الفصل السابع عشر

عندما وجدت الملك مستعد أن يستمع إلى ما أقصه عليه؛ بدأت في أخبره عن وجود طريقة من أجل إنقاذ أبناءه الذكور من فك الموت.

رغم أنها كذبة ملعونة، ولكن كانت كذبة لابد من حدوثها حتى ننقذ الكثير من الأبرياء الذين جئت إلى هذا العالم من أجل إنقاذهم.

جلست بشموخ ثم بدأت أسرد تفاصيل خطتي الأنانية التي اخترعتها بسبب الخوف والرعب حتى إنقاذ الدولة والشعب من مصي ملعون.

لذا أخبرته بكل ثقة:
- مولاي أولاً يجب عليك أن تسرع وتجعل الأمير الثاني ولي العهد والأمير الوريث الوحيد للعرش.

- يا امرأة هل فقدتِ عقلك كيف تخبرني بمثل هذه الأشياء أنها خيانة عظمى!

- مولاي هل يمكنك أن تسمعني حتى النهاية؟

- إذن أخبرني لماذا تريدي أن أجعل أخي الغير شقيق الوريث الوحيد للعرش ولدي ثلاث أبناء ذكور أصحاء؟

- أبنائك الأعزاء معرضين للخطر والإبادة بسبب إرث هذا العرش اللعين.

- لكن هذا العرش قدرهما الذي خلقه من أجله.

- إذن تصرف بذكاء حتى تنقذ أبناءك الأعزاء؟

- لا أريد ذلك أبحثِ عن طريقة أخرى من أجل حفظ الجميع؟

- لا توجد أخرى هذه الطريقة الواحدة أمامي حتى نستطيع إنقاذ الجميع.

- إذن أخبرني فما تفكرين؟

- أعتقد أن الطريقة التي تستطيع بها إنقاذ أبنائك وتراثهم العرش هي أن تجعل أخيك الأمير الثاني الوريث الوحيد.

- كيف هذا سينقذ الجميع؟

- لأن من يريد قتل الجميع من أجل العرش سوف يضع كل تركيزه ومجهوده في كيفية التخلص من أخيك الأمير الثاني؛ بهذا الطريقة سوف يكون هناك وقت كافي حتى يكبر الأطفال ويصبح رجال.

- وماذا أن قتل الأمير" الجليل" قبل إرث العرش!

- لا تقلق هذا الرجل لديه مستقبل قوى؛ لذا لا أعتقد أنه من السهل أمتلك أحد القدرة في التخلص من هذا الشخص.

- إذن ماذا سيحدث أن كبر الأطفال ولن يستطيعوا أن يصبحوا ملوك؟

- لا تعلم ما الذي يرده أطفالك في المستقبل هل أو الحياة؛ لذا أترك المستقبل للمستقبل حين ينضج الأطفال، وعندها سيتحول شخص منهما إلى ضبع ويسعى إلى العرش من أجل أمتلكه.

- هل أنتِ واثقة من هذا الأمر؟

- بالتأكيد من حدد له القدر أن يصبح الملك سوف يأخذه مصيره إلى ما قدر له، وأيضا الأمير الثاني لم يكتب أن يكون له ذرية فهو شخص لن ينجب أبداً.

- هل هذا يعني أن أحد أبنائي سوف يكون الملك في المستقبل؟

- نعم حينها الأفضل، والذي يستحق العرش سوف يناله في النهاية من دون منازع.

- ولكن هذا يعني أن أكبر أبنائي لن يكون الملك أبداً لأنه سوف يصاب بمرض مثل مرض الذي أصابني وأصاب والدي؟

- هذا صحيح، ولكن ما سيحدث في المستقبل من الممكن تغييره مع تغيير الأحداث من الحاضر والمستقبل.

- نعم هذا صحيح هذه فرصة يجب أن تستغل جيداً حتى يتم إنقاذ الجميع.

- هذا ما أريد إيصال إليك.

- سوف أفكر في هذا الموضوع أتركني الآن وأذهبي، وأظن من الأفضل أن لا تخبري الأمير الثاني" الجليل" بما تحدثنا.

- بالتأكيد هذا الأمر لا يجب أن يعلمه الأمير الثاني حتى لا يتصرف بتهور ويدمر كل شيء.

- هذا ما أعتقد أيضاً.

- أمرك مولاي أعتذر لك لأجل الرحيل الآن.

- تفضلي.

بعد خروجي من القصر لم أعود إلى قصر الأمير الثاني، وذهبت إلى مشفى" الفطين" حتى أراه ليس من أجل الخدعة التي أخطط من أجلها، ولكن بسبب اشتياقي إليه.

خلال العام الذي مكثت به في قصر الأمير الثاني غضب" الفطين" بشدة من هذا التصرف، وقرر عدم مقابلتي مرة آخري.

حاولت كثير إيجاد طريقة من أجل رؤية، ولكنه كان يسد كل الأبواب التي أحاول الدخول منها بعضها كان محاولة الأمير الثاني" الجليل" في استدعائه، أو محاولة ادعائي بالمرض الشديدة، أو الكثير غيرها.

لكنه رفض بشدة مقابلتي بسبب ذهابي والعمل إلى الأمير الثاني، وعندما وجدتني أحاول محاصرته إرسال رسالة مع الفتي" رجب" مساعده قائلاً:
- سيدتي لقد أمرني سيدي أن أوصلك كلماته.

- أخبرني بكل شيء قال؟

- قال سيدي يجب أن تمتنعِ من الاقتراب من المشفى، أو محاولة مقابلته واتركه يعمل في سلام لأنه لا يريد التعامل مع الخونة منذ الآن.

علمت حينها أني خسرت صداقة أكثر رجل شريف ممكن أصادفه في حياتي، ولكنه لا يعلم لماذا أفعل كل هذا رغم أن هذه الخطوات والقرارات كلها من أجل مصلحته.

( أنه حقاً مغفل لا يعلم الحق، ولا يستطيع التفريق بين الصالح والباطن).

عندما وصلت إلى المشفى ظلت أراقب المكان من مسافة أنتظر حتى ألقى نظرة عليه من بعيد مثل كل يوم تلك التصرفات التي أصبحت عادة يومية لا أستطيع إيقافها.

( أنها عادة تسير وتسيطر في جسدي، تحركني مثل المومياء إلى نفس المكان كل يوم دون أن أدرك مثل الإدمان).

اليوم كان مختلف ليس مثل كل يوم هذا اليوم وجدت" الفطين" يخرج من المشفى بجواره امرأة حسناء تكون ابنة أخت الملك؛ الفتاة المدللة الأنانية" هند".

تلك الأميرة المغرورة التي تريد أن تسيطر وتمتلك كل شيء تغرم به ماذا تفعل بجوار" الفطين".

عندما شاهدت هذه الفتاة بجوار الشخص الذي أغرم به شعرت بالخوف والجنون من أن تقوم هذه الفتاة بسرقة الرجل الذي أحبه، ولكن رغم ذلك لا أستطيع الاقتراب أكثر.

عدت إلى قصر الأمير الثاني" الجليل" حزينة متبلدة المشاعر، وعندما وجدتني في هذه الحالة أقترب حتى يسأل:
- فاطمة ما بكِ هل أنتِ مريضة؟

- لا شيء أشعر فقط بالخمول.

- لماذا أنتِ هكذا هل أجبرك الملك على أمر صعب تحقيقه؟

- لا يحدث ذلك.

- إذن ما بك لماذا أنتِ في هذا الوضع؟

جلست ثم بكيت قائلة:
- أظن أن قلبي يؤلمني.

- قلبك هل استدع الطبيب!
- لا يوجد داعي.

عندها تذكرت الطبيب إذن سوف يحضر" الفطين" ثم نظرت إليه بسعادة قائلة:
- أظن أني محتاجة الطبيب يفصح حالة قلبي.

نادى الأمير" الجليل" الخادم يخبره:
- أذهب وأجلب الطبيب الهيثم بن القاسم من أجل سيدتك.

عندما سمعت اسم طبيب أخر أوقفت الخادم ثم أخبرت الأمير:
- انتظر لا يوجد طبيب يستطيع علاج حالتي غير الطبيب" الفطين".

- ولكن أنتِ تعلمين أنه يرفض دعوتي دائماً!

- أعلم، ولكن من الممكن أن يستجيب اليوم يجب أن تجرب ذلك؟

- حسنا سوف افعل.

بعد ذلك نظر الأمير إلى الخادم يخبره:
- أذهب وأفعل كما قالت سيدتك.

أوقفت الخادم قائلة:
- لا تفعل لا تخبره أني مريضة أخبره أن الأمير الثاني مريض بشدة ويبصق الدماء.

نظر الخادم إلى الأمير بخوف ينتظر أن يسمح له حتى يتحدث عن الأمير بهذه الطريقة الشنيعة حتى أومأ الأمير برأسه إلى الخادم يسمح له بفعل كما أخبرته:
- أنتظر لا تذهب إلى المشفى أظن أنه في المقهى الآن اذهب واحضره.

- أمرك سيدتي.

بعد ذهاب الخادم عدت أجلس على مقعدي مرة أخر حينها اقترب الأمير الثاني" الجليل" يجلس بجواري متعالياً ابتسامة خبيثة على وجهه قائلاً:
- كيف علمتي المكان الذي يجلس به" الفطين" الآن؟.

- لم أعلم لقد توقعت ذلك.

- كيف توقعتِ هذا!

- أنه أمر بديهي من عاداته كل يوم جمعة بعد العشاء يذهب إلى هذا المقهى حتى يقابل أصدقائه الفقهاء.

- أنتِ تعلمين تحركاته وعاداته جيداً!

- لا الأمر ليس هكذا، ولكني بقيت بجواره فترة طويلة تجعلني أحفظ عاداته اليومية.

- هل تعلمين شيء عن عاداتي اليومية!

- بالتأكيد أعلم كل شيء يخص حياتك اليومية.

- إذن أخبرني بشيء واحد هام؟

- أستطيع أخبارك بأشياء كثيرة.


- مثل؟
- مثل أنك تعشق النوم بع الغداء إلى فترة العصر، وتكره الأشياء المالحة شديدة الحلوة، وتكره أن تقاطع أحد أثناء حديثك وأنت غاضب.

- هذا يكفي.
- لماذا!

- أخاف تسردي صفاتي السيئة بعد ذلك.

- أظنك محق يجب أن أتوقف الآن.

- هل هذا يعني وجود عادة سيئة!

- عادة واحدة فقط! لا تقلق يوجد الكثير من العادات السيئة التي تملكها.

- فاطمة لنتوقف عن العادات السيئة الآن وتحدثِ عن العادات الجيدة؟

- للأسف لا يوجد.

- حاول إيجاد واحد فقط؟
- سوف أحول أنتظر.

بعد لحظات تفكير أخبرته:
- تذكرت واحدة.

- حقا أخبرني بها؟

- للآسف لا يوجد أعتذر منك سوف أذهب إلى غرفتي الآن.

ذهول الأمير الثاني" الجليل عاصي" من حديثي السلس عن عاداته السيئة من دون خوف ثم ضحك بشدة من تصرفي الغريب المضحك.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي