٢
كانت بداياتي مخيفة على ذلك الكوكب الغريب فأنا وحيدة وأجهل المكان ومخاطره، بقيت هكذا امشي بلا هدف ولامعنى وقواي قد تهالكت، حتى جاء ذلك اليوم حيث مضى على وجودي ثلاثة أيام تقريباً، وسمعت جلبةً قويةً في أحد أقسام المركبة.
خفت كثيراً جداً وتمالكني الخوف ،ولكن شجعت نفسي وقررت ان أعرف ماهو السبب، تقدمت بهدوء وفتحت باب ذلك القسم بعد أن فهمت طريقة التعامل مع تلك المركبة من خلال الكتاب المصغر الذي وجدته فيها.
والصدمة هي أنني عثرت يومها على أربعة أشخاص هناك، لم أكن اعرف لحظتها بماذا شعرت .
"ترى هل أخاف لأنهم غرباء ولا أعرف خلفياتهم السلوكية؟ أم أفرح لانني وجدت بشراً مثلي؟"
فتماسكت وتقدمت منهم وقلبي ينتفض خوفاً فخاطبني أحدهم بغرابة وقال:
_أهلا كارينا هل عدت أخيرا ً ما الذي لاحظته على هذا الكوكب.
فحملقت به قائلةً بإستغراب حقيقي:
_كارينا!
_ماذا بك عزيزتي هل نسيت اسمك؟
فسخر مني وتابع قائلاً:
_ لقد خرجت بعد إصابتنا جميعاً برضوض نتيجة الارتطام القوي للمركبة، لتجدي لنا حلاً ما.
فقال أخر بنزق:
هل وجدت شيئاً أيتها المدعية الفاشلة؟
صمت وقلت في نفسي:
_لماذا يخاطبني هذا الرجل بهذا الاسم ولم يكلمني الأخر بهذه الطريقة القاسيةومن يكونا؟
كرر الأول سؤاله:
_ماذا اكتشفت؟ هيي كارينا ما بك أجيبي؟
فقلت لأفهم أكثر:
_لا لم اجد شيئاً حتى الآن، لكنني اكتشفت أن هذا المكان مليء بالأوكسجين أي أن الحياة ممكنة عليه.
قال الأخر وهو يئن وكأنه تعرّض لإصابةٍ قويةٍ:
_هذا أمرٌ مبشّر بالخير.
فسمعته يحاول إيقاظ الاثنين الأخرين:
_جاك، مارك استيقظا لقد اكتشفت كارينا أمراً مفرحاً.
فوجه المدعو مارك كلامه إلى الأول مخاطباً:
_هل تعلم يا جون أن الأمر سيكون مسليّاً جدّاً.
فصرخ جون به غاضباً:
_أي تسلية هذه أيها الأحمق؟
ثم وجه كلامه للرابع قائلاً:
_دعه يصمت يا بيلي وإلا سأحطم رأسه.
من تلك المحادثة البسيطة المليئة بالمشاحنات حددت أسماءهم (بيلي، جون، مارك، وجاك) شعرت ان الأمر أصبح أكثر راحة رغم كل الضياع الذي يحيط بي، فوجودي وحيدةً هنا كان سيقتلني خلال أيام ولكنني تساءلت مع نفسي:
"هل جن الجميع؟ لماذا ينادونني بذاك الاسم الغريب كارينا، ألم يلاحظوا الاختلاف بالشكل مثلاً؟"
فتجرأت بالسؤال لأحدهم:
_ألا يوجد غرفةٌ خاصةٌ بي هنا أو اي شيءٍ للاستحمام مثلا؟
ضحك الجميع وقالوا:
_هل أصابك نوع من فقدن الذاكرة يا كارينا؟
_ربما فهل اخبرني أحدكم بالاجابة.
أرشدني جاك إلى المكان فأغلقت الباب خلفي وبينما أبحث، رفعت رأسي فصرخت بملءِ صوتي:
_يا إلهي من هذه، هذه ليست أنا، ربّاه ما الذّي يحدث لي؟
أكاد أجن فأنا أرى وجهاً في تلك المرآة المعلقة في هذه الغرفة المخصصة للملابس، فلم أكن أنا، لقد كان جسداً ووجهاً لكارينا كوست، تباً لولعي بتلك الممثلة وأفلامها.
ورحت أحدث نفسي وأنا أرتجف من الصدمة:
"يا الله أي ذنب كبير اقترفت حتى أعاقب هكذا، لقد خسرت بيتي ووطني وأهلي وكوكبي، و الآن أفقد هويتي وشكلي، هل يستحق ذنبي كلّ هذا؟"
تذكرت في هذه اللحظة كل أخطاءي وتكبري وعنفواني الأحمق مع أمي وأبي وبقية الناس.
فرحت أصرخ:
_سامحني يا الله أرجوك، لم أكن أفهم معنى التكبر وعاقبته، يا إلهي أرجوك أريد العودة إلى بيتي وحياتي.
صرت أبكي وأبكي دون أي تغيير وفجاة سمعت نقراً على الباب وصوتاً ينادي:
_هييه كارينا هل أنت بخير؟ تعالي فوراً، هناك مشكلة تواجهنا نحتاج مساعدتك فوراً.
وددت لو أهجم على هذا الرجل وأبرحه ضرباً ولكنني هدأت وتماسكت ،ورضخت للأمر الواقع فما باليد حيلة وقلت وأنا انضر أمامي بحزم:
"كارينا أو سواها لا يهم ما زلت أسيرة هذا المكان وعلي الصمود حتى أجد حلاً لهذه المصيبة."
مسحت دموعي ورتبت شعري الذي كدت أن أنتفه قبل قليل لكثرة غضبي، ثم نفضت غبار التعب النفسي عني، وتظاهرت بأني بخير وخرجت إليهم ثم قلت:
_ ماذا هناك الآن؟
قال جاك بطريقة يملؤها الاستهزاء:
_هناك عطل في المركبة ولن نستطيع إصلاحه قبل أشهر؛ لذلك علينا أن نستكشف المكان هنا؛ لتستمر حياتنا أطول وقتٍ ممكن.
رددت بنزق:
_ وما المطلوب مني أنا؟ لقد حاولت ولم أتوصل إلى شيء.
_أنا وأنت بحالةٍ صحيةٍ جيدة، لذلك نحن الأكفءُ لهذه المهمة، فتفضلي معي؛ لنحاول ثانيةً.
_يا إلهي، أنا لا أحب المخاطرة.
_أضحكتني جداً وما نحن فيه الآن، هل يسمى رحلة في ربوع بلادي الجميلة؟ كفي رجاءً وتعالي معي.
قلت لنفسي:
"فاقني هذا الرجل غطرسة ً ويبدو أن الله جمعنا سوياً ليعاقبنا معاً."
ذهبت معه وأنا أشعر بالنزق بسببه ورحت أمشي معه في ذلك المكان دون أي خطة، لقد كان هو يحمل أجهزةً غريبةً في يده ويحمل نفس الساعة التي في يدي.
وددت أن أسأله عنها لكنني خفت أن يسخر مني لكنه لاحظ مراقبتي لها فقال:
_هذه الساعة الغريبة، لا أعلم سبب وجودها في أيدينا، لكن لها ميزات عجيبة ويبدو أنها ليست ساعةً عادية.
تظاهرت بأنني لا أهتم وقلت:
_امممم، ومن سألك عنها أصلاً؟
_بتِ مغرورة جداً كارينا، ما الذي دهاك؟
قلت لنفسي:
_هل يقصد أن طبيعة كارينا كانت مختلفة؟
_هيا بنا ولا تكثر الثرثرة.
وبينما نحن نستكشف سرح بي الخيال إلى عالمي وتصرفاتي لأتذكر صديقتي ساندي التي كنت أهينها دائماً وأتقصد السوء في معانلتي لها؛ لأصحو على صوته وهو يناديني :
_هييي كارينا، كارينا، تعالي وانظري هذه التربة، لونها غريب.
_فعلا ليست بنية بل أقرب للصفراء المكمدة.
_لا أعتقد أن طبيعة هذا الكوكب صحراوية
_لا إنظر خلفك إلى تلك النباتات الكثيرة، لا أعتقد أنا أيضاً.
_لكن شكل تلك النباتات غريب جداً.
أمسك بحفنة تراب ولمسها بيديه المجعدتين بعض الشيء وقال لي:
_وقد تماسكت من أن أسخر منه_عبارة لم أفهمها:
_إن رائحتها غريبة يبدو أن نسبة الأزوت فيها عالية جيدا وهذا هو سبب شكل النباتات الغريبة.
وفجأةً صرخت؛ ليلتف إلي ويجد إحدى تلك النباتات قد التفت على خصري وأخذت تضغط بقوة وتتعملق بسرعة رهيبة.
_يا إلهي ما الذي يجري، أي نوع من التباتات تلك؟ جاك أرجوك ساعدني.
صرخت يفزع ليتحدث
_اهدأي سأساعدك، أحمل في جيبي سكيناً لا تخافي.
شعرت بالخوف، خارت قواي، حتى الصراخ بدأ يخفت فلم أعد أشعر بالقدرة عليه.
_جاك أشعر أني أختنق، وأفقد توازني.
فأسرع جاك وحاول قطع النباتات من حولي حتى نجح بصعوبة، فقد كانت تتعملق بسرعة وتلتف حولي أكثر فسقطت على الأرض ولا أتذكر متى استيقظت.
_هل أنت بخير الآن؟ حمداً لله على السلامه.
_أيةُ سلامة يا هذا؟ يبدو أننا وقعنا في فخٍ مجهولِ الهوية، انظر إلى الجروح التي ملأت جسدي.
قال بطريقة جعلتني أشعر بالقرف منه:
_جسدك، تبا كم تبدين جميلة يا كارينا!
ولعق بلسانه الشفة السفلى.
فقلت له:
_تباً لكم أنتم الرجال، هل أنت بعقلك يا من تدعى جاك، احذر غضبي، وحاول أن تفكر بأي شيء ينقذنا من المجهول القادم إلينا جميعاً.
_ أعتذر وأدعو الله أن لا يكون كلامك صحيحاً، هيا بنا لنعود إلى المركبة بسرعة قبل أن يحل الظلام.
حملني على ظهره رغماً عني، ورغم محاولتي للنزول لكن قواي كانت منهارة، وفي منتصف الطريق جلس يرتاح، فقلت له:
_شكراً لك، لقد أنقذت حياتي.
وتذكرت أنني لم أفعلها يوماً قصة الشكر هذه عندنا كنت على الأرض.
ثم تذكرت أهلي واشتقت لهم كثيراً، ووددت أن أصرخ:
_أماه أنا جائعة جداً.
وتوالت الذكريات السيئة لتصل إلى مطبخ أمي، يومها كانت تطبخ أمي وأنا كنت عائدة من المدرسة، فصرخت:
_أمي لقد عدت
فقالت لي بلطف:
_اغسلي يديك، فالطعام جاهز صغيرتي .
وعندما دخلت المطبخ ورأيت ذلك النوع من الطعام الذي لا أحب تناوله، رحت أصرخ وألومها وكسرت أواني المطبخ وسببت لها الحزن والتعب، فعرفت حين تذكرت معنى ما جرى لي فقلت لنفسي:
"آهًٍ يا أمي، سامحيني، كم أشتاقك وأشتاق طعامك."
صحوت من ذكرياتي فجأة على صوت جاك الذي قال لي:
_هيا بنا علينا متابعة الطريق بسرعة، فلا نعلم أي مخاطر قد تلاقينا وخاصةً بعد ما حصل معنا.
_هيا بنا، سأواصل الطريق مشيا على قدمي، شكرا لك.
_تمام.
وبعد دقائق من مسيرنا لا أدري لماذا سألته عن علاقته بأهله هو الأخر قائلةً:
_هل كانت علاقتك مع أهلك جيدة؟
فنظر إلي باستغراب وكأنه يقول لي في نفسه:
"أي جرأةٍ لديك لتسألي عن ما لا علاقة لك به"
فرد قائلً:
_لا أعلم سبب سؤالك هذا ولكن سأجيب، للأسف لم أكن ابناً صالحاً لوالدي وخاصةً أبي
فسكت دون تعليق، ويبدو أنني فهمت سبب وجودي مع هذه المجموعة تحديداً من البشر.
يتبع....
خفت كثيراً جداً وتمالكني الخوف ،ولكن شجعت نفسي وقررت ان أعرف ماهو السبب، تقدمت بهدوء وفتحت باب ذلك القسم بعد أن فهمت طريقة التعامل مع تلك المركبة من خلال الكتاب المصغر الذي وجدته فيها.
والصدمة هي أنني عثرت يومها على أربعة أشخاص هناك، لم أكن اعرف لحظتها بماذا شعرت .
"ترى هل أخاف لأنهم غرباء ولا أعرف خلفياتهم السلوكية؟ أم أفرح لانني وجدت بشراً مثلي؟"
فتماسكت وتقدمت منهم وقلبي ينتفض خوفاً فخاطبني أحدهم بغرابة وقال:
_أهلا كارينا هل عدت أخيرا ً ما الذي لاحظته على هذا الكوكب.
فحملقت به قائلةً بإستغراب حقيقي:
_كارينا!
_ماذا بك عزيزتي هل نسيت اسمك؟
فسخر مني وتابع قائلاً:
_ لقد خرجت بعد إصابتنا جميعاً برضوض نتيجة الارتطام القوي للمركبة، لتجدي لنا حلاً ما.
فقال أخر بنزق:
هل وجدت شيئاً أيتها المدعية الفاشلة؟
صمت وقلت في نفسي:
_لماذا يخاطبني هذا الرجل بهذا الاسم ولم يكلمني الأخر بهذه الطريقة القاسيةومن يكونا؟
كرر الأول سؤاله:
_ماذا اكتشفت؟ هيي كارينا ما بك أجيبي؟
فقلت لأفهم أكثر:
_لا لم اجد شيئاً حتى الآن، لكنني اكتشفت أن هذا المكان مليء بالأوكسجين أي أن الحياة ممكنة عليه.
قال الأخر وهو يئن وكأنه تعرّض لإصابةٍ قويةٍ:
_هذا أمرٌ مبشّر بالخير.
فسمعته يحاول إيقاظ الاثنين الأخرين:
_جاك، مارك استيقظا لقد اكتشفت كارينا أمراً مفرحاً.
فوجه المدعو مارك كلامه إلى الأول مخاطباً:
_هل تعلم يا جون أن الأمر سيكون مسليّاً جدّاً.
فصرخ جون به غاضباً:
_أي تسلية هذه أيها الأحمق؟
ثم وجه كلامه للرابع قائلاً:
_دعه يصمت يا بيلي وإلا سأحطم رأسه.
من تلك المحادثة البسيطة المليئة بالمشاحنات حددت أسماءهم (بيلي، جون، مارك، وجاك) شعرت ان الأمر أصبح أكثر راحة رغم كل الضياع الذي يحيط بي، فوجودي وحيدةً هنا كان سيقتلني خلال أيام ولكنني تساءلت مع نفسي:
"هل جن الجميع؟ لماذا ينادونني بذاك الاسم الغريب كارينا، ألم يلاحظوا الاختلاف بالشكل مثلاً؟"
فتجرأت بالسؤال لأحدهم:
_ألا يوجد غرفةٌ خاصةٌ بي هنا أو اي شيءٍ للاستحمام مثلا؟
ضحك الجميع وقالوا:
_هل أصابك نوع من فقدن الذاكرة يا كارينا؟
_ربما فهل اخبرني أحدكم بالاجابة.
أرشدني جاك إلى المكان فأغلقت الباب خلفي وبينما أبحث، رفعت رأسي فصرخت بملءِ صوتي:
_يا إلهي من هذه، هذه ليست أنا، ربّاه ما الذّي يحدث لي؟
أكاد أجن فأنا أرى وجهاً في تلك المرآة المعلقة في هذه الغرفة المخصصة للملابس، فلم أكن أنا، لقد كان جسداً ووجهاً لكارينا كوست، تباً لولعي بتلك الممثلة وأفلامها.
ورحت أحدث نفسي وأنا أرتجف من الصدمة:
"يا الله أي ذنب كبير اقترفت حتى أعاقب هكذا، لقد خسرت بيتي ووطني وأهلي وكوكبي، و الآن أفقد هويتي وشكلي، هل يستحق ذنبي كلّ هذا؟"
تذكرت في هذه اللحظة كل أخطاءي وتكبري وعنفواني الأحمق مع أمي وأبي وبقية الناس.
فرحت أصرخ:
_سامحني يا الله أرجوك، لم أكن أفهم معنى التكبر وعاقبته، يا إلهي أرجوك أريد العودة إلى بيتي وحياتي.
صرت أبكي وأبكي دون أي تغيير وفجاة سمعت نقراً على الباب وصوتاً ينادي:
_هييه كارينا هل أنت بخير؟ تعالي فوراً، هناك مشكلة تواجهنا نحتاج مساعدتك فوراً.
وددت لو أهجم على هذا الرجل وأبرحه ضرباً ولكنني هدأت وتماسكت ،ورضخت للأمر الواقع فما باليد حيلة وقلت وأنا انضر أمامي بحزم:
"كارينا أو سواها لا يهم ما زلت أسيرة هذا المكان وعلي الصمود حتى أجد حلاً لهذه المصيبة."
مسحت دموعي ورتبت شعري الذي كدت أن أنتفه قبل قليل لكثرة غضبي، ثم نفضت غبار التعب النفسي عني، وتظاهرت بأني بخير وخرجت إليهم ثم قلت:
_ ماذا هناك الآن؟
قال جاك بطريقة يملؤها الاستهزاء:
_هناك عطل في المركبة ولن نستطيع إصلاحه قبل أشهر؛ لذلك علينا أن نستكشف المكان هنا؛ لتستمر حياتنا أطول وقتٍ ممكن.
رددت بنزق:
_ وما المطلوب مني أنا؟ لقد حاولت ولم أتوصل إلى شيء.
_أنا وأنت بحالةٍ صحيةٍ جيدة، لذلك نحن الأكفءُ لهذه المهمة، فتفضلي معي؛ لنحاول ثانيةً.
_يا إلهي، أنا لا أحب المخاطرة.
_أضحكتني جداً وما نحن فيه الآن، هل يسمى رحلة في ربوع بلادي الجميلة؟ كفي رجاءً وتعالي معي.
قلت لنفسي:
"فاقني هذا الرجل غطرسة ً ويبدو أن الله جمعنا سوياً ليعاقبنا معاً."
ذهبت معه وأنا أشعر بالنزق بسببه ورحت أمشي معه في ذلك المكان دون أي خطة، لقد كان هو يحمل أجهزةً غريبةً في يده ويحمل نفس الساعة التي في يدي.
وددت أن أسأله عنها لكنني خفت أن يسخر مني لكنه لاحظ مراقبتي لها فقال:
_هذه الساعة الغريبة، لا أعلم سبب وجودها في أيدينا، لكن لها ميزات عجيبة ويبدو أنها ليست ساعةً عادية.
تظاهرت بأنني لا أهتم وقلت:
_امممم، ومن سألك عنها أصلاً؟
_بتِ مغرورة جداً كارينا، ما الذي دهاك؟
قلت لنفسي:
_هل يقصد أن طبيعة كارينا كانت مختلفة؟
_هيا بنا ولا تكثر الثرثرة.
وبينما نحن نستكشف سرح بي الخيال إلى عالمي وتصرفاتي لأتذكر صديقتي ساندي التي كنت أهينها دائماً وأتقصد السوء في معانلتي لها؛ لأصحو على صوته وهو يناديني :
_هييي كارينا، كارينا، تعالي وانظري هذه التربة، لونها غريب.
_فعلا ليست بنية بل أقرب للصفراء المكمدة.
_لا أعتقد أن طبيعة هذا الكوكب صحراوية
_لا إنظر خلفك إلى تلك النباتات الكثيرة، لا أعتقد أنا أيضاً.
_لكن شكل تلك النباتات غريب جداً.
أمسك بحفنة تراب ولمسها بيديه المجعدتين بعض الشيء وقال لي:
_وقد تماسكت من أن أسخر منه_عبارة لم أفهمها:
_إن رائحتها غريبة يبدو أن نسبة الأزوت فيها عالية جيدا وهذا هو سبب شكل النباتات الغريبة.
وفجأةً صرخت؛ ليلتف إلي ويجد إحدى تلك النباتات قد التفت على خصري وأخذت تضغط بقوة وتتعملق بسرعة رهيبة.
_يا إلهي ما الذي يجري، أي نوع من التباتات تلك؟ جاك أرجوك ساعدني.
صرخت يفزع ليتحدث
_اهدأي سأساعدك، أحمل في جيبي سكيناً لا تخافي.
شعرت بالخوف، خارت قواي، حتى الصراخ بدأ يخفت فلم أعد أشعر بالقدرة عليه.
_جاك أشعر أني أختنق، وأفقد توازني.
فأسرع جاك وحاول قطع النباتات من حولي حتى نجح بصعوبة، فقد كانت تتعملق بسرعة وتلتف حولي أكثر فسقطت على الأرض ولا أتذكر متى استيقظت.
_هل أنت بخير الآن؟ حمداً لله على السلامه.
_أيةُ سلامة يا هذا؟ يبدو أننا وقعنا في فخٍ مجهولِ الهوية، انظر إلى الجروح التي ملأت جسدي.
قال بطريقة جعلتني أشعر بالقرف منه:
_جسدك، تبا كم تبدين جميلة يا كارينا!
ولعق بلسانه الشفة السفلى.
فقلت له:
_تباً لكم أنتم الرجال، هل أنت بعقلك يا من تدعى جاك، احذر غضبي، وحاول أن تفكر بأي شيء ينقذنا من المجهول القادم إلينا جميعاً.
_ أعتذر وأدعو الله أن لا يكون كلامك صحيحاً، هيا بنا لنعود إلى المركبة بسرعة قبل أن يحل الظلام.
حملني على ظهره رغماً عني، ورغم محاولتي للنزول لكن قواي كانت منهارة، وفي منتصف الطريق جلس يرتاح، فقلت له:
_شكراً لك، لقد أنقذت حياتي.
وتذكرت أنني لم أفعلها يوماً قصة الشكر هذه عندنا كنت على الأرض.
ثم تذكرت أهلي واشتقت لهم كثيراً، ووددت أن أصرخ:
_أماه أنا جائعة جداً.
وتوالت الذكريات السيئة لتصل إلى مطبخ أمي، يومها كانت تطبخ أمي وأنا كنت عائدة من المدرسة، فصرخت:
_أمي لقد عدت
فقالت لي بلطف:
_اغسلي يديك، فالطعام جاهز صغيرتي .
وعندما دخلت المطبخ ورأيت ذلك النوع من الطعام الذي لا أحب تناوله، رحت أصرخ وألومها وكسرت أواني المطبخ وسببت لها الحزن والتعب، فعرفت حين تذكرت معنى ما جرى لي فقلت لنفسي:
"آهًٍ يا أمي، سامحيني، كم أشتاقك وأشتاق طعامك."
صحوت من ذكرياتي فجأة على صوت جاك الذي قال لي:
_هيا بنا علينا متابعة الطريق بسرعة، فلا نعلم أي مخاطر قد تلاقينا وخاصةً بعد ما حصل معنا.
_هيا بنا، سأواصل الطريق مشيا على قدمي، شكرا لك.
_تمام.
وبعد دقائق من مسيرنا لا أدري لماذا سألته عن علاقته بأهله هو الأخر قائلةً:
_هل كانت علاقتك مع أهلك جيدة؟
فنظر إلي باستغراب وكأنه يقول لي في نفسه:
"أي جرأةٍ لديك لتسألي عن ما لا علاقة لك به"
فرد قائلً:
_لا أعلم سبب سؤالك هذا ولكن سأجيب، للأسف لم أكن ابناً صالحاً لوالدي وخاصةً أبي
فسكت دون تعليق، ويبدو أنني فهمت سبب وجودي مع هذه المجموعة تحديداً من البشر.
يتبع....