واحد وعشرون
لا يوجد شيء في هذا العالم يجعلك تشعر بالرغبة في الموت إلا إحساس واحد، وهو أن تكون مكروه ومنبوذا من الجميع ،عندما شعرت سيليا أنها أصبحت مرفوضة من طرف الجميع، أحست وكأنه لم يعد لديها أي شيء لتعيش من أجله، وحقيقة الأمر انها كانت كذلك.
فحتى جسدها الذي كانت تفتخر بطهارته طوال حياتها، قد تم تدنيسه وأخذت منها عذريته بطريقة بشعة وحقيرة, وهذا حرفيا ما جعلها تفقد أعصابها تماما، وتقدم على تصرف أخرق وغبي كالإنتحار.
أما بالنسبة لملك الوحوش الذي كان معروفا بقلبه القاسي وعم إحساسه, فقد كان يقف متصنما عند باب غرفتها المفتوحة على مصرعيها، وهو ينظر بصدمة إلى كل من كايوس والساحرة، التي كانت تحاول أن تنقذها بكل قوتها,ولكن على الرغم من كل المجهودات التي بذلوها من أجل انقاذها، إلى أن هنالك شيء ما يمنع ذلك، طاقة غريبة كانت تحيط بها، تجعل جسدها يرفض أي محاولة للعلاج الذي تقدمه تلك العجوز المسكينة.
نظرت تلك الساحرة إلى كايوس بحيرة حقيقية، والذي بدوره كان ينظر إليها بعيون متوسعة، وهو لا يصدق إلى الآن أنهم قد فقدوا الملكة، قبل أن يتوجوها حتى.
تراجعت الساحرة للخلف بحزن شديد وهي تهز رأسها بيأس، وتنظر الى سيليا الملقات على الأرض بلا حول ولا قوة، كيف تحولت إلى جثه هامده أمامها خلال أيام فقط من إكتشافهم من أنها ملكتهم.
لقد توقف قلبها عن النبض تماما، ولم يعد قابلا إلى أن ينبض مرة أخرى ويعود إلى الحياة.
التفت كل منهما ناحية الملك الذي كان يقف عند عتبة باب الغرفة، وهو ينظر إليهم بعيون متوسعة،
كانت يتنفس بالاضطراب شديد، قلبه على وشك أن يخرج من صدره يكاد أن يفقد صوابه، لا يصدق إلى الآن، أن تلك الفتاة التي تستلقي هنالك غارقة في بركة من دماء حمراء قانية اللون، هي نفسها رفيقته التي كان ينتظرها سنوات طويلة...
لقد كان غاضبا منها أجل ،ولكن لم يتوقع أبدا أنها من الممكن أن تقدم على خطوة متهورة ومجنونة كهذه.
ترنح في مكانه لوهلة وهو يضع يده على رأسه ويفكر...
ماذا يعني هذا، هل سوف يعيش حياته وحيدا مثله مثل باقي اجداده الذين تم لعنهم بواسطة سلالاتها؟.
اللعنة على كل شيء، هو مستعد أن يعيش بهذه اللعنة حياته بالكامل، ومستعد أن يضحي بنسله أيضا، ولكنه لا يريد خسارتها على الإطلاق.
لم يشعر بنفسه إلا وهو يقترب منها قبل أن ينحني بتردد ويجلس بجوارها، وهو ينظر إلى رسغها الذي كان لا يزال ينزف دماء، رغم أن تلك الساحرة العجوز وكايوس قد احكموا رباط عليه في محاولة يائسة منهما كي يقفوا النزيف، ولكن بدون فائدة جسدها كان يرفض العلاج ويرفض أي تدخل من أجل إنقاذها.
إبتسم اريوس إبتسامة جانبية مختلة، رغم الوضع المزري الذي هو فيه، كانه غير مصدق ما يحدث
رفع يده قبل أن يقتربها من وجهها، ليمسك ذقنها وهو يحركها بهدوء قائلا بطريقة جنونية:
" إستيقظي سيليا ،توقفي عن التمثيل أنا أعرف أنك تمثلين فقط حتى تهرب مني، إستيقضي وإفتحي عينيك هيا صغيرتي دعيني أغرق بهما مجددا، أرجوك لا تتركني أنا لم أكمل إنتقامي منك بعد "
نظرت كل من الساحرة وكايوس إلى بعضهم البعض بصدمة، بسبب طريقة كلامه ولكنه لم يكن عابئا بأي أحد آخر غيرها هي، بل كان كل همه الآن هو أن تفتح عينيها وتنظر إليه لكي يرتاح قلبه.
صمت رهيب مر على الكل، نفض اريوس رأسه بيأس حقيقي، ليضع كلتا يديه على كتفيها ليرفعها نحوه وهو يهزها هذه المرة بعنف شديد ، ويصرخ في وجهها كما لو أنها كان بإستطاعتها أن تعرف أو أن تستمع إليه :
" إستيقظي لقد قلت لك إستيقظي، كفي عن هذا التصرف الصبياني، وإفتحي عينيك اللعينة"
وأيضا تحدث بدون فائدة فلقد كانت صامتة مغمضة عينيها، كما لو أنها مستسلمه للموت تماما.
في هذه اللحظة لم يستطيع أن يتمالك نفسه فاخذها بين احضانه، ليحتضنها بقوة وهو يتنفس بإضطراب .
ومرة واحدة و أي تفكير أو تردد، أبعد شعرها الأشقر عن رقبتها المرمرية البيضاء، ليقوم بعدها بغرس انيابه هناك يمتص دمها.
توسعت عيون كل من كايوس والساحرةالعجوز، وأيضا تلك الخادمة اللعينة التي كانت تقف خلفهم كسراب من غير أن يشعر بها أحد وهي تنظر إليهم بعيون متوسعة، بينما تضع كلتا يديها على فمها، وهي تكتم صرخة الدهشة التي كانت سوف تخرج من حلقها، لقد كان هذا آخر شيء يتوقعه الحميع، هو أن يقوم الملك اريوس بخطوة مجنونه كهذه.
ظهر نور أصفر ذهبي احاط بكل من أريوس وسيليا، إلى أن إرتفعت اجسدهم عن الارض، لم يكن أحد منهم قادرا على أن يصدق أو يستوعب كمية الطاقة التي بدأت في الدخول إلى جسد كل منهما.
ومرة أخرى كانت إحدى تلك الخواتم الموشومة في ظهر الملك أريوس تنكسر لتتحول إلى ذرات ذهبية مختلطة بالسواد وبعدها تختفي كالسراب تماما.
إبتسمت الساحرة العجوز إبتسامة هادئهة، وهي تعود للخلف ساحبة ورأها كايوس الذي كان لا يزال يقف في مكانه غير مصدق ما يجري من حوله، لقد صدق المثل في كل مصيبة خير، لم يكن ختم الملك اريوس سوف ينكسر إذا لم تتصرف سيليا بهذه الطريقة.
أما بالنسبة لتلك الخادمة الملعونة المسمى ريني، والتي كانت تقف هنالك شاهدة على كل شيء، فبمجرد أن رأت ما حدث أمامها حتى بدأت بالتحليق بعيدا قبل أن يشعر بها ملك الوحوش.
لتتوقف أخيرا أمام جناح جويا، وبمجرد أن دخلت إلى القاعة،حتى تتجسد أمامهم وعلى وجهها مرسومة علامة الهلع ،اشارت بيدها وكان الجميع يمتثل لأوامرها ويخرجو من هناك كالمعتاد بعد حضورها.
ركضت بسرعة إلى سيدتها، قبل أن تركع أمامها وهي تقول بصوت لاهث في جراء المجهود الذي بذلته من أجل إخفاء جسدها:
" لن تصدق ما حدث قبل قليل يا سيدتي، لقد قام الملك بإتحاد مع تلك الجارية، لقد وسمها وإتحدت القوى بينهما".
كانت جويا تحمل في يدها زجاجة عطرها المفضل ترشه منه على نفسها، وهي تستمع إلى مساعدتها، ولكن ما إن سمعت ما قالته حتى إلتفتت إليها بسرعة لتنظر إليها بصدمة.
كانت ريني تقف خلفها وهي تضم يديها إلى صدرها بخوف شديد، وخاصة عندما تحولت عيني جويا إلى اللون الأحمر، وبدون سابق إنذار كانت تقف لتضرب طاولة التي أمامها.
لترتفع عن الأرض وترتطم بقوة بجدار الحائط ،ثم بعدها تقوم بإخراج من يدها سوطا عبارة عن برق أرزق ثم تضرب به خادمتها، التي نقلت إليها هذه الأخبار لعينة وهي تصرخ بجنون اعمى:.
" أيتها اللعينة ما الذي تقولينه؟"
نزل الدموع خادمتها وهي تتلقى ضربة سيدتها، لتنظر نحو الأرض بضعف وخنوع شديد وهي تقول:
" أرجوك لا تفعل بي هذا يا سيدتي، أنا أخبرك ما رايته بعيني فقط، لا دخل لي "
لم تستطع جويا أن تصدق الأمر، فتركت تلك الخادمة المسكينة التي لم تفعل شيئا سوى نقل الأخبار لها مثل ما امرت، وإتجهت بسرعة البرق إلى الجناح الشمالي الذي تم حجز سيليا فيه.
توقفت في مكانها بصدمة شديدة، عندما وجدت الملك يحمل سيليا بلطف شديد بين ذراعيه، قبل أن يضعها على السرير بهدوء، وكأنه يخشى أن تخدشها الأغطيه القماشية والحريرية ان تؤذي جسدها.
بقي يقف امامها مدة طويلة وهو ينظر إليها قبل أن يمد يده بتردد واضح ،ليستقر أخيرا على رقبتها وهو يمرر إصبعه على ذلك الوشم الذي ظهر على رقبتها بعد إتحادهما.
آمال رأسه للجانب وهو ينظر إليه بصمت لمدة طويلة، قبل أن ينفض رأسه ويستدير دون أن يلتفت إليها مرة أخرى مغادرا الغرفة
وقبل ذادلك كان يرفع يده ليظيرها في الهواء مخرجا طاقه غريبة لتحيط بجسدها الهامد فوق سرير، قبل أن يقفل الباب من خلفه، كل هذا حدث تحت انظار جويا التي كانت على وشك أن تفقد صوابها حرفيا.
ظلت تراقب الملك الذي إبتعد عن المكان وبالمجرد أن مشي بعيدا عن الجناح، حتى إستعملت قوتها وتحولت إلى مجموعة من ذرات غبار أسود ودخلت إلى غرفتها من تحت الباب حتى تتشكل من جديد، وقفت أمام سرير سيليا، وهي تنظر إليها بحقد شديد ،خاصة بعد أن رأت ذالك الوسم الرائع الذي يزين رقبتها.
نضرت إلى ذلك الوشم الذي كان خلف أذنها وعلى الرغم من أنه كان في مكان مخفي قليلا، إلا انه كان واضحا وضوح الشمس، ذلك الوشم كان من المفترض أن يكون ملكها، لا ملك هذه اللعينة ضهرت في حياتها قبل أيام فقط، وقد أخذت منها كل شيء.
" تبا لك أيتها الحثالة، أنت لا تستحقينه هو من حقي أنا فقط "
قالتها بغضب شديد ورفعت الخنجر الذي كان بيدها قبل أن توجهه مباشرة إلى قلب سيليا، التي كانت تغط في نوم عميق، ولكنها تفاجات بطاقة عظيمة تضربها إلى أن تراجعت للخلف، وضربت الحائط الذي كان خلفها مشكلة فيه حفرة كبيره.
أنت بالألم حقيقي وهي ترفع نفسها بصعوبة من على الأرض ،قبل أن توسعت عينيها وقد بدأ شيء ما يشبه الصندوق الزجاجي يتشكل حول سيليا ليحميها.
في هذه اللحظة لم تستطع أن تصدق الأمر أكثر من هذا، لقد منحها هذا الحاجز اللامرئي ذرعا صادا لكل أنواع السحر والتعاويذ، لا يعقل أبدا أن يكون اريوس مستحيل ذلك.
فهو حاجز قوي جدا يجعل الملك يستعمل نصف قوته لكي يشكله ويعطيه لشخص آخر غيره، تبا لها هذه اللعينة كيف إستطاعت أن تجعله يستعمل مثل هذه القوة العظيمة من أجل حمايتها ؟
أي لعنة ألقت عليه حتى تجعله يستنزف نصف طاقته فقط من أجل حمايتها ،حاولت أن تهاجمها مرة أخرى ولكنها توقفت عندما شعرت بهالة شخص ما يقترب من غرفتها، ومرة أخرى تلاشت مثل سراب وهي تتشكل الى ذرات الغبار السوداء تلك، قبل أن تغادر المكان بسرعة نحو جناحها قبل أن يتم كشف أمرها.
وفي اللحظة التي خرجت فيها جويا من نافذة الغرفة وجدت الباب يقتلع من مكانه، والملك أريوس يدخل وفي يديه سيفين واحد من النار والآخر من الجليد.
شد يده بغضب شديد وهو ينظر ناحية سيليا التي كانت لا تزال فاقدة للوع،ي والطاقة لا تزال مفعلة لتحيط بها لكي تحميها في نفس الوقت.
اغلق الباب خلفه ليدخل إليها ويمشي بسرعة نحوها ،
لقد كان قبل دقيقة واحدة متوجها ناحية تلك الساحرة لكي يفهم منها ما حدث معه، وكيف كسر الخاتم الثاني على ظهره، لا يعرف حتى الآن كيف إستطاع أن يكسر خاتمين بمجرد أن الأول قبلها وثاني قد وسمها .
على الرغم من أنه حاول أن يفعل ذلك عدة مرات من قبل، ولكنه لم ينجح ابدا، فكيف إستطاع بمجرد قبلة كان هدفه من خلالها منحها طاقة الحياة حتى تستطيع أن تواجهها الموت أن يكسر خاتمه.
لقد حاول من قبل أن يكسره بطرق عديدة، قبلها رغما عنها كما حدث هذا الصباح، حتى أنه إغتصبها حتى يكسر تلك اللعنة من عليه، ولكنه لم يستطع ذلك.
وعندما كان على وشك الوصول إليها، تفاجئ وهو في طريقه بشخص ما يحاول كسر الحاجز الذي وضعه من أجل حمايتها، كان يعتقد في البداية أنه ربما تكون هي من إستيقظت وهي تحاول أن تؤذي نفسها كما فعلت من قبل، ولكنه عندما دخل إلى غرفتها وجد آثار إقتحام،والخاجز الذي فعله على جسدها دمر نصف الغرفة دليل على أن شخصا ما كان معها، لم يعد هنالك شك واحد أنه ربما يكون أحد أعدائه الذي علم بطريقة ما بأن سيليا هي رفيقته يحاول أن يدمره عبر قتلها، وهذا جعله يضف مشكلة أخرى الى بحر مشكلاته اليومية.
الآن عليه أن ينتبه عليها ويحميها، فهي الآن ورسميا تعتبر رفيقته فقد وسمها وإنتهى الموضوع....
يتبع....
فحتى جسدها الذي كانت تفتخر بطهارته طوال حياتها، قد تم تدنيسه وأخذت منها عذريته بطريقة بشعة وحقيرة, وهذا حرفيا ما جعلها تفقد أعصابها تماما، وتقدم على تصرف أخرق وغبي كالإنتحار.
أما بالنسبة لملك الوحوش الذي كان معروفا بقلبه القاسي وعم إحساسه, فقد كان يقف متصنما عند باب غرفتها المفتوحة على مصرعيها، وهو ينظر بصدمة إلى كل من كايوس والساحرة، التي كانت تحاول أن تنقذها بكل قوتها,ولكن على الرغم من كل المجهودات التي بذلوها من أجل انقاذها، إلى أن هنالك شيء ما يمنع ذلك، طاقة غريبة كانت تحيط بها، تجعل جسدها يرفض أي محاولة للعلاج الذي تقدمه تلك العجوز المسكينة.
نظرت تلك الساحرة إلى كايوس بحيرة حقيقية، والذي بدوره كان ينظر إليها بعيون متوسعة، وهو لا يصدق إلى الآن أنهم قد فقدوا الملكة، قبل أن يتوجوها حتى.
تراجعت الساحرة للخلف بحزن شديد وهي تهز رأسها بيأس، وتنظر الى سيليا الملقات على الأرض بلا حول ولا قوة، كيف تحولت إلى جثه هامده أمامها خلال أيام فقط من إكتشافهم من أنها ملكتهم.
لقد توقف قلبها عن النبض تماما، ولم يعد قابلا إلى أن ينبض مرة أخرى ويعود إلى الحياة.
التفت كل منهما ناحية الملك الذي كان يقف عند عتبة باب الغرفة، وهو ينظر إليهم بعيون متوسعة،
كانت يتنفس بالاضطراب شديد، قلبه على وشك أن يخرج من صدره يكاد أن يفقد صوابه، لا يصدق إلى الآن، أن تلك الفتاة التي تستلقي هنالك غارقة في بركة من دماء حمراء قانية اللون، هي نفسها رفيقته التي كان ينتظرها سنوات طويلة...
لقد كان غاضبا منها أجل ،ولكن لم يتوقع أبدا أنها من الممكن أن تقدم على خطوة متهورة ومجنونة كهذه.
ترنح في مكانه لوهلة وهو يضع يده على رأسه ويفكر...
ماذا يعني هذا، هل سوف يعيش حياته وحيدا مثله مثل باقي اجداده الذين تم لعنهم بواسطة سلالاتها؟.
اللعنة على كل شيء، هو مستعد أن يعيش بهذه اللعنة حياته بالكامل، ومستعد أن يضحي بنسله أيضا، ولكنه لا يريد خسارتها على الإطلاق.
لم يشعر بنفسه إلا وهو يقترب منها قبل أن ينحني بتردد ويجلس بجوارها، وهو ينظر إلى رسغها الذي كان لا يزال ينزف دماء، رغم أن تلك الساحرة العجوز وكايوس قد احكموا رباط عليه في محاولة يائسة منهما كي يقفوا النزيف، ولكن بدون فائدة جسدها كان يرفض العلاج ويرفض أي تدخل من أجل إنقاذها.
إبتسم اريوس إبتسامة جانبية مختلة، رغم الوضع المزري الذي هو فيه، كانه غير مصدق ما يحدث
رفع يده قبل أن يقتربها من وجهها، ليمسك ذقنها وهو يحركها بهدوء قائلا بطريقة جنونية:
" إستيقظي سيليا ،توقفي عن التمثيل أنا أعرف أنك تمثلين فقط حتى تهرب مني، إستيقضي وإفتحي عينيك هيا صغيرتي دعيني أغرق بهما مجددا، أرجوك لا تتركني أنا لم أكمل إنتقامي منك بعد "
نظرت كل من الساحرة وكايوس إلى بعضهم البعض بصدمة، بسبب طريقة كلامه ولكنه لم يكن عابئا بأي أحد آخر غيرها هي، بل كان كل همه الآن هو أن تفتح عينيها وتنظر إليه لكي يرتاح قلبه.
صمت رهيب مر على الكل، نفض اريوس رأسه بيأس حقيقي، ليضع كلتا يديه على كتفيها ليرفعها نحوه وهو يهزها هذه المرة بعنف شديد ، ويصرخ في وجهها كما لو أنها كان بإستطاعتها أن تعرف أو أن تستمع إليه :
" إستيقظي لقد قلت لك إستيقظي، كفي عن هذا التصرف الصبياني، وإفتحي عينيك اللعينة"
وأيضا تحدث بدون فائدة فلقد كانت صامتة مغمضة عينيها، كما لو أنها مستسلمه للموت تماما.
في هذه اللحظة لم يستطيع أن يتمالك نفسه فاخذها بين احضانه، ليحتضنها بقوة وهو يتنفس بإضطراب .
ومرة واحدة و أي تفكير أو تردد، أبعد شعرها الأشقر عن رقبتها المرمرية البيضاء، ليقوم بعدها بغرس انيابه هناك يمتص دمها.
توسعت عيون كل من كايوس والساحرةالعجوز، وأيضا تلك الخادمة اللعينة التي كانت تقف خلفهم كسراب من غير أن يشعر بها أحد وهي تنظر إليهم بعيون متوسعة، بينما تضع كلتا يديها على فمها، وهي تكتم صرخة الدهشة التي كانت سوف تخرج من حلقها، لقد كان هذا آخر شيء يتوقعه الحميع، هو أن يقوم الملك اريوس بخطوة مجنونه كهذه.
ظهر نور أصفر ذهبي احاط بكل من أريوس وسيليا، إلى أن إرتفعت اجسدهم عن الارض، لم يكن أحد منهم قادرا على أن يصدق أو يستوعب كمية الطاقة التي بدأت في الدخول إلى جسد كل منهما.
ومرة أخرى كانت إحدى تلك الخواتم الموشومة في ظهر الملك أريوس تنكسر لتتحول إلى ذرات ذهبية مختلطة بالسواد وبعدها تختفي كالسراب تماما.
