١٤

وفعلاً هذا ما _كان من ساراسا عندما خلدنا للنوم وزارتني ليلاً، لكن هذه المرة لم تكن لوحدها بل جاءت برفقة رجل وامرأة أخرى من نفس نوعها.

ساراسا:
_استيقظي وأيقظي البقية.
استيقظت هلعة جداً، وأيقظت جون وجاك.

جاك وهو لم يستوعب بعد:

_ماذا هناك، أنا متعب جداً كارينا، دعيني أنام.

جون:

_لا تنفك كارينا بازعاجاتها وتصرفاتها الغير مسؤولة.

فقلت لهما:

_اخرسا كلاكما.

جون كعادته بعد صحوته:

_اوه كارينا لم لم تقولي لنا أن لدينا ضيوف
جاك:
‏_ضيوف ثقال بعد منتصف الليل.

‏قال هذا وعدل جلوسه بعد أن كان مستلقياً.

ساراسا:

_هل أنهيتم ثرثرتكم الآن.

كارينا:
_بالطبع تفضلي.

جون:
_ضيوف وطلبات في هذا الوقت المتاخر من الليل، لو أنكم معنا في الأرض لكثر الكلام بحقكم، فهذا معيب.

ساراسا:

_جئنا؛ لنخبركم بطلباتنا منكم.

_ولديكم طلبات أيضاً، جميل إننا نسمعكم وكلنا آذانٌ صاغية.

ساراسا :
_اخرسوا جميعاً.

جاك:
_ما المطلوب منا؟ هات ما عندكم.

_أنا أريدك أنت زوجا لي وهذا يريد كارينا زوجة والاخرى تريد جون.


ضحكنا جميعاً ومطولاً ثم قلت:

_طلبكم ملبى، ومتى العرس؟

وعدنا للضحك مجدداً، لكن ساراسا غضبت وهاجمتني ورمت بي على الأرض، فحاول جاك مساعدتي لكن الأخر رماه أيضاً، أما جون فهرع إلينا وقام بمساعدتنا.

ساراسا:
_إياكم والعبث معي.

جاك باضطراب:
_لقد تجاوزت حدك.

فقالت:
_أنت ستصبح لي شئت أم أبيت.

جاك:
_هل انت مجنونة منذ متى كان الزواج بالقوة

_منذ اللحظة.

فقال الأخر الذي يرافقها:

_وأنتِ كارينا ملكي فهيا معنا.

نظر جون وابتلع لعابه وقال في نفسه:
_لم يبق سواي. لتلك الجميلة، أين أنت با أمي، ابنك سيتزوج وانت لست هنا.

ولكنه لاحظ أنها لم تقترب منه كالبقية وإنما كانت بعيدة عنه وتلتزم الصمت وكأنها خائفة من الاقتراب.

فتساخف كعادته وقال لها:
_ها، وانتِ، ماذا عنكِ؟ لقد كسرت قلبي باهمالك.
وتظاهر بالبكاء فحاولت أن تقترب منه لكنها ابتعدت فورا بخوف.

منظرها لفت انتباه الجميع، وفي هذه اللحظة بدأت كارينا تقول الأدعية التي ساعدتها دائما في ابعاد ساراسا..

ساراسا:
_لم تخدعينا هذه المرة فقد حصنا أنفسنا ضد كتابك المقدس وأدعيته.

فانتبه جون بدقة إلى كلام ساراسا وتذكر الكتاب المقدس الذي يضعه في جيب قميصه دائماً.

قال في نفسه وكان العراك بين رفاقه والقرائن قد بدأ:

" أووه، الآن فهمت ، إنها لا تقترب مني لهذا السبب، إذاً علي استغلال الأمر لصالحنا جميعاً."

وصحا فورا على معركة حصلت بيني و بين جاك مع البقية مستخدمين ساعتي يدينا وكانت الأشعة تعطل على ساراسا.

فصرخت وقالت:
_تلك الساعات، أريدها، طاقتها مهمة جداً.

فقلت لها بثقة:
_لن تحلمي بها حتى.

وما كان من ساراسا إلا دخلت جسدي وبدات أتصرف بوحشية وأهاجم جاك دون إرادة.

جاك:
_جون فلنساعد كارينا.

جون:
_لا عليك، انتبه لنفسك.

كانت هناك إضاءات ملونة تتخلل الظلام
عندما دخلت نظيرة جاك جسده أيضاً وبدأت تتخبط في جسده الذي أصبح مسيراً، والمعركة أصبحت بيني وبين جاك بتحريك من ساراسا ورفاقها.

أما جون فقد كان خائفاً، فصديقه وصديقته بتخبطان، ويقتتلان وربما يؤذيان بعضهما البعض.

سمعت جون يقول بخوف:

_اتركيهم ساراسا، خذيني أنا بدلاً منهما.
ساراسا بأسلوبٍ مخيف:

_اخررررس جووون.

جون:
_لماذا ترفضين، أنا زوج لا يعوض، أكرهك، تفضلين جاك الأحمق علي،هااا.

وضمن مزاح جون وجدِه، هجمت كارينا على جاك وضربته ضربا مبرحاً وجاك زأر كالنمر وهاجمها وأرداها أرضاً.

فتكلمت ساراسا من جسدي وقالت لجاك:
_ارضخ لي وإلا سأجعلك تقتلها بيديك هاتين، هيا جاك.

فخرجت القرينة للحظة من جسده وهنا صرخ بكل حب مجنون:

_دعبها وشأنها وإلا قتلتك.

_قلت لك ليس لديك خيار، أنا أعشقك أكثر منها.

_لن تحققي أهدافك يا بغيضة.


كنت أشعر بها في داخلي ولكن مقاومتي كانت ضعيفة لطافتها، فزأرت غضباً، وأشارت للأخرى بأن تعود جسده وساندهما الأخر، وكاد يُقْضَى على جاك وكارينا بدقائق.

لكنّ جون تذكر كلام أمه عن الكتاب المقدس وعن قدراته فأخرج تلك النسخة المصغرة عنه من جيبه وأخذ يوجهه تجاههم.

تخبَطْتُ وجون واهتز جسمينا ثم ارتفعنا عن الأرض وارتجفنا ثم سقطنا على الأرض.

وهربت ساراسا ورفاقها وهي تصرخ:
_ستندمون، أعدكم حل خروجكم من هنا لدي ولن تحصلوا عليه.


هرع جون إلي وإلى جاك وحاول إيقاظنا.

_جاك، استيقظ، كارينا، هيا.

لكننا لم نستيقظ فحاول وحاول حتى استيقظنا وعالج جراحنا الكثيرة.

فقال ساخراً وهو يحدثنا:
_تبدوان كتومْ بعد خروجه من العراك مع جيري.

ضحكنا ضحكة متعبة قاطعها الألم.

ولا أنسى كيف اعتنى جون بنا حتى تماثلنا للشفاء، وطوال تلك الفترة كان يفكر جاك ويقول:

"ماهي كيفية الهروب من ساراسا هذه فهي لن تترك كارينا أبدا"

فكر وفكر طويلا ثم اختفى للحظات وعاد إلى الداخل ومعه قطعة نحاسية رفيعة وكانت قد لفها على شكلٍ دائري يشبه الخاتم .

كان جون ينظر إليه قائلاً ويضحك عليه:
_ماذا دهاك جاك هل فقدت عقلك؟

_اخرس جون.

ضحك جون وسأله:

_ماذا تفعل بحق السماء؟

لكن جاك كان مشغولاً بتعديل تلك القطعة في يده، ولم يرد.

اكتفيت بالنظر إليه حتى نادى علي وأنا التي كانت لا تزال علامات الجراح موجودةٌ على وجهي وباقي جسدي:
كارينا تعالي وقفي أمامي هنا.

فاستغربت ولكني اقتربت إليه ونظرت بتلك العينين العاشقتين فقال لي وقد جثا على ركبةٍ واحدةٍ، ومد لي يده ثم أمسك اصبعب:

_هل تقبلين بي زوجاً كارينا.

فوجئت بكلامه وتوقيت طلبه وقلت بحب:
_أنت تعلم موافقتي على هذا مسبقاً.

فوضع لي ذلك الخاتم النحاسي في اصبعي وقال لجون:
_هات الكتاب المقدس خاصتك ليشهد على ارتباط روحينا كوال العمر.

ابتسمت وقاما بطقوس الزواج وفي تلك اللحظة سمعنا دوياً كانفجار

ارتجف قلبي، ولم أجد نفسي الا في حضن جاك.

جاك:
_شكراً أيها الانفجار.

وبخته قائلةً:
_انا خائفة وانا متفرغٌ للمزاح.
جون:
_أنهيا كثرة الكلام ما هذا؟

لم اكن أعرف يومها أن ارتباطنا ببعض جعل الغضب يقتل ساراسا فقامت بتدمير المكان الذي تواجدت فيه ما تسبب بهذا الصوت.

جاك:
_علينا أن.نغادر المكان فورا، الخطر يزداد علينا هنا.

وافقته وقلت:
_فعلاً علينا الرحيل بمايلزم وسهل حمله والهروب من هنا فوراً.


جون:
_علينا فورا ان نفعل هذا قبل عودة ساراسا وعصابتها.

وبالفعل لملمنا أمورنا وودعنا المكان متمنيين ان نغادره، وجلسنا في اماكننا واستغربت امراً:

"كيف عرفت مكاني وكيف عرفت التعامل مع الأزرار وكأنني كارينا حقاً."

وفجاةً سمعنا صوت تحرك المركبة وتخركت وارتفعت، فصحنا فرحاً وتهليلاً.

جاك:
_الحمدلله نجحنا.

جون ودموع الفرح تنهمر:
_الحمدلله، التيسير من عندك يارب.

وانا كنت لا اعرف هل أبكي ام أضحك، مشاعرنا كانت خليكا مابين الفرح وعدم التصديق.

انطلقت المركبة ونحن ننظر إلى اسفل مودعين هذا المكان المرعب بكل ألامه واوجاعه.


واستمرت رحلتنا ساعة او أكثر والفرحة تملا نفوسنا، فكلً منا جاهزً للعودة ومشتاق لأهله.

جاك:
_سأغير كل حياتي معك كارينا وأصحح أخطاءي
.
تبسمت له وأكدت كلامه:
_وأنا أيضاً لا أدري كيف سيستقبلني أهلي وهل سيصدقون تجربتي، سأكون ابنة صالحة وأجعلهم يستغربون.

جون كان قراره مختلفا:
_سأعيش أجمل اللحظات ولن أنفص شيئاً عن نفسي، سأعوضها عن كل مافات.

ولم يكمل كلامه وفجاة بينما نحن غارقون باحلامنا، حصل خطأ في المركبة واهتزت وسقطت مجددا

خوفنا زاد واحلامنا انتهت في لحظتها
صحت بخوف:
_لا لا اريد ان اموت يا جاك

جاك:
_اهدأي حبببتي، انا معك لن يحصل شيء.

صار جون يبكي ويصرخ:
_ارجوك يا ربي ارجوك، لا أريد الموت.

وفجأة سمعنا صوت ارتطام قوي وهوينا من مقاعدنا.

ولم نعرف ما حدث وأين وصلت بنا هذه المركبة هذه المرة حتى استيقظنا وكنا منهكين بسبب الارتطام الذي نال من اجسادنا.


جون:
_هل نحن ميتون؟
ضحكت رغم كل الحزن والانكسار:
_لا تخف لازال العمر مستمراً وذنوبنا تقودنا إلى المجهول.

جاك باضطراب:
_لننزل ونرى أين وصلنا؟

قال جون:
‏_,على الاقل خرجنا من ذلك الكوكب.
‏قلت له:
‏_كان اسمه كوكب بينوس على حسب قول ساراسا.
‏جاك:
‏_أتمنى أن يكون هذا المكان خاليا من المخاطر كسابقه.
‏رفعنا أيدينا وبدانا النزول إلى خارج المركبة لنصعق بما رأينا.

صرخنا جميعاً، وركضنا كالمجانين نركض هنا وهناك بلا هدف
جاك:
_لم يارب لم؟
حون:
_كم انت غاضبٌ مما يا الله
جثوت على ركبي وسندت على الأرض ورحت أصرخ بصوتٍ عالٍ:
_لقد خلمنا بالعودة يا الله وهت انت تعيدنا لنفس المكان، لماذا، لماذا يارب.

اقترب مني جاك وجون وضماني وصرنا نبكي كالأطفال الذين أضاعوا أمهم مجددا
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي