الفصل السابع ليس مجرد إعجاب

خرج موسى من الكوخ الذي يجلس به مع عمه ليجد مارجريت كما تركها، اقترب منها بتعجب شديد:

-ألم تذهبي من وقتها معقول؟

ابتلعت مارجريت ما بحلقها وقد بدت مترددة، اقترب ليسمعها تقول:

-في الحقيقة أريدك أن تأتي معي للإشراف على جمع التفاح.

تعجب موسى من طلبها واجابها رغم شعوره بالإحراج:

-في الطبيعي لن يكون لدي أي مانع، لكن كما تعلمين عمي مريض وأنا أجلس معه، هو يستيقظ بين الحين والآخر يطلب ماء أو طعام و..

قاطعته مارجريت بحزم تعجب له:

-أنا قولت أنك سوف تأتي معي، لن يحدث لعمك شيء، على كل حال هو قد تحسن بالفعل وسم التفاحة لم يكن قوي.

شعر موسى بالتعجب من طريقتها معه ولهجتها الآمرة:

-ما الذي يحدث لكِ، دعيني أذكركي أنني لست مقيم هنا، أنا مجرد زائر، أيام وسوف أذهب.

لاحظت مارجريت انفعاله ولهجته الغاضبة، هدأت من روعها وعلمت أن موسى يبغض الأوامر، حملت سلة التفاح ومن ثم ابتعدت عنه وهي تسير بثبات كعادتها، ابتلع موسى ما بحلقه وهو يشعر بالحيرةن تحدث بهدوء وقد وصل صوته لها:

-لم أتعمد أن أزعجكي، كل ما في الأمر أن طرريقتكِ في الحديث معي لم تعجبني، أعلم أنكِ الملكة هنا والمسؤولة عن الجميع ولكنني لا أتحمل أن يحدثني أحد بتلك الطريقة.

تعجبت مارجريت وهي تلاحظ ضيقه الشديد، لم تتخيل أن يأخذ رد الفعل العنيف هذا من مجرد كلمات قالتها، قررت أن تتركه ولم تلتفت له لتذهب وهي تحاول أن ترتب أفكارها، كل ما يشغلها الآن هي هيئته وهو يقوم بضرب فهد دون أن يخشى شيء وهذا الذي لم يحدث ولم يفعله أحد من قبل.
------
انتهت هدى من جميع محاضراتها وهي تشعر بالكثير من التشتت، لا تعلم ما الذي يجب أن تفعله إن حاول مازن التحدث معها من جديد، أجل هو لم يفعل لها سوى كل شيء جيد ولكن بداخلها شعور غريب بعدم الراحة! ابتعدت عن الجامعة وشعرت بالراحة أنها لم تلتقي به، وقفت أمام الطريق في انتظار سيارة أجرة لتوصلها إلى منزلها، نظرت لساعة يدها وعلمت أن لديها المزيد من الوقت لتنتظره وجدت سيارة وقفت أمامها وهبطوا منها رجلين ليحاولوا سحبها:

-لا تدعينا نستخدم العنف معكِِ هيا تعالي معنا بهدوء.

شعرت هدى بالرعب ولم تستطيع أن تدفعهم بسبب زراعها المكسور، بكت وهي تصرخ بهم:

-اتركوني وشأني ما الذي تريدوه مني؟ دعوني وشأني.

رأت مازن داخل سيارته في هذا الوقت لتستنجد به وهي ترى سيارته تقترب:

-مازن ساعدني أرجوك.

نجحوا الرجال في ادخالها إلى السيارة ومن ثم انطلقوا بها بعيدًا، كانت ترى سيارة مازن تتبعها وهو يحاول أن يجعلهم يتوقفوا أثناء بكائها وصراخها، تراهم يحاولوا أن يبتعدوا عنه بكل الطرق ليزداد رعبها ولا تعلم أنها ضحية في لعبة قذرة من تخطيط من استنجدت به! وصلت معهم إلى مكان غريب لا تعلم كيف وصلت ولم تستطيع أن تتعرف على الطريق التي سارت به معهم؟

دفعوها لتسقط على أحد الكراسي في هذا المخزن بينما هي كانت تبكي وتشعر بالكثير من الألم:

-ما الذي تريدوه مني؟ أنا لم أفعل أي شيء لكم أقسم بهذا.

حركوا رؤوسهم بسخرية وقد تحدث رجل منهم:

-نحن نعرف هذا جيدً ولكن ما الذي سوف يجعلنا نترك فتاة جميلة مثلكِ دون الإلتفات لها؟ ابتلعت هدى ما بحلقها ودموعها لم تتوقف عن التساقط لثوانِ، اقترب منها الآخر ليقوم بلمس وجنتيها:

-الدموع تقلل من جمالكِ يا فتاة توقفي عن زرف المزيد منها.

