ستة وعشرون
رغم الظروف القاسية التي تعيشها رغم القلوب الجافية التي تحيط بها، رغم الصدور الشاكية التي تكبت على نفسها، رغم العيون الباكية التي ترثى لحالتها
لازلت سيلبا تعشق الحياة بهمها وغمها، ولا زلت تبتسم رغم ألمها،كانت تلك الملاك الطاهرة القلب تبتسم رغم أنها غريقة وسط بحر من الهموم.
كانت كل من جويا وخادمتها ريني تقفان بعيدا وهما تنظران الى سيليا التي كانت تقف في وسط ذلك المطبخ، تعمل على تجهيز مائده الطعام رفقت مجموعة كبيرة من الخادمات، نظرت جويا إلى خادمتها نظرة جعلت الأخرى تفهم ما تريد دون أن تقول حرفا واحدا، بسرعة كانت تتوجه ناحية المطبخ، وهي تقول بصوت عالي نسبيا كي يسمعها الجميع:
" فليتوقف الجميع وليترك مافي يده أوامر الملك اريوس اليوم هي .. على الخادمة الجديدة سيليا هي من عليها أن تجهز طعام اليوم"
نظر إليها كل الخدمات بإشفاق شديد، لتحدث اسيرا نفسها وهي تقول :
سيليا فتاة طيبة بطبعها مع الجميع ،هي لطيفة ومحبة للغاية، لا يعلم أحد هنا لماذا الملك يتعامل معها بكل تلك القاسية، صحيح أنه شخص مزاجي سيء الطباع، ولكنه لم يكن في حياته ظالما لأحد، لا أعرف لماذا سيليا من بين الجميع تتلقى تلك المعاملة القاسية منه، على الرغم من أنها كانت تساعد جميع أفراد القصر وتمد يد العون لهم رغم أن معالم حسن تربية والأخلاق الحميدة، كانت مرسخة في طريقة معاملتها مع الجميع.
تنهدت تلك الخادمة وهي تنظر الى سيليا بشفقة بينما تظر إليها تلك الخادمة ريني بتكبر قبل أن تحوم بنضرها على باقي الخادمات وتقول بأمر:
" ليغادر الجميع من هنا سوف تجهز الطعام بمفردها"
قالتها وهي تلتفت لتغادر المكان تاركة الجميع يوشوش من خلفها.
بينما هم ينظرون الى سيليا بحزن، وعلى الرغم من تلك الغصة التي كانت تحرق حلقها وتجعلها تريد البكاء بحرقة، إلا أنها حاربت كل ذلك ونظرت إليهم بهدوء قائلة بينما هي تشير على الباب :
"شكرا لكم على إهتمامكم تفضلوا سوف أنفذ الاوامر بطبخ الطعام وانتم جهزو الباقي".
نظر إليها رئيس الطهاة بحزن، ليقترب منها وهو يضم يديه على صدره وهو يقول برجاء:
" سوف أساعدك في طبخ الوجبة الرئيسية على الاقل وأنتي اهتمي بالباقي يا سيليا "
ابتسمت سيليا وهي تقول:
أنا حقا أتقدر مساعدتك لي سيد لويس ولكن انا لا أستطيع أن أكون مسؤولة عن المشاكل التي سوف تحدث معك بسبب ذلك اللعين مرة أخرى، لأنه سبق وهددك بأن لا تتحدث معي وإلا قطع لسانك انسيت ذلك".
اقتربت منه لتضع يدها على كتفه وتكمل بهدوء رافضه الأمر بادب شديد، وتقول:
" لما لا نتركها لمرو أخرى هااا؟"
قالتها وهي ترسم تلك الإبتسامة الساحرة على وجهها الفاتن، لينظر الجميع إليها بحزن قبل أن يغادروا بعدما، امطروها بكلمات التشجيع وشجعوها على الصبر وتركيز في العمل، بمجرد أن خرج آخر فرد منهم .
انهارت سيليا على الأرض بحزن شدي،د وقد بدأ الاسر يتسلل إليها شيئا فشيئا.
رفعت يدها لتضعها على قلبها وهي تقول بيأس :
( لماذا الجميع يتعامل معي بهذه الطريقة ما الذي فعلته في حياتي حتى أستحق كل هذا الألم ).
تنهدت بحزن شديد وهي تقف مجددا، وتنفض الغبار الوهمي على ملابسها البالية ،وتتوجه نحو طاولة ضخمة وتحمل من فوقها لحما كثيرا حتى تجهز ما طلبه منها ذالك الملك الضالم.
لقد كانت ماهرة جدا في إستعمال السكين من اجل تقطيع ذالك لحم وتلك الأطنان من الخضروات التي كانت أمامها ،جهزت كل شيء بمهارة شديدة ووقت قياسي .
كانت في بعض الاحيان تضحك على نفسها من الداخل وهي تهز رأسها ،على الرغم من أنها أميرة مملكة العنقاء ووريثة عرشها، إلا أنها كانت مجبورة أن تخدم نفسها بنفسها والحقيقة إنها ليست نادمة على أنها تعلمت كل تلك الأعمال الشاقة، فقد أفادها الأمر كثيرا في هذه الأيام الصعبه التي تعيشها اليوم في قصر كوركانس.
بعد الوقوف في المطبخ لأكثر من أربع ساعات كانت تنظر بفخر شديد إلى كل ما حضرته يديها، أخيرا انتهت من إعداد وليمة ملكية ضخمة جدا.
نظفت كل شيء من حولها قبل أن تتوجه إلى باب ذلك المطبخ، وتشير إلى إحدى الخادمات لتتقدم منها حتى تطلب منها أن تساعدها في تجهيز المائدة الرئيسية في قاعة الضيوف ،فلم يبقى إلى أقل من نصف ساعة على وقت تناول الطعام من طرف ذلك اللعين.
في في تلك لحظة التي خرجت منها هي من المطبخ كانت خادمة جويا تخفي نفسها بقدرتها لتدخل خلفها تستغل الوضع لتقترب من مادة الطعام وتضع قطرة من سائل أزرق على الطبق الرئيسي للملك.
قبل أن تغادر المكان بسرعة وتختفي كما ظهرت دون أن يرها أحد.
اما بالنسبة لسيليا فقد أخذت نفسا عميقا قبل أن تتوجه إلى داخل المطبخ مجددا، وهي تأخذ الطعام الذي جهزته إلى السيد القصر .
بعد لحضات كان كل شيء جاهزا على سفرة الطعام وقد كان هذا الأخير شهيا جدا، بمجرد النظر إليه تشعرك برغبة شديدة في إلتهام كل ما أمامك وذلك بمجرد النظر إلى الطريقة التي تم الترتيب وتزين بها هذا هذا الأكل الفاخر.
وضعت كل شيء في مكانه على تلك المائدة الضخمة، قبل أن تتحرك وتذهب إلى المطبخ لتجلس فيه، فأخر شيء تريده هو أن تصتدم مجددا بذلك الملك النرجسي.
وعلى ذكره فقد دخل اريوس من باب قاعة ومن خلفه كايوس يجر خلفه طرف ملابسه الحريرية، وبجانبه وصيف الملك ومساعده.
جلس الملك بكبرياء على رأس تلك السفرة
وبجانبه الأيمن كايوس، وبدأ بتناول طعامه بشراهة شديدة، هو لا يعرف لماذا يعجبه أكل هذا اليوم؟
ولماذا يشعر بجوع ويرغب التذوق من كل الأصناف التي أمامه، رغم أنه هذا ليس من عادته؟!!!
بالنسبة لجويا ووصيفتها الخبيثة تلك ،فقد كانت كل واحدة منهما تنظر إلى الملك من رواق المقابل لتلك القاعة ،والذي كان يتناول أكله بشراهة وهما ينتظران ظهور الأعراض عليه في أي لحظو، إلا أن شيء لم يحدث فاريوس لا يزال يتناول طعامه بشهية كبيرة.
زمت جويا فمها بغيض وهي تنظر بطرف عينيها نحو خادمتها تنتضر منها تفسيرا لما يحدث الآن، خطتها لعينة بأت بالفشل فالملك يأكل من الطعام بشراهة كببرة دون حدوث أي شيء له.
فتحت جويا عينيها بصدمة حقيقية، وهي تسمع ذلك الصوت الساخر الذي جاء من خلفها ليقول لها بشماتة:
" لسوء الحظ أنت تضيعين وقتك هنا يا سيدة جويا فالملك لن يحدث له شيء على الإطلاق".
التفت نحو مصدر الصوت لتوسع عين كل من جويا وخادمتها بصدمة شديدة، هزت رأسها بغير تصديق وهما ينظران إليها بغير بدهشة حقيقية.
منذ متى وهذه اللعينة هنا، بينما كانت تلك الفتاة ترسم إبتسامة هادئة على وجهها وهي تنظر إليهم بسخرية، غير قادرة على أن تصدق أنها من الممكن أن تصل بها الجرأة إلى محاولة قتل الملك.
وضعت يدها اسفل ذقنها وهي تقول بتفكير:
" على حسب علمي أنت تحبين الملك، لماذا تريدين قتله؟"
إستدارت جويا من مكانها لتدفع كتف المتحدثة التي تقف خلفها وهي تصرخ:
" ما الذي تهدين به أيتها اللعينة؟"
انهت جويا جملتها بصوت حاد وغاضب جدا ،بينما هي تنظر بالتوتر إلى سيليا التي كانت تقف بجانبها وهي تنظر إليها بسخرية.
الأمر لا يحتاج لذكاء يمكنك بسهولة أن تعرف أن جويا كانت تخطط لشيء سيء، وخصوصاً بعد صرفها لكل الخدم وتركها تطبخ لوحدها.
إبتسمت سيليا إبتسامة هادئة فكل شيء أصبح واضح وضوح الشمس، أنفها مستحيل أن يخطئ في هذه المسأل ،السم الذي إشتمته في الطعام الملك لم يكن سما قويا.
يعني أنها قد وضعت تلك الجرعة الخفيفة حتى تجعل الملك يتألم ويعتقد أنها تحاول أن تقتله، وبالتالي سوف يعاقبها كما يفعل دائما، أو ربما يقتلها.
تستطيع أن تتفهم كل هذه الأمور، ولكن ما لا تستطيع أن تفهم، هو لماذا تريد أن تفعل ذلك معها هي بالضبط، لماذا كل هذا الحقد والغضب إتجاهها.
فهي واثقة أنها لم ترى هذه الفتاة من قبل في حياتها ولا تربطها بها أي عداوة من قبل، إذا لماذا تريد أن تجعل سمعتها سيئة امام الملك، لماذا تريد قتلها بالأصل؟.
" أنا لا أهذي يا أنسة أنتي تعرفين الحقيقة التي أنا وأنت واثقين منها "
تحدثت سيليا بثقة ثم إقتربت منها بطريقة جعلت جويا تتراجع للخلف، خاصة عندما أطلقت جزءا من طاقتها التي جعلها ترتجف حرفيا من هول هالتها.
فكرت جويا بتوتر إذا كانت في البداية تهدف إلى جعل الملك يكرها ويطردها خارج القصر، فهي الآن حرفيا صارت تخطط لأن تتخلص منها، يجب عليها قتلها
فهذه الفتاة تمتلك قوة عجيبة، وخصوصا وأن الطاقة التي اطلقتها والهالة التي تحيطها الآن أكبر منها بأضعاف .
" أنا لا أعلم عما تتحدثين أيتها لعينة، كما أنه ليس من شيامي أن أنزل إلى مستوى الخادمات أمثالكم"
تكلمت وهي تدعي القوة رغم التوتر التي تشعر به.
ارتسمت على ملامح سيليا إبتسامة سمجى وهي تنظر إليها بسخرية، قبل أن تقترب منها إلى أن أصبح وجهها قريبا جدا منها، مالت على اذنيها لتقول بصوت خافت :
" أجل بطبيعة الحال أنت أرقى وأسمى من ذلك، عموما يفضل لك أن تتجنبيني ولا تشتري عداوتي يا أنسة حمراء "
انهت كلامها ببرود شديد وهي تنظر بسخرية إلى شعرها الأحمر القصير ،قبل أن تتركها تقف في مكانها لتغادر سيليا المكان دون حرف واحد.
بينما نظرت جويا بحقد إليها وهي تقسم أنها سوف تقتل هذه الفتاة، إلتفتت إلى خادمتها التي كانت تقف خلفها وقد ظهر التوتر جليا على ملامح وجهها، وبلحظة واحدة كانت رقبتها بين يدي جويا التي بدأت في خنقها وهي تصرخ قائلة:
" كيف عرفت بهذا الأمر أيتها اللعينة، لقد أخبرتك وحذرتك من أن يراك احد وأنت تضعين السم في الطعام.؟؟"
حاولت الخادمة أن تأخذ نفسها من بين تلك الأصابع اللعينة التي كانت تحيط برقبتها وتخنقها بلا رحمة، بينما هي تحاول بالاستماتة بأن تخرج بعض الكلمات حتى تدافع عن نفسها:
" أقسم لك يا سيدتي جويا أني واثقة جدا أن لا أحد رأني أقسم لك مولاتي أرجو رحمتك "
رمتها جويا بغضب شديد إلى الخلف أن اصطدمت بالحائط الذي كان بجوارها، قبل أن تنظر إليها بقرف
ثم تغادر المكان.
بينما سيليا كانت تقف بعيدا ترقب الوضع وهي تقضم بتلذذ وتتناول تفاحة التي بيدها وتنظر بسخرية إلى تلك اللعينه جويا، التي كانت تضرب خادمتها بلا رحمة الآن تأكدت أنها صاحبة الفعلة.
لازلت سيلبا تعشق الحياة بهمها وغمها، ولا زلت تبتسم رغم ألمها،كانت تلك الملاك الطاهرة القلب تبتسم رغم أنها غريقة وسط بحر من الهموم.
كانت كل من جويا وخادمتها ريني تقفان بعيدا وهما تنظران الى سيليا التي كانت تقف في وسط ذلك المطبخ، تعمل على تجهيز مائده الطعام رفقت مجموعة كبيرة من الخادمات، نظرت جويا إلى خادمتها نظرة جعلت الأخرى تفهم ما تريد دون أن تقول حرفا واحدا، بسرعة كانت تتوجه ناحية المطبخ، وهي تقول بصوت عالي نسبيا كي يسمعها الجميع:
" فليتوقف الجميع وليترك مافي يده أوامر الملك اريوس اليوم هي .. على الخادمة الجديدة سيليا هي من عليها أن تجهز طعام اليوم"
نظر إليها كل الخدمات بإشفاق شديد، لتحدث اسيرا نفسها وهي تقول :
سيليا فتاة طيبة بطبعها مع الجميع ،هي لطيفة ومحبة للغاية، لا يعلم أحد هنا لماذا الملك يتعامل معها بكل تلك القاسية، صحيح أنه شخص مزاجي سيء الطباع، ولكنه لم يكن في حياته ظالما لأحد، لا أعرف لماذا سيليا من بين الجميع تتلقى تلك المعاملة القاسية منه، على الرغم من أنها كانت تساعد جميع أفراد القصر وتمد يد العون لهم رغم أن معالم حسن تربية والأخلاق الحميدة، كانت مرسخة في طريقة معاملتها مع الجميع.
تنهدت تلك الخادمة وهي تنظر الى سيليا بشفقة بينما تظر إليها تلك الخادمة ريني بتكبر قبل أن تحوم بنضرها على باقي الخادمات وتقول بأمر:
" ليغادر الجميع من هنا سوف تجهز الطعام بمفردها"
قالتها وهي تلتفت لتغادر المكان تاركة الجميع يوشوش من خلفها.
بينما هم ينظرون الى سيليا بحزن، وعلى الرغم من تلك الغصة التي كانت تحرق حلقها وتجعلها تريد البكاء بحرقة، إلا أنها حاربت كل ذلك ونظرت إليهم بهدوء قائلة بينما هي تشير على الباب :
"شكرا لكم على إهتمامكم تفضلوا سوف أنفذ الاوامر بطبخ الطعام وانتم جهزو الباقي".
نظر إليها رئيس الطهاة بحزن، ليقترب منها وهو يضم يديه على صدره وهو يقول برجاء:
" سوف أساعدك في طبخ الوجبة الرئيسية على الاقل وأنتي اهتمي بالباقي يا سيليا "
ابتسمت سيليا وهي تقول:
أنا حقا أتقدر مساعدتك لي سيد لويس ولكن انا لا أستطيع أن أكون مسؤولة عن المشاكل التي سوف تحدث معك بسبب ذلك اللعين مرة أخرى، لأنه سبق وهددك بأن لا تتحدث معي وإلا قطع لسانك انسيت ذلك".
اقتربت منه لتضع يدها على كتفه وتكمل بهدوء رافضه الأمر بادب شديد، وتقول:
" لما لا نتركها لمرو أخرى هااا؟"
قالتها وهي ترسم تلك الإبتسامة الساحرة على وجهها الفاتن، لينظر الجميع إليها بحزن قبل أن يغادروا بعدما، امطروها بكلمات التشجيع وشجعوها على الصبر وتركيز في العمل، بمجرد أن خرج آخر فرد منهم .
انهارت سيليا على الأرض بحزن شدي،د وقد بدأ الاسر يتسلل إليها شيئا فشيئا.
رفعت يدها لتضعها على قلبها وهي تقول بيأس :
( لماذا الجميع يتعامل معي بهذه الطريقة ما الذي فعلته في حياتي حتى أستحق كل هذا الألم ).
تنهدت بحزن شديد وهي تقف مجددا، وتنفض الغبار الوهمي على ملابسها البالية ،وتتوجه نحو طاولة ضخمة وتحمل من فوقها لحما كثيرا حتى تجهز ما طلبه منها ذالك الملك الضالم.
لقد كانت ماهرة جدا في إستعمال السكين من اجل تقطيع ذالك لحم وتلك الأطنان من الخضروات التي كانت أمامها ،جهزت كل شيء بمهارة شديدة ووقت قياسي .
كانت في بعض الاحيان تضحك على نفسها من الداخل وهي تهز رأسها ،على الرغم من أنها أميرة مملكة العنقاء ووريثة عرشها، إلا أنها كانت مجبورة أن تخدم نفسها بنفسها والحقيقة إنها ليست نادمة على أنها تعلمت كل تلك الأعمال الشاقة، فقد أفادها الأمر كثيرا في هذه الأيام الصعبه التي تعيشها اليوم في قصر كوركانس.
بعد الوقوف في المطبخ لأكثر من أربع ساعات كانت تنظر بفخر شديد إلى كل ما حضرته يديها، أخيرا انتهت من إعداد وليمة ملكية ضخمة جدا.
نظفت كل شيء من حولها قبل أن تتوجه إلى باب ذلك المطبخ، وتشير إلى إحدى الخادمات لتتقدم منها حتى تطلب منها أن تساعدها في تجهيز المائدة الرئيسية في قاعة الضيوف ،فلم يبقى إلى أقل من نصف ساعة على وقت تناول الطعام من طرف ذلك اللعين.
في في تلك لحظة التي خرجت منها هي من المطبخ كانت خادمة جويا تخفي نفسها بقدرتها لتدخل خلفها تستغل الوضع لتقترب من مادة الطعام وتضع قطرة من سائل أزرق على الطبق الرئيسي للملك.
قبل أن تغادر المكان بسرعة وتختفي كما ظهرت دون أن يرها أحد.
اما بالنسبة لسيليا فقد أخذت نفسا عميقا قبل أن تتوجه إلى داخل المطبخ مجددا، وهي تأخذ الطعام الذي جهزته إلى السيد القصر .
بعد لحضات كان كل شيء جاهزا على سفرة الطعام وقد كان هذا الأخير شهيا جدا، بمجرد النظر إليه تشعرك برغبة شديدة في إلتهام كل ما أمامك وذلك بمجرد النظر إلى الطريقة التي تم الترتيب وتزين بها هذا هذا الأكل الفاخر.
وضعت كل شيء في مكانه على تلك المائدة الضخمة، قبل أن تتحرك وتذهب إلى المطبخ لتجلس فيه، فأخر شيء تريده هو أن تصتدم مجددا بذلك الملك النرجسي.
وعلى ذكره فقد دخل اريوس من باب قاعة ومن خلفه كايوس يجر خلفه طرف ملابسه الحريرية، وبجانبه وصيف الملك ومساعده.
جلس الملك بكبرياء على رأس تلك السفرة
وبجانبه الأيمن كايوس، وبدأ بتناول طعامه بشراهة شديدة، هو لا يعرف لماذا يعجبه أكل هذا اليوم؟
ولماذا يشعر بجوع ويرغب التذوق من كل الأصناف التي أمامه، رغم أنه هذا ليس من عادته؟!!!
بالنسبة لجويا ووصيفتها الخبيثة تلك ،فقد كانت كل واحدة منهما تنظر إلى الملك من رواق المقابل لتلك القاعة ،والذي كان يتناول أكله بشراهة وهما ينتظران ظهور الأعراض عليه في أي لحظو، إلا أن شيء لم يحدث فاريوس لا يزال يتناول طعامه بشهية كبيرة.
زمت جويا فمها بغيض وهي تنظر بطرف عينيها نحو خادمتها تنتضر منها تفسيرا لما يحدث الآن، خطتها لعينة بأت بالفشل فالملك يأكل من الطعام بشراهة كببرة دون حدوث أي شيء له.
فتحت جويا عينيها بصدمة حقيقية، وهي تسمع ذلك الصوت الساخر الذي جاء من خلفها ليقول لها بشماتة:
" لسوء الحظ أنت تضيعين وقتك هنا يا سيدة جويا فالملك لن يحدث له شيء على الإطلاق".
التفت نحو مصدر الصوت لتوسع عين كل من جويا وخادمتها بصدمة شديدة، هزت رأسها بغير تصديق وهما ينظران إليها بغير بدهشة حقيقية.
منذ متى وهذه اللعينة هنا، بينما كانت تلك الفتاة ترسم إبتسامة هادئة على وجهها وهي تنظر إليهم بسخرية، غير قادرة على أن تصدق أنها من الممكن أن تصل بها الجرأة إلى محاولة قتل الملك.
وضعت يدها اسفل ذقنها وهي تقول بتفكير:
" على حسب علمي أنت تحبين الملك، لماذا تريدين قتله؟"
إستدارت جويا من مكانها لتدفع كتف المتحدثة التي تقف خلفها وهي تصرخ:
" ما الذي تهدين به أيتها اللعينة؟"
انهت جويا جملتها بصوت حاد وغاضب جدا ،بينما هي تنظر بالتوتر إلى سيليا التي كانت تقف بجانبها وهي تنظر إليها بسخرية.
الأمر لا يحتاج لذكاء يمكنك بسهولة أن تعرف أن جويا كانت تخطط لشيء سيء، وخصوصاً بعد صرفها لكل الخدم وتركها تطبخ لوحدها.
إبتسمت سيليا إبتسامة هادئة فكل شيء أصبح واضح وضوح الشمس، أنفها مستحيل أن يخطئ في هذه المسأل ،السم الذي إشتمته في الطعام الملك لم يكن سما قويا.
يعني أنها قد وضعت تلك الجرعة الخفيفة حتى تجعل الملك يتألم ويعتقد أنها تحاول أن تقتله، وبالتالي سوف يعاقبها كما يفعل دائما، أو ربما يقتلها.
تستطيع أن تتفهم كل هذه الأمور، ولكن ما لا تستطيع أن تفهم، هو لماذا تريد أن تفعل ذلك معها هي بالضبط، لماذا كل هذا الحقد والغضب إتجاهها.
فهي واثقة أنها لم ترى هذه الفتاة من قبل في حياتها ولا تربطها بها أي عداوة من قبل، إذا لماذا تريد أن تجعل سمعتها سيئة امام الملك، لماذا تريد قتلها بالأصل؟.
" أنا لا أهذي يا أنسة أنتي تعرفين الحقيقة التي أنا وأنت واثقين منها "
تحدثت سيليا بثقة ثم إقتربت منها بطريقة جعلت جويا تتراجع للخلف، خاصة عندما أطلقت جزءا من طاقتها التي جعلها ترتجف حرفيا من هول هالتها.
فكرت جويا بتوتر إذا كانت في البداية تهدف إلى جعل الملك يكرها ويطردها خارج القصر، فهي الآن حرفيا صارت تخطط لأن تتخلص منها، يجب عليها قتلها
فهذه الفتاة تمتلك قوة عجيبة، وخصوصا وأن الطاقة التي اطلقتها والهالة التي تحيطها الآن أكبر منها بأضعاف .
" أنا لا أعلم عما تتحدثين أيتها لعينة، كما أنه ليس من شيامي أن أنزل إلى مستوى الخادمات أمثالكم"
تكلمت وهي تدعي القوة رغم التوتر التي تشعر به.
ارتسمت على ملامح سيليا إبتسامة سمجى وهي تنظر إليها بسخرية، قبل أن تقترب منها إلى أن أصبح وجهها قريبا جدا منها، مالت على اذنيها لتقول بصوت خافت :
" أجل بطبيعة الحال أنت أرقى وأسمى من ذلك، عموما يفضل لك أن تتجنبيني ولا تشتري عداوتي يا أنسة حمراء "
انهت كلامها ببرود شديد وهي تنظر بسخرية إلى شعرها الأحمر القصير ،قبل أن تتركها تقف في مكانها لتغادر سيليا المكان دون حرف واحد.
بينما نظرت جويا بحقد إليها وهي تقسم أنها سوف تقتل هذه الفتاة، إلتفتت إلى خادمتها التي كانت تقف خلفها وقد ظهر التوتر جليا على ملامح وجهها، وبلحظة واحدة كانت رقبتها بين يدي جويا التي بدأت في خنقها وهي تصرخ قائلة:
" كيف عرفت بهذا الأمر أيتها اللعينة، لقد أخبرتك وحذرتك من أن يراك احد وأنت تضعين السم في الطعام.؟؟"
حاولت الخادمة أن تأخذ نفسها من بين تلك الأصابع اللعينة التي كانت تحيط برقبتها وتخنقها بلا رحمة، بينما هي تحاول بالاستماتة بأن تخرج بعض الكلمات حتى تدافع عن نفسها:
" أقسم لك يا سيدتي جويا أني واثقة جدا أن لا أحد رأني أقسم لك مولاتي أرجو رحمتك "
رمتها جويا بغضب شديد إلى الخلف أن اصطدمت بالحائط الذي كان بجوارها، قبل أن تنظر إليها بقرف
ثم تغادر المكان.
بينما سيليا كانت تقف بعيدا ترقب الوضع وهي تقضم بتلذذ وتتناول تفاحة التي بيدها وتنظر بسخرية إلى تلك اللعينه جويا، التي كانت تضرب خادمتها بلا رحمة الآن تأكدت أنها صاحبة الفعلة.