٧
التفت حوله ليرى نظرات الشفقة في عيون السكان من حوله، ولم يجبه أحد من الحراس.
بدأت دقات قلبه تتزايد وشعر بضيق في أنفاسه ثم ردد كلماته مرة أخرى:
_لماذا تأخذانني أنا؟ أنا الضحية هنا.
زفر أحد الحراس بضيق وسأل باستنكار:
_من أين لك بهذا الياقوت؟
_لقد جمعته بنفسي من النهر!
تجاهله الحارس فهو يعلم عن الشائعات التي لفقها البعض عن تلك الغابات كي يتمتعوا بالياقوت في النهر وحدهم، ولكن لم يجرؤ أحد على دخولها بعد أن منع الحاكم أسرته من دخولها.
صار دخولها نادراً، فيدخلها أحياناً بعض الحراس لجمع الياقوت للاحتفاظ به واستخدامه في الحلي وإهدائه لبعض المقربين.
فكيف لطفل يبدو في العاشرة أو ما شابه أن يدخل تلك الغابة ويفعل ما لم يجرؤ أحد على فعله، بل وكيف تركه أهله لفعل ما يحلو له بهذا الشكل!
في مكان آخر، حيث توقف ذلك الراكض ذو الشعر المتطاير البرتقالي بعد أن اصطدم بشخص ما، بدأ يلهث بتعب وأنزل الحقيبة من على كتفه الأيسر وألقاها أرضاً ثم سلم على صديقه وجلسا في مكان خال من السكان.
بدأ يتذكر حينما كانا عند طرف الغابة ولمحا الياقوت في الحقيبة عندما أخرجه الفتى الصغير للبائع.
لمعت أعينهما وبدأت نظرات الخبث تظهر في أعينهما
_تحرك هيا واتبعه وخذ منه الحقيبة.
قالها الرجل الذي يعرج في مشيته لصديقه ليرد الآخر باستنكار:
_وماذا إن تم القبض علي!
_لا تخف يا مغفل، لن يصدق أحد أن هذا الياقوت له؛ فكيف لطفل مثله أن يحصل على مثل هذا الياقوت بهذه الكمية!
_أعتقد أنه سرقهم أيضاً.
_بالضبط، ولهذا أرجح أن الحراس سيقبضون عليه هو وليس علينا.
ابتسم الآخر ووجه نظرة جانبية لصديقه ثم قال:
_يا لك من رجل دهي!
بادله صديقه الابتسامة ثم قال معجلاً:
_هيا إلحق بالفتى واختر اللحظة المناسبة.
_اتفقنا، فلنتقابل عند مكاننا المعتاد.
عاد الرجل للواقع بعد أن نبهه سعال صديقه، سأل بفضول:
_ما الخطوة التالية؟
_لا شيء.
_ماذا؟ كيف!
قالها بتعجب ثم تابع سؤاله مستنكراً:
_هل لحقت به وأجرمت عبثاً؟
قهقه صديقه بطريقة أثارت غضب الأول واستفزته، ثم قال بعد أن رفع حاجبيه باستهزاء:
_هل أنت غبي أو ما شابه؟
نظر له الرجل نظرات مشمئزة فقد مل تقليل صديقه من شأنه واستعلاءه عليه، تحدث الآخر محاولاً استجماع قوله بعد أن لاحظ نظرات صديقه:
_لو أظهرناهم الآن أمام العلن سيفهم الجميع أننا المجرمون هنا، لذا علينا أن نصبر قليلاً.
تأفف الرجل ثم نهض قائلاً: أنا ذاهب للمنزل.
تحرك دون انتظار أي رد من صديقه ودخل الى منزله واستلقى على سريره بعد أن بدأ ضميره يؤنبه وكاد التفكير يأكل رأسه، ولكنه أسكت أفكاره بقوله أن من المستحيل أن يكون الياقوت للطفل وأنه بالتأكيد سرقه، فغط في النوم سريعاً.
في مكان آخر وبعد تحرك الحارسين مع رون قليلاً قاما بتغطية عيون رون بقماش وربطاه بإحكام، ثم تابعا سحبه إلى أن توقفا.
تركه أحدهما وابتعد ليظل الآخر ممسكاً بذراعه بإحكام كي لا يفلت منهما، بينما الحارس الاول ذهب وبدأ يتكلم مع شخص آخر ولكن رون لم يكن يسمع ما يقوله فقد كان بعيداً عنهما.
فجأة صدر صوت صرير اعتلى المكان فعاد الحارس نحو رون وسحباه مجدداً للأمام، مر بسلالم كثيرة نبهوه منها ثم سمع صوت باب فُتح بالمفتاح.
القياه أرضاً وحرراه من يديهما ثم أغلقا الباب وأوصدوه بعدها.
رفع رون يديه وسحب القماشة من فوق عينيه ليجد نفسه في مكان متوسط الحجم، يشبه في حجمه الكوخ الخاص بهيلين الذي سكنه، ولكنه كان مظلماً فلم تضح له معالمه بوضوح.
بقي رون لساعات فنام من التعب دون قصد، أيقظه صوت طرق على الباب تبعه صوت المفتاح الذي فتح الباب الموصود.
دخلت امرأة بدينة الى الغرفة وبيدها أطباق فاحت رائحتها الزكية وطيبت المكان ثم قالت بصوت حنون:
_هيا يا بني لقد أحضرت لك الطعام الشهي، إنه الطبق المفضل للجميع هنا.
فتح رون عيونه ببطء، لم يكن يراها ولكن مشاعره قد اختلجت فقد ذكره صوتها الحنون بصوت أمه التي اشتاق لها كثيراً.
رفع جسده من الأرض الباردة ببطء ليتأوه من الألم، قالت هي بعد أن تركت الأطباق على الأرض وهرعت نحوه بقلق:
_ما بك، هل أنت بخير؟
_أنا بخير، أشكرك
قالها مطمئناً إياها ولكنه أكمل حديثه قائلاً:
_فقط يبدو أنني نمت بشكل خاطئ، فعنقي يؤلمني هو وظهري، كما أن يدا الحراس القاسية مازالت تؤلم ذراعاي.
التمس رون الدفء في صوتها حين قالت:
_سأحضر لك خليط سحري يعالج الآلام على الفور فقط انتظر هنا وابدأ في تناول الطعام، خرجت هي من الغرفة وبدأ هو يغذي بدنه ويشبع معدته.
كان الطعام دافئاً شهياً لا مثيل له في عالمه، استلذ طعمه وتمتع برائحته الزكية فأكل حتى امتلأت معدته.
دخلت السيدة ذاتها مرة أخرى ولكن تلك المرة كانت تبدو وكأنها تتسلل، مدت يدها التي كانت تحمل فيها صندوقاً صغيراً نحوه وقالت بهمس:
_ضع هذا المسحوق على ما يؤلمك وستتحسن على الفور.
تذكر لوهلة الماء الشافي في البركة ونهر القهوة فسألها بحماس:
_هل يمكنك إحضار كأساً من الماء من فضلك؟
_حسناً.
قالتها هي وخرجت وبدأ يتمنى هو أن يكون ما ستحضره هو الماء المخلوط مع الثمار التي تشبه البن.
عادت للغرفة مع كأس ماء أعطته له، شمه هو ليخيب حينها ظنه عندما وجده ماءً نقياً.
خرجت المرأة من الغرفة مجدداً وتركته وحيداً ليتأفف بضيق، أمسك المسحوق وبدأ يضعه على مواضع الألم في جسده ليفاجأ به تحسن على الفور، شرب بعض الماء وغسل ببقيته وجهه ليشعر بتحسن في نفسيته.
غاص هو في أحلام اليقظة وبدأ يتخيل ما قد يحدث معه وما قد يصيبه.
في مكان آخر وتحديداً في منزل ألما وآلن بعد أن عاد كل فرد من أفراد العائلة الى فراشه وخلد إلى النوم، مر الليل سريعاً.
استيقظ جميع أفراد العائلة على صوت ضجيج ملأ المنزل، كانت ألما تبدو في حالة مذرية فقد كانت بعيون منتفخة حمراء وشعر مشعث، وهكذا كانت الأم أيضاً.
أما عن آلن ووالده فقد كانا أكثر اتزاناً رغم انهيارهما أيضاً من الداخل ولكن كان عليهما التماسك.
تجمعت العائلة أمام مصدر الصوت، والتي كانت الغرفة الموصدة، شجع الأب نفسه بالتقدم بخطوات مترددة نحو الغرفة بعد أن سحب المفتاح المعلق على الحائط.
لم يجرؤ أحد من أفراد العائله على الاقتراب فكان الاب اشجعهم.
فتح الأب الباب الموصد بالمفتاح بتوتر ليصدر تكة تبعتها الأخرى، فتح الباب بهدوء ليرى الغرفة التي انهارت وكانت في شكل مذري من فتحة الباب الصغيرة.
شهق بصدمة بعد ما رأآه، فأغلق الباب بأقصى سرعة ليصدر صوت إرتطام، التفت إلى أهله بعد أن توسع بؤبؤاه، نطق آلن بتردد وقال مستفسراً:
_ ماذا حدث يا أبي؟
صمت الأب للحظات، ثم قال بتلعثم:
_لقد، كسرت الجنية البرطمان وبعثرت الغرفة، لا بل دمرتها!
تقدم الابن نحو الباب وفتحه ببطء، لتخرج الأم عن صمتها أخيراً فصرخت قائلةً:
_إياك، لا تفتحه!
ولكن آلن تجاهل كلامها ودخل مع جنيته التي وقفت في صفه بعد أن فتح الباب، بدأت الجنيتين تتصراعان بشراسة ولكن السوداء كانت أقوى.
خاف آلن على جنيته، فإن فقدها فهو لن يستطيع تعلم السحر أبداً بعد الآن!
سحب برطماناً آخر وحبسها فيه لتهمس له جنيته في أذنه بتعويذة فور أن نطقها سكنت الجنية السوداء وتجمدت في مكانها.
خرج آلن من الغرفة مع جنيته والتي قرر تسميتها "آنا" ليرى النظرات القلقة في أعين عائلته ليقول بابتسامة:
_لقد جمدتها!
اعتلت ملامح الجميع نظرات الذهول وبدأت جنيته آنا ترقص في الهواء من السعادة.
مر الوقت سريعاً، طلب الحاكم مقابلة رب العائلة مجدداً فذهب الأب للقاءه وفور عودته كانت العيون القلقة الخائفة في وجوه العائلة التي تجمعت في غرفة المعيشة منتظرة وصول الأب هي من رحبت به.
لم ينطق أحد بل ظل كل منهم منتظراً أن يستفسر شخصاً منهم عن ما حدث في القصر.
ترك الأب الحقيبة التي كانت بيده وخلع معطفه وقبعته التي علقها على مسمار في الحائط ثم جلس على الأريكة بجوار زوجته فقال بثقة:
_لقد أخفيت عن الحاكم ظهور اللوريانا ل ألما.
_ماذا!
نطقت ألما بذهول بعد إضراب عن الكلام دام لأيام فقال الأب موضحاً:
_لقد سألني عن أي جديد قد حل علينا فأجبته بأن لا جديد؛ لقد كذبت عليه.
_لماذا!
_هل أنت مدركة لما تتفوهين به يا ألما؟
_يا أبي، لقد عاملك الحاكم معاملة مميزة، لعل هنالك أمراً يعرفه ولعله يدلنا على ما علينا فعله.
نطق الأب باستنكار وقال:
_فور معرفته بذلك سينفيك الى غابة الجنوب بالتأكيد يا ألما، ألا تعرفين ذلك!
بدأت دقات قلبه تتزايد وشعر بضيق في أنفاسه ثم ردد كلماته مرة أخرى:
_لماذا تأخذانني أنا؟ أنا الضحية هنا.
زفر أحد الحراس بضيق وسأل باستنكار:
_من أين لك بهذا الياقوت؟
_لقد جمعته بنفسي من النهر!
تجاهله الحارس فهو يعلم عن الشائعات التي لفقها البعض عن تلك الغابات كي يتمتعوا بالياقوت في النهر وحدهم، ولكن لم يجرؤ أحد على دخولها بعد أن منع الحاكم أسرته من دخولها.
صار دخولها نادراً، فيدخلها أحياناً بعض الحراس لجمع الياقوت للاحتفاظ به واستخدامه في الحلي وإهدائه لبعض المقربين.
فكيف لطفل يبدو في العاشرة أو ما شابه أن يدخل تلك الغابة ويفعل ما لم يجرؤ أحد على فعله، بل وكيف تركه أهله لفعل ما يحلو له بهذا الشكل!
في مكان آخر، حيث توقف ذلك الراكض ذو الشعر المتطاير البرتقالي بعد أن اصطدم بشخص ما، بدأ يلهث بتعب وأنزل الحقيبة من على كتفه الأيسر وألقاها أرضاً ثم سلم على صديقه وجلسا في مكان خال من السكان.
بدأ يتذكر حينما كانا عند طرف الغابة ولمحا الياقوت في الحقيبة عندما أخرجه الفتى الصغير للبائع.
لمعت أعينهما وبدأت نظرات الخبث تظهر في أعينهما
_تحرك هيا واتبعه وخذ منه الحقيبة.
قالها الرجل الذي يعرج في مشيته لصديقه ليرد الآخر باستنكار:
_وماذا إن تم القبض علي!
_لا تخف يا مغفل، لن يصدق أحد أن هذا الياقوت له؛ فكيف لطفل مثله أن يحصل على مثل هذا الياقوت بهذه الكمية!
_أعتقد أنه سرقهم أيضاً.
_بالضبط، ولهذا أرجح أن الحراس سيقبضون عليه هو وليس علينا.
ابتسم الآخر ووجه نظرة جانبية لصديقه ثم قال:
_يا لك من رجل دهي!
بادله صديقه الابتسامة ثم قال معجلاً:
_هيا إلحق بالفتى واختر اللحظة المناسبة.
_اتفقنا، فلنتقابل عند مكاننا المعتاد.
عاد الرجل للواقع بعد أن نبهه سعال صديقه، سأل بفضول:
_ما الخطوة التالية؟
_لا شيء.
_ماذا؟ كيف!
قالها بتعجب ثم تابع سؤاله مستنكراً:
_هل لحقت به وأجرمت عبثاً؟
قهقه صديقه بطريقة أثارت غضب الأول واستفزته، ثم قال بعد أن رفع حاجبيه باستهزاء:
_هل أنت غبي أو ما شابه؟
نظر له الرجل نظرات مشمئزة فقد مل تقليل صديقه من شأنه واستعلاءه عليه، تحدث الآخر محاولاً استجماع قوله بعد أن لاحظ نظرات صديقه:
_لو أظهرناهم الآن أمام العلن سيفهم الجميع أننا المجرمون هنا، لذا علينا أن نصبر قليلاً.
تأفف الرجل ثم نهض قائلاً: أنا ذاهب للمنزل.
تحرك دون انتظار أي رد من صديقه ودخل الى منزله واستلقى على سريره بعد أن بدأ ضميره يؤنبه وكاد التفكير يأكل رأسه، ولكنه أسكت أفكاره بقوله أن من المستحيل أن يكون الياقوت للطفل وأنه بالتأكيد سرقه، فغط في النوم سريعاً.
في مكان آخر وبعد تحرك الحارسين مع رون قليلاً قاما بتغطية عيون رون بقماش وربطاه بإحكام، ثم تابعا سحبه إلى أن توقفا.
تركه أحدهما وابتعد ليظل الآخر ممسكاً بذراعه بإحكام كي لا يفلت منهما، بينما الحارس الاول ذهب وبدأ يتكلم مع شخص آخر ولكن رون لم يكن يسمع ما يقوله فقد كان بعيداً عنهما.
فجأة صدر صوت صرير اعتلى المكان فعاد الحارس نحو رون وسحباه مجدداً للأمام، مر بسلالم كثيرة نبهوه منها ثم سمع صوت باب فُتح بالمفتاح.
القياه أرضاً وحرراه من يديهما ثم أغلقا الباب وأوصدوه بعدها.
رفع رون يديه وسحب القماشة من فوق عينيه ليجد نفسه في مكان متوسط الحجم، يشبه في حجمه الكوخ الخاص بهيلين الذي سكنه، ولكنه كان مظلماً فلم تضح له معالمه بوضوح.
بقي رون لساعات فنام من التعب دون قصد، أيقظه صوت طرق على الباب تبعه صوت المفتاح الذي فتح الباب الموصود.
دخلت امرأة بدينة الى الغرفة وبيدها أطباق فاحت رائحتها الزكية وطيبت المكان ثم قالت بصوت حنون:
_هيا يا بني لقد أحضرت لك الطعام الشهي، إنه الطبق المفضل للجميع هنا.
فتح رون عيونه ببطء، لم يكن يراها ولكن مشاعره قد اختلجت فقد ذكره صوتها الحنون بصوت أمه التي اشتاق لها كثيراً.
رفع جسده من الأرض الباردة ببطء ليتأوه من الألم، قالت هي بعد أن تركت الأطباق على الأرض وهرعت نحوه بقلق:
_ما بك، هل أنت بخير؟
_أنا بخير، أشكرك
قالها مطمئناً إياها ولكنه أكمل حديثه قائلاً:
_فقط يبدو أنني نمت بشكل خاطئ، فعنقي يؤلمني هو وظهري، كما أن يدا الحراس القاسية مازالت تؤلم ذراعاي.
التمس رون الدفء في صوتها حين قالت:
_سأحضر لك خليط سحري يعالج الآلام على الفور فقط انتظر هنا وابدأ في تناول الطعام، خرجت هي من الغرفة وبدأ هو يغذي بدنه ويشبع معدته.
كان الطعام دافئاً شهياً لا مثيل له في عالمه، استلذ طعمه وتمتع برائحته الزكية فأكل حتى امتلأت معدته.
دخلت السيدة ذاتها مرة أخرى ولكن تلك المرة كانت تبدو وكأنها تتسلل، مدت يدها التي كانت تحمل فيها صندوقاً صغيراً نحوه وقالت بهمس:
_ضع هذا المسحوق على ما يؤلمك وستتحسن على الفور.
تذكر لوهلة الماء الشافي في البركة ونهر القهوة فسألها بحماس:
_هل يمكنك إحضار كأساً من الماء من فضلك؟
_حسناً.
قالتها هي وخرجت وبدأ يتمنى هو أن يكون ما ستحضره هو الماء المخلوط مع الثمار التي تشبه البن.
عادت للغرفة مع كأس ماء أعطته له، شمه هو ليخيب حينها ظنه عندما وجده ماءً نقياً.
خرجت المرأة من الغرفة مجدداً وتركته وحيداً ليتأفف بضيق، أمسك المسحوق وبدأ يضعه على مواضع الألم في جسده ليفاجأ به تحسن على الفور، شرب بعض الماء وغسل ببقيته وجهه ليشعر بتحسن في نفسيته.
غاص هو في أحلام اليقظة وبدأ يتخيل ما قد يحدث معه وما قد يصيبه.
في مكان آخر وتحديداً في منزل ألما وآلن بعد أن عاد كل فرد من أفراد العائلة الى فراشه وخلد إلى النوم، مر الليل سريعاً.
استيقظ جميع أفراد العائلة على صوت ضجيج ملأ المنزل، كانت ألما تبدو في حالة مذرية فقد كانت بعيون منتفخة حمراء وشعر مشعث، وهكذا كانت الأم أيضاً.
أما عن آلن ووالده فقد كانا أكثر اتزاناً رغم انهيارهما أيضاً من الداخل ولكن كان عليهما التماسك.
تجمعت العائلة أمام مصدر الصوت، والتي كانت الغرفة الموصدة، شجع الأب نفسه بالتقدم بخطوات مترددة نحو الغرفة بعد أن سحب المفتاح المعلق على الحائط.
لم يجرؤ أحد من أفراد العائله على الاقتراب فكان الاب اشجعهم.
فتح الأب الباب الموصد بالمفتاح بتوتر ليصدر تكة تبعتها الأخرى، فتح الباب بهدوء ليرى الغرفة التي انهارت وكانت في شكل مذري من فتحة الباب الصغيرة.
شهق بصدمة بعد ما رأآه، فأغلق الباب بأقصى سرعة ليصدر صوت إرتطام، التفت إلى أهله بعد أن توسع بؤبؤاه، نطق آلن بتردد وقال مستفسراً:
_ ماذا حدث يا أبي؟
صمت الأب للحظات، ثم قال بتلعثم:
_لقد، كسرت الجنية البرطمان وبعثرت الغرفة، لا بل دمرتها!
تقدم الابن نحو الباب وفتحه ببطء، لتخرج الأم عن صمتها أخيراً فصرخت قائلةً:
_إياك، لا تفتحه!
ولكن آلن تجاهل كلامها ودخل مع جنيته التي وقفت في صفه بعد أن فتح الباب، بدأت الجنيتين تتصراعان بشراسة ولكن السوداء كانت أقوى.
خاف آلن على جنيته، فإن فقدها فهو لن يستطيع تعلم السحر أبداً بعد الآن!
سحب برطماناً آخر وحبسها فيه لتهمس له جنيته في أذنه بتعويذة فور أن نطقها سكنت الجنية السوداء وتجمدت في مكانها.
خرج آلن من الغرفة مع جنيته والتي قرر تسميتها "آنا" ليرى النظرات القلقة في أعين عائلته ليقول بابتسامة:
_لقد جمدتها!
اعتلت ملامح الجميع نظرات الذهول وبدأت جنيته آنا ترقص في الهواء من السعادة.
مر الوقت سريعاً، طلب الحاكم مقابلة رب العائلة مجدداً فذهب الأب للقاءه وفور عودته كانت العيون القلقة الخائفة في وجوه العائلة التي تجمعت في غرفة المعيشة منتظرة وصول الأب هي من رحبت به.
لم ينطق أحد بل ظل كل منهم منتظراً أن يستفسر شخصاً منهم عن ما حدث في القصر.
ترك الأب الحقيبة التي كانت بيده وخلع معطفه وقبعته التي علقها على مسمار في الحائط ثم جلس على الأريكة بجوار زوجته فقال بثقة:
_لقد أخفيت عن الحاكم ظهور اللوريانا ل ألما.
_ماذا!
نطقت ألما بذهول بعد إضراب عن الكلام دام لأيام فقال الأب موضحاً:
_لقد سألني عن أي جديد قد حل علينا فأجبته بأن لا جديد؛ لقد كذبت عليه.
_لماذا!
_هل أنت مدركة لما تتفوهين به يا ألما؟
_يا أبي، لقد عاملك الحاكم معاملة مميزة، لعل هنالك أمراً يعرفه ولعله يدلنا على ما علينا فعله.
نطق الأب باستنكار وقال:
_فور معرفته بذلك سينفيك الى غابة الجنوب بالتأكيد يا ألما، ألا تعرفين ذلك!