زواج بالتبادل

دودو`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-08-28ضع على الرف
  • 81.9K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول عودة للذكريات

في ليلة من ليالي الشتاء المطيرة، السماء تهطل الأمطار بشدة.
تتساقط الأمطار معانقة للأرض في شوق ولهفة.
المكان مظلم لا ترى سوى ضوء البرق الممتزج بماء المطر كالنار في ظلمة الليل، لا تسمع سوى صوت الرياح العاتية تتخلل الأشجار فتنفضها.

جلس سليم على الأريكة مرتديًا بذلة الزفاف، امتد بنظره إلى عروسه الجالسة على فراشها مرتدية ثوب زفافها.

تصاعدت أنفاسه واشتعلت نيران الغضب بداخله، نظر إلى الطاولة التي أمامه فإذا بطبق من الفاكهة وبجواره سكين.

وقفت العروس تبدل ملابسها، فأسرع سليم وأمسك بالسكين، وفجأة إلتفتت العروس فقام سليم بطعن التفاحة التي أمامه بالسكين.

لم يستطيع سليم تحمل البقاء في غرفة واحدة مع عروسه، فأسرع بمغادرة الغرفة وقام بدفع الباب خلفه بقوة، فانفجرت العروس في البكاء.

وقف سليم في إحدى الشرفات يتطلع إلى السماء، أخذ نفسًا عميقًا واستعاد ذكرياته الماضية، منذ عام مضى.

تجلس روح فوق الربوة التي اعتادت الجلوس فوقها، وإذا بسليم يأتي من الخلف معصبًا عينيها بيده.

علت الابتسامة وجه روح وتحدثت قائلة:
—سليم، كنت أنتظر مجيئك على أحر من الجمر، لقد انتظرتك كثيرًا، هل يمكنني أن أعرف السبب وراء هذا التأخير؟

ابتسم سليم وعلق قائلًا:
—روح لم أتأخر سوى ثلاث دقائق.

نظرت روح إليه وإلتفت بذراعيها حول رقبته ثم علقت قائلة:
—ألا تعلم أن كل دقيقة من هذه الدقائق تحمل بين ثناياها ستون ثانية؟ وهذا يعني أنك قد تأخرت علي مائة وثمانون ثانية، أخبرني بربك أليس هذا بكثير؟!

ابتسم سليم وعلق قائلًا:
—روح، ألهذه الدرجة تشتاقين إلى رؤيتي؟!

نظرت روح في عينيه وعلقت قائلة:
—سليم، أشتاق إليك وأنت معي، فكيف بي وأنت بعيد عني؟! أحب أن أنظر عبر عينيك فأجد صورتي بداخل مقلتيك أنا فقط وليست أي امراة سواي.

ضم سليم روح إلى صدره وحدثها قائلًا:
—كم أعشق جنونك بي، وأتشوق لليوم الذي تضمنا فيه غرفة واحدة وفراشًا واحدًا.

اشتدت وجنتي روح احمرارًا من الخجل وعلقت قائلة:
—سليم، هل قمت بإخبار أخيك برغبتك في الزواج مني؟
ترددت روح قليلًا، ثم واصلت حديثها قائلة:

—إن عرفان ابن عمي يلح على أمي كثيرًا لتوافق على زواجي منه، وأخشى أن تجنح أمي لإلحاحه.

نظر إليها سليم وعلق قائلًا:
—روح، أنتِ روحي ولن يستطيع أحد أن يأخذ روحي مني، لا تقلقي سوف أخبر أخي بدر فور عودتي.

أسرعت روح بوضع يدها في جيب سليم وأخرجت الحلوى الخاصة بها، التي اعتاد سليم على إحضارها لها.

قامت روح بخطف الحلوى والركض فوق الربوة، نظر إليها سليم وعلت الابتسامة وجهه ثم أسرع بالركض خلفها.

فجأة اختفت روح ولم يستطيع سليم رؤيتها، ظل يبحث عنها وأخيرًا وجدها مختبئة تتناول ما بيدها من حلوى.

ابتسم سليم وأسرع بخطف ما تبقى من الحلوى من يدها فأسرعت خلفه في محاولة منها لإسترداد ما تبقى من حلوى.

عاد سليم إلى منزله وقد قرر أن يقوم بالتحدث إلى أخيه في أمر زواجه من روح.

دلف إلى منزله فوجد في انتظاره خبرًا لم يكن في حسبانه.

دلف سليم على أخيه بدر (بدر نصار الجوهري الأخ الأكبر لسليم وهو كبير عائلة الجوهري خليفة والده نصار الجوهري) فما إن رآه أخيه حتى حدثه قائلًا:
—سليم، كنت أنتظر عودتك حتى اخبرك بأمرٍ هام.

نظر سليم إلى أخيه وعلق قائلًا:
—أخي، لقد جئت إليك لأتحدث معك أنا أيضًا في أمرٍ هام، ولكن يمكنني أن استمع إلى حديثك، وبعد ذلك سأخبرك بما لدي.

ابتسم بدر الجوهري وعلق قائلًا:
—هكذا أنت دائماً يا أخي، تخبرني أن لديك أمرٍ هام وفي النهاية تطلب مني نقودًا، ولكن الأمر لقد تم استدعائك لأداء الواجب الوطني.

نزل الخبر على سليم كالصاعقة، لقد كان يرغب في خطبة روح والزواج منها، أما الآن فكل شيء سوف يتم تأجيله؛ فلن يوافق أخيه على أمر زواجه قبل أن يقوم بأداء الخدمة الوطنية وإنهائها.

نظر بدر الجوهري إلى أخيه الذي لم يصدر منه أي رد فعل، فحدثه قائلًا:
—سليم، ماذا بك؟!

انتبه سليم إلى أخيه وعلق قائلًا:
—لا شيء فقد شعرت بنوع من المفاجأة الغير متوقعة.

ابتسم بدر الجوهري ودنا من أخيه، ربت على كتفه وعلق قائلًا:
—أخي، الخدمة الوطنية واجب وطني لا يمكن أن يتقاعس عنه أي فرد من أفراد المجتمع.

أومأ سليم برأسه وعلق قائلًا'
—أجل أخي الحق فيما تقوله، الواجب الوطني شرف واجب على لكل مصري.

همس بدر الجوهري وقال:
—لقد قمت بإخبارك بما لدي، هيا أخبرني بما لديك.

لم يستطيع سليم التحدث في أمر زواجه فالوقت أصبح غير مناسبًا لذلك، فعلق قائلًا:
—لا شيء أخي فقط كنت أريد بعض المال.

ضحك بدر الجوهري، وعلق قائلًا:
—أخي، ألم اخبرك بما تريده؟

ابتسم سليم وعلق قائلًا:
—أخي، وهل هناك شيء أهم من المال؟

علق بدر الجوهري وقال:
—أخي، ليس المال بأهم شيء، هو وسيلة لتحقيق ما تريده وليست غاية تصل إليها.

اومأ سليم برأسه وتحدث قائلًا:
—أخي، إئذن لي سوف أغادر فلدي بعض الأشياء التي أحتاج للقيام بها قبل أن أسافر لأداء الخدمة الوطنية.

أشار بدر الجوهري لأخيه بالموافقة وتحدث قائلًا:
—حسنًا، ولكن أن تأخذ ما جئت في طلبه.

نظر سليم إلى أخيه وعلق قائلًا:
—أخي، وما الذي جئت من أجله؟!

ابتسم بدر الجوهري وعلق قائلًا:
—المال يا أخي، ألا تتذكر؟!

ابتسم سليم وعلق قائلًا:
—أجل ليس الآن يا أخي؛ سوف أحتاجه فيما بعد.

غادر سليم المنزل وذهب إلى الربوة وجلس يفكر ويحدث نفسه قائلًا:
—كيف سأخبر روح بما حدث؟ هل ستتقبل هذا الأمر وتنتظرني حتي أعود لأتزوجها أم إنها ستخضع لتلك الضغوط التي تمارس عليها من قبل ابن عمها؟ ذلك الشخص المتزوج الذي يطمع في الزواج بروح لتنجب له ما عجزت زوجته عن انجابه.

حل الظلام فاضطر سليم إلى النزول من فوق الربوة والعودة إلى منزله.

وفي صباح اليوم التالي.
ما إن استيقظ سليم حتى أسرع إلى الربوة وظل جالسًا فوقها حتى حضرت روح.

نظرت إلى الربوة فإذا بسليم ينتظرها، أسرعت إليه وحدثته قائلة:
—سليم، ماذا بك؟! هذه هي المرة الأولى التي تسبقني في الحضور إلى هنا.

نظر سليم إليها وقد بدى عليه الحزن، نظرت روح إلى عينيه وعلقت قائلة:
—ماذا بك يا عمري؟!

تحدث سليم بكل حزن وأسى وقال:
—روح، لقد حدث ما لم أضعه في الحسبان.

بدأ القلق يتسلل إلى قلب روح وتحدثت قائلة:
—سليم، هل عارض أخيك زواجنا؟

علق سليم قائلًا:
—ما إن عدت إلى المنزل، وجدت في انتظاري خبر فاجئني كثيراً.

تابعت روح حديث سليم بانتباه شديد، تنتظر ما سيسفر عنه ذلك الحديث.

واصل سليم حديثه قائلًا:
—روح، لقد تم استدعائي لأداء الخدمة الوطنية.

نظرت روح إلى سليم وقد تلألأت الدموع في عينيها، ثم علقت قائلة:
—سليم، هل ستذهب وتتركني هنا أعاني لوعة الشوق إليك.

نظر سليم إليها وعلق قائلًا:
—لن أتركك ستكونين داخل قلبي وفؤادي، ما إن أنتهي من أداء الخدمة الوطنية سوف أعود وحينها سوف أقيم حفل زفاف ملكي لأميرتي الجميلة، ولكن هل سأجدك في انتظاري؟

روح بصوت حزين يملؤه الشجن والدموع علقت قائلة:
—لن يستطيع أحد أن يفرق بيننا، سأظل على عهدي معك، لن أسمح لأحد سواك أن يلمسني، ألم تخبرني إنني أنا روح سليم؟

شعر سليم بالإرتياح وعلق قائلًا:
—أجل، أنتِ روحي فلا تسمحي لأحد بالأقتراب منك؛ حتى لا تنتهي روحي وأصبح جسدًا بلا روح.

أمسكت روح بيد سليم وقبلتها ثم علقت قائلة:
—سوف أنتظرك حتى تعود إلي، ستجدني كما أنا روح سليم.

خلع سليم القلادة التي كانت والدته قد اعطتها له قبل وفاتها، وقام بتقليد روح بها، ثم حدثها قائلًا:
—هذه من الآن هي لكِ.

أمسكت، روح بها وقامت بتقبيلها، ثم تحدثت قائلة:
—متى ستسافر؟

نظر سليم إليها وعلق قائلًا:
—سوف أغادر غدًا قبل طلوع الشمس، لا بد أن أكون هناك في الصباح الباكر.

ودع سليم روح قائلًا:
—روح انتظري عودتي، وفي كل ليلة انظري. إلى القمر ستجدينني أنظر إليه لأراكي من خلاله.

وفي الوقت المحدد لمغادرة سليم منزله، قام بتوديع أخيه بدر وغادر قبل طلوع الشمس وفي طريقه مر على منزل روح.

نظر إلى الشرفة الخاصة بغرفتها فوجدها تقف تنتظر اللحظة التي سيمر فيها، أشار إليها فالقت له بمنديلها الخاص به وقد كتبت عليه سوف أنتظرك.

أمسك سليم بالمنديل وقام بتقبيله، ثم غادر ليلحق موعد القطار.

استقل سليم القطار وكلما ابتعد القطار عن البلدة كلما شعر أن روحه تبتعد عن جسده.

وصل سليم إلى الوحدة وبدأ التدريبات الخاصة بالمجندين.

كانت روح تذهب كل يوم إلى الربوة، تجلس في المكان الذي شهد على لقائهما تشتاق للحلوى التي كان يحضرها سليم لها، وفي المساء كانت تقف في الشرفة تنظر إلى القمر وتشعر بدف النظر إليه، فتمسك بالقلادة وتقوم بتقبيلها.

أما سليم فكان يقضي يومه في التدريبات وليله ناظرًا إلى القمر وفي يده المنديل الخاص بروح يمسكه ويشتم رائحتها فيه.

مرت فترة التدريبات، وتم نقل سليم إلى مكان آخر لتأدية الخدمة الوطنية به.

مرت ثلاث شهور جاءت اللحظة المرتقبة، لقد حصل سليم على أسبوع أجازة سوف يعود إلى بلدته ويقضيها هناك.

كان سليم في عجلة من أمره، ما إن حصل على تصريح الاجازة حتى أسرع بتحضير حقيبته واتجه صوب محطة القطار؛ فهو لا يريد أن يضيع وقتًا من أجازته بعيدًا عن بلدته.

ركب سليم القطار المتجه إلى محافظة قنا، مترقبًا إلى اللحظة التي يصل فيها القطار إلى بلدته.

فجأة تصادف وجود قطارًا أخر على نفس القضبان يسير باتجاه معاكس، ما إن علم الركاب بالأمر حتى حدثت حالة من الذعر وفجأة اتصدم القطاران بعضهما ببعض في حادث مروع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي