الخامس
.
تحدث ذلك الرجل العجوز وهو ينظر إليها بسخرية شديدة.
بينما نظرت إليه سيليا بإستغراب حقيقي وهي تتمتم لهذا الغريب:
" أشعر بأن جسدي قد بدأ يلفض أنفاسه الأخيرة ،ولم يعد لدي الطاقة لأن تتحمل أي شيء، حتى التنفس أصبح صعبا جدا بالنسبة لي ،لا شك أن ذلك الرجل الذي إلتقيت به بجانب الغربي من الميناء، كانت جراحه تحتوي على سم قاتل، لذلك أنا أشعر بكل هذا الألم."
تمتمت ببألم لتصمت بعدها وهي تفكر بسخرية ،ما يغيضها الآن هو هذا العجوز الخرف، الذي قد أثر الشرب على عقله ،وجاء إليها ليعكر آخر لحضات حياتها يالا التعاسة.
" إنتبهي لألفاظك أيتها الشقية الصغيرة، أنا لست عجوزا خرف "
توسعت عينيها بصدمة شديدة، ونظرت إليه بغير تصديق ،هل هو يستطيع أن يقرأ أفكارها، حرك شفتيه بملل وهو يقول:
" كم أنت غبية، بطبيعة الحال أنا أستطيع أن أقرأ أفكارك وبسهولة أيضا "
تحاملت على نفسها وإعتدلت في جلستها، وهي تأن بألم شديد، لتنظر إليه بإستغراب وتقول بصعوبة شديدة :
" ما أنت بحق خالق الجحيم ؟".
" اسمي اروك.. وأنا من قبيلة الماجي، إننا مخلوقات نتغدى على خوف البشر والجشع الذي يسيطر عليهم، جئت إلى هنا بعدما شممت رائحة خوفك، كنت أعتقد أنك فريسة سهلة إشتمت رائحتك المميزة التي تملأ الزقاق، ولكن لسوء الحظ لا أستطيع أن اتغذا عليك هنالك هالة ضخمة تحميك
إن حاولت إذائك سوف أنسف وأتبخر في ثواني ".
بقيت تنظر إليه مدة طويلة بصمت، وهي لا تستوعب حرفا واحدا مما يقول.
إقترب منها بسخرية شديدة، ورفع يده ليتخرج منها طاقه زرقاء لتتحرك وإستقر في قلبها مباشرة، بعدها بدأت تشعر بأن جسدها قد بدأ بتحسن وبدأت تستعيد قليلا من طاقتها، رمشت عدة مرات قبل أن تشعر بطاقة تتسرب إلى عروقها بقوة بمجرد أن أبعد يده.
لقد أصبحت فجأة بخير وقادرة على تنفس براحة، حركت مفاصلها ونظرت إلى الجرح الذي كان أسفل بطنها، لتفتح فمها بدهشة لقد إختفى، وكل شيء قد عاد إلى طبيعته.
" تبا ما هذا ،كيف حدث ومن انت ولما أنت مهتم بي، لما لم تتركني أموت"
نظرت إلى العجوز الخرف كما أسمته من قبل، والذي بالمناسبة كان لا يزال يقف أمامها يتناول مشروبه ويترنح في مكانه ، وهي لا تعرف ما الذي عليها أن تفعله حتى تشكره، فهو قد ساعدها وانقذها من الموت المحقق.
" لماذا فعلت ذلك؟"
أكملت كلامها وهي تنظر إلى ذلك العجوز الذي كان أشبه بالقزم أكثر من الشكل البشري، بالإضافة إلى أنفه الغليظ الذي يتوسط وجهه، والذي يبدو كأنف الساحرات من العصور الوسطى،كان أشبه بكيس مجعد بسبب ملابسه المهترئة ويداه المجعدتين وأصابعه الطويلة واظافره المتسخة.
ضحك بسخرية شديدة، وعلى وجهه رسمت علامات الشر قبل أن يقول بخبث كبير :
" يمكنك أن تقولي أنني كنت أملك دين وقد وفيت به الأن، ومثل ما أخبرتك في البداية أنت لم يحن وقت موتك بعد، أمامك الكثير لتفعليه في هذا العالم أيتها الشابة".
قالها ذلك الرجل العجوز، وهو يغادر بينما يلوح لها من بعيد قائلا :
" وداعا أيتها الصغيرة، إهتمي بنفسك لنا لقاء أخر عما قريبا".
بقيت تقف في مكانها وهي تنظر إليه بإستغراب شديد. قبل أن تأخذ ملابسها وحقيبتها وتتجه إلى المركب حتى تذهب إلى وجهتها.
" لقد أحسنت يا اروك سوف يكون سيدي راضيا عنك للغاية ".
تحدث ذلك الرجل الذي كان يرتدي عباءة مخملية سوداء وغطاء رأس يخفي جل ملامحه.
ضم ذلك العجوز القصير يده إلى صدره، ونظر الى ذلك الرجل بغضب وهو يقول :
" إنها المرة الأولى والأخيرة التي سأساعدك فيها أيها السراب ، أنت تعلم أنني أكره الإقتراب من البشر وتحدث إليهم فهم طعامي فقط ولهم رائحة مقززة جدا، عندما يكونون في أتم صحتهم لا أستطيع شمها فهي تأذيني".
" فضولك هو من احذرك إليها أيها التعيس، لا تنسى ذلك ".
قالها ذلك الكيان الغريب وهو يستدير ليتبخر في الهواء، كما لو أنه لم يكن لديه وجود من الاساس.
بينما إلتفت ذلك العجوز صاحب الوجه القبيح، لينظر إلى مكانه بإشمئزاز قبل أن يرفع يده ويفتح بوابة نجمية، عبارة عن دائرة من الضوء الأحمر يتخللها كتابات بلغة ورموز غير مفهومة عند الأطراف، أقحم نفسه داخلها ليغادر المكان ويتبخر هو بوجهه متجهم بقرف فلا يعجبه شئ أبدا.
وقفت سيليا أخيرا أمام مرفء،لتذهب مباشرة نحو المركب وإتخذت لنفسها أبعد مكان فيه لتجلس وحيدة عن كل البشر، مغمضة عينيها الفيروزية وهي تتمنى الوصول إلى عاصمة كوركانس في أقرب وقت ممكن.
" البحر هائج اليوم هل أنت واثق أنك تريد الإبحار بالسفينة في هذه الأجواء يا قبطان ".
ايقضها من شرودها صوت أحد مساعدي القبطان السفينة، والذي كان يتحدث وهو ينظر إلى الأجواء من حوله بتردد، ومع ذلك تحدث القبطان وقد حزم أمره وهو يقول :
"لا أستطيع التراجع لدي شحنة علي إيصالها قبل الغد إلى العاصمة كوركاني، إذا تأخرت سوف يغضب ملك الوحوش مني وقد يأمر بفصلي رأسي عن جسدي "
نظر مساعده الذي بدأ الحديث من قبل إلى البحر الذي كان هادئا وصافيا نسبيا، ليقول بينما يهز رأسه :
" أرجو أن نتمكن من الوصول قبل هبوب العاصفة".
" أرجو ذلك ايضا" .
قالها القبطان بالأمل وهو ينظر إلى صديقه، ثم يصافحه قبل أن يركب السفينة ويطلق الشراع أمرا الجميع بأن يلزموا أماكنهم فقد بداو رحلتهم.
في آخر السفينة كانت سيليا تجلس وهي تنظر إلى البحر بعيون شاردة وهي تفكر :
" أنا لا اعرف ما الذي سوف يفعله الملك إدوارد عندما يكتشف هروبي من المملكة ،بالإضافة إلى ذلك أنا قلقة على مربيتي التي ربتني لسنوات طويلة، لا أعلم ما هو مصيرها؟ أتعرف أن والدي لن يعفو عنها فما قامت به يعتبر خيانة عظمى للمملكة ".
للحظة ترددت وهي تفكر بأن تنزل من السفينة وتذهب لإنقاذها ،ولكنها تذكرت وعدها وقسمها بأنها لن تعود إلى قصر والدها، إلا بعدما تجتاز آخر العالم وتقابل المنتظر، لا تفهم كلمة واحدة مما قالته المربية، ولكنها لا تستطيع إلا أن تنفذ كلامها فهي قد وعدتها، ووعد الحر دين.
في مكان آخر بعيد كل البعد عن هذه الضوضاء كان ذلك الشخص الذي أنقذته سيليا قبل ساعات قليلة، يخرج من حمامه وهو يقف أمام المرٱة لينظر إلى إنعكاسه وهو يحاول أن ينشف جسده الضخم من الماء، قبل أن يتجمد في مكانه حرفيا وقد سقطت المنشفة من يده دون أن يشعر وإلتفت إلى المرأة يتفحص جسده بفزع قبل أن يصرخ بعلو صوته ويهز أركان القصر:
" كااااااااااااااااااااااااااااااااايوس"
ثواني قليلة مرت قبل أن يدخل إلى المكان شاب في الثلاثينيات من عمره، مع شعر أسود ممزوج بزربة وعينين زرقاء صافية د، بالاضافة إلى جسد طويل وممتلئ عند منكبيه نسبيا، وهو ينظر إلى هذا الكيان المرعب الذي يقف أمامها بعضلاته البارزة وجثته الضخمة عاريا تماما كما ولدته أمه، بالإضافة إلى تلك العينين النسريتين التي تراقبه كما لو أنه على وشك إنقضاض على خصمه، وما زادها روعة هو ذلك اللون الزجاجي الذي لم يره أبدا من قبل، إستيقظ من شروده في شكله على صوته الغاضب وهو يقول:
" أين هو الختم السابع ؟".
" العفو يا مولاي، ولكنك لا ترتدي الخواتم على الإطلاق ما الذي تتحدث عنه بضبط ".
قالها ذالك المدعو كايوس وهو ينظر إلى سيدهوبإستغراب شديد، صك الآخر على أسنانه بغضب شديد، حتى كاد أن يكسرها.
مما جعل كايوس يزدء ريقه بتوتر، الشعيرات التي في مؤخرة رأسه تنتصب بخوف شديد:
" أنا أتحدث عن وشم الخواتم للعنة، الختم السابع على ضهري أيها المجنون".
قالها ملك الوحوش وهو يدفعه بغضب ليبتعد عن طريقه، قبل أن يستدير له مظهرا له ظهره، رمش كايوس عدة مرات قبل أن يصرخ بفزع وهو يقول برعب شديد:
" سيدي لقد إختفى الختم السابع من على ظهرك يالا الهول ".
إستدارت الملك بهدوء شديد، ونظر إليه ببرود شديد قبل أن يرفع يده ويوجهها نحوه مخرجا منها طاقة سوداء اللون.
جعلت كايوس يرتد للخلف بقوة ويصتدم بالحائط الذي وراءه، لا يعرف ما الذي جعل مثل هذا الغبي صديقا ووزيرا له في نفس الوقت.
" لماذا فعلت ذلك ؟! ، تبا لقد كسرت ظهري وتسببت في نفشي شهري "
قالها كايوس بتذمر شديد، وهو يرتب خصلات شعره الطويل بينما يضرب الأرض بغيض.
نظر إليه الآخر ببرود، تحرك كايوس من مكانه وهو ينفض ثيابه من غبار ليرتبها بتأني، قبل أن تتحول ملامحه للجدية وهو يقول بينما يعقد حاجبيه:
" هذا شيء لا يمكن يا سيدي، أنت من السلالة الملعونة، ومن يحمل هذه اللعنة هو شخص واحد في كل جيل، ويستحيل أن يفكها أو يكسر ختمها أي شخص، كيف يعقل أنه حدث هذا حتى رفيقتك يستحيل أن تفعل ذلك؟ ما الذي حدث معك وأنت في رحلة الصيد "
كان كايوس يقف أمام سيده وهو يحاول أن يحلل الأمور، بينما كان سيده ينظر إلى كل شيء بتفكير قبل أن ينظر إليه مرة واحدة وهو يقول:
" لا شك أن هذا قد حدث بفعل تلك القبلة التي منحتها لي تلك الغريبة، لقد شعرت عندما قبلتني تلك الفتاة بقوة رهيبة وشيء غريب يسري في جسدي".
" يا إلهي يا سيدي، لا تخبرني أنها هي التي جعلتك بتلك الحالة المزرية"
قالها كايوس وهو ينظر إلى سيده، وقد إشتعلت عينيه بغضب شديد، بينما نظر إليه الآخر ببرود وهو يرفع أحد حاجبيه..
" ومن الذي أخبرك أنني كنت في حالة مزرية، لا أذكر أنني قد أخبرتك شيئا عن ما حدث معي في تلك الرحلة، هل عدت إلى مراقبتي مره أخرى يا كايوس؟!. "
إبتلع هذا الأخير ريقه برعب شديد، وإلتفت لينظر لسيده وهو على وشك أن يبكي حرفيا ليقول :
" أرجوك سامحني يا سيدي، لقد فعلت ذلك لأنني كنت قلقا عليك فقط، لقد إختفيت قبل حتى أن أشعر بذلك، لم يتسنى لي الوقت لأسئلك عن وجهتك وعندما تأخرت أضطررت إلى بحث عنك ومراقبتك لكي أطمئن عليك".
قالها كايوس وهو ينحني أمام سيده، مرارا وتكرارا، يطلب العفو والسماح.
بينما أخرج الآخر طاقته الحمراء من يده مرة أخرى ، وجعله يضرب الحائط مرارا وتكرارا، وهو يغمض عينيه قائلا بغضب شديد:
" هذا جزائك لأنك تتجرأ على التجسس علي، هل تظن أنني لا أعرف لماذا تفعل ذلك؟".
بينما هو يضربه مع الحائط بقوة، فتح كايوس فمه وقال بالإنفعال:
" الجميع يعلم أنها تحبك يا سيدي، هي من أجبرتني على ذلك؟ أنت تعرف أنه لا يمكن أن يرفض لها أمر في هذا القصر "
توقف الملك أخيرا عما كان يفعله، وترك كايوس المسكين يسقط على الأرض، والذي كان الضحية كما هي العادة ليسقط على الأرض بألم شديد:
" لا أعلم كيف أقنعها أنني أعتبرها كإحدى نسائي وجواريا فقط، فأنا يستحيل أن أجرب شعور الحب أو أبادله معها ،ما يجعلها مميزة عن الأخريات أنها تستطيع تحملي هذا فقط ما يجعلوني أبقيها قريبة مني ".
إستدار الملك ليوله بظهره، وهو يبتسم بإبتسامة حزينة وهو يتحرك إلى غرفة صغيرة حتى يأخذ منها ملابس لنفسه، ثم يذهب إلى إكمال عمل، بينما كايوس يتمشى من خلفه وهو ينظر إليه بحزن شديد.
يتبع......
تحدث ذلك الرجل العجوز وهو ينظر إليها بسخرية شديدة.
بينما نظرت إليه سيليا بإستغراب حقيقي وهي تتمتم لهذا الغريب:
" أشعر بأن جسدي قد بدأ يلفض أنفاسه الأخيرة ،ولم يعد لدي الطاقة لأن تتحمل أي شيء، حتى التنفس أصبح صعبا جدا بالنسبة لي ،لا شك أن ذلك الرجل الذي إلتقيت به بجانب الغربي من الميناء، كانت جراحه تحتوي على سم قاتل، لذلك أنا أشعر بكل هذا الألم."
تمتمت ببألم لتصمت بعدها وهي تفكر بسخرية ،ما يغيضها الآن هو هذا العجوز الخرف، الذي قد أثر الشرب على عقله ،وجاء إليها ليعكر آخر لحضات حياتها يالا التعاسة.
" إنتبهي لألفاظك أيتها الشقية الصغيرة، أنا لست عجوزا خرف "
توسعت عينيها بصدمة شديدة، ونظرت إليه بغير تصديق ،هل هو يستطيع أن يقرأ أفكارها، حرك شفتيه بملل وهو يقول:
" كم أنت غبية، بطبيعة الحال أنا أستطيع أن أقرأ أفكارك وبسهولة أيضا "
تحاملت على نفسها وإعتدلت في جلستها، وهي تأن بألم شديد، لتنظر إليه بإستغراب وتقول بصعوبة شديدة :
" ما أنت بحق خالق الجحيم ؟".
" اسمي اروك.. وأنا من قبيلة الماجي، إننا مخلوقات نتغدى على خوف البشر والجشع الذي يسيطر عليهم، جئت إلى هنا بعدما شممت رائحة خوفك، كنت أعتقد أنك فريسة سهلة إشتمت رائحتك المميزة التي تملأ الزقاق، ولكن لسوء الحظ لا أستطيع أن اتغذا عليك هنالك هالة ضخمة تحميك
إن حاولت إذائك سوف أنسف وأتبخر في ثواني ".
بقيت تنظر إليه مدة طويلة بصمت، وهي لا تستوعب حرفا واحدا مما يقول.
إقترب منها بسخرية شديدة، ورفع يده ليتخرج منها طاقه زرقاء لتتحرك وإستقر في قلبها مباشرة، بعدها بدأت تشعر بأن جسدها قد بدأ بتحسن وبدأت تستعيد قليلا من طاقتها، رمشت عدة مرات قبل أن تشعر بطاقة تتسرب إلى عروقها بقوة بمجرد أن أبعد يده.
لقد أصبحت فجأة بخير وقادرة على تنفس براحة، حركت مفاصلها ونظرت إلى الجرح الذي كان أسفل بطنها، لتفتح فمها بدهشة لقد إختفى، وكل شيء قد عاد إلى طبيعته.
" تبا ما هذا ،كيف حدث ومن انت ولما أنت مهتم بي، لما لم تتركني أموت"
نظرت إلى العجوز الخرف كما أسمته من قبل، والذي بالمناسبة كان لا يزال يقف أمامها يتناول مشروبه ويترنح في مكانه ، وهي لا تعرف ما الذي عليها أن تفعله حتى تشكره، فهو قد ساعدها وانقذها من الموت المحقق.
" لماذا فعلت ذلك؟"
أكملت كلامها وهي تنظر إلى ذلك العجوز الذي كان أشبه بالقزم أكثر من الشكل البشري، بالإضافة إلى أنفه الغليظ الذي يتوسط وجهه، والذي يبدو كأنف الساحرات من العصور الوسطى،كان أشبه بكيس مجعد بسبب ملابسه المهترئة ويداه المجعدتين وأصابعه الطويلة واظافره المتسخة.
ضحك بسخرية شديدة، وعلى وجهه رسمت علامات الشر قبل أن يقول بخبث كبير :
" يمكنك أن تقولي أنني كنت أملك دين وقد وفيت به الأن، ومثل ما أخبرتك في البداية أنت لم يحن وقت موتك بعد، أمامك الكثير لتفعليه في هذا العالم أيتها الشابة".
قالها ذلك الرجل العجوز، وهو يغادر بينما يلوح لها من بعيد قائلا :
" وداعا أيتها الصغيرة، إهتمي بنفسك لنا لقاء أخر عما قريبا".
بقيت تقف في مكانها وهي تنظر إليه بإستغراب شديد. قبل أن تأخذ ملابسها وحقيبتها وتتجه إلى المركب حتى تذهب إلى وجهتها.
" لقد أحسنت يا اروك سوف يكون سيدي راضيا عنك للغاية ".
تحدث ذلك الرجل الذي كان يرتدي عباءة مخملية سوداء وغطاء رأس يخفي جل ملامحه.
ضم ذلك العجوز القصير يده إلى صدره، ونظر الى ذلك الرجل بغضب وهو يقول :
" إنها المرة الأولى والأخيرة التي سأساعدك فيها أيها السراب ، أنت تعلم أنني أكره الإقتراب من البشر وتحدث إليهم فهم طعامي فقط ولهم رائحة مقززة جدا، عندما يكونون في أتم صحتهم لا أستطيع شمها فهي تأذيني".
" فضولك هو من احذرك إليها أيها التعيس، لا تنسى ذلك ".
قالها ذلك الكيان الغريب وهو يستدير ليتبخر في الهواء، كما لو أنه لم يكن لديه وجود من الاساس.
بينما إلتفت ذلك العجوز صاحب الوجه القبيح، لينظر إلى مكانه بإشمئزاز قبل أن يرفع يده ويفتح بوابة نجمية، عبارة عن دائرة من الضوء الأحمر يتخللها كتابات بلغة ورموز غير مفهومة عند الأطراف، أقحم نفسه داخلها ليغادر المكان ويتبخر هو بوجهه متجهم بقرف فلا يعجبه شئ أبدا.
وقفت سيليا أخيرا أمام مرفء،لتذهب مباشرة نحو المركب وإتخذت لنفسها أبعد مكان فيه لتجلس وحيدة عن كل البشر، مغمضة عينيها الفيروزية وهي تتمنى الوصول إلى عاصمة كوركانس في أقرب وقت ممكن.
" البحر هائج اليوم هل أنت واثق أنك تريد الإبحار بالسفينة في هذه الأجواء يا قبطان ".
ايقضها من شرودها صوت أحد مساعدي القبطان السفينة، والذي كان يتحدث وهو ينظر إلى الأجواء من حوله بتردد، ومع ذلك تحدث القبطان وقد حزم أمره وهو يقول :
"لا أستطيع التراجع لدي شحنة علي إيصالها قبل الغد إلى العاصمة كوركاني، إذا تأخرت سوف يغضب ملك الوحوش مني وقد يأمر بفصلي رأسي عن جسدي "
نظر مساعده الذي بدأ الحديث من قبل إلى البحر الذي كان هادئا وصافيا نسبيا، ليقول بينما يهز رأسه :
" أرجو أن نتمكن من الوصول قبل هبوب العاصفة".
" أرجو ذلك ايضا" .
قالها القبطان بالأمل وهو ينظر إلى صديقه، ثم يصافحه قبل أن يركب السفينة ويطلق الشراع أمرا الجميع بأن يلزموا أماكنهم فقد بداو رحلتهم.
في آخر السفينة كانت سيليا تجلس وهي تنظر إلى البحر بعيون شاردة وهي تفكر :
" أنا لا اعرف ما الذي سوف يفعله الملك إدوارد عندما يكتشف هروبي من المملكة ،بالإضافة إلى ذلك أنا قلقة على مربيتي التي ربتني لسنوات طويلة، لا أعلم ما هو مصيرها؟ أتعرف أن والدي لن يعفو عنها فما قامت به يعتبر خيانة عظمى للمملكة ".
للحظة ترددت وهي تفكر بأن تنزل من السفينة وتذهب لإنقاذها ،ولكنها تذكرت وعدها وقسمها بأنها لن تعود إلى قصر والدها، إلا بعدما تجتاز آخر العالم وتقابل المنتظر، لا تفهم كلمة واحدة مما قالته المربية، ولكنها لا تستطيع إلا أن تنفذ كلامها فهي قد وعدتها، ووعد الحر دين.
في مكان آخر بعيد كل البعد عن هذه الضوضاء كان ذلك الشخص الذي أنقذته سيليا قبل ساعات قليلة، يخرج من حمامه وهو يقف أمام المرٱة لينظر إلى إنعكاسه وهو يحاول أن ينشف جسده الضخم من الماء، قبل أن يتجمد في مكانه حرفيا وقد سقطت المنشفة من يده دون أن يشعر وإلتفت إلى المرأة يتفحص جسده بفزع قبل أن يصرخ بعلو صوته ويهز أركان القصر:
" كااااااااااااااااااااااااااااااااايوس"
ثواني قليلة مرت قبل أن يدخل إلى المكان شاب في الثلاثينيات من عمره، مع شعر أسود ممزوج بزربة وعينين زرقاء صافية د، بالاضافة إلى جسد طويل وممتلئ عند منكبيه نسبيا، وهو ينظر إلى هذا الكيان المرعب الذي يقف أمامها بعضلاته البارزة وجثته الضخمة عاريا تماما كما ولدته أمه، بالإضافة إلى تلك العينين النسريتين التي تراقبه كما لو أنه على وشك إنقضاض على خصمه، وما زادها روعة هو ذلك اللون الزجاجي الذي لم يره أبدا من قبل، إستيقظ من شروده في شكله على صوته الغاضب وهو يقول:
" أين هو الختم السابع ؟".
" العفو يا مولاي، ولكنك لا ترتدي الخواتم على الإطلاق ما الذي تتحدث عنه بضبط ".
قالها ذالك المدعو كايوس وهو ينظر إلى سيدهوبإستغراب شديد، صك الآخر على أسنانه بغضب شديد، حتى كاد أن يكسرها.
مما جعل كايوس يزدء ريقه بتوتر، الشعيرات التي في مؤخرة رأسه تنتصب بخوف شديد:
" أنا أتحدث عن وشم الخواتم للعنة، الختم السابع على ضهري أيها المجنون".
قالها ملك الوحوش وهو يدفعه بغضب ليبتعد عن طريقه، قبل أن يستدير له مظهرا له ظهره، رمش كايوس عدة مرات قبل أن يصرخ بفزع وهو يقول برعب شديد:
" سيدي لقد إختفى الختم السابع من على ظهرك يالا الهول ".
إستدارت الملك بهدوء شديد، ونظر إليه ببرود شديد قبل أن يرفع يده ويوجهها نحوه مخرجا منها طاقة سوداء اللون.
جعلت كايوس يرتد للخلف بقوة ويصتدم بالحائط الذي وراءه، لا يعرف ما الذي جعل مثل هذا الغبي صديقا ووزيرا له في نفس الوقت.
" لماذا فعلت ذلك ؟! ، تبا لقد كسرت ظهري وتسببت في نفشي شهري "
قالها كايوس بتذمر شديد، وهو يرتب خصلات شعره الطويل بينما يضرب الأرض بغيض.
نظر إليه الآخر ببرود، تحرك كايوس من مكانه وهو ينفض ثيابه من غبار ليرتبها بتأني، قبل أن تتحول ملامحه للجدية وهو يقول بينما يعقد حاجبيه:
" هذا شيء لا يمكن يا سيدي، أنت من السلالة الملعونة، ومن يحمل هذه اللعنة هو شخص واحد في كل جيل، ويستحيل أن يفكها أو يكسر ختمها أي شخص، كيف يعقل أنه حدث هذا حتى رفيقتك يستحيل أن تفعل ذلك؟ ما الذي حدث معك وأنت في رحلة الصيد "
كان كايوس يقف أمام سيده وهو يحاول أن يحلل الأمور، بينما كان سيده ينظر إلى كل شيء بتفكير قبل أن ينظر إليه مرة واحدة وهو يقول:
" لا شك أن هذا قد حدث بفعل تلك القبلة التي منحتها لي تلك الغريبة، لقد شعرت عندما قبلتني تلك الفتاة بقوة رهيبة وشيء غريب يسري في جسدي".
" يا إلهي يا سيدي، لا تخبرني أنها هي التي جعلتك بتلك الحالة المزرية"
قالها كايوس وهو ينظر إلى سيده، وقد إشتعلت عينيه بغضب شديد، بينما نظر إليه الآخر ببرود وهو يرفع أحد حاجبيه..
" ومن الذي أخبرك أنني كنت في حالة مزرية، لا أذكر أنني قد أخبرتك شيئا عن ما حدث معي في تلك الرحلة، هل عدت إلى مراقبتي مره أخرى يا كايوس؟!. "
إبتلع هذا الأخير ريقه برعب شديد، وإلتفت لينظر لسيده وهو على وشك أن يبكي حرفيا ليقول :
" أرجوك سامحني يا سيدي، لقد فعلت ذلك لأنني كنت قلقا عليك فقط، لقد إختفيت قبل حتى أن أشعر بذلك، لم يتسنى لي الوقت لأسئلك عن وجهتك وعندما تأخرت أضطررت إلى بحث عنك ومراقبتك لكي أطمئن عليك".
قالها كايوس وهو ينحني أمام سيده، مرارا وتكرارا، يطلب العفو والسماح.
بينما أخرج الآخر طاقته الحمراء من يده مرة أخرى ، وجعله يضرب الحائط مرارا وتكرارا، وهو يغمض عينيه قائلا بغضب شديد:
" هذا جزائك لأنك تتجرأ على التجسس علي، هل تظن أنني لا أعرف لماذا تفعل ذلك؟".
بينما هو يضربه مع الحائط بقوة، فتح كايوس فمه وقال بالإنفعال:
" الجميع يعلم أنها تحبك يا سيدي، هي من أجبرتني على ذلك؟ أنت تعرف أنه لا يمكن أن يرفض لها أمر في هذا القصر "
توقف الملك أخيرا عما كان يفعله، وترك كايوس المسكين يسقط على الأرض، والذي كان الضحية كما هي العادة ليسقط على الأرض بألم شديد:
" لا أعلم كيف أقنعها أنني أعتبرها كإحدى نسائي وجواريا فقط، فأنا يستحيل أن أجرب شعور الحب أو أبادله معها ،ما يجعلها مميزة عن الأخريات أنها تستطيع تحملي هذا فقط ما يجعلوني أبقيها قريبة مني ".
إستدار الملك ليوله بظهره، وهو يبتسم بإبتسامة حزينة وهو يتحرك إلى غرفة صغيرة حتى يأخذ منها ملابس لنفسه، ثم يذهب إلى إكمال عمل، بينما كايوس يتمشى من خلفه وهو ينظر إليه بحزن شديد.
يتبع......