13
تتقلب الأقدار لترسم لك طريق متعرج وكل ما ظننت أنه استقام تأتي أحداث وأمور أخرى تغيير تلك المسارات لتكون بحال متقلب من جديد فهي طبيعة هذا الكون..
انصرفت ديمة إلى غرفتها تاركة خلفها ميرا تتخبط من الحزن والقهر على والدها.
حتى أنها لم تلقي بال لزوجها المريض، بعد أن كان هو خيارها الذي فرضته على عائلتها ودون أي اكتراث برأيهم.
فجأة شعرت بأنها ليست بحاجة ذلك الرجل ما إن لمست ضعفه ومرضه حتى تمالكها شعور الرفض نحوه، وأنه عاجز على الحياة معها وهي في ريعان شبابها، بينما هو مريض بوضع خطر قد يفقد حياته في اي لحظة أو أي يوم.
جمعت ميرا نفسها في زاوية ودفنت وجهها بين يديها وهي تبكي وتلوم نفسها بالقول: لو لم أقوم باستفزاز ديمة لما وصل الحال بنا إلى هنا، ولم يكن والدي ليعلم بمرض بتلك الطريقة.
أما عاصم، في غرفة مكتبه الخاصة، المكان المفضل له في المنزل يأوي إليه كل ما ضاق به الحال، يحاول أن يستوعب ما الذي حدث أو ما سمع.
جلس على كرسيه وكأنه ألقى نفسه وثقله عليه، وهو يحاول استرجاع توزنه الفكري في تلك الأثناء.
قال عاصم يحدث ذاته بصوت مسموع: هل ما قالته ديمة صحيح؟ هل أنا حقا مريض؟
تنهد من هو ما كان يقول ثم سأل نفسه مجدداً: لم يخفون الأمر؟ لماذا لم يحدثني الطبيب بهذا؟
بعد أن شرد في أفكاره قليلاً جاوب نفسه: لعله مرض خطير أو مزمن لهذا يخفون عني.
ضحك باستهزاء من نفسه وقال: يظنون أنني لن أدري، كيف يفعلون هذا بي! بأي حق؟
قاطع طرق الباب تلك الأفكار التي تراكمت وتسارعت وتيرتها تباعاً في رأس الرجل المسكين.
لم يكن يرغب في الإجابة إلا أن الأمر تكرر مرة ثانية وطرق الباب.
ليسأل عاصم بصوت عال دون أن يأذن بدخول: مَن هناك؟
لتجيب ميرا من خلف الباب بصوت خافت مرتجف: إنها أنا يا أبي.
استغرب عاصم وظن بأن تكون ديمة هي التي قدمت لتواسيه وتخفف عنه وطئ الموضوع.
عادت ميرا تقول وتكرر كلامها: أنا ميرا، هل تسمح لي بالدخول.
كان يشعر عاصم بالحزن على ابنته والغضب منها، إلا أنه قال لها: ادخلي.
بهدوء حذر خطت ميرا نحو والدها وكأنها تعد تلك الخطوات لم تكن تدري ما الذي تريد أن تقوله، لكنه على يقين بأنها لا تريد تركه وحيداً في تلك الأثناء وهذا أهم ما في الأمر.
كان عاصم قد اشاح بنظره عنها يطالع النافذة يشغل نفسه عن نظرات ميرا فهو يحفظ شكل عينيها عندما تكون حزينة وقلبه لا يقوى على رؤيتها بتلك الحالة.
دنت ميرا من والدها، وجلست على ركبتيها وهي تنتظر أن ينظر عاصم لها ويرى ذلك الندم في عينيها، إلا أنه لم يفعل فقالت له: هل سيطول نظرك نحو الأفق لتبعد عيناك عني يا أبي؟
لكنه لم يجبها بأي كلمة، فأكملت هي تقول: أنت على حق بحزنك هذا ولا يحق لي التفوه بأي كلمة، لكن لم أقوى على حديث مثل هذا.
رغم أنها حاولت بدأ الحديث إلا أن عاصم لم يقول شيء بل اكمل شروده وهو ينصت إليها.
فأكملت ميرا: كنت أبحث عن فرصة مناسبة أحدثك بها، وكنت أعد طبق من الطعام الخاص لك كي أجد سبيل، وحاولت الاتفاق مع زوجتك كي نجد باب لطرقه لكن دون جدوى، كانت دائما تحاول استفزازي واستغلال الأمر لضغط عليي أكثر.
تلك الكلمات أشعلت الغضب في نفس عاصم من زوجته، فقاطع ابنته يسألها: هل ديمة فعلت بك هذا؟
ردت عليه ميرا باكية: نعم لقد كنت أحاول تهدئتها حتى نجد طريقة، لكنها تستغل الأمر وتزعجني فهي تعلم كم اخاف عليك وأخشى معرفتك بطريقة بشعة كالتي حصلت.
سأل عاصم ابنته وقال: منذ متى تعرفين بأنني مريض؟
تأتت ميرا قليلاً وقررت إخبار والدها بكل شيء فهي تعلم بأنها لحظة الحقيقة التي لا مفر منها فقالت: لقد علمت منذ كنت أنت بالمستشفى، أخبرني الطبيب بهذا..
سأل عاصم ابنته: هل كنت وحدك؟
هزت رأسها تنفي الأمر فقالت: لا ليس كذلك، كنت مع ديمة، ولم يكن يرغب بأخباري حينها لكنني كنت مصرة على وجودي لهذا اضطر للقبول وتحدث عن الأمر على مسمع مني.
ساد الصمت لبرهة وكانت رغبة عاصم حينها ان تكمل ميرا الحديث دون السؤال لكنها لم تقل أي شيء أخر.
فقرر السؤال عن الأمر الذي يثير قلقه وخوفه منذ البداية وقال: و بأي نوع من الأمراض قد أصبت أنا؟
ترددت ميرا في الإجابة، وتفكر بالتهرب لكنها فضلت الثبات والحديث بواقعية مع تجميل للكلمات بقدر الإمكان كي لا يكون ردة الفعل سيئة.
فقالت ميرا: أبي أعلم أنه مرض خطير لكن هذا لا يعني بأن الكون قد توقف قد تكون بداية جميلة.
ثم أضافت: إنه أحد انواع السرطان.
ابتلع عاصم ريقه الجاف وقال: في اي منطقة من الجسد؟
ردت عليه ميرا بأسف لأنها تعلم أن هذا النوع هو من الأخطر وقالت: أصاب نقي العظام.
اختنق عاصم بكلماته ولم يستطع قول أي شيء بل كان يحافظ على صمته ولم يكن ليدري ماذا يقول.
لم تسعفه الكلمات سبقتهم تنهيدة طويلة، فقال له: لا بأس إنها اقدار الله المكتوبة لا اعتراض عليها، الحمد لله على كل حال كتب لنا.
فقالت ميرا له: هون عليك يا أبي، لقد أخبرنا الطبيب بأن العلاج موجود وأنه يتوجب علينا القيام بدأ العلاج على الفور، ولن يكون الأمر مقضي بطريقة سيئة بل على العكس.
في مكان أخر ..
حيث تم اقتياد كاتيا إلى غرفة مسعود، وكان ريان لا يزال مغشي عليه ساقط على الأرض لا حول له ولا قوة.
ادخلوا كاتيا ودفعوها ارضا لشدة محاولتها كي تتفلت منهم.
قسطت وبقيت في مكانها لا تتحرك تحاول أن تفكر لتجد لنفسها مخرجاً من الأمر والمكان، تريد العودة إلى ريان كي تسعفه وتساعده قبل ان يفقد حياته، فهو لم يتعافى أصلا من الإصابات القديمة وقد تلقى وابل من الإصابات الجديدة.
ليقترب مسعود منها ويدعس على أصابع يدها بكل قوته، صرخت من شدة الألم وهي تحاول سحبهن لكن لا جدوى كان اقوى منها وثقل جسده على طرف أصابعها.
ثم جلس بطريقة القرفصاء مقابل لها وقال: من تظننين نفسك يا فتاة؟
أمسك وجه المسكينة وقال لها: هذا الوجه البريء يخفي كثير من الشر والقوة لا أحد يعرفها سوى أنا.
ثم اقترب يحاول تقبيلها لكنها كانت أسرع منه وبصقت في وجهه بغضب وكره، فهو أكثر شخص تبغض رؤيته في حياتها.
لم يكن هذا بدون سبب بل لأن مسعود ذاك السبب الرئيسي بدخولها في هذا المستنقع الذي تعيش فيه حالياً وهي تفضل رؤية الجن على أن تراه.
وهو أحد الأشخاص الرئيسيين في الانتقام الذي تعد له من أجل تنظيف نفسها والحياة التي تعيشها.
بعد أن بصقت كاتيا على مسعود جن جنونه وفقد صوابه، وصفعها كف ترك أثار أصابعه الخمسة على وجهه الابيض الشفاف.
أمسكها من شعرها وشدها بقوة وقال لها: من تظنين نفسك أيتها اللعينة الساقطة، سوف اجعلك تندمين على اللحظة التي ولدتي فيها.
رفعها إلى الاعلى وقام بربط يديها ثم وضعها على الشرفة في درجة حرارة منخفضة.
كان الليل في بدايته، وكانت المسكينة ترتجف من شدة البرد وقلبها يكاد يتوقف، بينما كان مسعود يراقبها من خلف زجاج الشرفة.
بينما أمر مسعود اثنين من رجاله كي يذهبوا لرؤية ريان إن كان قد مات أم لازل على قيد الحياة ومساعدته.
وبالفعل كان ريان قد وصل إلى حالة سيئة للغاية وقد نزف كثير من دماء، فقاموا بمساعدته وإحضار طبيب لتقديم الاسعافات الضرورية.
أما كاتيا فكانت لا تزال تصارع بجسدها نحيل في البرد القارس، نبضها بدأ ينخفض والأكسجين يقل أكثر فأكثر ومسعود يراقب بسعادة تلك المعاناة التي تعيشها دون أدنى مقاومة.
وفي لحظة اشفق عليه لم يكن هذا السبب فقط بل كان يعلم أن كاتيا من أكثر الفتيات اللاتي يطلبهن الزبائن لم يكن يرغب بخسارته لها.
فخرج بعد أن خشية فقدانها ثم دفعها بقدمه وقال: سأقوم بإدخالك شريطة أن تقبلي قدمي.
استجمعت كاتيا قوتها وهي تهتز من شدة البرد وقامت بالبصق عليه مرة أخرى متحدية قوته وغطرسته عليها.
كان فعلها صادم له فقام مباشرة بركلها على وجهها بقدمه حتى سالت الدماء منه.
وقال لها: الآن سوف تتمنين الموت ولن تجديده، أعدك أن تركعي كي اعفو عنك ولن أفعل.
ثم نادى أحد من رجاله وقال له: خذه هذه الفتاة فهي مكافأة لك ولجميع الرجال، افعلوا بها ما يحلوا لكم.
توسعت عينا ذلك الرجل وقال لها: هل هذا حقا سيدي؟؟
رد عليه مسعود بغضب: منذ متى أمزح معك أيها الغبي، هيا اسحلها من أمامي.
وبالفعل قام الرجل بفعل ما أمره مسعود به فأمسك كاتيا بين ذراعيه وكأنه وجد كنز ثمين، او حصل على غنيمة بعد حرب طويلة.
أما كاتيا فدأت تصرخ وتقول لها: دعني أيها الوغد، اتركني يا حقير..
إلا أن لم يكن هناك أحد يصغي لها، كل منهم يسعى لكسب غايته منها إما عن طريق اذيتها أو الاعتداء عليه وتجريدها من أي صفة إنسانية قد تكون تتمتع بها.
فهم يعيشون في غاب لا قانون فيه ولا أخلاق والنصر للاقوى، والقانون يضعه من كان له اتباع وأشخاص تهتم بأمره وتصغي لما يقول، لا حريات ولا حدود لفعل أي شيء، الحرية هي أن تبقى على قيد الحياة ومنحك روحك التي في جسدك ..
يتبع . ..
انصرفت ديمة إلى غرفتها تاركة خلفها ميرا تتخبط من الحزن والقهر على والدها.
حتى أنها لم تلقي بال لزوجها المريض، بعد أن كان هو خيارها الذي فرضته على عائلتها ودون أي اكتراث برأيهم.
فجأة شعرت بأنها ليست بحاجة ذلك الرجل ما إن لمست ضعفه ومرضه حتى تمالكها شعور الرفض نحوه، وأنه عاجز على الحياة معها وهي في ريعان شبابها، بينما هو مريض بوضع خطر قد يفقد حياته في اي لحظة أو أي يوم.
جمعت ميرا نفسها في زاوية ودفنت وجهها بين يديها وهي تبكي وتلوم نفسها بالقول: لو لم أقوم باستفزاز ديمة لما وصل الحال بنا إلى هنا، ولم يكن والدي ليعلم بمرض بتلك الطريقة.
أما عاصم، في غرفة مكتبه الخاصة، المكان المفضل له في المنزل يأوي إليه كل ما ضاق به الحال، يحاول أن يستوعب ما الذي حدث أو ما سمع.
جلس على كرسيه وكأنه ألقى نفسه وثقله عليه، وهو يحاول استرجاع توزنه الفكري في تلك الأثناء.
قال عاصم يحدث ذاته بصوت مسموع: هل ما قالته ديمة صحيح؟ هل أنا حقا مريض؟
تنهد من هو ما كان يقول ثم سأل نفسه مجدداً: لم يخفون الأمر؟ لماذا لم يحدثني الطبيب بهذا؟
بعد أن شرد في أفكاره قليلاً جاوب نفسه: لعله مرض خطير أو مزمن لهذا يخفون عني.
ضحك باستهزاء من نفسه وقال: يظنون أنني لن أدري، كيف يفعلون هذا بي! بأي حق؟
قاطع طرق الباب تلك الأفكار التي تراكمت وتسارعت وتيرتها تباعاً في رأس الرجل المسكين.
لم يكن يرغب في الإجابة إلا أن الأمر تكرر مرة ثانية وطرق الباب.
ليسأل عاصم بصوت عال دون أن يأذن بدخول: مَن هناك؟
لتجيب ميرا من خلف الباب بصوت خافت مرتجف: إنها أنا يا أبي.
استغرب عاصم وظن بأن تكون ديمة هي التي قدمت لتواسيه وتخفف عنه وطئ الموضوع.
عادت ميرا تقول وتكرر كلامها: أنا ميرا، هل تسمح لي بالدخول.
كان يشعر عاصم بالحزن على ابنته والغضب منها، إلا أنه قال لها: ادخلي.
بهدوء حذر خطت ميرا نحو والدها وكأنها تعد تلك الخطوات لم تكن تدري ما الذي تريد أن تقوله، لكنه على يقين بأنها لا تريد تركه وحيداً في تلك الأثناء وهذا أهم ما في الأمر.
كان عاصم قد اشاح بنظره عنها يطالع النافذة يشغل نفسه عن نظرات ميرا فهو يحفظ شكل عينيها عندما تكون حزينة وقلبه لا يقوى على رؤيتها بتلك الحالة.
دنت ميرا من والدها، وجلست على ركبتيها وهي تنتظر أن ينظر عاصم لها ويرى ذلك الندم في عينيها، إلا أنه لم يفعل فقالت له: هل سيطول نظرك نحو الأفق لتبعد عيناك عني يا أبي؟
لكنه لم يجبها بأي كلمة، فأكملت هي تقول: أنت على حق بحزنك هذا ولا يحق لي التفوه بأي كلمة، لكن لم أقوى على حديث مثل هذا.
رغم أنها حاولت بدأ الحديث إلا أن عاصم لم يقول شيء بل اكمل شروده وهو ينصت إليها.
فأكملت ميرا: كنت أبحث عن فرصة مناسبة أحدثك بها، وكنت أعد طبق من الطعام الخاص لك كي أجد سبيل، وحاولت الاتفاق مع زوجتك كي نجد باب لطرقه لكن دون جدوى، كانت دائما تحاول استفزازي واستغلال الأمر لضغط عليي أكثر.
تلك الكلمات أشعلت الغضب في نفس عاصم من زوجته، فقاطع ابنته يسألها: هل ديمة فعلت بك هذا؟
ردت عليه ميرا باكية: نعم لقد كنت أحاول تهدئتها حتى نجد طريقة، لكنها تستغل الأمر وتزعجني فهي تعلم كم اخاف عليك وأخشى معرفتك بطريقة بشعة كالتي حصلت.
سأل عاصم ابنته وقال: منذ متى تعرفين بأنني مريض؟
تأتت ميرا قليلاً وقررت إخبار والدها بكل شيء فهي تعلم بأنها لحظة الحقيقة التي لا مفر منها فقالت: لقد علمت منذ كنت أنت بالمستشفى، أخبرني الطبيب بهذا..
سأل عاصم ابنته: هل كنت وحدك؟
هزت رأسها تنفي الأمر فقالت: لا ليس كذلك، كنت مع ديمة، ولم يكن يرغب بأخباري حينها لكنني كنت مصرة على وجودي لهذا اضطر للقبول وتحدث عن الأمر على مسمع مني.
ساد الصمت لبرهة وكانت رغبة عاصم حينها ان تكمل ميرا الحديث دون السؤال لكنها لم تقل أي شيء أخر.
فقرر السؤال عن الأمر الذي يثير قلقه وخوفه منذ البداية وقال: و بأي نوع من الأمراض قد أصبت أنا؟
ترددت ميرا في الإجابة، وتفكر بالتهرب لكنها فضلت الثبات والحديث بواقعية مع تجميل للكلمات بقدر الإمكان كي لا يكون ردة الفعل سيئة.
فقالت ميرا: أبي أعلم أنه مرض خطير لكن هذا لا يعني بأن الكون قد توقف قد تكون بداية جميلة.
ثم أضافت: إنه أحد انواع السرطان.
ابتلع عاصم ريقه الجاف وقال: في اي منطقة من الجسد؟
ردت عليه ميرا بأسف لأنها تعلم أن هذا النوع هو من الأخطر وقالت: أصاب نقي العظام.
اختنق عاصم بكلماته ولم يستطع قول أي شيء بل كان يحافظ على صمته ولم يكن ليدري ماذا يقول.
لم تسعفه الكلمات سبقتهم تنهيدة طويلة، فقال له: لا بأس إنها اقدار الله المكتوبة لا اعتراض عليها، الحمد لله على كل حال كتب لنا.
فقالت ميرا له: هون عليك يا أبي، لقد أخبرنا الطبيب بأن العلاج موجود وأنه يتوجب علينا القيام بدأ العلاج على الفور، ولن يكون الأمر مقضي بطريقة سيئة بل على العكس.
في مكان أخر ..
حيث تم اقتياد كاتيا إلى غرفة مسعود، وكان ريان لا يزال مغشي عليه ساقط على الأرض لا حول له ولا قوة.
ادخلوا كاتيا ودفعوها ارضا لشدة محاولتها كي تتفلت منهم.
قسطت وبقيت في مكانها لا تتحرك تحاول أن تفكر لتجد لنفسها مخرجاً من الأمر والمكان، تريد العودة إلى ريان كي تسعفه وتساعده قبل ان يفقد حياته، فهو لم يتعافى أصلا من الإصابات القديمة وقد تلقى وابل من الإصابات الجديدة.
ليقترب مسعود منها ويدعس على أصابع يدها بكل قوته، صرخت من شدة الألم وهي تحاول سحبهن لكن لا جدوى كان اقوى منها وثقل جسده على طرف أصابعها.
ثم جلس بطريقة القرفصاء مقابل لها وقال: من تظننين نفسك يا فتاة؟
أمسك وجه المسكينة وقال لها: هذا الوجه البريء يخفي كثير من الشر والقوة لا أحد يعرفها سوى أنا.
ثم اقترب يحاول تقبيلها لكنها كانت أسرع منه وبصقت في وجهه بغضب وكره، فهو أكثر شخص تبغض رؤيته في حياتها.
لم يكن هذا بدون سبب بل لأن مسعود ذاك السبب الرئيسي بدخولها في هذا المستنقع الذي تعيش فيه حالياً وهي تفضل رؤية الجن على أن تراه.
وهو أحد الأشخاص الرئيسيين في الانتقام الذي تعد له من أجل تنظيف نفسها والحياة التي تعيشها.
بعد أن بصقت كاتيا على مسعود جن جنونه وفقد صوابه، وصفعها كف ترك أثار أصابعه الخمسة على وجهه الابيض الشفاف.
أمسكها من شعرها وشدها بقوة وقال لها: من تظنين نفسك أيتها اللعينة الساقطة، سوف اجعلك تندمين على اللحظة التي ولدتي فيها.
رفعها إلى الاعلى وقام بربط يديها ثم وضعها على الشرفة في درجة حرارة منخفضة.
كان الليل في بدايته، وكانت المسكينة ترتجف من شدة البرد وقلبها يكاد يتوقف، بينما كان مسعود يراقبها من خلف زجاج الشرفة.
بينما أمر مسعود اثنين من رجاله كي يذهبوا لرؤية ريان إن كان قد مات أم لازل على قيد الحياة ومساعدته.
وبالفعل كان ريان قد وصل إلى حالة سيئة للغاية وقد نزف كثير من دماء، فقاموا بمساعدته وإحضار طبيب لتقديم الاسعافات الضرورية.
أما كاتيا فكانت لا تزال تصارع بجسدها نحيل في البرد القارس، نبضها بدأ ينخفض والأكسجين يقل أكثر فأكثر ومسعود يراقب بسعادة تلك المعاناة التي تعيشها دون أدنى مقاومة.
وفي لحظة اشفق عليه لم يكن هذا السبب فقط بل كان يعلم أن كاتيا من أكثر الفتيات اللاتي يطلبهن الزبائن لم يكن يرغب بخسارته لها.
فخرج بعد أن خشية فقدانها ثم دفعها بقدمه وقال: سأقوم بإدخالك شريطة أن تقبلي قدمي.
استجمعت كاتيا قوتها وهي تهتز من شدة البرد وقامت بالبصق عليه مرة أخرى متحدية قوته وغطرسته عليها.
كان فعلها صادم له فقام مباشرة بركلها على وجهها بقدمه حتى سالت الدماء منه.
وقال لها: الآن سوف تتمنين الموت ولن تجديده، أعدك أن تركعي كي اعفو عنك ولن أفعل.
ثم نادى أحد من رجاله وقال له: خذه هذه الفتاة فهي مكافأة لك ولجميع الرجال، افعلوا بها ما يحلوا لكم.
توسعت عينا ذلك الرجل وقال لها: هل هذا حقا سيدي؟؟
رد عليه مسعود بغضب: منذ متى أمزح معك أيها الغبي، هيا اسحلها من أمامي.
وبالفعل قام الرجل بفعل ما أمره مسعود به فأمسك كاتيا بين ذراعيه وكأنه وجد كنز ثمين، او حصل على غنيمة بعد حرب طويلة.
أما كاتيا فدأت تصرخ وتقول لها: دعني أيها الوغد، اتركني يا حقير..
إلا أن لم يكن هناك أحد يصغي لها، كل منهم يسعى لكسب غايته منها إما عن طريق اذيتها أو الاعتداء عليه وتجريدها من أي صفة إنسانية قد تكون تتمتع بها.
فهم يعيشون في غاب لا قانون فيه ولا أخلاق والنصر للاقوى، والقانون يضعه من كان له اتباع وأشخاص تهتم بأمره وتصغي لما يقول، لا حريات ولا حدود لفعل أي شيء، الحرية هي أن تبقى على قيد الحياة ومنحك روحك التي في جسدك ..
يتبع . ..