دفعت هدى يده بقوة ووقفت وهي تبتعد عنهم:

-لا تقتربوا مني، أنا لا أسمح لكم.

ابتسم بسخرية وهو يتبادل النظرات مع صديقه:

-أنظر يا رجل هي تظن أنها تستطيع أن تمنعنا، انظري لنا وانظري إلى نفسكِ وسوف ترين كم أنتِ عاجزة.

قام بسحبها وهو يحاول أن يضع يده على خصرها بالرغم من مقاومتها له، لكن قاطعهم دخول مازن الذي أنهال عليهم بالضرب وهو يدفعهم بعيدًا عنها ومن ثم ركضوا للخارج هاربين كما اتفقوا مع علاء الذي كان في انتظارهم داخل السيارة، كانت هدى في هذا الوقت ساقطة فوق الأرضية ولا تعلم ما الذي حدث لينقلب كل شيء رأس على عقب بتلك الطريقة؟

تساقطت دموعها في تتابع مستمروهي لا تعلم ما الخطأ التي قامت به ليتسبب في انقلاب حياتها بهذا الشكل؟ كادت أن تفقد أنفاسها وشهقاتها تتعالى، اقترب منها مازن ليجلس أمامها وهو يقوم بتحريك رأسه بنفي:

-توقفي عن البكاء يا هدى، لقد ذهبوا وحمدًا لله أنني كنت بالقرب لولا هذا لم أكن أعرف ما الذي سوف يحدث لكِ.

نظرت له وقد كانت عينيها حمراء اللون ومليئة بالكثير من الحزن:

-أنا لم أفعل شيء سيء يومًا مع أحد لماذا هذا يحدث معي؟ لقد شعرت أنني انتهيت، شعرت بالرعب الحقيقي وأنا أراهم يقتربون مني بتلك الطريقه، لا أعلم ما الذي يمكنني أن أقوله، لقد ارسلك الله نجدة لي هذا أكيد.

ابتسم مازن وهو يراها مشتتة، حاوط وجهها وهو يتحدث إليها بحنان نجح في تصنعه:

-فالتعتادي على هذا الأمر يا هدى؛ لأنني سوف أكون بالقرب منكِ دائمًا ولن أسمح لأي شخص مهما كان أن يقوم بمضايقتكِ.

كانت تبكي وهو يستمر في مسح دموعها قربها منه ومن ثم قام بضمها:

-اهدئي يا هدى وتوقفي عن البكاء، لقد ذهب الجميع وكل شيء على مايرم الآن.

اغمضت عينيها وهي تريد أن تهرب من كل هذا، لقد استطاع مازن أن يشتت عقلها، استطاع أن يتقرب منها حتى لو كان بشكل مؤقت، ابتعدت هدى بسرعة ويبدو أنها ادركت أنه قام بضمها للتو، تحدثت بصوت مرتجف:

-أنا أريد الذهاب من هنا يا مازن إذا سمحت.

أومأ مازن لها وهو يرى خوفها وقلقها حتى منه هو!
-----
وصلوا عائلة موسى حيث كان يجلس مع عمه، ابتسم علي ساخرًا:

-لا أصدق أنك لم تغادر ومازلت تجلس هنا، لقد توقعت أنني سوف أجدك مع مارجريت.

نظر موسى له بتعجب ليتابع علي حديثه بخبث شديد:

-ماذا بك ألم تراها؟ لقد جلست دون أن ترافقنا في رحلتنا عندما علمت أنك لن تذهب معنا، ألم يلاحظ أحد هذا؟

تحدث سليم بانزعاج وهو ينظر تجاه علي:

-علي توقف عن التحدث بتلك الطريقة ولا تتصرف كشخص تافه، إنها ملكة هذه الجزيرة ومن الطبيعي أن يرافقنا شخص آخر، الفتاة الأخرى كانت لطيفة ومتعاونة ولم ت..

قاطعه علي وهو يقترب ليجلس بجوار موسى:

-اخبرني يا عمي وأسف على مقاطعتك، لكن ألم تذهب مع موسى من قبل لتصطحبه في جولة؟

تذكر موسى طلبها في الذهاب معها وشعر بالكثير من الحيرة، هل من الممكن أن تكون مارجريت قد اعجبت به بتلك السرعة؟!

في مكان آخر كانت مارجريت تتحدث إلى ياسمين صديقتها المقربة على هذه الجزيرة:

-هو يبدو كشخص مناسب تمامًا يا ياسمين، ربما هو الشخص الذي يمكنني أن أثق به.

ابتسمت ياسمين وهي تنظر إلى مارجريت:

-أنا لا أصدق أنكِ للمرة الأولى تفكرين في شخص بهذه الجدية، هذا مذهل يا مارجريت.

تحدثت مارجريت ببعض الضيق:

-العقبة الوحيدة لهذا الشاب عائلته، أشعر أن والده يحاول أن يبعده عن لقائي، لا أعلم هل يشكل بشيء أم يعرف هذه الجزيرة جيدًا، لكنني أشعر أنه لا يرتاح، أرى هذا بعينيه رغم أن ابنه رجل كبير وناضج إلا أنه يقلق بشأنه كثيرًا.

فكرت ياسمين قليلًا وهي تشعر بالكثير من الحيرة، لا يمكنها أن تخبرها أن تقوم بابعادهم عنه، لا تعلم كيف يمكنها أن تفعلها:

-أنتِ سوف تكوني قادرة على جعله يحبكي وهذا سوف يؤثر عليه لن يكون لوالده أو عائلته بأكملها أي دور.

زفرت مارجريت وهي تشعر بالكثير من الضيق وعدم الراحة، تتذكر تجاهله لها وعدم إهتمامه بها كالباقي:

-إنه شخص عنيد جدًا، أنا أخشى أن يشعر أن ما يحدث هو فرض عليه، لا أظن أن الأمر سيكون جسد حينها، كل ما أريده أن يتوقف عن العناد.

ضحكت ياسمين وهي تحرك رأسها بعدم استيعاب:

-لا أصدق أنكِ تقولين هذا هم حتى لم يكملوا أسبوع هنا، هناك أمل كبير وعليكِ أن تعرفي متى سوف يذهبوا لتتمكني من تدبير أموركِ.

اومأت مارجريت لها وهي تفكر في حديثها جيدًا:

-سوف أفكر في الأمر وأرى ما الذي من الممكن أن أفعله، لا أريد أن أرتكب أي فعل أحمق يتسبب في تعقيد الأمور.
-----
وصلت هدى مع مازن أمام الشارع الذي تسكن به مع عائلتها، نظر لها وهو يراها مازالت تشعر بالتشتت، قربت يده منها وهو يعبث بطرف حجابها:

-انظري إلى الساعة مازالت الخامسة مساءً، لا أظن أن عائلتكِ سوف تلاحظ تأخركِ يا هدى، لا يوجد داعي لأن تخبري أي شخص بما حدث، المهم أنكِ بخير ولم تتأذي.

نظرت له هدى بعدم استيعاب:

-كيف لا تريدني أن أخبرهم؟ على هؤلاء الرجال أن يتعاقبوا، من الممكن أن يتسببوا في أذية شخص آخر يا مازن، أنا لا أتمتى شيء كهذا حتى لألد أعدائي.

حرك مازن رأسه بنفي:

-نحن لم نأخذ رقم السيارة ولا يوجد شيء يدينهم يا هدى، إن قومتي باخبارهم سوف يزداد قلقهم عليكِ، لن يكون الأمر سهل في التعامل معهم فيما بعد.

أخذت هدى نفس عميق وهي تشعر بالكثير من التشتت، بينما هو لم يتوقف عن العبث بطرف حجابها، وبخ نفسه على كل شيء يفكر به الآن، يعلم أنه الآن اكتسب ثقتها وليس من الجيد خسارتها في هذا الوقت بالتحديد:

-أنا لا أعرف ما الذي يجب أن أفعله، لا أعلم لماذا تتبعني الكوارث هذه الفترة، أنا لا أريدهم أن يقلقوا بشأني وفي ذات الوقت أعلم أن هذا الأمر من الصعب تجاهله، لا أعلم هل تفهمني أم لا.

أومأ لها وهو يقرب يده ويربت على كتفها:

-بالطبع أفهمكي، لا تشغلي عقلكِ وتشغليهم بأي شيء يا هدى، أنا سوف أحاول حل هذا الأمر، يمكنكي أن تعتمدي عليّ، أنا هنا ولن أتخلى عنكِ.

لا تعلم هدى لماذا يجذبها نحوه بتلك الطريقة، لكنها لم تنكر أنها شعرت بالراحة لوجوده، لا تستطيع أن تنكر أن لولا وجوده معها كانت حالتها ستكون أسوء، تحدثت وهي تنظر تجاه الشارع الخاص بها:

-يجب أن أذهب الآن، لا أريد أن أتأخر فيتصلوا بي ولن أستطيع التحدث والشرح لهم.

أومأ مازن لها وتحدث بهدوء:

-غدًا سوف أكون في انتظارك هنا، لا تتأخري يا هدى لنذهب معًا.

شعرت بالحيرة ولكنها اومأت له في النهاية واسرعت بالذهاب من بعدها ليبتسك بخبث:

-لنرى ما الذي سوف يحدث يا حلوتي.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي