١٨
نظرت له بقلق، أيعقل أن يُفصح عن شيء مما سمعه الآن، هي تثق به لكن ساورتها الشكوك، هل كان عليها إخفاء الأمر عنه كما فعل والدها وعائلتها كلها مع السكان كلهم؟
نظرت له نظرة جانبية وقالت:
_رون، لقد وعدتني بألا تتحدث عن الموضوع أمام أحد، إياك وأن تخلف وعدك.
_ولكن يا هيلين لا يمكنني أن أسكت عن الحق دون أن يؤنبني ضميري.
_رون، ستتصرف كما لو كنت لا تعلم، أوچين لا تمانع قرار أبي ولا أحد متضايق منه، لذلك لا تتدخل، قضي الأمر.
حرك رون رأسه بيأس وهو ينظر الى عيناها التى تحمل تلك النظرات الثابتة و الراجية بآن واحد مقرراً الوقوف عند وعده كالرجال، فحتى إن كان مناصراً للحق إلا أن كلمته سيف على رقبته.
سأل هو مجدداً:
_إذا أخبريني، لماذا كان والدك يقتل الشعب؟ ولماذا قلتِ أن الشعب كان سيثأر من والدك من أجل أطفالهم؟
_في الحقيقة يا رون، كنت أود أن أروي لك ولكنك لست في أحسن حال، ولا أثق بك في تلك اللحظة، لذلك سوف تعرف لاحقاً ولكن لا أشعر أنه الوقت المناسب لأخبرك بهذا الأمر.
_فهمت، إذا أخبريني ما هي الأعشاب التي كلفني الحاكم بجمعها؟
_هل تمزح! هل كلفك أبي بجمع الأعشاب؟
_نعم، ألم تكوني تعلمين هذا الأمر؟
_لا إشرح لي الأمر بالتفصيل.
_قال الحاكم أن ما فعله أهلي، والذي نعرف نحن الاثنين فقط أن هذا لم يحدث، جريمة، ويجب على أحد أن يعاقب، وكان العقاب المحدد إعدام.
شهقت هيلين وقالت:
_هل تمزح!
_لا حقا، هذا ما قاله، ولكنه بعدها قال أنه لا يجب علي تحمل مسؤولية ما فعلته عائلتي، لأنني لم أفعل شيئاً بل كنت طفلاً صغيراً لا يفقه شيئاً.
_هذا منطقي.
_ولكنه قال أنه سيكلفني مهمة جمع أعشاب إن لم أقم بها كما أراد سينفذ حكم الإعدام و إن قمت بها بالشكل الصحيح و نجحت بالمهمة سيجعلني من أتباعه.
سكت رون للحظات شرد فيها ثم قال:
_ترى ما الصعب في جمع هذه الأعشاب على أيه حال، لماذا وضع هذه المهمة بدلاً من قتلي؟
_ما لا تعرفه يا رون أن المهمة ليست بهذه السهولة التي تتصورها.
_كيف؟
كانت هيلين تحمل نظرات قلقة وقد بدأ معدل ضربات قلبها يصبح أسرع، أما عن رون فقد كان ينظر لها بتعجب منتظراً أن تشرح وتوضح له.
_أبي يظن أن تلك المهمة مستحيلة.
_هلا توضحين لي الأمر أكثر؟
_حسناً، انظر يا رون، أبي مريض منذ سنوات.
_أتمنى أن يصبح بخير.
_جميعنا نتمنى هذا ولكن للأسف شفاءه في هذه الأعشاب التي أمرك بإحضارها.
_فهمت.
_بدون الأعشاب هو لن يشفى، يستخدم حالياً الماء الشافي، هو يسكن ألمه ويخفف من حدته، ولكن ضرره أكبر من فائدته.
_حقاً!
_نعم، فعلى الرغم من أنه يُعتبر مسكن؛ إلا أن كثرة استخدامه يقلل من مفعوله في كل مرة ويضطر أبي لشرب المزيد منه، كما أن كثرة استخدامه يقلل من عمر أبي.
_ماذا! هل هذا حقيقي؟
_للأسف نعم، والدي ووالدتي أقارب، وكليهما كان لديهما نفس المرض ولكنه كان أقوى عند أمي التي لم نستطع إنقاذها بسبب عدم استطاعتنا على حصولنا للأعشاب، وكثرة شرب الماء الشافي.
_أنا آسف على تذكيرك بهذا الأمر، فلترقد والدتك بسلام، أعدك سأحاول إنقاذ والدك.
_آمل أن تستطيع فعلها.
كان يبدو على ملامحها إنعدام الأمل،و كيف لا و تعتبر هذه المهمة من المستحيلات، لاحظ رون هذا ولكنه قرر عدم الاهتمام، اتخذ المهمة كتحدي، سيفعل المستحيل من أجل صديقته، سيفعلها كي لا تمر بنفس ما مرت به من قبل، كي لا تشعر بالفقد مجدداً.
_أخبريني، لماذا يرى الحاكم هذا مستحيلاً؟
_لأنه حاول إرسال العديد من الحراس من قبل فمنهم من لم يعد ومنهم من عاد جثة هامدة، والنوع الاخير عاد دون إنجازات تذكر.
بدأ رون يشعر بالضيق، أدرك أنها بالفعل مهمة ليست بالعادية بالتأكيد سيفشل طالما فشل كل من حاول فقال بنبرة يائسة:
_أهذا الأمر صعب لتلك الدرجة!
تجاهلت هيلين السؤال وقالت فى محاولة رفع معنوياته:
_لا تقلق يا رون، إن أبي يثق بك كثيراً وبقدراتك، فقد فعلت ما لم يقدر الكثير على فعله.
كانت نظراته لها قلقة، كانت تبدو وكأنه يسألها عن رأيها، هل سيقدر فعلاً على ذلك؟ وهل هو بهذه القوة والشجاعة.
طمأنته بنظراتها ثم قالت بإبتسامة هادئة:
_لمعلوماتك يا رون، أنا أيضاً أثق بك، ستستطيع فعلها.
بادلها الإبتسامة وقال:
_أشكرك،و أعدك أنني سأحاول قدر إستطاعتي.
طرق الباب فأدركا أنه بالتأكيد كارل، نهضت هيلين التي ودعت رون ولكنه أوقفها قائلا:
_هيلين.
_ماذا؟
قالتها بعد أن التفتت له فقال:
_هلا تسدين إلى خدمة؟
_قل ما تريد وسأفعل ما شئت بلا شك إن كان بمقدرتي.
_هلا تُحضرين أوچين في المرة القادمة؟
قالها بهمس فقالت هي بصوت عالي:
_ماذا تقول!
_هل تودين فضح أمرنا سيسمعنا كارل.
_رون هذا صعب للغاية، كيف سأفعلها وحدي!
_حاولي من أجلي، لقد أخبرتني أنها تخرج في السر بين الفينة والأخرى
نظرت له بتردد ثم قالت:
_سأحاول، أعدك.
_اتفقنا.
قالها رون، فتحت هيلين الباب فوجدت كارل أمامها، قالت له بحماس متناسية الذكرى التي مرت على بالها وهي ترويها لرون:
_هيا بنا؟
_هيا بنا.
أشارا لرون بيديهما ثم سارا معاً في اتجاه الخروج من الغابة.
أثناء عودة كارل وهيلين إلى القصر، كانت هيلين شاردة في الطريق، ولكن كارل لاحظ أنها باتت أفضل حالاً من ذي قبل، ملامحها كانت مرتخية و تبتسم من بين كل لحظة و الاخرى ليبتسم بتلقائية وهو يشاهدها تسير ولم تلحظ هي ذلك.
سارا حتى وصلا إلى القصر، اتجهت هيلين مباشرة إلى غرفة شقيقتها أوچين وكارل توجه إلى غرفته ليرتاح حتى موعد الغداء.
طرقت هيلين باب غرفة أوچين ثلاث طرقات سريعة فقالت أوچين بهدوء:
_تعالي يا هيلين.
لطالما ميزت طريقة طرق أختها للباب، فور أن أذنت أوچين لأختها بالدخول دخلت ركضاً وجلست على السرير، أغلقت أوچين الكتاب الذي كانت تقرأ منه فأصدر صوتاً مع إغلاقه.
_ماذا حدث؟
_لقد أخبرت رون بكل شيء.
قالتها هيلين بعد أن بدأت تعبث بأناملها وتنظر لهم وهي تعض على شفتيها، رفعت طرف عينيها لثوان معدودة وأنزلتها على الفور بعد أن رأت نظرات الصدمة تعتلي قسمات وجه توأمها.
خرجت أوچين عن هدوئها وقالت بنبرة حادة:
_ماذا!
باتت هيلين تنظر يميناً ويساراً متجنبة النظر إلى توأمها، أمسكت أوچين وجه هيلين وثبتته وثبتت أنظارها عليها ثم تابعت:
_هل تمزحين يا هيلين؟ ماذا أخبرته؟
_كل شيء، عدا القليل.
_كيف؟
_اعتبريه يعرف كل شيء.
_أي أنه يعرف عني؟
_نعم، لقد رآك في القصر يوم مقابلته مع أبي.
_تمزحين، لم أكن مدركة لذلك.
_على كل حال كان هذا سبب إفصاحي له عن كل ما أعلم.
_فهمت، كيف كان رد فعله؟
_تجاهلي هذا الآن؛ فهنالك شيء أهم.
_أهم من هذا؟
حركت هيلين رأسها بإيماءة ثم قالت بتوتر:
_رون يود أن يقابلك.
_ماذا؟ كيف؟ ومتى؟ وأين؟
_اهدأي قليلاً، لا شيء يدعو للتوتر بهذا الشكل.
_حسناً، إذا سأوجه ما سألت سؤالاً تلو الآخر.
_حسناً.
_إذاً أخبريني، متى؟
_الغد.
قالتها وبدأت تجعل سبابتيها يتلامسان ويبتعدان بحركة لطيفة، كانت أوچين تنظر لها بحاجبين مرفوعين وثغر مفتوح من الدهشة، تابعت أوچين التي باتت تمتص صدمة تلو الأخرى:
_حسناً، كيف سأخرج؟
_حتى الآن لا أعلم، سنفكر معاً.
_وأين سنتقابل؟
_في كوخ أمي.
_ماذا!
قالتها أوچين بصدمة، بدأت الذكريات تعود لعقلها وبالتالي بدأت دموعها الدافئة تسقط من مقلتيها لوجنتيها، وهذا ما حدث أيضاً لتوأمها.
فقد أحيت هيلين ذكرى مؤثرة في قلوبهما، بدأت كل منهما تتذكر ذكرياتها مع والدتهما قبل وفاتها، تذكرتا اللعب والعلم والركض والضحك بنقاء من أعماق قلوبهم.
بدأت صورة والدتهما الجميلة تتكون في عقلهما، اعتادت والدتهما أن تأخذهما إلى الغابة في اليوم السابع من كل اسبوع، وتحديداً إلى هذا الكوخ الذي طلبته من زوجها فبناه لها على الفور.
استفاقتا من الذكريات عندما طُرق الباب وظهر صوت أحد الخدم يقول:
_آنساتي طعام الغداء جاهز، ننتظركما على المائدة.
_سنأتي على الفور.
قالتها أوچين ونهضت من السرير وسحبت هيلين، ذهبتا وغسلتا وجهيهما بالماء وحاولتا تهدئة أنفسهما، و قد أستطاعا الرجوع لحالتهم الطبيعية.
خرجتا معاً من الغرفة وقالت:
_سوف نكمل حديثنا في غرفتي بعد طعام الغداء.
_اتفقنا.
و توجهن نحو غرفة الطعام بخطوات هادئة رزينة تتعاكس مع ما يجول داخل خواطرهن من عواصف.
نظرت له نظرة جانبية وقالت:
_رون، لقد وعدتني بألا تتحدث عن الموضوع أمام أحد، إياك وأن تخلف وعدك.
_ولكن يا هيلين لا يمكنني أن أسكت عن الحق دون أن يؤنبني ضميري.
_رون، ستتصرف كما لو كنت لا تعلم، أوچين لا تمانع قرار أبي ولا أحد متضايق منه، لذلك لا تتدخل، قضي الأمر.
حرك رون رأسه بيأس وهو ينظر الى عيناها التى تحمل تلك النظرات الثابتة و الراجية بآن واحد مقرراً الوقوف عند وعده كالرجال، فحتى إن كان مناصراً للحق إلا أن كلمته سيف على رقبته.
سأل هو مجدداً:
_إذا أخبريني، لماذا كان والدك يقتل الشعب؟ ولماذا قلتِ أن الشعب كان سيثأر من والدك من أجل أطفالهم؟
_في الحقيقة يا رون، كنت أود أن أروي لك ولكنك لست في أحسن حال، ولا أثق بك في تلك اللحظة، لذلك سوف تعرف لاحقاً ولكن لا أشعر أنه الوقت المناسب لأخبرك بهذا الأمر.
_فهمت، إذا أخبريني ما هي الأعشاب التي كلفني الحاكم بجمعها؟
_هل تمزح! هل كلفك أبي بجمع الأعشاب؟
_نعم، ألم تكوني تعلمين هذا الأمر؟
_لا إشرح لي الأمر بالتفصيل.
_قال الحاكم أن ما فعله أهلي، والذي نعرف نحن الاثنين فقط أن هذا لم يحدث، جريمة، ويجب على أحد أن يعاقب، وكان العقاب المحدد إعدام.
شهقت هيلين وقالت:
_هل تمزح!
_لا حقا، هذا ما قاله، ولكنه بعدها قال أنه لا يجب علي تحمل مسؤولية ما فعلته عائلتي، لأنني لم أفعل شيئاً بل كنت طفلاً صغيراً لا يفقه شيئاً.
_هذا منطقي.
_ولكنه قال أنه سيكلفني مهمة جمع أعشاب إن لم أقم بها كما أراد سينفذ حكم الإعدام و إن قمت بها بالشكل الصحيح و نجحت بالمهمة سيجعلني من أتباعه.
سكت رون للحظات شرد فيها ثم قال:
_ترى ما الصعب في جمع هذه الأعشاب على أيه حال، لماذا وضع هذه المهمة بدلاً من قتلي؟
_ما لا تعرفه يا رون أن المهمة ليست بهذه السهولة التي تتصورها.
_كيف؟
كانت هيلين تحمل نظرات قلقة وقد بدأ معدل ضربات قلبها يصبح أسرع، أما عن رون فقد كان ينظر لها بتعجب منتظراً أن تشرح وتوضح له.
_أبي يظن أن تلك المهمة مستحيلة.
_هلا توضحين لي الأمر أكثر؟
_حسناً، انظر يا رون، أبي مريض منذ سنوات.
_أتمنى أن يصبح بخير.
_جميعنا نتمنى هذا ولكن للأسف شفاءه في هذه الأعشاب التي أمرك بإحضارها.
_فهمت.
_بدون الأعشاب هو لن يشفى، يستخدم حالياً الماء الشافي، هو يسكن ألمه ويخفف من حدته، ولكن ضرره أكبر من فائدته.
_حقاً!
_نعم، فعلى الرغم من أنه يُعتبر مسكن؛ إلا أن كثرة استخدامه يقلل من مفعوله في كل مرة ويضطر أبي لشرب المزيد منه، كما أن كثرة استخدامه يقلل من عمر أبي.
_ماذا! هل هذا حقيقي؟
_للأسف نعم، والدي ووالدتي أقارب، وكليهما كان لديهما نفس المرض ولكنه كان أقوى عند أمي التي لم نستطع إنقاذها بسبب عدم استطاعتنا على حصولنا للأعشاب، وكثرة شرب الماء الشافي.
_أنا آسف على تذكيرك بهذا الأمر، فلترقد والدتك بسلام، أعدك سأحاول إنقاذ والدك.
_آمل أن تستطيع فعلها.
كان يبدو على ملامحها إنعدام الأمل،و كيف لا و تعتبر هذه المهمة من المستحيلات، لاحظ رون هذا ولكنه قرر عدم الاهتمام، اتخذ المهمة كتحدي، سيفعل المستحيل من أجل صديقته، سيفعلها كي لا تمر بنفس ما مرت به من قبل، كي لا تشعر بالفقد مجدداً.
_أخبريني، لماذا يرى الحاكم هذا مستحيلاً؟
_لأنه حاول إرسال العديد من الحراس من قبل فمنهم من لم يعد ومنهم من عاد جثة هامدة، والنوع الاخير عاد دون إنجازات تذكر.
بدأ رون يشعر بالضيق، أدرك أنها بالفعل مهمة ليست بالعادية بالتأكيد سيفشل طالما فشل كل من حاول فقال بنبرة يائسة:
_أهذا الأمر صعب لتلك الدرجة!
تجاهلت هيلين السؤال وقالت فى محاولة رفع معنوياته:
_لا تقلق يا رون، إن أبي يثق بك كثيراً وبقدراتك، فقد فعلت ما لم يقدر الكثير على فعله.
كانت نظراته لها قلقة، كانت تبدو وكأنه يسألها عن رأيها، هل سيقدر فعلاً على ذلك؟ وهل هو بهذه القوة والشجاعة.
طمأنته بنظراتها ثم قالت بإبتسامة هادئة:
_لمعلوماتك يا رون، أنا أيضاً أثق بك، ستستطيع فعلها.
بادلها الإبتسامة وقال:
_أشكرك،و أعدك أنني سأحاول قدر إستطاعتي.
طرق الباب فأدركا أنه بالتأكيد كارل، نهضت هيلين التي ودعت رون ولكنه أوقفها قائلا:
_هيلين.
_ماذا؟
قالتها بعد أن التفتت له فقال:
_هلا تسدين إلى خدمة؟
_قل ما تريد وسأفعل ما شئت بلا شك إن كان بمقدرتي.
_هلا تُحضرين أوچين في المرة القادمة؟
قالها بهمس فقالت هي بصوت عالي:
_ماذا تقول!
_هل تودين فضح أمرنا سيسمعنا كارل.
_رون هذا صعب للغاية، كيف سأفعلها وحدي!
_حاولي من أجلي، لقد أخبرتني أنها تخرج في السر بين الفينة والأخرى
نظرت له بتردد ثم قالت:
_سأحاول، أعدك.
_اتفقنا.
قالها رون، فتحت هيلين الباب فوجدت كارل أمامها، قالت له بحماس متناسية الذكرى التي مرت على بالها وهي ترويها لرون:
_هيا بنا؟
_هيا بنا.
أشارا لرون بيديهما ثم سارا معاً في اتجاه الخروج من الغابة.
أثناء عودة كارل وهيلين إلى القصر، كانت هيلين شاردة في الطريق، ولكن كارل لاحظ أنها باتت أفضل حالاً من ذي قبل، ملامحها كانت مرتخية و تبتسم من بين كل لحظة و الاخرى ليبتسم بتلقائية وهو يشاهدها تسير ولم تلحظ هي ذلك.
سارا حتى وصلا إلى القصر، اتجهت هيلين مباشرة إلى غرفة شقيقتها أوچين وكارل توجه إلى غرفته ليرتاح حتى موعد الغداء.
طرقت هيلين باب غرفة أوچين ثلاث طرقات سريعة فقالت أوچين بهدوء:
_تعالي يا هيلين.
لطالما ميزت طريقة طرق أختها للباب، فور أن أذنت أوچين لأختها بالدخول دخلت ركضاً وجلست على السرير، أغلقت أوچين الكتاب الذي كانت تقرأ منه فأصدر صوتاً مع إغلاقه.
_ماذا حدث؟
_لقد أخبرت رون بكل شيء.
قالتها هيلين بعد أن بدأت تعبث بأناملها وتنظر لهم وهي تعض على شفتيها، رفعت طرف عينيها لثوان معدودة وأنزلتها على الفور بعد أن رأت نظرات الصدمة تعتلي قسمات وجه توأمها.
خرجت أوچين عن هدوئها وقالت بنبرة حادة:
_ماذا!
باتت هيلين تنظر يميناً ويساراً متجنبة النظر إلى توأمها، أمسكت أوچين وجه هيلين وثبتته وثبتت أنظارها عليها ثم تابعت:
_هل تمزحين يا هيلين؟ ماذا أخبرته؟
_كل شيء، عدا القليل.
_كيف؟
_اعتبريه يعرف كل شيء.
_أي أنه يعرف عني؟
_نعم، لقد رآك في القصر يوم مقابلته مع أبي.
_تمزحين، لم أكن مدركة لذلك.
_على كل حال كان هذا سبب إفصاحي له عن كل ما أعلم.
_فهمت، كيف كان رد فعله؟
_تجاهلي هذا الآن؛ فهنالك شيء أهم.
_أهم من هذا؟
حركت هيلين رأسها بإيماءة ثم قالت بتوتر:
_رون يود أن يقابلك.
_ماذا؟ كيف؟ ومتى؟ وأين؟
_اهدأي قليلاً، لا شيء يدعو للتوتر بهذا الشكل.
_حسناً، إذا سأوجه ما سألت سؤالاً تلو الآخر.
_حسناً.
_إذاً أخبريني، متى؟
_الغد.
قالتها وبدأت تجعل سبابتيها يتلامسان ويبتعدان بحركة لطيفة، كانت أوچين تنظر لها بحاجبين مرفوعين وثغر مفتوح من الدهشة، تابعت أوچين التي باتت تمتص صدمة تلو الأخرى:
_حسناً، كيف سأخرج؟
_حتى الآن لا أعلم، سنفكر معاً.
_وأين سنتقابل؟
_في كوخ أمي.
_ماذا!
قالتها أوچين بصدمة، بدأت الذكريات تعود لعقلها وبالتالي بدأت دموعها الدافئة تسقط من مقلتيها لوجنتيها، وهذا ما حدث أيضاً لتوأمها.
فقد أحيت هيلين ذكرى مؤثرة في قلوبهما، بدأت كل منهما تتذكر ذكرياتها مع والدتهما قبل وفاتها، تذكرتا اللعب والعلم والركض والضحك بنقاء من أعماق قلوبهم.
بدأت صورة والدتهما الجميلة تتكون في عقلهما، اعتادت والدتهما أن تأخذهما إلى الغابة في اليوم السابع من كل اسبوع، وتحديداً إلى هذا الكوخ الذي طلبته من زوجها فبناه لها على الفور.
استفاقتا من الذكريات عندما طُرق الباب وظهر صوت أحد الخدم يقول:
_آنساتي طعام الغداء جاهز، ننتظركما على المائدة.
_سنأتي على الفور.
قالتها أوچين ونهضت من السرير وسحبت هيلين، ذهبتا وغسلتا وجهيهما بالماء وحاولتا تهدئة أنفسهما، و قد أستطاعا الرجوع لحالتهم الطبيعية.
خرجتا معاً من الغرفة وقالت:
_سوف نكمل حديثنا في غرفتي بعد طعام الغداء.
_اتفقنا.
و توجهن نحو غرفة الطعام بخطوات هادئة رزينة تتعاكس مع ما يجول داخل خواطرهن من عواصف.