١٣

١٣
استغرب جاك ما قلته وقال:

_ما الذي تقولينه كارينا، أنا لا أفهم شيئاً؟ أي شيء مكتوب على الورقة، لا يوجد عليها شيء أبداً.

جن جنوني فاقتربت منه ونظرت إليه..

‏"يا إلهي الورقة فارغة من أي كتابة، هذا لا يصدق."

‏هكذا قلت في داخلي بغضب.

ثم قلت لجاك وجون:
_لقد تخليتما عني، ما دمتما تفعلان هذا فلننفصل، أنا سأتدبر أمري.

جون:
_اهدأي كارينا، أعلم أن ما حصل معنا كان قاسياً جداً، لكن عليك أن تهدأي.

جاك وهو يراني وأنا أرتجف من شدة الغضب:
_هلا هدأتي حبيبتي.

فدفعته وقلت له:
_لم أعد حبيبتك أيها المتخاذل، سأرحل ولا تبحثا عني.

جاك:
_الخطر حولنا في كل مكان.

_لم يعد مهماً، بعد ان خسرت كل شيء، فلتأكلني تلك الحشرات العملاقة.

وبينما تركتهما وودت الرحيل جاءني صوت جاك حبيبي:

_لا لا كارينا، لا تفعلي ذلك، لا تتركيني أنا احبك كثيراً، ربما تفهمين فيما بعد.

كان قلبي ينتفض بشدة لكن أخر جملة قالها(ربما تفهمين فيما بعد) جعلتني لا أتوقف إطلاقاً وأمتنع عن الرد.

"هذا ما فهمته يا من أحببته حد الجنون، أنت لم تعد تحبني لدرجة أصبحت تخفي عني كل شيء."

تمتمت بهذا ودموعي تتساقط وقلبي ينفطر
"لقد أحببتك يا جاك بقوة، يبدو ان الحب مجرد كذبة"


سمعت صوتيهما يحاولان منعي:
_توقفي كارينا، عودي.

لكنني مضيت إلى الكهف الأول الذي دفن فيه الهيكل العظمي.

وعندما وصلت بحثت مطولاً؛ لأجد دفتراً يبدو أن الرجل قد كتب عليه مذكراته.
وقد كتب فيها يوم وصوله، حالته وأصدقائه البقية وعن مصيرهم جميعا.

في نفسي:

"يبدو أن هذا الرجل قد عانى ورفاقه الكثير وفقدهم واحداً تلو الأخر وأخرهم كان هو حيث مات وحيداً في هذا الكهف، ترى هل هناك معلوماتٌ أخرى."

استمريت في قراءة المذكرات لأتعرف على كل ما حصل معهم من أحداث صعبة، كما ذكر فيها أن النجاة من هنا مرتبطة بالدعاء.

"ماذا يقصد هذا الرجل بأمر الدعاء."

وبعد ما جمعت بعض المعلومات، اتجهت إلى المركبة؛ لأنام فيها ولا أغادرها البتة حتى أجد حلاً.

وهناك وبينما اتجهت إلى الشجرة العملاقة وأهم بالدخول للمركبة، هاجمتني عناكب عملاقة، فاستخدمت الساعة وبصعوبة واجهتها وحدي لأني لم أتعود الحياة بدون جاك.

قلت بصوتٍ عالٍ:
_أين أنت با جاك، لم تتصرف بغرابة،اشتقت لك.

وفجأة سمعت صوتاً ينادي رغم أنني أقفلت المركبة:
_هذا مؤثرٌ جداً.

فالتفت نحو الصوت وفوجئت بها:
_أهذه أنت، ابتعدي عني رجاءً.

ساراسا:
_لا أستطيع، فأنا قرينتك.

_تبا لك ولهذا الكوكب، ألا تملين، قلت لك الساعة ملتصقة بيدي ولا أعرف كيف تنزع ولا أدرك أصلا كيف التصقت.

_أحتاجك الآن لأصل لغاياتي وبعدها سأتركك.

_وما هي غاياتك ياقرينتي المزعجة؟

_أنا بصراحة أغار منك.

_مني!

_أجل

_ أضحكت فمي الذي يريد أن يسألك(لماذا تغارين مني،هل للواقع القاسي الذي أنا فيه، وجودي على سطح كوكب محهول خطر، هل يحق لك الغيرة مني).

_أنا أعشق جاك وأريد الزواج به، وأنت تقفين حائلاً بيننا.

صدمني ما قالت وعرفت أنها وراء ما حدث بيننا فقلت لها بغضب:
_بعيدٌ عن عينيكِ، ياحلوة، الآن فهمت مرادك ولن تحصليه.

هجمت علي وضربتني بقوة وقالت:
_غبية، أنا ساراسا أتجرؤين، أنا أحب جاك ولن يكون إلا لي.

لا أعرف ولكن نار الغيرة اشتعلت داخلي، فهاجمتها ودفعتها وصرخت:
_خسئت، إنه حبيبي أنا.

وحصلت معركة بيني وبينها بين صدٍ ورد، وللأسف لم أكن بنفس المقدار من القوة؛ لينتهى ذلك بأن صرخت بصوتٍ مرعب، وذلك بعد أن تحولت لشكلٍ مخيف جداً وأمسكتني بشعري ثم اختفت، ولم أدرك أنها دخلت جسدي.


بحثت عنها ولم أجدها لكنني لم أعد أدرك أفعالي وأقوالي كما فهمت لاحقاً، حسب ما وصف لي جاك وجون فيما بعد.

فقد اخبروني بأنهما وصلا بحثاً عني يومها، وحدث التالي:


جاك:
_حبيبتي، هل أنت بخير، لقد قلقت عليكِ جداً.

قلت له حسب الوصف:
_اخرج من هنا،أنا أكرهك يا جاك، أكرهك أيها الخائن.

_توقفي كارينا انا أحبك كثيراً، وجئت لأخبرك بكل شيء.

هاجمته وأسقطته على الأرض، فحاول جون التدخل لكني ضربته هو الاخر، وقلت بزئيرٍ أصدرته ساراسا وكأنها الأسد:

_إتركاني وشأني، أنا أكرهكما، أنتما قتلتما بيلي ومارك، وتريدان قتلي.

جون:
_كفي عن الهراء، لايجوز مهما كنت غاضبة ان تنكري الحقيقة، لقد كنت معنا.
_اخرس أنت.

جاك بصدمة:
_هل هذه هي حبيبتي كارينا ياجون؟

فزادت ساراسا التحريك بي وعاودت ضربه ودفعه ثانيةً ثم قمت بتكسير ما وصل ليدي ثم رحلت وأنا أصرخ:
_أكرهك يا جاك، لقد قتلتهما، أكرهك.

جون :
_أشك أنه بخير هناك سرٌ بما تفعله، أنسيت ما حل بنا يا جاك؟

_لم أعد أفهم شيئاً يا جون، أكاد أجن.

وخرجت أركض كالمجنونة لا أعرف وجهةً لي حتى تركتني ساراسا وقالت لي وهي تضحك:

_أرأيت ما أستطيع فعله؟

_أنت سافلة، ماذا فعلت قولي ماذا؟

_ستعرفين لاحقاً.

_أيتها القرينة الفاشلة، ابتعدي عني.

بعد ان ابتعدت وعاد إلي صوابي اتجهت إلى المركبة؛ لأجد جاك وجون هناك وقد بدا الغضب عليهما وخاصةً جاك.

قلت لنفسي:
"لن أحدثهما إطلاقاً حتى يعترفا بخطئهما معي."

لكن جاك كان غاضباً لدرجة أحسست أنه قد يقوم بضربي، ولم أكن أفهم شيئاً وابتعدت عنهم ولم أكلمهم أبداً.

كان جاك يهمس لجون ولم افهم همسهما ثم انصرف خارجاً.

ولا ادري ما حدث له، فجأة راح جاك يشتمني ويصرخ علي:

_أنا أكرهك ولم أحببك يوماً، أنت مجرد حالة من الحالات التي عشتها في حياتي، أجل أنت مجرد عشيقة عابرة، أتفهمين.

_اخرس جاك، كيف تجرؤ؟

_أكرهك وأكره الظروف التي قدرت جمعنا.

جن جنوني، وصرت أكلم نفسي كالمجنونة:

"تكرهني، يا للرجال، بعد كل الحب الذي أحمله لك في قلبي يا جاك، يا للخسارة."

خرجتُ حزينةً أجرُّ ذيول الخيبة خلفي وقررتُ اللجوءَ لساراسا فأنا لا أعرف أحداً سواها هنا رغم كل سوء ما تفعل وتقول، فقررت أن أبارك لها حبها بجاك مادام لا يحبني كما قال، كان قراري هذا بعد دمار كامل للنفسية والطاقة.

جون عندما رأني منهارةً:

_ماذا دهاكِ كارينا؟ لم تغيرتِ هكذا، هل هي نهاية الحب؟

_يبدو أنه لم يكن حباً حقيقيا يا جون.

_لا أنت من أنهى كل شيء.

_أنا!

وراح يقص لي ما فعلتُه بجاك فصدمت وقلت:

_لا أصدق هل فعلت أنا هذا بجاك حقاً؟

وسردت له ما فعله جاك بي أيضاً، وحدثته عن قراري.

صمت جون مطولاً ثم قال لي:

_هناك أمرٌ غير طبيعي، فأنتما لستما على طبيعتكما، أقسم أن طاقةً خارجةً عنكما تتحكم بكما.

فتذكرت كلام ساراسا وفهمت قصدها، وهنا طلبت من جون أن يدخل؛ ليتحدث إلى جاك ويلومه عما فعل، ليتبين ردة فعله.

وبالفعل دخل إليه وقال له لائماً:
_لمَ فعلت هذا بكارينا، لقد قسوتَ عليها.

جاك بتعجب:

_أنا! لم أرها منذ أخر مرة، ما الذي حدث؟

فطلب منه أن يجمعه بي وفعلاً حدثته بما فعل فتفاجأ مثلي.

هنا حدثتهم عن ساراسا وعن تصرفاتها ففاجئوني..

جون:

_كنا نصدقك منذ البداية لكن.

_لكن ماذا!

جاك:
_نعم لكنها هددتنا بقتلك ومنعنا من السفر خارج هذا الكوكب.

_السافلة، ولكنني أعتب عليكم، لو قلتم لي من البداية ما كانت لتتمادى معنا، وكنا سنجد حلاً كما فعلنا من قبل.

جاك:
_سامحيني كارينا.

_سامحني جاك.

ضمني بقوة وشعرت بفرحٍ كبير وبقينا على هذه الحال لفترة طويلة.

جون:
_هلا تركتما بعضكما قليلاً.

فضحكنا جميعاً وعدنا مجدداً وفهمنا الدرس وقررناأن نتصرف بحكمةوحذر.

شعرت أن ساراسا في هذه اللحظة تراقبنا بغضب وثوران وتتوعد لنا بالانتقام.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي