الفصلالحاديعشر
مرّ شهر كامل على تلك الأيام وعادت ليلى الى طبيعتها المعهودة ولكنها اكثر صلابةً وقسوة ولم تسمح لآدم بالإقتراب منها بل اقتصرت معاملته معها بوجود بناتها اللآتي أخذن موقف محايد من كُلّ ما يحدُث، بات البيت الذي كان مرتعًا للضحِك والمرح والسعادة ملجأً للصمت واليأس، وبالرغم من محاولات ليلى لجذب الفتيات لأيّ من الأشياء المُفرحة الّا انّهُ لا يظهر عليهنّ ايّ سرور، فقد بِتن فتيات راشدات ويدركن تماما ما يدورُ حولهُن.
- ميرال، من بالباب؟!
نظرت ميرال الى الزائرة غريبة الأطوار التي ترتدي ثوبًّا ازرقًا يلمع على ضوء الشمس ويبدوا ان شعرها قد أخذ منها مجهودًا جبارا ليبدوا بهذه النعومة ولكن ذلك قطعا لم يجعلها تبدوا اصغر سِنًّا كما تظُن بل يُظهرها عجوزًا مُتصابية.
- إنها انا يا ليلى.
هتفت وهي تزيح ميرال عن طريقها وتدلف قائلةً بمودّةٍ زائفة:
- اشتقتُ الى زوجة الغالي واتيتُ لأُسلّم عليها بما انها لم تعُد تسأل علينا.
- مرحبا يا كريمة، انرت يا عزيزتي.
استقبلتها ليلى بفتور مُدركة ان زوجة عمّ بناتها لا تُحبّها بل وهي من اوّل الشامتين بزواج آدم عليها ولكنها لا تُظهر ذلك العداء لأنها لا تستطيع مواجهتها.
- تفضلّي بالجلوس.
جلست كريمة وعينيها الصقريتين تتأملان ليلى بتدقيق، اللعنة عليها، وكأنما العُمرُ يزِدها جمالًا، حتى وهي بثياب البيت العادية خاليةً من الزينة تُثيرُ غيرتها.
- ميرال حضّري لنا قهوة.
- سادة يا فتاة.
قالتها لميرال بإستهانة وهي تتأملها من رأسها الى اخمُص قدميها وعندما دلفت للمطبخ التفتت الى ليلى وقالت لها:
- احترسي من هذه المرأة يا عزيزتي، فأنا لم احبها.
- ميرال؟ انا ارملة مسكينة ليس منها مخافة.
وجهت حديثها لضيفتها التي همست مبتسمةً ببراءة:
- ايّ امرأة تُشكّل خطرًا عليكِ، فبعد غيد يجب عليكِ الحذر من كُلّ النساء.
لم ترُدّ عليها بل ازدادت ابتسامتها اتساعا لتجيبها وقد وجّهت ضربتها الى الهدف مباشرةً:
- آدم سيّد الرجال، من حقّه ان يستمتع بشبابه طالما مع امرأةً تصغُره سنًّا وتحمل طفله.
اوصلت رسالتها عندما بهتت ملامح كريمة وهي تستشفّ الهجوم المُبطّن، فقد تزوّجت أخ آدم الأصغر الذي تكبره بأكثر من سبع سنوات، الّا انها تداركت صدمتها لترفرف برموشها الأصطناعية هامسة ببرود:
- معكِ حق، وبالتأكيد سينال مطلبه قريبًا وينجب ابنًا يحمِلُ اسمه، وميراثه، فكما تعلمين، للذكر مثل حظّ الأُنثيين اي انّ ابن غيد سينال بعد عُمرٍ طويل لأخي آدم، سينال الصبي نصف ثروة ابيه وستكون مُصيبة بناتكِ كُبرى إن حدث وانجبت الفتاة صبيًّا آخر، وهذا بالطبع امر وارد خاصّة وان الفتاة لازالت في مُقتبل عُمرها.
- فلنتحدّث دون مواربة يا كريمة، انا لا اهتم، اذا انجبت صبيّ ام عشرة، وبناتي لن يحتجن لشيء وانا على قيد الحياة، فكما تعلمين انا ابنة عمر الزيات ومهجة الجابر اي انّ اموالي التي يديرها اخي اطال الله عمره تشتري آدم وثروته.
كانت نبرتها منخفضة بالرغم من قوّتها ولم تفقد للحظة ابتسامتها المتعالية التي لم تستطع كريمة مجابهتها فاخفضت بصرها والحقد يتنامى بداخلها على هذه المرأة التي نالت فرصة الزواج من آدم بل ولم تنكسر عقب زواجه من أُخرى.
جاءت ميرال حاملة القهوة وعندما مدّتها لكريمة تعمدت الأخيرةُ دفع القهوة لتتساقط وتهتف بحنق:
- ماذا فعلتِ يا غبيّة.
اخذت الخادمة المسكينة ترتعدُ وتهمس بإعتذار:
- لم اقصد يا سيّدتي، والله لم اقصد.
- لا بأس يا حبيبتي، إذهبي واحضري منشفة لتمسحي المكان.
قالتها ليلى دون ان ترفع نظراتها نحو كريمة التي نهضت وهتفت بقهرٍ لم تستطع كبحه.
- حسنٌ يا ليلى، حسن.
تركتها تغادر لتهمس ورائها بحنق:
- حقيرة.
جائت ميرال وهي تحملٌ وعاء به منشفة التنظيف لتهمس اليها ليلى معتذرة:
- لا تؤخذيني، فضيفتي امرأة لا تُطاق، انا اعلمُ انها سكبتها عن قصد، لا عليكِ منها.
- انا من اعتذر عن خطئي.
راقبتها وهي تنحني لتمسح بقع القهوة من على الطاولة والرخام لتقول بتفكير:
- ميرال انتِ لم تخرُجي منذُ مجيئكِ للعمل عندنا، ما رأيك ان تتنزهي قليلًا وترفهي عن نفسك.
- هل يمكنني الخروج؟
قالتها بلهفة وقد ارادت ان تخرُج قليلًا لتومىء سيدتها بالإيجاب:
- بالطبع يمكنك.
دخلت لتجلب نقودا من حقيبتها واعطتها لها لتقول بحرج:
- لا يا سيدتي، انا امتلك نقودًا، يكفيني راتبي صدقيني.
دسّت بيدها النقود قائلة:
- الراتب هذا جزاء عملكِ اما هذه النقود فهديّة بسيطة منّي، هيا اذهبي لتستعدي ولا تنسي اشتري لنفسك بعض الثياب منها.
- حسنٌ سيّدتي.
قالتها بسعادة وهي تدعوا بداخلها ان تبقى هنا الى الأبد.
.
.
- صباح الخير يا فلك، كيف حالكِ؟
سمع عزيز صوتها يأتيه على الهاتف متحشرجًا ببكاءٍ فشلت في إخفاؤه:
- مرحبا يا عزيز.
- لماذا تبكين؟!
فاجأها سؤاله لتقول وهي تمسح دموعها:
- انا لا ابكِ.
احتدّت ملامحه وشعورًا غير مرغوب يجتاحه، فعلاقته بفلك ليست مجرد محاولة لنسيان حُب قديم، انها صديقة طفولته، يعرفها منذُ نعومة اظافرها ويجمعه بها الكثير من الناس والأمكنة، ولكن ما ان اصبحا راشدين انقطعت علاقتهما تمامًا واقتصرت على بعض الصُدف والتحايا من على البّعد، وتعرف حينها على غيد واحبّها واسس حياته على اساس وجودها الّا انها تركته فعاد ليوطد علاقته مع فلك ولا يدري لما يفعل ذلك، يشعره الأمر بالحقارة خاصّة وهو يُدرك مُسبقًا انها مُغرمةٌ به ولكنه لا يرغب بالإبتعاد عنها، على الأقل ليس الآن فوجودها بحياته يشبه غيمةً ظليلة في جحيم ايامه.
- ارغبُ برؤيتكِ، لنتحدّث وجها لوجه فربما حينها تُطلعينني على سبب بكائك.
قال بإصرار ونبرته الآمرة جعلت من طلبه امرًا واجب العمل واضاف عندما لم يجد منها رد:
- سأنتظركِ امام بيتكم بعد نصف ساعة.
اغلق الهاتف وتركها تسبحُ في حيرةٍ وفرحة برزت من عُمق حزنها، فكُلّ ما تمُرّ به من ظروف جعلها غير قادرة على التحمُّل، ودوما ما يكون لقائهما استراحة محارب تعود بعدها لمطحنة حياتها.
على الوقت تماما كانت تقف بالخارج لتجده بإنتظارها، على زاوية الشارع، بمظهره المألوف الذي يشبه في عنفوانه هذه الأرض وبيوتها العتيقة، يشبه موج البحر وهوائه العذب،ملوحته ..عمقه وغدره، يشبه كُلّ الأشياء التي احبتها طوال حياتها.
لمحها فإلتقت اعينهما لتزداد ارتباكًا وتتعثّر في سيرها بينما ابتسم اليها بحنان ونظراته تأبى مبارحتها الى ان وصلت اليه.
تأمل ثوبها الورديّ القصير الشبيه بثياب الأطفال وقد كان وجهها الصغير مُشتعلًا بخجلٍ فطري وابتسامةً رقيقة ترتسمُ على شفتيها التي لا زال طعمها اللذيذ بفمه، وهي تقِفُ امامه كطالبةٍ متحمسة لأول درس، لا ترغب بتفويت لحظة من هذه اللحظات الثمينة التي لا تتكرر فقد انتظرت فارس احلام مراهقتها طويلا ولن تسمح له بالإبتعاد بعد اليوم.
كانت واضحة، شفافة كمياه البحر يظهرُ ما بقلبها مباشرةً عبر عينيها، يظهرُ حُبًّا يعلمه منذ سنوات وكان يتجاهله خوفًا عليها فظروفه لم تسمح لأي فُرص للإتباط وكان يراها كحُلُمًا بعيد المنال فمن هو ليقطف زهرةً من اغلى زهور الحيّ؟! وما ان شعر بأنه على وشك الوقوع بغرامها ابتعد بأقسى الطُرُق، غادر الحيّ ليستقر بالعاصمة ويعمل هناك وقطع كل سبل التواصل بينهما وقابل هناك غيد، احبّها وجلبها الى هنا لتجد عمل فتلقّفها آدم واخذها ببساطة.
الآن عندما يشعُر بحُرقة الغدر يتذكّر انّهُ آلم فلك من قبل ودارت الحياة لتجعله يشعر بذات الوجع، هجرها دون ايّ مُبررات، لن يستطيع تخيُّل ما شعرت به في تلك الفترة، لقد كانت مراهقة صغيرة، بل طفلة لعِب هو بمشاعرها وابعدها بقسوة الّا انّ قلبها لا زال ملكه، فها هي تعود اليه بعد كل تلك السنوات، تطالعه بذات النظرة التي تجعله رجُلًا مزهوًّا بنفسه.
سارا عبر الشوارع القديمة وقلبها يرقُص بفرح وذكرياتهما تظلل قلبها لتمحو كُلّ سنوات الغياب، تلك السنوات التي ظنّت انها تموت فيها قبل ان يعود فجأةً كما غاب فجأة، ليُعيدها الى سطوته كما كانت.
عندما وصلا الى احد المقاهي ليجلسا قبالة البحر، كان الجو صحوا وبعض الغيوم تحجب اشعة الشمس عنهما الّا انّها لم تُفلِح بحجب عينيها الملتمعة عنه حيث تجلس امامه بينهما طاولة صغيرة يلعبُ هواء البحر بشعرها فيتناثرُ حول وجهها، كانت حزينة، ومُثقلة بهموم تفوق قدرة تحمُّلها ووجوده لم يكُن يُسعدها بل يجلبُ خوفًا مجهولًا لقلبها، ماذا إن تعلّقت به اكثر وغادر كما فعل قبل سنوات؟! ستتدمّر حينها، لن تتحمّل.
سالت دمعتان على خديها ليقترب بوجهه منها ويمسك يدها هامسًا بحُزن:
- لا تبكِ، انا لا أُحبّ رؤية دموعك.
يا إلهي! إنه هنا بالفعل، بعد كُلّ ذلك الغياب، بجانبها.. يمسك بيدها ويخبرها ان لا تبكِ ولا يدري انها بكت دمًا على فراقه وكادت ان تموت لولا وجود والدتها بجانبها.
ازدادت دموعها عندما قبّل يديها هامسًا بنبرةٍ هزّت اعماق قلبها:
- انا هنا، وسأمحو كُلّ اسباب حزنكِ، لن اكون جبانًا كما كُنتُ في الماضي، لن اترُككِ بعد اليوم، أنتِ قدري يا فلك ولا يمكن للمرء الهربُ من قدره.
بدت مشوشة وهي تسمعُ حديثه وخوفًا جديدًا يتفجّرُ بقلبها، خوفًا لذيذًا كرغبةٍ جامحة.
- سأذهبُ لوالدكِ بعد قليل، ومساءً سنأتي لطلب يدكِ.
فقد قلبها النبض لثوانٍ وظنّت انها تتوهّم الّا انّهُ قبض على يدها هامسًا بوعدٍ صريح:
- مساء اليوم، سيعلم الجميع انني أُريدك.
انهى حديثه بقُبلةٍ دامغةٍ على باطن كفّه وكأنما يكتِبُ ما قاله بطريقة اكثر فهمًا لقلبها بينما ظلّت هي تنظُرُ اليه وبقايا دموعها قد تلاشت ليحلّ محلّها أُخرى خفيفة، حلوة بطعم الفرح.
لم يبقيا طويلا وقد الهتها الفرحة عن حزنها على ما يحدث بالمنزل وبكامل رغبتها ارادت ان تظلّ معه على غيمتهما الورديّة التي ستتحوّل قريبًا الى عُشّ جميلٍ يجمعهُما الي الأبد وبدى هو راضيًا منتشيًا بسعادةٍ غريبة بالرغم من شعوره بمرارة الغدر، فلو كان بإمكانه الإعتراف لأخبرها بكُلّ شيء ولكنّهُ حينها سيخسرها وآخر رغباته في هذه الفترة ان يخسر وجودها في حياته، فقد صارت الشخص الوحيد الذي يُشعر نحوه بالمحبّة بعد ان ظنّ ان غيد قتلتها بداخله.
عند عودتها الى المنزل زال توتُّرها تمامًا وعادا كما كانا منذُ الطفولة صديقين حميمين دون حواجز، راحت تبتسمُ بسعادة عندما اشترى لها حلوى غزل البنات التي تحبّها، وسرق لها وردةً حمراء من بائع الورود العجوز، وامام بيتها تقدّم هذه المرّة دون خوف من نظرات الناس وتبعتهُ هي الى ان دلفت مدخل البناية ليودعها وكان هو من قبّلها هذه المرّة، قُبلة لا تشبه قُبلات الأصدقاء على الخدّين بل أُخرى لا ترقى لقُبلات العُشّاق، انها قبلتهما الخاصّة كحالة علاقتهما تمامًا، قُبلة التمسُّك بقارب النجاة وكان كلاهما غارقين يرغبان بالحياة.
دلفت الى البيت ولا زالت تحت تأثير تلك اللحظات الشبيه بحُلُم جميل، ولكنه ليس كذلك، انه واقعًا يجب عليها تصديقه، عزيز حبيبها سيأتي اليوم لخطبتها، دفعتها تلك الفكرة للهتاف بحماس:
- ليلى.. حور... حلا... ميرال، تعالو سريعًا.
ركضت اليها والدتها وميرال وقد كانتا بالمطبخ ليجداها تقِفُ بمُنتصف الحُجرة تمسكُ بيدها ما تبقى من الحلوى وعلى شعرها الوردة الحمراء وعلى شفتيها اجمل ابتسامة بالدُنيا، ابتسمت اليها كلاهما فقالت بسعادة:
- اليوم سيأتي عزيز ليطلُب يدي.
بهتت ابتسامة ليلى وهي تذكُر ذلك الشاب فقالت لها بهدوء:
- عزيز، القديم؟!
اجابتها ببساطة:
- نعم يا ليلى، عزيز حبيبي القديم عاد.
والتفتت قائلة لميرال:
هل يوجد ما يلزم لعمل كعكة وحلوى؟! ام انهم سيأتون على العشاء؟! على العموم ابدأي بتجهيز كُلّ شيء وسآتي لمساعدتكِ، يجب ان نستعد.
واعادت نظراتها الى والدتها التي تطالعها بريبة وقالت:
- اين البنات؟ يجب عليهنّ مساعدتي، ماذا سأرتدي يا تُرى؟!
اخذت تنظر لأطرف شعرها وقالت بشرود:
- اطرافه متقصّفة، يجب ان اقصّها، ليس لديّ وقت.
سحبتها ليلى لتجلسها على الأريكة وقالت تهدئ من روعها:
- إهدأي يا حلوتي، واخبريني اين وجدتِ عزيز؟ متى عاد من السفر؟ وكيف سامحته بهذه البساطة؟
نظرت حينها لوالدتها وقد شعرت بالذنب لإخفائها للأمر:
- لقد عاد منذُ بضعة اشهُر.
- وكنتما على تواصل؟!
اشتدّت نبرة ليلى لتجيبها فلك بخوف:
- لقد تقابلنا بضعة مرّات فقط يا أُمّي...
قاطعتها هاتفة بغضبٍ حقيقي:
- يبدوا انّني دللتُكِ كثيرًا يا فلك الى درجة انّكِ نسيتي بأنني والدتك، كيف تقابلين رجُلًا في الخفاء دون عِلمي؟ ماذا إن رآكم احد وقال لوالدكِ؟ سيقتُلكِ حينها دون ان يرِفّ له جفن.
شعرت فلك بخطئها ولم تستطِع الردّ على تقريع والدتها التي كاد عقلها ان يجِنّ وهي تدرك حقيقة ابتعادها عن ابنتها في الفترة الماضية، لقد انشغلت برثاء نفسها ولم تعُد تهتم بما يدور من حولها، يا إلهي! إنها فلك الكبيرة ماذا سيكون حال الصغيرات؟ تسلل اليها هلعٌ حقيقي من ان تكون إحدى التوأمتين قد وقعت ضحيّة وهم حُبّ المُراهقة، او ما هو اكبر من ذلك؟
شهقت حينها برُعب ووضعت كفّها على قلبها تهمسُ بداخلها برجاء:
- يا إلهي إحفظهن يا الله.
ربتت فلك على والدتها هامسة بتوسُّل وهي علي وشك البكاء:
- آسفة يا أُمّي، سامحيني ارجوكِ، انا فقط لم أُرِد ان أُثقِل عليكي.
- كم مرّة كذبتي عليّ؟! كم مرّة بكُلّ بساطة تخبرينني بأنك ستخرجين للقاء صديقاتكِ؟
- آسفة آسفة
قالتها وقد انخرطت في نحيب حزين وشعورها بالندم يتضاعف، لم تكُن تظُنّ انها قد ارتكبت خطأ عندما اخفت عنها الأمر، هي فقط ظنّت ان الوقت غير مناسب.
نظرت اليها ليلى بضيق وامرتها ان تذهب لغُرفتها، فهي غاضبة منها للغاية وغاضبة من نفسها اكثر.
.
.
وكان عزيز في ذلك الوقت يتقدم لمكتب آدم، يتواجه مع اكثر رجُلٍ يكرهه في حياته وهو مُجبرٌ على الإبتسام بلباقة، على الأقل الى ان يضمن موافقته على الزواج من فلك، وحينها سيفكر في اكثر طريقة قد توجعه وسيفعلها دون ان يرفّ لهُ جفن.
لن يكون عزيزًا إن لم يثأر لنفسه... لن يكون...
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
فصل جديد.
هل ستبقى حقيقة ميرال مخبئة ام ان بحر سيكتشفها؟!
ويا ترى ما هي علاقة بلال بميرال؟! ولماذا بحر ووالده خائفين منها؟
هل سيوافق آدم على طلب عزيز؟!
سنرى هذا واكثر منه ي الفصول القادمة.
سوف يكون هناك فصل آخر الخميس بإذن الله.
وانتظروا مفاجأة اخرى بالشهر القادم بإذن الله
مع حبي
فايا ❤❤❤
- ميرال، من بالباب؟!
نظرت ميرال الى الزائرة غريبة الأطوار التي ترتدي ثوبًّا ازرقًا يلمع على ضوء الشمس ويبدوا ان شعرها قد أخذ منها مجهودًا جبارا ليبدوا بهذه النعومة ولكن ذلك قطعا لم يجعلها تبدوا اصغر سِنًّا كما تظُن بل يُظهرها عجوزًا مُتصابية.
- إنها انا يا ليلى.
هتفت وهي تزيح ميرال عن طريقها وتدلف قائلةً بمودّةٍ زائفة:
- اشتقتُ الى زوجة الغالي واتيتُ لأُسلّم عليها بما انها لم تعُد تسأل علينا.
- مرحبا يا كريمة، انرت يا عزيزتي.
استقبلتها ليلى بفتور مُدركة ان زوجة عمّ بناتها لا تُحبّها بل وهي من اوّل الشامتين بزواج آدم عليها ولكنها لا تُظهر ذلك العداء لأنها لا تستطيع مواجهتها.
- تفضلّي بالجلوس.
جلست كريمة وعينيها الصقريتين تتأملان ليلى بتدقيق، اللعنة عليها، وكأنما العُمرُ يزِدها جمالًا، حتى وهي بثياب البيت العادية خاليةً من الزينة تُثيرُ غيرتها.
- ميرال حضّري لنا قهوة.
- سادة يا فتاة.
قالتها لميرال بإستهانة وهي تتأملها من رأسها الى اخمُص قدميها وعندما دلفت للمطبخ التفتت الى ليلى وقالت لها:
- احترسي من هذه المرأة يا عزيزتي، فأنا لم احبها.
- ميرال؟ انا ارملة مسكينة ليس منها مخافة.
وجهت حديثها لضيفتها التي همست مبتسمةً ببراءة:
- ايّ امرأة تُشكّل خطرًا عليكِ، فبعد غيد يجب عليكِ الحذر من كُلّ النساء.
لم ترُدّ عليها بل ازدادت ابتسامتها اتساعا لتجيبها وقد وجّهت ضربتها الى الهدف مباشرةً:
- آدم سيّد الرجال، من حقّه ان يستمتع بشبابه طالما مع امرأةً تصغُره سنًّا وتحمل طفله.
اوصلت رسالتها عندما بهتت ملامح كريمة وهي تستشفّ الهجوم المُبطّن، فقد تزوّجت أخ آدم الأصغر الذي تكبره بأكثر من سبع سنوات، الّا انها تداركت صدمتها لترفرف برموشها الأصطناعية هامسة ببرود:
- معكِ حق، وبالتأكيد سينال مطلبه قريبًا وينجب ابنًا يحمِلُ اسمه، وميراثه، فكما تعلمين، للذكر مثل حظّ الأُنثيين اي انّ ابن غيد سينال بعد عُمرٍ طويل لأخي آدم، سينال الصبي نصف ثروة ابيه وستكون مُصيبة بناتكِ كُبرى إن حدث وانجبت الفتاة صبيًّا آخر، وهذا بالطبع امر وارد خاصّة وان الفتاة لازالت في مُقتبل عُمرها.
- فلنتحدّث دون مواربة يا كريمة، انا لا اهتم، اذا انجبت صبيّ ام عشرة، وبناتي لن يحتجن لشيء وانا على قيد الحياة، فكما تعلمين انا ابنة عمر الزيات ومهجة الجابر اي انّ اموالي التي يديرها اخي اطال الله عمره تشتري آدم وثروته.
كانت نبرتها منخفضة بالرغم من قوّتها ولم تفقد للحظة ابتسامتها المتعالية التي لم تستطع كريمة مجابهتها فاخفضت بصرها والحقد يتنامى بداخلها على هذه المرأة التي نالت فرصة الزواج من آدم بل ولم تنكسر عقب زواجه من أُخرى.
جاءت ميرال حاملة القهوة وعندما مدّتها لكريمة تعمدت الأخيرةُ دفع القهوة لتتساقط وتهتف بحنق:
- ماذا فعلتِ يا غبيّة.
اخذت الخادمة المسكينة ترتعدُ وتهمس بإعتذار:
- لم اقصد يا سيّدتي، والله لم اقصد.
- لا بأس يا حبيبتي، إذهبي واحضري منشفة لتمسحي المكان.
قالتها ليلى دون ان ترفع نظراتها نحو كريمة التي نهضت وهتفت بقهرٍ لم تستطع كبحه.
- حسنٌ يا ليلى، حسن.
تركتها تغادر لتهمس ورائها بحنق:
- حقيرة.
جائت ميرال وهي تحملٌ وعاء به منشفة التنظيف لتهمس اليها ليلى معتذرة:
- لا تؤخذيني، فضيفتي امرأة لا تُطاق، انا اعلمُ انها سكبتها عن قصد، لا عليكِ منها.
- انا من اعتذر عن خطئي.
راقبتها وهي تنحني لتمسح بقع القهوة من على الطاولة والرخام لتقول بتفكير:
- ميرال انتِ لم تخرُجي منذُ مجيئكِ للعمل عندنا، ما رأيك ان تتنزهي قليلًا وترفهي عن نفسك.
- هل يمكنني الخروج؟
قالتها بلهفة وقد ارادت ان تخرُج قليلًا لتومىء سيدتها بالإيجاب:
- بالطبع يمكنك.
دخلت لتجلب نقودا من حقيبتها واعطتها لها لتقول بحرج:
- لا يا سيدتي، انا امتلك نقودًا، يكفيني راتبي صدقيني.
دسّت بيدها النقود قائلة:
- الراتب هذا جزاء عملكِ اما هذه النقود فهديّة بسيطة منّي، هيا اذهبي لتستعدي ولا تنسي اشتري لنفسك بعض الثياب منها.
- حسنٌ سيّدتي.
قالتها بسعادة وهي تدعوا بداخلها ان تبقى هنا الى الأبد.
.
.
- صباح الخير يا فلك، كيف حالكِ؟
سمع عزيز صوتها يأتيه على الهاتف متحشرجًا ببكاءٍ فشلت في إخفاؤه:
- مرحبا يا عزيز.
- لماذا تبكين؟!
فاجأها سؤاله لتقول وهي تمسح دموعها:
- انا لا ابكِ.
احتدّت ملامحه وشعورًا غير مرغوب يجتاحه، فعلاقته بفلك ليست مجرد محاولة لنسيان حُب قديم، انها صديقة طفولته، يعرفها منذُ نعومة اظافرها ويجمعه بها الكثير من الناس والأمكنة، ولكن ما ان اصبحا راشدين انقطعت علاقتهما تمامًا واقتصرت على بعض الصُدف والتحايا من على البّعد، وتعرف حينها على غيد واحبّها واسس حياته على اساس وجودها الّا انها تركته فعاد ليوطد علاقته مع فلك ولا يدري لما يفعل ذلك، يشعره الأمر بالحقارة خاصّة وهو يُدرك مُسبقًا انها مُغرمةٌ به ولكنه لا يرغب بالإبتعاد عنها، على الأقل ليس الآن فوجودها بحياته يشبه غيمةً ظليلة في جحيم ايامه.
- ارغبُ برؤيتكِ، لنتحدّث وجها لوجه فربما حينها تُطلعينني على سبب بكائك.
قال بإصرار ونبرته الآمرة جعلت من طلبه امرًا واجب العمل واضاف عندما لم يجد منها رد:
- سأنتظركِ امام بيتكم بعد نصف ساعة.
اغلق الهاتف وتركها تسبحُ في حيرةٍ وفرحة برزت من عُمق حزنها، فكُلّ ما تمُرّ به من ظروف جعلها غير قادرة على التحمُّل، ودوما ما يكون لقائهما استراحة محارب تعود بعدها لمطحنة حياتها.
على الوقت تماما كانت تقف بالخارج لتجده بإنتظارها، على زاوية الشارع، بمظهره المألوف الذي يشبه في عنفوانه هذه الأرض وبيوتها العتيقة، يشبه موج البحر وهوائه العذب،ملوحته ..عمقه وغدره، يشبه كُلّ الأشياء التي احبتها طوال حياتها.
لمحها فإلتقت اعينهما لتزداد ارتباكًا وتتعثّر في سيرها بينما ابتسم اليها بحنان ونظراته تأبى مبارحتها الى ان وصلت اليه.
تأمل ثوبها الورديّ القصير الشبيه بثياب الأطفال وقد كان وجهها الصغير مُشتعلًا بخجلٍ فطري وابتسامةً رقيقة ترتسمُ على شفتيها التي لا زال طعمها اللذيذ بفمه، وهي تقِفُ امامه كطالبةٍ متحمسة لأول درس، لا ترغب بتفويت لحظة من هذه اللحظات الثمينة التي لا تتكرر فقد انتظرت فارس احلام مراهقتها طويلا ولن تسمح له بالإبتعاد بعد اليوم.
كانت واضحة، شفافة كمياه البحر يظهرُ ما بقلبها مباشرةً عبر عينيها، يظهرُ حُبًّا يعلمه منذ سنوات وكان يتجاهله خوفًا عليها فظروفه لم تسمح لأي فُرص للإتباط وكان يراها كحُلُمًا بعيد المنال فمن هو ليقطف زهرةً من اغلى زهور الحيّ؟! وما ان شعر بأنه على وشك الوقوع بغرامها ابتعد بأقسى الطُرُق، غادر الحيّ ليستقر بالعاصمة ويعمل هناك وقطع كل سبل التواصل بينهما وقابل هناك غيد، احبّها وجلبها الى هنا لتجد عمل فتلقّفها آدم واخذها ببساطة.
الآن عندما يشعُر بحُرقة الغدر يتذكّر انّهُ آلم فلك من قبل ودارت الحياة لتجعله يشعر بذات الوجع، هجرها دون ايّ مُبررات، لن يستطيع تخيُّل ما شعرت به في تلك الفترة، لقد كانت مراهقة صغيرة، بل طفلة لعِب هو بمشاعرها وابعدها بقسوة الّا انّ قلبها لا زال ملكه، فها هي تعود اليه بعد كل تلك السنوات، تطالعه بذات النظرة التي تجعله رجُلًا مزهوًّا بنفسه.
سارا عبر الشوارع القديمة وقلبها يرقُص بفرح وذكرياتهما تظلل قلبها لتمحو كُلّ سنوات الغياب، تلك السنوات التي ظنّت انها تموت فيها قبل ان يعود فجأةً كما غاب فجأة، ليُعيدها الى سطوته كما كانت.
عندما وصلا الى احد المقاهي ليجلسا قبالة البحر، كان الجو صحوا وبعض الغيوم تحجب اشعة الشمس عنهما الّا انّها لم تُفلِح بحجب عينيها الملتمعة عنه حيث تجلس امامه بينهما طاولة صغيرة يلعبُ هواء البحر بشعرها فيتناثرُ حول وجهها، كانت حزينة، ومُثقلة بهموم تفوق قدرة تحمُّلها ووجوده لم يكُن يُسعدها بل يجلبُ خوفًا مجهولًا لقلبها، ماذا إن تعلّقت به اكثر وغادر كما فعل قبل سنوات؟! ستتدمّر حينها، لن تتحمّل.
سالت دمعتان على خديها ليقترب بوجهه منها ويمسك يدها هامسًا بحُزن:
- لا تبكِ، انا لا أُحبّ رؤية دموعك.
يا إلهي! إنه هنا بالفعل، بعد كُلّ ذلك الغياب، بجانبها.. يمسك بيدها ويخبرها ان لا تبكِ ولا يدري انها بكت دمًا على فراقه وكادت ان تموت لولا وجود والدتها بجانبها.
ازدادت دموعها عندما قبّل يديها هامسًا بنبرةٍ هزّت اعماق قلبها:
- انا هنا، وسأمحو كُلّ اسباب حزنكِ، لن اكون جبانًا كما كُنتُ في الماضي، لن اترُككِ بعد اليوم، أنتِ قدري يا فلك ولا يمكن للمرء الهربُ من قدره.
بدت مشوشة وهي تسمعُ حديثه وخوفًا جديدًا يتفجّرُ بقلبها، خوفًا لذيذًا كرغبةٍ جامحة.
- سأذهبُ لوالدكِ بعد قليل، ومساءً سنأتي لطلب يدكِ.
فقد قلبها النبض لثوانٍ وظنّت انها تتوهّم الّا انّهُ قبض على يدها هامسًا بوعدٍ صريح:
- مساء اليوم، سيعلم الجميع انني أُريدك.
انهى حديثه بقُبلةٍ دامغةٍ على باطن كفّه وكأنما يكتِبُ ما قاله بطريقة اكثر فهمًا لقلبها بينما ظلّت هي تنظُرُ اليه وبقايا دموعها قد تلاشت ليحلّ محلّها أُخرى خفيفة، حلوة بطعم الفرح.
لم يبقيا طويلا وقد الهتها الفرحة عن حزنها على ما يحدث بالمنزل وبكامل رغبتها ارادت ان تظلّ معه على غيمتهما الورديّة التي ستتحوّل قريبًا الى عُشّ جميلٍ يجمعهُما الي الأبد وبدى هو راضيًا منتشيًا بسعادةٍ غريبة بالرغم من شعوره بمرارة الغدر، فلو كان بإمكانه الإعتراف لأخبرها بكُلّ شيء ولكنّهُ حينها سيخسرها وآخر رغباته في هذه الفترة ان يخسر وجودها في حياته، فقد صارت الشخص الوحيد الذي يُشعر نحوه بالمحبّة بعد ان ظنّ ان غيد قتلتها بداخله.
عند عودتها الى المنزل زال توتُّرها تمامًا وعادا كما كانا منذُ الطفولة صديقين حميمين دون حواجز، راحت تبتسمُ بسعادة عندما اشترى لها حلوى غزل البنات التي تحبّها، وسرق لها وردةً حمراء من بائع الورود العجوز، وامام بيتها تقدّم هذه المرّة دون خوف من نظرات الناس وتبعتهُ هي الى ان دلفت مدخل البناية ليودعها وكان هو من قبّلها هذه المرّة، قُبلة لا تشبه قُبلات الأصدقاء على الخدّين بل أُخرى لا ترقى لقُبلات العُشّاق، انها قبلتهما الخاصّة كحالة علاقتهما تمامًا، قُبلة التمسُّك بقارب النجاة وكان كلاهما غارقين يرغبان بالحياة.
دلفت الى البيت ولا زالت تحت تأثير تلك اللحظات الشبيه بحُلُم جميل، ولكنه ليس كذلك، انه واقعًا يجب عليها تصديقه، عزيز حبيبها سيأتي اليوم لخطبتها، دفعتها تلك الفكرة للهتاف بحماس:
- ليلى.. حور... حلا... ميرال، تعالو سريعًا.
ركضت اليها والدتها وميرال وقد كانتا بالمطبخ ليجداها تقِفُ بمُنتصف الحُجرة تمسكُ بيدها ما تبقى من الحلوى وعلى شعرها الوردة الحمراء وعلى شفتيها اجمل ابتسامة بالدُنيا، ابتسمت اليها كلاهما فقالت بسعادة:
- اليوم سيأتي عزيز ليطلُب يدي.
بهتت ابتسامة ليلى وهي تذكُر ذلك الشاب فقالت لها بهدوء:
- عزيز، القديم؟!
اجابتها ببساطة:
- نعم يا ليلى، عزيز حبيبي القديم عاد.
والتفتت قائلة لميرال:
هل يوجد ما يلزم لعمل كعكة وحلوى؟! ام انهم سيأتون على العشاء؟! على العموم ابدأي بتجهيز كُلّ شيء وسآتي لمساعدتكِ، يجب ان نستعد.
واعادت نظراتها الى والدتها التي تطالعها بريبة وقالت:
- اين البنات؟ يجب عليهنّ مساعدتي، ماذا سأرتدي يا تُرى؟!
اخذت تنظر لأطرف شعرها وقالت بشرود:
- اطرافه متقصّفة، يجب ان اقصّها، ليس لديّ وقت.
سحبتها ليلى لتجلسها على الأريكة وقالت تهدئ من روعها:
- إهدأي يا حلوتي، واخبريني اين وجدتِ عزيز؟ متى عاد من السفر؟ وكيف سامحته بهذه البساطة؟
نظرت حينها لوالدتها وقد شعرت بالذنب لإخفائها للأمر:
- لقد عاد منذُ بضعة اشهُر.
- وكنتما على تواصل؟!
اشتدّت نبرة ليلى لتجيبها فلك بخوف:
- لقد تقابلنا بضعة مرّات فقط يا أُمّي...
قاطعتها هاتفة بغضبٍ حقيقي:
- يبدوا انّني دللتُكِ كثيرًا يا فلك الى درجة انّكِ نسيتي بأنني والدتك، كيف تقابلين رجُلًا في الخفاء دون عِلمي؟ ماذا إن رآكم احد وقال لوالدكِ؟ سيقتُلكِ حينها دون ان يرِفّ له جفن.
شعرت فلك بخطئها ولم تستطِع الردّ على تقريع والدتها التي كاد عقلها ان يجِنّ وهي تدرك حقيقة ابتعادها عن ابنتها في الفترة الماضية، لقد انشغلت برثاء نفسها ولم تعُد تهتم بما يدور من حولها، يا إلهي! إنها فلك الكبيرة ماذا سيكون حال الصغيرات؟ تسلل اليها هلعٌ حقيقي من ان تكون إحدى التوأمتين قد وقعت ضحيّة وهم حُبّ المُراهقة، او ما هو اكبر من ذلك؟
شهقت حينها برُعب ووضعت كفّها على قلبها تهمسُ بداخلها برجاء:
- يا إلهي إحفظهن يا الله.
ربتت فلك على والدتها هامسة بتوسُّل وهي علي وشك البكاء:
- آسفة يا أُمّي، سامحيني ارجوكِ، انا فقط لم أُرِد ان أُثقِل عليكي.
- كم مرّة كذبتي عليّ؟! كم مرّة بكُلّ بساطة تخبرينني بأنك ستخرجين للقاء صديقاتكِ؟
- آسفة آسفة
قالتها وقد انخرطت في نحيب حزين وشعورها بالندم يتضاعف، لم تكُن تظُنّ انها قد ارتكبت خطأ عندما اخفت عنها الأمر، هي فقط ظنّت ان الوقت غير مناسب.
نظرت اليها ليلى بضيق وامرتها ان تذهب لغُرفتها، فهي غاضبة منها للغاية وغاضبة من نفسها اكثر.
.
.
وكان عزيز في ذلك الوقت يتقدم لمكتب آدم، يتواجه مع اكثر رجُلٍ يكرهه في حياته وهو مُجبرٌ على الإبتسام بلباقة، على الأقل الى ان يضمن موافقته على الزواج من فلك، وحينها سيفكر في اكثر طريقة قد توجعه وسيفعلها دون ان يرفّ لهُ جفن.
لن يكون عزيزًا إن لم يثأر لنفسه... لن يكون...
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
فصل جديد.
هل ستبقى حقيقة ميرال مخبئة ام ان بحر سيكتشفها؟!
ويا ترى ما هي علاقة بلال بميرال؟! ولماذا بحر ووالده خائفين منها؟
هل سيوافق آدم على طلب عزيز؟!
سنرى هذا واكثر منه ي الفصول القادمة.
سوف يكون هناك فصل آخر الخميس بإذن الله.
وانتظروا مفاجأة اخرى بالشهر القادم بإذن الله
مع حبي
فايا ❤❤❤