الفصل الثالث روح عابثة
وسط الضجيج والصراخ المتصاعد، وقف سليم في ذهول وصدمة، احتبس أنفاسه داخل صدره، وآلامه داخل ضلوعه.
نظر إلى أخيه بدر الغارق في بركة من الدماء، قام بحمله وأدخله إلى داخل المنزل بينما وقفت روح تائهة، لا تصدق ما حدث أخذت تحدث نفسها:
-هل ما رأيته حقيقة أم إنه ليس سوى كابوسٍ مفزع، وسرعان ما أستفيق منه.
هل عاد سليم من موته؟! أم أنه لم يمت ولم يسافر من الأساس؟! هل مات بدر بعد أن عقد قرآنه عليّ، أم إنه لم يعقد قرانه عليّ من الأساس؟!
انتابت روح حالة هروب من الواقع الصادم، وقفت تنظر إلى النساء اللواتي إلتفتن حولها ولكنها لم تسمع ما الذي يتحدثن به، لم تسمع سوى ضجيج، ولم ترى سوى إشارات بالأيدي.
كانت الأم تبحث عن ابنتها وسط الزحام، تخشى أن يكون قد أصابها ما أصاب زوجها.
نظرت فإذا بإبنتها تقف بين النساء صامتة، أسرعت إليها وقامت بجذبها من يدها وحدثتها:
-روح، حمدًا لله على سلامتك يا ابنتي.
انتبهت روح إلى والدتها التي واصلت حديثها:
-كاد قلبي أن يتوقف من خوفه الشديد عليكي، ولكن لا ينبغي أن تقفي صامتة هكذا؛ لا بد أن تظهري للناس حزنك لما أصاب زوجك.
هنا ايقنت روح أنها ليست داخل كابوس مفزع، وإنما تعيش واقعًا أشد رعبًا وفزعًا.
تركت روح والدتها وركضت إلى داخل منزل بدر الجوهري.
وقفت لبرهة تلتقط أنفاسها المتلاحقة، نظرت فإذا بالعمة سميرة وقد بدي عليها الحزن الشديد الذي كان واضحًا على صوتها المبحوح وهي تحدثها:
-ابنتي، إنه بالداخل.
لم تستطيع روح أن تعرف من الذي تقصده العمة سميرة بأنه بالداخل، هل هو سليم أم بدر؟
دلفت روح إلى داخل الغرفة فوجدت بدر ممدد على سريره وما زالت الدماء تتدفق من جسده، والطبيب يحدث سليم:
-البقاء لله، لم أستطع فعل شيء، لقد فارقت الروح جسده.
نظر سليم إلى الطبيب وجذبه نحوه ثم حدثه:
-أيها الطبيب لا بد أن تفعل شيء، أخي لم يمت قم بعمل إنعاش لقلبه وسوف ينبض من جديد.
ربت الطبيب على كتف سليم وغادر الغرفة، فانهار سليم في البكاء وخر أرضًا واضعًا رأسه على صدر أخيه.
دنت روح بثوب الزفاف المزرقش بقطرات الدماء، واضعة يدها على كتف سليم.
إلتفت سليم فما إن رآها حتى تغير وجهه وغادر الغرفة على الفور.
بعد أن قام سليم بدفن أخيه، رفض أن يأخذ العزاء في اخيه وقال:
-ليس هناك عزاء، عزائنا عندما نقتص لدماؤه.
ظل سليم حبيس غرفته لأيام عديدة يفكر فيما حدث، تارة يسخط على روح وتارة أخرى يتسائل:
-ما الذي حدث ليترك أخي جميع فتايات البلدة ويتزوج بروح؟!
تذكر حديثها فوق الربوة:
-"لن يستطيع أحد أن يفرق بيننا، سأظل على عهدي معك، لن أسمح لأحد سواك أن يلمسني، ألم تخبرني إنني أنا روح سليم؟ ".
ابتسم سليم وعلق:
-يا لك يا سليم من أحمق، لقد استطاعت تلك الفتاة التلاعب بك وبمشاعرك، وربما تلاعبت بمشاعر أخيك لاحقًا.
سمع سليم صوت طرق على باب غرفته فتجاهله.
وأمام اصرار الطارق اضطر سليم إلى النهوض، اتجه صوب باب الغرفة ثم قام بفتحه، فوجد العمة سميرة هي الطارقة.
دلفت العمة إلى داخل الغرفة وحدثته:
-سليم، إلى متى ستظل هكذا حبيس غرفتك يا بني؟
نظر سليم إلى العمة سميرة وقال:
-عمتي، لقد فقدت جميع أحبابي، وأود أن أختلي بنفسي لبعض الوقت.
ربتت العمة سميرة على كتف سليم وحدثته:
-بني، لا بد أن تخرج من حالة الحزن الشديدة التي تعيشها؛ لتعرف ما الذي عليك فعله، لقد قتل كبير العائلة وأنت الآن الكبير، ولا يجوز للكبير أن يجلس في غرفته كالنساء.
نظر سليم إلى عمته وقد بدى عليه الضيق ثم قال:
-عمتي، كيف تزوج بدر بتلك الفتاة؟!
تعجبت العمة سميرة وعلقت قائلة:
-بني، ماذا بك؟! أحدثك عن مقتل أخيك وعن كونك صرت الكبير، وأنت تحدثني عن زواج المغفور له، ومع ذلك سوف أخبرك:
-بعد أن وصل خبر وفاتك إلى أخيك كانت حالته سيئة للغاية، كان مثل المجذوب، كان يتلمس رائحتك في كل شيء، كلما اشتد شوقه إليك ذهب إلى غرفتك هذه وجلس حبيس الجدران والذكريات.
تلألأت الدموع في عيني سليم، حاول أن يحبس دموعه ولكن إحداها استطاعت التحرر لتنهمر على وجنته.
نظرت العمة سميرة إليه وقالت:
-لم يجد ملاذ ولا ملجأ يخفف عنه سوى صعوده إلى الربوة التي كنت تحب الجلوس عليها.
نظر سليم إلى عمته وقال:
-عمتي، هل اعتاد أخي على الذهاب إلى الربوة؟!
أجابت العمة قائلة:
-أجل يا بني، كان يشعر بالسعادة كلما ذهب إلى هناك كالذي وجد ضالته.
أومأ سليم برأسه وعلق:
-الآن قد عرفت ما حدث، فوق الربوة وجد أخي الروح التي كان يفتقدها.
ثم نظر سليم إلى عمته وقال:
-عمتي، من اليوم سوف أكون أتولى المسئولية التي كان يتولاها أخي بدر، ليس هذا فحسب بل سأفعل ما يريح أخي في قبره.
بدى على وجه العمة سميرة الإتياح وقالت:
-سليم أنت الآن كبير عائلة الجوهري، ولكن لدي أمر هام أريد أن اتحدث معك فيه، ربما تجد أن الوقت ليس مناسبًا لذلك، ولكنني لدي رغبة في أن تعرف كل شيء.
نظر سليم باهتمام إلى العمة سميرة وقال:
-عمتي، لقد أثرتي فضولي، تستطيعي أن تخبريني بكل ما تريدنه.
تحدثت العمة سميرة بصوتٍ منخفض قائلة:
-سليم، عندما قرر أخيك رحمة الله عليه أن تزوج بهذه الفتاة المشئومة لم توافق والدتها إلا بعد أن قام أخيك بكتابة نصف أملاكه بأسم روح.
ما إن سمع سليم ذلك حتى نهض واقفًا وقد تملكه الغضب وقال:
-كيف وافق أخي على شيء كهذا؟! هل ذهب عقله حينها؟!
وفجأة تذكر سليم حديث روح الذي يشبه البلسم، تذكر قولها:
—سليم، أشتاق إليك وأنت معي، فكيف بي وأنت بعيد عني؟! أحب أن أنظر عبر عينيك فأجد صورتي بداخل مقلتيك أنا فقط وليست أي امراة سواي.
ابتسم سليم ساخرًا وحدث نفسه قائلًا:
—ترى هل كانت تبحث عن صورتها داخل مقلتي أخي كما كانت تفعل معي دائماً؛ لذلك لم يتردد أخي أن يتنازل عن نصف ما يملكه كمهر لها.
تظرت العمة إلى سليم ووصلت حديثها:
—بني، لا يمكنك أن تتنازل عن ممتلكات عائلة الجوهري بهذه السهولة لتؤول إلى عائلة مجاهد، لا تجعلهم ينعمون في خيراتنا.
نظر سليم إلى عمته وقال:
—عمتي، أخي هو من تنازل عن ممتلكاته بكامل رغبته، فما الذي يمكنني أن أفعله؟!
دنت العمة من سليم وقالت:
—سليم، عليك أن تتزوجها حتى يعود الحق لأصحابه.
نظر سليم إلى عمته بنظرة حادة مقتضبًا حاجبيه قائلًا
—عمتي، كيف استطعتي أن تتحدثي في مثل هذا الأمر؟!
علقت العمة سميرة:
—أعلم الأمر سابقًا لأوانه، ولكن لا بد أن تفكر في الأمر بشكل أكثر واقعية.
صمت سليم ولم يتحدث بكلمة واحدة بينما غادرت العمة سميرة الغرفة بعد أن أخرجت كل ما بدخلها من حديث.
وما إن غادرت العمة غرفته حتي أمسك بالمزهرية وقام بإلقاها في المرآة فتحطمت المرآة.
سمعت روح صوت تحطم المرآة فأسرعت إلى غرفة سليم لتطمئن عليه.
دلفت روح إلى غرفة سليم ففوجئت بالزجاج المتهشم وقد تناثر في أنحاء الغرفة، فما إن رآها سليم حتى انفجر غاضبًا وقال:
—ما الذي جاء بكِ ألى هنا؟! أغربي عن وجهي لا أريد أن أراكي.
تساقطت الدموع من عين روح ولم تجد أمامها سوى أن ركضت إلى غرفتها.
دلفت روح إلى غرفتها، أسرعت إلى فراشها وانفجرت باكية.
جلس سليم يبكي ويتذكر اللحظات التي كانت فيه هذه الفتاة أقرب إلى قلبه من أي شيء آخر، كانت روحه التي يرها اليوم روح شريرة.
لم تغرب عن ذهنه اللحظة التي وضع فيها أخيه بدر يده على فهمه وقال:
"سليم، لم يعد هناك المزيد من الوقت اوصيك بالعروس لا تدعها تغادر المنزل، تزوجها وأحسن إليها."
أمسك سليم برأسه ولم يحتمل البقاء لحظة في منزل يجمع بينهما فغادر إلى خارج المنزل.
ظل سليم يسير على قدميه دون أن يعرف إلى أين ستأخذه، ليجد نفسه دون أن يدري فوق الربوة.
نظر حوله فلم يجد أحد، جلس فوق الربوة يفكر ويعاتب قلبه على حبه لتلك الفتاة.
طأطأ رأسه لأسفل وأسندها بيديه، ثم فوجيء بيد تربت على كتفه فألتفت ثم نهضت في صدمة وذهول.
نظر إلى أخيه بدر الغارق في بركة من الدماء، قام بحمله وأدخله إلى داخل المنزل بينما وقفت روح تائهة، لا تصدق ما حدث أخذت تحدث نفسها:
-هل ما رأيته حقيقة أم إنه ليس سوى كابوسٍ مفزع، وسرعان ما أستفيق منه.
هل عاد سليم من موته؟! أم أنه لم يمت ولم يسافر من الأساس؟! هل مات بدر بعد أن عقد قرآنه عليّ، أم إنه لم يعقد قرانه عليّ من الأساس؟!
انتابت روح حالة هروب من الواقع الصادم، وقفت تنظر إلى النساء اللواتي إلتفتن حولها ولكنها لم تسمع ما الذي يتحدثن به، لم تسمع سوى ضجيج، ولم ترى سوى إشارات بالأيدي.
كانت الأم تبحث عن ابنتها وسط الزحام، تخشى أن يكون قد أصابها ما أصاب زوجها.
نظرت فإذا بإبنتها تقف بين النساء صامتة، أسرعت إليها وقامت بجذبها من يدها وحدثتها:
-روح، حمدًا لله على سلامتك يا ابنتي.
انتبهت روح إلى والدتها التي واصلت حديثها:
-كاد قلبي أن يتوقف من خوفه الشديد عليكي، ولكن لا ينبغي أن تقفي صامتة هكذا؛ لا بد أن تظهري للناس حزنك لما أصاب زوجك.
هنا ايقنت روح أنها ليست داخل كابوس مفزع، وإنما تعيش واقعًا أشد رعبًا وفزعًا.
تركت روح والدتها وركضت إلى داخل منزل بدر الجوهري.
وقفت لبرهة تلتقط أنفاسها المتلاحقة، نظرت فإذا بالعمة سميرة وقد بدي عليها الحزن الشديد الذي كان واضحًا على صوتها المبحوح وهي تحدثها:
-ابنتي، إنه بالداخل.
لم تستطيع روح أن تعرف من الذي تقصده العمة سميرة بأنه بالداخل، هل هو سليم أم بدر؟
دلفت روح إلى داخل الغرفة فوجدت بدر ممدد على سريره وما زالت الدماء تتدفق من جسده، والطبيب يحدث سليم:
-البقاء لله، لم أستطع فعل شيء، لقد فارقت الروح جسده.
نظر سليم إلى الطبيب وجذبه نحوه ثم حدثه:
-أيها الطبيب لا بد أن تفعل شيء، أخي لم يمت قم بعمل إنعاش لقلبه وسوف ينبض من جديد.
ربت الطبيب على كتف سليم وغادر الغرفة، فانهار سليم في البكاء وخر أرضًا واضعًا رأسه على صدر أخيه.
دنت روح بثوب الزفاف المزرقش بقطرات الدماء، واضعة يدها على كتف سليم.
إلتفت سليم فما إن رآها حتى تغير وجهه وغادر الغرفة على الفور.
بعد أن قام سليم بدفن أخيه، رفض أن يأخذ العزاء في اخيه وقال:
-ليس هناك عزاء، عزائنا عندما نقتص لدماؤه.
ظل سليم حبيس غرفته لأيام عديدة يفكر فيما حدث، تارة يسخط على روح وتارة أخرى يتسائل:
-ما الذي حدث ليترك أخي جميع فتايات البلدة ويتزوج بروح؟!
تذكر حديثها فوق الربوة:
-"لن يستطيع أحد أن يفرق بيننا، سأظل على عهدي معك، لن أسمح لأحد سواك أن يلمسني، ألم تخبرني إنني أنا روح سليم؟ ".
ابتسم سليم وعلق:
-يا لك يا سليم من أحمق، لقد استطاعت تلك الفتاة التلاعب بك وبمشاعرك، وربما تلاعبت بمشاعر أخيك لاحقًا.
سمع سليم صوت طرق على باب غرفته فتجاهله.
وأمام اصرار الطارق اضطر سليم إلى النهوض، اتجه صوب باب الغرفة ثم قام بفتحه، فوجد العمة سميرة هي الطارقة.
دلفت العمة إلى داخل الغرفة وحدثته:
-سليم، إلى متى ستظل هكذا حبيس غرفتك يا بني؟
نظر سليم إلى العمة سميرة وقال:
-عمتي، لقد فقدت جميع أحبابي، وأود أن أختلي بنفسي لبعض الوقت.
ربتت العمة سميرة على كتف سليم وحدثته:
-بني، لا بد أن تخرج من حالة الحزن الشديدة التي تعيشها؛ لتعرف ما الذي عليك فعله، لقد قتل كبير العائلة وأنت الآن الكبير، ولا يجوز للكبير أن يجلس في غرفته كالنساء.
نظر سليم إلى عمته وقد بدى عليه الضيق ثم قال:
-عمتي، كيف تزوج بدر بتلك الفتاة؟!
تعجبت العمة سميرة وعلقت قائلة:
-بني، ماذا بك؟! أحدثك عن مقتل أخيك وعن كونك صرت الكبير، وأنت تحدثني عن زواج المغفور له، ومع ذلك سوف أخبرك:
-بعد أن وصل خبر وفاتك إلى أخيك كانت حالته سيئة للغاية، كان مثل المجذوب، كان يتلمس رائحتك في كل شيء، كلما اشتد شوقه إليك ذهب إلى غرفتك هذه وجلس حبيس الجدران والذكريات.
تلألأت الدموع في عيني سليم، حاول أن يحبس دموعه ولكن إحداها استطاعت التحرر لتنهمر على وجنته.
نظرت العمة سميرة إليه وقالت:
-لم يجد ملاذ ولا ملجأ يخفف عنه سوى صعوده إلى الربوة التي كنت تحب الجلوس عليها.
نظر سليم إلى عمته وقال:
-عمتي، هل اعتاد أخي على الذهاب إلى الربوة؟!
أجابت العمة قائلة:
-أجل يا بني، كان يشعر بالسعادة كلما ذهب إلى هناك كالذي وجد ضالته.
أومأ سليم برأسه وعلق:
-الآن قد عرفت ما حدث، فوق الربوة وجد أخي الروح التي كان يفتقدها.
ثم نظر سليم إلى عمته وقال:
-عمتي، من اليوم سوف أكون أتولى المسئولية التي كان يتولاها أخي بدر، ليس هذا فحسب بل سأفعل ما يريح أخي في قبره.
بدى على وجه العمة سميرة الإتياح وقالت:
-سليم أنت الآن كبير عائلة الجوهري، ولكن لدي أمر هام أريد أن اتحدث معك فيه، ربما تجد أن الوقت ليس مناسبًا لذلك، ولكنني لدي رغبة في أن تعرف كل شيء.
نظر سليم باهتمام إلى العمة سميرة وقال:
-عمتي، لقد أثرتي فضولي، تستطيعي أن تخبريني بكل ما تريدنه.
تحدثت العمة سميرة بصوتٍ منخفض قائلة:
-سليم، عندما قرر أخيك رحمة الله عليه أن تزوج بهذه الفتاة المشئومة لم توافق والدتها إلا بعد أن قام أخيك بكتابة نصف أملاكه بأسم روح.
ما إن سمع سليم ذلك حتى نهض واقفًا وقد تملكه الغضب وقال:
-كيف وافق أخي على شيء كهذا؟! هل ذهب عقله حينها؟!
وفجأة تذكر سليم حديث روح الذي يشبه البلسم، تذكر قولها:
—سليم، أشتاق إليك وأنت معي، فكيف بي وأنت بعيد عني؟! أحب أن أنظر عبر عينيك فأجد صورتي بداخل مقلتيك أنا فقط وليست أي امراة سواي.
ابتسم سليم ساخرًا وحدث نفسه قائلًا:
—ترى هل كانت تبحث عن صورتها داخل مقلتي أخي كما كانت تفعل معي دائماً؛ لذلك لم يتردد أخي أن يتنازل عن نصف ما يملكه كمهر لها.
تظرت العمة إلى سليم ووصلت حديثها:
—بني، لا يمكنك أن تتنازل عن ممتلكات عائلة الجوهري بهذه السهولة لتؤول إلى عائلة مجاهد، لا تجعلهم ينعمون في خيراتنا.
نظر سليم إلى عمته وقال:
—عمتي، أخي هو من تنازل عن ممتلكاته بكامل رغبته، فما الذي يمكنني أن أفعله؟!
دنت العمة من سليم وقالت:
—سليم، عليك أن تتزوجها حتى يعود الحق لأصحابه.
نظر سليم إلى عمته بنظرة حادة مقتضبًا حاجبيه قائلًا
—عمتي، كيف استطعتي أن تتحدثي في مثل هذا الأمر؟!
علقت العمة سميرة:
—أعلم الأمر سابقًا لأوانه، ولكن لا بد أن تفكر في الأمر بشكل أكثر واقعية.
صمت سليم ولم يتحدث بكلمة واحدة بينما غادرت العمة سميرة الغرفة بعد أن أخرجت كل ما بدخلها من حديث.
وما إن غادرت العمة غرفته حتي أمسك بالمزهرية وقام بإلقاها في المرآة فتحطمت المرآة.
سمعت روح صوت تحطم المرآة فأسرعت إلى غرفة سليم لتطمئن عليه.
دلفت روح إلى غرفة سليم ففوجئت بالزجاج المتهشم وقد تناثر في أنحاء الغرفة، فما إن رآها سليم حتى انفجر غاضبًا وقال:
—ما الذي جاء بكِ ألى هنا؟! أغربي عن وجهي لا أريد أن أراكي.
تساقطت الدموع من عين روح ولم تجد أمامها سوى أن ركضت إلى غرفتها.
دلفت روح إلى غرفتها، أسرعت إلى فراشها وانفجرت باكية.
جلس سليم يبكي ويتذكر اللحظات التي كانت فيه هذه الفتاة أقرب إلى قلبه من أي شيء آخر، كانت روحه التي يرها اليوم روح شريرة.
لم تغرب عن ذهنه اللحظة التي وضع فيها أخيه بدر يده على فهمه وقال:
"سليم، لم يعد هناك المزيد من الوقت اوصيك بالعروس لا تدعها تغادر المنزل، تزوجها وأحسن إليها."
أمسك سليم برأسه ولم يحتمل البقاء لحظة في منزل يجمع بينهما فغادر إلى خارج المنزل.
ظل سليم يسير على قدميه دون أن يعرف إلى أين ستأخذه، ليجد نفسه دون أن يدري فوق الربوة.
نظر حوله فلم يجد أحد، جلس فوق الربوة يفكر ويعاتب قلبه على حبه لتلك الفتاة.
طأطأ رأسه لأسفل وأسندها بيديه، ثم فوجيء بيد تربت على كتفه فألتفت ثم نهضت في صدمة وذهول.