7

رحت أسرد لهم والجميع ينصت بانتباه فحدثتهم عن صفاتي السيئة مع أهلي والجيران والأصدقاء.

قال بيلي:
_مضحك جداً.

سألته:
_وما المضحك في الأمر؟

قال مارك:
_كلنا كنا حمقى وغرورنا قد قتلنا، تجهز يا بيلي انت التالي ولكن ليس الآن فنحن متعبون واكتغينا بقصة كارينا.

بيلي بنزق:
_يالك من سخيف وتافه، امض إلى نومك فوراً.

_لماذا هل تخاف أن تسرد قصتك وتعترف بأخطائك.

زمجر بيلي وقام ليتهجم على مارك لكن جاك منعه قائلاً:

_يبدو أنك خائفٌ فعلاً، حتى أنك تتهرب من اتفاقنا جميعا.
قلت لبيلي رغم غضبي منه:

_لقد فعل جاك وفعلت أنا فلم أنت لا تريد، نخن هنا بسبب تلك الأخطاء وعلينا أن نعترف بها.

اخذ بيلي يقذف كلامه جذافاً ثم قال:
_لست بخائف وغدا سأقص عليكم قصتي أيها الحمقى.

وهكذا هدأ الجميع وذهبوا للنوم، أما أنا فلم أجرؤ فوراً على النوم خوفاً من بيلي ولكن النوم اخيرا غافلني؛ لاستيقظ في صباح اليوم التالي وبعد استيقاظ الجميع
‏فاجأنا الصباح بما لم نكن نتوقعه أبداً.

صرخ جون:
_جاك، كارينا، الجميع تعالوا وانظروا.
ركضنا جميعاً خائفين.

جاك:
_ماذا بك ماذا وجدت؟

فأشار جون لنا إلى جهة في ذلك الكهف

_يا إلهي

قلت برعبٍ واختبأت خلف جتك مغمضةً عيناي.

جون:
_انظر يا جاك إنها جثة بشري مثلنا.

جاك بصدمة:
_ياللهول متى جاء إلى هنا وما الذي حدث له هنا؟

مارك بحزن:
_أي حال وصل إليه، وماهي ححم المعاناة التي عاناها هنا ذلك المسكين.

قال بيلي بوقاحة كعادته:
_جهزوا أنفسكم، ينتظرنا نفس المصير يا سادة.

بكيت وقلت له:
_كم انت بلا قلب! ألم تكتفي بما حدث معنا، ما كل هذه القسوة يارجل.

فرد لي:

_اخرسي رجاءً، ولاتتدخلي بي، اعتبريني غير موجود.

_فعلاً يحق لك.

هز لي جاك برأسه لافهم منه:

_ دعيه وشأنه.

فصمت واكتفيت برعبي ورحت اكلم نفسي:
"هل حقا سيحل بنا نفس المصير، الطف بنا يا الله."

اقترب جاك من ذلك الهيكل العظمي وقام بدفنه في الخارج ووقفنا كلنا أمام الرفاة وكلٌ صلى بطريقته.

كنا نشعر بالقلق فمنظر ذلك الهيكل أعادنا إلى الخلف.

جاك ليضيع هذا الشعور:
_هيا بنا نوضب المكان حتى نقطن به، أرى أنه مناسب للسكن.

جون:
_يبدو أن الرجل قد تعب حتى جعله مسكناً.

مارك:
_انظروا الباب الذي صنعه لقفل الفتحة المؤدية إلى الخارج.

قال بيلي باستسخاف:
_ما هذا السخف؟ كيف ستعيشون هنا وأنتم ترون نهاية الرجل.

اجبته بغضب:
‏_أعلم أن الامر مخيف، لكن انظر إلى كل ما جرى معنا وحدد من هو الأهون.

طأطأ رأسه وأغلق فمه.
عندها قمنا بترتيب المكان واكتشفنا كل جزء فيه.

كما وجد جون ومارك قطع المركبة الفضائية التي كان يستقلها ويبدو أنها ليست مهترأة جداً.

جون:
_انظروا جميعكم.

فاستنتج جاك:
_ يبدو أن الرجل لم يمض على وجوده هنا وقتاً طويلاً هنا فكل شيء يدل على ذلك.

قال مارك:
_أقترح ان نحاول الاستفادة من القطع التي لاتزال جيدة فيها باصلاح مركبتنا.

جون:
‏_فكرة صائبة.

جاك:
_حسناً، تعالوا؛ لنعاين المركبة تلك ونرى يمكنما أبقى منها الزمن.

وبالفعل وجدنا بعض القطع الصالحة، كما وضّح جاك لنا، فكبر الأمل فينا مجدداً بالعودة إلى الأرض.


وعندما انتهى الجميع من إنهاء مهامهم جلسنا للراحة وكان الجميع صامتاً ليقطع صوت بيلي صمت الجميع قائلا:
_سأقص عليكم قصتي واعترف بأخطائي التي أوصلتني هنا لكنني لا اريد لأحد أن يعلق او ينتقد الأمر وإلا سأتوقف..

نظرنا إليه جميعاً وببعضنا مستغربين ورظ عليه جاك بلطف:

_لك ذلك

وبدأ السرد وكان عليه الارتباك بادياً:
_لقد عشت في أسرةٍ فقيرةْ جداً أنا وثلاثة أخوة غيري، أبي كان موظفا برلتب بسيط وامي كانت ربة منزل عادية، كثيرةٌ هي الأيام التي كنا ننام بلا عشاء في برد الشتاء.


ومضت الأيام وأصبحت مراهقاً في مدرستي يعرف بدنجوان عصره.

سأل مارك:
_دنجوان؟ هل كنت وسيما او محبوبا من تلك الفتيات.
نظر إليه بيلي وقال:
_بدأت المقاطعة، هل أتوقف؟

جون بلطف:
_لا لا رجاء لاتتوقف.
بيلي:
_لا سيد مارك لم أكن وسيما جداً، ولكنني كنت أخفي نقصي وعيوبي بالتكبر على البقية.

سألته بتردد:
_هل كان لديك علاقات مع الفتيات؟

نظرني بحقد:
_كثيرةً جداً.

وتابع وهو يرتجف:
_لقد حقدت على البشرية جميعها وقررت ان أستمر بدراستي لأنجز شيئاً، وفعلاً أصبحت رائد فضاء، كنت مغرورا جداً، غررت بالفتيات وأسأت معاملتهم، أهنتهم، فضحت بعضهم على وسائل التواصل الاجتماعي، كنت فظاً مع أمي وأبي.

قال جاك:
_أنت أسوأ مني بكثير.

نظر إليه بيلي إلى جاك وصمت قليلاً وهو يفرك كفيه ثم قال:
_أجل لقد كنت شخصاً سيئاً، قررت ان انتقم من كل من عاش أفضل مني حتى لو لم أكن أعرفه، كم من فتاة أوهمتها الحب وعاشرتها وووثقت كل شيء معها بالصور ثم تخليت عنها وهددتها..

_(إن لم تدفعي فسأفضحك.)
وكم فعلتها رغم دموع تلك الفتيات وتوسلهن لي.

قال جون:
_ويح لك، وتظن أن وجودك هنا محض صدفة.
بيلي:
_ولم أكتف بهذا، لطالما لعبت بمشاعر المحتاجين والفقراء ظناً مني أنني أنتقم مما حدث معي.

قلت له بغضب:
_وما ذنب هؤلاء؟ يالك من شخص قاس.

_اخرسي انت وإلا فجرت رأسك واكتفيت بما سردت.

فقال جون منقذاً الأمر:
_اهدأ اهدأ وأكمل لنا.

عفب مارك:
_ ولم كنت تفعل هذا معهم ما الهدف، ألم تقل انك عانيت مثلهم.

_أجل لقد عانيت الأمرين، ولا أنسى أي تفصيلٍ من تلك الأيام القاسية.

جاك:
_غريب أمرك، وماذا كان يحدث لكل هذه القسوة.
_كم من الأيام نمنا بلا طعام! ولم يشفق علينا أحد، كم من المرات مرضنا وتخلى عنا الأقارب والجيران، و.

هنا صمت ولم يكمل فأعقبه مارك بسؤال والجميع يحدق به باستهجان:

_و، ماذا؟ أكمل بيلي.

_والمرة الوحيدة التي عشقت فيها كانت ابنة الجيران.

جون:
_أووه.

_لكنها خانتني وتزوجت بأخر ورحلت.

سألته أنا:
_وماذا عنها.

_لقد تألمت بشدة ولكنني قررت الانتقام منها.
سألته ثانيةً:
_وهل فعلت.

_أجل لقد دمرت حياتها، تبعتها إلى حيث تعيش، وصادقت زوجها، وصرت أزوره في المنزل.

_يالك من قاسٍ قد تكون لها ظروفها

تكلم بنزق وقد بدا عليه التعب الشديد:
_ لا يحق لك، أنت لا تفهمين لقد أحببتها بشدة، فاخرسي.

_وماذا فعلت أيضاً معها؟

_بقيت أستغل ثقة زوجها بي فأحاول ان أتحرش بها وأعيدها إلي، حتى كشفنا زوجها ولم تكن صدفة، يومها تقصدت أن يكشفنا.

جون:
_وكيف هذا؟
_ تقصدت أن أكلمها عن الحب عندما رايته قادما إلينا وصارت هي تخبرني بأنها تحبني بشدة ولكن الظروف قادتها لزواج تقليدي، فحن حنون زوجها وطلقها رغم توسلها له ولي بأن أشرح له.

جاك باستهجان:
_وماذا فعلت حينها؟
_لم افعل شيئا ضحكت وتركت المكان ولم أعرف عنها شيئا بعدها.
قلت له:
_أديت انتقامك.

_أجل.

_هل كنت مرتاحاً
؟
_لم اكن أشعر بأي عواطف اطلاقا.

_يا للهول، لقد تبخر لعابي من كثرة الانفعال سأقوم لأصنع شيئاً نشربه.
فضحك جاك والبقية معه وقال:
_انا أريد فنجان قهوة.
واتبع مارك:
_أما أنا فأريد شايا أخضراً.

وعندما جاء دور جون بالكلام قلت له:
_توقف توقف، انا راحلة لن أبقى في هذا البيت بعد اليوم .

فضحكت من أعماقي وقلت:
_شعرت للحظة أنني زوجة وأم والجنيع يتثاقل عليها بالطلبات، فقررت ترك المنزل.

ضحكنا جميعاً حتى بيلي فنظرت إلى جاك دون ان ينتبه أحد وفهم قصدي.
فقلت له بمزاح:
_هلا جئت يا زوجي معي ألى المطبخ فالأطفال جائعون وعطشون.

ضحكنا وضحكنا وشعرت أن هناك أملٌ لايزال معلقاً في الأفق، وسننجو.

وفعلا اقترب مني جاك وأمسك يدي وهمس لي:
_ماذا؟

_علينا أن ننتبه على بيلي فأنا أشعر بأنه يعاني من الضغط النفسي، ويجب الحذر بالتعامل معه.

_فعلاً حبيبتي ماما، معك حق.

ضربته على كتفه وتابعت صنع الشراب المؤلف من أعشاب جمعتها.

أدخل جاك الشراب إليهم وقد وضعته في كؤوسٍ وجدتها في المركبة، أما الصينية فقد كانت قطعة خشب مسطحة صنعها جاك.


_تعالوا وتناولوا أطيب المشروبات من صنع مانا كارينا.


هنا عندما قال ماما كارينا تذكرت أمي ولطفها وتذكرت اسمي الحقيقي وشكلي..

"كم كنت حمقاء جاهلة وغبية، آه يا أمي، آه يا أبي، ترى هل تفتقدوني، هل تقلقون علي"

لكن مارك قاطع شرودي قائلاً:
_ماما، ماما خذيني إلى الملعب أريد أن أشاهد المبارة.

فوجئت بكلامه وقهقهت من أعماقي ضحكاً، شاركني إياه البقية.
لقد كانت تلك اللحظات جميلةً جداً لكنه كان علينا العودة إلى المركبة بحذر لنحضر معنا الأكثر حاجة فيصبح هذا المكان بيتاً مؤقتاً لنا.

جاك:
_فليبقى بيلي هنا وجون معه.

جون:
_لا لا سأذهب معكم، فليبق غيري.

_ابق يا مارك اذن.

مارك:
_حسنا كونوا حذرين ولاتتأخروا علينا.

انطلقنا فورا وتركنا خلفنا بيلي ومارك وقلوبنا خائفةٌ عليهما وعلى أنفسنا.

وتابعنا المسير حتى وصلنا حيث تجنبنا العناكب وباقي الكائنات بصعوبةٍ بالغة

وقمنا باصلاح بعض الاعطال في المركبة باضافة القطع التي عثروا عليها وبعد ساعات...
جاك بيأس:
_للأسف لم تتحرك، وكأن شيئاً مغناطيسيا أثر عليها فوق سطح هذا الكوكب.

جون:
_ماذا سنفعل؟ هل ندع اليأس يتغلب علينا؟

جاك:
_سنصبر حتى يأتي الفرج من عند الله.

قلت لجاك:
_صحيح، لقد قمت بجمع ما يلزمنا هناك فهيا بنا نعود إليهم.

ولكن وبينما نهم للعودة شعرت بدوار شديد أسقطني أرضاً، ولم أستيقظ حسب وصف جاك وجون إلا بعد يومين من فقدان توازني.

٨ للنشر:

وعندما استيقظت هرع إلي جاك فزعاً:
_كارينا حبيبتي، هل انت بخير.
_ماذا هناك؟ ما الذي حدث لي يا جاك.
_اهدأي المهم انك بخير الآن، قلقت عليكي كثيرا ً.

_انا بخير لاتقلق حبيبي.

رأيت حينها الحب العميق والقلق علي في عينيه فعرفت أنني لن أخشى شيئا معه.

‏قال جون بصيغة المازح:
‏_لم أرى جاك ضعيفاً هكذا من قبل.

‏_هيا جون كف عن مزاحك.

‏_أقسم أنه يحبكِ حباً جماً.

_وانا أحبه كثيراً، أقسم.

كان ينظر إلي جاك بكل ود ويراقبني فقط، فقلت له:

_هات يدك جاك، لنءهب إلى الكهف فلايحب ان نتأخر.

أمسك يدي وسحبني إليه فارتطم صدري بصدره واحمرت وجنتاي وتوقفنا للحظة عن الكلام نحدق بعينينا فقط وقلوبنا تنطق.

جون بسخرية لطيفة:
_احم، احم نحن هنا يا سادة.

ضحكنا وقال له جاك ضمن شعوري بالخجل حيث قلت لنفسي:

" ما هذا الخجل الذي لم أعهده في نفسي عندما كنت سارة، ماذا فعلت بي ياجسد كارينا."

هزني جاك:
_أين تذهبين دائماً كارينا.

أجبته بكل حزن:
_لا أخفيك أشعر بالشوق لحياتي السابقة، أشتاق غرفتي، قطتي، تفاصيلي البسيطة.

_سنفعلها كارينا لا تقلقي.

_أجل سنفعلها.
صرخ بنا جون:
_يالثقالة الحب، هيا بنا سيخل الظلام، لابد ان مارك وبيلي قلقين.

جاك:
_علينا الاسراع.

وبسرعة وحذر تابعنا السير إلى هناك ولكننا تعرضنا لمواجهة عناكب ضخمة تعاملنا معها بواسطة الساعة.

وعندما كدنا أن نصل شعرت بأن ساعتي أضاءت بشدة وغرابة لم أفهم سببها فتوقفت وسألت جاك وجون:
_هل يعرف أحد منكما ما حصل.

جاك:
_لا ادري، ربما نفذ شحنها.

جون:
_لا، لا أعتقد فقد تفحصت تلك الساعات يبدو انها تعمل على مبدأ الضوء المستخدم من الشمس فامر طبيعي ان تبقى مشحونة.

قلت له:
_هل يعقل أنها نفذت بسبب عدم تعرضي للشمس يومين كاملين.

قال جون:
_ربما، هيا الآن بسرعة لقد ضيعنا الوقت وأخشى أن نتعرض أيها العاشقين لمخاطر جديدة.

وفعلاً تابعنا حتى وصلنا وعندما دخلنا الكهف لم نجد أحداً فيه.

صرخت مكلمةً جاك:
_يا إلهي هل هاجمتهم العناكب، هل هم بخير، تباً لي انا السبب.

جاك:
_لاتقولي هذا حبيبتي، لم تكوني بخير ولم نستطع العودة قبل تناثلك للشفاء.

جون مؤيداً:
_صحيح لاتلومي نفسك، سنبحث عنهم.

وبعد بحث دام ربع الساعة تقريباً سمعت صوت بكاءٍ وأنين قادمٌ من جهة فرع من فروع الكهف.

_ها هما.

قلت لهما..

وتوجهنا بسرعة كبيرة إلى هناك لنجد منظراً دمرنا تماماً.

صرخ جاك:
_ماالذي حصل يا مارك، تكلم، ماذا به بيلي.

قام مارك واحتضن جاك وقال له بخوفٍ:

_لقد هاجمتنا عنكبوت عملاقة، لم أستطع استخدام الساعة لانقاذ بيلي، لقد خفت كثيراً يا جاك.

هرعنا إلى بيلي الذي كان في حالة سيئة تماماً، وحاولنا تضميد جراحه لكن حرارته كانت مرتفعة جداً.

سأل جاك:
_كيف تخلصتم منها؟

فبدا على مارك التوتر والارتباك:
_إااا، إاااا لقد استطعت استخدامها بعد أن تمكنت منه، لكنني لم أفلح في انقاذه للاسف.

لا أدري لمً شعرت بأن مارك كان يكذب ولا يقول الحقيقة.

اقترب مني جون وهمس لي:
"أتلاحظين مظهر بيلي، لايبدو لي ان مابع من فعل العنكبوت، ترى لماذا يكذب هذا الرجل."

رددت له بهمسٍ:
"أقسم أنك تفهمني، وانا كذلك لاحظت هذا، ماذا حدث يا ترى."

صرخ بنا جاك فجأة:
_فليساعدني أحدكم، فحرارته لا تهبط أبداً.

اقتربت من جاك ورحت أساعده بوضع كمادات الماء لبيلي.
_حالته تتأزم يا جون.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي