الفصل السابع صدمة حظ
عندما تجمع هؤلاء الرجال حول الطاولة التي تجلس بها "ميرنا وأحمد" بطريقة مريبة، وصاروا يتحدثون باللغة الروسية عن مدى التشابه الذي بين "ميرنا" والفتاة التي في الصورة، حينها شعروا أن نهايتهم اقتربت كثيراً.
وعندما بدأ أحد رجال المافيا في سحب "ميرنا" من كتفها، ومحاولة إجبارها على النهوض من الطاولة والذهاب معهم فزعت، بدأت مع "أحمد" تلقائياً في الدفاع عن نفسهما ومصارعة أفراد العصابة.
عندها حاولت الدفع عن نفسها من بدون إظهار قوتها الحقيقية، واخفاء خبرتها الكبيرة في معرفة الفنون القتالية.
عندما استخدم أحد الرجال قوة أكبر على "ميرنا" وتسببت في آلامها غضب "أحمد" ، وصاح يعلن الاستسلام، وقال بعصبية:
- أرفع يدك عنها أيها الحقير لا تلمسها.
فزع الرجل بسبب صياح "أحمد"، وابتعد فورا عناه، عندها أخرج رجل أخر سلاح ناري ووجهه على جبهة "أحمد" وهددها بصوت مرتفع وقائلاً:
- أظن من الأفضل لكِ القدوم معنا من دون اعتراض حتى لا نقتل صديقك؟.
رفعت "ميرنا" يدها بهدوء وخوف على "أحمد" وأخبرته:
- حسنا كما تريد سوف أفعل ونأتي معك في هدوء، ولكن في البداية أبعد هذا السلاح عن وجه صديقي.
أنزل الرجل سلاحه وإدخاله إلى حزام خصره وقال:
- هذا جيد هيا بنا.
أجبر الأثنان على دخل أحدى السيارات المصفحة السوداء للعصابة؛ وبعد مرور ربع ساعة من القيادة على الطريق السريع، وجد أنفسهما أمام قلعة العصابة المحصنة الخاصة بالمافيا.
عند الوصول بدأ "أحمد" في التشهد بصوت منخفض لم يسمع أحد أو يفهمه غير "ميرنا" التي تجلس بجواره وتشعر بمدى قلقه.
عند دخولهم القلعة تم حبسهم داخل غرفة صغيرة عالية في القصر لمدة خمس ليالي، ولكن رغم هذا الحبس الإجباري.
كان أفراد العصابة يهتمون بهما جيداً، ويدخلون إليهم الطعام والشراب دون تقصير في الضيافة.
لذلك شعرت "ميرنا" بوجود شيء غريب يحدث في الأمر، وذلك جعلها تشعر بالاطمئنان قليل، وتتوقف عن الخوف، وتلتقط أنفاسها بحرية.
بعد انتهاء الخمسة أيام فتحت شخص أبواب الغرفة المغلقة وقال:
- إيتها المرأه هيا إلى الخارج.
خرجت "ميرنا" وخلفها حاول "أحمد" ولكنه منعه الرجل واخرج سلاحه يهدده حين أوقفه وقال:
- نريد فقط الفتاة.
- لماذا لم تذهب من دوني.
- أنت أنتظر في الداخل.
نظرت إليه "ميرنا" تحاول تهديه بنظرتها وأخبرته:
- لا تقلق سوف أكون بخير.
- هل أنتِ واثقة؟
- نعم.
بعد ذلك خرجت "ميرنا" من الغرفة، وأغلق الغرفة على "أحمد" مرة أخرى، ولكنه كان يشعر بالخوف والرعب على رفيقته "ميرنا" التي تركها بمفردها تواجه المجهول الذي ينتظرها في الخارج دون معرفة ما يحدث أو الاستعداد له.
أخذ الرجل "ميرنا" إلى غرفة الطعام؛ وهناك وجدت طاولة طعام كبيرة وضخمة، يجلس عليها شاب وسيم وأنيق يجلس بكل شموخ وقوة.
في البداية لم تتعرف عليه، ولكن عندما دققت به، شعرت أنها رأيت هذا الشخص المؤلف الوجه من قبل، لذا أقتربت أكثر تسأله بحيرة:
- أظن أني قابلتك من قبل!
- تفرقنا منذ أيام قليلة لماذا نسيتني ومنحتني من ذكرياتك.
كانت "ميرنا" بالفعل مرت خلال هذه الأيام القليلة بالكثير من الأحداث، وعندما قابلت هذا الشاب مرة أخري لم تستطع التعرف عليه على الفور على عكس هذا الشاب الذي حفر وجهها بداخل ذكرياته وقلبه ملامحه "ميرنا" التي أصبحت منقذة حياته.
نهض الشاب بثقة وسأل "ميرنا" بسعادة:
- أنظري إلى وجهي جيداً.
عندما تفصحت وجهه باهتمام صعقت عندما تذكرته وسألته:
- أنت! أنا أعرفك؟
- لقد تذكرتي أخيراً؟
- أنت ماذا تفعل هنا!
أبتسم الشاب بخبث، وأقترب من الكرسي الذي بجواره على ناحية اليمين، وسحبه وقال:
- سناء تفضلي بالجلوس أرجوكِ؟
- كيف علمت عن اسمي!
- كان في جواز سفرك الذي كان داخل حقيبتك.
اسم سناء هو الاسم المزيف الذي يوجد على بياناتها الشخصية في جواز السفر.
عندما علمت "ميرنا" بأن وضعها الحقيقي لم يكشف بعد، ومازال رجال المافيا تجهل ماهيتها الحقيقية عندها شعرت بالارتياح، ولكن رغم استيعابها لمعظم الأمور كانت تشعر بالخوف من كشف حقيقتها المخفية.
لكن عندما وجدت هذا الرجل المجهول يهتم بها قررت أن تسايره، وتفعل كما يريد، لذى ذهبت بهدوء إلى الكرسي الذي سحبه، وجلست وهي تنظر إليه بغرابة وفضول.
عاد الشاب إلى مكانه، وجلس يحدق في "ميرنا" بسعادة، وجعلتها تلك النظرات تشعر بعدم الارتياح قليلاً.
فسألته بتوتر:
- كيف حال جرحك الآن هل تشعر أنك بخير؟
- نعم أنا بخير والشكر لكِ.
- أنا؟ لماذا!
- لأنك من أنقذت حياتي من براز الموت.
- هذا كنت سوف أفعله من أي شخص كان في مكانك.
- هذا لأنك فتاة ملائكية.
- لا تقل هذا، لقد فعلت ما يجب على الإنسان الطبيعي فعله.
- أنتِ فعلاً ملاك.
عندما كان يجاملها هذا الرجل عندها بدأت في الشعور أن الأمور بخير حتى الآن، لذا أمسكت الملعقة وبدأت في تناول الطعام الذي أمامها دون التحدث في شيء حتى أخبرها هذا الشاب:
- هل تعلمي أني أشعر بالسعادة غامرة لأنك منقذتي.
شعرت "ميرنا" بالإحباط وأخبرته بغضب:
- وهل كان هذا ردك للجميل؟
- ماذا تقصدين!
- هل حبسي داخل غرفة في هذا القصر الضخم هي الجائزة المناسبة التي أكرمتني بها!
- ولكني لم أقم بحبسك.
- إذن ماذا تسمي جلسنا في هذه الغرفة المغلقة لمدة خمسة ليالي؟
- أعتذر منك لم أقصد ذلك، ولكن رجالي عبارة عن حمقى متحركين قبل أن أفقد الوعي أخبرتهم أن يبحثوا عنك يحضروكِ إلى القصر حتى أرد إليكِ الجميل، ولكنهم بعد فقدني الوعي لم يستطيعون التفكير جيداً والتصرف بحكمة.
- هذا لا يهم الآن! كل ما يهمني الآن هو تركي أذهب مع صديقي إلى الخارج؟
- سوف أتركك ولكن.
- ولكن ماذا!
- ليس الآن.
- لماذا!
- أريد التعرف عليكِ أكثر.
- ولكني لا أريد ذلك.
- حسنا على الأقل أتركني أدفع ثمن ما أدينه إليكِ به.
- لا يهم لقد نسيت كل شيء، وأنت ليس ملزم بدفع هذا الدين.
- ولكني لم أدين إلى أحد بشيء من قبل، لذا لا استطيع تجهل ذلك.
جلست "ميرنا" تفكر في هذا الرجل الغريب، ولكن وجودها داخل هذا القصر خطوة كبيرة لم تستطع تحقيقها بسهولة، لذا قررت استغلال الأمر.
رمقته بنظرة خبيثة تسألته:
- هل تريد حقا دفع هذا الدين؟
- بالتأكيد نعم.
- إذن لدي طلب.
- تفضلي.
- لا، ليس الآن سوف أخبرك به في الوقت المناسب.
- حسنا كما تريدي، سوف انتظر هذا الطلب من أجل تحقيقه.
بعد ذلك أكملت طعامها حتى شبعت، وضعت الملعقة والشوكة بجوار طبقها وقالت بجدية:
- الآن هل نستطيع الرحيل؟!
- بالطبع لا.
- لماذا؟
- سوف أتركك ولكن ليس الآن.
- لقد بدأت أندم على إنقاذي لحياتك.
ضحك الشاب بهستيرية وقال:
- لم أجعلك تندمي على ذلك أبداً.
نظرت إليه بفضول تتساءل بداخلها:
- من هذا الشاب؟
وقالت بداخل عقلها هل هو أحد رجال المافيا، هل هو قريب من الزعيم.
استمرت في التفكير، وفحص المكان بعينها المجردة حتى قاطع الشاب أفكارها وقال:
- اسمي شنكوف.
فزعت "ميرنا" ووقعت في حالة من الذهول والصدمة ترمقه بنظرات خوف وغضب:
- هل تمزح!
- لا لماذا؟
- لأني أسمع أن هذا اسم الزعيم.
- هذا صحيح.
- ولكن كيف أنت الزعيم؟
- لماذا؟
- كيف لزعيم مافيا كبيرة مثل هذه يكون زعيمها صغير في السن؟
- هذا بسبب الاستحقاق وليس السن.
- ولماذا أنت؟
- لأني ببساطة أستحق هذا المنصب.
توقفت عن التحدث حتى تفكر للحظات وتجمع شتات نفسها وظلت تتساءل عما ما يجب أن تفعل وتخبر نفسها:
- أنه الزعيم هل اقتله الآن أما أنتظر تحرير بعد تحرير أحمد، ولكن هل سأجد فرصة كهذه مرة أخرى.
استغرقت "ميرنا" داخل أفكارها المتذبذبة، وكان " شنكوف" يراقب ردود أفعال حتى قاطعها يسأله وقال:
- هل تشعرين بالخوف؟
- لا لماذا!
- بسبب الاسم؟
- لا أعرف لماذا اسمك يجب أن يشعرني بالخوف؟
-لأن الكثير من الفتيات شعروا بالخوف بعد سماع اسمي وهربوا بعيداً دون النظر إلى الخلف.
ضحكت "ميرنا" وقالت بسخرية:
- هل معنى اسمك ملاك الموت؟!
أجابها الشاب بجدية:
- أنا جدي في حديثي.
- أظن أنهم محقينً.
- إذن أنت تشعرين بالخوف الآن؟
- لا.
- لماذا؟
- لأني مجرد ضيفة لمدة عدة أيام وسوف أذهب، وليست بحبيبة أو زوجة.
عندما تحدثت بهذه السخرية، أنكسر قلبه، وشعر بخيبة الأمل، وعندما لمحت "ميرنا" ملامح الإحباط واليأس على وجه هذا الشاب شعرت بالغربة، لأنها حتى الآن لم تعلم النية الحقيقية خلف هذا الشاب.
ولكنها كانت تعلم بشيء واحد؛ أن هذا الشاب الذي قامت بإنقاذ حياته كان السبب في مقتل صديقتها العزيزة "منى" التي خسرتها بدون حق، ورفيقها في العمل "أمير"، لذا جرائم هذا الرجل من الصعب محوها والتهاون به.
حاولت "ميرنا" التحكم في أعصابها، وعدم إظهار صدمتها بعد معرفتها بشخصيته الحقيقية، ونظرت إليه بهدوء تجاوبه:
- لا أظن أن اسمك مخيف إلى هذه الدرجة، وأنت وسيم جداً لذا لا تهتم، وسوف تجد فتاة مغفلة لم تهتم باسمك أو عملك.
ضحك " شنكوف" بهستيرية وقال:
- كم أتمنى أن تكوني هذه الفتاة المغفلة.
- ماذا تقصد؟
- أظن أني معجب بكِ كثيراً يا منقذتي.
- هل أنت تمزح؟
- لا أظنني جدي جداً هذه المرة.
عندما أعترف " شنكوف" عن مشاعره الحقيقية التي يشعر بها تجاها في البداية لم تهتم، وتخيلت أنه يمزح معها او يقوم باختيارها، ولكن عندما نظرت إلى عينيه الناعستين التي تبوح بمشاعره التي يكبتها بداخله.
في البداية فزعت ولكنها فما بعد شعرت براحة نفسية بدأت تشكر الله بداخلها لأنها تعلم أن هذا الشخص عدوها اللدود، وبسبب هذه المشاعر لم يقتلها حتى تختفي مشاعر الحب.
نظرت إليه بجدية وأخبرته:
- شنكوف لا تخلط بين مشاعر الامتنان والحب.
- لم أفعل ذلك أني صادق في مشاعري.
- لقد كنت مجرد فتاة أنقذت حياتك، وأنت لم تعرف مشاعر الحقيقية.
شعر " شنكوف" بالإحباط، وقال بصوت منخفض يحدث نفسها:
- الأمر ليس هكذا.
جلست "ميرنا" في غرفة الضيوف حتى تتناول معه فنجان من الشاي بعد انتهائها من الطعام.
جلس " شنكوف" أمامها يتأملها بشغف حتى قطعته "ميرنا" تسألته بفضول:
- ما نوع عملك الحقيقي؟ هل حق تتاجر في البشر!
فزع " شنكوف" وأجابها بتوتر وقلق:
- لا لم أفعل ذلك.
- هل أنت متأكد؟
- نعم، ولكن ما قال لكِ هذا!
- الجميع عندما وصلنا إلى هناك تم تحذير من الجميع بأن لا أذهب إلى مكان بمفردي حتى لا يقبض علي من المافيا وتباع أعضائي.
- هذا كذب وافتراء.
- أتمنى ذلك.
شعر " شنكوف" بالخوف والتوتر من سؤال "ميرنا"، ولأنه كان حقيقي يتاجر في الأعضاء البشرية، ولكنه لم يكن يريد منها معرفة حقيقة عمله القاسية كي لا تكره، وتحاول الهروب من أمامه كمعظم الفتيات الذين وقع في حبهما في الماضي.
لذا كذب عليها وأخبرها:
- أنا فقط مجرد رجل أعمال ناجح.
- في ماذا تعمل؟
- في العقارات والاستثمارات البنكية والبورصة.
- هذا جيد.
كانت "ميرنا" تستمع إلى أجابته، وتضحك بداخلها لأنها كانت تعلم أنه يكذب، وما يتحدث به الآن لا شيء غير هراء.
استمرت "ميرنا" في تناول الشاي، داخل عقلها آلاف الحروب، كان جزء منها يبحث عن طريقة حتى تنقذ بها "أحمد"، وتخرجه من هذا المكان دون أذى، وجزء أخر يريد قتل هذا الرجل بشدة.
كان ما يلجمها هو معرفتها أن حياتها وحياة رفيقها في يد هذا الرجل الخطير، هذا الأمر الوحيد الذي كان يمنعها من التهور.
ولكن كان هذا الرجل الخطير يشعر تجاه "ميرنا" بالانتماء لأنها المرأة الأولى التي تقوم بإنقاذ حياته الغالية.
ولكنها كانت تشعر بالفضول تجاه هذا الرجل وتتساءل عما سوف يفعل عندما يعلم حقيقتها، وسبب وجدها في هذه الدولة هل سوف يتركها وشأنها، أما سوف يقتلها بأبشع الطرق دون رحمة كما يفعل دائماً.
كان "شنكوف بتروس" بالفعل وقع في حب "ميرنا" بشدة وجنون، ومنذ اللحظة الأولى التي قابلها بها قرر متابعتها إلى الأبد.
ولكن "ميرنا" لم تعلم حقيقة مشاعره الجدية تجاها، وكانت تتخيل أنه يفعل ذلك من أجل إيقاعها في الفخ من أجل معرفة خليفتها الحقيقية وسبب وحدها هناك.
وعندما بدأ أحد رجال المافيا في سحب "ميرنا" من كتفها، ومحاولة إجبارها على النهوض من الطاولة والذهاب معهم فزعت، بدأت مع "أحمد" تلقائياً في الدفاع عن نفسهما ومصارعة أفراد العصابة.
عندها حاولت الدفع عن نفسها من بدون إظهار قوتها الحقيقية، واخفاء خبرتها الكبيرة في معرفة الفنون القتالية.
عندما استخدم أحد الرجال قوة أكبر على "ميرنا" وتسببت في آلامها غضب "أحمد" ، وصاح يعلن الاستسلام، وقال بعصبية:
- أرفع يدك عنها أيها الحقير لا تلمسها.
فزع الرجل بسبب صياح "أحمد"، وابتعد فورا عناه، عندها أخرج رجل أخر سلاح ناري ووجهه على جبهة "أحمد" وهددها بصوت مرتفع وقائلاً:
- أظن من الأفضل لكِ القدوم معنا من دون اعتراض حتى لا نقتل صديقك؟.
رفعت "ميرنا" يدها بهدوء وخوف على "أحمد" وأخبرته:
- حسنا كما تريد سوف أفعل ونأتي معك في هدوء، ولكن في البداية أبعد هذا السلاح عن وجه صديقي.
أنزل الرجل سلاحه وإدخاله إلى حزام خصره وقال:
- هذا جيد هيا بنا.
أجبر الأثنان على دخل أحدى السيارات المصفحة السوداء للعصابة؛ وبعد مرور ربع ساعة من القيادة على الطريق السريع، وجد أنفسهما أمام قلعة العصابة المحصنة الخاصة بالمافيا.
عند الوصول بدأ "أحمد" في التشهد بصوت منخفض لم يسمع أحد أو يفهمه غير "ميرنا" التي تجلس بجواره وتشعر بمدى قلقه.
عند دخولهم القلعة تم حبسهم داخل غرفة صغيرة عالية في القصر لمدة خمس ليالي، ولكن رغم هذا الحبس الإجباري.
كان أفراد العصابة يهتمون بهما جيداً، ويدخلون إليهم الطعام والشراب دون تقصير في الضيافة.
لذلك شعرت "ميرنا" بوجود شيء غريب يحدث في الأمر، وذلك جعلها تشعر بالاطمئنان قليل، وتتوقف عن الخوف، وتلتقط أنفاسها بحرية.
بعد انتهاء الخمسة أيام فتحت شخص أبواب الغرفة المغلقة وقال:
- إيتها المرأه هيا إلى الخارج.
خرجت "ميرنا" وخلفها حاول "أحمد" ولكنه منعه الرجل واخرج سلاحه يهدده حين أوقفه وقال:
- نريد فقط الفتاة.
- لماذا لم تذهب من دوني.
- أنت أنتظر في الداخل.
نظرت إليه "ميرنا" تحاول تهديه بنظرتها وأخبرته:
- لا تقلق سوف أكون بخير.
- هل أنتِ واثقة؟
- نعم.
بعد ذلك خرجت "ميرنا" من الغرفة، وأغلق الغرفة على "أحمد" مرة أخرى، ولكنه كان يشعر بالخوف والرعب على رفيقته "ميرنا" التي تركها بمفردها تواجه المجهول الذي ينتظرها في الخارج دون معرفة ما يحدث أو الاستعداد له.
أخذ الرجل "ميرنا" إلى غرفة الطعام؛ وهناك وجدت طاولة طعام كبيرة وضخمة، يجلس عليها شاب وسيم وأنيق يجلس بكل شموخ وقوة.
في البداية لم تتعرف عليه، ولكن عندما دققت به، شعرت أنها رأيت هذا الشخص المؤلف الوجه من قبل، لذا أقتربت أكثر تسأله بحيرة:
- أظن أني قابلتك من قبل!
- تفرقنا منذ أيام قليلة لماذا نسيتني ومنحتني من ذكرياتك.
كانت "ميرنا" بالفعل مرت خلال هذه الأيام القليلة بالكثير من الأحداث، وعندما قابلت هذا الشاب مرة أخري لم تستطع التعرف عليه على الفور على عكس هذا الشاب الذي حفر وجهها بداخل ذكرياته وقلبه ملامحه "ميرنا" التي أصبحت منقذة حياته.
نهض الشاب بثقة وسأل "ميرنا" بسعادة:
- أنظري إلى وجهي جيداً.
عندما تفصحت وجهه باهتمام صعقت عندما تذكرته وسألته:
- أنت! أنا أعرفك؟
- لقد تذكرتي أخيراً؟
- أنت ماذا تفعل هنا!
أبتسم الشاب بخبث، وأقترب من الكرسي الذي بجواره على ناحية اليمين، وسحبه وقال:
- سناء تفضلي بالجلوس أرجوكِ؟
- كيف علمت عن اسمي!
- كان في جواز سفرك الذي كان داخل حقيبتك.
اسم سناء هو الاسم المزيف الذي يوجد على بياناتها الشخصية في جواز السفر.
عندما علمت "ميرنا" بأن وضعها الحقيقي لم يكشف بعد، ومازال رجال المافيا تجهل ماهيتها الحقيقية عندها شعرت بالارتياح، ولكن رغم استيعابها لمعظم الأمور كانت تشعر بالخوف من كشف حقيقتها المخفية.
لكن عندما وجدت هذا الرجل المجهول يهتم بها قررت أن تسايره، وتفعل كما يريد، لذى ذهبت بهدوء إلى الكرسي الذي سحبه، وجلست وهي تنظر إليه بغرابة وفضول.
عاد الشاب إلى مكانه، وجلس يحدق في "ميرنا" بسعادة، وجعلتها تلك النظرات تشعر بعدم الارتياح قليلاً.
فسألته بتوتر:
- كيف حال جرحك الآن هل تشعر أنك بخير؟
- نعم أنا بخير والشكر لكِ.
- أنا؟ لماذا!
- لأنك من أنقذت حياتي من براز الموت.
- هذا كنت سوف أفعله من أي شخص كان في مكانك.
- هذا لأنك فتاة ملائكية.
- لا تقل هذا، لقد فعلت ما يجب على الإنسان الطبيعي فعله.
- أنتِ فعلاً ملاك.
عندما كان يجاملها هذا الرجل عندها بدأت في الشعور أن الأمور بخير حتى الآن، لذا أمسكت الملعقة وبدأت في تناول الطعام الذي أمامها دون التحدث في شيء حتى أخبرها هذا الشاب:
- هل تعلمي أني أشعر بالسعادة غامرة لأنك منقذتي.
شعرت "ميرنا" بالإحباط وأخبرته بغضب:
- وهل كان هذا ردك للجميل؟
- ماذا تقصدين!
- هل حبسي داخل غرفة في هذا القصر الضخم هي الجائزة المناسبة التي أكرمتني بها!
- ولكني لم أقم بحبسك.
- إذن ماذا تسمي جلسنا في هذه الغرفة المغلقة لمدة خمسة ليالي؟
- أعتذر منك لم أقصد ذلك، ولكن رجالي عبارة عن حمقى متحركين قبل أن أفقد الوعي أخبرتهم أن يبحثوا عنك يحضروكِ إلى القصر حتى أرد إليكِ الجميل، ولكنهم بعد فقدني الوعي لم يستطيعون التفكير جيداً والتصرف بحكمة.
- هذا لا يهم الآن! كل ما يهمني الآن هو تركي أذهب مع صديقي إلى الخارج؟
- سوف أتركك ولكن.
- ولكن ماذا!
- ليس الآن.
- لماذا!
- أريد التعرف عليكِ أكثر.
- ولكني لا أريد ذلك.
- حسنا على الأقل أتركني أدفع ثمن ما أدينه إليكِ به.
- لا يهم لقد نسيت كل شيء، وأنت ليس ملزم بدفع هذا الدين.
- ولكني لم أدين إلى أحد بشيء من قبل، لذا لا استطيع تجهل ذلك.
جلست "ميرنا" تفكر في هذا الرجل الغريب، ولكن وجودها داخل هذا القصر خطوة كبيرة لم تستطع تحقيقها بسهولة، لذا قررت استغلال الأمر.
رمقته بنظرة خبيثة تسألته:
- هل تريد حقا دفع هذا الدين؟
- بالتأكيد نعم.
- إذن لدي طلب.
- تفضلي.
- لا، ليس الآن سوف أخبرك به في الوقت المناسب.
- حسنا كما تريدي، سوف انتظر هذا الطلب من أجل تحقيقه.
بعد ذلك أكملت طعامها حتى شبعت، وضعت الملعقة والشوكة بجوار طبقها وقالت بجدية:
- الآن هل نستطيع الرحيل؟!
- بالطبع لا.
- لماذا؟
- سوف أتركك ولكن ليس الآن.
- لقد بدأت أندم على إنقاذي لحياتك.
ضحك الشاب بهستيرية وقال:
- لم أجعلك تندمي على ذلك أبداً.
نظرت إليه بفضول تتساءل بداخلها:
- من هذا الشاب؟
وقالت بداخل عقلها هل هو أحد رجال المافيا، هل هو قريب من الزعيم.
استمرت في التفكير، وفحص المكان بعينها المجردة حتى قاطع الشاب أفكارها وقال:
- اسمي شنكوف.
فزعت "ميرنا" ووقعت في حالة من الذهول والصدمة ترمقه بنظرات خوف وغضب:
- هل تمزح!
- لا لماذا؟
- لأني أسمع أن هذا اسم الزعيم.
- هذا صحيح.
- ولكن كيف أنت الزعيم؟
- لماذا؟
- كيف لزعيم مافيا كبيرة مثل هذه يكون زعيمها صغير في السن؟
- هذا بسبب الاستحقاق وليس السن.
- ولماذا أنت؟
- لأني ببساطة أستحق هذا المنصب.
توقفت عن التحدث حتى تفكر للحظات وتجمع شتات نفسها وظلت تتساءل عما ما يجب أن تفعل وتخبر نفسها:
- أنه الزعيم هل اقتله الآن أما أنتظر تحرير بعد تحرير أحمد، ولكن هل سأجد فرصة كهذه مرة أخرى.
استغرقت "ميرنا" داخل أفكارها المتذبذبة، وكان " شنكوف" يراقب ردود أفعال حتى قاطعها يسأله وقال:
- هل تشعرين بالخوف؟
- لا لماذا!
- بسبب الاسم؟
- لا أعرف لماذا اسمك يجب أن يشعرني بالخوف؟
-لأن الكثير من الفتيات شعروا بالخوف بعد سماع اسمي وهربوا بعيداً دون النظر إلى الخلف.
ضحكت "ميرنا" وقالت بسخرية:
- هل معنى اسمك ملاك الموت؟!
أجابها الشاب بجدية:
- أنا جدي في حديثي.
- أظن أنهم محقينً.
- إذن أنت تشعرين بالخوف الآن؟
- لا.
- لماذا؟
- لأني مجرد ضيفة لمدة عدة أيام وسوف أذهب، وليست بحبيبة أو زوجة.
عندما تحدثت بهذه السخرية، أنكسر قلبه، وشعر بخيبة الأمل، وعندما لمحت "ميرنا" ملامح الإحباط واليأس على وجه هذا الشاب شعرت بالغربة، لأنها حتى الآن لم تعلم النية الحقيقية خلف هذا الشاب.
ولكنها كانت تعلم بشيء واحد؛ أن هذا الشاب الذي قامت بإنقاذ حياته كان السبب في مقتل صديقتها العزيزة "منى" التي خسرتها بدون حق، ورفيقها في العمل "أمير"، لذا جرائم هذا الرجل من الصعب محوها والتهاون به.
حاولت "ميرنا" التحكم في أعصابها، وعدم إظهار صدمتها بعد معرفتها بشخصيته الحقيقية، ونظرت إليه بهدوء تجاوبه:
- لا أظن أن اسمك مخيف إلى هذه الدرجة، وأنت وسيم جداً لذا لا تهتم، وسوف تجد فتاة مغفلة لم تهتم باسمك أو عملك.
ضحك " شنكوف" بهستيرية وقال:
- كم أتمنى أن تكوني هذه الفتاة المغفلة.
- ماذا تقصد؟
- أظن أني معجب بكِ كثيراً يا منقذتي.
- هل أنت تمزح؟
- لا أظنني جدي جداً هذه المرة.
عندما أعترف " شنكوف" عن مشاعره الحقيقية التي يشعر بها تجاها في البداية لم تهتم، وتخيلت أنه يمزح معها او يقوم باختيارها، ولكن عندما نظرت إلى عينيه الناعستين التي تبوح بمشاعره التي يكبتها بداخله.
في البداية فزعت ولكنها فما بعد شعرت براحة نفسية بدأت تشكر الله بداخلها لأنها تعلم أن هذا الشخص عدوها اللدود، وبسبب هذه المشاعر لم يقتلها حتى تختفي مشاعر الحب.
نظرت إليه بجدية وأخبرته:
- شنكوف لا تخلط بين مشاعر الامتنان والحب.
- لم أفعل ذلك أني صادق في مشاعري.
- لقد كنت مجرد فتاة أنقذت حياتك، وأنت لم تعرف مشاعر الحقيقية.
شعر " شنكوف" بالإحباط، وقال بصوت منخفض يحدث نفسها:
- الأمر ليس هكذا.
جلست "ميرنا" في غرفة الضيوف حتى تتناول معه فنجان من الشاي بعد انتهائها من الطعام.
جلس " شنكوف" أمامها يتأملها بشغف حتى قطعته "ميرنا" تسألته بفضول:
- ما نوع عملك الحقيقي؟ هل حق تتاجر في البشر!
فزع " شنكوف" وأجابها بتوتر وقلق:
- لا لم أفعل ذلك.
- هل أنت متأكد؟
- نعم، ولكن ما قال لكِ هذا!
- الجميع عندما وصلنا إلى هناك تم تحذير من الجميع بأن لا أذهب إلى مكان بمفردي حتى لا يقبض علي من المافيا وتباع أعضائي.
- هذا كذب وافتراء.
- أتمنى ذلك.
شعر " شنكوف" بالخوف والتوتر من سؤال "ميرنا"، ولأنه كان حقيقي يتاجر في الأعضاء البشرية، ولكنه لم يكن يريد منها معرفة حقيقة عمله القاسية كي لا تكره، وتحاول الهروب من أمامه كمعظم الفتيات الذين وقع في حبهما في الماضي.
لذا كذب عليها وأخبرها:
- أنا فقط مجرد رجل أعمال ناجح.
- في ماذا تعمل؟
- في العقارات والاستثمارات البنكية والبورصة.
- هذا جيد.
كانت "ميرنا" تستمع إلى أجابته، وتضحك بداخلها لأنها كانت تعلم أنه يكذب، وما يتحدث به الآن لا شيء غير هراء.
استمرت "ميرنا" في تناول الشاي، داخل عقلها آلاف الحروب، كان جزء منها يبحث عن طريقة حتى تنقذ بها "أحمد"، وتخرجه من هذا المكان دون أذى، وجزء أخر يريد قتل هذا الرجل بشدة.
كان ما يلجمها هو معرفتها أن حياتها وحياة رفيقها في يد هذا الرجل الخطير، هذا الأمر الوحيد الذي كان يمنعها من التهور.
ولكن كان هذا الرجل الخطير يشعر تجاه "ميرنا" بالانتماء لأنها المرأة الأولى التي تقوم بإنقاذ حياته الغالية.
ولكنها كانت تشعر بالفضول تجاه هذا الرجل وتتساءل عما سوف يفعل عندما يعلم حقيقتها، وسبب وجدها في هذه الدولة هل سوف يتركها وشأنها، أما سوف يقتلها بأبشع الطرق دون رحمة كما يفعل دائماً.
كان "شنكوف بتروس" بالفعل وقع في حب "ميرنا" بشدة وجنون، ومنذ اللحظة الأولى التي قابلها بها قرر متابعتها إلى الأبد.
ولكن "ميرنا" لم تعلم حقيقة مشاعره الجدية تجاها، وكانت تتخيل أنه يفعل ذلك من أجل إيقاعها في الفخ من أجل معرفة خليفتها الحقيقية وسبب وحدها هناك.