الفصل الثاني عشر

عندما علم الملك بتزييف زوجته لإصابتها بالمرض؛ أدرك أنها ليست امرأة بسيطة ومرهفة كما تظهر أمام الجميع.

لذا قرر أن يقابلني، وعند رؤيتي سأل:
- فاطمة أخبرني الآن بما ستفعل هذه المرأة في المستقبل؟

- مولاي لا أستطيع.

- لماذا لا تستطيعِ!

- مولاي أنت تعلم جيداً بأني لا أعلم كل شيء أنها مجرد رؤية تأتني من المستقبل.

- لكن لماذا أشعر بوجود المزيد؟

- أغفر لي يا مولاي لا أمتلك إجابة جيدة مفيدة فما تريد.

حينها علمت ما يفكر به الملك؛ أنه يفكر في سبب حتى يتخلى عنها، ويخلع هذه المرأة من مكانتها ويرسلها بعيداً، ولكن ليس الآن لم يأتي دورها بعد.

بعد مناقشات طويل ومحاولات فاشلة قرر الملك الاستسلام وإرسال الطبيب من أجل فحصي الدائم؛ عندها سأله الوزير:
- لماذا يا مولاي تركتها تذهب؟

تنهد الملك قائلاً:
- أنت لا تعلم كيفية عقلية المرأة كلما تضغط عليها كلما تبخرت بين يديك.

- أغفر لي يا مولاي لم استطيع الفهم!

- سوف أتركها الآن، وأنتظر الفرصة المناسبة.

بعد خروجي من القصر ذهبت إلى المستوصف حتى أبحث عن هذا الشخص الذي أشتاق إليه بشدة، وعند وصولي وجدته يرقد من الإرهاق والتعب داخل مكتبه على الأريكة.

وجدت نفسي أقترب بهدوء حتى لا يستيقظ فزعاً حاولت الاقتراب منه كي أتأمل نومه الهادئ، وظلت أتساءل:
- لماذا هذا الرجل يعمل مع شخص مثلي بهذه الطريقة؟.

أعلم أن" الفطين" يعاملني بطريقة جيدة مختلفة عن معاملته مع معظم البشر؛ هذا الرجل العملي الذي لا يزحم تفكيره شيء غير الطب يعاملني كشيء هام جعلني أتساءل:
- لماذا هذا الرجل يحمني دائماً، ويشعر بالقلق والخوف من أجل حياتي وصحتي هل هذا الرجل وقع في حبي!.

أثناء الاستغراق في التفكير فتح" الفطين" عينه بهدوء، وعند رؤيتي وجدني أجلس بقربه أتفحص وجهه الوسيم.

عندما وجدته بدأ في الاستيقاظ، وفتح عينه شعرت بالخجل وحاولت الابتعاد فوراً، ولكنه أمسك بذراعي بسرعة، وقام بسحبِ تجاه.

وقع على جسده وجهي مواجه إلى وجه أحاول بتثبيت جسدي بيدي على ظهر الأريكة حتى لا أسقط في حضن، ولكن كل ما كان يسحرني في هذا الوقت عيناه التي ظللت أحدق بها دون حركة حتى قطع الصمت قائلاً:
- أخيراً لقد أتيتي؟

هذه اللحظة شعرت بوجود شبح يتملك من روحي؛ هذا الشبح يجعلني أريد السقوط داخل حضن هذا الرجل ثم وجدت نفسي أسأله بكل جرأه:
- هل اشتقت لوجودي بجوارك؟

- نعم اشتقت كثير لرؤية هذا الوجه الجميل.

كان هذه أول مرة أشعر بالخجل والاستيحاء عند سماع حديث رومانسي؛ لذا أدرك ما يحدث أني وقع في حب هذا الرجل.

بعد لحظات أدرك" الفطين" أن وجودي حقيقي وليس حلم أو خيال؛ لذا استيقظ مسرعاً يحاول الاعتذار من تصرفه الغريب قائلاً:
- فاطمة أعتذر جداً من تصرفاتي الغير مهذبة.

ابتسمت بخبث ثم سألته:
- هل أستطيع النهوض الآن؟

أحمر وجه" الفطين" خجلاً ثم ترك ذراعي، وبعد النهوض حاول الجلوس باعتدال ثم نظر إليَ قائلاً:
- هل تؤلمك ذراعك؟

- لا تقلق فأنا بخير.
- هذا جيد.

ساد الصمت لحظات بيننا حتى سألته:
- هل تحلم بي دائماً؟

شعر" الفطين" بالتوتر، وأصبح وجهه قرمزي اللون من الخجل ثم خفض نظره إلى الأرض قائلاً:
- لا أعلم عما تتحدثين.

- حقا لا تعلم أما لا تريد التحدث عن الأمر؟

رفع نظره يحدق في وجهي بنظرات خوف ثم قال:
- كيف خرجت من القصر؟

- أذن الملك بخروجي.

- كيف حدث ذلك!

- لا أعلم لماذا، فقط قام بإطلاق سراحي من دون سؤال.

- كيف حدث ذلك وكان يبدو على الملك الفضول تجاهك؟

- لا أعلم من الممكن أن يكون فقد الاهتمام الآن.

- لا أظن ذلك السلطان ليس من هؤلاء الأشخاص، ولكن هذا لا يهم الآن كل ما يهم أنك خرجتِ بخير من هذا القصر.

- أعلم هذا، والآن أخبرني كيف تصير عملية استخراج العلاج؟

- بخير حتى الآن تم علاج الكثير من الأطفال والنساء.

- هذا جيد.

- ماذا عن صحتك الآن؟

- بخير كان الملك يهتم جيداً بصحتي، وقام في إرسال الطبيب الملكي من أجل متابعة صحتي يومياً.

- هذا جيد أظن أن الملك يراكِ كنز هام لذلك تركك حية حتى الآن.

- أظن ذلك.

أثناء حديثنا دخل الفتى رجب حتى يخبر" الفطين":
- سيدي يوجد رجل يريد مقابلتك الآن.

- ادخله.

عندما دخل هذا الرجل شعر بوجود تغيرات على وجه" الفطين"، وأصبح يتصرف بتوتر، وعندما سألته:
- من هذا الرجل أخبرني!

- سيدتي هل يمكنك الانتظار في الخارج؟

- حسناً.

وفقت على الخروج رغم شعوري بشيء مريب تجاه هذا الرجل الذي أراه لأول مرة.

عند خروجي من غرفة المكتب وجدت يقف أمامي" باتريك" ينظر خروجي من أجل مقابلتي، وعند رؤيته سألته:
- ماذا تفعل هنا؟

- أريد التحدث معك هل تسمحين بذلك.

- ليس الآن أجله في يوم آخر.

- أرجوك يا فاطمة أعطيني فرصة أشرح لكِ كل شيء.

رغم أني لا أريد الجلوس والتحدث مع هذا الخائن، ولكن كان يتملكني الفضول في معرفة حقيقته؛ لذا ذهبت مع" باتريك" إلى المقهى المعتاد.

بعد جلوسنا ظل" باتريك" يعتذر كثير من تصرفاته المشينة قائلاً:
- فاطمة كل ما حدث من تصرفاتي المخزية كانت من أجل الحب.

- هل أصبح الحب لعنة في هذا الزمن؟

- أعلم أن حبي لكِ كان مؤذي، ولكني أشعر بالندم وأريد تعويضك عن كل ما سبق.

- لقد قتلتني من قبل كيف ستعوضني عن هذا الأمر!

- سوف أفعل كل شيء حتى تغفري ليَ.

- لن أغفر لك أبداً.

- فاطمة كانت حياتي صعبة في الماضي حتى قابلتك أصبحت تلك الحياة مزهرة.

- لذلك قتلتني!

- أنت لا تعلمين شيء.

- إذن أخبرني بكل شيء الآن.

- في السابق كنت فتاة غير مهتمة بشيء عن حياتي لماذا تهتمين الآن؟

- لقد أثارت فضول.

- لماذا الآن!

- لأني أشعر بالإهانة لقد تم تدمر سمعتي في البلد بسبب مصاحبتي لك طول الوقت؛ هل تعلم أن الجميع يعتقد بوجود علاقة غير شريفة بيننا!

- أعلم ذلك، ولكنك لم تهتمي بهذا الأمر في السابق؟

- أهتم الآن لذا أخبرني بكل شيء؟

- فاطمة لقد ولادة ونشأت في مكان مختلف مع والد يفعل كل شيء خطأ بطريقة طبيعية، ووالدته تعرضت للاغتصاب وأجبرت على الزواج من مغتصبها حتى لا تجلب العار إلى عائلتها، هذه الأسرة التي نشأت بها منذ الولادة؛ مرحلة طفولتي كانت بأسه بسبب أم مريضة ومعقدة ووالد معتد بنفسه كثيراً.

- والآن أصبحت نسخه طبق الأصل من والدك.

- أظن ذلك بعد ما فعلته معك علمت أن الرجل الذي أكرهه بشدة أصبحت الآن أشبه كثيراً.

- والآن ماذا تريد؟

- عودتك إليِ.

- لماذا؟

- لا أعلم، ولك وجودك بجواري يشعرني بالأمان.

- وماذا عن أماني؟

- ماذا تقصدين!

- وجودك بجواري يشعرني بالتقزز.

- هل أصبحتِ تكرهني إلى هذه الدرجة!

- ليس كره وإنما خوف يجعلني أريد الابتعاد عنك إلى أكثر درجة.

- ولكني لن استسلم، وسوف أحاول دائما ارجع ما فقدت داخل قلبك.

- حاول ولكن أنصحك بالاستسلام.

نهضت من الطاولة حتى أخرج من المقهى، وعند وصول إلى الباب وجدت" الفطين" تنظرني.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي