ثمانية وعشرين

كان اريوس يتجول في قصره وهو يحاول أن يبحث عن سيليا وفي كل مكان، ولكن بدون فائدة، كما لو أن الأرض إنشقت وبلعتها، لا شك في أن لعينة هربت وإختبأت منه بعدما أهانها على الطعام الذي قدمته له قبل أيام، كان يسير بسرعة بين الأروقة وهو يقول في نفسه :

" يجب علي أن أراها الآن حتى أتأكد إن كانت قد قابلت ذلك اللعين المسمى برفيقها من قبل ام لا،علي معرفة ذلك وإلا أصبيت بالجنون من فرط التفكير؟؟"

عندما خرج اريوس من قاعة العرش، إستدار كايوس نحو الساحرة سيلان ليفتح فمه، وهو يقول بتوتر واضح بينما يتبعانه أينما ذهب :

" هل أنتي واثقة أن ما فعلناه كان جيد، أضن أننا قمنا بشحنه بالغضب فقط، وسوف يأذيها مجددا إن عاندت وقفت في وجهه، أنتي تعرفينها هي لا تسكت على الإطلاق إن أهانها".


أنهى كلامه وهو يرفع يده التي ترتجف بخوف شديد، نحو شعره ليسحبه للخلف بتوتر.

كان كايوس ينظر إلى الساحرة التي كانت تمشي خلف الملك، والذي بدوره كان يبحث عنها في أروقة القصر بحثا عنها، يحاول أن يشم أو يتشعرة طاقتها، لتنظر تلك الساحرة نحو كايوس بإبتسامة وهي تقول بينما ترفع حاجبها:

" واثقة تماما بما فعلته..كما أنا واثقة أني أراك الآن تمشي خلفي خائفا، بينما أنت تقضم اضافرك كطفل على وشك أن يعاقب من طرف والده".

إبتلع كايوس ريقه بخوف شديد وهو يبعد يده عن فمهة، ليقول بهمس خوفا من أن يسمعها اريوس:


" في الحقيقة أنا غير واثق أبدا مما فعله، وحقيقة الأمر أني حقا خائف جدا، لأننا تجرأنا على الكلام بتلك الطريقة أمام اريوس، لو كنت أعرف أن الملك سوف يفقد صوابه بذلك الشكل، ما كنت تحدثت على الإطلاق أفضل الصمت على زيادة شحنه وإثارة غيرته، هو كوركانس كل شيء فيه مضاعف قوته مشاعره وحتى غيرته على أنثاه ".

مد كايوس يده ليمسك تلك ساحرة من كتفها ليديرها نحوه، وهو يحاول أن يتحكم في نفسه، تحرك بؤبؤه بتوتر، لينظر إلى تلك التي كانت تقف أمامه مكملا بحدة:

" أنا حقا أخشى أن يؤديها، هو غير مستقر عاطفيا سوف يأذيها ويأذي نفسه، ويغرق في الظلام إلى الأبد"

هزت تلك العجوز رأسها، لتفتح فمها وتقول بثقة كبيرة:

" لا هو لن يفعل لن يحدث أبدا ما تفكر به، ثق بذلك يا كايوس، من يدري ربما بسبب أحد أفعاله المتهورة تلك، قد يتم فك ختم آخر من عليه هذا اليوم"

حرك كايوس رأسه إلى الجانبين، حسنا على ما يبدو أنها فكرة جيدة، ربما يتخلصون من تلك الأختام اللعينة التي تقيد قوته إلى الابد، لكي يعود الأمن والإستقرار داخل المملكة.

" المهم حاول أن تجد سيليا قبله، وأخبرها بما أخبرتك به قبل أن يصل إليها اريوس، ويبدا السخرية وتقليل من شأنها أمام الخدم والحاشية الملكية فأنت تعرف كيف يصبح عندما يتعلق الأمر بها".

هذا ما أخبرته بينما هي تبتسم وهي تنظر إلى اريوس الذي فقد الأمل تماما من إيجاد سيليا ، لذاك إنصرف إلى عمله وكل تفكيره وعقله لا زال معها.....

في مكان آخر كانت سيليا تختبئ خلف إحدى الأسوار العالية من تلك الحديقة الملكية الضخمة، بعدما سمعت من إحدى الخادمات أن الملك أريوس يبحث عنها في كل مكان، تتنهد براحة شديدة وهي تنظر إليه من بعيد، وهو يدير ضهره ليغادر تلك الحديقة، لتتمتم بينها وبين نفسها بسخط:

" تبا لك لست سوى متوحش أحمق ومغفل، بلا قلب، سحقا لليوم الذي أنقذتك فيه".


" ليس هنالك شخص احمق هنا غيرك، يا أنسة مجنونة "


تمتم بها ذلك الشخص الذي يقف خلفها بصوت ساخر قرب أذنها، لتتوسع عينيها الفريدة بصدمة، قبل أن تلتفت إلى ذلك الذي كان يقف خلفها، وتنظر إليه بينما هي ترمش بتوتر، كيف يقف هناك وهو يرسم إبتسامة ساخرة.


تبا كيف إستطاع أن يفعل هذا في ضرف ثواني، لقد كانت واثقة أنها تراقب المكان جيدا، لقد كان أمامها وقد غادر قبل ثواني قليلة كيف أصبح خلفها فجأة، تراجعت للخلف بضعة خطوات وهي لا تصدق عينيها،
بينما كان هو ينظر إليها بإبتسامة ساخرة.



تلقائيا وجدت نفسها ترفع يدها لتمسك بجديلتها الشقراء، كما لو أنها كانت تحمي شعرها منه، إبتسم وهو يقترب منها وهو يقول:

" هل لا تزالين حانقة وغاضبة من أجل شعرك ذاك، إنها مجرد شعر وسوف يكبر ويطول مع الوقت، بالإضافة إلى هذا لقد كان طويلا جدا ويزعجني عندما أهممم... انتي تفهمين ما أقصد".

أغمضت عينيها بصدمة وغضب، وقد كان السبب هذه المرة أنها لا تستطيع أن تسمع كلماته اللعينة، صرخت وهي تضع يديها على أذنيها قائلة بعد ما عرفت ما الذي سوف يقوله أن أكمل كلامه:

" إخرس ... إخرس لا أريد أن أسمع كلمة واحدة منك أيها اللعين، أنت تجعلني أشعر بالتقزز بسبب أفكارك المنحرفة".

ضحك اريوس بقوة شديدة حتى أنه عاد برأسه إلى الخلف ليقول :

" لماذا ؟؟ إياك أن تعتقدي أنني إكتفيت بما حدث ذلك اليوم لا، أنا لا أزال أرغب بالمزيد."

ثم لمعت عينيه بشر ليقترب منها إلى أن أصبح قريب جدا ليهمس في أذنيها، ويقول بصوت خافت ومرعب بالنسبه إليها:

" وكوني متأكدة صغيرتي سيليا، أنني سوف أحصل عليه شأتي أم أبيتي".

شدت على يدها بغضب، لتقترب منه دافعة إياه من صدره إلى الخلف.

وبينما يديها لا تزال على صدره الحجري، إلا أنها توسعت بصدمة، عندما وجدت يديه تلتف حول خاصتها وتقربها من صدره اكثر، وبسرعة كان يضع شفتيه على خاصتها ملتهما إياها بقبلة شغوفة.

كانت مصدومة من تصرفاته هاته، لدرجة أنها لم تستطع أن تبعده عنه، فإبتسم وسط قبلاته إبتسامة هادئة إلا انه لم يسمح لها ان تشعر بتلك المشاعر التي كانت تسيطر عليه في كل مرة يكون قريبا منها.

ابتعد عنها رغما عنه ليرفع يده ويمسح بها بهدوء على شفتيها الحمراء جراء قبلته المحمومة وهو يقول :

" أرأيت أنك مجرد فتاة رخيصة، تدعي العفاف بينما أنتي تحبين فعل هذا ".


شعرت كما لو أن صفعة قوية قد ضربت وجهها في تلك لحظة أغمضت عينيها بألم شديد، لترفع يدها بنية أن تدفعه إلا أنه أمسكها ليلويها خلف ظهرها، وينظر إليها بغضب وهو يقول بينما يصك اسنانه:

" لا...لا  ليس في كل مرة تسلم الجرو يا طفلة، عليك أن تعرفي أيتها الصغيرة أنني لست واحدا من أولئك الرجال اللعينين الذين كنت تقضينا وقتك بين أحضانهم مستمتعة بقبولاتهم".

كان ينظر إليها بغضب شديد، كما لو أنه زوج وجد زوجته تخونه مع شخص آخر فوق سريره، شد على يدها بغضب شديد لدرجة أنه كاد أن يكسرها.

لقد لوى يد التي كانت قد رفعتها من أجل صفعه، وهو يفكر بما قالته له تلك الساحرة.



" ( سيدي هي تمتلك رفيقا آخر غيرك، وهو يشعر بها وهي ربما تفعل المثل)".


والحقيقة التي تغضبه الآن حقا، أنها لن تكون ملكا له وحده، ولكن فلتلعنه السماء أكثر مما هو ملعون الآن،
أن سمح لأحد ما أن يأخذها منه، لذلك وجد نفسه يفتح فمه ويمطرها بكلام لاذع:

" قبل أن تتهوري مرة أخرى عليكي أن تعلمي من يقف أمامك، ثم لا تنسي مقامك هذا أيتها الرخيصة إن كان لديك مقام في الأصل".

قالها بسخرية ليدفعها في نهاية كلامه من كتفها،
بينما بقيت هي متسمرة في مكانها دون حراك غير قادرة على تصديق ما قاله لها.


غضت على شفتيها لدرجة أنها نزفت دما ،لقد كانت تشعر بالغيض وهي تفكر:


" كيف سمحت له أن يهيني بتلك الطريقة ".


رفعت رأسها لتنظر إليه بغضب شديد، خاصة أن كلماته اللاذعة تلك كانت بمثابة صفعة قوية على وجهها:

" أيها الوغد اللعين عديم المشاعر، أيها الوحش عديم الذوق والرحمة، كيف تتجرأ على معاملتي بهذه الطريقة، بل كيف تفكر حتى بالإقتراب مني أيها اللعين، هل تضنني مجرد عبدة بالنسبة لك؟ لما تعاملني على هذا الأساس انا حرة دعني بسلام، للمرة الألف أطلب منك هذا دعني أعيش في سلام "

صرخت بها سيليا بكل قوتها لدرجة أن الخدم والحرس الذي كانوا يمرون من جوارهم ،وقفوا لينظرو إلى تصرفها الهمجي هذا بنضرهم بالإستغراب.


شعر اريوس بالغضب يتصاعد داخله، ليشد على يده بغضب شديد وهو يصرخ أقوى منها ويقول :

" أيتها اللعينة الحقيرة، كيف تجرأتي ورفعتي صوتك في وجهي سوف أجعلك تطلبين الرحمة مني، وأنت تقبلين قدمي بسبب هءه الإهانة التي وجهتها لي أيتها لعينة إعتذاري وإلا فصلت رأسك عن رقبتك".


نظرت إليه وهي تشيح بوجهها إلى الجانب بعيدا عن نظراته النارية، قبل تفتح فمها وهي تجيبه بعناد:

" على جثتي أقسم لك أنني لن أفعل ذلك حتى لو قتلت نفسي بيدي ،أفضل الموت على فعلها".

رفع يده ليضرب وجهها بقبضته، ولكنه في آخر لحضة غير إتجاه لكمته لتصيب الشجرة التي خلفها.

لتنكسر إلى جزئين قبل أن يقف بالإستقامة مجددا، ليتجاهلها تماما، وكأنه لم يحدث شيء قبل أن يغادر المكان بصمت، وهو يرسم تلك الإبتسامة الجانبية على وجهه الوسيم، وهو يقسم على جعلها تعتذر سوف تفعل ذلك في يوم من الأيام أكيد.


نظر كايوس إلى الساحرة التي كانت تقف إلى جواره ليبتسم بإبتسامة ساخرة، نظرت إليه هذه الاخيرة ببرود وهي تقول بتحذير، بينما ترفع إصبعها السبابة في وجهه:

" إياك أن تقول كلمة واحدة "

أبتسم كايوس بسخرية شديدة، لينظر إلى سيليا التي كانت تقف في مكانها تشد على يدها بغضب شديد، بينما لا تزال نظراتها معلقة بضهر الملك الذي كان يغادر من أمامها ليقول بيأس:

" أقسم لك أنني لا أرى إحتمال واحد في المئة، على أنه من الممكن أن ينجحوا في هذه العلاقة العقيمة"

تنهدت تلك العجوز لتدير رأسها، وتراقب سيليا بينما تقول بثقة:

" لا تحكم على الكتاب من غلافه أيها الصغير"

زم كايوس شفتيه بغيض، ثم إلتفتت لتنظر إليه  نظرات غامضة قبل أن تكمل كلامها المبهم، جعله غير قادر على فهم ماذا تقصد:

" بالإضافة إلى ذلك أيها الوزير الأعضم، ليس كل ما يلمع جميل فحتى السكاكين تلمع وإن إقترب نصلها من رقبتك سوف تموت"

لم يستطع أن يفهم شيء مما كانت تقصده من هذا الكلام؟


تحدثت وهي تكمل كلامها الغريب ذاك :


" يرسم القدر خطا مستوي ليجمع بين إثنين يستحيل أن ينشأ الحب بينهما، فاللعنة التي ألقيت من منذ زمن بعيد، تقف حاجزا منيعا أمام الحب الذي يحمله قلبين طاهرين، لعنة الأجداد يدفع ثمنها الاحفاد.

حب قديم ومؤامرات وملك مظلوم بلعنة أبدية، وأميرة ضائعة تحاول أن تسترجع عرشها المسلوب، فتقع فريسة في يد ملك الوحوش لتصبح أميرة قبل ان تكون أسيره".


تحركت من مكانها بينما تمنحه إبتسامة هادئة، قبل أن تلتفت مغادرتا من أمامه، وذلك بعدما تأكدت أن مهمتها في ذلك المكان قد إنتهت.









يتبع...





لا تنسوا الدعم والتعليق ومساندتي اعزتي.دمتم بآلاف خير ،قبلاتي للجميع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي