٨
قلت لجاك وانا جدُ مضطربة وقلقة:
_كلما دخل الأمل نفوسنا للحظة بحدث أمر يقضي على هذا الامل، أنا خائفة جداً.
كان جاك ينظر إلى بيلي بأسف ويحاول إنقاذه قدر استطاعته ولم يستطع الرد على
كلامي.
كنا جميعاً في حالة خوف ورعب؛ لأن منظر بيلي كان مرعباً.
أما مارك فكان يجلس في زاوية ويرتجف بخوفٍ ولم يكن بخير.
جون:
_اهدأ يا مارك اهدأ سنحاول إنقاذه.
مارك أخذ يبكي كمراهقٍ أصابه المرض النفسي، ويضع يديه على أذنيه دون أي كلام، فاقتربت منه؛ لأواسيه ولكنه كان منهاراً تماماً.
همست لجون:
_علينا أن نكون معه يبدو أن ما شاهده كان قاسياً عليه.
جون بابتسامة سافلة:
_لايعجبني مارك أراه يبالغ في مشاعره، كلنا متأثرون، لكن مارك زاد عن حده وكأن بيلي كان أخوه.
سمعنا جاك وقال:
_هلا خرستما لطفاً.
بقي الوضع يزداد سوءاً لعدة أيام وكمادات الماء لم تعد تنفع، وفجأة وفي صباح أحد الأيام، فتح بيلي عيناه ونادى على جاك بصعوبة بالغة:
_جااك، جااك، أرجوك.
جاك بخوف عليه:
_قلي يا بيلي.
_ عندما تعودن إلى الأرض انتبه لعائلتي أرجوك.
_لن نعود إلا معاً.
_لاا، تأخر الوقت.
كانت دموعنا تنهمر بقوة ومارك يرتجف أكثر وأكثر وهنا أشار بيلي باصبعه إلى مارك دون أن نفهم السبب، وشهق شهقة طويلة وفارق الحياة.
صاح جاك:
_لا لا بيلي سنعود معاً إلى الأرض، لا تمت قم، لقد سامحناك جميعاً، ستعود معنا إلى عالمنا في الأرض لتنهي كل أخطائك ويسامحك الجميع.
صرخت أنا وضممت جاك حتى لا أراه ميتاً، فأنا لم أرى أحداً يحتضر أمامي.
جون:
_لم يعد بوسعنا شيء يا جاك لقد فقدناه.
جاك وأنا والبقية كنا مصدومين تماماً لا ندري ماذا نفعل.
وبعد قليل من صمتنا المليء بالخوف..
جون:
_هيا جاك، مارك، لابد أن ندفنه قبل حلول الليل.
قام جاك ورافقنا مارك الذي كان كالحثة الهامدة وعمل طقوس الدفن قرب رفاة الرجل الذي وجدنا هيكله العظمي في الكهف، وكلٌّ منا صلى عليه بطريقة معتقداته الدينية.
وما فاجأني أنني وقعت في عشق رجلٍ يختلف معي في معتقداتي..
قلت لنفسي:
"احبه بجنون مهما كان يعتقد، وسنتزوج ونعيش بسلام."
رأيته ينظر إلي ولكنه لم يتكلم أبداً، وبعد ذلك عدنا إلى الكهف وخيم الصمت والحزن علينا وخاصةً مارك.
قلت له:
_قم؛ لتنام يا مارك، لقد تعبت كثيراً، هيا.
هز لي برأسه وذهب إلى مكانه لينام ونام الجميع ولاندري كم نمنا لكننا استيقظنا على صراخ مارك:
_بيلي، بيلي، لا تمت أنا أسف.
فقمنا هلعين؛ لنخفف عنه لكنه كان منهاراً تماماً.
جاك قام بضمه بحنان:
_اهدأ، اهدأ، ششش، ششش
اقتربنا كلنا نحوه وضممنا بعضنا ودموعنا اليائسة تنهمر دون توقف.
أما هو فأخذ يرتجف ثم غاب عن الوعي.
صرخت:
_هل مات يا جاك، رباه ما الذي يحصل؟
لكن جاك أمسك بي وهزني:
_كارينا، اهدأي لم يمت، إنه فاقد للوعي فقط.
جون:
_سيكون بخير، لا تقلقي كارينا.
وأثناء نومه كنا بحالة لا تسر وانتظرنا مارك حتى يستيقظ لكنه تأخر، فقمنا نتجول في المكان؛ لنجد أثار ملابسٍ ممزقةٍ، تعود إلى مارك وأخرى لبيلي، فاستغربنا ذلك جداً، لكننا لم نأبه للأمر في البداية.
شغلنا بمحاولة ترتيب المكان وزراعة بعض البذور؛ لنقتات بها ودائماً كنا نفاجئ بسرعة تعملقها وانتاجها للثمار.
وبقي مارك على هذه الحال كالتائه لايحدث أحداً ويجلس وحده بعيداً عن الجميع.
وكثيراً ما كان يستيقظ ليلاً فزعاً ينادي:
_بيلي، بيلي، سامحني، لم أقصد.
وإن سُؤِلَ عن السبب كان يتجاهل الإجابة ويعود لصمته وانعزاله.
مضى على موت بيلي شهر كامل فقررنا العودة إلى المركبة لمحاولة إصلاحها، فاصطحبنا مارك معنا رغماً عنه.
وبينما نحن نمشي بحذر صادفنا حيواناً غريباً، شكله كثور لكن قدميه تشبه قدمي الحصان وله قرنين غريبين لاتشبهان قرون الثيران.
جون باستغراب:
_ماهذا الكوكب الغريب، انظروا إلى هذا الحيوان.
وقفنا قليلا نراقبه حتى هاجمه كائن أخر من نفس الفصيلة، وحدث عراكٌ كبيرٌ بينها انتهى بموت أحدهما.
التصقت بجاك بخوف وامسكت بيد جون فقال جاك:
_لنتوخ الحذر، جون امسك بيد مارك وتجهزا لأي طارئ، أما أنا فسأهتم بكارينا.
جون أخذ يسخر قائلاً:
_امممم، كارينا، فلتهنأ كارينا باهتمامك بها، أما نحن فبئسٌ لنا.
جاك بهجومية:
_اخرس يا متحزلق.
ضربت جون على كتفه وقلت له:
_أحمق كبير.
أما مارك فكان كعادته بدون أي تعبير،. ولكن وبينما نحن نسير حدق بنا ذلك الكائن وأشاح بقرنيه الملتفين وكأنه يريد الهجوم علينا.
جاك:
_فلنصعد إلى تلك الشجرة الضخمة، إلى ذلك الجذع، هيا بسرعة.
وبسرعة قذف بي إلى أعلى وانتظر البقية لللصعود وتسلق فوراً، وبقينا نراقب ذلك الكائن الذي هجم على الشجرة وبدأ يضربها بقرنيه.
صار جسمي يرتجف ويهتز، فلاحظ هذا جاك وضمني إليه وأخذ يغني فنظرنا إليه بسرعة بتعجب وقلت له:
_حقاً إنه الوقت المناسب للغناء.
فعقب جون:
_نعم انظري الشاعرية التي نتعرض لها اسفل هذا الشجرة، هذا أمرٌ يستدعي الغناء، نعم نعم.
فضحكنا ثلاثتنا أما مارك فتبسم بسمة باردة لا تدل على اي تفاعل.
وبعد ربع ساعة تقريباً لم يذهب الكائن، ولكن لسوء الحظ انضم له عنكبوتٌ عملاق وحصلت معركة بينهما.
كان المنظر مرعباً، وكاد أن يقع جون لولا تدخل جاك في أخر لحظة.
جون:
_شكراً يا صاح.
كنا في وركة حقيقية، مارك وبالخطأ لمس على ساعته واتجه منها ذلك الشعاع الذي أودى بالعنكبوت، فأصدر الحيوان الغريب صوتاً غريبا مخيفاً ونظر إلينا وكأنه يشكرنا وابتعد عنا.
جاك:
_انزلوا فرادى وبسرعة ودعونا نسرع إلى المركبة.
جون قام بمساعدة مارك ومساعدتي على النزول وتبعنا، أما جاك فأخذ ينظر من الأعلى؛ ليتفقد امن المكان، وهكذا خرجنا من مخاطرةٍ جديدة.
وفي المركبة كالعادة، كان حولها عناكب عديدة فاستخدمنا الساعات للقضاء عليها، وبعدها دخلنا بسرعةٍ إلى المركبة.
واتجه كل واحدٍ منا إلى سريره ونمنا فوراً وكأننا لم ننم منذ زمن.
ومضى علينا وقت حتى استيقظنا وقد حل الظلام.
_جاك، جاك، ارجوك قم وأنر المركبة بسرعة.
...هذا ماقلته لجاك فور استيقاظي، وفعلاً أنار المركبة وجلسنا نراقب النجوم
جون:
_ترى في أي اتجاه تقع الأرض.
جاك:
_لست متأكداً لكن ذلك النجم يدل على أنها تقع هناك في الغرب.
قال مارك وفاجأنا بخروجه من صمته:
_اشتقت لعائلتي جداً، لكنني لن أراها ثانيةً.
نظره جاك بغضب:
_ اصمت يا مارك أو تكلم بتفاؤل.
علق جون باستهزاء:
_لو بقي صلمتاً لكان أنفع.
استهجنت أسلوبهما معه وقلت لهم تعالوا نمضي بقية اليوم في سرد احدكم لحياته التي عاشها.
قال جون:
_لست في مزاج يسمح لي بالكلام عن واقعي السابق، عليكم بمارك.
كان مارك مستسلماً تماماً فاقداً للأمل فقال بصوت منخفض باهت:
_حسنا سأحكي قصتي لكم فاستمعوا.
قال جون ساخراً كعادته:
_هات اتحفنا يا صاح.
وبدا يسرد بعد ان التففنا حوله:
_كنت أعيش مع أمي وأبي حياةً غير مستقرة، فأبي دائماً يضرب أمي ويهينها وفي النهاية قام أبي بطلاق أمي وطردها خارج البيت رغم كل توسلاتنا.
كان يتكلم ودموعه منهمرة متابعاً كلامه:
_يومها احسست إنا وأخي ان الحياة انتهت.
_وماذابعد اكمل مارك انت تسرد ببطء سنشعر بالنعاس.
قال جون هذا وتابع مارك:
_وبقينا أسبوعاً واحداً على هذه الحال نتوسل لأبي أن يرجع أمي لكنه قال:
_أمكم الجديدة ستقطن معنا
جن جنوني وأخي فقد كنا في الصف السابع والثامن ولم نتقبل فكرة زواجه بغير أمي.
حصلت مشاكل عديدة معها وكانت شريرة جداً، لم تكن تحبنا هي الأخرى وكم قامت بتعذيبنا حتى توفي أبي وطردتنا قائلة:
_هذا بيتي، ولا مكان للمتطفلين المزعجين هنا.
قلت لها:
_اخرجي أنت ونبقى نحن.
لكنها ضحكت كالساحرة الشريرة:
_أنتم خارج المنزل لقد سجل والدكم كل شيء باسمي.
خرجت أنا وأخي تاركين بيتنا ومصابنا معنا.
قلت لأخي بحقد:
_نحن لن ننتظر خارج بيت أبي كثيرا أعدك.
ورغم محاولته بردعي الا أنني وضعتها برأسي.
قاطعه جاك:
_ومن كان يرعاكم؟
_جدتي وجدي، لكنهما ماتا خلال فترةٍ لاتتعدى ٣ سنوات.
_قرر عمي أن يهتم بنا ومع الزمن اصبحت رائد فضاء؛ لأنها كانت حلم أبي.
سألت مارك:
_حتى الآن لامشكلة، مجرد أحاسيس طبيعية.
_لا لم تكن مجرد أحاسيس، خططت؛ لاستدراج زوجة أبي قبل فترة من رحلتنا وجعلتها تحت التهديد توقع العقود
واسترددت أملاك أبي و، و.
_و، وماذا؟
_وقتلتها وأخفيت جثتها.
فاجأنا قوله ووقفنا على طولنا
وصرخنا ثلاثتنا:
_قتلتها!.
_اجل ولم أكتفي.
_ماذا فعلت أيضاً؟
صمتَ قليلاً ثم تابع:
_لقد خطفت أولادها وحبستهم في كوخ صغير، ولم آبه لصراخهم أبداً.
جاك:
_يالك من رجل سيء! ماذنب أطفالها؟
عقبت على جاك:
_إنهم إخوتك في النهاية، ما هذا القلب القاسي، وماذا حل بهم بعد مافعلت؟
أجاب ببرود:
_سمعت أن الشرطة عثرت على جثثهم التي تحللت فيما بعد.
_يا إلهي كم انت مختل؟
صاح جون:
_ما قصة بيلي الحقيقية يا مارك؟ عليك الاعتراف قبل أن تأكلنا تلك الكائنات، انظر إليها لقد هاجمت المركبة، سنقتل، اعترف لتخفف عنا تلك اللعنة.
صار جون يبكي بحرقة:
_هيا اعترف حتى ترتاح روح بيلي هيا.
لكنه بقي صامتاً، وفعلاً كانت الحشرات مرعبة جداً تتسلق على المركبة وتحركها لشدة قوتها.
كان الخوف والقلق مخيماً علينا حتى ابتعدت تلك الكائنات فنمنا من شدة الارهاق، وفي الصباح استيقظنا على مصيبة زادت مصابنا بلةً كبيرةً.
حيث صرخ جاك الذي استيقظ قبلنا واتجه ليجلب الماء والطعام:
_لا ،يا إلهي لا.
وقمت انا وجون كالمجانين لننظر ما الذي حدث فصعقنا بشدة الأمر.
_كلما دخل الأمل نفوسنا للحظة بحدث أمر يقضي على هذا الامل، أنا خائفة جداً.
كان جاك ينظر إلى بيلي بأسف ويحاول إنقاذه قدر استطاعته ولم يستطع الرد على
كلامي.
كنا جميعاً في حالة خوف ورعب؛ لأن منظر بيلي كان مرعباً.
أما مارك فكان يجلس في زاوية ويرتجف بخوفٍ ولم يكن بخير.
جون:
_اهدأ يا مارك اهدأ سنحاول إنقاذه.
مارك أخذ يبكي كمراهقٍ أصابه المرض النفسي، ويضع يديه على أذنيه دون أي كلام، فاقتربت منه؛ لأواسيه ولكنه كان منهاراً تماماً.
همست لجون:
_علينا أن نكون معه يبدو أن ما شاهده كان قاسياً عليه.
جون بابتسامة سافلة:
_لايعجبني مارك أراه يبالغ في مشاعره، كلنا متأثرون، لكن مارك زاد عن حده وكأن بيلي كان أخوه.
سمعنا جاك وقال:
_هلا خرستما لطفاً.
بقي الوضع يزداد سوءاً لعدة أيام وكمادات الماء لم تعد تنفع، وفجأة وفي صباح أحد الأيام، فتح بيلي عيناه ونادى على جاك بصعوبة بالغة:
_جااك، جااك، أرجوك.
جاك بخوف عليه:
_قلي يا بيلي.
_ عندما تعودن إلى الأرض انتبه لعائلتي أرجوك.
_لن نعود إلا معاً.
_لاا، تأخر الوقت.
كانت دموعنا تنهمر بقوة ومارك يرتجف أكثر وأكثر وهنا أشار بيلي باصبعه إلى مارك دون أن نفهم السبب، وشهق شهقة طويلة وفارق الحياة.
صاح جاك:
_لا لا بيلي سنعود معاً إلى الأرض، لا تمت قم، لقد سامحناك جميعاً، ستعود معنا إلى عالمنا في الأرض لتنهي كل أخطائك ويسامحك الجميع.
صرخت أنا وضممت جاك حتى لا أراه ميتاً، فأنا لم أرى أحداً يحتضر أمامي.
جون:
_لم يعد بوسعنا شيء يا جاك لقد فقدناه.
جاك وأنا والبقية كنا مصدومين تماماً لا ندري ماذا نفعل.
وبعد قليل من صمتنا المليء بالخوف..
جون:
_هيا جاك، مارك، لابد أن ندفنه قبل حلول الليل.
قام جاك ورافقنا مارك الذي كان كالحثة الهامدة وعمل طقوس الدفن قرب رفاة الرجل الذي وجدنا هيكله العظمي في الكهف، وكلٌّ منا صلى عليه بطريقة معتقداته الدينية.
وما فاجأني أنني وقعت في عشق رجلٍ يختلف معي في معتقداتي..
قلت لنفسي:
"احبه بجنون مهما كان يعتقد، وسنتزوج ونعيش بسلام."
رأيته ينظر إلي ولكنه لم يتكلم أبداً، وبعد ذلك عدنا إلى الكهف وخيم الصمت والحزن علينا وخاصةً مارك.
قلت له:
_قم؛ لتنام يا مارك، لقد تعبت كثيراً، هيا.
هز لي برأسه وذهب إلى مكانه لينام ونام الجميع ولاندري كم نمنا لكننا استيقظنا على صراخ مارك:
_بيلي، بيلي، لا تمت أنا أسف.
فقمنا هلعين؛ لنخفف عنه لكنه كان منهاراً تماماً.
جاك قام بضمه بحنان:
_اهدأ، اهدأ، ششش، ششش
اقتربنا كلنا نحوه وضممنا بعضنا ودموعنا اليائسة تنهمر دون توقف.
أما هو فأخذ يرتجف ثم غاب عن الوعي.
صرخت:
_هل مات يا جاك، رباه ما الذي يحصل؟
لكن جاك أمسك بي وهزني:
_كارينا، اهدأي لم يمت، إنه فاقد للوعي فقط.
جون:
_سيكون بخير، لا تقلقي كارينا.
وأثناء نومه كنا بحالة لا تسر وانتظرنا مارك حتى يستيقظ لكنه تأخر، فقمنا نتجول في المكان؛ لنجد أثار ملابسٍ ممزقةٍ، تعود إلى مارك وأخرى لبيلي، فاستغربنا ذلك جداً، لكننا لم نأبه للأمر في البداية.
شغلنا بمحاولة ترتيب المكان وزراعة بعض البذور؛ لنقتات بها ودائماً كنا نفاجئ بسرعة تعملقها وانتاجها للثمار.
وبقي مارك على هذه الحال كالتائه لايحدث أحداً ويجلس وحده بعيداً عن الجميع.
وكثيراً ما كان يستيقظ ليلاً فزعاً ينادي:
_بيلي، بيلي، سامحني، لم أقصد.
وإن سُؤِلَ عن السبب كان يتجاهل الإجابة ويعود لصمته وانعزاله.
مضى على موت بيلي شهر كامل فقررنا العودة إلى المركبة لمحاولة إصلاحها، فاصطحبنا مارك معنا رغماً عنه.
وبينما نحن نمشي بحذر صادفنا حيواناً غريباً، شكله كثور لكن قدميه تشبه قدمي الحصان وله قرنين غريبين لاتشبهان قرون الثيران.
جون باستغراب:
_ماهذا الكوكب الغريب، انظروا إلى هذا الحيوان.
وقفنا قليلا نراقبه حتى هاجمه كائن أخر من نفس الفصيلة، وحدث عراكٌ كبيرٌ بينها انتهى بموت أحدهما.
التصقت بجاك بخوف وامسكت بيد جون فقال جاك:
_لنتوخ الحذر، جون امسك بيد مارك وتجهزا لأي طارئ، أما أنا فسأهتم بكارينا.
جون أخذ يسخر قائلاً:
_امممم، كارينا، فلتهنأ كارينا باهتمامك بها، أما نحن فبئسٌ لنا.
جاك بهجومية:
_اخرس يا متحزلق.
ضربت جون على كتفه وقلت له:
_أحمق كبير.
أما مارك فكان كعادته بدون أي تعبير،. ولكن وبينما نحن نسير حدق بنا ذلك الكائن وأشاح بقرنيه الملتفين وكأنه يريد الهجوم علينا.
جاك:
_فلنصعد إلى تلك الشجرة الضخمة، إلى ذلك الجذع، هيا بسرعة.
وبسرعة قذف بي إلى أعلى وانتظر البقية لللصعود وتسلق فوراً، وبقينا نراقب ذلك الكائن الذي هجم على الشجرة وبدأ يضربها بقرنيه.
صار جسمي يرتجف ويهتز، فلاحظ هذا جاك وضمني إليه وأخذ يغني فنظرنا إليه بسرعة بتعجب وقلت له:
_حقاً إنه الوقت المناسب للغناء.
فعقب جون:
_نعم انظري الشاعرية التي نتعرض لها اسفل هذا الشجرة، هذا أمرٌ يستدعي الغناء، نعم نعم.
فضحكنا ثلاثتنا أما مارك فتبسم بسمة باردة لا تدل على اي تفاعل.
وبعد ربع ساعة تقريباً لم يذهب الكائن، ولكن لسوء الحظ انضم له عنكبوتٌ عملاق وحصلت معركة بينهما.
كان المنظر مرعباً، وكاد أن يقع جون لولا تدخل جاك في أخر لحظة.
جون:
_شكراً يا صاح.
كنا في وركة حقيقية، مارك وبالخطأ لمس على ساعته واتجه منها ذلك الشعاع الذي أودى بالعنكبوت، فأصدر الحيوان الغريب صوتاً غريبا مخيفاً ونظر إلينا وكأنه يشكرنا وابتعد عنا.
جاك:
_انزلوا فرادى وبسرعة ودعونا نسرع إلى المركبة.
جون قام بمساعدة مارك ومساعدتي على النزول وتبعنا، أما جاك فأخذ ينظر من الأعلى؛ ليتفقد امن المكان، وهكذا خرجنا من مخاطرةٍ جديدة.
وفي المركبة كالعادة، كان حولها عناكب عديدة فاستخدمنا الساعات للقضاء عليها، وبعدها دخلنا بسرعةٍ إلى المركبة.
واتجه كل واحدٍ منا إلى سريره ونمنا فوراً وكأننا لم ننم منذ زمن.
ومضى علينا وقت حتى استيقظنا وقد حل الظلام.
_جاك، جاك، ارجوك قم وأنر المركبة بسرعة.
...هذا ماقلته لجاك فور استيقاظي، وفعلاً أنار المركبة وجلسنا نراقب النجوم
جون:
_ترى في أي اتجاه تقع الأرض.
جاك:
_لست متأكداً لكن ذلك النجم يدل على أنها تقع هناك في الغرب.
قال مارك وفاجأنا بخروجه من صمته:
_اشتقت لعائلتي جداً، لكنني لن أراها ثانيةً.
نظره جاك بغضب:
_ اصمت يا مارك أو تكلم بتفاؤل.
علق جون باستهزاء:
_لو بقي صلمتاً لكان أنفع.
استهجنت أسلوبهما معه وقلت لهم تعالوا نمضي بقية اليوم في سرد احدكم لحياته التي عاشها.
قال جون:
_لست في مزاج يسمح لي بالكلام عن واقعي السابق، عليكم بمارك.
كان مارك مستسلماً تماماً فاقداً للأمل فقال بصوت منخفض باهت:
_حسنا سأحكي قصتي لكم فاستمعوا.
قال جون ساخراً كعادته:
_هات اتحفنا يا صاح.
وبدا يسرد بعد ان التففنا حوله:
_كنت أعيش مع أمي وأبي حياةً غير مستقرة، فأبي دائماً يضرب أمي ويهينها وفي النهاية قام أبي بطلاق أمي وطردها خارج البيت رغم كل توسلاتنا.
كان يتكلم ودموعه منهمرة متابعاً كلامه:
_يومها احسست إنا وأخي ان الحياة انتهت.
_وماذابعد اكمل مارك انت تسرد ببطء سنشعر بالنعاس.
قال جون هذا وتابع مارك:
_وبقينا أسبوعاً واحداً على هذه الحال نتوسل لأبي أن يرجع أمي لكنه قال:
_أمكم الجديدة ستقطن معنا
جن جنوني وأخي فقد كنا في الصف السابع والثامن ولم نتقبل فكرة زواجه بغير أمي.
حصلت مشاكل عديدة معها وكانت شريرة جداً، لم تكن تحبنا هي الأخرى وكم قامت بتعذيبنا حتى توفي أبي وطردتنا قائلة:
_هذا بيتي، ولا مكان للمتطفلين المزعجين هنا.
قلت لها:
_اخرجي أنت ونبقى نحن.
لكنها ضحكت كالساحرة الشريرة:
_أنتم خارج المنزل لقد سجل والدكم كل شيء باسمي.
خرجت أنا وأخي تاركين بيتنا ومصابنا معنا.
قلت لأخي بحقد:
_نحن لن ننتظر خارج بيت أبي كثيرا أعدك.
ورغم محاولته بردعي الا أنني وضعتها برأسي.
قاطعه جاك:
_ومن كان يرعاكم؟
_جدتي وجدي، لكنهما ماتا خلال فترةٍ لاتتعدى ٣ سنوات.
_قرر عمي أن يهتم بنا ومع الزمن اصبحت رائد فضاء؛ لأنها كانت حلم أبي.
سألت مارك:
_حتى الآن لامشكلة، مجرد أحاسيس طبيعية.
_لا لم تكن مجرد أحاسيس، خططت؛ لاستدراج زوجة أبي قبل فترة من رحلتنا وجعلتها تحت التهديد توقع العقود
واسترددت أملاك أبي و، و.
_و، وماذا؟
_وقتلتها وأخفيت جثتها.
فاجأنا قوله ووقفنا على طولنا
وصرخنا ثلاثتنا:
_قتلتها!.
_اجل ولم أكتفي.
_ماذا فعلت أيضاً؟
صمتَ قليلاً ثم تابع:
_لقد خطفت أولادها وحبستهم في كوخ صغير، ولم آبه لصراخهم أبداً.
جاك:
_يالك من رجل سيء! ماذنب أطفالها؟
عقبت على جاك:
_إنهم إخوتك في النهاية، ما هذا القلب القاسي، وماذا حل بهم بعد مافعلت؟
أجاب ببرود:
_سمعت أن الشرطة عثرت على جثثهم التي تحللت فيما بعد.
_يا إلهي كم انت مختل؟
صاح جون:
_ما قصة بيلي الحقيقية يا مارك؟ عليك الاعتراف قبل أن تأكلنا تلك الكائنات، انظر إليها لقد هاجمت المركبة، سنقتل، اعترف لتخفف عنا تلك اللعنة.
صار جون يبكي بحرقة:
_هيا اعترف حتى ترتاح روح بيلي هيا.
لكنه بقي صامتاً، وفعلاً كانت الحشرات مرعبة جداً تتسلق على المركبة وتحركها لشدة قوتها.
كان الخوف والقلق مخيماً علينا حتى ابتعدت تلك الكائنات فنمنا من شدة الارهاق، وفي الصباح استيقظنا على مصيبة زادت مصابنا بلةً كبيرةً.
حيث صرخ جاك الذي استيقظ قبلنا واتجه ليجلب الماء والطعام:
_لا ،يا إلهي لا.
وقمت انا وجون كالمجانين لننظر ما الذي حدث فصعقنا بشدة الأمر.