى يا أمى ؟!
اردفت قائله بحنو : حنان بتحبك يا أبنى
اجابه بتلقائيه و تأفف : و انا مابحبهااش يا أمى .. لما بشوفها كإنى شوفت عفريت قدامى
- يا أبنى البت غلبانه والله .. ادى قلبك فرصه و هتحبها ..
احمرت وجنته بدماء الغضب قائلا : وانا مابحبهااش و مش من حق اي حد يقولى اعمل ايه .. محدش له الحق يرسملى طريقى مش مسموح لحد يشوف حياتى بعينيه مش مسمووح ياامى تقولولي احب مين و اعيش مع مين دى حياتى مش حياتكم .. ذنبى ايه انا الملم ورا عمى واشيل شيلته قوووليلى ؟!
انخرطت دمعتين واحده من عين امه والاخري خدشت وجنة حنان ابنة عمه فاكمل أدهم قائلا و هو متأهبا للمغادرة : انا هعمل اللي طلبتووه منى بس النتايج استحملوها انتوا مش عاوز حد يلومنى ...
خرج من المطبخ فوجدها امامه تنهمر دموعها بغزاره رمقها بنظرة ساخطه و تقدمه خطوتين للامام ثم توقف فجاة وعاد و اقترب منها : اظن انك سمعتى قولت ايييه .. عشان متتفاجئيش
القي عليها قذيفه كلماته الناريه التى فجرت عبراتها من عيونها و تركها تسبح في بحور احزانها بدون ما يتحرك له جفن الرحمه ، اصبح صوت شهيقها يعلو ، اصبح يؤلمها من الداخل ، اصبح حزنها يضاجع حبها فينجيب عشقًا لايُداوى ، كلما قررت ان تستقوى علي نفسها و تموت حزنا بداخلها ياتيها تؤامه راكضًا .. جلست فوق عتبه المطبخ بعد ما ارهقت ارجلها لم تقدر علي حمل جسدها المُثقل بالهموم .. وقفت زينب عاجزه فهى الاخري وضعت في نيران لم ترحم .. نيران تحرق فلذه كبدها و نيران اخري تأكل قلبها فإنها تري امام عينها قلب يحترق ويتبخر كما تبخر قلبها في ماضٍ كلما قررت دفنه حاصراتها اشباحه مجددا وطوقت علي عنقها حبل مشنقة النسيان . . .
كيف لرجل ان يتحرر من قيود امرأة استعبدته عشقا !