الفصل الخامس عشر

بعد خروجي من قصر الأمير" الجليل عاصي" ظلت أفكر في ما أخبرني به اتسأل:
- لماذا يرد أن أعمل لديه ما الذي يفكر به؟ هل علم بما يشعر به" الفطين" تجاهي لذا يريد أن يضعني رهينة لديه.

بعد ذلك لم أعد إلى المشفى عدت إلى المنزل حتى أفكر في الخطوة القادمة.

أعلم أن الكارثة الثانية في حياة الطبيب العبقري" الفطين محمد بن سليمان" اقتربت على الوصول.

لذا يجب أن أفعل شيء حتى لا يسحب هذا الأمير الحقير الطبيب إلى هذه الدائرة حتى لا يتغير تاريخه.

ما الذي يجب فعله حتى أنقذ هذا الرجل المميز؟ هل يجب أن أذهب أرافق هذا الأمير الحقير حتى أحمي" الفطين"، ولكن ماذا أن حدث العكس وتورط " الفطين" أكثر من هذا!

كان يجب أن أواجه" الفطين" أسأله عن حقيقة هذا الأمر.

بعد يومين تفكير ذهبت إلى المشفى، وعند رؤيتي سألني" الفطين":
- فاطمة لماذا تغيبتِ عن العمل اليومين الماضيين من دون اخباري بذلك؟

- أعتذر عن هذا لقد وجهة أمر هام لذلك أردت وقت أفكر به ما سأفعل.

- ما هو هذا الأمر؟

- بعد تفكير عميق قررت أترك العمل معك في المشفى.

- ماذا؟ لما تفعل هذا!

- وجدت عمل آخر .
- أين!

- سوف أعمل مع الأمير" الجليل عاصي".

- هل تمزحين؟
- هل يوجد في هذا الأمر مزاح؟

- ليس موافق على ذلك.
- لماذا؟

- هذا الرجل خطير جداً يجب أن تبتعدي عنه.

- إذا صارحتني بالحقيقة وأخبرتني بما لديك مع هذا الرجل سوف أعدك بذلك.

- هل فعلت ذلك قصد!
- ماذا تقصد؟

- هل اقتربت من الأمير حتى تجبرني بمصارحتك بالحقيقة المخفية؟

- أذا صارحتني من البداية لم أكن أتعامل بهذه الطريقة.

- استسمحك أن تتوقفي عن كل ما تخططين وتنوين فعله؟

- للأسف فات الأوان.

غضب" الفطين" بشدة، وصار يتحدث بعصبية وصوت مرتفع قائلاً:
- لماذا أنت هكذا؟ لماذا أنتِ عنيدة إلى درجة الجنون!

- كل هذا من أجل حمايتك.

- من أعطاكِ الحق في حمايتي؟

- القدر.
- ماذا يعني هذا!

- محمد كنت الأول؛ الشخص الأول الذي أبصرت عليه عيناي عند وصول إلى هذا الزمن.

- إذن!

- إذن واجبي أن أحميك، ودفعك تجاه المسير الصحيح.

- وهل مصيري متأثر من مصير الأمير؟

- بالطبع أنت لا تعلم ماذا سيفعل هذا المجرم المجنون في الدول والشعب يجب أن أبعدك عن هذا الرجل بقدر الإمكان.

- لماذا تصرين على التدخل بيننا؟

- لأن لم يذكر في التاريخ أبداً بمعرفتك بهذا الرجل؛ لماذا في هذا الوقت الذي أوشك على النفاذ يلحقك هذا الرجل الحقير.

- هذا الأمر لا يخصك.

- حسنا كما تريد لا تتحدث، ولكني سوف أذهب، والتصق بهذا الرجل، سوف أعرض حياتي للخطر حتى أعرف الحقيقة.

- لا تذهبي.

- هل ستخبرني بالحقيقة؟

- سوف أخبرك بكل شيء، ولكن أعدني أولاً بعدم إخبار أحد عن إنك تعلم عن هذا الأمر حتى الأمير لا يجب أن يعلم أنكِ تعلمين شيء عن هذا الأمر.

- أوعدك بذلك لذا أتمنى تكن صريح وتخبرني بكل شيء؟

ذهب يجلس على الأريكة وأشار إليِ حتى أجلس على المقعد المقابل له؛ تنهد ثم بدأ في سرد الحكاية قائلاً:
- في البداية سوف أقص عليكِ قصة طفل صغير في الثامنة من عمره.

- لا أريد سماع قصص وحكايات أريد معرفة علاقتك مع هذا المجرم؟

- سوف تعلمين كل شيء بعد انتهاء الحكاية.