إبتسمت الساحرة العجوز إبتسامة هادئهة، وهي تعود للخلف ساحبة ورأها كايوس الذي كان لا يزال يقف في مكانه غير مصدق ما يجري من حوله، لقد صدق المثل في كل مصيبة خير، لم يكن ختم الملك اريوس سوف ينكسر إذا لم تتصرف سيليا بهذه الطريقة.
أما بالنسبة لتلك الخادمة الملعونة المسمى ريني، والتي كانت تقف هنالك شاهدة على كل شيء، فبمجرد أن رأت ما حدث أمامها حتى بدأت بالتحليق بعيدا قبل أن يشعر بها ملك الوحوش.
لتتوقف أخيرا أمام جناح جويا، وبمجرد أن دخلت إلى القاعة،حتى تتجسد أمامهم وعلى وجهها مرسومة علامة الهلع ،اشارت بيدها وكان الجميع يمتثل لأوامرها ويخرجو من هناك كالمعتاد بعد حضورها.
ركضت بسرعة إلى سيدتها، قبل أن تركع أمامها وهي تقول بصوت لاهث في جراء المجهود الذي بذلته من أجل إخفاء جسدها:
" لن تصدق ما حدث قبل قليل يا سيدتي، لقد قام الملك بإتحاد مع تلك الجارية، لقد وسمها وإتحدت القوى بينهما".
كانت جويا تحمل في يدها زجاجة عطرها المفضل ترشه منه على نفسها، وهي تستمع إلى مساعدتها، ولكن ما إن سمعت ما قالته حتى إلتفتت إليها بسرعة لتنظر إليها بصدمة.
كانت ريني تقف خلفها وهي تضم يديها إلى صدرها بخوف شديد، وخاصة عندما تحولت عيني جويا إلى اللون الأحمر، وبدون سابق إنذار كانت تقف لتضرب طاولة التي أمامها.
لترتفع عن الأرض وترتطم بقوة بجدار الحائط ،ثم بعدها تقوم بإخراج من يدها سوطا عبارة عن برق أرزق ثم تضرب به خادمتها، التي نقلت إليها هذه الأخبار لعينة وهي تصرخ بجنون اعمى:.
" أيتها اللعينة ما الذي تقولينه؟"
نزل الدموع خادمتها وهي تتلقى ضربة سيدتها، لتنظر نحو الأرض بضعف وخنوع شديد وهي تقول:
" أرجوك لا تفعل بي هذا يا سيدتي، أنا أخبرك ما رايته بعيني فقط، لا دخل لي "
لم تستطع جويا أن تصدق الأمر، فتركت تلك الخادمة المسكينة التي لم تفعل شيئا سوى نقل الأخبار لها مثل ما امرت، وإتجهت بسرعة البرق إلى الجناح الشمالي الذي تم حجز سيليا فيه.
توقفت في مكانها بصدمة شديدة، عندما وجدت الملك يحمل سيليا بلطف شديد بين ذراعيه، قبل أن يضعها على السرير بهدوء، وكأنه يخشى أن تخدشها الأغطيه القماشية والحريرية ان تؤذي جسدها.
بقي يقف امامها مدة طويلة وهو ينظر إليها قبل أن يمد يده بتردد واضح ،ليستقر أخيرا على رقبتها وهو يمرر إصبعه على ذلك الوشم الذي ظهر على رقبتها بعد إتحادهما.
آمال رأسه للجانب وهو ينظر إليه بصمت لمدة طويلة، قبل أن ينفض رأسه ويستدير دون أن يلتفت إليها مرة أخرى مغادرا الغرفة
وقبل ذادلك كان يرفع يده ليظيرها في الهواء مخرجا طاقه غريبة لتحيط بجسدها الهامد فوق سرير، قبل أن يقفل الباب من خلفه، كل هذا حدث تحت انظار جويا التي كانت على وشك أن تفقد صوابها حرفيا.
ظلت تراقب الملك الذي إبتعد عن المكان وبالمجرد أن مشي بعيدا عن الجناح، حتى إستعملت قوتها وتحولت إلى مجموعة من ذرات غبار أسود ودخلت إلى غرفتها من تحت الباب حتى تتشكل من جديد، وقفت أمام سرير سيليا، وهي تنظر إليها بحقد شديد ،خاصة بعد أن رأت ذالك الوسم الرائع الذي يزين رقبتها.
نضرت إلى ذلك الوشم الذي كان خلف أذنها وعلى الرغم من أنه كان في مكان مخفي قليلا، إلا انه كان واضحا وضوح الشمس، ذلك الوشم كان من المفترض أن يكون ملكها، لا ملك هذه اللعينة ضهرت في حياتها قبل أيام فقط، وقد أخذت منها كل شيء.
" تبا لك أيتها الحثالة، أنت لا تستحقينه هو من حقي أنا فقط "
قالتها بغضب شديد ورفعت الخنجر الذي كان بيدها قبل أن توجهه مباشرة إلى قلب سيليا، التي كانت تغط في نوم عميق، ولكنها تفاجات بطاقة عظيمة تضربها إلى أن تراجعت للخلف، وضربت الحائط الذي كان خلفها مشكلة فيه حفرة كبيره.
أنت بالألم حقيقي وهي ترفع نفسها بصعوبة من على الأرض ،قبل أن توسعت عينيها وقد بدأ شيء ما يشبه الصندوق الزجاجي يتشكل حول سيليا ليحميها.
في هذه اللحظة لم تستطع أن تصدق الأمر أكثر من هذا، لقد منحها هذا الحاجز اللامرئي ذرعا صادا لكل أنواع السحر والتعاويذ، لا يعقل أبدا أن يكون اريوس مستحيل ذلك.
فهو حاجز قوي جدا يجعل الملك يستعمل نصف قوته لكي يشكله ويعطيه لشخص آخر غيره، تبا لها هذه اللعينة كيف إستطاعت أن تجعله يستعمل مثل هذه القوة العظيمة من أجل حمايتها ؟
أي لعنة ألقت عليه حتى تجعله يستنزف نصف طاقته فقط من أجل حمايتها ،حاولت أن تهاجمها مرة أخرى ولكنها توقفت عندما شعرت بهالة شخص ما يقترب من غرفتها، ومرة أخرى تلاشت مثل سراب وهي تتشكل الى ذرات الغبار السوداء تلك، قبل أن تغادر المكان بسرعة نحو جناحها قبل أن يتم كشف أمرها.
وفي اللحظة التي خرجت فيها جويا من نافذة الغرفة وجدت الباب يقتلع من مكانه، والملك أريوس يدخل وفي يديه سيفين واحد من النار والآخر من الجليد.
شد يده بغضب شديد وهو ينظر ناحية سيليا التي كانت لا تزال فاقدة للوع،ي والطاقة لا تزال مفعلة لتحيط بها لكي تحميها في نفس الوقت.
اغلق الباب خلفه ليدخل إليها ويمشي بسرعة نحوها ،
لقد كان قبل دقيقة واحدة متوجها ناحية تلك الساحرة لكي يفهم منها ما حدث معه، وكيف كسر الخاتم الثاني على ظهره، لا يعرف حتى الآن كيف إستطاع أن يكسر خاتمين بمجرد أن الأول قبلها وثاني قد وسمها .
على الرغم من أنه حاول أن يفعل ذلك عدة مرات من قبل، ولكنه لم ينجح ابدا، فكيف إستطاع بمجرد قبلة كان هدفه من خلالها منحها طاقة الحياة حتى تستطيع أن تواجهها الموت أن يكسر خاتمه.
لقد حاول من قبل أن يكسره بطرق عديدة، قبلها رغما عنها كما حدث هذا الصباح، حتى أنه إغتصبها حتى يكسر تلك اللعنة من عليه، ولكنه لم يستطع ذلك.
وعندما كان على وشك الوصول إليها، تفاجئ وهو في طريقه بشخص ما يحاول كسر الحاجز الذي وضعه من أجل حمايتها، كان يعتقد في البداية أنه ربما تكون هي من إستيقظت وهي تحاول أن تؤذي نفسها كما فعلت من قبل، ولكنه عندما دخل إلى غرفتها وجد آثار إقتحام،والخاجز الذي فعله على جسدها دمر نصف الغرفة دليل على أن شخصا ما كان معها، لم يعد هنالك شك واحد أنه ربما يكون أحد أعدائه الذي علم بطريقة ما بأن سيليا هي رفيقته يحاول أن يدمره عبر قتلها، وهذا جعله يضف مشكلة أخرى الى بحر مشكلاته اليومية.
الآن عليه أن ينتبه عليها ويحميها، فهي الآن ورسميا تعتبر رفيقته فقد وسمها وإنتهى الموضوع....
يتبع....