١١

١١
وبعد وقت جلست على صوت ساراسا لقد قامت بنقلي إلى مختبر ووضعتني على طاولة وكانت تخاول فك الساعة خاصتي
قلت لها بغصب:
_ابتعدي عني، لاتلمسيها.

_اخرسي، كل ما تملكينه هو لي والساعة أيضاً، اخلعيها هيا.

_لا أستطيع، فقد حاولت من قبل أن أنزعها؛ لكنها لم تُنزَع.

_تباً لك ولها.

تركتني وخرجت بعد أن أقفلت الباب خلفها
"يا إلهي أرجوك ساعدني لأنقذ أصدقائي."

بقيت حوالي الساعة وأنا أفكر كيف سأخرج من هنا وأهرب من ساروسا هذه دون أن تؤذيني، إلى أن وقع نظري على الساعة فقلت:
"الساعة أجل الساعة، لِمَ لا أجرب؟"

ثم وجهت الساعة نحو الباب وضغطت على الزر فخرج شعاع قوي توجه إلى قبضة الباب واختفى، فشعرت بأنه لايوجد حل فقد فشلت، ولكن فجأة فتح الباب وسهقت من الفرح فقمت بسرعة إلى الباب وتسللت ببطء وحذر ولم أجد إلا حارساً واحداً.

"كيف سأتصرف، وأتخلص منه، كيف، آها تلك الاداة الموضوعة قرب السرير."

أخذتها وغافلته بضربةٍ على رأسه حتى سقط مغمياً عليه، ورغم شعوري بالذنب لذت بالفرار، ورحت أركض وأركض خائفةً من أن يمسكني أحد.

وعندما وصلت إلى المركبة أغلقتها من الداخل وجلست أفكر وأفكر وأخاكب نفسي:

"ماذا سأفعل، كيف سأجد جاك وجون، وهل لا زالا على قيد الحياة، من أين سأبدأ البحث، وكيف سأتهرب من ساراسا تلك."

ثم قلت لنفسي:
"علي ان أعود غداً إلى ذلك النهر لأبحث عنهما وبعدها سيتصرف جاك بعد أن أخبره بكل شيء."

ثم تسللت إلى خارج المركبة وجلبت شيئاً لأكله وشربت ثم عبأت بعض الماء وعدت بسرعة لكنني سمعت صوت جلبةٍ في الداخل، لقد كانت ساراسا.
"يا للهول ماذا تفعل تلك، إنها تبحث عني، سأختبا حتى تمشي من هنا."

وبالفعل فعلت هذا راقبتها من خلف تلك النباتات المتعملقة وكانت في حالة غضبٍ شديدة، تصرخ وتنادي علي:
_تبا لك يا سارة، سأجدك، ولن تستطيعي الهرب مني، فأنا قرينتك أتفهمين، الساعة ملكي واريدها.

ثم شاهدتها تخرج من المركبة، وعندما أمِنتُ أنها رحلت دخلت بسرعة إلى المركبة وأقفلتها ورغم كل خوفي من العتمة إلا أنني لم أشعل ضوءاً خوفاً من أن تجدني.

لبلتها تذكرت جاك واشتقت له كثيراّ، تذكرت أمي وأبي واشتقت لهما، تذكرت مارك، بيلي، جون، ودعوت لجون وجاك في داخلي:
" يارب ساعدهم وأبقهم بخير."

وحتى لا أستمر بالخوف من العتبة تخيلت جاك معي ممسكاً يدي ووجهت نظري إلى بقعة ضوءٍ صغيرة ظهرت من إحدى جهات المركبة.

وامضيت الليل بين خائفة وشجاعة إلى أن أطل الصباح.

تناولت بعض الثمار وبدات أحاول التعامل مع تلك المركبة كما تعلمت من ساراسا.

عاودت هذا الروتين فترة حتى أمنت ان سارسا تلك نسيت امري وقررت البحث عن رفاقي.

وفجاة وأنا أمشي باتجاه النهر سمعت صوت صراخ فهربت وتابعت إلى الضفة
"قلبي ينتفض بسرعة، تبا لك ساراسا."

ازداد الصراخ وبدأت أشعر أنه أقرب، دققت الانتباه أكثر فانتفض قلبي..

"إنه صوت جون،هل هذا هو حقاً جون، رباه لا أصدق."

هرعت إلى مصدر الصوت وأنا انادي:
(جون، جاك، أين أنتما)؛ لأقع فريسةً لخدعة تلك الفتاة التي كانت تقلد صوت جون وقبضت علي بدهائها

وقالت بكل دهاء:
_قلت لك لن تهربي مني يا سارة.

قادتني وأنا أشعر بالضعف الشديد وأخذتني معها دون ان أستطيع الكلام أو حتى محاولة الهرب حتى وصلنا إلى نفس المكان الذي حجزتني فيه مع تلك الكائنات الغريبة.

_من لاتسمع كلام ساراسا ستبقى سجينة هذا المكان، حتى أعفو عنها.

_ابتعدي عني يا ممسوخة.

_هل تتجرأين على إهانتي؟ سأعاقبك أيتها البشرية.

ودفعت بي إلى الأرض فهجم علي كائن من تلك الكائنات، ووضع يده على صدري وصار يضغط ويصغط حتى كدت أختنق، لكن ساراسا راحت تكلمه:

_اهدأ اهدأ، جونسوي، تعال إلي تعال.

_اشتقت لك ساراسا.

وبدأ يتعامل معها وكأنها مربيةٌ له ثم قال:

أوامرك هل أقتلها لك؟
_لا لا جونسوي، إنها صديقتي لكنها تحتاج بعض الترويض.

والتفتت إلي بشكل غريب وهنا قررت الصمت بعد أن تركني ذلك الكائن وما هي إلا دقيقة حتى أمسكت يدي وقالت لي:

_تعالي سأكتفي منك فقط كرمى لجونسوي.

_ماذا تريدون مني، ورفاقي.

_الساعة.
الساعة! لماذا أريد أن أفهم.

_أنت كثيرة الكلام، بشرية حمقاء.

_لقد تجاوزت حدودك كثيراً، البشر أرقى كائنات الأرض.

ضحكت لسخرية ثم قالت:
_سحقا لكم، تقتتلون من أجل ما تسمونه المال.

_وأنت من أنت، هل أنت ملاك؟

_أنا قرينتك التي تعلم عنك أدق التفاصيل.
_هاه.
_أتذكرين الامر الذي خبأته عن رفاقك ولم تخبريهم به، عندما اتفقتم على سرد قصصكم.

شعرت بالاضطراب والتوتر وبالطبع كانت تسجل ردة فعلي فقلت لها:
_ما، ماذا تقصدين؟

_ اها، أقصد قصتك مع ابنة عمك.

_أنت تكذبين.

_اخرسي وإلا تحدثت لرفاقك عنك، حبيبك جاك.

فهمت قصدها ولكنني اضطررت للانصياع لرغباتها، فهي المفتاح لجاك وجون..

_الساعة متشبثة بيدي ولا أدري كيف أتت إليها، ماذا تريدين مقابل أن تدليني على جاك وجون.

كانت تحاول أن تذكرني بماضٍ كان يوجعني، ولا أريد أن يعود إلى مخيلتي.


ضحكت وقالت:
_تعالي سأخذك إلى جاك وجون هيا، أيتها الحمقاء.

فرحت كثيراً وقلت لها:
_حقاً ستفعلين!
_أجل هيا بنا.
سجلت ردة فعلي الثانية، ثم رافقتها إلى حيث تذهب وبعد ثلث ساعة من المشي أدخلتني إلى كهف واسع كان يتمدد فيه جاك وكأنه ليس هو، فصرخت وهرعت إليه:
_حمداً لله أنت بخير، جاك اشتقت لك حبيبي.

_من أنت؟

صعقت بسؤاله وقلت له:
_أنا كارينا حبيبتك، ما بك؟ ألا تذكرني؟

التفت إلى ساراسا وسألتها بخوف وقلق:
_ما به؟ تكلمي ماذا جرى لجاك وأين جون؟

صمتت ولم تتكلم ثم ضحكت وقالت:
_هذا ليس جاك الحقيقي، أردت أن أثبت لك أنني أستطيع أن أفعل كل شيء من أجل الساعات التي في أيديكم.


_وكيف اي أن أصدقك.

_انظري يده ليس فيها ساعة.

_فعلاً وكيف اي أن أثق بك قوليلي.
صرت أشاحرها وأصرخ:
_أريد جاك وجون؛ هيا.

_ليس لديك خيار فهذا في صالحك، قلت لك سأساعدك.
_إذن أين هم؟
_تعالي، إنهما في الغرفة المجاورة من هذا الكهف، ادخلي إليهم.

هممت بالدخول وقبل أن أفعل تحول جاك إلى كائن من تلك الكائنات.

دخلت معها ورأيت صديقيّ في حالةٍ صعبة جداً..

_جاك جاك حبيبي.

ضممته وحدثته عن شوقي ثم توجهت إلى جون وقلت له:

‏_هبا بنا جئت لأخذكما، علينا اصلاح المركبة، لقد عرفت عنها كل شيء.

‏أجابني جاك ببرود:
‏_سنبقى مع ساراسا، يا كارينا.

التفت إلى جون:
_وانت يا جون.

_أنا أيضاً سأبفى هنا.

صدمت بهما وكأنها حقنتهما بمادة تغيبهم عن الواقع.

بت أتصرف بغضب وأوبخها وأنادي:
_أعيديهم إلي أيتها السافلة، ساراسا، ستندمين.

ثم جثوت على ركبتي ورأسي على الأرض منهارةً.

وبصوت لم يعد يفوى على الصراخ:
_أرجوكِ ساراسا، أرجوك أعيديهم إلي.

وفجأة رشت علينا مادة أشعرتني بالخدر وغيبتني عن واقعي.

وفجأةً بعد وقت لا أعرفه سمعت صوتاً ينادي:
_استيقظي، استيقظي كارينا، هذا أنا جون.

وقفت على أربعة فوراً وتلفت حولي لكني لم أجد ساراسا، لقد كان جون وجاك فقط وكانا بصحة جيدة.
فسألتهم:
_أين ذهبت؟
_من هي حبيبتي؟
_ساراسا.
_من؟
ضحك جون وقال:
_يبدو أن سقوطك قرب النهر أثر على دماغم.

قلت له:
_لا ينقصني مزاحك الآن بعد كل هذا الغياب.
فضحكا مجدداً.

وقال جاك الذي كان يمسك بأحد الأدوات التي شاهدتها عند ساراسا:
_حبيبتي، لم يمض على وجودك هنا إلا يومين فقط.

صدمني كلامه وقلت لنفسي:
"يبدو أنكما تهذيان."

ثم وجهت سؤالي إلى جون:
_هل نسيت؟ عندما كنا في النهر ماذا حصل معكما؟

_أجل حبيبتي، يومها علق جون وأنقذته وعندما خرجنا من النهر كنت قد غبت عن الوعي وسقطت على حجر.

قال جون:
_ما بك كارينا هل فقدت الذاكرة؟

صعقني كلامهم ولم أصدق وقلت لنفسي وانا أحدق بهم غير مصدقة:
"هل كنت نائمةً، وهل كانت ساراسا محرد حلم."

ولكنني وأنا أحدث نفسي سمعت صوت ساراسا تهمس لي:

_أرأيت ما أستطيع فعله، يا جميلة إنهم لا يتذكرون أي شيءٍ عم حدث، ولعلمك لن يراني أحد سواكي؛ لأني قرينتك.

فالتفت خلفي ونظرت يميناً وشمالاً وخفت كثيراً.

"يا إلهي، لقد غيبت ساراسا ذاكرتهم تماما، هل هي مجرد وهم أم أنها حقيقة ، أنا غعلا خائفة."
هرعت إلى جاك وضممته بقوة ثم قلت له:
_أرجوك لا تتركني وحدي مرةً أخرى.

_حبيبتي انا معك.

ورغم محاولاتي لتذكيرهم إلا أنهم لم يتفاعلوا معي أبداً.

يومهاحاول جاك وجون التخفيف عني، لكنيبقيتشاردةً طوال الوقت، مصدومةًبما سمعت حتى غاغلني النوم.


ليلتها استيقظت على صوت ساراسا تهمسلي:

_عليك أنتكوني مقدرةً لمافعلت، لقدأقنعت أقرانهمبالعفوعنهم لأجلك.

_والمطلوب مني؟

_الصمت والطاعة وإلا ستخسرينهم.

_أرجوك، لاتفعلي، وساعدينا للعودة إلى الأرض.

_تصرفاتك تقرر هذا فتصرفي بعقلانية.

هنا صمتت واستيقظ جاك.وسألني:

_مابك حبيبتي؟

_ألا تراها؟

_لا لايوجد أحدٌهنا، أنت تهذين ، هياعودي للنوم حبيبتي.

فأمسكت بيده وأغمضت عيناي بقوة ورحت أقرأ الأدعية.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي