عشرون
صوت أنينها المتألم سمعه حتى الأموات في قبورهم، لقد كانت تشعر بألم فظيع جدا، والحل الوحيد لتخفف من ذلك الألم القاتل ،وهو الصرخ بكل قوتها.
لا تعرف ما الذي فعله ذلك اللعين اريوس عندما رفع إصبعه سبابة وأشار نحوها، في البداية لم تشعر بشيء ولكن فجأة أحست بحرارة والألم كالموجة تجتاح جسدها، لتشعر بعدها بألم قوي يفتك بحسدها،في تلك لحضة ادركت أنه فعل شيئا ما بها.
ربما قد ألقى عليها تعويذة، أو أنه طوق جسدها بهالة الألم، فمن المعروف أن سيد الوحوش كان يمتلك قوة يستطيع من خلالها التحكم بالذي أمامه بفرقعة إصبعه ، ولكن الحقيقة أنها هي التي تجاوزت حدها معه، واهانته وجعلته يغضب بشدة، مما جعله يتحول إلى وحش بكل ما للكلمة من معنى.
لقد حاول الإقتراب منها وتقبيلها، ولكنها صدته بقوة وصفعته على وجهه.
لقد بدا شكله مخيف جدا عكس شكله الوسيم المعروف به، ذلك أخافها حد الجحيم ،ولكنها رغم الألم الذي تشعر به يعصر كل خلية من جسدها، إلا أنها تشجعت لبعض الوقت وحاولت أن تتظاهر بالقوة قبل أن ترفع رأسها وتنظر إليه ببرود وهي تقول:
" أنك فعلا وحش بلا قلب كما يطلقون عليك، شكلك هذا مزعج ومضر للعين في نفس الوقت".
كانت تريد أن تكمل كلامها، ولكن عندما رأت شرارة الغضب تلتهب ذاخل عينيه الخضراوتين لتتحول إلى أخرى داكنة ممزوجة باللون القرمزي الدموي الأحمر ترددت.
كان يتنفس بالأضطراب وهو يضيق عينيه تلك بتهديد، ووعيد واضحا وضوح الشمس ، كل خلية في جسده كانت مستنفرة حتى أطراف جسده كانت مشدودة للغاية،تراجعت عن قول حرف واحد ،خافت على نفسها وأن يعود لإغتصابها مرة أخرى، لذلك إلتزمت الصمت ولكن عندما وجدته ينظر بتلك الطريقة المرعبة نحوها ،علمت أنه يخطط لشيء فضيع وقد أكد كلامها عندما تحدث وهو يضيق عينيه، ويبتسم إبتسامة شيطانية:
" حقا لم أكون أعرف أنني بشع الى هذه الدرجة، لكن لا تقلقي سوف أقوم بما هو أكثر من إزعاجك بمظهري هذا أيتها الصغيرة".
في هذه اللحظة ادركت سيليا أن نهايتها سوف تكون على يد هذا اللعين، حاولت أن تهرب منه وتعود إلى الخلف عدة خطوات، رغم الألم الذي يفتك بها،ولكنه كان أسرع منها بحيث رفع إصبعه سبابة وفرقعه مجددا ،ومنذ تلك لحضة وهي تواجه ذلك الألم الفضيع الذي فتك بها وانهك جسدها إلى أن فقدت الوعي.
عندما إستيقظت في المرة التالية كانت بنفس الغرفة التي كانت بها في المرة الأولى التي قابلت فيها كايوس وتلك الساحرة العجوز، يبدو أن هذه الغرفة سوف تكون سجنها لوقت طويل جدا، تنهدت بتعب كبير وهي تمط جسدها فوق ذالك السرير المخملي الابيض.
نظرت إلى نفسها بحيرة كانت ملابسها قد تغيرت إلى ملابس أخرى أكثر راحة من المرة السابقة، ولكنها عقدت حواجبها بتسائل عندما لحظت أنها أصبحت عبارة عن سروال فضفاض وقميص أبيض مزرر يعود للرجال.
تجاهلت الأمر برمته، وتطلعت إلى الغرفة من حولها لتجد أن لا أحد كان معها هذه المرة،فمنذ وجودها في هذا القصر والوصيفات لسيقات بها ولا يتركنها أبدا.
وقفت لتتمشى في ذالك الجناح الملكي الضخم، نظرت أمامها إلى الطاولة التي كانت متروكة أمامها هناك،كان عليها صينية مليئة بأصناف الأكل والشراب،كان كل شيء يبدوا شهيا للغاية، حقيقة الأمر أنها فعلا جائعة وتكاد تموت عطشا، ولكن فلتلعنها السماء السابعة
إن قبلت طعام أو شفقة ذلك مجرم الذي إغتصبها وانتهك حرمة جسدها، الذي كانت تدافع عنه بكل قوة وإستماتة وهي في قصر والدها.
عندما تذكر ضعفها وخضوعها أمامه، دفعت ذلك الأكل الذي كان أمامها ليسقط على الأرض، ولم يشفى غليلها بذلك فقط ، بل أنها اتجهت ناحية تلك الصينية واخذتها لترمي بها بعيدا نحو نافذة الزجاجية الضخمة المطلة على المحيط إلى ان تحطمت إلى أجزاء .
وبدون تفكير ركضت نحو الحطام وامسكت باحد القطع الزجاجية المنكسرة،لترفعها وتنظر اليها بعزم ودون تردد كانت تضعها على معصمها ، ومرة واحدة تجرها لتقطع شرايين يدها.
إن كان يعتقد أنها سوف ترضى بإغتصابها مرة أخرى في قصره، وترضى الذل الذي أجبرها على أن تعيشه فهو حقا يحلم.
لقد كانت في البداية تعيش في قصر والدها، رغم ذلك الألم والحزن الذي عاشته، ولم تخضع أبدا، فقط لأنها كانت طاهرة كما كانت تعتقد، ولكن عندما جاء هذا لعين لوثها بدون وجه حق ،كيف سوف تدافع عن نفسها؟! ماذا ستخبر زوجها في المستقبل؟!!.
إن الموت أفضل لها من أي شيء، تذكرت في هذه اللحظة والدها لا شك في أنه سوف يكون سعيدا عندما يعلم بموتها.
بدأت الدماء تجري بسرعة لتتدفق من شريانيها المقطوع ،شعرت بالوهن والدوار يداهم رأسها لتسقط على الأرض، وهي تنظر إلى السماء المزينة بالنجوم من خلال تلك النافذة الزجاجية المحطمة التي كانت بجوارها.
كانت تبتسم بهدوء وهي تنتظر الموت مرحبتا به، كما لم أنها تفعل ذلك من قبل، ربما هذه المرة الموت سوف يأخذها وتذهب بعيدا إلى حيث والدتها، وتسألها لماذا إرتكبت تلك الخطيئة مع والدها، لما قبلت بذلك، وجعلت حياتها جحيما، بسببها أصبحت منبوذة من طرف والدها وعائلتها وإخوانها ومن كل المملكة، أغمضت عينيها براحة شديدة، وهي تنتظر الموت الذي هربت منه لسنوات طويلة.
في هذه الأثناء كان ليام لا يزال يمتطي حصانه الذي كان يركض بسرعة كبيرة في الغابة السوداء، ولكنه رفع رأسه ليوقف حصانه ويترجل منظعليه، عندما احس بالألم شديد في قلبه، سقط على ركبتيه لينحنى بألم لا يحتمل، توسعت عينيه بصدمة شديدة، ونظر أمامه يستحيل أن يكون الأمر مثل ما يظن، يستحيل أن تكون قد ماتت.
يستحيل أن تموت رفيقته، التي كان ينتظرها سنوات طويلة.
تكمش ليام على الأرض وهو يمسك قلبه الذي يكاد أن يتمزق من شدة الألم الذي يشعر به الان، ومرة واحدة رفع رأسه للسماء، واطلق صرخة قوية جدا إلى درجة أن الأشجار التي كانت من حوله قد تدمرت تماما :
"سييلياااااااا".
في هذه الأثناء كان اريوس يجلس في غرفته، وهو يراجع بعض الأوراق التي تهم أعماله، شعر بالألم غريب يحتاجه، لينهض من مكانه ليمسك هو الآخر على قلبه بقوة شديدة، تنفس بالأضطراب شديد ،ليفقد توازنه بسبب الألم ويسقط على الأرض غير قادر على أخذ نفس واحد.
كان الألم شديد لدرجة شعر أنه على وشك أن يفقد حياته، حاول أن يقف مجددا ولكن دون فائدة، إستعمل إحدى قواه وأحاط نفسه بهالة التي تمنع السحر من الفتك به، بإعتقاده أن هنالك شخص ما يمارس السحر عليه ويحاول قتله، ولكن توسعت عينيه بصدمة شديدة، عندما وجد أن الغرفة فارغه تماما من أي طاقه أو هالة سحرية.
اللعنة إذا كان الأمر كذلك ما هذا الألم الغريب الذي يشعر به الان، حاول أن يأخذ أنفاسه مرة أخرى، ولكن بدون فائدة ،الألم فعليا كان يزيد شيئا فشيئا داخل صدره، وفجأة بدأ يختفي كل ذلك ببطء شديد كما ظهر.
أخيرا سقط على الأرض وهو ينزف دما من أنفه وفمه، أخيرا عاد الهواء مرة أخرى حتى يدخل إلى رئتيه،
جلس على الكرسي الذي بجواره، وهو يحاول أن يفهم ما الذي حدث معه قبل قليل؟.
ومرة واحدة كانت باب غرفة مكتبه تفتح بقوة شديدة من قبل تلك الساحره المجنونة،لتدخل إلى الغرفة هي الأخرى تنظر إليه بإستغراب قبل أن تقول:
" ما الذي يجري معك بحق خالق السماء، لقد كانت تصدر من غرفتك قوة عظيمة، كادت أن تدمر القصر بمن فيه، هل أنت بخير؟"
نظر إليها بإستغراب شديد، قبل أن يقول ولازالت الدماء تنزل من أنفه وشفتيه:
" لا أعلم حقا، ولكنني شعرت كما لو أني على وشك الموت، كما لو أن أحدهم كان يمارس سحرا علي، شعرت بالضعف وألم لم أشعر به في حياتي كلها ".
عقدت الساحرة الطيبة حاجبيها بإستغراب، وإقتربت منه قبل أن تضع يدها على كتفه الايمن، وتغمض عينيها التي تحولت إلى اللون الأزرق الفاتح، ثم إبتعدت عنه للخلف وهي تقول بإستغراب:
" أمر عجيب حقا، فلا يوجد أي إشاره على أن أحدهم حاول أن يستعمل سحرا عليك، أيها الملك"
نظر إليها هو الآخر بإستغراب، ولا يفهم ما الذي يحدث، ومرة واحدة كان زجاج نافذة تلك الغرفة يتدمر ليتحول إلى قطع صغيرة أمامهم، وقبل أن يقول اريوس أي شيء أو ينهض من مكانه حتى، لكي يدافع عن نفسه.
كان غور يتجسد أمامه بهيئته الحقيقية فينكس ذهبي محمر يشتغل كل جسده بالنار، كان ينظر إليه بعيون متوسعو من هول ما شهد ،وقبل أن يتمكن هذا الأخير من قول أي شيء، أطلقت تلك الساحرة صراخا عظيما، قبل أن تتراجع إلى الخلف بذعر وهي تفتح فجوه أمامها وتختفي بها.
إستغرب أريوس من تصرفاتها وردت فعلها ،لبستدير وينظر إلى غور الذي كان شاحبا تماما، لينحي بخضوع وهو يقول بخوف شديد من رده فعله:
"أنا حقا آسف يا سيدي، أنا لا أعرف أين شيء، لقد ذهبت لأحضر الطعام ،وعندما عدت إليها مرة أخرى لكي اتفقدها وجدتها ميتة".
بقي أريوس يقف في مكانه مدة طويلة، وهو ينظر إليه بغير فهم ولا إستيعاب، مرة ثواني ثقيلة جدا وغور يحس أن قلبه على وشك الإنفجار من الخوف، عندما رفع رأسه ونظر إلى سيده الذي تحولت عينيه إلى اللون الأسود، وتتوسعت بصدمة شديدة عندما فهم ما يقول هذا الأخير.
نظر إليه أريوس بشر شديد وقد تضخمت هالته، وهو حرفيا على وشك أن يفقد أعصابه، ليقول بينما هو يصك على أسنانه بغضب:
" أقسم لك إن حدث لها شيء، سوف أقوم يقتلك وشويك بنفسي".
عقد غور حاجبيه بغضب شديد، وهو يفرد أجنحته الضخمة حتى يحلق مرة أخرى إلى غرفة سيليا، وهو يغمغم بصوت غاضب غير راضي بما قاله الملك.
في هذه الأثناء كان اريوس يركض بسرعته القصوى نحو جناح سيليا، لدرجة أنه إصطدم بجويا في طريقه ، ولم يلتفت إليها حتى ليعتذر، أو ليقول كلمة واحدة، بل أنه أكمل ركضه نحو جناح الشمالي.
بينما هي وقفت تنظر إليه باستغراب شديد، قبل أن تستدير وتنظر ناحية خادمتها التي فهمت طلبها،
لتنحني بطاعة أمام هذه الاخيرة، ولترفع رأسها بهدوء وبإحترام شديد وتفرقع بإصبعها السبابة والإبهام، لتختفي من أمامها وتصبح مجرد سراب، بعدما تركت خلفها غبارا ورديا يضهر إختفائها تماما.
يتبع.....
لا تعرف ما الذي فعله ذلك اللعين اريوس عندما رفع إصبعه سبابة وأشار نحوها، في البداية لم تشعر بشيء ولكن فجأة أحست بحرارة والألم كالموجة تجتاح جسدها، لتشعر بعدها بألم قوي يفتك بحسدها،في تلك لحضة ادركت أنه فعل شيئا ما بها.
ربما قد ألقى عليها تعويذة، أو أنه طوق جسدها بهالة الألم، فمن المعروف أن سيد الوحوش كان يمتلك قوة يستطيع من خلالها التحكم بالذي أمامه بفرقعة إصبعه ، ولكن الحقيقة أنها هي التي تجاوزت حدها معه، واهانته وجعلته يغضب بشدة، مما جعله يتحول إلى وحش بكل ما للكلمة من معنى.
لقد حاول الإقتراب منها وتقبيلها، ولكنها صدته بقوة وصفعته على وجهه.
لقد بدا شكله مخيف جدا عكس شكله الوسيم المعروف به، ذلك أخافها حد الجحيم ،ولكنها رغم الألم الذي تشعر به يعصر كل خلية من جسدها، إلا أنها تشجعت لبعض الوقت وحاولت أن تتظاهر بالقوة قبل أن ترفع رأسها وتنظر إليه ببرود وهي تقول:
" أنك فعلا وحش بلا قلب كما يطلقون عليك، شكلك هذا مزعج ومضر للعين في نفس الوقت".
كانت تريد أن تكمل كلامها، ولكن عندما رأت شرارة الغضب تلتهب ذاخل عينيه الخضراوتين لتتحول إلى أخرى داكنة ممزوجة باللون القرمزي الدموي الأحمر ترددت.
كان يتنفس بالأضطراب وهو يضيق عينيه تلك بتهديد، ووعيد واضحا وضوح الشمس ، كل خلية في جسده كانت مستنفرة حتى أطراف جسده كانت مشدودة للغاية،تراجعت عن قول حرف واحد ،خافت على نفسها وأن يعود لإغتصابها مرة أخرى، لذلك إلتزمت الصمت ولكن عندما وجدته ينظر بتلك الطريقة المرعبة نحوها ،علمت أنه يخطط لشيء فضيع وقد أكد كلامها عندما تحدث وهو يضيق عينيه، ويبتسم إبتسامة شيطانية:
" حقا لم أكون أعرف أنني بشع الى هذه الدرجة، لكن لا تقلقي سوف أقوم بما هو أكثر من إزعاجك بمظهري هذا أيتها الصغيرة".
في هذه اللحظة ادركت سيليا أن نهايتها سوف تكون على يد هذا اللعين، حاولت أن تهرب منه وتعود إلى الخلف عدة خطوات، رغم الألم الذي يفتك بها،ولكنه كان أسرع منها بحيث رفع إصبعه سبابة وفرقعه مجددا ،ومنذ تلك لحضة وهي تواجه ذلك الألم الفضيع الذي فتك بها وانهك جسدها إلى أن فقدت الوعي.
عندما إستيقظت في المرة التالية كانت بنفس الغرفة التي كانت بها في المرة الأولى التي قابلت فيها كايوس وتلك الساحرة العجوز، يبدو أن هذه الغرفة سوف تكون سجنها لوقت طويل جدا، تنهدت بتعب كبير وهي تمط جسدها فوق ذالك السرير المخملي الابيض.
نظرت إلى نفسها بحيرة كانت ملابسها قد تغيرت إلى ملابس أخرى أكثر راحة من المرة السابقة، ولكنها عقدت حواجبها بتسائل عندما لحظت أنها أصبحت عبارة عن سروال فضفاض وقميص أبيض مزرر يعود للرجال.
تجاهلت الأمر برمته، وتطلعت إلى الغرفة من حولها لتجد أن لا أحد كان معها هذه المرة،فمنذ وجودها في هذا القصر والوصيفات لسيقات بها ولا يتركنها أبدا.
وقفت لتتمشى في ذالك الجناح الملكي الضخم، نظرت أمامها إلى الطاولة التي كانت متروكة أمامها هناك،كان عليها صينية مليئة بأصناف الأكل والشراب،كان كل شيء يبدوا شهيا للغاية، حقيقة الأمر أنها فعلا جائعة وتكاد تموت عطشا، ولكن فلتلعنها السماء السابعة
إن قبلت طعام أو شفقة ذلك مجرم الذي إغتصبها وانتهك حرمة جسدها، الذي كانت تدافع عنه بكل قوة وإستماتة وهي في قصر والدها.
عندما تذكر ضعفها وخضوعها أمامه، دفعت ذلك الأكل الذي كان أمامها ليسقط على الأرض، ولم يشفى غليلها بذلك فقط ، بل أنها اتجهت ناحية تلك الصينية واخذتها لترمي بها بعيدا نحو نافذة الزجاجية الضخمة المطلة على المحيط إلى ان تحطمت إلى أجزاء .
وبدون تفكير ركضت نحو الحطام وامسكت باحد القطع الزجاجية المنكسرة،لترفعها وتنظر اليها بعزم ودون تردد كانت تضعها على معصمها ، ومرة واحدة تجرها لتقطع شرايين يدها.
إن كان يعتقد أنها سوف ترضى بإغتصابها مرة أخرى في قصره، وترضى الذل الذي أجبرها على أن تعيشه فهو حقا يحلم.
لقد كانت في البداية تعيش في قصر والدها، رغم ذلك الألم والحزن الذي عاشته، ولم تخضع أبدا، فقط لأنها كانت طاهرة كما كانت تعتقد، ولكن عندما جاء هذا لعين لوثها بدون وجه حق ،كيف سوف تدافع عن نفسها؟! ماذا ستخبر زوجها في المستقبل؟!!.
إن الموت أفضل لها من أي شيء، تذكرت في هذه اللحظة والدها لا شك في أنه سوف يكون سعيدا عندما يعلم بموتها.
بدأت الدماء تجري بسرعة لتتدفق من شريانيها المقطوع ،شعرت بالوهن والدوار يداهم رأسها لتسقط على الأرض، وهي تنظر إلى السماء المزينة بالنجوم من خلال تلك النافذة الزجاجية المحطمة التي كانت بجوارها.
كانت تبتسم بهدوء وهي تنتظر الموت مرحبتا به، كما لم أنها تفعل ذلك من قبل، ربما هذه المرة الموت سوف يأخذها وتذهب بعيدا إلى حيث والدتها، وتسألها لماذا إرتكبت تلك الخطيئة مع والدها، لما قبلت بذلك، وجعلت حياتها جحيما، بسببها أصبحت منبوذة من طرف والدها وعائلتها وإخوانها ومن كل المملكة، أغمضت عينيها براحة شديدة، وهي تنتظر الموت الذي هربت منه لسنوات طويلة.
في هذه الأثناء كان ليام لا يزال يمتطي حصانه الذي كان يركض بسرعة كبيرة في الغابة السوداء، ولكنه رفع رأسه ليوقف حصانه ويترجل منظعليه، عندما احس بالألم شديد في قلبه، سقط على ركبتيه لينحنى بألم لا يحتمل، توسعت عينيه بصدمة شديدة، ونظر أمامه يستحيل أن يكون الأمر مثل ما يظن، يستحيل أن تكون قد ماتت.
يستحيل أن تموت رفيقته، التي كان ينتظرها سنوات طويلة.
تكمش ليام على الأرض وهو يمسك قلبه الذي يكاد أن يتمزق من شدة الألم الذي يشعر به الان، ومرة واحدة رفع رأسه للسماء، واطلق صرخة قوية جدا إلى درجة أن الأشجار التي كانت من حوله قد تدمرت تماما :
"سييلياااااااا".
في هذه الأثناء كان اريوس يجلس في غرفته، وهو يراجع بعض الأوراق التي تهم أعماله، شعر بالألم غريب يحتاجه، لينهض من مكانه ليمسك هو الآخر على قلبه بقوة شديدة، تنفس بالأضطراب شديد ،ليفقد توازنه بسبب الألم ويسقط على الأرض غير قادر على أخذ نفس واحد.
كان الألم شديد لدرجة شعر أنه على وشك أن يفقد حياته، حاول أن يقف مجددا ولكن دون فائدة، إستعمل إحدى قواه وأحاط نفسه بهالة التي تمنع السحر من الفتك به، بإعتقاده أن هنالك شخص ما يمارس السحر عليه ويحاول قتله، ولكن توسعت عينيه بصدمة شديدة، عندما وجد أن الغرفة فارغه تماما من أي طاقه أو هالة سحرية.
اللعنة إذا كان الأمر كذلك ما هذا الألم الغريب الذي يشعر به الان، حاول أن يأخذ أنفاسه مرة أخرى، ولكن بدون فائدة ،الألم فعليا كان يزيد شيئا فشيئا داخل صدره، وفجأة بدأ يختفي كل ذلك ببطء شديد كما ظهر.
أخيرا سقط على الأرض وهو ينزف دما من أنفه وفمه، أخيرا عاد الهواء مرة أخرى حتى يدخل إلى رئتيه،
جلس على الكرسي الذي بجواره، وهو يحاول أن يفهم ما الذي حدث معه قبل قليل؟.
ومرة واحدة كانت باب غرفة مكتبه تفتح بقوة شديدة من قبل تلك الساحره المجنونة،لتدخل إلى الغرفة هي الأخرى تنظر إليه بإستغراب قبل أن تقول:
" ما الذي يجري معك بحق خالق السماء، لقد كانت تصدر من غرفتك قوة عظيمة، كادت أن تدمر القصر بمن فيه، هل أنت بخير؟"
نظر إليها بإستغراب شديد، قبل أن يقول ولازالت الدماء تنزل من أنفه وشفتيه:
" لا أعلم حقا، ولكنني شعرت كما لو أني على وشك الموت، كما لو أن أحدهم كان يمارس سحرا علي، شعرت بالضعف وألم لم أشعر به في حياتي كلها ".
عقدت الساحرة الطيبة حاجبيها بإستغراب، وإقتربت منه قبل أن تضع يدها على كتفه الايمن، وتغمض عينيها التي تحولت إلى اللون الأزرق الفاتح، ثم إبتعدت عنه للخلف وهي تقول بإستغراب:
" أمر عجيب حقا، فلا يوجد أي إشاره على أن أحدهم حاول أن يستعمل سحرا عليك، أيها الملك"
نظر إليها هو الآخر بإستغراب، ولا يفهم ما الذي يحدث، ومرة واحدة كان زجاج نافذة تلك الغرفة يتدمر ليتحول إلى قطع صغيرة أمامهم، وقبل أن يقول اريوس أي شيء أو ينهض من مكانه حتى، لكي يدافع عن نفسه.
كان غور يتجسد أمامه بهيئته الحقيقية فينكس ذهبي محمر يشتغل كل جسده بالنار، كان ينظر إليه بعيون متوسعو من هول ما شهد ،وقبل أن يتمكن هذا الأخير من قول أي شيء، أطلقت تلك الساحرة صراخا عظيما، قبل أن تتراجع إلى الخلف بذعر وهي تفتح فجوه أمامها وتختفي بها.
إستغرب أريوس من تصرفاتها وردت فعلها ،لبستدير وينظر إلى غور الذي كان شاحبا تماما، لينحي بخضوع وهو يقول بخوف شديد من رده فعله:
"أنا حقا آسف يا سيدي، أنا لا أعرف أين شيء، لقد ذهبت لأحضر الطعام ،وعندما عدت إليها مرة أخرى لكي اتفقدها وجدتها ميتة".
بقي أريوس يقف في مكانه مدة طويلة، وهو ينظر إليه بغير فهم ولا إستيعاب، مرة ثواني ثقيلة جدا وغور يحس أن قلبه على وشك الإنفجار من الخوف، عندما رفع رأسه ونظر إلى سيده الذي تحولت عينيه إلى اللون الأسود، وتتوسعت بصدمة شديدة عندما فهم ما يقول هذا الأخير.
نظر إليه أريوس بشر شديد وقد تضخمت هالته، وهو حرفيا على وشك أن يفقد أعصابه، ليقول بينما هو يصك على أسنانه بغضب:
" أقسم لك إن حدث لها شيء، سوف أقوم يقتلك وشويك بنفسي".
عقد غور حاجبيه بغضب شديد، وهو يفرد أجنحته الضخمة حتى يحلق مرة أخرى إلى غرفة سيليا، وهو يغمغم بصوت غاضب غير راضي بما قاله الملك.
في هذه الأثناء كان اريوس يركض بسرعته القصوى نحو جناح سيليا، لدرجة أنه إصطدم بجويا في طريقه ، ولم يلتفت إليها حتى ليعتذر، أو ليقول كلمة واحدة، بل أنه أكمل ركضه نحو جناح الشمالي.
بينما هي وقفت تنظر إليه باستغراب شديد، قبل أن تستدير وتنظر ناحية خادمتها التي فهمت طلبها،
لتنحني بطاعة أمام هذه الاخيرة، ولترفع رأسها بهدوء وبإحترام شديد وتفرقع بإصبعها السبابة والإبهام، لتختفي من أمامها وتصبح مجرد سراب، بعدما تركت خلفها غبارا ورديا يضهر إختفائها تماما.
يتبع.....