الخامس عشر

تقدم رئيس الحراس المكلف بحماية الملك من رئيسة الحرم الملكي، لينحي لتلك المرأة الكبيرة في السن بينما وهو يقول بالإحترام شديد:

" جلالته يأمر بإحضار الجارية المسجونة وتجهيزها، فهو يريد قضاء الليلة معها في جناج الطاوس الذهبي"

إنحنت تلك المرأة واومئت برأسها بصمت لتمشي ومن خلفها مساعدتها ووصيفاها، لتتجه إلى البرج الشمالي من تلك القلعة ومن خلفها حراسة مشددة.


تقدمت وهي تمشي في سرداب، وبضبط في عنبر الفتيات، لتقف مباشرة أمام ممر المؤدية إلى زنزانة سيليا، وهي تنظر أمامها بدون تعبير.

وقف الحارس المكلف بحراسة زنزانة، ليقدم لها تحية الإحترام، بينما هو منحي الرأس سمعها تقول بنبرة خالية باردة من الحياة:


" جلالته يريد السجينة الليلة في جناحه الخاص، لذلك أريدك أن تطلق سراحها، وتجعل مساعدتي تتولا أمرها من هنا ".

أكملت كلامها، بينما هي ترفع رأسها بغرور لتمشي ومن خلفها مساعدتها لتقول لإحدى مساعدتها بنبرة خالية من أي مشاعر:

"تعرفين القواعد جيدا سونا، إجعلها تستعد وأخبرها عن القواعد والأمور التي يجب عليها أن تنضبط وتقوم بها وهي في القصر وأمام الملك بتحديد، حميمها جيدا وعطرها بعطر جوري الأسود، جهزيها بوفاء إفعلي ذلك ريثما ينهي جلالته من أعماله المتاركمة ويطلبها هل هذا مفهوم؟!"

اومئت تلك المساعدة برأسها بسمع وطاعة، وأخدت طريقها مجددا إلى زنزانة سيليا كي ترافقها وتقوم بما أمرتها بها رئيسة الحرم.

تقدمت سونا من الحارس وبرفقتها بعض الخدمات لتنحني للحارس الذي كان يقف أمام زنزانة سيليا حتى يحرسها.

إبتسم الحارس وهو يخرج المفتاح من علاقة حزامه لينظر إلى تلك الوصيفة من تحت رموشه، قبل أن يقول بينما يفتح باب الزنزانة:

" حسنا تفضلي أيتها المسؤولة، إنها في عهدتك الآن "

بمجرد أن خرج الحارس الذي كان يحرس الزنزانة من العنبر، حتى دخلت سونا ونظرت وهي تعقد حاجبيها نحو سيليا، التي كانت تجلس على السرير المستلقية على ضهرها بلا مبالات، أخذت تلك الوصيفة نفسا عميقا وهي تقول بهدوء:

" أضن أنك سمعتي جيدا ما قالته السيدة تيجان ،الملك طلبك لتشاركه جناحه الليلة، وهناك قواعد عليك معرفتها وإحترامها وأنت في حضرته".


صمتت لفترة تنتظر من سيليا المستلقية أن تقف، أو على الأقل تفتح فمها وتقول أي شيء، ولكن دون جدوى، تنفست بغضب وعادت لتتحدث معها بهدوء:

"حسنا أنا سوف أخبرك بالأتي إستمعي جيدا، ليس هنالك قواعد  كثيرة يجب أن أخبرك بها، هما فقط أمرين يجب عليك تطبيقها وانت مع جلالته، عليك أن تنحني للملك بإحترام عندما يدخل ليقابلك في الجناح الخاص، كما أنه عليك أن تنفذي كل ما يأمرك به ،وليس الوقوف في وجهه كما فعلتي عندما كنتي في قصر الأحكام ، وثم هنالك شيء آخر مهم جدا عليك الإلتزام به، حذاري أن تغضبي جلالته في خلوته فهو لا يرحم أبدا ".


رفعت سيليا أحد حاجبيها بسخرية، ونهظت من مكانها لتنظر إلى الوصيفة، بينما هي تقول بإبتسامة جانبية:

" ولما كل هذا البرتوكولات والقوانين الصارمة، من أجل من ؟"

نظرت إليها سونا، وإبتسمت في وجهها بطريقة مستفزة وهي تقول بثقة :

" ببساطة لأنه ملك البلاد، وسيد الوحوش وأنت مجرد عبدة ".

وهذه الكلمه الاخيره كان لها وقع شديد في قلب سيليا، فقد شعرت بالتوتر والغضب يجتاح جسدها، وقد ظهر هذا جليا على ملامح وجهها ،رغم ذلك عاندت وهمست بخفوة شديد:

" هذا فقط؟! "

إبتسمت تلك المساعدة بنصر عندما لاحظ تلك نظرت الخوف والإنكسار التي إرتسمت على ملامح سيليا الفاتنة، قبل ان تقترب منها الوصيفة لتدور حولها وهي تقول:

" هنالك أمور أخرى أنا واثق أنك سوف تتعلمينها مع الوقت في القصر الملكي تحت إشرافي طبعا ".


رفعت سيليا عينيها الفريدة اللون ونظرت اليها بإستغراب، ما الذي تقصده بأنها سوف تتعلم أمورا أخرى مع الوقت، أينوي ذلك الغبي أن يبقيها هنا في كوركانس ألن يطلق سراحها ويتركها ترحل في سلام ؟!"

نفضت سيليا رأسها من الأفكار التي بدأت تزدحم داخلها، لتقول بتسائل وهي تعقد حاجبيها:

" مهلا ما الذي تعنينه بأنني سوف تتعلم الأمر مع الوقت؟! ".

توسعت إبتسامة تلك المساعدة إلى أن وصلت إلى أذنها الشبيهة بأذني الجنية، لتضحك وهي تقول كما لو أنها كان تتشفى بها وبما سيحدث معها :

" لأنه يا عزيزتي، جلالته قد إتخذك محضية له".

إستغرقها الأمر مدة طويلة حتى تستوعب ما تقوله هذه الفتاة التي أمامها، وهي تنظر إلى وجهها بحيرة في البداية قبل أن تبدأ بنوبة ضحك مجنون، وهي تكاد أن يغمى عليها، بينما تمسك بطنها بقوة.


نظرت إليها تلك الوصيفة بإستغراب شديد، لتقول بينما ترمش بالإستمرار بتوتر :

"لماذا الضحك يا أنسة؟".

توقفت سيليا عن نوبة ضحك التي إجتاحتها لتمسح دموعها، بينما هي تقول بسخرية:

"ومن أخبركي يا عزيزتي أنني يمكن أن أوافق على أن اكون جارية لملك مثله؟".

قالتها بغرور وهي ترفع أحد حاجبيها، وتنظر إليها بإبتسامة مسلية.

بينما إبتسمت الأخرى وهي تضع يديها على خصرها، من الواضح أن هذه الفتاة بريئة أكثر من اللازم:

" الأمر ليس بيدك، إنه بيد الملك وحده فهو الذي يسيطر على كل شيء هو قرر وإنتهى الأمر أنت رسميا أصحبتي محضيته".

عقدت سيليا حاجبيها بغير فهم، وقررت أن تتجاهل الأمر تماما فهي يستحيل أن تخضع لشخص كيف ما كان نوعه، هزت كتفيها بلا مبالات لتقول:

" حسنا أخبرني ما الذي سوف أفعله عندما اكون مع هذا الملك، وأعدك أنني لن أطبقه على الإطلاق"

نظرت إليها الأخرى وهي تمسح صفحة وجهها بنفاذ صبر ، قبل ان ترفع رأسها وتبتسم بسخرية وهي يقول:



" وما الذي يدفعني لكي أفعل ذلك أقول لك أمرا كهذا؟"



"أضن أنها من واجباتك يا أنسة أن تعلمني قواعد القصر، أليس هذا من أساسيات عملك، أم أنك تردين أن أبلغ المسؤولة عنك بخروقاتك وقلت إنتباهك عندما تقومين بواجباتك ؟!".


توسعت عيني سونا الصفراء بصدمة شديدة، ونظرت إليها بغير تصديق، بينما إبتسمت سيليا إبتسامة واسعة وهي تقول:

" لا داعي لهذا القلق، فأنا اعدك أنني لن أخبر أحداً"

غمزتها في آخر الجملة لتنظر إليها سونا مدة طويلة بصمت، قبل ان تتنهد بإرتياح ثم تقول:

" على الرغم من كل هذا المكر الذي يرتسم على وجهك، ولكنك تبدين لطيفة وطيبة جدا "

استغربت سيليا من كلماتها هذه، وسألتها بخفوة:

" حقا؟!"

اومئت لها الأخرى بابتسامة صادقة، قبل أن تكمل كلامها وهي تنظر إلى وجهها متفحصا إياه:

" أجل على الرغم من أنك لا تبتسمين كثيرا، ولكنك طيبة جدا هذا واضح على ملامحك، بالإضافة إلى ذلك لقد سمعت  أنك عرضت نفسك للخطر حتى تساعدي شخصا لم تريه أبدا من قبل، وهذا يأكد لي طيبة قلبك"

قالتها بثقة وهي تنظر إلى وجهها وتبتسم إبتسامة هادئة، بينما رفعت سيليا رأسها وهي تهزه وتبتسم وهي تقول:

" وما أدركي بهذا الأمر؟ قد أكون شخصا شريرا من الداخل لا تحكمي على المظاهر يا أنسة فهي خداعة".

هزت سونا رأسها بنفي وإقتربت منها أكثر، وأخذت تتطلع إلى ملامحها مدة طويلة وهي تتفحصها بإمعان وهي تقول:

" أنا واثقة مما أقوله"

إبتسمت لها بخجل وقد إحمرت وجنتيها بقوة، قبل أن تنظر إليها بإبتسامة حانية قائلة بصدق:

" شكرا جزيلا لكي، وأنتي أيضا شخص لطيف ويسعدني التحدث معك".

توسعت عينيها وقد بدت مصدومة لوهلة من كلماتها هاته، لتقول بإستغراب وقليل من الاحمرار الذي بدأ يطغى على ملامح وجهها لتشير لنفسها :

" أنا لطيفة"

" أجل أنت لطيفة جدا"

قالتها وهي تؤكد الأمر لتعالى ضحكتها على وجه سيليا، الذي بدأ بالاحمر شيئا فشيئا قبل أن تتوارى تلك الضحكات أمام إبتسامتها الحزينة وهي تقول:

" بالمناسبة أخبرني عن هذا الملك، فأنا لم اسمع عنه كثيرا من قبل".

نظرت إليها سونا بإستغراب شديد، هذه الفتاة لا تكاد تتوقف عن مفاجئتها، فمن هو الشخص الذي لا يعرف من هو ملك الوحوش.


ولكنه أمر وارد حقا وذلك من خلال التصرفات التي كانت تتعامل به معه، جلست بجانبها على سرير لتقول لها بينما ترفع أحد حواجبها:

" هل تريدين أن أخبرك الحقيقة أن الكذب؟".



نظرت إليها سيليا بإستغراب قبل أن تقول:

"ما هذا السؤال الغريب، بطبيعة الحال أريد أن اعرف الحقيقة".

تنهدت سونا بعمق لتضع يدها على حجرها وهي تقول :



" حسنا سيد الوحوش هو ملك بارد سريع الغضب، لدرجة أنه يغضب على أتفه الأسباب، وعقاب من يخطئ في شيء أمامه هو أن يقوم بقطع رأسه، كما أنه يمتلك لعنة في عينيه، تقتل كل من يرهما ويحولهما إلى جثة ملعونة هذا إن بقي شيء بها من الأساس و... أعتقد أنه سيغتصبك الليلة أنا أسفة جدا ".


قالت كلمتها الأخيرة وهي تطئطئ رأسها بخجل.


توسعت عيني سيليا بهلع  شديد، فمن الواضح أن هذا الملك ليس شخصا لطيفا أبدا، وكان هذا واضحا من خلال التعامل الذي أخذ يتعامله معها في أول لقاء.

نظرت إليها سيليا بضياع وهي تتنفس باضطراب شديد، رفعت سونا يدها من حجرها لتضعها على كتف سيليا وتضغط عليها بخفة، لتقول مع إبتسامة حزينة :

" أنا حقا آسفة ولكنك طلبتي مني أن اقول الحقيقة، وهذا هي الحقيقة التي تريدين سمعها".

ابتسمت سيليا إبتسامة ساخرة، وهي تستقيم بجذعها لتقول بهدوء غريب:

" شكرا جزيلا لك أنت قمتي بواجبك وأكثر"

قالتها وهي تزم شفتيها بوعيد وتنظر أمامها بحزم، بينما تدور بعينيها في المكان، ولقد كان الهدف من ذلك هو أن تبحث عن مخرج لكي تهرب من السجن، ولكن عندما لحظت سونا ذالك.


إبتسمت بحزن حقيقي، وهي يقول بأسف بينما تخرج من يدها شعاع أزرق لتمرره فوق جسد سيليا ليظهر طوق موشوم باحرف ذهبية على رقبتها ويديها:

" لسوء الحظ أنت لا تستطيعين الهروب، فقد وضع عليك الملك لعنة أينما كنتي سوف يجدك حتى لو في أخر الزمان"

نظر سيليا إلى انعكاسها في زجاج نافذة الزنزانة بصدمة ،إستدارت لتنظر ناحية غور الذي كان ينظر إليها بإستمتاع شديد، كما لو أنه كان سعيدا بالحالة التي هي عليها الأن.


نظرت إليه بعينيها على أمل أن يساعدها، ولكنه هز كتفيه المملوئتين بالريش على أنه لا يستطيع أن يقدم مساعدة كالمرة السابقة.

حركت رأسها بلا مبالات وعادت إلى لإستلقاء على السرير مرة أخرى .


خرجت تلك المساعدة إلى الخارج، لتدير سيليا رأسها وأخذت تنظر إلى الرواق تنتضر من باقي الوصيفات بأن يأتوا لكي يأخذوها الى القصر .



كانت مستلقية على ذالك السرير المهترء، وهي تتنفس بسخط:

" ولا كلمة"

قالتها سيليا لغور الذي كان على وشك أن يفتح فمه ويتحدث، ليتوقف في منتصف كلامه، قبل أن يقول شيئا يجعله يتحول إلى طائر مشوي على طاولة العشاء هذه الليلة، فمن الواضح أنها في حالة مزاجية سيئة للغاية.

" من الواضح أن هذا الملك من دون قلب ولا مشاعر، اللعنة على حضي الذي جعلني تلتقي به ".

تمتمت بها بغصب وهي تنظر إلى السقف، بينما نظر إليها غور نظرات غامضة.


قبل أن يبتسم إبتسامة جانبية، وبمجرد أن أغمضت سيليا عينيها وراحت في سبات عميق، حتى كان يحلق من المكان الذي كان يقف عليه ليخرج من نافذة التي كانت في الحائط، ولكنه كان يظهر كما لو أنه عباره عن نافذة متكون من أربع قضبان حديدية مستحيل الخروج من خلالها.

بينما فتحت سيليا عينيها وراقبت مغادرته الزنزانة بصمت ،لتبدأ بعدها عيونها الفريدة تذرف الدموع واحدة تلوى الأخرى إلى أن نامت.




يتبع



لا تنسوا الدعم وتعليق وتصويت
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي