الفصل العاشر

لا أعلم لماذا أتعرض إلى كل هذه الكوارث منذ ولادتي أعاني من الهجران والمعاملة القاسية والمرض الذي يلاحقني، وكنت اعتقدت أن السفر عبر الزمن فرصتي في التعويض لكل شيء حدث إليِ في هذه الحياة.

كنت أشعر بالجنون وأتساءل:
- لماذا حدث هذا شخص مثلي يمتلك ميزة السفر عبر الزمن، ورغم ذلك لم يتغير شيء، ومازالت أمتلك جسد ضعيف يمرض بسهولة، ولكن لماذا أصيب بهذا الوباء القاسي والمؤلم.

بعد خروج" الفطين" من غرفتي ذهب إلى السلطان يخبره:
- مولاي أريد السماح بخروجي من القصر.

- لماذا هل تشعر بالخوف من إصابتك بالمرض؟

- بالطبع لا يا مولاي.

- إذن لماذا تريد الهروب من القصر؟

- ليس هروب يا مولاي ولكني أريد الذهاب للبحث عن علاج.

- تذهب إلى أين؟

- لقد سمعت عن قرية تشتهر برعاية البقر، ويوجد بها فتاة صغيره عمرها اثنان عشر عام تم أصابتها بالوباء، وبعد أسبوع من الإصابة تم شفاؤها من دون تدخل، أو أخذ علاج، أو وجود مضاعفات.

- كيف فعلت ذلك من هذه الفتاة؟

- لا أعلم يا مولاي لذلك أريد الذهاب والبحث عن الفتاة واكتشاف السر خلف ذلك.

- حسنا سوف أسمح لك في الذهاب، ولكن أذا تأخرت سوف أقتل المرأة التي تهتم بها.

- ماذا تقصد يا مولاي؟

- أقصد أني أشعر بالموت يقترب لذا سوف أمر الحراس أن موت قبل عودتك سوف تقتل هذه الفتاة وتدفع معيِ.

- لا تفعل ذلك يا مولاي هذه الفتاة عانت كثير لا يجب أن تكون رهينة بسبب شيء إلهي.

- لقد تم تحذيرك لذا أذهب وعود في أسرع وقت.

عاد" الفطين" غرفته يرتعش خوفاً من تهديد الملك الصريح، ولكنه كان يعلم أني لست فتاة عادية لم أموت على يد احد في هذا المكان.

لذا قرر أن يتماسك حتى النهاية، وأن يجهز نفسه، ويعزم على الرحيل في رحلة البحث على المصل.

عندما سمعت برحيل" الفطين" من أجل البحث عن المضاد أدرك أنها البداية في اكتشاف العلاج المناسب لإنهاء هذا الأمر، ولكن ما يحيرني أن سبب حدوث هذا الأمر هو مرضي المفاجئ.

لذا أرسلت المربية" بركة" حتى أخبرها:
- بركة أريد منك تنفيذ أمر هام.

- ما الأمر يا سيدتي؟

- أريد منك الذهاب إلى الطبيب، وإرسال إليه رسالتي بطريقة سرية.

- أمرك يا سيدتي ما هي الرسالة.

- أقتربِ أكثر.

اقتربت الخادمة بأذنها أمام فمي حتى أخبرها بصوت منخفض عن هذا السر، وبعد ذلك خرجت وتوجهت إلى غرفة" الفطين" الذي كان يجهز أموره من أجل السفر.

عند وصوله اخبرته:
- لقد أرسلتني سيدتي برسالة من أجلك.

- فاطمة.! إذن أخبرني بها.

- هل تسمح ليِ بالاقتراب حتى لا يستمع أحد؟

- تفضلي.

أقترب الخادمة وقالت السر في أذن" الفطين"، وبعد ذلك خرجت من الغرفة وعادت إلى جانب سيدتها.

بعد نصف يوم خرج" الفطين" على ظهر حصانه وخلفه سبعة حراس متجهان إلى القرية المذكورة في الأبحاث الطبية.

خلت رحلة السفر ظل يتذكر الرسالة التي أرسلتها مع المربية تلك الرسالة التي أرسلتها بسبب خوفي من أن يتهور" الفطين" بسبب تهديد السلطان ويتصرف بجهل.

لذا أرسلت المربية تخبره:
- سيدي تريد أنستي أخبرك أن الملك لم يموت الآن لذا لا تشعر بالخوف وأسعى لمبتغاك كما ينغي.

كنت أشعر بالقلق باكتشاف جزء صغير من المستقبل؛ أخاف أن هذا الجزء الصغير يغير كثيراً في المستقبل، ولكن ما أخافني أكثر تصرف" الفطين" بجهل وتهور من أجل حمايتي.

ذهب" الفطين" إلى قرية خرز البقر لمدة ثلاث أيام؛ يبحث عن الفتاة المذكورة في الأوراق البحثية من أجل اكتشاف المصل المضاد.

لكن عند وصوله اكتشف أن هذه الفتاة ذهبت مع والدها إلى مدينة ساحلية بعيدة على الحدود من أجل حضور زفاف ابنته الكبيرة.

لذا أسرع للذهاب إلى هذه المدينة في رحلة استغرقت أسبوع، وعندما وجدها بعد وافقت والدها أخذ الفتاة إلى منزل تم استئجاره من أجل فحصها وعمل الفحوص اللازم.

مر عشرين يوم دون الوصول إلى حل؛ مازال السبب مجهول ظل" الفطين" يسألها عن سير حياتها مثل كيف تشعر الآن.

وما كانت تتناوله من طعام وشراب، وكيف كانت تقضي يوم قبل المرض وبعده، ولكنه لم يستطيع التواصل للإجابة.

لذا أخذ يخبر قدرتها على التقاط الوباء مرة أخرى، وصار يلبسها ملابس المرضى، وتستعمل أواني المصابين طول اليوم أثناء الليل والنهار.

في النهاية اكتشف أن تلك الطفلة كونت مناعة قوية من هذا الوباء؛ لذا صار يسألها:
- ليلى أخبرني كيف تقين يوما منذ الصباح حتى المساء منذ لحظة استيقاظك حتى لحظة نومك؟

أجابته بسهولة وصدق:
- استيقظ بعد أذان الفجر مع والدي ووالدتي بعد الصلاة اجلس أتناول الطعام مع عائلتي.

- ماذا تتناولين.

- المتواجد في المنزل.

- مثل؟

- بيض وجبنة، أو عسل أسود وفطير، أو بطاطس ونشرب اللبن كل يوم.

- إذن بعض ذلك ماذا تفعلين؟

- والدي يذهب إلى الحقل من أجل حراثتها، ووالدتي تبدأ في عجن الخبز وعمل الجبن والزبدة.

- وماذا عنك ماذا تفعلين؟

- أذهب إلى حظيرة الماشِيةَ من أجل تنظيفها من مخلفات البقر.

- كم تقضي من الوقت في هذه الحظيرة؟

- طول اليوم.

- لماذا هل هي كبيرة!

- لا يا سيدي ولكني اعشق اللعب مع الماشيةَ.

- هل كنت تمارسين هذا الأمر بعد ظهر المرض؟

- لا يا سيدي كان والدي يمنعني من الذهاب إلى هناك حتى لا يصاب الأبقار بالمرض بسببي، ولكن.

- ولكن ماذا؟ أخبرني ولا تخافي شيء.

- كنت أهرب من غرفتي أثناء وجود والدي في الحقل وألعب معهما.

- متى حدث ذلك؟

- بعد إصابتي لمدة ثلاثة أيام، وبعد يومين أصبحت بخير وعدت إلى إتمام مهام عملي المعتدة.

توقف عن استجوابها وظل يفكر ويتساءل:
- هل فضلات الماشية من الممكن أن تكون مسؤولة عن العلاج!

بعد ذلك ظل يحدق بها يسألها:
- ليلي أخبرني بصدق من كذب أو خوف كيف أصبتِ من المرض؟

- هل ستخبر والداي عن هذا؟

- بالطبع لا كل ما تحدثنا به سوف يظل سر بيننا.

- حسنا سوف أخبرك بالحقيقة.

- تحدثِ أسمعك جيداً.

- في الواقع ذهبت من خلف والدتي كي ألعب مع صديقتي” رحمة”، وفور عودتي إلى المنزل شعرت بالمرض.

- من هذه الصديقة” رحمة”، ولماذا شعرتِ بالمرض؟

- صديقتي رحمة كانت مصابة بنفس المرض وبعد هذا اليوم ماتت بسبب المرض.

- هل كانت صديقتك سبب مرضك؟

- لا أعلم، ولكن منذ عودتي إلى المنزل أصيبت بالحمى والإسهال؛ لا تخبر والدي عن ذلك؟

- حسنا لا تقلقي لن أخبره أستريحِ الآن، وسوف نتحدث مرة أخرى بعد تناولك الطعام.

خرج من غرفة الفتاة وذهب إلى أحد الحراس يخبره:
- أذهب الآن وأجلب والدها فوراً.

- أمرك سيدي.

عند حضور الوالد الذي كان يشعر بالتوتر والخوف أخبره" الفطين":
- أظن قد تواصلت إلى حل المشكلة، ولكن أريد منك رجاء؟

- تفضل يا سيدي سوف أطيع أوامر رجال السلطان.

- أريد أن نذهب معك إلى قريتك، ودراسة حظيرة الماشية الخاص بك.

- هل يوجد بها سوء يا سيدي!

- بالعكس أظن يوجد بها العلاج للقضاء على الوباء الذي أصبح لعنة البلاد والعالم.

- هذا جيد يا سيدي عندما تريد الذهاب سأكون مستعد.

- هذا جيد لنذهب في أسرع وقت عند بزوغ الصباح.

- أمرك سيدي سوف أطيع.

خرج الوالد حتى ودع ابنته الكبيرة المتزوجة حديثاً، ويجهز أشياءه من أجل الرحيل مصاحب ابنته الصغيرة مع" الفطين" ورجله إلى بلده.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي