الفصل الثاني
في لحظةٍ تسلّل اليأس لقلبه، ثم أصابه قلقٍ عظيم و بدأ أرتكاب الحماقات تحت مُسمى المحاولة
تلك الطفلة إذا أبقاها على قيد الحياة، سيعش بقيةِ حياته يحميها، ليس لأجلها بالضبط فهي لا تهمه بقدر ما بداخلها.. قتلها الآن هو الحل الأمثل من بين كل حلوله، فهو حينها سيحصل على مُراده لتعيش مملكته بسلام ، فعل كل ذلك من أجلها
كل هذه السنين الماضيه كان يحاول ليحصل على لؤلؤة الشمس وسيحصل عليها حتى و إن كان الثمن، هو روحها..
كان ذلك ما يدور في عقل غفران بعد أن نظر إلى عينيها لأول مرة، و تأكد من شكوكه
كانت تصرفاته متناقضه بعض الشيء، لأنه و برغم محاولة قتلها أكثر من مره، كان هو منقذها الوحيد، كان غفران لا يتحرك خطوة واحده دونها
شعر فاران أن غفران في آخر ثلاثة أشهر تعلّق بتلك الطفلة لدرجةٍ كبيره، حاول مناقشتة في هذا الموضوع أكثر من مرة حتى أصرّ عليه أن يتركها في بيت رعايةٍ للأطفال و يباشر حياته كما كانت من قبل، لكنه رفض بشدة
و قرر أنها حينما تكمل عامها الثاني سيأخذها لمملكته، و حتى هذه الفترة سيبقى هنا في هذه القلعة..
كان ذلك قراره الأخير..
في ليلةٍ باردة لا تشبه باقيها من الليالي كان (غفران) و (فاران) يجلسان أمام بعضهما في خيمةٍ متوسطه تحت ضوء بعض المعلقات الناريه الخشبيه قربهم و بجانب غفران كانت الصغيرة
نظر لها فاران ثم قال:
- عمرها ثلاثةِ أشهر، لحد الآن لم نعرف أسمها؟
فأجابه بعد تفكير:
- لم تسأل من قبل
لم يفهم فاران
فقال بمرح وهو يحرك رأسه نحو الطفلة و ينظر إلى فيروزتها الواسعه:
- ما رأيك في إسم (سيلا)؟ أظن أنه مناسب تمامًا
رفع غفران حاجبه قليلًا ثم حرك فمه معترضًا، حينها شعر فاران باليأس وقال:
- حسنًا، حسنًا
ما رأيك في إسم (ريالي)؟ أجده يليق بها
إنها طفلةً مميزه و جميلة و...
حرك غفران رأسه يمينًا ويسارًا برفض، فقال فاران بيأس مرة آخرى:
- إذًا، (روزي) ذلك الإسم أقرب لعينيها الفيروزيه العميقه
هنا شعر غفران بقليلٍ من الغيره، لم يكن يريد أن يرى عينيها أحدًا خوفًا من إكتشاف حقيقتها، يعرف أن صديقه أغبى من ذلك بدرجات
لكنه ظنه إنذارًا لأن ينتبه
و هنا لاحظ فاران نظراته الغريبه، كان يشعر أن هناك شيء يخفيه عنه لكنه تجاهل ذلك الشعور وقال:
- حسنًا دعني أفكر، ما رايك في إسم (رينا) إنه خفيفٌ ولطيف؟
شعر غفران بالضيق قليلًا، حتى و إن كانت تلك الأسماء جميلة و مميزه ومختلفه في حين أنه لم يعرف أسمها بعد
لن يسمح لأحد أن يسميها، لذلك قال بغضب:
- لا، لم يعجبني أيًا منهم
أعدل جلسته قليلًا ثم حملها و نظر إليها بعينيه الحادة نظرة مطاولة وقال:
- إسمها (سوفانا) لقد كان ذلك إسمها منذ ثلاثة أشهر، لكنك لم تسأل
حرّك فاران رأسه و أوسع عينيه بإعجاب قائلًا:
- هذا رائع، إسمٌ جميل حقًا
و مميز.. لكن ماذا يعني؟
وقف غفران على قدميه وهو يحمل الطفلة:
- يعني، اللؤلؤة الجميلة
- لؤلؤة؟ هذا رائع!
مرّت بعض الأيام بسلام، أتخذ غفران بيتًا قرب تلك القلعه ليعيش فيه وحده مع سوفانا، و كان يُحضر لها يوميًا إحدى النساء لتطعمها وتهتهم بها كونه لا يفهم في ذلك
لكنه إزداد قربًا منها و فهم ما تفعله المرأة بالظبط،
حتى بدأ يحفظ ملامحها و يراها تنموا أكثر أمام عينيه كل ليلة، كان عمله الوحيد في تلك الفتره صنع الدواء و معالجة البشر
كانت لديه قوات خاصة، حيث يقدر على صنع أي دواء في العالم لأيّ مرض
كان قد ارتاح قليلًا بالبعد عن فاران لأنه بدأ يتعلق بسوفانا و ذلك لا يريحه بالمره
ثم إن طفله الصغير أيضًا تعلق بها، كان يداعبها حتى تضحك
و هو لا يحب أن تضحك (سوفانا) لأحدٍ غيره
كان نائمًا في ثباتٍ عميق و بجانبه كانت سوفانا أيضًا
نظرةً عميقه من فتاةٍ طويلة و جميلة ذاتَ شعرٍ أسود و طويل، لديها عينان فيروزتان واسعتان و فاهٍ ورديّ و أنفٍ صغير منحوت و وجه دائري ناصع البياض
تقف أمام غابةٍ في الليل تحت ضوء القمر و تنظر لطفلةٍ صغيره على الأرض أمامها، طفلة لم تكمل عامها الأول بعد، تحمل الفتاة قوسًا به ثلاثةِ سهام
ثم أطلقتهم على الطفلة بغلٍ دفعةً واحده.
و هنا استيظ (غفران ) بسرعه و نظر أمامه بخوف ليطمئن على (سوفانا) فوجدها مستيقظه تحرك قدميها في الهواء بملل
هدأ قليلًا وأخذ يغلق عينيه براحةٍ، ثم فتحها دفعةً واحده و اعتدل مكانه و توقف في الحال
ثم نظر يساره و يمينه و خلفه و أمامه.. كان يشعر بشيء غريب
لقد تأكد من شعوره للتو حينما برقت عينيه، فهمس بغضب:
- (مُسافر)؟ لما جاء هنا!
شعر غفران بوجود أحد المسافرون بالقرب منه، ربما جاء ليبحث عن سوفانا
أخذ غفران الطفلة و وضعها بمكانٍ آمن في نفس البيت، ثم ذهب ليبحث ذلك المسافر
هرول إلى الخارج، و بحث عنه في كل مكانٍ و لم يجده حتى توقف في منتصف الغابة ينظر أمامه ويحاول معرفة أين هو بالضبط حتى شعر به وراء ظهره فإلتفت ينظر إليه، ليجده (كارو)! و هو أحد المسافرون الذين راقفوه لفترة طويلة..
كان يرتدي زيًا رسميا طويلًا باللون الأسود الفاتح ذات حزامًا في منتصف خصره باللون الأسود القاتم الذي لا يكاد يُرى من شدة الظلام
يشبه لزيّ غفران لكن غفران كان ثوبه سكريّ اللون و منهكًا بعض الشيء
يملك ملامحًا قوية، ذات شعر أشقر و طويل و عينان سوداويتان
كارو ماكر جدًا، أحيانًا يتحول من ذكي إلى خبيث لكن في قانون المسافرون لا يهم إن كان خبيث أو لا، المهم أنه ذكيّ
و بفضل ذلك الذكاء، ربما قد وجد غفران الآن
أعتدل غفران في جلسته محاولًا إخفاء ملامح القلق التي تعتليه منذ أن وجد كارو
ثم قال له بملامح ساخره:
- ماذا تفعل هنا يا كارو؟
إبتسم كارو بخبثٍ ثم قال يقترب منه خطوةً تلو الآخرى:
- إشتقت إليك يارجل، ثم أنني لا أنسى أبدًا أن اليوم عيد ميلادك الثلاثين!
صرّ غفران على أسنانه بلمحةٍ بسيطة دون أن يراه كارو ثم أجابه بنفس النبرة:
- حسنًا، يمكنك أن ترحل الآن
- أرحل؟
قالها كارو متعجبًا و كأنه لا يُصدق ما يسمع
فأكمل حديثه قائلًا:
- لا يمكن أن أرحل، لقد جئتُ للتو!
ثم أن صديقي اليوم عيد ميلاده الثلاثين للمرة الثانية..
نظر له بخبثٍ ثم تابع:
- أووه، لم أنسى حتى الآن أنك لن تكبر أبدًا
هذا مثير للضحك قليلًا! أعني أنني حين أكون عجوزًا ذوا الثلاثة أقدام ستكون أنت شابًا جميلًا كما الآن.. أنت الشخص الوحيد الذي يجب أن يحتفل بعيّد ميلاده و هو يضحك، لذلك قُل لي لمَ وجهكَ عابس الآن؟
شعر غفران بالضيق و أدار وجهه ليرحل إلى أن استوقفته كلمات كارو الآخيرة:
- هل وجدت لؤلؤة الشمس؟
قالها كاروا بجديه مفرطه على عكس البداية، فأجابه غفران بسرعةٍ و ذكاء:
- لم أفعل، هل وجدتها أنت؟
نظر له كارو بلؤمٍ ثم قال و هو يربط على حزامه الأسود في خصرة:
- لم أجدها، لكن لا تقلق
سأجدها بالفعل
إبتسم غفران بهدوءٍ على عكس البركان الذي بداخله ثم قال:
- بالتوفيق
قالها غفران ثم تركه و إلتفت للخلف، و هنا ملامحه تغيرت تمامًا و بدأ القلق يحل في معالم وجهه، لقد هدده كارو للتو بطريقة غير مباشرة، لم يفعل ذلك فقط، لقد ذكره بواقعه المخزي
لن ينتهِ من كون والدته أشهر راقصة في التاريخ، لانه سيتذكر ذلك كل عامٍ ويُعاير بها
حينما ينظر غفران لنفسه في المرآة و لا يجد أي فرق يشعر و كانه يريد قتل نفسه الآن
أن تعيش للأبد هو أسوأ شعور في العالم
عاد غفران إلى ذلك البيت الأشبه بالخيمه، حينها وجد سوفانا في ثباتٍ عميق
ومن هنا قرر انه لن ينتظر عامين.. سيرحل الآن هو و الطفلة
لانه كان مدرك تمامًا انه إذْ لم يفعل ذلك، سيجدها المسافرون و إذا حدث سيقتلونها
و هو لا يريد ذلك، يقنع نفسه أنه سيفعل ذلك و لا أحد غيره
لا يعرف لمَ يؤجلها لكنه يبرر لنفسه بأنه لن يقتل الأطفال، سينتظرها تكبُر أولًا ثم بعد ذلك يقتلها
و بعد قليل حزّم حقائبه و أغراضه و الطفلة، ورحلّ
لاحدثك قليلًا عن ذلك العالم، إنه مختلف تمامًا عن عالم البشر، أغلى شيء هناك هو الذكاء و أبخث شيء هو الغباء، جميعهم يمتلكون قدرات مميزّه ومختلفه
أجسادهم لا تشبه أجساد البشر، و لا وجوههم
أحدهم يمتلك ثلاثة أيادي و الآخر أربعة
و جوههم تشبه الثعالب بعض الشيء لكن بأنفٍ بشريّ
الزهور في كل مكانٍ و البحيرات لا تنتهِ، البيوت من الخشب و الأحجار و ملونين بألوانٍ زاهيه و جميلة و كأنهم قصورٌ عند البشر
يعيش هناك الكثير من البشريين و المتحولين، لكن أصلهم (فيلاكيكين) أي من عالم الفيلاك!
رحلة طويلة جدًا، إنها تتعلق بالزمن
ربما يستهلك الرحيل خمسةٍ و عشرون ليلة
لكن لا يهم، المهم أن يرحل قبل أن يجده المسافرون.
أول مرحلةٍ هي (جليد لوسيڤا)
عراكًا قويا بين(لوسيڤا) و (كريزس) لم يشهده سوى غفران و سوفانا الصغيرة
يقفان و يتحاروان بقوة
حيث دار بينهم ذلك الحوار:
- سهِرت الليالي أفكر فيكِ لوسيڤا، فكرت كيف يمكنني كسبكِ بكل الطرق
تغزلتُ بكِ ورقصت أمامك و عزفت لأجلكِ أعظم الألحان، أرسلتُ إليك كل رسائل الحُب عبر الهواء ثم تزينت لكِ و أستعرضت عضلاتي و قوتي
كل هذا فقط لتحبيني، لكنك لم تفعلي يا لوسيڤا، لقد حطمتي قلبي
كان يقف (كريزس) أمامها بالضبط و يحدثها و الغضب يعتليه، أما هي فكانت تنظر له بملامح خاليه، ثم قالت بلا مشاعر:
- كان عليك أن تعرف منذ البداية يا كريزس أن لوسيڤا لا تُحب!
نحن الذئاب لا نحب
صرّ كريزس على أنيابه بغضب ثم قال:
-لكنني فعلت، الذئاب أيضًا يشعرون
- لكنني لا أشعر، لا أمتلك قلب
إرحل من هنا
قالت الآخيرة بغضب و شرارة و بينما تلتفت للخلف لترحل.. وجدت غفران يقف و يتابع حديثمها و يحمل طفلًا بين ذراعيه
نظرت له لوسيڤا و أصرّت على أنيابها بغضب ثم تركتهم و رحلت، أخذت تركض في اتجاه الغابة بينما يقف كريزس غاضب بشدة
إقترب منه غفران بخطوات ثقيله ثم وقف أمامه بالضبط وقال:
- عنيدة كما كانت
حرك كريزس رأسه بنعم، ثم تحوّل مرة واحدة أمامه.. من ذئبٍ شرس ومخيف إلى إنسان جميل جدًا ذات ملامح نادرة وهادئه
فقال له غفران شاعرًا باليأس وينظر إلى الصغيرة التي بين يديه:
- أريد الرحيل الآن
ضيق كريزس عينيه وضم شفتاه ببعض الحزن
ثم قال بفضول:
- لن تعود مرة آخرى؟
أجابه:
- لا أعرف
حاول كريزس أن يتفهم الأمر، ثم بعد قليل نظر لتلك الجميلة بين ذراعيه وقال
- من هذه؟
صمت غفران لدقائق ثم أجابه بعد تفكير عميق
- إنها إبنتي
وسع كريزس عينيه غير مصدقًا ما تسمعه عينيه:
- ماذا تقول غفران؟ إبنتك كيف! متى ذلك
أقصد أنكم إنفصلتما أنت و (كانري) منذ زمن
كيف حدث هذا؟
كان يشعر بالضيق خاصةً بعد ذِكر إسمها
حتى أصبح لا يريد وصف شيء
تنفس بعمقٍ ثم قال:
- لا يهم الآن، جئت لأخذ شيء تركته هنا لوقت رحيلي
حرك كريزس رأسه بنعم:
- أجل اتذكر ..تعالَ معي
كان يقصد قلادته التي لا يمكن أن يدخل (الفيلاك) بدونها، قد تركها مع كريزس لفترة مؤقته بعد أن حاول أحدهم سرقتها.
ذهب غفران و كريزس معًا، كان يحدثه عن أرض الجليد و كيف أنها تغيرّت في أواخر أيامها
تعمقوا إلى منتصف الغابة و بدأ يشرح كيف أقتلعت الأشجار و النباتات الطبيعية وبدأ كل شيء هنا عبارة عن (حشرات) لم يرى مثلها أبدًا من قبل، حيث دار بينهم ذلك الحوار:
- لقد إنتهينا يا غفران، في أواخر هذا العام
هجمت على أرضنا الـ (ساموني) لقد أقتلعوا كل النباتات التي نتغزى عليها، و قتلو كل الحيوانات التي نأكلها.. حتى جاءت لحظة كدنا أن نأكل بعضنا
لكن لوسيڤا أنقذت الوضع، لجئت لبعض المستئذبين إلى أن تعود (غابة الجليد) كما كانت من قبل
لكننا في خوفٍ لا ينتهي أبدًا، مهددون كل يوم أن يهجمون علينا مرة آخرى، لقد علموا مؤخرًا أننا نحاول إحياء غابة الجليد من جديد و لذلك يهددوننا، و ذلك يشكّل خطرًا علينا
كان غفران يتابعه بدقه و يحرك رأسه بنعم، أي أكمل..
منذ تلك اللحظة و لوسيڤا ترفضني، أحيانًا أشعر أنها أنانيه لدرجة أنها تُفضل غابة الجليد عني و ذلك شيء مخزي للغاية
أجابه غفران متأثرًا:
- أولًا لوسيڤا ذكيه، إنها تفكر بشكلٍ صحيح ربما لا ترى من العشقِ منفعة الآن
لكن بعد أن ينتهي كل هذا..
سكتّ قليلًا ثم قال
- ستعود إليكَ حتمًا
يجب أن نفكر الآن في مخرج
توقف كريزس عن المشيّ ثم نظر لغفران و رمش عدة رمشات قائلًا:
- تُرى هل ستنتهي؟
- بالتأكيد
قالها غفران بثقه.
في أرض الساموني كانوا الضباع يتحاورون بخبثٍ، و يدبرون المكائد لغابة الجليد و هذه المرة كانت خطتهم مختلفه و دقيقه
يفكرون بهجومٍ قويّ يتحالفون فيه مع كل الغابات المجاورة ليحتلو غابة الجليد
كان من بينهم مستئذب من غابة الجليد يتجسس،
و حينما وصلّ الخبر للوسيڤا لم تتحمل
و قررت أن تتحالف ضدهم وكفى، دعتّ جميع المستئذبين في إجتماعٍ مهم
حتى وصل الخبر لكريزس الذي يجلس معه غفران و بين ذراعيه الطفلة..
كان قد أصرّ على الحضور هو الآخر.
في مكانٍ آخر
يجلس فاران بجانب زوجته و ولده وعلامات زرقاء في كل مكانٍ في وجهه
كانت تضم زوجته جروحه ببعض الأعشاب وهي منزعجه و حزينه على حال زوجها:
- لن تنتهي هذه اللعبة؟
إبتسم فاران وحرك رأسه يمينًا ويسارًا بمرح:
- لقد ربحت هذه المره، يجب أن تكوني سعيدة بدلًا من ذلك
و بينما ترّد عليه، وجدوا باب المنزل إقتلع من مكانه ففزعوا و أخذ الطفل يبكي
كان رجلًا يرتدي زيًا اسود و طويل و يخفي نصف وجهه تحت و شاحه الطويل الذيش لا يظهر منه سوى فمه
- من أنت؟ كيف تدخل بهذه الطريقة!
قالها فاران بغضب، فأجاب:
- لا أريد إثارة الضجة هنا، لذلك و بدون مقدمات أخبرني
أين غفران؟؟
توتر فاران قليلًا ثم أجاب يحاول الكذب:
- لا أعرف، لقد رحل ولم يخبرني إلى أين سيذهب
رفع الرجل رأسه قليلًا و إبتسمت شفتاه بخبث ثم تحرك خلف الباب قائلًا:
- حسنًا سأذهب الآن.. إلى اللقاء
أرتاح فاران و زوجته و هدأ الطفل قليلًا لكن قبل أن ينتهي نفسّهم الأول، كان ذلك المحتال قد سحب طفلهم بلمح البرق و رفع الخنجر على رقبته.. و قال:
- إذْ لم تخبرني الآن أين هو، لن ترى طفلك ثانيتًا
كان فاران في مصدومًا و لم يستيطع التحرك حتى من مكانه، فقالت زوجته بسرعه
- أنا أعرف، لقد رحل بلاده
إنه في طريقه الآن للفيلاك.
تلك الطفلة إذا أبقاها على قيد الحياة، سيعش بقيةِ حياته يحميها، ليس لأجلها بالضبط فهي لا تهمه بقدر ما بداخلها.. قتلها الآن هو الحل الأمثل من بين كل حلوله، فهو حينها سيحصل على مُراده لتعيش مملكته بسلام ، فعل كل ذلك من أجلها
كل هذه السنين الماضيه كان يحاول ليحصل على لؤلؤة الشمس وسيحصل عليها حتى و إن كان الثمن، هو روحها..
كان ذلك ما يدور في عقل غفران بعد أن نظر إلى عينيها لأول مرة، و تأكد من شكوكه
كانت تصرفاته متناقضه بعض الشيء، لأنه و برغم محاولة قتلها أكثر من مره، كان هو منقذها الوحيد، كان غفران لا يتحرك خطوة واحده دونها
شعر فاران أن غفران في آخر ثلاثة أشهر تعلّق بتلك الطفلة لدرجةٍ كبيره، حاول مناقشتة في هذا الموضوع أكثر من مرة حتى أصرّ عليه أن يتركها في بيت رعايةٍ للأطفال و يباشر حياته كما كانت من قبل، لكنه رفض بشدة
و قرر أنها حينما تكمل عامها الثاني سيأخذها لمملكته، و حتى هذه الفترة سيبقى هنا في هذه القلعة..
كان ذلك قراره الأخير..
في ليلةٍ باردة لا تشبه باقيها من الليالي كان (غفران) و (فاران) يجلسان أمام بعضهما في خيمةٍ متوسطه تحت ضوء بعض المعلقات الناريه الخشبيه قربهم و بجانب غفران كانت الصغيرة
نظر لها فاران ثم قال:
- عمرها ثلاثةِ أشهر، لحد الآن لم نعرف أسمها؟
فأجابه بعد تفكير:
- لم تسأل من قبل
لم يفهم فاران
فقال بمرح وهو يحرك رأسه نحو الطفلة و ينظر إلى فيروزتها الواسعه:
- ما رأيك في إسم (سيلا)؟ أظن أنه مناسب تمامًا
رفع غفران حاجبه قليلًا ثم حرك فمه معترضًا، حينها شعر فاران باليأس وقال:
- حسنًا، حسنًا
ما رأيك في إسم (ريالي)؟ أجده يليق بها
إنها طفلةً مميزه و جميلة و...
حرك غفران رأسه يمينًا ويسارًا برفض، فقال فاران بيأس مرة آخرى:
- إذًا، (روزي) ذلك الإسم أقرب لعينيها الفيروزيه العميقه
هنا شعر غفران بقليلٍ من الغيره، لم يكن يريد أن يرى عينيها أحدًا خوفًا من إكتشاف حقيقتها، يعرف أن صديقه أغبى من ذلك بدرجات
لكنه ظنه إنذارًا لأن ينتبه
و هنا لاحظ فاران نظراته الغريبه، كان يشعر أن هناك شيء يخفيه عنه لكنه تجاهل ذلك الشعور وقال:
- حسنًا دعني أفكر، ما رايك في إسم (رينا) إنه خفيفٌ ولطيف؟
شعر غفران بالضيق قليلًا، حتى و إن كانت تلك الأسماء جميلة و مميزه ومختلفه في حين أنه لم يعرف أسمها بعد
لن يسمح لأحد أن يسميها، لذلك قال بغضب:
- لا، لم يعجبني أيًا منهم
أعدل جلسته قليلًا ثم حملها و نظر إليها بعينيه الحادة نظرة مطاولة وقال:
- إسمها (سوفانا) لقد كان ذلك إسمها منذ ثلاثة أشهر، لكنك لم تسأل
حرّك فاران رأسه و أوسع عينيه بإعجاب قائلًا:
- هذا رائع، إسمٌ جميل حقًا
و مميز.. لكن ماذا يعني؟
وقف غفران على قدميه وهو يحمل الطفلة:
- يعني، اللؤلؤة الجميلة
- لؤلؤة؟ هذا رائع!
مرّت بعض الأيام بسلام، أتخذ غفران بيتًا قرب تلك القلعه ليعيش فيه وحده مع سوفانا، و كان يُحضر لها يوميًا إحدى النساء لتطعمها وتهتهم بها كونه لا يفهم في ذلك
لكنه إزداد قربًا منها و فهم ما تفعله المرأة بالظبط،
حتى بدأ يحفظ ملامحها و يراها تنموا أكثر أمام عينيه كل ليلة، كان عمله الوحيد في تلك الفتره صنع الدواء و معالجة البشر
كانت لديه قوات خاصة، حيث يقدر على صنع أي دواء في العالم لأيّ مرض
كان قد ارتاح قليلًا بالبعد عن فاران لأنه بدأ يتعلق بسوفانا و ذلك لا يريحه بالمره
ثم إن طفله الصغير أيضًا تعلق بها، كان يداعبها حتى تضحك
و هو لا يحب أن تضحك (سوفانا) لأحدٍ غيره
كان نائمًا في ثباتٍ عميق و بجانبه كانت سوفانا أيضًا
نظرةً عميقه من فتاةٍ طويلة و جميلة ذاتَ شعرٍ أسود و طويل، لديها عينان فيروزتان واسعتان و فاهٍ ورديّ و أنفٍ صغير منحوت و وجه دائري ناصع البياض
تقف أمام غابةٍ في الليل تحت ضوء القمر و تنظر لطفلةٍ صغيره على الأرض أمامها، طفلة لم تكمل عامها الأول بعد، تحمل الفتاة قوسًا به ثلاثةِ سهام
ثم أطلقتهم على الطفلة بغلٍ دفعةً واحده.
و هنا استيظ (غفران ) بسرعه و نظر أمامه بخوف ليطمئن على (سوفانا) فوجدها مستيقظه تحرك قدميها في الهواء بملل
هدأ قليلًا وأخذ يغلق عينيه براحةٍ، ثم فتحها دفعةً واحده و اعتدل مكانه و توقف في الحال
ثم نظر يساره و يمينه و خلفه و أمامه.. كان يشعر بشيء غريب
لقد تأكد من شعوره للتو حينما برقت عينيه، فهمس بغضب:
- (مُسافر)؟ لما جاء هنا!
شعر غفران بوجود أحد المسافرون بالقرب منه، ربما جاء ليبحث عن سوفانا
أخذ غفران الطفلة و وضعها بمكانٍ آمن في نفس البيت، ثم ذهب ليبحث ذلك المسافر
هرول إلى الخارج، و بحث عنه في كل مكانٍ و لم يجده حتى توقف في منتصف الغابة ينظر أمامه ويحاول معرفة أين هو بالضبط حتى شعر به وراء ظهره فإلتفت ينظر إليه، ليجده (كارو)! و هو أحد المسافرون الذين راقفوه لفترة طويلة..
كان يرتدي زيًا رسميا طويلًا باللون الأسود الفاتح ذات حزامًا في منتصف خصره باللون الأسود القاتم الذي لا يكاد يُرى من شدة الظلام
يشبه لزيّ غفران لكن غفران كان ثوبه سكريّ اللون و منهكًا بعض الشيء
يملك ملامحًا قوية، ذات شعر أشقر و طويل و عينان سوداويتان
كارو ماكر جدًا، أحيانًا يتحول من ذكي إلى خبيث لكن في قانون المسافرون لا يهم إن كان خبيث أو لا، المهم أنه ذكيّ
و بفضل ذلك الذكاء، ربما قد وجد غفران الآن
أعتدل غفران في جلسته محاولًا إخفاء ملامح القلق التي تعتليه منذ أن وجد كارو
ثم قال له بملامح ساخره:
- ماذا تفعل هنا يا كارو؟
إبتسم كارو بخبثٍ ثم قال يقترب منه خطوةً تلو الآخرى:
- إشتقت إليك يارجل، ثم أنني لا أنسى أبدًا أن اليوم عيد ميلادك الثلاثين!
صرّ غفران على أسنانه بلمحةٍ بسيطة دون أن يراه كارو ثم أجابه بنفس النبرة:
- حسنًا، يمكنك أن ترحل الآن
- أرحل؟
قالها كارو متعجبًا و كأنه لا يُصدق ما يسمع
فأكمل حديثه قائلًا:
- لا يمكن أن أرحل، لقد جئتُ للتو!
ثم أن صديقي اليوم عيد ميلاده الثلاثين للمرة الثانية..
نظر له بخبثٍ ثم تابع:
- أووه، لم أنسى حتى الآن أنك لن تكبر أبدًا
هذا مثير للضحك قليلًا! أعني أنني حين أكون عجوزًا ذوا الثلاثة أقدام ستكون أنت شابًا جميلًا كما الآن.. أنت الشخص الوحيد الذي يجب أن يحتفل بعيّد ميلاده و هو يضحك، لذلك قُل لي لمَ وجهكَ عابس الآن؟
شعر غفران بالضيق و أدار وجهه ليرحل إلى أن استوقفته كلمات كارو الآخيرة:
- هل وجدت لؤلؤة الشمس؟
قالها كاروا بجديه مفرطه على عكس البداية، فأجابه غفران بسرعةٍ و ذكاء:
- لم أفعل، هل وجدتها أنت؟
نظر له كارو بلؤمٍ ثم قال و هو يربط على حزامه الأسود في خصرة:
- لم أجدها، لكن لا تقلق
سأجدها بالفعل
إبتسم غفران بهدوءٍ على عكس البركان الذي بداخله ثم قال:
- بالتوفيق
قالها غفران ثم تركه و إلتفت للخلف، و هنا ملامحه تغيرت تمامًا و بدأ القلق يحل في معالم وجهه، لقد هدده كارو للتو بطريقة غير مباشرة، لم يفعل ذلك فقط، لقد ذكره بواقعه المخزي
لن ينتهِ من كون والدته أشهر راقصة في التاريخ، لانه سيتذكر ذلك كل عامٍ ويُعاير بها
حينما ينظر غفران لنفسه في المرآة و لا يجد أي فرق يشعر و كانه يريد قتل نفسه الآن
أن تعيش للأبد هو أسوأ شعور في العالم
عاد غفران إلى ذلك البيت الأشبه بالخيمه، حينها وجد سوفانا في ثباتٍ عميق
ومن هنا قرر انه لن ينتظر عامين.. سيرحل الآن هو و الطفلة
لانه كان مدرك تمامًا انه إذْ لم يفعل ذلك، سيجدها المسافرون و إذا حدث سيقتلونها
و هو لا يريد ذلك، يقنع نفسه أنه سيفعل ذلك و لا أحد غيره
لا يعرف لمَ يؤجلها لكنه يبرر لنفسه بأنه لن يقتل الأطفال، سينتظرها تكبُر أولًا ثم بعد ذلك يقتلها
و بعد قليل حزّم حقائبه و أغراضه و الطفلة، ورحلّ
لاحدثك قليلًا عن ذلك العالم، إنه مختلف تمامًا عن عالم البشر، أغلى شيء هناك هو الذكاء و أبخث شيء هو الغباء، جميعهم يمتلكون قدرات مميزّه ومختلفه
أجسادهم لا تشبه أجساد البشر، و لا وجوههم
أحدهم يمتلك ثلاثة أيادي و الآخر أربعة
و جوههم تشبه الثعالب بعض الشيء لكن بأنفٍ بشريّ
الزهور في كل مكانٍ و البحيرات لا تنتهِ، البيوت من الخشب و الأحجار و ملونين بألوانٍ زاهيه و جميلة و كأنهم قصورٌ عند البشر
يعيش هناك الكثير من البشريين و المتحولين، لكن أصلهم (فيلاكيكين) أي من عالم الفيلاك!
رحلة طويلة جدًا، إنها تتعلق بالزمن
ربما يستهلك الرحيل خمسةٍ و عشرون ليلة
لكن لا يهم، المهم أن يرحل قبل أن يجده المسافرون.
أول مرحلةٍ هي (جليد لوسيڤا)
عراكًا قويا بين(لوسيڤا) و (كريزس) لم يشهده سوى غفران و سوفانا الصغيرة
يقفان و يتحاروان بقوة
حيث دار بينهم ذلك الحوار:
- سهِرت الليالي أفكر فيكِ لوسيڤا، فكرت كيف يمكنني كسبكِ بكل الطرق
تغزلتُ بكِ ورقصت أمامك و عزفت لأجلكِ أعظم الألحان، أرسلتُ إليك كل رسائل الحُب عبر الهواء ثم تزينت لكِ و أستعرضت عضلاتي و قوتي
كل هذا فقط لتحبيني، لكنك لم تفعلي يا لوسيڤا، لقد حطمتي قلبي
كان يقف (كريزس) أمامها بالضبط و يحدثها و الغضب يعتليه، أما هي فكانت تنظر له بملامح خاليه، ثم قالت بلا مشاعر:
- كان عليك أن تعرف منذ البداية يا كريزس أن لوسيڤا لا تُحب!
نحن الذئاب لا نحب
صرّ كريزس على أنيابه بغضب ثم قال:
-لكنني فعلت، الذئاب أيضًا يشعرون
- لكنني لا أشعر، لا أمتلك قلب
إرحل من هنا
قالت الآخيرة بغضب و شرارة و بينما تلتفت للخلف لترحل.. وجدت غفران يقف و يتابع حديثمها و يحمل طفلًا بين ذراعيه
نظرت له لوسيڤا و أصرّت على أنيابها بغضب ثم تركتهم و رحلت، أخذت تركض في اتجاه الغابة بينما يقف كريزس غاضب بشدة
إقترب منه غفران بخطوات ثقيله ثم وقف أمامه بالضبط وقال:
- عنيدة كما كانت
حرك كريزس رأسه بنعم، ثم تحوّل مرة واحدة أمامه.. من ذئبٍ شرس ومخيف إلى إنسان جميل جدًا ذات ملامح نادرة وهادئه
فقال له غفران شاعرًا باليأس وينظر إلى الصغيرة التي بين يديه:
- أريد الرحيل الآن
ضيق كريزس عينيه وضم شفتاه ببعض الحزن
ثم قال بفضول:
- لن تعود مرة آخرى؟
أجابه:
- لا أعرف
حاول كريزس أن يتفهم الأمر، ثم بعد قليل نظر لتلك الجميلة بين ذراعيه وقال
- من هذه؟
صمت غفران لدقائق ثم أجابه بعد تفكير عميق
- إنها إبنتي
وسع كريزس عينيه غير مصدقًا ما تسمعه عينيه:
- ماذا تقول غفران؟ إبنتك كيف! متى ذلك
أقصد أنكم إنفصلتما أنت و (كانري) منذ زمن
كيف حدث هذا؟
كان يشعر بالضيق خاصةً بعد ذِكر إسمها
حتى أصبح لا يريد وصف شيء
تنفس بعمقٍ ثم قال:
- لا يهم الآن، جئت لأخذ شيء تركته هنا لوقت رحيلي
حرك كريزس رأسه بنعم:
- أجل اتذكر ..تعالَ معي
كان يقصد قلادته التي لا يمكن أن يدخل (الفيلاك) بدونها، قد تركها مع كريزس لفترة مؤقته بعد أن حاول أحدهم سرقتها.
ذهب غفران و كريزس معًا، كان يحدثه عن أرض الجليد و كيف أنها تغيرّت في أواخر أيامها
تعمقوا إلى منتصف الغابة و بدأ يشرح كيف أقتلعت الأشجار و النباتات الطبيعية وبدأ كل شيء هنا عبارة عن (حشرات) لم يرى مثلها أبدًا من قبل، حيث دار بينهم ذلك الحوار:
- لقد إنتهينا يا غفران، في أواخر هذا العام
هجمت على أرضنا الـ (ساموني) لقد أقتلعوا كل النباتات التي نتغزى عليها، و قتلو كل الحيوانات التي نأكلها.. حتى جاءت لحظة كدنا أن نأكل بعضنا
لكن لوسيڤا أنقذت الوضع، لجئت لبعض المستئذبين إلى أن تعود (غابة الجليد) كما كانت من قبل
لكننا في خوفٍ لا ينتهي أبدًا، مهددون كل يوم أن يهجمون علينا مرة آخرى، لقد علموا مؤخرًا أننا نحاول إحياء غابة الجليد من جديد و لذلك يهددوننا، و ذلك يشكّل خطرًا علينا
كان غفران يتابعه بدقه و يحرك رأسه بنعم، أي أكمل..
منذ تلك اللحظة و لوسيڤا ترفضني، أحيانًا أشعر أنها أنانيه لدرجة أنها تُفضل غابة الجليد عني و ذلك شيء مخزي للغاية
أجابه غفران متأثرًا:
- أولًا لوسيڤا ذكيه، إنها تفكر بشكلٍ صحيح ربما لا ترى من العشقِ منفعة الآن
لكن بعد أن ينتهي كل هذا..
سكتّ قليلًا ثم قال
- ستعود إليكَ حتمًا
يجب أن نفكر الآن في مخرج
توقف كريزس عن المشيّ ثم نظر لغفران و رمش عدة رمشات قائلًا:
- تُرى هل ستنتهي؟
- بالتأكيد
قالها غفران بثقه.
في أرض الساموني كانوا الضباع يتحاورون بخبثٍ، و يدبرون المكائد لغابة الجليد و هذه المرة كانت خطتهم مختلفه و دقيقه
يفكرون بهجومٍ قويّ يتحالفون فيه مع كل الغابات المجاورة ليحتلو غابة الجليد
كان من بينهم مستئذب من غابة الجليد يتجسس،
و حينما وصلّ الخبر للوسيڤا لم تتحمل
و قررت أن تتحالف ضدهم وكفى، دعتّ جميع المستئذبين في إجتماعٍ مهم
حتى وصل الخبر لكريزس الذي يجلس معه غفران و بين ذراعيه الطفلة..
كان قد أصرّ على الحضور هو الآخر.
في مكانٍ آخر
يجلس فاران بجانب زوجته و ولده وعلامات زرقاء في كل مكانٍ في وجهه
كانت تضم زوجته جروحه ببعض الأعشاب وهي منزعجه و حزينه على حال زوجها:
- لن تنتهي هذه اللعبة؟
إبتسم فاران وحرك رأسه يمينًا ويسارًا بمرح:
- لقد ربحت هذه المره، يجب أن تكوني سعيدة بدلًا من ذلك
و بينما ترّد عليه، وجدوا باب المنزل إقتلع من مكانه ففزعوا و أخذ الطفل يبكي
كان رجلًا يرتدي زيًا اسود و طويل و يخفي نصف وجهه تحت و شاحه الطويل الذيش لا يظهر منه سوى فمه
- من أنت؟ كيف تدخل بهذه الطريقة!
قالها فاران بغضب، فأجاب:
- لا أريد إثارة الضجة هنا، لذلك و بدون مقدمات أخبرني
أين غفران؟؟
توتر فاران قليلًا ثم أجاب يحاول الكذب:
- لا أعرف، لقد رحل ولم يخبرني إلى أين سيذهب
رفع الرجل رأسه قليلًا و إبتسمت شفتاه بخبث ثم تحرك خلف الباب قائلًا:
- حسنًا سأذهب الآن.. إلى اللقاء
أرتاح فاران و زوجته و هدأ الطفل قليلًا لكن قبل أن ينتهي نفسّهم الأول، كان ذلك المحتال قد سحب طفلهم بلمح البرق و رفع الخنجر على رقبته.. و قال:
- إذْ لم تخبرني الآن أين هو، لن ترى طفلك ثانيتًا
كان فاران في مصدومًا و لم يستيطع التحرك حتى من مكانه، فقالت زوجته بسرعه
- أنا أعرف، لقد رحل بلاده
إنه في طريقه الآن للفيلاك.