- حسنا أبدا ما تريد قوله؟

- كانت والدتي تعمل في القصر أثناء شبابها كانت تهتم بالأمير الثاني منذ ولادته حتى بلغ الخمس سنوات، وعندما تزوجت تركت الأمير، وخرجت من القصر نهائيًا، ولكن بعد مرور ثلاث سنوات وجدت هذا الطفل شبه جثة على باب منزلها.

- كيف خرج من القصر ووصل إلى باب منزلها؟

- ساعدته حارس مخلص للملك.

- لماذا؟

- هذا الوقت توفي الملك وحاولت الملكة قتل الأمير الثاني لأنه من الزوجة الثانية ولا تريد الملكة وجود صبي ينافس ابنها على العرش في المستقبل.

- وماذا حدث بعد ذلك؟

- أخذته والدتي وقامت بإنقاذ حياته، وقامت بتربية كابن له وأخ أكبر إليِ حتى بلغ إلى الثلاثة والعشرون عام؛ عندها ظهرت عمة الشاب الذي علمت عن مكان وجود في وقت قريب بعد بحث عن الطفل أربعة عشر عام.

- ماذا حدث له؟

- أخذته عمته إلى منزلها ومنذ هذه اللحظة لم نسمع عن هذا الامير شيء حتى عامين مضى.

- ماذا حصل قبل عامين؟

- وجدت هذا الأمير يقف على باب منزلي ملابسه ممزقة وملوثة بالكثير من الدماء.

- لماذا جاء إليك في هذه الحالة؟

- كان مصاب بجرح خطير وكان يريد طبيب لم يسلمه إلى السلطات.

- هل كانت الدماء التي على ملابسه بسبب جرحه؟

- لا رغم كان جرحه عميق، ولكن لم تنتج كل هذه الدماء التي تنتشر على ملابسه وجسده ووجه.

- هل هذا يعني أنه قتل أحد؟

- نعم.
- قتل من؟

- بعد علاجه بعدة ساعات اكتشفت أن الأمير الثالث أخ المقرب من الملك قتل، وكانوا يبحثون عن القاتل.

- وأنت هل حميت هذا الرجل من السلطات!

- نعم.

- لماذا فعلت ذلك؟
- لقد وصتني والدتي قبل موتها بحمايته أذا أحتاج إليه.

- لقد قمت بحماية قاتل ومجرم؟

- أنه أخي الذي شاركته نصف حياته كيف أضحي به؟

- كيف لم أرى هذا من قبل كيف لم ألاحظ أنك شخص سهل التلاعب به.

- هذا غير صحيح لأني ليس هكذا.

- لقد قمت بحماية شخص يملأ قلبه الظلام والكراهية التي سوف يخرجها ويغرق بها الدول في المستقبل.

- عاصي ليس شخص سيء إلى هذه الدرجة كل ما في الأمر أنه مر بحياة قاسية جعلته يتصرف بجنون في أوقات قليلة.

- هل سمعت ما قلت من قبل هذا الرجل مجنون مجرم، وإرهابي خطير.

- عاصي ليس هكذا لقد تم ظلمه كثيراً منذ الطفولة، ولم يؤذي أحد أبداً في حياته.

- هل أنت واثق من ذلك؟

توتر" الفطين" وحاول تغيير مسار الحديث، ولكني لم أعطيه فرصة حتى يهرب من المواجهة.

لآني شعرت حينها أن حديثي مع هذا الرجل صاحب القلب النقي لم يصل إلى شيء، لأنه رغم كل ما يحدث من هذا الرجل سوف يقوم بحمايته ويحتويه.

نهضت أنظر إليه بغضب عارم أخبرته:
- لقد وعدتك بعدم إخبار أحد، ولكن أخبرني الحقيقة لماذا يبحث عنك هذه الأيام؟

- هذا الأمر خطر لا يجب أن تعلمي عن هذا السر.

- محمد أذ لم تخبرني سوف أذهب إليه وأسأله عن هذا الأمر؟

- لماذا تحولين دائماً تعرض حياتك الغالية للخطر!

- لأن حياتك أغلى وأهم من حياتي في هذا الكون.

صدم" الفطين" من هذه الكلمات الغريبة التي تخرج من فمي فجأة، وظل يحدق فيِ بصمت حتى سألته بغضب:
- أخبرني أرجوك؟

أخفض نظره إلى الأرض ينظر إلى يديه التي يقبضها ببعض، والعرق البارد يتساقط من وجه ثم قال بصوت منخفض:
- يريد أن أتلاعب بعلاج الملك حتى تتسبب في قتله.

عندما سمعت ما قال صدمت وخارت قوى؛ جلس على الكرسي مرة أخر في صدمة أحاول التفكير فما قال، وكل ما حدث في الماضي.

أتساءل بداخل عقلي:
- هل موت الملك الذي اقترب على النفاذ كان سببه الفطين هذا؟ هل كان الفطين جزء من المجزرة التي حدثت في الماضي!

قبضت على يدي الاثنان بقوة واستجمعت كل شجاعتي التي سلبت حتى أسأله:
- إذن ماذا ستفعل هل ستقوم بمساعدته؟

- بالطبع لا لقد رفضت مساعدته ولكنه لا يريد التخلي عن فرصة أني الطبيب الذي يعالج الملك هذه الأيام.

- محمد حاول الابتعاد عن هذا الأمر أرجوك سوف يكون ذنب كبير على عتيق أن ساعده.

- أعلم ذلك، ولكن.

- ولكن ماذا هل مازالت تفكر في هذه الجريمة البشعة!

تنهد ثم استجمع كل شجاعته حتى يخبرني:
- هل تعلمين كم عانى هذا الرجل من الولادة حتى الآن؟ لقد عاش حياة قاسية ومجزية كان طفل صغير لا يعي شيء عندما تعرض لمحاولات القتل تعلم في هذا العمر الصغير معاني كلمات مثل الرفض، والهجران، والقتل، والحرمان، قسوة القلب.

- أعلم حقيقية هذا الرجل جيداً لذا لم أشفق عليه أبداً.

- لقد كنت أرافقه طول حياته وأعلم كم كمية المعاناة التي تعيش في داخله.

- هذا قدره.

- هذا صحيح ولكن ما الذنب الذي ارتكبه حتى يمر بكل هذا؟

- أخبرتك أنه قدره.

- لا أنه قسوة البشر من صنعت شخصيته حتى لو تحول إلى قاتل مجنون هذا ما أجبره الأشخاص السيئين على المرار به.

- لا تحاول أقناعي أو تجعلني أشفق على هذا المجنون سوف أذهب الآن.

عندما لم يجد طريقة يقنعني بها حتى أشفق على هذا المجنون تنهد في صمت ينتظر قراري النهائي.

هذا الوقت كنت أشعر بمشاعر متقلبة كثيرة؛ مازالت استصعاب الأمر، ولا أريد تصديق ما خرج من فم هذا الرجل الذي كنت أعتقد أنه ملاك مختلف عن كل البشر.

نظرت إليه بعصبية قائلة:
- لن أعود للعمل هنا مرة أخرى.

بعد ذلك خرجت على الفور، ولكنه جاء خلفي حاول منعي من التهور، ولكني لم أستمع إليه واستمرت في ذهاب.

ظلت أسير في الشوارع والطرقات مثل الشخص الذي فقد طريقة أبحث عن شيء لا أعلم ماهيته.

أصبح قلبي ثقيل يبكي وينتحب بسبب رؤية هؤلاء البشر الذين يمارسون حياتهم بشكل طبيعي وسعادة من دون معرفة ما الذي ينتظرهم في المستقبل من دماء، وفقدان أقرب، وأعز ما يملكون.


هؤلاء البشر كل ذنبهم أنهم يعيشون في نفس الزمن مع شخص مريض نفسي يريد السيطرة على الدولة من أجل نزواته، طمعه في السلطة والانتقام.

( الآن ماذا يجب أن أفعل هل أترك كل شيء يحدث كما ذكر في التاريخ، أما أحاول تغير الأمور وجعلها تسير في اتجاه آخر).

وصلت عند القصر الملكي دون أن أدرك وقفت أحدق بها أفكر وأفكر دون انقطاع حتى وجدت شخص يسحبني من الخلف قائلاً:
- لماذا أنتِ هنا؟ لما جئتِ إلى هذا المكان!.

بعد ذلك سحبني حتى ابتعدنا عن القصر ثم توقف حتى يسألني:
- هل تريدي أخبار الملك عما حدث!

- لا أعلم لماذا أنا هنا، ولكني لم أفعل ذلك لن أبلغ عنك أبداً.

- إذن لماذا أنتِ هنا؟
- أخبرتك لا أعلم.

- أظن أن الصدمة مما سمعتِ كانت قوة.

- أظن ذلك هل تستطيع مساعدتي في العودة إلى المنزل أظن أني فقد طريقي؟

- هيّا بينا سوف أساعدك في الوصول إلى المكان الذي تريده لذا لا تقلقي.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي