١٦

:
صحت فرحاً:

_جاك، أهذا انت، وانت يا جون، قربي كل الوقت، وأنا لا أعرف، كنتما قربي طيلة الوقت.

جاك بشوق ولهفة:
_أنت كارينا حبيبتي، كم اشتقت لك وكم فكرت بك، بمصيرك، ظننتك تزوجت وانتهى الأمر.

جون بدعم لجاك:

_أهلا كارينا، سررت بلقائك في هذا الفندق الراقي.

ضحكت من أعماقي وضربت على كتفه وقلت له:

_لقد اشتقت لكم كثيراً.

جون:

_للأمانة، جاك كان يفكر بك طوال الوقت، وكان نادماً جداً.

_انا أسامحكما، وأحبكما جداً.

ضممت جاك وجون وبكينا تأثراً ولما هدأنا..

قال جاك:

_علينا أن نخرج من هنا.

فسألته:

_وهل لديكما خطة؟ فتلك المرأة الأم حاقدة على جنس البشر ولا أدري لماذا.

رد جون:
_أجل هذا صحيح لاحظنا ذلك كلما كانت تزورنا هنا فتقوم بإهانة البشر جميعاً.

تابع جاك مقاطعاً له:

_نعم وقد قالت للحارس ورجل أخر من جلدتها مرة:

_لقد قتل ابني على أرضهم وهو في أحد الرحلات الاستكشافية.

فرد لها الرجل المرافق لها:
_سنتركهم بالسجن فترة نحددها ختى نتفرغ لهم وبعدها سنرميهم للبحر فداء لملك ملوكنا.

_ويلي، إذا علينا الإسراع في الهرب من هنا.

وهكذا كنت أمضي يومي بنهاره وليله معهما إلا إذا سمعت صوت باب السجن قد فتح فأتظاهر بأني كنت في الزاوية الثانية أراقب ضوء النهار وهو يمر من تلك النافذة اعلى السجن.

وفي أحد الأيام خطرت لي فكرة للهروب، فشرحتها لهما واتفقنا هلى تنفيذها في الصباح الباكر.

وفعلا نفذت أنا بدايةً، عندما قلت للحارس:

_هيي، أيها الحارس يا أنت، أرجوك ساعدني أشعر بجوعٍ شديد ومعدتي تؤلمني كثيراً جداً من شدة الجوع.

قال لي بعد أن دخل الى الزنزانة:

_اصبري قليلا سيصل الطعام بعد قليل من قصر السيدة.

ورحت أراوغ وأتحايل عليه حتى استدار بطريقةٍ مخالفة للفتحة في الحائط وقلت له:

‏_أنا جاهزة للطعام فهيا أطعمني.

كانت هذه هي كلمة السر التي اتفقنا عليها أنا والبقية، وصرت ألهيه وأسأله عن عائلته وأولاده حتى اقترب جاك شيئاً وشيئاً وضربه على رأسه فسقط أرضاً.

وهنا شعرت أن قلبي انفطر عليه وقلت لهما:

أتعاطف معه؛ لأنني فهمت أنه يعمل هنا فقط؛ ليعيل أطفاله وزوجته.

قال جاك:

اتركي قلبك على جنب، وهيا بنا اي تأخير سيضيع خطتنا.

وتسلل جاك من السجن لتأمين المكان وأشار لنا باللحاق به وفعلاً غافلنا الجميع وهربنا

جون:

_حمداً لله على السلامة،نحن بخير الآن.
قاطعت تفاؤله وقلت:

_للأسف لسنا بخير سيكتشفون أمرنا لا محالة فور دخول أحدهم إلى السجن.

جاك:

_معها حق، علينا أن نجد مخبأً مخفياً.

وفعلاً ذهبنا إلى المركبة كاللصوص وأخذنا ما نحتاجه واتجهنا نبحث عن كهفّ نختبئ فيه، ثم نقصد المركبة ثانيةً ونحاول التحليق بها ثانيةً.

ورحنا نركض ونركض حتى أمِنا أن إحداً لن يلحق بنا فوقفنا نلهث من شدة التعب ،ثم وجدنا كهفاً متطرفاً فدخلنا فيه وهدأنا.

جاك مرةً أخرى تكلم كقائد للمجموعة:
_علينا الحذر والالتزام بالكهف حتى يكتب الله لنا أمراً.

جون:
_وكيف سنتدبر أمورنا فالطعام والماء الذي جلبناه من المركبة لا يكفي إلا لوقت قصير.

قلت لجون:
_ما دمنا قد فهمنا معنى أن نكون معاً وأن الذنوب لاتمحى بسهولة فسنكون بخير مهما واجهتنا المصاعب.

أمضينا ذلك اليوم بقلق وحذر شديدين، لكن الامور مرت بسلام، حيث تناوب جون وجاك بالحراسة خشية وصولهم ونحن نائمين.

وفي صباح اليوم التالي بعد تناولنا الطعام قرر جاك أن يجمع بعض الحطب دون لفت انتباه الجميع.

جاك:
_لابد من جمع الحطب وتوفيره.

جون:

_لا أفهم لماذا.

جاك:
_لاندري كم سنمكث هنا، والشتاء بدأ يقترب في هذا المكان، وليس من طريق للتدفأة إلا الحطب.

عقبت على كلامه:
_أقترح أن نجمع من أوراق الكتان كمية جيدة فقد أجد طريقةً لأحولها إلى خيوط، فأحيكها لكم ولي قبل بلوغ الشتاء

سخر جون كعادته:
_وهل تتقنين الحياكة؟

ضربته على كتفه وقلت له:
_هلا خرست يا جون ألا تمل من السهرية؟.

فضحك جاك وقال:
_لا أسمح لك أنت تسخر من مليكة قلبي وشربكة حياتي.

جون بسخرية مقصودة:
_أوووه ، أنا أسف إذن لكنني فقط أخشى على منظري وأنا أرتدي سترة غير متوازنة لن تقيني برد الشتاء.

وراح يركض ويضحك وأنا ألحق به وأقول:

له:
_تبا لك سأقتلك أيها المغرور.

وراح جاك يلحق بنا فنسينا للحظة ما كان من بؤسنا وزارتنا لحظة فرح سكنت قلوبنا.

وفعلاً جون وجاك جمعا الحطب وصنعا باباً خشبياً للكهف، كما جمعا الكتان لي وأنا تذكرت طريقة كارينا كوست في فيلمها الأخير كيف حولت الكتان إلى ملابس بشكل يدوي.
وقمت بتقليدها وحمداً لله أني نجحت.

جون:
_واو، أقسم أنك فنانة وتستحقين التصفيق.

_شكرا جون.

جاك:
_فعلا حبيبتي أنت مبدعة.

وبينما نظمنا أمورنا وأنهينا اعمالنا خلال شهر تقريبا مضى بسلام لم نتعرض فيه لأية أخطار، سمعنا صوت ضجيج في الخارج فنظر جاك بحذر وتراجع إلى الوراء.

جاك:
_هشش، لقد وصلوا، الزموا الصمت.

ارتجف قلبي وانتفض من الخوف وسألت جاك وجون:
_ما العمل ماذا سنفعل؟

جون كان يرتجف خوفاً كعادته فلم يحب اطلاقاً.

جاك:
_بالطبع سنواجههم، ليس لدينا خيار أخر.

نظرنا من فتحة الباب، وإذا بهم كثر ويركبون مركبات غريبة الشكل.

جون برعب:
_إنهم مسلحون كيف سننجو؟

جاك :
_الزموا الصمت، لنرَ.

أمسكنا بأيدي بعض وقررنا المقاومة
جاك:
_جون، كارينا، لا خيار عندنا، إما أن ننجو سوية أو نموت سوية، فقد لاحظتم ما حدث لنا عندما اختلفنا.

وافقناه الرأي وجهز كلٌ منا ساعته استعداداً لرد أي هجوم.

وفجأة صاح أحدهم:
_هاهم هنا ،لقد وجدناهم.

_يا إلهي ، ماذا سيحدث لي؟.

كانوا بقيادة تلك المرأة التي حجزتنا مسبقاً، سمعنا صوتها تنادي وتزيد الهمة في نفوس جيشها:
_هيا يا أصدقاء علينا بهم يجب أن ننهي حياتهم، هجوووم.

وكان الهتافات الحماسية تكاد تثقب الأذنين.

وهجموا علينا وبين كر وفر هجموا علينا ، فقاومناهم بواسطة الساعات إلى أن اتتهى شحن تلك الساعات، فقررتا الهرب من المكان واللجوء إلى كهف أخر غير هذا.

جاك:
_بسرعة بسرعة هيا اهربوا ليس هناك وقت.

جون كان متعب جدا،
والخوف باد على وجهه، أما انا فانخفض ضغطي وسقطت على الأرض ولم أستيقظ إلا في كهف اخر وصوت جاك يوقظني بحب وقلق.

كان حون مستلقيا نائماً في زاوية على الأرض.

_ما به جون؟

_تعب من كثرة الركض لاتقلقي عليه، سيكون بخير.

ضممت جاك وقلت له:
_مهما حصل، إياك أن تتركني أو تغضب مني، عدني حبيبي.

_أعدك كارينا، لن يحصل ثانيةً.

وتمررت أصوات أولئك الأشخاص والاوانر تصدر من تلك الام..

_جدوهم، اقتلوهم جميعاً.

ومرة بعد مرة ابتعدوا وتركونا وشأننا
وكنت قد سألت جاك عن طريقة هروبهم فقال لي وأدهشني:

عندما أغمي علي كان هناك شخص قد ساعدهم، وعندما تذكرت هذا.. إنه نفس الصبي الذي وجدته وساعدته في العودة إلى أهله

قال لهما:
_سأنقذكم فقط اتبعوني بصمت ولاتثيروا الانتباه.
قال له جاك :
_ ولكن لماذا تساعدنا يا صغير.
فأشار إلي و قال:
_منوأجل هذه التي أنقذت حياتي وأعادتني لأمي، وبدل أن تكافئها عاقبتها وطاردتها وحبستها.

ووضع يديه على أذنيه ثم قال:
_أعتذر عن تصرفات أمي، وأعدكم سأساعدكم مهما كان.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي