الرابع عشر

بينما أريوس ووزيره كايوس يتناقشان بصوت مرتفع، لم ينتبه أي منهما إلى تلك الوصيفة التي كانت تقف خلف باب مكتب الملك، وهي تسترق السمع بينما تضع يدها على فمها بصدمة شديدة.



تلك الفتاة التي حضرت هذا الصباح إلى قصر كوركانس هي رفيقة سيد الوحوش، حبست الهواء داخل صدرها من هول الصدمة، وهي عاقدة العزم على أن هذا الأمر يجب أن تعرفه سيدتها جويا بأسرع وقت.


هذا ما أخبرت نفسها وهي تظهر من العدم في الجهة الشرقية من القصر، بدأت بركض إلى جناح الخاص بجويا حتى تخبرها بأخر المستجدات، بينما بقي الملك جالسا في مكتبه ينظر أمامه بغضب شديد، وكل شيء حدث معه اليوم يعاد ويكرر أمامه.


لماذا تلك الساحرة العجوز وصديقه الوحيد كايوس يعتقدان أن تلك اللعينة تستحق ان تكون الملكة،
نفض رأسه كثور نهض من كرسيه وهو يتنفس بضيق، لا يستطيع أن يتخيل الأمر أبدا، إنها من السلالة الدم الملعون، تلك سلالة التي دمرت حياته وحياة أجداده من قبل ، يجب عليه أن يقضي عليها يدمرها إلى اخر فرد ،اجل هذا ما سوف يحدث.



وقف في مكانه ثواني قبل أن يتحرك ويخرج من مكتبه، بينما هو يبتسم إبتسامة شريرة قبل أن ينادي على خادمه الخاص وهو يقول بصوت بارد دون ان بنظر نحوه حتى :

" فلتخبرهم أن يجهزوا الجارية الجديدة التي وصلت هذا الصباح للقصر، سوف تكون لعبتي في السرير هذه الليلة".


إنحنى كبير الخادم بإحترام وهو يلبي أمر سيده، بينما بقي هو يقف في مكانه وهو يبتسم إبتسامة جانبية مقسما على أن يدمرها تماما.

بينما في جناح الشرقي كانت جويا تجلس بين وصيفاتها الخاصات بها فقط، وهي تبتسم إبتسامة ماكرة، بينما تنظر إلى إنعكاس صورتها في مرأتها الضخمة، هي فقط تنتظر إكتمال خطتها حتى تبعد تلك اللعينة عن اريوس إلى الابد وترسلها الى الجحيم.

كانت الجواري الخاصة بها يحيطن بها من كل جانب ويقومون بتغيير ثيابها وتمشيط شعرها،وتعطير جسمها وتزينه بالحلي والمجوهرات، وكل واحدة منهم تتسابق في مدحها بأشياء ليست فيها حتى ترضى عليها

بينما هي كانت تبتسم برضا على اعمالهم وتملقهم المبالغ فيه لها، قبل أن يقاطع تلك الأجواء دخول تلك الجارية الجاسوسة وهي تغلق الباب بسرعة خلفها، قبل أن تنحني أمامها وتقف قائلة بجمود:

" فليخرج الجميع من هنا حالا"

إنحنت باقي الجواري بإحترام لها، وذلك بعدما أشارت لهم جويا بيدها أن يغادرن.

تلك الوصيفة هي من سلالة الضل الأسود، لهم قدرة هائلة على تخفي لا أحد يشعر بوجودهم إلى اناس ذوي قدرات عالية، هي إحدى أهم وصيفات جويا وجاسوستها الخاصو داخل القصر، كما أنها صديقتها في نفس الوقت .


بالاضافة الى كل هذا ريني كانت أعلى رتبة من باقي الوصيفات، لذلك كان بإمكانها أن تعطي الأوامر وتعاقب في نفس الوقت دون رجوع إلى جويا ،فهي ذراعها اليمنى بعد أن غادرن الجواري المكان،.


اطلقت ريني سحر سودوي ليصنع قبة فوقها هي وجويا، بينما تقدمت هذه الأخيرة بخطوات غاضبة نحوها لتقف خلفها وهي تتنفس بسخط:

" ماذا هناك يا ريني؟".

قالتها جويا بعدما طال الصمت، وصيفتها التي أخذت المشط من المنضدة، وأخذت تسرح شعر سيدتها قبل أن تتنهد بيأس حقيقي وهي تقول:

" لا أعرف كيف سوف أخبرك بالأمر يا سيدتي، ولكنني مضطرة لذلك"

سكتت لبعض الوقت وهي تفكر في أثر كلماتها على سيدتها التي عقدت حاجبيها بإستغراب، لتتنهد مرة أخرى كما لو أن هنالك جبلا تهزه على كتفيها.

إستمرت في تمرير المشط في شعرها الأحمر القصير بينما هي تقول:

" هل تعرفين الفتاة التي ترسلها الملك هذا الصباح إلى القصر ؟"

هزت جويا رأسها بمعنى أجل، لتكمل ريني وهي تقول:

"إنها ليست مجرد فتاة عادية، إنها رفيقته يا جويا''

  هنا بتحديد تجمدت ملامح جويا وتصنمت في مكانها وبقيت تنظر إلى انعكاسها في المرأة مدة طويلة دون أن ترمش حتى.


ثواني فقط قبل أن تنكسر تلك تلك المرأة إلى أجزاء صغيرة، بسبب هالتها التي أطلقتها بقوة من حولها من فرط غضبها، وقفت بغضب شديد لتستدير إلى وصفتها وتقول بنبرة خالية من الحياة:

" هل تتحدثين بجدية؟"

تساءلت بغضب وهي تقترب منها وكل هدفها هو أن تقتلها حقا، فإذا ظهر للملك رفيقة هذا يعني أن فرصتها في أن تصبح الملكة لشعب كوركانس قد انعدمت تماما.

" أجل أنا واثقة مما اقول، يمكنك أن تتاكدي من الملك بنفسه إن أردتي ذلك "

فقدت جويا اعصابها وبدأت في تدمير كل شيء من حولها، لم تكن تريد أن يحدث هذا لقد كانت واثقة أن الملك لم يحصل على رفيقة أبدا كما حدث مع أسلافه.


كانت تدمر كلما حولها لدرجة أنها قد جرحت يدها ولم تنتبه للامر على الإطلاق، لقد فقدت منصب الملكة لتوها ،وأيضا قلب الملك،فقد كل شيء في نفس الوقت وهذا هو أسوأ شيء من الممكن أن تتعرض له طوال حياتها.

إقتربت منها وصيفاتها ريني وهي تبكي في محاولة منها أن تستندها، بعدما سقطت على الأرض بسبب نوبة الغضب التي إجتحتها وهي تقول بحزن شديد:

" أرجوك توقفي عن هذا يا سيدتي أرجوك، لقد سمعت أن الملك غير موافق عليها لأنها من سلالة الدم الملعون"

رفعت جويا رأسها وجمعت حاجبيها على شكل عقدة، وهي تنظر إليها بإستغراب، لا تعرف كيف يمكن أن يكون أمرا كهذا ممكنا :

" كيف يعقل هذا؟ لماذا سوف تمنح الألهة رفيقة للملك وتكون هي من نفس السلالة التي لعنته قبل عقود؟"

تنهدت الخادمة وهي تنظر إليها بحزن، لتقول بيأس:

" أنا حقا لا أعرف يا سيدتي ،ولكنني واثقة أن الملك لا يقبل بها، وهذا يعطيك فرصة كبيرة لأخذ المنصب ملكة وإستحواذ على قلب الملك فهو يرفضها "

قالتها بحذر وهي تنبهها بدون أن تشعر إلى ضرورة التخلص منها، قبل ان تكبر مشاعر سيد الوحوش إتجاهها، وعندها تفقد كل الفرص حقا.

نظرت جويا أمامها بغضب شديد، وهي تشد قبضة يدها المدماة بغضب، لقد عقدت العزم على أنها سوف تتخلص من هذه اللعينة قبل أن تأخذ مكانتها عند الملك.


إبتسمت بخبث، بينما هي تشير إلى ريني لمساعدتها على الوقوف وهي تقول بعزم :

" لا تقلقي يا ريني سوف أقتلها بيدي"

في هذه الأثناء كانت سيليا ، مستلقية على سريرها داخل زنزانتها غير عابئة بالعالم من حولها،كل تفكيرها كان منحصرا حول كيف وصلت إلا هنا وما هو مصيرها من الأن فصاعدا هل سيعفو عليها الملك نضير إنقاذها لحياته ام أنه سوف يفعل العكس؟

وهل مربيتها التي تركتها في قصر والدها.


هل يعقل أنها قد إشتقت إليها كما إشتاقت هي إليها الأن؟
هل سوف تكون بخير ألم يقوم والدها بقتلها، بسبب خيانتها ؟.


كلها هذه أسئلة تداعب تفكيرها مرارا وتكررا، خاصة وأنها لم تستطع أن تقوم بأي نشاط يبعدها عن التفكير في هذا الموضوع .





لا تنسوا الدعم والتعليق احبتي ،ارغب بمعرفة رأيكم أحبكم ج
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي