الفصل السادس تحت المراقبة
منذ الصباح الباكر سافر الاثنان "أحمد وميرنا" إلى روسيا تحت أسماء مزيفة، وعند وصولهم المطار اتجهوا إلى محطة القطارات، والتحقوا بأول قطار سريع ذهاب إلى مدينة "ناخودكا".
وصلوا إلى المدينة في منتصف الليل، وعند داخلهم المدينة بحثوا عن أقرب فندق حتى يقضوا في الليل وينتظرون مجيء الصباح.
وعند شروق صباح ثاني يوم تقابلوا في مطعم الفندق، وتناول الإفطار بهدوء قبل إنهاء الحجز ومغادرة الفندق.
بعد ذلك تم استئجار سيارة، واتجهوا إلى عنوان المنزل الآمن للمخابرات الخاصة داخل المنطقة الذي يقع بالقرب من القلعة التي يوجد بها قصر رئيس عصابة المافيا الإرهابية الروسية.
عند وصلهما سكنوا المنزل بهدوء يراقبون نشاطات المافيا عن بعد دون لفت انتباه أحد، وبعد مرور ساعتين تم طرق الباب.
ذهب “أحمد” يفتح الباب، وكان المخبر الروسي الذي وضعته المخابرات من أجل مراقبة الأوضاع داخل البلاد.
لحظة مقابلتهم؛ بدأ بالترحيب والسؤال:
- مرحبا كيف حالكم؟ هل ينقصكم شيء في هذا المنزل!.
أجابه "أحمد":
- لا كل شيء على ما يرام.
نظرت إليه "ميرنا"، تسأله بفضول:
- هل وجدت شيء جديد؟
تنهد المخبر وقال:
- لا للأسف هؤلاء الرجال ليس مجرمين بسطاء، وليس من السهل الوصول إليهم والدخول بينهما.
- وماذا عن التحقيق الذي أرسلته إليك وطلبت مساعدتك به!
- لا أجد شيء حتى الآن لأن الشخص الوحيد الذي دخل إلى روسيا هو.
حدق في "أحمد" يرمقه بنظرة بشك وأكمل حديثه:
- كان فور الشخص الوحيد الذي دخل الدولة من ضم كل الأشخاص الذين تم إرسال بياناتهم.
حملقت "ميرنا" به بنظراتها الحادة تجاه "أحمد" ترمقه بنظرة خوف وحيرة جعلته يصاب بخيبة أمل ويأس.
حزن "أحمد" بشدة، وخفض بنظره إلى الأرض حزنًا، واقترب من "ميرنا" وسألها بإحباط وكسرة قلب:
- وان هل تشعرين بعدم الثقة والشك!
كانت "ميرنا" بالفعل بعد حادث صديقتها المقربة اتخذت قرارها بعدم الثقة بأحد، ولكن كان البؤس والإحباط الذي يظهر على وجه "أحمد" جعلها تشعر بالذنب.
نظرت داخل عيناه التي يخيم عليها الحزن؛ وشعرت بقليل من التوتر والذنب وقالت:
- ليس هذا كما تعتقد، ولكن.
- ولكن ماذا؟
- أنت من يخفي الأمور، ولم تتحدث بالحقائق فأنه ذنبك وحدك.
- وهل ذلك يعطيكِ الحق في الشك بي!
- نعم ذلك ما يجعلني أشك بك رغم كل محاولاتي الفاشلة في عدم الشك بك.
شعر "أحمد" بخيبة أمل في رفيقته التي يشعر تجاهها بالحب والإخلاص، تلك الصديقة التي تشك به، ولم تثق به أبداً.
قاطع المخبر حديثهم وقال:
- سوف أذهب الآن، أن حدث شيء جديد اتصلوا على الرقم الذي لديك.
أجابته "ميرنا":
- حسناً سوف أفعل أذهب الآن للقيام بعملك.
وأخبره "أحمد" بهدوء:
- راقب الوضع عن بعد، ولا تقترب كثيراً حتى لا تلفت الانتباه، وأن ظهر جديد لا تتأخر في أخبرنا.
أجابه المخبر:
- بالتأكيد إلى اللقاء.
"وبعد ذلك خرج المخبر خلسة".
جلس "أحمد" على الأريكة المجاورة من النافذة يوجه إلى الخارج يراقب الوضع بعينه، ويراقب قلعة الأعداء في صمت وحزن.
جلست "ميرنا" تراقب "أحمد" في صمت يشعرها بالفضول من هذا الشخص أكثر، هذا الشخص الذي يصاحبه غضب مكبوت داخل قلبه دون أن يصرخ.
ظلت تتساءل "ميرنا":
- ما الذي يخفيه أحمد، ولا يريد قوله وإخراجه إلى الخارج.
بعد مراقبة القلعة التي استمرت إلى ثلاثة أيام؛ جاءت أخبار إلى "ميرنا" من المخبر، يطلب منها المجيء إلى السفارة بالعاصمة لحضور اجتماع طارئ.
كان ملخص الاجتماع يخص مناقشة خطورة مراقبة المافيا الروسية من المخابرات في الوقت الحالي داخل البلاد بسبب الأوضاع الدولية والحكومة المهتزة الحالية في روسيا.
بعد انتهاء الاجتماع خلال عودتها من عاصمة روسيا إلى مدينة "ناخودكا"، بعد التحاقها وصعودها القطار السريع حدث أمر غريب، وبدأ هذا عندما جلست داخل مقصورتها الخاصة بالقطار السريع.
حين شعرت بالجوع فجأة؛ وخرجت للبحث على طعام، والذهاب إلى مقصورة الطعام داخل القطار.
عندها وجدت شاب وسيم في عقده الخامس والثلاثون تقريباً؛ كان هذا الشاب يقف أمام عربة استراحتها يقف بتوتر يستند بظهره على النافذة الزجاج الكبيرة، وتظهر عليه أعراض آلام الشديدة.
اقتربت "ميرنا" من هذا الشخص حتى تطمئن عليه، وبدأت تسأله باللغة الروسية التي تقطنها بطلاقة مثل أهل الدولة وقالت:
- هل أنت بخير؟
أخرج هذا الشاب سلاحه، وضعه على معدة "ميرنا"، وأخبرها :
- خذني إلى عربتك دون حركة وصمت.
في البداية لم تعلم "ميرنا" ما الذي يحدث ومن هذا الرجل، لذا قررت إلا تتصرف بتهور حتى تجمع خيوط ما يحدث.
كانت "ميرنا" تستطيع الأنقاض عليه، والتغلب عليه بسهولة من أجل محاولة إيقافها، ولكن شعرت بحركة غير طبيعية بالقطار.
لذا لم تتسرع في التصرف بتهور، ووافقت على طلبه، وفعلت كما أرادت دون إظهار مشاعرها بسذاجة وبراءة.
بعد دخولهم عربتها الخاصة أغلاق الرجل المصاب الباب بالقفل، ووقع السلاح الناري من يديه على الأرض.
عندما نظرت إليه وجدته بالكاد يستطع التماسك، والصمود من السقوط على الأرض لذا ساندته من خصره، أوصلته إلى سرير النوم الصغير.
عندما ساعدته تمنعه من السقوط، حين قامت بمساعدته، كان هذا الوقت عندما بدأ هذا الرجل الغريب في الشعور بأحاسيس عشق ورومانسية تجاه "ميرنا" دون أن يدرك ماهيتها.
بدأ الدماء يظهر تدريجياً من قميص الرجل الأبيض الذي يلبسه تحت البدلة السوداء؛ عندها رفعت “ميرنا” القميص بهدوء حتى تنظر إلى الجرح، حينها بدأ الدماء في الانفجار والنزيف بغزارة.
أسرعت "ميرنا" في كتم الجرح بيديها العاريتين، وبعد ذلك فتحت حقيبتها، واستخدمت ما بداخلها من عدة الإسعافات البسيطة من أجل إيقاف الدماء وإنقاذ حياته، ولكن هل سيصبح إنقاذ هذا الشاب، وهذا العمل الخيري شيء سوف تأسف وتندم عليه ميرنا كثيراً خلال حياتها في المستقبل.
بدأ الشاب في الاستيقاظ، والإدراك،والوعي بما يحدث من حوله؛ وحينها شاهد ملامح “ميرنا” بوضوح أكبر عن قرب، حينها تفاجئ عندما وجد أمامه امرأة خارقة الجمال.
تملك شعر قصير أسود اللون، ناعم كالحرير، وغامق كالليل يلمع كالنجوم وسط السماء، وتمتلك بشرة صافية بيضاء تبرز كالقمر تزينها الخدود الحمراء الملتهبة، وكانت هذه بداية ظهور مشاعره رومانسية من هذا الرجل تجاه “ميرنا”.
عندما عاد إلى وعيه؛ وجد أمامه امرأة في غاية الجمال، تحاول بكل طاقتها إنقاذ حياته بكل اخلاص؛ تهدر كل ما تملك من قوة وطاقة حتى يعالج جرحه الملتهب، وكان ذلك سبباً كافياً حتى تجعله يقع في حبها بجنون.
عندما وصل القطار إلى المحطة؛ نظرت "ميرنا" إلى هذا الشاب الوسيم النائم بشفقة وقالت بصوت خافض:
- لقد فعلت كل ما استطيع فعله، لأن مصيرك وحياتك سوف أتركه بين يد الله وحده من يستطيع إنقاذك.
كانت "ميرنا" تعلم أنها الآن ليست مؤهلة حتى تنقذ شخص أخر في هذه البلدة الخطيرة؛ لذا تركت الشاب النائم بمفردة في مقصورة القطار يلتقي بمصيره الخاص، وخرجت من القطار ورحت بعدما أغلقت عليه باب المقصورة .
نزلت "ميرنا" من القطار مسرعةً قبل أن تسحب إلى مشكلة لا تخصها بشيء تضعها في وضع محرج وخطر، وعند خروجها من محطة القطار؛ وجدت "أحمد" ينتظرها أمام المحطة بسيارة مستأجرة، صعدت إلى السيارة، وقاد السيارة حتى يأخذها إلى المنزل الآمن.
أثناء القيادة لاحظ "أحمد" بالصدفة أسورة اكمام يديها، ووجد بها آثار بقعة دماء باهتة صغيرة، فسألها بخوف وقلق:
- هل أنتِ مصابة؟!
- لا هذه ليست دمائي.
- هل أنتِ بخير؟!
- أنا بخير لا تقلق.
- إذن لماذا يوجد دماء على ملابسك؟!
- هذا موضوع كبير سوف أقصى عليك في وقت آخر.
- حسنا كما تريدين.
عندما وجدت "ميرنا" نظرات القلق والخوف الظاهرة والواضحة في عينيه؛ أرادت أن تجعله يهدأ قليل من هذا الإحساس الممتلىء بالخوف والقلق الواضح جداً على وجهه.
لذا أخبرته:
- كل ما في الأمر أني وجدت شخص مصاب على القطار وقمت بمساعدته هذا كل ما حدث.
- هذا خطأ كبير يا وان يجب أن نجلس بهدوء، ولم يشعر أحد بوجودنا داخل هذا المكان لأنه صغير جداً وسهل كشفنا به.
- لا تقلق أظن أنه سوف يموت أن لن يجد أحد كي ينقذه في الوقت المناسب.
- ولكن ما كان يجب عليكِ التدخل في ما لا يعنينكِ.
- أعلم ذلك؛ ولكن الأمر حدث بالفعل وانتهي، لذا انسى هذا الأمر.
- كما تريدي يا وان.
- أخبرني الآن هل يوجد جديد؟ هل حدث شيء خلال غيابي!
- لا كانت الأوضاع مستقرة وهادئة خلال هذين اليومين ولكن.
- ولكن ماذا؟
- لا أعلم.
- كيف لا تعلم؟!
- كل ما في الأمر أشعر بوجود شيء غريب يحدث داخل القلعة منذ أمس، ولكن لم أستطع التوصل إلى شيء بعد.
- وماذا عن المخبر لم يخبرك بشيء؟!
- لا مازال يبحث في الأمر.
- حسناً لننتظر الأخبار.
تنهدت "ميرنا" وقالت بيأس:
- كم أتمنى الدخول إلى هذا المكان في الداخل، ومعرفة عن كل ما يحدث.
- أنتِ تعلمين أن هذا الأمر من رابع المستحيل تحقيقه.
- أعلم ذلك أنه فقط مجرد تتمني.
وصل "أحمد" بالسيارة إلى مكان قريب من المنزل، وتوقف فجأة فسألته "ميرنا" بفضول:
- ماذا يحدث؟ لماذا توقفت فجأة يا فور؟!
- أظن أن المنزل الآمن قد تم كشفه.
سألته "ميرنا" بفزع:
- ماذا قالت؟
نظرت "ميرنا" أمامها من خلال نافذة السيارة الزجاج الأمامي، ووجدت أمامها رجال المافيا يخرجون من المنزل الآمن فسألت "أحمد" بقلق وحيرة:
- كيف علموا عن هذا المكان؟!
- كان هذا شيء متوقعاً منذ البداية، ولكن هذا جيد.
- ما هو الجيد؟!
- أننا ليس في الداخل.
- فعلا هذا جيد.
- ماذا أفعل الآن؟
تنهدت "ميرنا"، وتحدثت بهدوء واستسلام :
- وان أذهب إلى أقرب مطعم أريد أن أتناول الطعام .
- عما تتحدثين؟!
- أفعل كما أخبرك.
- أذا فعلنا ذلك سوف يتم الإمساك بسهولة، والقبض علينا من العصابة؟!
- هذا أمر أستمع لما أخبرك به.
نفذ "أحمد" الأمر بطاعة وهدوء رغم عدم الاقتناع به، وذهب إلى أقرب مطعم.
دخلوا المطعم واختارت "ميرنا" أفضل مكان للجلوس، وبعد جلوسهما تم طلب الطعام، وبدأت في تناول الطعام باستمتاع حتى هجم رجال المافيا على المطعم، وبدأ في البحث بين الجالسين بالمطعم.
أقترب أحدهما من الاثنان "أحمد، ومنى" الجالسين يتناولون الطعام بهدوء وقال:
- لقد تم القبض عليها.
نظر إلى أحد الرجال الأضخم جسدياً بينهما وقال:
- أخذهم إلى القصر.
نظرت "ميرنا" إلى "أحمد"، وسألته بصوت منخفض:
- لماذا جاءوا إلينا؟ هل ترك أدلة في المنزل!
- لا لم أفعل ذلك.
- أذن كل شيء بخير حتى الآن.
- أظن ذلك.
- هذا جيد.
كان "أحمد" يتحدث بتوتر ورعب؛ وكانت "ميرنا" تنظر إليهم بصدمة دون التحدث بكلمة واحدة، وبعد فترة من عدم التركيز لاحظت "ميرنا” أنهم يبحثون عن شخص بصورة بيديهم.
نظرت "ميرنا" إلى “أحمد” بشجاعة وكبرياء وقوة إرادة قالت:
- فور الآن سوف يتم خطفنا.
فزع "أحمد" وسألها بصوت مرتفع:
- ماذا تقصدين!
- فور تماسك جيداً وكن واثق بأنه لم يحدث لنا شيء.
- حسنا يا وان أثق بكِ.
- منذ الآن لا تتحدث أبداً وأترك إلي الأمر.
دخل رجال المافيا المطعم وحاوطوا بأجسامهم الطاولة التي تجلس بها "ميرنا، وأحمد".
أخرج أحد الرجال هاتف ينظر إلى صورة تخص "ميرنا" بحيرة لعدم وضوحها ويسأل أحد رجاله الذي بجواره:
- أنها تشبه كثير الفتاة التي بالصورة، ولكن لا أعلم إن كانت هي نفس الشخص أما لا.
- إذن لنأخذها ونعرضها على الزعيم وهو سوف يتعرف عليها؟!
- أظن أنك محق في ذلك.
كانت “ميرنا” تفكر في هذا الموقف أنه إثبات على براءة أحمد من الخيانة؛ لأنه من المستحيل أن يعرض حياته للخطر أثناء قيامه بالمهمة، وإذا كان هو الخائن الذي غدر بالفريق كان سوف يؤمن نفسه أولاً".
ولكن "ميرنا" كانت تشعر بشيء مختلف يحدث هذه المرة، ورغم محاولتها الناجحة في التماسك بأعصابها، وعدم الاستسلام للانهيار حتى تجد مخرج ينقذهم من هذا الفخ المريب.
بعد ذلك تم سحب "ميرنا و أحمد" إلى أحدى سيارات المافيا بالقوة، وتم أخذهم إلى القصر، وتم سجنهم في غرفة مغلقة بالطابق الثالث، وأقفل عليهم لمدة ثلاثة أيام لم يدخل إليهم أحد أو شيء غير الطعام والمياه.
سألها "أحمد" وهو يرتجف:
- ماذا سنفعل الآن؟!
- سوف نرتجل.
- كيف ذلك؟ ونحن لا نعلم لماذا تم أخذنا!
- أن أراد هؤلاء الرجال قتلنا لكن حدث ذلك قبل مجيئنا، ولكن ما يحدث الآن له معنى واحد.
- ما هو!
- أنهم يريدون منَ شيء آخر.
- هل تظني ذلك؟!
- أنا متأكدة من ذلك.
- وأنا أظن ذلك أيضاً.
- أنت أيضاً؟
- نعم لأني أشعر بوجود شيء غير طبيعي يحدث في هذا الأمر.
- أتساءل ما الذي يحدث؟ ولماذا هؤلاء الرجال لا يشعرون بالخوف أو التهديد ولا يهمها حقيقتنا أو خلفيتنا!
- لا أعرف
ولكن إن تم كشفنا سوف نقتل فورا
- بالتأكيد هناك شيء لا نعلم عنها.
- أظن ذلك أيضاً ولكن.
- ولكن ماذا؟
- هل تعلم أن وجدنا على قيد الحياة حتى الآن شيء جيد.
- ليس ضروري أن يكون شيء جيد ولكنه بالتأكيد ليست شيء سيء.
- أتمنى ذلك.
"بعد عدة أيام تم فتح الباب من الخارج، عندما فتح باب الغرفة شعر الاثنان بالرعب والفزع، باعتقادهم أن نهايتهم شارفت على النهاية"
وصلوا إلى المدينة في منتصف الليل، وعند داخلهم المدينة بحثوا عن أقرب فندق حتى يقضوا في الليل وينتظرون مجيء الصباح.
وعند شروق صباح ثاني يوم تقابلوا في مطعم الفندق، وتناول الإفطار بهدوء قبل إنهاء الحجز ومغادرة الفندق.
بعد ذلك تم استئجار سيارة، واتجهوا إلى عنوان المنزل الآمن للمخابرات الخاصة داخل المنطقة الذي يقع بالقرب من القلعة التي يوجد بها قصر رئيس عصابة المافيا الإرهابية الروسية.
عند وصلهما سكنوا المنزل بهدوء يراقبون نشاطات المافيا عن بعد دون لفت انتباه أحد، وبعد مرور ساعتين تم طرق الباب.
ذهب “أحمد” يفتح الباب، وكان المخبر الروسي الذي وضعته المخابرات من أجل مراقبة الأوضاع داخل البلاد.
لحظة مقابلتهم؛ بدأ بالترحيب والسؤال:
- مرحبا كيف حالكم؟ هل ينقصكم شيء في هذا المنزل!.
أجابه "أحمد":
- لا كل شيء على ما يرام.
نظرت إليه "ميرنا"، تسأله بفضول:
- هل وجدت شيء جديد؟
تنهد المخبر وقال:
- لا للأسف هؤلاء الرجال ليس مجرمين بسطاء، وليس من السهل الوصول إليهم والدخول بينهما.
- وماذا عن التحقيق الذي أرسلته إليك وطلبت مساعدتك به!
- لا أجد شيء حتى الآن لأن الشخص الوحيد الذي دخل إلى روسيا هو.
حدق في "أحمد" يرمقه بنظرة بشك وأكمل حديثه:
- كان فور الشخص الوحيد الذي دخل الدولة من ضم كل الأشخاص الذين تم إرسال بياناتهم.
حملقت "ميرنا" به بنظراتها الحادة تجاه "أحمد" ترمقه بنظرة خوف وحيرة جعلته يصاب بخيبة أمل ويأس.
حزن "أحمد" بشدة، وخفض بنظره إلى الأرض حزنًا، واقترب من "ميرنا" وسألها بإحباط وكسرة قلب:
- وان هل تشعرين بعدم الثقة والشك!
كانت "ميرنا" بالفعل بعد حادث صديقتها المقربة اتخذت قرارها بعدم الثقة بأحد، ولكن كان البؤس والإحباط الذي يظهر على وجه "أحمد" جعلها تشعر بالذنب.
نظرت داخل عيناه التي يخيم عليها الحزن؛ وشعرت بقليل من التوتر والذنب وقالت:
- ليس هذا كما تعتقد، ولكن.
- ولكن ماذا؟
- أنت من يخفي الأمور، ولم تتحدث بالحقائق فأنه ذنبك وحدك.
- وهل ذلك يعطيكِ الحق في الشك بي!
- نعم ذلك ما يجعلني أشك بك رغم كل محاولاتي الفاشلة في عدم الشك بك.
شعر "أحمد" بخيبة أمل في رفيقته التي يشعر تجاهها بالحب والإخلاص، تلك الصديقة التي تشك به، ولم تثق به أبداً.
قاطع المخبر حديثهم وقال:
- سوف أذهب الآن، أن حدث شيء جديد اتصلوا على الرقم الذي لديك.
أجابته "ميرنا":
- حسناً سوف أفعل أذهب الآن للقيام بعملك.
وأخبره "أحمد" بهدوء:
- راقب الوضع عن بعد، ولا تقترب كثيراً حتى لا تلفت الانتباه، وأن ظهر جديد لا تتأخر في أخبرنا.
أجابه المخبر:
- بالتأكيد إلى اللقاء.
"وبعد ذلك خرج المخبر خلسة".
جلس "أحمد" على الأريكة المجاورة من النافذة يوجه إلى الخارج يراقب الوضع بعينه، ويراقب قلعة الأعداء في صمت وحزن.
جلست "ميرنا" تراقب "أحمد" في صمت يشعرها بالفضول من هذا الشخص أكثر، هذا الشخص الذي يصاحبه غضب مكبوت داخل قلبه دون أن يصرخ.
ظلت تتساءل "ميرنا":
- ما الذي يخفيه أحمد، ولا يريد قوله وإخراجه إلى الخارج.
بعد مراقبة القلعة التي استمرت إلى ثلاثة أيام؛ جاءت أخبار إلى "ميرنا" من المخبر، يطلب منها المجيء إلى السفارة بالعاصمة لحضور اجتماع طارئ.
كان ملخص الاجتماع يخص مناقشة خطورة مراقبة المافيا الروسية من المخابرات في الوقت الحالي داخل البلاد بسبب الأوضاع الدولية والحكومة المهتزة الحالية في روسيا.
بعد انتهاء الاجتماع خلال عودتها من عاصمة روسيا إلى مدينة "ناخودكا"، بعد التحاقها وصعودها القطار السريع حدث أمر غريب، وبدأ هذا عندما جلست داخل مقصورتها الخاصة بالقطار السريع.
حين شعرت بالجوع فجأة؛ وخرجت للبحث على طعام، والذهاب إلى مقصورة الطعام داخل القطار.
عندها وجدت شاب وسيم في عقده الخامس والثلاثون تقريباً؛ كان هذا الشاب يقف أمام عربة استراحتها يقف بتوتر يستند بظهره على النافذة الزجاج الكبيرة، وتظهر عليه أعراض آلام الشديدة.
اقتربت "ميرنا" من هذا الشخص حتى تطمئن عليه، وبدأت تسأله باللغة الروسية التي تقطنها بطلاقة مثل أهل الدولة وقالت:
- هل أنت بخير؟
أخرج هذا الشاب سلاحه، وضعه على معدة "ميرنا"، وأخبرها :
- خذني إلى عربتك دون حركة وصمت.
في البداية لم تعلم "ميرنا" ما الذي يحدث ومن هذا الرجل، لذا قررت إلا تتصرف بتهور حتى تجمع خيوط ما يحدث.
كانت "ميرنا" تستطيع الأنقاض عليه، والتغلب عليه بسهولة من أجل محاولة إيقافها، ولكن شعرت بحركة غير طبيعية بالقطار.
لذا لم تتسرع في التصرف بتهور، ووافقت على طلبه، وفعلت كما أرادت دون إظهار مشاعرها بسذاجة وبراءة.
بعد دخولهم عربتها الخاصة أغلاق الرجل المصاب الباب بالقفل، ووقع السلاح الناري من يديه على الأرض.
عندما نظرت إليه وجدته بالكاد يستطع التماسك، والصمود من السقوط على الأرض لذا ساندته من خصره، أوصلته إلى سرير النوم الصغير.
عندما ساعدته تمنعه من السقوط، حين قامت بمساعدته، كان هذا الوقت عندما بدأ هذا الرجل الغريب في الشعور بأحاسيس عشق ورومانسية تجاه "ميرنا" دون أن يدرك ماهيتها.
بدأ الدماء يظهر تدريجياً من قميص الرجل الأبيض الذي يلبسه تحت البدلة السوداء؛ عندها رفعت “ميرنا” القميص بهدوء حتى تنظر إلى الجرح، حينها بدأ الدماء في الانفجار والنزيف بغزارة.
أسرعت "ميرنا" في كتم الجرح بيديها العاريتين، وبعد ذلك فتحت حقيبتها، واستخدمت ما بداخلها من عدة الإسعافات البسيطة من أجل إيقاف الدماء وإنقاذ حياته، ولكن هل سيصبح إنقاذ هذا الشاب، وهذا العمل الخيري شيء سوف تأسف وتندم عليه ميرنا كثيراً خلال حياتها في المستقبل.
بدأ الشاب في الاستيقاظ، والإدراك،والوعي بما يحدث من حوله؛ وحينها شاهد ملامح “ميرنا” بوضوح أكبر عن قرب، حينها تفاجئ عندما وجد أمامه امرأة خارقة الجمال.
تملك شعر قصير أسود اللون، ناعم كالحرير، وغامق كالليل يلمع كالنجوم وسط السماء، وتمتلك بشرة صافية بيضاء تبرز كالقمر تزينها الخدود الحمراء الملتهبة، وكانت هذه بداية ظهور مشاعره رومانسية من هذا الرجل تجاه “ميرنا”.
عندما عاد إلى وعيه؛ وجد أمامه امرأة في غاية الجمال، تحاول بكل طاقتها إنقاذ حياته بكل اخلاص؛ تهدر كل ما تملك من قوة وطاقة حتى يعالج جرحه الملتهب، وكان ذلك سبباً كافياً حتى تجعله يقع في حبها بجنون.
عندما وصل القطار إلى المحطة؛ نظرت "ميرنا" إلى هذا الشاب الوسيم النائم بشفقة وقالت بصوت خافض:
- لقد فعلت كل ما استطيع فعله، لأن مصيرك وحياتك سوف أتركه بين يد الله وحده من يستطيع إنقاذك.
كانت "ميرنا" تعلم أنها الآن ليست مؤهلة حتى تنقذ شخص أخر في هذه البلدة الخطيرة؛ لذا تركت الشاب النائم بمفردة في مقصورة القطار يلتقي بمصيره الخاص، وخرجت من القطار ورحت بعدما أغلقت عليه باب المقصورة .
نزلت "ميرنا" من القطار مسرعةً قبل أن تسحب إلى مشكلة لا تخصها بشيء تضعها في وضع محرج وخطر، وعند خروجها من محطة القطار؛ وجدت "أحمد" ينتظرها أمام المحطة بسيارة مستأجرة، صعدت إلى السيارة، وقاد السيارة حتى يأخذها إلى المنزل الآمن.
أثناء القيادة لاحظ "أحمد" بالصدفة أسورة اكمام يديها، ووجد بها آثار بقعة دماء باهتة صغيرة، فسألها بخوف وقلق:
- هل أنتِ مصابة؟!
- لا هذه ليست دمائي.
- هل أنتِ بخير؟!
- أنا بخير لا تقلق.
- إذن لماذا يوجد دماء على ملابسك؟!
- هذا موضوع كبير سوف أقصى عليك في وقت آخر.
- حسنا كما تريدين.
عندما وجدت "ميرنا" نظرات القلق والخوف الظاهرة والواضحة في عينيه؛ أرادت أن تجعله يهدأ قليل من هذا الإحساس الممتلىء بالخوف والقلق الواضح جداً على وجهه.
لذا أخبرته:
- كل ما في الأمر أني وجدت شخص مصاب على القطار وقمت بمساعدته هذا كل ما حدث.
- هذا خطأ كبير يا وان يجب أن نجلس بهدوء، ولم يشعر أحد بوجودنا داخل هذا المكان لأنه صغير جداً وسهل كشفنا به.
- لا تقلق أظن أنه سوف يموت أن لن يجد أحد كي ينقذه في الوقت المناسب.
- ولكن ما كان يجب عليكِ التدخل في ما لا يعنينكِ.
- أعلم ذلك؛ ولكن الأمر حدث بالفعل وانتهي، لذا انسى هذا الأمر.
- كما تريدي يا وان.
- أخبرني الآن هل يوجد جديد؟ هل حدث شيء خلال غيابي!
- لا كانت الأوضاع مستقرة وهادئة خلال هذين اليومين ولكن.
- ولكن ماذا؟
- لا أعلم.
- كيف لا تعلم؟!
- كل ما في الأمر أشعر بوجود شيء غريب يحدث داخل القلعة منذ أمس، ولكن لم أستطع التوصل إلى شيء بعد.
- وماذا عن المخبر لم يخبرك بشيء؟!
- لا مازال يبحث في الأمر.
- حسناً لننتظر الأخبار.
تنهدت "ميرنا" وقالت بيأس:
- كم أتمنى الدخول إلى هذا المكان في الداخل، ومعرفة عن كل ما يحدث.
- أنتِ تعلمين أن هذا الأمر من رابع المستحيل تحقيقه.
- أعلم ذلك أنه فقط مجرد تتمني.
وصل "أحمد" بالسيارة إلى مكان قريب من المنزل، وتوقف فجأة فسألته "ميرنا" بفضول:
- ماذا يحدث؟ لماذا توقفت فجأة يا فور؟!
- أظن أن المنزل الآمن قد تم كشفه.
سألته "ميرنا" بفزع:
- ماذا قالت؟
نظرت "ميرنا" أمامها من خلال نافذة السيارة الزجاج الأمامي، ووجدت أمامها رجال المافيا يخرجون من المنزل الآمن فسألت "أحمد" بقلق وحيرة:
- كيف علموا عن هذا المكان؟!
- كان هذا شيء متوقعاً منذ البداية، ولكن هذا جيد.
- ما هو الجيد؟!
- أننا ليس في الداخل.
- فعلا هذا جيد.
- ماذا أفعل الآن؟
تنهدت "ميرنا"، وتحدثت بهدوء واستسلام :
- وان أذهب إلى أقرب مطعم أريد أن أتناول الطعام .
- عما تتحدثين؟!
- أفعل كما أخبرك.
- أذا فعلنا ذلك سوف يتم الإمساك بسهولة، والقبض علينا من العصابة؟!
- هذا أمر أستمع لما أخبرك به.
نفذ "أحمد" الأمر بطاعة وهدوء رغم عدم الاقتناع به، وذهب إلى أقرب مطعم.
دخلوا المطعم واختارت "ميرنا" أفضل مكان للجلوس، وبعد جلوسهما تم طلب الطعام، وبدأت في تناول الطعام باستمتاع حتى هجم رجال المافيا على المطعم، وبدأ في البحث بين الجالسين بالمطعم.
أقترب أحدهما من الاثنان "أحمد، ومنى" الجالسين يتناولون الطعام بهدوء وقال:
- لقد تم القبض عليها.
نظر إلى أحد الرجال الأضخم جسدياً بينهما وقال:
- أخذهم إلى القصر.
نظرت "ميرنا" إلى "أحمد"، وسألته بصوت منخفض:
- لماذا جاءوا إلينا؟ هل ترك أدلة في المنزل!
- لا لم أفعل ذلك.
- أذن كل شيء بخير حتى الآن.
- أظن ذلك.
- هذا جيد.
كان "أحمد" يتحدث بتوتر ورعب؛ وكانت "ميرنا" تنظر إليهم بصدمة دون التحدث بكلمة واحدة، وبعد فترة من عدم التركيز لاحظت "ميرنا” أنهم يبحثون عن شخص بصورة بيديهم.
نظرت "ميرنا" إلى “أحمد” بشجاعة وكبرياء وقوة إرادة قالت:
- فور الآن سوف يتم خطفنا.
فزع "أحمد" وسألها بصوت مرتفع:
- ماذا تقصدين!
- فور تماسك جيداً وكن واثق بأنه لم يحدث لنا شيء.
- حسنا يا وان أثق بكِ.
- منذ الآن لا تتحدث أبداً وأترك إلي الأمر.
دخل رجال المافيا المطعم وحاوطوا بأجسامهم الطاولة التي تجلس بها "ميرنا، وأحمد".
أخرج أحد الرجال هاتف ينظر إلى صورة تخص "ميرنا" بحيرة لعدم وضوحها ويسأل أحد رجاله الذي بجواره:
- أنها تشبه كثير الفتاة التي بالصورة، ولكن لا أعلم إن كانت هي نفس الشخص أما لا.
- إذن لنأخذها ونعرضها على الزعيم وهو سوف يتعرف عليها؟!
- أظن أنك محق في ذلك.
كانت “ميرنا” تفكر في هذا الموقف أنه إثبات على براءة أحمد من الخيانة؛ لأنه من المستحيل أن يعرض حياته للخطر أثناء قيامه بالمهمة، وإذا كان هو الخائن الذي غدر بالفريق كان سوف يؤمن نفسه أولاً".
ولكن "ميرنا" كانت تشعر بشيء مختلف يحدث هذه المرة، ورغم محاولتها الناجحة في التماسك بأعصابها، وعدم الاستسلام للانهيار حتى تجد مخرج ينقذهم من هذا الفخ المريب.
بعد ذلك تم سحب "ميرنا و أحمد" إلى أحدى سيارات المافيا بالقوة، وتم أخذهم إلى القصر، وتم سجنهم في غرفة مغلقة بالطابق الثالث، وأقفل عليهم لمدة ثلاثة أيام لم يدخل إليهم أحد أو شيء غير الطعام والمياه.
سألها "أحمد" وهو يرتجف:
- ماذا سنفعل الآن؟!
- سوف نرتجل.
- كيف ذلك؟ ونحن لا نعلم لماذا تم أخذنا!
- أن أراد هؤلاء الرجال قتلنا لكن حدث ذلك قبل مجيئنا، ولكن ما يحدث الآن له معنى واحد.
- ما هو!
- أنهم يريدون منَ شيء آخر.
- هل تظني ذلك؟!
- أنا متأكدة من ذلك.
- وأنا أظن ذلك أيضاً.
- أنت أيضاً؟
- نعم لأني أشعر بوجود شيء غير طبيعي يحدث في هذا الأمر.
- أتساءل ما الذي يحدث؟ ولماذا هؤلاء الرجال لا يشعرون بالخوف أو التهديد ولا يهمها حقيقتنا أو خلفيتنا!
- لا أعرف
ولكن إن تم كشفنا سوف نقتل فورا
- بالتأكيد هناك شيء لا نعلم عنها.
- أظن ذلك أيضاً ولكن.
- ولكن ماذا؟
- هل تعلم أن وجدنا على قيد الحياة حتى الآن شيء جيد.
- ليس ضروري أن يكون شيء جيد ولكنه بالتأكيد ليست شيء سيء.
- أتمنى ذلك.
"بعد عدة أيام تم فتح الباب من الخارج، عندما فتح باب الغرفة شعر الاثنان بالرعب والفزع، باعتقادهم أن نهايتهم شارفت على النهاية"