الفصل التاسع اختطاف

عادوا الاثنان إلى الوطن بخير وأمان كما وعدها "شنكوف"، وعند وصولهم المطار وجدت "ريهام" من فريق الضبع تنتظر وصولهم أمام مخرج باب الطائرة.

عند رؤيتها شعرت "ميرنا" بوجود شيء مريب، وهذا الأمر أشعرها بعدم الارتياح والقلق، لأنها كانت السابقة الأولى التي تحدث خلال العمل محاولة التقاء الأعضاء مع بعضهما خارج المنظمة بدون ترتيب أثناء العمل.

أقتربت "ميرنا" من "ريهام" تسألها:
- ما الذي يحدت يا سفن؟ ماذا تفعلين هنا!

سفن هو لقب "ريهام" داخل المنظمة، وعضوة فرق الضبع، وهو الفريق الذي كونته "ميرنا" من إثنين وهما "ريهام وفاروق" من أجل تكوين فريق لمراقبة منزل "أدهم الشرقاوي" زوج الشهيدة "منى" وابنتها.

أجابتها "ريهام" بتوتر وقلق:
- وان يجب عليكم الذهاب إلى مقر المنظمة حالياً.

عندما وجدتها متوترة إلى هذه الدرجة علمت بوجود شيء خطأ لم تستطع "ريهام" التحدث به.

لذا وافقت "ميرنا" على طلبها، وذهبت معهما بهدوء بعد أخبارها:
- حسنا هيا بنا.

كان المطار الذي وصل إليه "ميرنا وأحمد" مختلف في المكان، وبعيداً عن المطار الذي يوجد أسفله مقر المنظمة.

صعدوا إلى سيارة "ريهام"، وذهبُ إلى مقر مركز المنظمة، وهناك دخلت "ميرنا" بمفردها إلى القائد كما جاء في الأوامر.

عند دخولها سألت القائد بتوتر:
- سيدي ما الذي يحدث؟!

- أجلسي يا وان حتى نتحدث بهدوء.

جلست "ميرنا" على الكرسي الذي أمام مكتب القائد، بدأت تنتبه إلى حدث:
- وان هناك أمر سيء حدث خلال غيابك.

- ما الذي حدث سيدي؟

- أنها ابنة الضابط منى لقد تم خطفها.

فزعت "ميرنا" وصاحت:
- ماذا تقول؟ كيف ومتى حدث ذلك!

- حصل منذ عشرون ساعة.

- كيف يحدث ذلك أثناء وضعهم تحت مراقبة الفريق؟

- لقد تم خداعهم.

- هذا سيء جداً.

- أعلم ذلك، ولكن لاتقلقي سوف نجدها قريباً.

- سيدي هل يوجد أخبار من الخاطف؟

- حتى الآن كل شيء مغيم، لعدم وجود دليل ملموس.

- ما كان يجب أن أتركها وأسافر إلى الخارج.

- أهدئ يا وان كل شيء تحت السيطرة حتى الآن، وسوف يصير الوضع على ما يرام قريباً.

- كيف ذلك؟ ومصير هذه الطفلة ليس واضح حتى الآن!

شعر القائد بالإحراج لتقصيره في حق الشهيدة "منى" التي كانت أفضل أعضاء فريقه.

وشعرت "ميرنا" بالخوف والرعب على الطفلة الصغيرة التي حرمت من والدتها باكرا، وأصبحت حياتها الآن ممتلئة بالكوارث فجأة.

أرادت "ميرنا" أن تذهب، وتبحث عنها بنفسها في كل مكان، ولكن كان عقلها متوقف، ويمنعها من التحرك حتى تجد دليل يدلها على مكان وجودها.

دخلت "ريهام" غرفة القائد تخبرهم:
- سيدي لقد وصلت معلومات جديدة.

- هذا جيد يا سفن.

ألتفت إلى "ميرنا" وأخبرها:
- وان لنذهب إلى مركز القيادة.

ذهب الجميع إلى مركز القيادة، ووقف القائد أمام شاشات المراقبة يراقب الوضع، ويستمع إلى شرح أحد الضباط الجالس أمام أحد الأجهزة.

بدأ القائد بالسؤال:
- سمير ما الجديد؟

سمير هو اسم مستعار للضابط مروان.

فزع ضابط الاتصالات، ونهض من مكانه يلتفت إلى القائد، ويرفع يديه تجاه رأسه لكي يؤدي التحية العلم:
- أمرك سيدي.

- ما الذي وجدت؟

- لقد تم الكشف عن الذي خلف هذا الاختطاف.

- إذن أخبرني بالتفاصيل.

- هناك منافس لوالد الطفلة في العمل اكتشفنا أنه خلف هذا الأمر.

- كيف كشفت هذا الأمر؟

- تدخل فريق النمر، وتوصل إلى هواية الخاطف.

- هذا جيد، ولكن هل توصلت إلى مكان الطفلة.

- مازال جاري البحث، ولكن علمت من الجاسوس الذي أرسل الطفلة إلى الخاطف.

- من الذي فعل هذا؟

- الخادمة يا سيدي.

- هل تعلم الخادمة مكان الطفلة؟

- بعد القبض على الخادمة، والتحقيق معها اعترفت بكل شيء، ولكنها تنكر معرفتها بمكان الطفلة.

- حسنا، هل تواصل الفريق الأرضي إلى شيء جديد؟

- لا يا سيدي.

كانت "ميرنا" تقف تستمع إلى كل هذا الأمور بخوف وقلق، لا تفكر غير في شيء واحد وهو:
- ماذا سأفعل الآن.

بعد أبلغ القائد كل المعلومات والتفاصيل الجديدة، عاد الضابط "سمير"، وجلس في مكانه مرة أخرى، وأكمل ما يقوم به من عمل.

وكان القائد يقف يراقب سير العمل مع "ميرنا وأحمد وريهام" يفحصون التفاصيل للبحث عن الصغيرة من أجل إنقاذها من الخطف.

أثناء البحث في الملفات التي تخص قضية خطف الطفلة لاحظت "ميرنا" ثغرة لم ينتبه إليه أحد، لذا سحبت "أحمد" من ذراعه وخرجت.

عندما لمحت "ريهام" هذا التصرف، شعرت بوجود شيء تخفيه عن قائدها، لذا أسرعت خلفهم حتى تبحث عن السبب.

سألها "أحمد" بتوتر:
- وان ماذا حدث؟

وجاءت "ريهام" وقالت:
-ماذا وجدتي من جديد يا وان؟

أخبرتهم بهدوء:
- لقد وجدت ثغرة سوف نذهب بأنفسنا؟!

أجابت "ريهام" بسعادة:
- هذا جيدا لنذهب ونخبر القائد.

كانت "ميرنا" لا تريد إخبار أحد عن هذا الآمر، لأنها لم تعد تثق في أحد، ولهذا سحبت "أحمد " إلى الخارج من ذراعه دون معرفة أحد.

ولكن "ريهام" وضعتها أمام الآمر الواقع، وأجبرتها دون أن تدرك للذهاب إلى القائد والتحدث معه.

ذهبت "ميرنا" إلى القائد وأخبرته:
- سيدي لدى أمر أخبرك به.

- ما الأمر يا وان؟

- عندما فحصت الملفات أكتشف أن الخاطف اختفى قبل نقطة التفتيش بمئة وخمسون متر.

- نعم هذا حقيقي.

- هل تم فحص هذه المنطقة جيداً!

- نعم لقد تم ذلك.

- هل بحثتم في المنازل الريفية؟

- منازل ريفية !

- نعم سيدي.

- كيف علمتِ بوجود منازل ريفية في هذه المنطقة؟!

- والدتي تملك واحد في هذة المنطقة، والكثير من رجال الأعمال المشهورين، والأثرياء لديهم منزل هناك يمتلكونه كي يبتعدون عن الضوضاء الثرثرة.

- لا أعلم عن هذا الأمر، ولكن تم تمشيط المنطقة جيداً خلال الفترة الماضية.

قاطع حديثهم الضابط فجأة قائلًا:
- سيدي لقد حدث أمر.

- ما الأمر يا سمير؟

- لقد استلام والد الطفلة مكالمة هاتفية من رقم غريب، وهو في طريقه إلى البنك الآن.

- هل علمت مع من تحدث في هذه المكالمة؟

- لا يا سيدي.

- هل سألت الوالد؟

- لقد رفض الوالد التعامل مع الشرطة.

- هذا سيء رقبه جيداً من الآن.

نظر إلى "ميرنا" بعصبية قائلاً:
- لماذا كل رجال الأعمال متهورين هكذا؟

- لا أعلم يا سيدي لا يوجد رجل أعمال في عائلتي!

- هذه مزحة سخيفة.

- اعتذر سيدي، ولكن أظنه فقط الثقة في رجل الشرطة.

- إذن ماذا ستفعلين الآن؟

- أطلب من سيادتكم السماح حتى أذهب إلى هذه المنطقة مع أحمد والبحث هناك.

- سوف أسمح لكِ بذلك، ولكن أن لم تجدي شيء في أسرع وقت عودي، وساعدي فريقك في البحث.

- حسنا سيدي، سوف أذهب الآن.

بعد ذلك التفت، ونظرت إلى "أحمد" وقالت:
- هيا بنا.

ذهب الاثنان إلى المنطقة المحددة التي أختفت بها الخاطف، بدأ البحث في كل مكان حتى توصلت إلى منزل أشعرها بالريبة وعدم الارتياح.

نظرت "ميرنا" إلى "أحمد" تخبره:
- سوف أدخل إلى هذا المنزل، وفحصه من بالداخل.

- كيف نتعل ذلك،؟ ويوجد سكن داخل المنزل!

- ندخل بهدوء دون أن يشعر بينا أحد.

- لماذا لن نطرق الباب؟ ونفحص هواية السكان؟

- ذلك سيكون خطر على الطفلة.

- لماذا؟

- أولاً بسبب عنصر المفاجأة، وثانياً أعلم من صاحب هذا المنزل.

- من صاحبه؟

- رجل غريب الأطوار.

- إذن هذا جيد.

- بالطبع لا.

- لماذا؟

- لأن صاحب المنزل صديق والدتي، وأيضاً منافس زوج منى في العمل.

- هل ذلك يعني أنك تشكين في أمر هذا المنزل.

- بالتأكيد.

- إذن لنذهب إلى السيارة، وننتظر حتى منتصف الليل ونعود.

- أفكر في هذا أيضاً.

عادوا إلى السيارة، وانتظروا حتى أخر الليل، وفي الوقت المحدد بدل "أحمد وميرنا" ملابسهم، وتم ارتداء زي العمل الأسود.

بعد إطفاء أنوار المنزل، ونوم الجميع اقتحموا المنزل يزحفون بهدوء إلى الداخل من خلال النافذة حتى لا يشعر به أحد.

خلال فحصهم المنزل تقابلوا مع بعض الرجال الخاطفين، ولكنهم نجحوا في الانقضاض عليهم وشل حركتهم.

وصلت إلى غرفة مغلقة بالقفل في الطابق الثاني، وبعد كسر القفل بنجاح، والدخول إلى الغرفة وجدت الطفلة جالسة على السرير تبكي منهارة من الخوف.

قامت باحتضانها كي تطمئن الطفلة، وظلت تخبرها بصوت هادي ومنخفض:
- لا تخافي يا غالتي لقد جاءت من أجل إنقاذ حياتك.  

بكت الطفلة أكثر وقالت:
- أبي أريد الذهاب إلى أبي.

- حسنا لنذهب إلى والدك عزيزتي.

حملت "ميرنا" الطفلة، ونزلت من الدرج، وكان "أحمد" يسير أمامها بهدوء يؤمن لهم طريق الخروج.

كانت "ميرنا" تلف نفسها بالسواد، لذلك لم تستطع الطفلة معرفة شكلها، ولكن كان حضن "ميرنا" يشعرها بالراحة والاطمئنان مثل حضن والدتها.

كانت "ميرنا" تحرص على أن لم ترى الطفلة وجهها كي لا تتعرف عليها عندما تقترب منها في المستقبل، ولكن هذه الطفلة الصغيرة كانت مميزة جداً مثل والدتها.

لأنها بعد الصعود إلى السيارة نظرت إلى "ميرنا" تسألها:
- هل أنتِ صديقة والدتي؟

فزعت "ميرنا" من سؤالها الغريب المفاجئ وسألتها:
- لماذا تسألني هذا السؤال؟

ضحكت الطفلة ببراءة وأجابت:
- لأن والدتي أخبرتني أن صديقتها المقربة هي الشخص الوحيد الذي يمتلك نفس رائحتها، ولديها نفس شجعتها، وسوف تنقذني إن وقعت في الخطر أثناء غيابها.

فزعت ميرنا من حديث الطفلة، ولم تستطع الإجابة على اسالتها المفاجئة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي