٢٨
همس جاك في أذني:
_اممم، نحن في ورطة فعلاً، هل سنقول لهم بأننا متزوجان على كوكب بينوس.
أطلقت ضحكة من الأعماق ثم وضعت يدي على فمي، وهمست له:
_سيطلبون لنا الشرطة ويقولون أننا مجانين.
_هيا إذن لنخبرهم بأننا لسنا زوجين ونحجز غرفتين حتى الغد.
_طيب حسناً
وفعلا كان ذلك دخل كل منا لغرفته حيث أخذت حماما ساخنا وكذلك إينجل ونمنا مطولاً، حتى طرق علينا جاك الباب قائلا:
_كارينا، الطعام ينتظر، لقد طلبته.
_آتية جاك، إنني جائعة فعلاً سأرتدي الفستان الذي ابتعته البارحة.
_افتجي الباب إذن دعيني ادخل.
_اخرس وانزل إلى الأسفل، أنسيت أننا في الديار أم ماذا؟
ضحك وقال لي:
_سيأتيك يوم ولن ترفضي لي طلب، أفهمتي.
وطرق يده غاضباً على الباب..
وفكر في نفسه:
"متى ستنتهي تلك القيود وأعلنها زوجة رسمية لي، تباً"
وبعد قليل لحقت به ومعي اينجل وبينما أنا أمشي باتجاهه إلى الطاولة التي حجزها لنا، وقف على طوله مذهولاً ينظر مشخّص العينين.
_ما بك جاك، هل تشكو من شيء؟
فصفر بشفتيه صفرة قوية وقال:
_لا أصدق، ما هذا الجمال،؟ تباً لكوكب بينوس ذاك، كم ضيع من عمرنا.
وأمسك بيدي وسحب الكرسي، وأجلسني عليها ثم حمل إينجل من يدي، وجلس بالطرف المقابل ينظر إلي بذهول.
فضحكت مع احمرارٍ في خدي وقلت له:
_يكفي هذا، لا تبالغ، أنا جائعة فلا تنظر إلي أريد ان أتناول طعامي بهدوء.
وتناولنا أطراف الحديث وحلمنا وداعبنا إينجل ثم اقترح علي أن أرقص معه.
أمسك بيدي وانحنى قائلاً:
_هل تسمح الجميلة برقصة جميلة معي.
_بكل سرور ولكن لا تنسى أن أينجل وحدها.
_لن نتأخر أبداً، فقط بضع دقائق، أريد ان أعيش كل لحظة معك بكل التفاصيل، أعدك لن أضيع الوقت منا بعد الآن.
ورحنا نرقص ونرقص ولكن عيني لم تبتعد عن طفلتي.
_هيا بنا، هذا يكفي، ستخاف إينجل وتبكي.
_حسنا جميلتي، هيا إلى النوم، فغدا لنا مهمة الالتحاق بعائلتك لنسوي الأمور لصالحنا.
_اتفقنا حبي.
أمسك يدي وشد بي إليه وهمس لي بكل حب:
_أنت حبيبتي.
وفي الصباح التالي جهزنا نفسنا للرحيل وبينما هو يدفع حساب الليلة منعه الموظفون من الخروج.
_لماذا يا سيدي؟ ماذا هناك؟
_ستصل الشرطة خلال لحظات وتشرح لكم الأمر.
شهقت أنا:
_ماذا! شرطة ولكن لماذا؟
وعندما وصلت الشرطة وضعونا في مكان منعزل وبداوا التحقيق معنا.
المحقق:
_اسمك الكامل.
جاك:
_جاك ليكسون.
_ما هو عملك؟
_أنا رائد فضاء وهذه زميلتي كارينا كوستى
.
_امممم، رواد فضاء.
نظر لحاجبه ليسجل كل المعلومات العامة عنكم لنتحقق منها.
نظر إلي وقال لي:
_وانت يا سيدة، ما سبب تواجدك في هذا الفندق مع طفلتك والسيد.جاك، هل أنتما متزوجان.
سؤاله أحرجني وفكرت في الإجابة مع نفسي قبل نطقها:
"لا أستطيع قول نعم، سيسألون عن الوثيقة والبطاقة الشخصية وإن قلت أنها علاقة عاطفية ما، سأفضح ولو شرحت لهم ما حصل معنا، سيعتقدون أننا مجانين."
فتهربت من الاجابة وقلت:
_إنه صديق زوجي المتوفى ويساعدني في أتمام بعض المعاملات.
_اممم، أبرزوا بطاقاتكما الشخصية.
فأجبت أنا بسرعة:
_للأسف سرقت ممتلكاتنا الشخصية قبل وصولنا إلى هذه البلدة فاضطررت لبيع إسورة لنؤمن مبلغا ماليا يكفينا حتى ننهي ما نريده.
نظر إلي جاك وقال:
_نعم نعم هذا ما حصل.
الشرطة صدقت أمرنا بسبب شهادة الصائغ وقررت الإفراج عنا لننطلق من هذا الفندق دون رجعة، لكن القدر عاد ليضعنا في مشاكل جديدة من جديد.
ففي اليوم التالي عاد المحقق وعنصرين شرطة.
المحقق:
_تبين أنكما كاذبان.
جاك:
_لماذا يا سيدي.
_لا يوجد أسماءٌ لرواد في نفس المكان الذي سجلتم اسمه عندي.
صدمنا وغضب جاك:
_مستحيل، كنت مجموعة مؤلفة من خمس رواد لكننا فقدنا بقية رفاقنا هناك.
_كيف؟
_نال منهم الموت على سطح ذلك الكوكب.
_للأسف معلوماتكم كلها مزيفة وانتم سيقبض عليكم، بتهمة الإرهاب إذا لم يتبين صحة ما تدعون.
صرخت:
_ماذا، ماذا! إرهاب!
_هناك الكثير منكم يتظاهرون بأنهم أبناء طبقة راقية ثم يعيثون تخريباً في بلادنا.
ترجيته:
_أرجوك يا سيدي طفلتي ليس لها أحد هتا.
_لا تخافي في السجن يسمح لك الاهتمام بها حتى تبلغ عمراً محدداً فتخرج إلى جهة مختصة لتربيتها.
_سجن، نحن لم نفعل شيئاً.
_لا تتحركوا من البلاد قبل التأكد من هويتكم.
_يا إلهي أرجوك، ألم تنتهي تلك الدوامة بعد.
خرجنا ونحن مليؤون باليأس وأملنا الوحيد هو أن نسرد لأهالينا قصتنا فيشهدون لنا بالحق.
جاك:
_هيا بنا علينا أن لا نضيع الوقت ونتجه إلى عائلتي ثم عائلتك ونقول الحقيقة وفقط.
_لا خيار لنا سوى هذا، هيا أنا واثقة أن أمي ستفرح لرؤيتي.
وبالفعل ركبنا الحافلة لنصل هناك حيث أهله ..
جاك:
_هناك شيء مختلف، لقد تغير المكان وتغيرت ملامحه، انظري هذا هو البيت، تعالي.
وطرقنا الباب حتى فتح لنا رجل عجوز أشيب الشعر كثير التجاعيد.
جاك:
_مرحباً يا سيدي أين أصحاب هذا المنزل؟
_أهلاً يا بني، أنا هو صاحب المنزل، هل من خدمة أقدمها لكما.
_مستحيل، قلي يا عم منذ متى وأنت تسكن هنا.
_اممم، منذ عام ١٩٢٥ للميلاد، ولكن لِمَ تسألُ يا ولدي؟
_أرجوك تحملني قليلاً، ألم يسكنه غيرك شخص وزوجته وابنه.
_لا يا بني، هل تشكو من شيء.
كنت أنظر إلى جاك وأنا لا أفهم شيئا، وهو ينهال بالأسئلة على الرجل، ويكاد أن يجن.
خرجنا، وهو يقول بانصعاقٍ تام:
_أين أهلي، ما الذي يحدث يا إلهي.
هدأته وقلت له:
_سنبحث عنهم بعد أن نجد أهلي وهم سيساعدونا للعثور على عائلتك.
_كارينا، أتصدقين، أشتاقهم كثيراً وتمنيت لو أرى أحداً منهم.
_أشعر بك حبيبي، اصبر سنجدهم.
وتوجهنا بالفعل إلى المكان الذي كنت أعيش فيه، وهناك كانت الصدمة، لقد فتحت لنا سيدة في الثلاثين من عمرها تقريبا، ومعها شاب يشبه أبي كثيرا.
قلت لنفسي:
"ربما هو حفيد للعائلة وهذه السيدة تشبه جدتي فمن هي يا ترى؟"
_كيف حالك يا خالة؟
_أهلا بك أيتها الجميلة تفضلي.
_آااه، هل انتم سكان هذا البيت.
_أجل، هل من خدمة؟
صعقني الامر كثيراً وكادت أن تسقط إينجل من يدي.
فسألتها:
_هل لي باستفسار عن أسمائكم لو سمحت.
_أجل طبعا ولكن لماذا؟
_احصائيات نقوم بها، تفضلي أعطني الأسماء.
وتظاهرت بأني نسيت الأوراق في السيارة، فطلبت منها ورقةً وقلمً.
وبعدما أحضرت الورقة والقلم قالت لي:
_اسمي كارلا، وهذا ابني ديفيد.
شعرت بالدوار، وهوى جسدي فأمسك بي جاك بيده الثانية، ولكنني تماسكت..
_شكرا لك سيدتي، قد نضطر للحديث معكم ثانيةً، هلا أعطيتني رقماً للهاتف.
قام الشاب بإملائي الرقم وانصرفت مع جاك والطفلة وأنا مذهولة.
جاك:
_ماذا بك كارينا؟
_لا أصدق يا جاك، تلك الفتحة قذفت بنا في بلادنا ولكن قبل حوالي قرن تقريباً، أتعرف من هذه.
_من هي؟
_إنها جدتي وهذا أبي لا يزال شاباً.
_ماذا! يستحيل ماذا يحدث يا الله، أرجوك.
كنا مذهولين، نتحدث كالمجانين، فسألت جاك:
_لقد كانت فرصتنا في إثبات هويتنا، لكن ماذا الآن نحن في واقع عاشه أجدادنا، والشركة تسعى في طلبنا ، ماذا سنفعل، لم يعد هناك فتحة زمن فكيف سننجو.
بكت إينجل، فرحت أضمها وأقبلها وأقول لجاك:
_لو سجنا ماذا سيحدث لهذه الطفلة، ستضيع كما ضعنا نحن يا جاك.
بكينا، صحنا، كدنا نحن، لا حلول البتة
جاك:
_هل سننتظر حتى يكبر أبوكِ ويتزوج حتى .
_حتى ماذا، كيف سينجبني وأنا الآن موجودة.
_تبا لتلك الفتحة، يا ليتنا متنا في كوكب بينوس وهو ينهار.
_فعلاّ، لكن لا بد من حل.
_الصبر والهروب هو الحل الحقيقي. لما نحن عليه.
_وإلا فالسجن والضياع.
_تعال معي سنلجأ لأحدٍ ما ونطلب منه أن يعطينا ملابس طويلة بحجة اننا سنستخدمها للتنكر.
وفعلاً طرقنا بيوتاً عديدة حتى ساعدتنا امرأة و زعت علينا ملابس كما طلبنا، وعطفت علينا ببعض الطعام.
_شكرا سيدتي، سنرجعهم لك فور انتهائنا من استخدامهم.
_لا لا احتاجهم.
_شكرا لكِ.
توارينا عن الأنظار، ولبسنا تلك الملابس وغيرنا بأشكالنا؛ لنضيع الشرطة فترة ريثما نجد حلا لهذه المصيبة.
وصرنا ننام تحت شجرة في حقل واضطر جاك للعمل؛ ليكسب النقود.
جاك:
_ربما ما أعمله لا يكفي لكنه يسترنا من سؤال البشر هنا.
_معك حق، ولولا وجود إينجل لكنت خرجت أنا وعملت.
_اخرسي كارينا، عملي من أجلك وأجل بنتي الحلوة، إياكي أن تفكري في هذا ثانيةً.
_ماذا سنفعل؟ كيف سنعيش بلا هوية وابنتنا لا تستطيع أن تحمل اسمي واسمك، ولن تدخل مدرسة.
_المشكلة اننا نحن ليس لدينا أسماء معترف عليها هنا.
صرنا نضحك قليلاً ونبكي قليلا.
قال جاك وهو ينظر إلى وجه ابنتنا البريء:
_صعب كل شيء لكنني أعرف أنه امتحان ولم ينته بعد.
نمنا تحت تلك الشجرة مراراً، حتى استيقظنا في صباح أحد الأيام على هجوم من مجموعة من الناس، تهدد وتتوعد.
قال أحدهم:
_من أنتم؟ وماذا تفعلون هنا؟
قال أخر؛
_يبدو أنهم سارقون، أو مخربين، ينون بنا شراً.
قال ثالث:
_ إنظروا إلى ملابسهم إنها مريبة جداً.
فتدخل جاك:
_لا أرجوكم، نحن ليس لدينا مكان نلجأ إليه.
فقاطعت جاك لأنقذ الأمر:
_لقد احترق بيتنا، ولم يبق اي شيء ولا حتى إثبات على من نكون، سامحونا أرجوكم.
صاروا يضربوننا بالحجارة ويصرخون علينا:
_كاذبون، اخرجوا من هنا.
ضممت طفلتي كي لا تصاب، وجاك أمسك يدي، ورحنا نركض ويركضون خلفنا حتى أمنا منهم أنهم ابتعدوا، فرحنا نمشي ونمشي بلا هدف ودموعنا كالمطر.
_يا الله سامحنا، يا الله أرجو
_اممم، نحن في ورطة فعلاً، هل سنقول لهم بأننا متزوجان على كوكب بينوس.
أطلقت ضحكة من الأعماق ثم وضعت يدي على فمي، وهمست له:
_سيطلبون لنا الشرطة ويقولون أننا مجانين.
_هيا إذن لنخبرهم بأننا لسنا زوجين ونحجز غرفتين حتى الغد.
_طيب حسناً
وفعلا كان ذلك دخل كل منا لغرفته حيث أخذت حماما ساخنا وكذلك إينجل ونمنا مطولاً، حتى طرق علينا جاك الباب قائلا:
_كارينا، الطعام ينتظر، لقد طلبته.
_آتية جاك، إنني جائعة فعلاً سأرتدي الفستان الذي ابتعته البارحة.
_افتجي الباب إذن دعيني ادخل.
_اخرس وانزل إلى الأسفل، أنسيت أننا في الديار أم ماذا؟
ضحك وقال لي:
_سيأتيك يوم ولن ترفضي لي طلب، أفهمتي.
وطرق يده غاضباً على الباب..
وفكر في نفسه:
"متى ستنتهي تلك القيود وأعلنها زوجة رسمية لي، تباً"
وبعد قليل لحقت به ومعي اينجل وبينما أنا أمشي باتجاهه إلى الطاولة التي حجزها لنا، وقف على طوله مذهولاً ينظر مشخّص العينين.
_ما بك جاك، هل تشكو من شيء؟
فصفر بشفتيه صفرة قوية وقال:
_لا أصدق، ما هذا الجمال،؟ تباً لكوكب بينوس ذاك، كم ضيع من عمرنا.
وأمسك بيدي وسحب الكرسي، وأجلسني عليها ثم حمل إينجل من يدي، وجلس بالطرف المقابل ينظر إلي بذهول.
فضحكت مع احمرارٍ في خدي وقلت له:
_يكفي هذا، لا تبالغ، أنا جائعة فلا تنظر إلي أريد ان أتناول طعامي بهدوء.
وتناولنا أطراف الحديث وحلمنا وداعبنا إينجل ثم اقترح علي أن أرقص معه.
أمسك بيدي وانحنى قائلاً:
_هل تسمح الجميلة برقصة جميلة معي.
_بكل سرور ولكن لا تنسى أن أينجل وحدها.
_لن نتأخر أبداً، فقط بضع دقائق، أريد ان أعيش كل لحظة معك بكل التفاصيل، أعدك لن أضيع الوقت منا بعد الآن.
ورحنا نرقص ونرقص ولكن عيني لم تبتعد عن طفلتي.
_هيا بنا، هذا يكفي، ستخاف إينجل وتبكي.
_حسنا جميلتي، هيا إلى النوم، فغدا لنا مهمة الالتحاق بعائلتك لنسوي الأمور لصالحنا.
_اتفقنا حبي.
أمسك يدي وشد بي إليه وهمس لي بكل حب:
_أنت حبيبتي.
وفي الصباح التالي جهزنا نفسنا للرحيل وبينما هو يدفع حساب الليلة منعه الموظفون من الخروج.
_لماذا يا سيدي؟ ماذا هناك؟
_ستصل الشرطة خلال لحظات وتشرح لكم الأمر.
شهقت أنا:
_ماذا! شرطة ولكن لماذا؟
وعندما وصلت الشرطة وضعونا في مكان منعزل وبداوا التحقيق معنا.
المحقق:
_اسمك الكامل.
جاك:
_جاك ليكسون.
_ما هو عملك؟
_أنا رائد فضاء وهذه زميلتي كارينا كوستى
.
_امممم، رواد فضاء.
نظر لحاجبه ليسجل كل المعلومات العامة عنكم لنتحقق منها.
نظر إلي وقال لي:
_وانت يا سيدة، ما سبب تواجدك في هذا الفندق مع طفلتك والسيد.جاك، هل أنتما متزوجان.
سؤاله أحرجني وفكرت في الإجابة مع نفسي قبل نطقها:
"لا أستطيع قول نعم، سيسألون عن الوثيقة والبطاقة الشخصية وإن قلت أنها علاقة عاطفية ما، سأفضح ولو شرحت لهم ما حصل معنا، سيعتقدون أننا مجانين."
فتهربت من الاجابة وقلت:
_إنه صديق زوجي المتوفى ويساعدني في أتمام بعض المعاملات.
_اممم، أبرزوا بطاقاتكما الشخصية.
فأجبت أنا بسرعة:
_للأسف سرقت ممتلكاتنا الشخصية قبل وصولنا إلى هذه البلدة فاضطررت لبيع إسورة لنؤمن مبلغا ماليا يكفينا حتى ننهي ما نريده.
نظر إلي جاك وقال:
_نعم نعم هذا ما حصل.
الشرطة صدقت أمرنا بسبب شهادة الصائغ وقررت الإفراج عنا لننطلق من هذا الفندق دون رجعة، لكن القدر عاد ليضعنا في مشاكل جديدة من جديد.
ففي اليوم التالي عاد المحقق وعنصرين شرطة.
المحقق:
_تبين أنكما كاذبان.
جاك:
_لماذا يا سيدي.
_لا يوجد أسماءٌ لرواد في نفس المكان الذي سجلتم اسمه عندي.
صدمنا وغضب جاك:
_مستحيل، كنت مجموعة مؤلفة من خمس رواد لكننا فقدنا بقية رفاقنا هناك.
_كيف؟
_نال منهم الموت على سطح ذلك الكوكب.
_للأسف معلوماتكم كلها مزيفة وانتم سيقبض عليكم، بتهمة الإرهاب إذا لم يتبين صحة ما تدعون.
صرخت:
_ماذا، ماذا! إرهاب!
_هناك الكثير منكم يتظاهرون بأنهم أبناء طبقة راقية ثم يعيثون تخريباً في بلادنا.
ترجيته:
_أرجوك يا سيدي طفلتي ليس لها أحد هتا.
_لا تخافي في السجن يسمح لك الاهتمام بها حتى تبلغ عمراً محدداً فتخرج إلى جهة مختصة لتربيتها.
_سجن، نحن لم نفعل شيئاً.
_لا تتحركوا من البلاد قبل التأكد من هويتكم.
_يا إلهي أرجوك، ألم تنتهي تلك الدوامة بعد.
خرجنا ونحن مليؤون باليأس وأملنا الوحيد هو أن نسرد لأهالينا قصتنا فيشهدون لنا بالحق.
جاك:
_هيا بنا علينا أن لا نضيع الوقت ونتجه إلى عائلتي ثم عائلتك ونقول الحقيقة وفقط.
_لا خيار لنا سوى هذا، هيا أنا واثقة أن أمي ستفرح لرؤيتي.
وبالفعل ركبنا الحافلة لنصل هناك حيث أهله ..
جاك:
_هناك شيء مختلف، لقد تغير المكان وتغيرت ملامحه، انظري هذا هو البيت، تعالي.
وطرقنا الباب حتى فتح لنا رجل عجوز أشيب الشعر كثير التجاعيد.
جاك:
_مرحباً يا سيدي أين أصحاب هذا المنزل؟
_أهلاً يا بني، أنا هو صاحب المنزل، هل من خدمة أقدمها لكما.
_مستحيل، قلي يا عم منذ متى وأنت تسكن هنا.
_اممم، منذ عام ١٩٢٥ للميلاد، ولكن لِمَ تسألُ يا ولدي؟
_أرجوك تحملني قليلاً، ألم يسكنه غيرك شخص وزوجته وابنه.
_لا يا بني، هل تشكو من شيء.
كنت أنظر إلى جاك وأنا لا أفهم شيئا، وهو ينهال بالأسئلة على الرجل، ويكاد أن يجن.
خرجنا، وهو يقول بانصعاقٍ تام:
_أين أهلي، ما الذي يحدث يا إلهي.
هدأته وقلت له:
_سنبحث عنهم بعد أن نجد أهلي وهم سيساعدونا للعثور على عائلتك.
_كارينا، أتصدقين، أشتاقهم كثيراً وتمنيت لو أرى أحداً منهم.
_أشعر بك حبيبي، اصبر سنجدهم.
وتوجهنا بالفعل إلى المكان الذي كنت أعيش فيه، وهناك كانت الصدمة، لقد فتحت لنا سيدة في الثلاثين من عمرها تقريبا، ومعها شاب يشبه أبي كثيرا.
قلت لنفسي:
"ربما هو حفيد للعائلة وهذه السيدة تشبه جدتي فمن هي يا ترى؟"
_كيف حالك يا خالة؟
_أهلا بك أيتها الجميلة تفضلي.
_آااه، هل انتم سكان هذا البيت.
_أجل، هل من خدمة؟
صعقني الامر كثيراً وكادت أن تسقط إينجل من يدي.
فسألتها:
_هل لي باستفسار عن أسمائكم لو سمحت.
_أجل طبعا ولكن لماذا؟
_احصائيات نقوم بها، تفضلي أعطني الأسماء.
وتظاهرت بأني نسيت الأوراق في السيارة، فطلبت منها ورقةً وقلمً.
وبعدما أحضرت الورقة والقلم قالت لي:
_اسمي كارلا، وهذا ابني ديفيد.
شعرت بالدوار، وهوى جسدي فأمسك بي جاك بيده الثانية، ولكنني تماسكت..
_شكرا لك سيدتي، قد نضطر للحديث معكم ثانيةً، هلا أعطيتني رقماً للهاتف.
قام الشاب بإملائي الرقم وانصرفت مع جاك والطفلة وأنا مذهولة.
جاك:
_ماذا بك كارينا؟
_لا أصدق يا جاك، تلك الفتحة قذفت بنا في بلادنا ولكن قبل حوالي قرن تقريباً، أتعرف من هذه.
_من هي؟
_إنها جدتي وهذا أبي لا يزال شاباً.
_ماذا! يستحيل ماذا يحدث يا الله، أرجوك.
كنا مذهولين، نتحدث كالمجانين، فسألت جاك:
_لقد كانت فرصتنا في إثبات هويتنا، لكن ماذا الآن نحن في واقع عاشه أجدادنا، والشركة تسعى في طلبنا ، ماذا سنفعل، لم يعد هناك فتحة زمن فكيف سننجو.
بكت إينجل، فرحت أضمها وأقبلها وأقول لجاك:
_لو سجنا ماذا سيحدث لهذه الطفلة، ستضيع كما ضعنا نحن يا جاك.
بكينا، صحنا، كدنا نحن، لا حلول البتة
جاك:
_هل سننتظر حتى يكبر أبوكِ ويتزوج حتى .
_حتى ماذا، كيف سينجبني وأنا الآن موجودة.
_تبا لتلك الفتحة، يا ليتنا متنا في كوكب بينوس وهو ينهار.
_فعلاّ، لكن لا بد من حل.
_الصبر والهروب هو الحل الحقيقي. لما نحن عليه.
_وإلا فالسجن والضياع.
_تعال معي سنلجأ لأحدٍ ما ونطلب منه أن يعطينا ملابس طويلة بحجة اننا سنستخدمها للتنكر.
وفعلاً طرقنا بيوتاً عديدة حتى ساعدتنا امرأة و زعت علينا ملابس كما طلبنا، وعطفت علينا ببعض الطعام.
_شكرا سيدتي، سنرجعهم لك فور انتهائنا من استخدامهم.
_لا لا احتاجهم.
_شكرا لكِ.
توارينا عن الأنظار، ولبسنا تلك الملابس وغيرنا بأشكالنا؛ لنضيع الشرطة فترة ريثما نجد حلا لهذه المصيبة.
وصرنا ننام تحت شجرة في حقل واضطر جاك للعمل؛ ليكسب النقود.
جاك:
_ربما ما أعمله لا يكفي لكنه يسترنا من سؤال البشر هنا.
_معك حق، ولولا وجود إينجل لكنت خرجت أنا وعملت.
_اخرسي كارينا، عملي من أجلك وأجل بنتي الحلوة، إياكي أن تفكري في هذا ثانيةً.
_ماذا سنفعل؟ كيف سنعيش بلا هوية وابنتنا لا تستطيع أن تحمل اسمي واسمك، ولن تدخل مدرسة.
_المشكلة اننا نحن ليس لدينا أسماء معترف عليها هنا.
صرنا نضحك قليلاً ونبكي قليلا.
قال جاك وهو ينظر إلى وجه ابنتنا البريء:
_صعب كل شيء لكنني أعرف أنه امتحان ولم ينته بعد.
نمنا تحت تلك الشجرة مراراً، حتى استيقظنا في صباح أحد الأيام على هجوم من مجموعة من الناس، تهدد وتتوعد.
قال أحدهم:
_من أنتم؟ وماذا تفعلون هنا؟
قال أخر؛
_يبدو أنهم سارقون، أو مخربين، ينون بنا شراً.
قال ثالث:
_ إنظروا إلى ملابسهم إنها مريبة جداً.
فتدخل جاك:
_لا أرجوكم، نحن ليس لدينا مكان نلجأ إليه.
فقاطعت جاك لأنقذ الأمر:
_لقد احترق بيتنا، ولم يبق اي شيء ولا حتى إثبات على من نكون، سامحونا أرجوكم.
صاروا يضربوننا بالحجارة ويصرخون علينا:
_كاذبون، اخرجوا من هنا.
ضممت طفلتي كي لا تصاب، وجاك أمسك يدي، ورحنا نركض ويركضون خلفنا حتى أمنا منهم أنهم ابتعدوا، فرحنا نمشي ونمشي بلا هدف ودموعنا كالمطر.
_يا الله سامحنا، يا الله أرجو