الفصل التاسع والعشرون زواج تحت الإجبار

بعد ذهاب "شنكوف" من الشركة ظلت "ميرنا" تنتظر خارج مكتب "أدهم" تنظر إلى باب مكتبه، وتشعر بالسخط الشديد.

لا تعرف كيف تتصرف حتى تبعده عن الخط، ولكنها ظلت تجبر نفسها حتى تبتعد عن "أدهم" كي لا يكتشف الحقيقة.

حاولت إجبار نفسها على الدخول إلى هذا المكتب، ولكنها شعرت بالخوف من المواجهة؛ كانت هذه أول مرة تصبح ضعيفة لا حيلة لها كل ما تفعله هو محاول الهرب.

عادت بصمت إلى مكتبها حملت حقيبتها بعد ذلك خرجت من الشركة، واستقلت سيارتها؛ ذهب إلى الفندق الذي يقيم به "شنكوف"، وطلبت من الاستعلام أخبره بوجودها في الاستقبال.

جاء "شنكوف" مبتسماً يجلس أمامها بفخر، وكانت أول كلمة ينطقها هي:
- متى موعد الزواج؟!

كانت "ميرنا" تعلم أنه الآن كشف سرها، وعلم عن مشاعرها تجاه "أدهم"، وهنا انتهى أمرها، وأصبح كل شيء مكشوفاً للجميع.

حدقت به بعيون دامعة حزينة تجيبه:
- متى تريد هذا الزواج؟

- أتمنى أن يكون في أقرب وقت.

- أترك سراح صديقتي أولاً قبل هذا الأمر؟

- هذا مستحيلاً سوف أطلق سراحها بعد انتهاء الزفاف.

- كيف سأثق بك!

- أنني لم أخلف معكِ في وعد من قبل بلا العكس أنتِ من أخلف الكثير من الوعود.

- شنكوف لماذا تريد الزواج بي إلى هذه الدرجة؟!

- بالطبع لأني أعشقك.

- لا أظن ذلك، ولكن إن كان هذا حقيقي ماذا عن ما أريده؟

- ميرنا أعلم عن مشاعرك الجيدة التي تملكها الآن، ولكني سأصبر وانتظر حتى تقعي في حبي.

- ماذا تقصد لا أعلم عما تتحدث.

- ميرنا تلك النظرات الممتلئة بالخوف التي كانت من أجل رجل أخر كانت كالسكين الذي يغرز بقلبي، ولكني سأحاول أن أتحمل هذا؟

- لماذا لا تتركني وشأني، وتبحث عن امرأة تحبك!

- ميرنا هل تعلمين أنني بسبب هذا الحب لم أنتقم لموت أخيه الصغير.

- ماذا تعني بذلك؟!

- أقصد أنه من أجل الفوز بقلبك تنزلت عن مبدئ.

للحظات لم تفهم قصد "شنكوف"، ولكنها بعد صمت قصير قررت سؤاله بشيء كانت تريد معرفته من زمن:
- شنكوف هل يمكنك إخباري لماذا قتلك صديقي أمير؟

- هذا الصديق هم من قتل أخي الصغير.

- ماذا تعني؟ لم أفهم.

- أثناء تحرير الرهائن كان صديقك من أطلق النار على اخي وقتله حتى بعد استسلامه.

- أخيك من بدأ ذلك.

- ماذا تعنين!

- أنه لم يستسلم حقاً، وحاول أطلاق النار علي وقتلي، وفدتني صديقتي الوحيدة بحياتها كي تنقذني حتى ماتت.

- هل تلك المرأة التي كانت صديقتك؟

- نعم أنها الصديقة والأخت الوحيدة التي حصلت عليها بهذه الحياة وأخيك هو من حرمني ذلك.

- وأنه أيضاً كان أخي الصغير والوحيد الذي قمت بتربيته.

- ولكنك لم تحافظ عليه وعرضه للخطر عندما جعلته يدخل هذا في هذا العمل.

- هذا عمل العائلة منذ زمن.

- ولكن أخيك كان مجرم وكان من الممكن أن يزال حي أن لم يتهور ويستسلم ولكنه من جلب هذا لنفسه.

غضب "شنكوف"، وأصبحت عيناه حمراء من كتم غيظه حتى لا يظهره أمام "ميرنا" وتشعر بالخوف من غضبه.

عندما لحظة "ميرنا" هذا الأمر توقفت عن عنادها، وأخبرته:
- لننهي التحدث عن هذا الأمر.

- أظن ذلك.

- شنكوف لنقيم هذا الزواج في روسيا؟

- أريده هنا.

- هذا لن يحدث أبداً.

- سوف يحدث في أقرب وقت أيضاً.

- لا تكن عنيد داخل مصر لم يصلح أو يسمح بهذا الزواج.

- ماذا تعني؟

- أنت أجنبي ومسيحي وأنا فتاة مسلم وداخل مصر لا يسمح قانوني للفتاة المسلمة للزواج من رجل مسيحي.

- إذن ماذا نفعل؟

- لنتزوج في روسيا.

- ولكني أريد الزواج بك في مصر.

- لماذا تفعل ذلك؟ إلى ماذا تريد التواصل!

- هذا ما أريده، أن أردتِ صديقتك حية لنتزوج هنا.

عندما صمم "شنكوف" بإقامة زفاف في مصر علمت "ميرنا" بوجد سر يخفيه، وأنه لديه أفكار أخرى داخل عقله القذر.

كانت "ميرنا" منذ البداية تعلم أن هذا الرجل لديه هدف من هذا الزواج الغريب، ولكنها أرادت أن تصل إلى نهاية هذا الأمر.

لذا وافقت على ما يريد، وحاولت الموافقة على أفعاله وطلباته تخبره:
- إذن نستطيع إقامة زفاف مادي وليس قانوني.

- لا يوجد لدي مشكلة لنقيم كما تريدين ، ولكن هل الزفاف هنا مقدس لم تستطيعين الانفصال بعد إقامة هذا الزفاف؟!

- نعم أنه مقدس، ولكن لم تستطيعين تقيدتِ بهذا الزواج حتى أن كان ورقي أو إشهار.

- إذن سأجد طريقة أخرى لكي أجعلك لا تتركيني جانبي أبداً أو تغيبين عن ناظري.

- شنكوف لماذا أشعر إنك دائماً تنسى أني إنسانة ذات مشاعر وليس جماد أو حيوان تتحكم به؟

- أعلم إنك إنسانة ذات مشاعر وعقلية خاصة، لهذا السبب أشعر بالحزن الشديد.

كانت "ميرنا" تستغرب تصرفات هذا الرجل الغريبة، الذي يريد الزواج بها بشدة بهذه السرعة في هذا الوقت رغم كل الخلافات والاختلافات التي بينهما، ولكنه ظل متمسك به بقوة ولا يريد تركها تذهب.

ظلت تفكر في طريقة للهروب، واكتساب وقت أطول حتى تبحث القوات التي سافرت إلى روسيا البحث عن "ريهام"، وتصل إلى مكانها.

كان هذا هو هدفها من التأخير في الرد على هذه الرجل، ولكنه كان ذكي يعلم بحقيقة نية "ميرنا" التي تحاول أخفاها.

لكن كان هناك هدف أخرى لهذا الرجل الهدف الحقيقي الذي خلق هذا الزواج، ولكنها حتى الآن لم تستطيع التواصل إلى هذه الحقيقة.

توقفت "ميرنا" عن التحدث مع هذا الرجل ، ومدت يديها تمسك بكوب الشاي تحركه حتى تشربه، وبعد الانتهاء منه وضعت الكوب على الطاولة مرة أخرى.

كانت هذه اللحظة فرصة جيدة إلى "شنكوف" كي يقترب منها؛ لذا رفع يده وأمسك بيدها فجأة؛ عندها حاولت "ميرنا" سحب يدها.

لكن كان " شنكوف" يضغط بقوة على يدها لذا لم تستطع أن تسحب من يده فوراً.

استمرت تحدق به بغضب أثناء تحدق إليه بهذه الطريقة تولد لحظة رومانسية بالنسبة للمارين على عكس الحقيقة.

خلال هذه اللحظة كان "أدهم" يقف يشاهدها من مسافة بعيدة هذا المنظر البشع، ويشعر بنار الغيرة تأكله بداخل قلبه.

قبل هذه اللحظة المشينة بساعة خرج "أدهم" من مكتبه الذي كان يجلسه به يتذكر ذكريات الماضي عندما قابل "ميرنا" لأول مرة، ويشعر بالذنب لعدم أخبارها عن الحقيقة الكاملة.

نظر "أدعم" إلى السكرتيرة يسألها:
- ميرنا هل في مكتبها؟

- لا سيدي لقد لمحتها تذهب منذ لحظات إلى الخارج، ولكن.

- ولكن ماذا؟!

- كانت تصرف بطريقة غريبة.

- كيف؟!

- ظلت واقفة أمام باب مكتبك تراقبه دون حركة لفترة طويلة كأنها تريد الدخول، ولكن كان يمنعها شيء ما، وبعد فترة ذهبت.

- منذ متى ذهبت؟

- منذ لحظات، أظنها مازالت لم تخرج من الشركة.

- لمياء ألغي كل مواعيد اليوم، وأخبري السواق يجهز السيارة أمام الشركة.

- حاضر سيدي.

عندما علم من السكرتيرة أنها خرجت من لحظات، ذهب خلفها يلاحقها، وعند وصله إلى باب الشركة.

لمحها تدخل سيارتها تقدها وتذهب، أخذ سيارته وظل يلاحقها دون أن تدرك كان يريد معرفة ماذا يحدث معها وما سبب حالة المتغيرة فجأة.

وصلت "ميرنا" إلى الفندق الذي يقطن به "شنكوف"، وظل يراقبها "أدهم" منذ لحظة حتى وصولها إلى الفندق عن بعد.

وحين رؤيته تلك اللحظة الرومانسية مع هذا الرجل شعر بالصدمة والجنون، ورغم ذلك التي المشهد المؤلم لم يستطيع التدخل، وإبعادها عن هذا الحقير.

بعد هذه اللحظة صدم "أدهم" بشدة، وترك الفندق غاضب يستقل سيارته، ويقودها بجنون حتى وصل إلى مكان به مشفى كبير.

عندما دخل إلى هذه المشفى لم يذهب إلى غرفة كشف أو زيارة مريض، ولكنه ركب المصعد ونزل تحت الأرض.

دخل "أدهم" إلى مكان مثل الشركة ممتلىء بالموظفين، ويبدو على المكان أنه مثل المنشأة العسكرية السرية.

اتجه إلى مكتب فور وصوله فتح الباب بدون اهتما، ودخل بدون أن يطرق على هذا الباب، ويسأل بالدخول:

عندها كان القائد الأعلى الذي قام بتدريب وتأهيل يجلس على المكتب يباشر عمله، وعند دخوله بهذه الطريقة المهملة حدق به غاضباً يسأله:
- لماذا لم تطرق الباب؟

- لقد نسيت ذلك.

- متى سوف تغير هذه العادة السيئة؟

- لا أظن أني أستطيع ذلك حالياً لذا لا تتأمل كثيراً.

تنهد القائد الأعلى بإحباط قائلاً:
- من كان يظن أن هذا الشاب الصامت الذي لم يتحدث لمدة عام كامل سيصبح متمرد وثرثار هكذا، وايضاً مثير للشغب ومتعب مثل هذا الشكل؟

- ولكني لطيف وسيم أيضاً سيدي.

- لقد أفسدتك كثيراً عند تربيتك.

تنهد "أدهم" أثناء جلوسه على كرسي صالون الضيوف بحزن وإحباط.

نظر إليه القائد ولاحظ بوجود شيء غير طبيعي لذا ترك أوراقه، وذهب إليه جلس بهدوء جواره يسأله:
- ما الأمر؟ أخبرني لماذا جئت إلى هنا فجأة وبدون موعد!

- سيدي إلى متى سأظل انتظر التعليمات؟

- هل حدث شيء جديد!

- أنت تعلم أن هذا الحقير جاء إلى مصر لماذا لا تتركني أقتله وأتخلص منه؟

- أدهم لقد أخبرتك من قبل ملايين المرات أنت ضابط عسكري وليست قاتل.

- سيدي لقد قتلت زوجتي، وحرم ابنتي من والدتها في عمر مبكر بسبب أعمال هذا القذر.

- أدهم هل حدث شيء جديد؟

- هذا الحقير سوف يسرق فتاتي مرة أخرى.

- هل ابنتك في خطر؟!

- لا يا سيدي آنها بخير.

- إذن ماذا تقصد بها الكلام!

- أنها ميرنا يا سيدي أشعر أنها سوف تضيع منى مرة أخرى.

صمت القائد يتذكر كيف جمع القدر بين هذا الاثنين مرة أخرى رغم كل ما حدث في الماضي.

تنهد القائد قائلاً:
- لا تقلق لم يستطع سرقتها منك أحد.

- سيدي جد طريقة لا أستطع الانتظار أكثر من ذلك؟

- هل نسيت الهدف الحقيقي؟

- أعلم أنك تريد هذا الرجل المصري الذي يتعامل مع هذا المجرم.

- أدهم رغم وجود هذا الحقير بين يدينا الآن، ولكن ما زالنا لم نصل إلى الرجل الآخر.

- ولكني يا سيدي لم استطع التحمل والتماسك أكثر من ذلك.

- أدهم سوف تتحمل وتتماسك أنت ضابط محترف في جهاز هام في المخابرات يجب أن تكون مختلف عن الأفراد العاديين؟

تنهد "أدهم" ولم يستطع أجابت قائده، وظل صامت أثناء الاستماع إلى القائد عندما كان يخبره بمدى أخلاق ومبادئ عمالهم.

بعد انتهاء القائد من التحدث عن القانون والأخلاق والشرف، سأله:
- سيدي هل علمت ما هي الجهة التي كانت تعمل لديها منى وميرنا؟!

توتر القائد وكذب قائلاً:
- لم أتوصل إلى شيء.

- كيف هذا مع أنك القائد العام؟

- هل تعلم كم منظمة عسكرية حكومة داخل هذه الدولة، وتلك الأسرار ليس من السهل التواصل إليها.

حدق "أدهم" إلى القائد بغرابة، وشعر أنه يكذب عليه، وظل يتساءل:
- لماذا القائد يكذب؟ ما الذي يخبئه ولا يريد اكتشافه ومعرفته!.

كانت هذه المرة الأولى التي لم يصدق فيها كلام قائده، لذا قرر عند خروجه البحث عن الحقيقة بنفسه.

رفع هاتفه حتى يتصل على المخبر السري الذي كان يتعامل معه في المهمات التي يصعب عليه التحقيق فيها بنفسه لكي يطلب منه التحقيق في الأمر.

لأنه لم يستطع الذهاب إلى "ميرنا"، وسؤالها ببساطة عن الحقيقة لأنه يعلم أنها لم تخبره بشيء أبداً.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي