١٧
شهق الجميع بصدمة، أسيقتل الحاكم ابنته! هل يفرط أب في طفلته!
كان الجميع مصدوم وخائف حتى أوچين بدأت الدموع تتجمع في عيونها، لقد كانت تثق به فهو بطبيعة الحال والدها، ولكن جملته الأخيرة كانت كالقنبلة تاني انفجرت في المكان.
لاحظ الحاكم أن التعبير قد خانه فبرر قائلاً:
_سنذيع خبر وفاتك في أنحاء المملكة يا أوچين، وستبقين في القصر تعيشين حياة كريمة في السر.
_ولكن يا أبي!
قالتها هيلين فقاطعها الحاكم قائلاً:
_أتودين أن تلحق أختك بوالدتك؟
هزت رأسها نفياً بسرعة فقال:
_إذاً لن يتدخل أحد منكم في قراراتي فأنا الأدرى بمصلحتكم هنا.
همست هيلين بحزن:
_هل ستبقى أوچين في المنزل حتى الممات!
عانقتها عمتها وربتت على كتفها أثناء قولها:
_والدك يعرف الخير لكم، وهو لن يؤذيكم أبداً.
أعطتها هيلين إيماءة موافقة وبدأت تمسح دموعها، في نفس اللحظة قال الحاكم:
_لن يعرف أحد عما حدث اليوم؛ أي أن ما حدث داخل تلك الغرفة لن يخرج منها حتى الممات، وسيشاع خبر عن وفاة ابنتي وسنؤكده.
نظر لأخته وقال:
_استدعي لي كلاً من كارل ورئيس الخدم.
_حسناً.
قالتها بتوتر من غضبه فوق توترها مما حدث فخرجت الكلمة من فمها بتلعثم، خرجت واستدعتهم ليُفاجأ كلٌ منهما بحال المكان وبالدماء على الأرض ومن ثم الجنية المدهوسة.
نظر إليهما الحاكم وتأكد أنهما فطنا كل شيء فوجه حديثه لهما وقال:
_أولاً لن يعرف أحد ما حدث.
_أمرك يا مولاي.
قالها الاثنان معاً وكليهما كانا ينظران للأرض وكفي كل منهما متشابك في بعضه وقد وضعاهما خلف ظهرهما فتابع الحاكم آمراً:
_تنكروا واخرجوا من القصر لساعات وأشيعوا موت أوچين، أريد أن يجوب الخبر في أرجاء المكان، استهدفا النساء الثرثارات.
_أمرك يا سيدي.
_ومن ثم سأخرج أنا لتأكيد الخبر، عليكما أنتما أن توفرا جميع سبل الراحة لابنتي تعويضاً لها عن عدم خروجها من القصر.
_بالطبع سيدي، سنفعل ما يجعل سمو الأميرة هانئة وسعيدة.
_عليكما أيضاً بطرد جميع الخدم والعاملين في القصر وترك الأوفياء الذي نثق بهم فقط.
_كما تريد يا سيدي.
نظر الحاكم إلى الجميع واحداً تلو الآخر وقال بصوت عالي:
_فليعد الجميع إلى غرفته، لا أريد أن أرى أحداً هنا.
وجه نظره إلى الجنية وقال لرئيس الخدم:
_وأنت، أحضر أحداً كتوماً وفياً لينظف هذا المكان.
_بالطبع مولاي.
خرج الحاكم أولاً وتبعته أوچين التي نهضت على الفور وخرجت ركضاً من الغرفة متجهة لغرفتها، خرج بعدها الجميع تباعاً وكل ذهب إلى غرفته.
عدا كارل ورئيس الخدم، جمعوا جميع الخدم والحراس وأخبروهم بأن هنالك مشاكل قد حدثت وسيضطروا لجعل البعض يتركون العمل وأن هذا الأمر سيتم بشكل عشوائي تماماً.
ساد الحزن الغرفة التي كانوا متجمعين بها، منهم من كان خائف من أن يتشرد، ومنهم من كان يحمل على ظهره هم عائلته وإطعامهم ومنهم من كان خائف من أن يفارق المقربون منه في القصر.
وعدهم رئيس الخدم بإعطاء من سيرحل مبلغ مالي إلى أن يدبر أحواله ويبدأ في العمل لإشباع فمه وأفواه عائلته.
كان الجميع يظن أن الاختيار عشوائي كما قالوا لهم ولكن في الحقيقة كان رئيس الخدم قد صنع في عقله قائمة بها اسماء الخدم والحراس الغير موثوقين.
ودع المطرودون من عملهم البقية وخرجوا من القصر، ولكن اجتماع بقية الخدم لم ينتهي، فقد بدأ كارل يروي لهم ما حدث مع أوچين.
أقسموا جميعاً على أن يحملوا هذا السر إلى الممات، رغم أنهم جميعاً كانوا مصدومين، وهنا عرفوا السبب الحقيقي لطرد البقية.
اتجهت هيلين نحو غرفة أوچين، طرقت الباب عدة مرات ولكن لا مجيب، كانت تعرف أنها بالداخل وأنها تبكي لذلك لم تكن تود أن تجيب.
فتحت هيلين الباب عنوة ونظرت بعد أن أدخلت رأسها لتجد أختها التي مسحت دموعها فور أن سمعت صوت الباب تجلس على السرير، فقالت لها:
_هل تسمحين لي بالدخول؟
لقد دخلتِ في الأساس.
دخلت هيلين بجسدها كاملاً ثم قالت:
_بهذا الشكل أكون قد دخلت يا أختي العزيزة.
اقتربت منها وجلست معها على السرير، اقتربت منها ومسحت دموعها وعانقتها وقالت:
_لا تحزني يا عزيزتي فأبي يفعل ما في صالحنا.
_تعلمين جيداً يا هيلين أن منع أبي لي من الخروج لم ولن يضايقني، فأنا في الأساس لا أخرج من القصر كثيراً ولا أحبذ الخروج منه في الأساس.
_إذاً ماذا بك؟
_أشعر بالنقص، ليس لدي واحدة مثلك ومثل الجميع، يبدو أنني لست مؤهلة كفاية للحصول على واحدة، كما أن ما مررت به يؤلمني، أشعر بثقل في روحي.
_صدقيني أنت مميزة، كما أنني أعدك أنت خاصتي ستصبح لنا معاً.
وافقتها جنيتها التي قفزت من على كتفها واقتربت من أوچين وقبلتها من وجنتها، لمست أوچين وجنتها وابتسمت بعد أن شعرت بحب الجنية لها.
_ولكي أثبت لكِ هذا، سأجعلك أنت تختارين اسمها.
قالتها هيلين لتبتسم لها أوچين التي وجهت سؤالها إلى الجنية وقالت:
_ما اسمك الذي ولدتِ به؟
_چيلينا.
أجابتها الجنية فقالت لها:
_اسمك لطيف، لقد أحببته فليبقى كما هو.
_اتفقنا.
قالتها هيلين التي أعجبها الاسم أيضاً.
عانقت هيلين أختها مرة أخرى وقالت لها:
_تصبحين على خير يا أوچيني.
_تصبحين على خير يا أختي.
صنعت هيلين بأناملها نصف قلب لتكمل أوچين بأناملها النصف الآخر وألصقتاهما في بعضهما، ومن ثم بدأ چيلينا تدور حول نفسها داخل القلب الذي صنعته الأختين.
خرجت هيلين من الغرفة وتبعتها چيلينا ذهبتا إلى غرفتهما وأطفأتا الأنوار وخلدا في النوم، كذلك فعلت أوچين ولكنها لم تستطع النوم فقد كان الحزن يسيطر على مشاعرها وتفكيرها، وكأن في عقلها فوضى وجدالات لا تنتهي.
أشرقت الشمس وبدأت أشعتها تزداد حدة، خرج كل من كارل ورئيس الخدم متنكرين في أزياء المدينة الرسمية، بدأ كل منهما ينشر خبر موت أوچين أمام بعض النساء الثرثارات النمامات.
وكان هذا بالفعل ما يجدي نفعاً، فكان المشهد يسير بهذا الترتيب، أولاً يسيران معاً بجانب حشد من النساء يبدأ أحدهم في الحديث مع الآخر ويدور الحوار كالتالي:
_هل علمت بخبر وفاة ابنة الحاكم
فيرد عليه الثاني ويقول:
_لا، هل تمزح متى حدث هذا؟
_ليلة أمس، لقد توفيت يوم ميلادها يبدو أن حادثاً سيء قد حدث.
_كيف علمت بهذا الخبر؟
_هل تمزح يا صاح! جميع المدينة تتحدث عنه.
في ذلك الحين يكونان قد ابتعدا قليلاً عن النساء الذين يبدأن بالتهامس معاً، وكل منهم تنشر الخبر مع معارفها من أصدقاء أو أقارب.
وبهذا الشكل تصبح المدينة بأكملها تتهامس بهذا الخبر ومن يعرف يُعلِم من لم يعرف.
أمر الحاكم بعض الحراس بإعلام المدينة بأكملها بأنه ينوي الخروج للتحدث مع الشعب في السادسة مساءً وبدأ كل منهم بالفعل بنشر الخبر بين السكان.
مر الوقت وبدأت الشمس في الغروب واقتربت السادسة، بدأ جميع سكان القصر يتجهزون، فارتدى الجميع ثياب سوداء.
مع حلول السادسة خرجوا جميعاً إلى الشرفة وعلى رأسهم الحاكم، وبالطبع كانت أوچين في غرفتها متخفية.
فور خروجهم جميعاً وجدوا الشعب بأكمله متجمعاً أمام القصر، جميعهم يرتدون ثياباً سوداء حداداً على الأميرة، وجميعهم يمسكون في أيديهم شعلاً من النار كي يضيء عتمة الليل.
كانت أوچين تقف خلف ستار غرفتها تشاهد عامة الشعب، بدأت تضحك على حالهم وحالها، يقفون جميعهم بثياب سوداء حداداً على شخص حي يرزق.
بدأ الحاكم يتحدث بمكبر صوت من الشرفة، كان الأسى يبدو على قسمات وجهه فقال:
_خرجت إشاعات عن موت ابنتي، أوچين.
صمت لوهلة ثم تابع:
_للأسف هي ليست شائعات، لا أعرف من سربها من القصر ولكنني لم أكن أنوي أن أفصح عن شيء الآن.
بدأ يتأمل الواقفين في الأسفل وقال بعدها:
_كانت أوچين مريضة منذ أيام، لحقت فلذة كبدي بوالدتها، يبدو أنها كانت تشتاقها كثيراً.
تابع بصوت ساده الحزن:
_أرجو منكم الدعاء لها؛ فقد فقدت حياتها مبكراً لم تستطع عيشها بشكل طبيعي.
بدأ عامة الشعب ينادون باسمها بصوت واحد متمنيين لها الرقود بسلام.
دخل الحاكم إلى القصر مجدداً ودخل بعده أفراد أسرته تباعاً، أغلقوا النوافذ والشرف جميعها ليبدأ الشعب في التحرك وكلٌ عاد إلى مسكنه.
انتشر الخبر في مدن ألورا وبدأ الحاكم يتلقى من حكام بقية المدن رسائل التعزية وما شابه، ولكنه كان كلما وصلته رسالة قطعها دون أن يقرأها وكان يجعل مستشاره يكتب بدلاً منه رداً على الرسالة.
استفاقت هيلين من الذكرى التي كانت تراها وترويها وقالت لرون:
_وهذا كل شيء.
كان رون متعجباً مما سمعه، لقد قتلوا الفتاة وهي حية، قتلوا طفولتها وحياتها وزجوها في القصر لسنوات لم تخرج منه، كيف تحملت أن تعيش بهذا الشكل!
_وهل أختك في القصر منذ ذلك الحين؟
_لا، بل هي تخرج بين الفينة والأخرى ولكن في السر والخفاء.
_كيف قبلت بوضع كهذا؟
_لم يكن بيدها خيار آخر، كما أنها لا تحبذ الخروج من المنزل كثيراً.
_ولكنها جريمة، كيف تسكتون عنها!
كان الجميع مصدوم وخائف حتى أوچين بدأت الدموع تتجمع في عيونها، لقد كانت تثق به فهو بطبيعة الحال والدها، ولكن جملته الأخيرة كانت كالقنبلة تاني انفجرت في المكان.
لاحظ الحاكم أن التعبير قد خانه فبرر قائلاً:
_سنذيع خبر وفاتك في أنحاء المملكة يا أوچين، وستبقين في القصر تعيشين حياة كريمة في السر.
_ولكن يا أبي!
قالتها هيلين فقاطعها الحاكم قائلاً:
_أتودين أن تلحق أختك بوالدتك؟
هزت رأسها نفياً بسرعة فقال:
_إذاً لن يتدخل أحد منكم في قراراتي فأنا الأدرى بمصلحتكم هنا.
همست هيلين بحزن:
_هل ستبقى أوچين في المنزل حتى الممات!
عانقتها عمتها وربتت على كتفها أثناء قولها:
_والدك يعرف الخير لكم، وهو لن يؤذيكم أبداً.
أعطتها هيلين إيماءة موافقة وبدأت تمسح دموعها، في نفس اللحظة قال الحاكم:
_لن يعرف أحد عما حدث اليوم؛ أي أن ما حدث داخل تلك الغرفة لن يخرج منها حتى الممات، وسيشاع خبر عن وفاة ابنتي وسنؤكده.
نظر لأخته وقال:
_استدعي لي كلاً من كارل ورئيس الخدم.
_حسناً.
قالتها بتوتر من غضبه فوق توترها مما حدث فخرجت الكلمة من فمها بتلعثم، خرجت واستدعتهم ليُفاجأ كلٌ منهما بحال المكان وبالدماء على الأرض ومن ثم الجنية المدهوسة.
نظر إليهما الحاكم وتأكد أنهما فطنا كل شيء فوجه حديثه لهما وقال:
_أولاً لن يعرف أحد ما حدث.
_أمرك يا مولاي.
قالها الاثنان معاً وكليهما كانا ينظران للأرض وكفي كل منهما متشابك في بعضه وقد وضعاهما خلف ظهرهما فتابع الحاكم آمراً:
_تنكروا واخرجوا من القصر لساعات وأشيعوا موت أوچين، أريد أن يجوب الخبر في أرجاء المكان، استهدفا النساء الثرثارات.
_أمرك يا سيدي.
_ومن ثم سأخرج أنا لتأكيد الخبر، عليكما أنتما أن توفرا جميع سبل الراحة لابنتي تعويضاً لها عن عدم خروجها من القصر.
_بالطبع سيدي، سنفعل ما يجعل سمو الأميرة هانئة وسعيدة.
_عليكما أيضاً بطرد جميع الخدم والعاملين في القصر وترك الأوفياء الذي نثق بهم فقط.
_كما تريد يا سيدي.
نظر الحاكم إلى الجميع واحداً تلو الآخر وقال بصوت عالي:
_فليعد الجميع إلى غرفته، لا أريد أن أرى أحداً هنا.
وجه نظره إلى الجنية وقال لرئيس الخدم:
_وأنت، أحضر أحداً كتوماً وفياً لينظف هذا المكان.
_بالطبع مولاي.
خرج الحاكم أولاً وتبعته أوچين التي نهضت على الفور وخرجت ركضاً من الغرفة متجهة لغرفتها، خرج بعدها الجميع تباعاً وكل ذهب إلى غرفته.
عدا كارل ورئيس الخدم، جمعوا جميع الخدم والحراس وأخبروهم بأن هنالك مشاكل قد حدثت وسيضطروا لجعل البعض يتركون العمل وأن هذا الأمر سيتم بشكل عشوائي تماماً.
ساد الحزن الغرفة التي كانوا متجمعين بها، منهم من كان خائف من أن يتشرد، ومنهم من كان يحمل على ظهره هم عائلته وإطعامهم ومنهم من كان خائف من أن يفارق المقربون منه في القصر.
وعدهم رئيس الخدم بإعطاء من سيرحل مبلغ مالي إلى أن يدبر أحواله ويبدأ في العمل لإشباع فمه وأفواه عائلته.
كان الجميع يظن أن الاختيار عشوائي كما قالوا لهم ولكن في الحقيقة كان رئيس الخدم قد صنع في عقله قائمة بها اسماء الخدم والحراس الغير موثوقين.
ودع المطرودون من عملهم البقية وخرجوا من القصر، ولكن اجتماع بقية الخدم لم ينتهي، فقد بدأ كارل يروي لهم ما حدث مع أوچين.
أقسموا جميعاً على أن يحملوا هذا السر إلى الممات، رغم أنهم جميعاً كانوا مصدومين، وهنا عرفوا السبب الحقيقي لطرد البقية.
اتجهت هيلين نحو غرفة أوچين، طرقت الباب عدة مرات ولكن لا مجيب، كانت تعرف أنها بالداخل وأنها تبكي لذلك لم تكن تود أن تجيب.
فتحت هيلين الباب عنوة ونظرت بعد أن أدخلت رأسها لتجد أختها التي مسحت دموعها فور أن سمعت صوت الباب تجلس على السرير، فقالت لها:
_هل تسمحين لي بالدخول؟
لقد دخلتِ في الأساس.
دخلت هيلين بجسدها كاملاً ثم قالت:
_بهذا الشكل أكون قد دخلت يا أختي العزيزة.
اقتربت منها وجلست معها على السرير، اقتربت منها ومسحت دموعها وعانقتها وقالت:
_لا تحزني يا عزيزتي فأبي يفعل ما في صالحنا.
_تعلمين جيداً يا هيلين أن منع أبي لي من الخروج لم ولن يضايقني، فأنا في الأساس لا أخرج من القصر كثيراً ولا أحبذ الخروج منه في الأساس.
_إذاً ماذا بك؟
_أشعر بالنقص، ليس لدي واحدة مثلك ومثل الجميع، يبدو أنني لست مؤهلة كفاية للحصول على واحدة، كما أن ما مررت به يؤلمني، أشعر بثقل في روحي.
_صدقيني أنت مميزة، كما أنني أعدك أنت خاصتي ستصبح لنا معاً.
وافقتها جنيتها التي قفزت من على كتفها واقتربت من أوچين وقبلتها من وجنتها، لمست أوچين وجنتها وابتسمت بعد أن شعرت بحب الجنية لها.
_ولكي أثبت لكِ هذا، سأجعلك أنت تختارين اسمها.
قالتها هيلين لتبتسم لها أوچين التي وجهت سؤالها إلى الجنية وقالت:
_ما اسمك الذي ولدتِ به؟
_چيلينا.
أجابتها الجنية فقالت لها:
_اسمك لطيف، لقد أحببته فليبقى كما هو.
_اتفقنا.
قالتها هيلين التي أعجبها الاسم أيضاً.
عانقت هيلين أختها مرة أخرى وقالت لها:
_تصبحين على خير يا أوچيني.
_تصبحين على خير يا أختي.
صنعت هيلين بأناملها نصف قلب لتكمل أوچين بأناملها النصف الآخر وألصقتاهما في بعضهما، ومن ثم بدأ چيلينا تدور حول نفسها داخل القلب الذي صنعته الأختين.
خرجت هيلين من الغرفة وتبعتها چيلينا ذهبتا إلى غرفتهما وأطفأتا الأنوار وخلدا في النوم، كذلك فعلت أوچين ولكنها لم تستطع النوم فقد كان الحزن يسيطر على مشاعرها وتفكيرها، وكأن في عقلها فوضى وجدالات لا تنتهي.
أشرقت الشمس وبدأت أشعتها تزداد حدة، خرج كل من كارل ورئيس الخدم متنكرين في أزياء المدينة الرسمية، بدأ كل منهما ينشر خبر موت أوچين أمام بعض النساء الثرثارات النمامات.
وكان هذا بالفعل ما يجدي نفعاً، فكان المشهد يسير بهذا الترتيب، أولاً يسيران معاً بجانب حشد من النساء يبدأ أحدهم في الحديث مع الآخر ويدور الحوار كالتالي:
_هل علمت بخبر وفاة ابنة الحاكم
فيرد عليه الثاني ويقول:
_لا، هل تمزح متى حدث هذا؟
_ليلة أمس، لقد توفيت يوم ميلادها يبدو أن حادثاً سيء قد حدث.
_كيف علمت بهذا الخبر؟
_هل تمزح يا صاح! جميع المدينة تتحدث عنه.
في ذلك الحين يكونان قد ابتعدا قليلاً عن النساء الذين يبدأن بالتهامس معاً، وكل منهم تنشر الخبر مع معارفها من أصدقاء أو أقارب.
وبهذا الشكل تصبح المدينة بأكملها تتهامس بهذا الخبر ومن يعرف يُعلِم من لم يعرف.
أمر الحاكم بعض الحراس بإعلام المدينة بأكملها بأنه ينوي الخروج للتحدث مع الشعب في السادسة مساءً وبدأ كل منهم بالفعل بنشر الخبر بين السكان.
مر الوقت وبدأت الشمس في الغروب واقتربت السادسة، بدأ جميع سكان القصر يتجهزون، فارتدى الجميع ثياب سوداء.
مع حلول السادسة خرجوا جميعاً إلى الشرفة وعلى رأسهم الحاكم، وبالطبع كانت أوچين في غرفتها متخفية.
فور خروجهم جميعاً وجدوا الشعب بأكمله متجمعاً أمام القصر، جميعهم يرتدون ثياباً سوداء حداداً على الأميرة، وجميعهم يمسكون في أيديهم شعلاً من النار كي يضيء عتمة الليل.
كانت أوچين تقف خلف ستار غرفتها تشاهد عامة الشعب، بدأت تضحك على حالهم وحالها، يقفون جميعهم بثياب سوداء حداداً على شخص حي يرزق.
بدأ الحاكم يتحدث بمكبر صوت من الشرفة، كان الأسى يبدو على قسمات وجهه فقال:
_خرجت إشاعات عن موت ابنتي، أوچين.
صمت لوهلة ثم تابع:
_للأسف هي ليست شائعات، لا أعرف من سربها من القصر ولكنني لم أكن أنوي أن أفصح عن شيء الآن.
بدأ يتأمل الواقفين في الأسفل وقال بعدها:
_كانت أوچين مريضة منذ أيام، لحقت فلذة كبدي بوالدتها، يبدو أنها كانت تشتاقها كثيراً.
تابع بصوت ساده الحزن:
_أرجو منكم الدعاء لها؛ فقد فقدت حياتها مبكراً لم تستطع عيشها بشكل طبيعي.
بدأ عامة الشعب ينادون باسمها بصوت واحد متمنيين لها الرقود بسلام.
دخل الحاكم إلى القصر مجدداً ودخل بعده أفراد أسرته تباعاً، أغلقوا النوافذ والشرف جميعها ليبدأ الشعب في التحرك وكلٌ عاد إلى مسكنه.
انتشر الخبر في مدن ألورا وبدأ الحاكم يتلقى من حكام بقية المدن رسائل التعزية وما شابه، ولكنه كان كلما وصلته رسالة قطعها دون أن يقرأها وكان يجعل مستشاره يكتب بدلاً منه رداً على الرسالة.
استفاقت هيلين من الذكرى التي كانت تراها وترويها وقالت لرون:
_وهذا كل شيء.
كان رون متعجباً مما سمعه، لقد قتلوا الفتاة وهي حية، قتلوا طفولتها وحياتها وزجوها في القصر لسنوات لم تخرج منه، كيف تحملت أن تعيش بهذا الشكل!
_وهل أختك في القصر منذ ذلك الحين؟
_لا، بل هي تخرج بين الفينة والأخرى ولكن في السر والخفاء.
_كيف قبلت بوضع كهذا؟
_لم يكن بيدها خيار آخر، كما أنها لا تحبذ الخروج من المنزل كثيراً.
_ولكنها جريمة، كيف تسكتون عنها!