الفصل السابع

تذكرت للحظة مدى بلوغ ذكائه لذا ضحكت نصف ضحكة خبيثة قائلة:
- لقد نسيت لبرهة أنك عالم ذكي ولا تهاب شيء.

- لا استطيع أنكار ذلك لذا أخبرني بحقيقة عقلك؟

- حسنا سوف أخبرك بكل ما أريد، ولكن.

فجأة قاطع حدثنا المربية وهي تلهث من الجري والصدمة تمتلكها تخبرني:
- سيدتي يا سيدتي.

نظرت إليها عابسة أسألها بغضب:
- ما الأمر يا بركة؟

- هناك شيء حدث.

- بركة لقد أخبرتك من قبل لا تقاطعي حديثنا.

- سيدتي لقد عاد يبحث عنك.

- من هو الذي عاد تحدث بلغة واضحة؟

- لقد عاد صديقك المقرب.

- من!  
- باتريك.

ملحوظة:
باتريك هو حبيبي الذي فسخت خطوبتي منذ الولادة من أجله، وهو إسباني الجنسية من أم مصرية عند بلوغه العشرة سنوات عادت به والدته إلى مصر، ومنذ هذا الوقت يعيش في هذه الدولة، وينحدر من عائلة أرستقراطية.

عند سماع اسم هذا الخائن نهضت فزعاً من مجلسي أتحدث بصوت مرتفع قائلة:
- أخيراً لقد عائد الحبيب الغدار.

قبل أن أتحرك في الذهاب لمقابلته أوقفني صوت" الفطين" قائلاً بصوت مرتفع:
- فاطمة لا تذهبي.

أهتز كياني فجأة من صوت هذا الرجل الذي شعر بالغيرة وحاول منعي من لقاء" باتريك".

التفت أنظر إلى" الفطين" الذي أشعرني فجأة بالفراغ؛ أحاول التحديق به، وفحص ملامح وجهه الجدية التي لا استطيع قرأتها.

بعد لحظات من التحديق سمعت خطوات بطيئة قادمة من الخارج؛ هذه الخطوات التي تبدو كضجيج الآلات الثقيلة كانت تلعب بأوتار قلبي وتسرق أنفاسي.

رغم أني لا أتعرف على هذا الشخص أبداً، ولكنه كان الحب الأول والأخير إلى هذه الفتاة المغفلة.

الآن عملت مكانة هذا الشخص داخل قلبها، والآن كيف سأتعامل مع هذا الشخص الذي أضعف كياني من مجرد سماع صوت خطوته.

نظرت إلى" الفطين" بأسف ثم أسرعت إلى" باتريك" الواقف بجوار باب المكتب يشاهدني برعب أسأله:
- لقد عدت أخيراً.

- فاطمة هل أنتِ بخير؟

- لماذا تسأل هل كنت تعتقد أني الآن في عداد الموتى.

- لم أقصد ذلك، ولكني سمعك أنك مريضة بشدة.

التفت أنظر إلى" الفطين" الذي يجلس يشتعل غضباً لعدم استطاعته بالتداخل ابتسم إيه قائلة:
- لقد أنقذني هذا المعالج الموهوب.

نظر إليه" باتريك" يخبره:
- أنت حقاً طبيب موهوب يستطيع إعادة الموتى إلى الحياة.

بعد سماع" باتريك" يعترف بمعرفته بموت" فاطمة"؛ عنده نظرت إلى" الفطين" وصيرنا نحدق في بعدنا البعض.

لكني لا أريد أخبار" باتريك أني علمت حقيقته المريض قبل معرفة سبب قتله" فاطمة" الصاحب الحقيقي لهذا الجسد.

في النهاية قررت أن أدعي الجهل، واقتربت أكثر أمسك بذراع" باتريك"، وتعلوا على وجهي ابتسامة الجهل ثم أخبرته بسذاجة:
- أين كنت طوال هذا الوقت؟

- هل كنتِ تبحثين عني!

- بالطبع.

- لماذا!

- لأنك الشخص الذي اختارت أن أحبه، ولأني اشتقت إليك كثير.

من أسلوب حديثي علم" باتريك" أني لا أتذكر شيء عن آخر ليلة قضيناها معاً قبل موت" فاطمة".

لذا شعر بالارتياح قائلاً:
- عزيزتي لقد شعرت بالقلق عندما سمعت أنك فقدتِ الحياة؟

- من الذي أخبرك بمثل هذه الأخبار المزيفة.

توتر" باتريك" مبتسماُ قائلاً :
- هذا غير هام الآن كل ما يهمني هو أنك بخير.

نظرت إلى الطبيب مبتسمة أخبره:
- سيدتي استسمحك الآن سوف أذهب.

كان وجه" فطين" يشتغل غضب؛ لذا لم يجب على سؤالي وظل صامد.

أخذت" باتريك" وخرجت ثم سألني:
- عزيزي هل نذهب إلى المقهى المفضل لدينا؟

- حسنا لنفعل.

خلال الطريق لم أتحدث بكلمة حتى وصولنا إلى المقهى، وعند جلوسنا بدأت في استجوابه بهدوء حتى لا يهرب قائلة:
- عزيزي أين ذهبت طوال الفترة الماضية؟

- لقد سافرت إلى والدتي كانت مريضة.

جلست في برهة صمت خلال هذا الصمت بدأت تظهر داخل عقلي رؤيه من الماضي، وذكريات" فاطمة" تذكرت اللحظة التي بدأ" باتريك" يتحدث عن والدته.

لكنها أوقفته ببلاهة قائلة:
- باتريك دعنا لا نتحدث عن عائلتنا.

خلال هذا الوقت كانت "فاطمة" تعلم عن ماضيه المؤسف بأكمله من والدها، ولكنها من أجل حفظ ماء وجهه أمامها، وأوقفته عن التحدث.

لكنها لم تكن تعلم أنها بهذه الحركة أنشئت عقبة داخل قلبه تجاهها.

تنهدت بحزن قائلة:
- باتريك أخبرني عن والدتك؟

- لماذا الآن!

- أريد أن أعلم كل شيء يخصك.

- هذا متأخر جداً لقد حاولت في الماضي أخبارك عن حياتي ولكنك لم تظهري أي اهتمام بشأني.

- هذا غير صحي في الماضي كنت أعلم كل شيء عنك من قبل الارتباط بك لذلك حاولت أن أحفظ كبريائك بعدم التحدث عن الأمر.

- إذن ماذا عن الآن لماذا فجأة تحاولين المعرفة عن حياتي.

- أريد أن أفهمك أكثر هل هذا خطأ!

- بالطبع لا، ولكني ليست مستعد الآن للتحدث.

- حسنا لن أضغط عليك، ولكن.

- ولكن ماذا؟

- في البداية أريدك أن تفهم أني لا أحاول محكمتك، ولكني أريدك أن تخبرني بالحقيقة.

- ما الأمر تفضلين!

- أريدك أن تشرح لماذا فعلت هذا بيَ؟

- ماذا تقصدين!

- لماذا حاولت قتلي؟

- هل تتذكرين هذا؟

- نعم أتذكر، ولكن ليس كل شيء، والآن أخبرني الحقيقة هل أنت كنت تخدعني عندما أخبرتني بأنك تحبني!

- بالطبع لا فأنا أعشقك بشدة.

- إذن لماذا قتلتني؟

- لأنك كذبتِ ثم خدعتني.

- كيف فعلت ذلك!

- لقد أخبرتني من قبل أنكِ تعشقني وتركتِ قلبك لدي، ولكن قمتِ بخيانتي، وحاولت التخلي عني.
- كيف فعلت ذلك!

- أصبحتِ تقضين الكثير من الوقت مع ابن عمك الهيثم، وعندما وجهتك لم تنكرين أو تحولي الدفاع عن نفسك.

- كيف أدافع عن مشاعري إلى الشخص الذي أحب، ولكن هل من أجل هذا السبب قمت بقتلي!

- لم يكن لهذا السبب.

- إذن ما السبب الذي من أجل قتلت من تحب؟

- في البداية لم أقصد أذيتك ولكنها كانت لحظة تهور وضعف.

- كيف هذا؟

- لقد حاولت إجبارك على النوم معي، ولكنك رفضتي حينها اعتقدت أنك تحفظين على شرفك من أجل ابن عمك الذي يريد والدك أن يزوجك به بشدة.

صمت أفكر وأخبر نفسي:
- هنياً لكِ أيتها الفتاة حاولتِ الحفاظ على شرفك بالموت رغم سمعتك السيئة المنتشرة على مسامع الجميع في البلاد.

ثم سألته بغضب:
- هل قمت بقتلي لأنك فشلت في محاولة اغتصابي!

- لا ما حدث كان غير مقصود لو حاولت قتلك لم أكن أحضرك إلى الطبيب من أجل علاجك.

- ولكنك هربت بعد ذلك لم تحاول تحمل المسئولية؟

- هذا لأنك أثناء الطريقة أنقطع نفسك وتوقعت بأنك ميتة.

- لذا تركتني أموت، وهربت؟

- لقد هربت لأني شعرت بالخوف.

- الخوف!

- نعم كنت أموت من الرعب.

- وماذا عن الفتاة التي تحبها التي تركتها وهي تصارع الموت بسببك أنت بسبب تصرفاتك الطائشة؟

- وماذا عنك لقد أقنعتني بالحب، والعشق، والأبدية، وعندما اقتربت منك رفضتني بكل عزم وقوة؟

- لأني فتاة عربية مسلمة لا يصح أن يلمسها رجل غير زوجها.

- فاطمة لقد وعدتني بأنك لن تصبحي زوجة رجل غير هل هذا الأمر يهمك أكثر من مشاعر الرجل الذي يحبك بجنون!

- الرجل الذي يحبني قتلني في النهاية لأنه لم يستطع السيطرة على نزوة القذرة.

- فاطمة هل يمكنك أن تغفر لىَ؟

- هذا لن يحدث أبداً لقد انتهت علاقتنا، وأتمنى أن تخرج من حياتي للأبد.

صدم" باتريك" بشدة، ونزلت الدموع من عينها أسفاً على ما قام بفعله.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي