٤
التفتت رون لذلك الصوت الذي استدعاه ليرى هيلين قادمة من بعيد وكانت من جديد تضع وشاحاً على وجهها وحول رقبتها أخفت به ملامحها، عاد لينظر الى ماثيو بأسف ثم قال:
_اسف علي الذهاب.
_لا عليك "رون"، بالمناسبة اسمك رائع.
ابتسم رون لماثيو وقال:
_هذا لطف منك، شكرا.
رد ماثيو بابتسامة:
_العفو، اتمنى أن نتقابل مجدداً.
ودعه رون بيديه وقال بابتسامة ارتسمت على محياه:
_آمل ذلك.
ركض رون في الاتجاه المعاكس حتى وصل لهيلين فسحبها معه لمكان هادئ واستفسر غاضباً:
_أين كنتِ كل ذلك الوقت؟
_لِمَ أنت غاضب بهذا الشكل؟
تنهد ونظر وراءه واضعاً كفه على جبهته ثم سحبه وقبض كفيه وجز على أسنانه ثم قال:
_لماذا تحاولين المراوغة في الكلام؟ لقد سألتك سؤالاً ولم تجيبيني.
أغضبتها جملته فردت عليه قائلةً:
_من أنت لتوبخني بهذا الشكل؟ بل كيف تتجرأ على قول مثل هذا الكلام لشخص أحسن إليك وساعدك!
ثم تابعت قائلةً:
_بالطبع يا رون لدي حياتي الخاصة، ليس علي أن أبرر لك أي شئ، ولست مضطرة أن أكون معك طوال الوقت فلن أترك شخصاً عرفته لتوي البارحة يستحوذ على حياتي ووقتي.
تركها رون وبات يتجول ذهاباً وإياباً محاولاً تهدئة أعصابه وأنفاسه الغاضبة مازالت تعتلي المكان، جلس أرضاً ووضع كفيه وفوق رأسه وضم ساقيه ثم تنفس الصعداء وقال:
_أنا آسفيا هيلين، أعلم أنني تماديت ولكن كوني في مكان لا أفقه فيه شيئاً يوترني وأشعر أنني أكاد أجن.
ردت هي ببساطة:
_ أنا أحاول أن أتفهم وضعك صدقني، وحقاً أود أن أساعدك ولكن في البداية علي أن أجعلك تتأقلم على العيش هنا والتعامل وحدك؛ فأنا لن أكون معك طوال الوقت.
هز رون رأسه بتفهم ونهض من الأرض واقترب منها ثم قال:
_دعينا نبحث عن مكان جيد للجلوس فيه ثم اشرحلي لي من البداية كل شئ عن ألورا أو على الأقل عن الشمال.
تحركا في داخل الغابة وتقدمت هيلين في السير لتختفي فجأة وتظهر على إحدى غصون شجرة، نادت رون الذي كان ينظر لها ببؤبؤان متسعان وثغره مفتوح لتبتسم هي من ذهوله.
وضعت يدها على الغصن الذي جلست هي عليه وضربته مرتين مشيرة له كي يجلس بجانبها، بدأ يتسلق الشجرة بصعوبة فمدت يدها ليمسك بكفها لتسحبه هي.
جلس بجانبها وأخرج الثمرة التي أهداها له ماثيو، مد اليها يده بها لتهز رأسها إيجاباً بعد ثوانٍ قليلة من التردد الذي لم يلحظه هو.
تقاسما الثمرة لتقول هيلين بعد أن قضمت قطعة منها:
_ليس لدي الكثير من الوقت؛ لذا استغل الوقت واسأل ما تريد وسأجيبك على الفور ولكن انتقي الأسئلة بشكل جيد.
_هل ستذهبين مجدداً!
سأل هو بتعجب إمتزج بخوف لترد هي بسخرية:
_تعلم أن لدي أهل ينتظرونني في منزلي أليس كذلك؟
تذكر هو عائلته في تلك اللحظة ليشعر بحنين وشوق تجاههم، والدته ووالده الذي فقدهما، ومنزله الذي افتقده وكان آخر ما تركوه له، حقا كان يريد العودة.
شعر أنه يريد أن يظهر المنزل أمامه مرة أخرى ليدخله بهدوء ويرتمي على فراشه وينسى كل ما حدث في الليلة السابقة.
تجمعت بعض الدموع في عينيه بعد أن تتابعت ذكرياته معهم في رأسه ولكنه استفاق عندما سمعها تنادي باسمه باهتمام فنظر ليرى نظرات ندم في عينيها لتتابع هي كلامها:
_آسفة يبدو أنني ذكرتك بعائلتك.
عضت اناملها من الندم ليقول هو على الفور وهو يحرك رأسه يميناً ويساراً:
_لا تعتذري فأنت لم تقولي شيئاً خاطئاً.
_لا، حقاً أعتذر منك.
نفى مجدداً وقال:
_هم دائما في عقلي وقلبي لن ولم أنساهم بالتأكيد.
مسح عينيه بكفيه ثم قال مغيراً للموضوع بعد أن التفت إليها:
_إذاً فلنبدأ بأول سؤال يثير فضولي.
تابع بفضول وسأل:
_كيف كنت تقرأين أفكاري؟
ابتسمت هي وقالت:
_من رأيي أن تسأل الأسئلة المهمة التي ستجعلك تتأقلم مع العيش هنا وليس الأسئلة التي تثير فضولك.
_حسناً اذاً سأغير صيغة السؤال، هل يمكن للجميع أن يقرأ أفكاري؟
قهقهت هي وقالت:
_لا يا رون ليس الجميع يقرأ الأفكار، إنها قدرة أهدتها لي والدتي كما أنني أستطيع التحكم بها كما أشاء وأيضاً لن أستطيع استخدامها خارج الغابة.
_لماذا؟
_لا تهتم، هيا اسأل ما تريد.
_اذاً كيف تطيرين وتختفين فجأة؟
_بالسحر.
هل للجنيات علاقة بالسحر؟
ردت هي بضحكة ساخرة:
_ألورا كلها مبنية على السحر الذي تقوم به الجنيات يا رون.
شرد قليلاً محاولا تخيل الأمر بعد أن بدأ يتذكر مضمون رسالة والده ولكنها قاطعته بقولها:
_لقد تأخرت، علي العودة.
رفع حاجبيه وحدق بها ثم قال:
_تأخرتِ! مازلنا في الصباح.
ردت هي معتذرة:
_آسفة ولكن علي العودة قد حلول موعد عودة أبي للمنزل و..
قاطعها رون مسرعاً:
_كيف تتم عملية الشراء؟
_ماذا؟
_ما تعطونه مقابل أخذ شئ من شخص ما.
قالت هي مسرعة:
_ابحث عن الديفيليا والياقوت.
اختفت هيلين مجدداً في لحظة كالعادة ولم يتبقى أي أثر لها ولم يستطع رون أن يسألها عن مكان وجودهم ليبدأ البحث عنهم.
دخلت أوچين لغرفتها لتجد جنيتها في غرفتها تقول بتوتر:
_أين كنتِ؟ والدك على وشك الحضور.
تابعت بصوت لاهث:
_غيري ملابسك بأسرع ما يمكن وادخلي إلى الفراش.
فعلت أوچين ما أُمرت به في أسرع وقت لتجد والدها يدخل الغرفة ناظراً لها بتفحص، خرج من الغرفة عندما وجدها نائمة وأمر چيلينا التي خرجت خلفه:
_أيقظيها في غضون نصف ساعة، أود أن أراها على المائدة.
قالها الحاكم متجاهلاً العقاب الذي حكم به عليها، لان قلبه عليها فيكفيها عدم خروجها من القصر، عالأقل لتتجول كما تشاء فيه.
_حاضر مولاي.
قالتها چيلينا وهي تنحني له باحترام لتدخل فوراً للغرفة بعد أن ذهب هو وتقول لأوچين:
_لقد ذهب يمكنك الخروج من الفراش إن شئت.
رفعت أوچين رأسها وقالت:
_هل أنت متأكدة؟
هزت چيلينا رأسها وقالت:
_نعم، وطلب مني أن اوقظك في غضون نصف ساعة، كما أنه يريدك على المائدة اليوم.
حركت أوچين رأسها بتفهم وقالت:
_لقد فهمت.
تابعت أوچين وقالت لچيلينا:
_هلا تسدين إلي خدمة؟
نزل رون من أعلى الغصن وبدأ يتجول في الغابة، وجد أنه اقترب من حافة الغابة وحدود المدينة.
كاد يلتفت ويعود ولكنه لمح شيئاً يطير في الهواء فقرر التقدم للأمام.
اقترب منها وقال:
_ألست تلك الجنية التي كانت مع هيلين؟
تحدثت بلهجة يفهمها وقالت:
_ نعم، جئتك برسالة منها؛ فهي نسيت إخبارك عن مكان وجود الديفيليا والياقوت.
_نعم، وددت أن أسألها ولكنني لم استطع اللحاق بها.
_أعرف، هي كانت على عجلة من أمرها.
سألها بعدم صبر:
_وأين أجد كل منهما؟
_الديفيليا ستجدها عند جبال الغابات حيث تنمو هذه الأزهار بشكل عام في المناطق الرطبة والجبلية، أما عن الياقوت فهو في قاع الأنهار النقية.
حدق بها بصدمة وتمتم قائلا:
_يا إلهي!
صدم هو مما حل عليه من مصائب ولكنها سألته قائلة:
_ماذا تقول؟
_لا شئ، وكيف سأعرف الديفيليا؟
_تستطيع التعرف عليها من خلال أوراقها الكبيرة التي تشبه المظلة وزهورها البيضاء اللؤلؤية.
ثم تابعت قائلة:
_عندما تبتل بمياه الأمطار تبدأ بفقدان لونها الأبيض وتصبح شفافة تماما. وعندما تجف، تعود مرة أخرى إلى لونها الأبيض الأصلي.
_حسناً فهمت.
_هل تعرف ما عليك فعله بعدها؟
هز رون رأسه نافياً لتتابع هي:
_ ستبللها بالماء وتفصل رحيقها الذي عليك طحنه عن بقية الزهرة.
_حسناً.
_ثم ستخفيها في حقيبتك بعد ذلك، اتفقنا؟
_اتفقنا.
_خذ تلك الخريطة ولا تضيعها ابداً.
اختفت الجنية بعد أن تركت الخريطة أرضاً كما تختفي هيلين تماماً تنهد وقرر أن يخطط ما عليه فعله في البداية.
انحنى والتقطت الخريطة من الأرض، كانت ورقة سوداء ذات ملمس خشن كُتب عليها "الشمال".
حينها أدرك أنها خريطة المكان هنا، وجد فيها رسم دل على وجود أربع غابات في أطرف الشمال وفي بعضها الأنهار وبعضها الآخر الجبال والبرك.
أدرك أنه من المستحيل أن يكون في الغابة الصحيحة حالياً؛ فالنهر الوحيد الموجود حاليا غير نقي، ولا يوجد أي أثر لجبال في تلك الغابة فكانت خطوته الأولى هو الخروج منها.
وجد أسامي الغابات الموجودة على الخريطة هي
"غابة إيلدر" ، "غابة سكيلتون"، "غابة ساچانو"، "غابة دينتري"
استنتج أنه في غابة إليدر من زهور "الخمان الأسود" الذي يعرف باسم "البيلسان" من الرسوم الموضحة على الخريطة.
خرج من الغابة وأخفى الخريطة في حقيبته وقرر الاتجاه نحو غابة سكيلتون التي بدت له أشجارها على الخريطة تشبه ما وصفته له الجنية.
بدأ يسير حسب ما رأى على الخريطة، حاول الإبتعاد قدر الإمكان عن ماثيو، فهو بالفعل لطيف ولكنه لا يعرف الكثير عن الشمال بعد ويخاف أن يُخطئ أمامه فيتم القبض عليه.
رأى الفتيات ذوات الشعر الأرجواني والفتيان ذوي الشعر البرتقالي مع ذلك الزي الرسمي الذي يرتدي شيئا يشبهه الان، ومع عيونهم الملونة ذات الحدقان الواسعة ولكنه صار يشبههم الى حد ما حاليا.
وجنيات بملابس ملونة تدور حولهم تارة وتستقر على أكتافهم تارة.
تمنى أن لا يلفت الأنظار وهو لا يحمل واحدة مثلهم ولكن كلٌ كان مشغولاً بما يفعل ولم يهتم أحد به أو بوجوده، حمد ربه أنه لم يلفت الانتباه وتنفس الصعداء.
صار يسير على حدود القرية ودخل أول غابة، والتي كانت خضراء كالتي اعتاد أن يراها، لوهلة ظن أنه في غابة عادية ولكنه سمع صوتاً ناعماً خفيفاً وبات يزداد كلما توغل في الغابة واقترب من أعماقها.
فتح الخريطة وبدأ يحاول معرفة في أي غابة هو الآن فاكتشف أنها "غابة ساچانو"
بدأ يشاهد الخيزران المتمايل مع الهواء ليسمع صوت الموسيقى يزداد، أغمض عينيه وفتح يديه ورفعها ليبدأ زيه في التطاير كما تتطاير خصلات شعره المستعار البرتقالي.
كان مستمتعاً بنسمات الهواء العليل مع الموسيقى الرائعة التي تطرب الآذان.
علم أنه في الغابة الخاطئة ولكنه لم يود أبداً أن يترك المكان فقرر البقاء فيه قليلاً ليرتاح ويمتع أذنيه.
في مكان آخر وتحديداً في قصر المدينة، على مائدة الطعام حيث أتخذ الجميع مكاناً، دخل الحاكم الي المكان وخلفه حارسين اوقفهما بعد أن أشار بيديه وفتحهما في وجههما.
تابع السير وجلس على الكرسي ليقف الجميع أحتراماً له جلسوا بعد ثواني معدودة وبدأ الجميع في الأكل.
مر الوقت والتوتر ملأ نفوس الجميع حتى تنحنح الحاكم ثم قال:
_ليلة أمس، حدث ما لم يحدث منذ سنوات.
بدت نظرات التعجب على وجوه الجميع فتابع قائلاً:
_كان أمس يوم مولد إحدى توائم الشمال، وبلغا الثانية عشر.
تابع قائلاً:
_ولكن المفاجأة كانت هي ظهور جنية للفتى، أما عن الفتاة فلم يظهر لها شيئاً قط!
_اسف علي الذهاب.
_لا عليك "رون"، بالمناسبة اسمك رائع.
ابتسم رون لماثيو وقال:
_هذا لطف منك، شكرا.
رد ماثيو بابتسامة:
_العفو، اتمنى أن نتقابل مجدداً.
ودعه رون بيديه وقال بابتسامة ارتسمت على محياه:
_آمل ذلك.
ركض رون في الاتجاه المعاكس حتى وصل لهيلين فسحبها معه لمكان هادئ واستفسر غاضباً:
_أين كنتِ كل ذلك الوقت؟
_لِمَ أنت غاضب بهذا الشكل؟
تنهد ونظر وراءه واضعاً كفه على جبهته ثم سحبه وقبض كفيه وجز على أسنانه ثم قال:
_لماذا تحاولين المراوغة في الكلام؟ لقد سألتك سؤالاً ولم تجيبيني.
أغضبتها جملته فردت عليه قائلةً:
_من أنت لتوبخني بهذا الشكل؟ بل كيف تتجرأ على قول مثل هذا الكلام لشخص أحسن إليك وساعدك!
ثم تابعت قائلةً:
_بالطبع يا رون لدي حياتي الخاصة، ليس علي أن أبرر لك أي شئ، ولست مضطرة أن أكون معك طوال الوقت فلن أترك شخصاً عرفته لتوي البارحة يستحوذ على حياتي ووقتي.
تركها رون وبات يتجول ذهاباً وإياباً محاولاً تهدئة أعصابه وأنفاسه الغاضبة مازالت تعتلي المكان، جلس أرضاً ووضع كفيه وفوق رأسه وضم ساقيه ثم تنفس الصعداء وقال:
_أنا آسفيا هيلين، أعلم أنني تماديت ولكن كوني في مكان لا أفقه فيه شيئاً يوترني وأشعر أنني أكاد أجن.
ردت هي ببساطة:
_ أنا أحاول أن أتفهم وضعك صدقني، وحقاً أود أن أساعدك ولكن في البداية علي أن أجعلك تتأقلم على العيش هنا والتعامل وحدك؛ فأنا لن أكون معك طوال الوقت.
هز رون رأسه بتفهم ونهض من الأرض واقترب منها ثم قال:
_دعينا نبحث عن مكان جيد للجلوس فيه ثم اشرحلي لي من البداية كل شئ عن ألورا أو على الأقل عن الشمال.
تحركا في داخل الغابة وتقدمت هيلين في السير لتختفي فجأة وتظهر على إحدى غصون شجرة، نادت رون الذي كان ينظر لها ببؤبؤان متسعان وثغره مفتوح لتبتسم هي من ذهوله.
وضعت يدها على الغصن الذي جلست هي عليه وضربته مرتين مشيرة له كي يجلس بجانبها، بدأ يتسلق الشجرة بصعوبة فمدت يدها ليمسك بكفها لتسحبه هي.
جلس بجانبها وأخرج الثمرة التي أهداها له ماثيو، مد اليها يده بها لتهز رأسها إيجاباً بعد ثوانٍ قليلة من التردد الذي لم يلحظه هو.
تقاسما الثمرة لتقول هيلين بعد أن قضمت قطعة منها:
_ليس لدي الكثير من الوقت؛ لذا استغل الوقت واسأل ما تريد وسأجيبك على الفور ولكن انتقي الأسئلة بشكل جيد.
_هل ستذهبين مجدداً!
سأل هو بتعجب إمتزج بخوف لترد هي بسخرية:
_تعلم أن لدي أهل ينتظرونني في منزلي أليس كذلك؟
تذكر هو عائلته في تلك اللحظة ليشعر بحنين وشوق تجاههم، والدته ووالده الذي فقدهما، ومنزله الذي افتقده وكان آخر ما تركوه له، حقا كان يريد العودة.
شعر أنه يريد أن يظهر المنزل أمامه مرة أخرى ليدخله بهدوء ويرتمي على فراشه وينسى كل ما حدث في الليلة السابقة.
تجمعت بعض الدموع في عينيه بعد أن تتابعت ذكرياته معهم في رأسه ولكنه استفاق عندما سمعها تنادي باسمه باهتمام فنظر ليرى نظرات ندم في عينيها لتتابع هي كلامها:
_آسفة يبدو أنني ذكرتك بعائلتك.
عضت اناملها من الندم ليقول هو على الفور وهو يحرك رأسه يميناً ويساراً:
_لا تعتذري فأنت لم تقولي شيئاً خاطئاً.
_لا، حقاً أعتذر منك.
نفى مجدداً وقال:
_هم دائما في عقلي وقلبي لن ولم أنساهم بالتأكيد.
مسح عينيه بكفيه ثم قال مغيراً للموضوع بعد أن التفت إليها:
_إذاً فلنبدأ بأول سؤال يثير فضولي.
تابع بفضول وسأل:
_كيف كنت تقرأين أفكاري؟
ابتسمت هي وقالت:
_من رأيي أن تسأل الأسئلة المهمة التي ستجعلك تتأقلم مع العيش هنا وليس الأسئلة التي تثير فضولك.
_حسناً اذاً سأغير صيغة السؤال، هل يمكن للجميع أن يقرأ أفكاري؟
قهقهت هي وقالت:
_لا يا رون ليس الجميع يقرأ الأفكار، إنها قدرة أهدتها لي والدتي كما أنني أستطيع التحكم بها كما أشاء وأيضاً لن أستطيع استخدامها خارج الغابة.
_لماذا؟
_لا تهتم، هيا اسأل ما تريد.
_اذاً كيف تطيرين وتختفين فجأة؟
_بالسحر.
هل للجنيات علاقة بالسحر؟
ردت هي بضحكة ساخرة:
_ألورا كلها مبنية على السحر الذي تقوم به الجنيات يا رون.
شرد قليلاً محاولا تخيل الأمر بعد أن بدأ يتذكر مضمون رسالة والده ولكنها قاطعته بقولها:
_لقد تأخرت، علي العودة.
رفع حاجبيه وحدق بها ثم قال:
_تأخرتِ! مازلنا في الصباح.
ردت هي معتذرة:
_آسفة ولكن علي العودة قد حلول موعد عودة أبي للمنزل و..
قاطعها رون مسرعاً:
_كيف تتم عملية الشراء؟
_ماذا؟
_ما تعطونه مقابل أخذ شئ من شخص ما.
قالت هي مسرعة:
_ابحث عن الديفيليا والياقوت.
اختفت هيلين مجدداً في لحظة كالعادة ولم يتبقى أي أثر لها ولم يستطع رون أن يسألها عن مكان وجودهم ليبدأ البحث عنهم.
دخلت أوچين لغرفتها لتجد جنيتها في غرفتها تقول بتوتر:
_أين كنتِ؟ والدك على وشك الحضور.
تابعت بصوت لاهث:
_غيري ملابسك بأسرع ما يمكن وادخلي إلى الفراش.
فعلت أوچين ما أُمرت به في أسرع وقت لتجد والدها يدخل الغرفة ناظراً لها بتفحص، خرج من الغرفة عندما وجدها نائمة وأمر چيلينا التي خرجت خلفه:
_أيقظيها في غضون نصف ساعة، أود أن أراها على المائدة.
قالها الحاكم متجاهلاً العقاب الذي حكم به عليها، لان قلبه عليها فيكفيها عدم خروجها من القصر، عالأقل لتتجول كما تشاء فيه.
_حاضر مولاي.
قالتها چيلينا وهي تنحني له باحترام لتدخل فوراً للغرفة بعد أن ذهب هو وتقول لأوچين:
_لقد ذهب يمكنك الخروج من الفراش إن شئت.
رفعت أوچين رأسها وقالت:
_هل أنت متأكدة؟
هزت چيلينا رأسها وقالت:
_نعم، وطلب مني أن اوقظك في غضون نصف ساعة، كما أنه يريدك على المائدة اليوم.
حركت أوچين رأسها بتفهم وقالت:
_لقد فهمت.
تابعت أوچين وقالت لچيلينا:
_هلا تسدين إلي خدمة؟
نزل رون من أعلى الغصن وبدأ يتجول في الغابة، وجد أنه اقترب من حافة الغابة وحدود المدينة.
كاد يلتفت ويعود ولكنه لمح شيئاً يطير في الهواء فقرر التقدم للأمام.
اقترب منها وقال:
_ألست تلك الجنية التي كانت مع هيلين؟
تحدثت بلهجة يفهمها وقالت:
_ نعم، جئتك برسالة منها؛ فهي نسيت إخبارك عن مكان وجود الديفيليا والياقوت.
_نعم، وددت أن أسألها ولكنني لم استطع اللحاق بها.
_أعرف، هي كانت على عجلة من أمرها.
سألها بعدم صبر:
_وأين أجد كل منهما؟
_الديفيليا ستجدها عند جبال الغابات حيث تنمو هذه الأزهار بشكل عام في المناطق الرطبة والجبلية، أما عن الياقوت فهو في قاع الأنهار النقية.
حدق بها بصدمة وتمتم قائلا:
_يا إلهي!
صدم هو مما حل عليه من مصائب ولكنها سألته قائلة:
_ماذا تقول؟
_لا شئ، وكيف سأعرف الديفيليا؟
_تستطيع التعرف عليها من خلال أوراقها الكبيرة التي تشبه المظلة وزهورها البيضاء اللؤلؤية.
ثم تابعت قائلة:
_عندما تبتل بمياه الأمطار تبدأ بفقدان لونها الأبيض وتصبح شفافة تماما. وعندما تجف، تعود مرة أخرى إلى لونها الأبيض الأصلي.
_حسناً فهمت.
_هل تعرف ما عليك فعله بعدها؟
هز رون رأسه نافياً لتتابع هي:
_ ستبللها بالماء وتفصل رحيقها الذي عليك طحنه عن بقية الزهرة.
_حسناً.
_ثم ستخفيها في حقيبتك بعد ذلك، اتفقنا؟
_اتفقنا.
_خذ تلك الخريطة ولا تضيعها ابداً.
اختفت الجنية بعد أن تركت الخريطة أرضاً كما تختفي هيلين تماماً تنهد وقرر أن يخطط ما عليه فعله في البداية.
انحنى والتقطت الخريطة من الأرض، كانت ورقة سوداء ذات ملمس خشن كُتب عليها "الشمال".
حينها أدرك أنها خريطة المكان هنا، وجد فيها رسم دل على وجود أربع غابات في أطرف الشمال وفي بعضها الأنهار وبعضها الآخر الجبال والبرك.
أدرك أنه من المستحيل أن يكون في الغابة الصحيحة حالياً؛ فالنهر الوحيد الموجود حاليا غير نقي، ولا يوجد أي أثر لجبال في تلك الغابة فكانت خطوته الأولى هو الخروج منها.
وجد أسامي الغابات الموجودة على الخريطة هي
"غابة إيلدر" ، "غابة سكيلتون"، "غابة ساچانو"، "غابة دينتري"
استنتج أنه في غابة إليدر من زهور "الخمان الأسود" الذي يعرف باسم "البيلسان" من الرسوم الموضحة على الخريطة.
خرج من الغابة وأخفى الخريطة في حقيبته وقرر الاتجاه نحو غابة سكيلتون التي بدت له أشجارها على الخريطة تشبه ما وصفته له الجنية.
بدأ يسير حسب ما رأى على الخريطة، حاول الإبتعاد قدر الإمكان عن ماثيو، فهو بالفعل لطيف ولكنه لا يعرف الكثير عن الشمال بعد ويخاف أن يُخطئ أمامه فيتم القبض عليه.
رأى الفتيات ذوات الشعر الأرجواني والفتيان ذوي الشعر البرتقالي مع ذلك الزي الرسمي الذي يرتدي شيئا يشبهه الان، ومع عيونهم الملونة ذات الحدقان الواسعة ولكنه صار يشبههم الى حد ما حاليا.
وجنيات بملابس ملونة تدور حولهم تارة وتستقر على أكتافهم تارة.
تمنى أن لا يلفت الأنظار وهو لا يحمل واحدة مثلهم ولكن كلٌ كان مشغولاً بما يفعل ولم يهتم أحد به أو بوجوده، حمد ربه أنه لم يلفت الانتباه وتنفس الصعداء.
صار يسير على حدود القرية ودخل أول غابة، والتي كانت خضراء كالتي اعتاد أن يراها، لوهلة ظن أنه في غابة عادية ولكنه سمع صوتاً ناعماً خفيفاً وبات يزداد كلما توغل في الغابة واقترب من أعماقها.
فتح الخريطة وبدأ يحاول معرفة في أي غابة هو الآن فاكتشف أنها "غابة ساچانو"
بدأ يشاهد الخيزران المتمايل مع الهواء ليسمع صوت الموسيقى يزداد، أغمض عينيه وفتح يديه ورفعها ليبدأ زيه في التطاير كما تتطاير خصلات شعره المستعار البرتقالي.
كان مستمتعاً بنسمات الهواء العليل مع الموسيقى الرائعة التي تطرب الآذان.
علم أنه في الغابة الخاطئة ولكنه لم يود أبداً أن يترك المكان فقرر البقاء فيه قليلاً ليرتاح ويمتع أذنيه.
في مكان آخر وتحديداً في قصر المدينة، على مائدة الطعام حيث أتخذ الجميع مكاناً، دخل الحاكم الي المكان وخلفه حارسين اوقفهما بعد أن أشار بيديه وفتحهما في وجههما.
تابع السير وجلس على الكرسي ليقف الجميع أحتراماً له جلسوا بعد ثواني معدودة وبدأ الجميع في الأكل.
مر الوقت والتوتر ملأ نفوس الجميع حتى تنحنح الحاكم ثم قال:
_ليلة أمس، حدث ما لم يحدث منذ سنوات.
بدت نظرات التعجب على وجوه الجميع فتابع قائلاً:
_كان أمس يوم مولد إحدى توائم الشمال، وبلغا الثانية عشر.
تابع قائلاً:
_ولكن المفاجأة كانت هي ظهور جنية للفتى، أما عن الفتاة فلم يظهر لها شيئاً قط!