الفصل الثامن عشر

مازال الملك لا يثق فما أخبرته به؛ لذا طلب بحضور كل الأطباء الموجودين في الدولة معاد الطبيب الفطين" محمد بن سليمان" حتى يفحصه حالته من دون تزييف.

بعد تأكيد كل الأطباء نوع المرض الذي أخبرته به؛ أرسل في إحضار" الفطين" لأنه يعلم أنه الشخص الوحيد الذي يستطيع معالجة مرض.

في نفس الوقت كنت أنتظر حضور" الفطين" إلى قصر الأمير الثاني، ولكنه كما يحدث دائماً رفض الحضور إلى القصر.

أثناء رفضه الذهاب مع الخادم شاهد الجميع في المقهى هذا الأمر؛ عندما رفض" الفطين" الذهاب إلى قصر الأمير الثاني، وهذا الأمر وصل مسامعه إلى السلطان.

منذ رفضه الذهاب إلى قصر الأمير الثاني انتشرت الشائعات بالعداوة بين الطبيب والأمير؛ كانت البلد بأكملها تتحدث عن مقاطعة الطبيب مع الأمير بسبب امرأة لمدة عام.

يتحدثون: ( كيف لهذا الطبيب المغرور أن تجرأ على رفض معالجة الأمير الثاني؛ كيف يرفض شرف كبير كهذا).

عندما سمع السلطان بما حدث شعر بالارتياح تجاه الأمر، وأرسل في طلب إحضار الطبيب" الفطين محمد بن سليمان” للحضور لمقابلة الملك في القصر قائلاً:
- أريدك ان تفحص جسدي؟

- أمرك مولاي.

أقترب" الفطين" وأمسك بمعصم الملك حتى ينصت إلى النبض، وبعد ذلك اقترب يتفحص عين الملك، يستمع إلى دقات القلب ثم أبتعد بعد انتهاء الفحص بهدوء واحترام خافض نظره إلى الأرض قائلاً:
- أظنك يا مولاي تعلم ما نوع المرض الذي يصيبك؟

- أعلم.

- إذن لماذا طلبت حضوري؟

- أريد أن تقوم بعلاجي.

- لماذا يا مولاي تريد ذلك والقصر ممتلأ بالمعالجين الجيدين؟

- أنت أفضلهم علماً.

- لكن يا مولاي لا أجرؤ على فعل ذلك.

- هل ترفض تقديم العلاج للملك؟

- حاشى لله يا مولاي لا اجرؤ على ذلك، ولكني أخاف من الأخطاء في حقك، وأشك في عدم قدرتي على إنقاذ حياتك.

- لا تقلق أعلم أن هذا المرض ليس له علاج ولكني أريد منك أن تطل عمري إلى أطول فترة ممكن حتى أستطيع تجهيز كل شيء.

- العمر في يد الله سبحانه وتعالى.

- أعلم هذا، ولكني أعلم أكثر أنك تستطيع إنقاذ الشخص الميت لذا سوف أترك حياتي بين يديك أمانة.

شعر" الفطين" بالتوتر والخوف من هذا الأمر، وظل يفكر في ايجاد طريقة للهروب من علاج الملك حتى لا يتم استغلاله من الأشخاص الذين يريدون السيطرة على العرش خصوصاً الأمير الثاني.

رفع الطبيب نظره إلى الملك قائلاً:
- أرجوك مولاي فكر في هذا الأمر ثانية؟

- لقد فكرت جيداً، واتخذت قراري.

- ما قرارك مولاي.

- أحضر أدواتك وأدخل القصر منذ الغد.

هذا الأثناء كنت أجلس على طاولة الطعام مع الأمير الثاني عندها دخل أحد حراس الأمير يقترب من أذن الأمير حتى يخبره:
- سيدي لقد دخل الطبيب القصر.

- منذ متى؟
- منذ ساعة.

نظرت إلى الأمير الثاني بتعجب أسأله:
- ما الذي حدث؟
- لا شيء.

ثم ابتسمت بخبث أسأله:
- هل ذهب” الفطين” إلى القصر!

- كيف علمت هذا هل سمعتِ صوت الحارس؟

- بالطبع لم أسمع شيء.

- إذن أخبرني كيف علمتِ هذا؟

- لأن كل هذا جزء من خطتي.

- كيف؟

وضعت الملعقة التي بيدي على الطاولة بجوار الصحن ثم نظرت إلى الأمير أسأله:
- هل انتهيت من الطعام؟

- نعم انتهيت.

- هل نذهب إلى مكان أكثر خصوصية؟

- حسنا لنذهب الى غرفة الدراسة.

- سوف أسبقك إلى هناك.

- حسنا سوف الأحق بعد لحظات.

نهضت من الطاولة أخرج من غرفة الطعام، بعد خروجي أشار إلى الخادم يخبره:
- أريد العلم عندما يخرج" الفطين" من القصر.

- أمرك سيدي.

بعد ذهاب الحارس جاء الأمير إلى غرفة الدراس جلس بجواري ينتظر مجيء فنجان القهوة المعتاد.

بعد خروج الخادمة بعد إحضار القهوة قال:
- الآن تحدثِ بصراحة ما الذي يوجد داخل اكمامك!

- عما تتحدث لم أفهم مقصدك؟

- فاطمة أني أتحدث بجدية، وأعلم أنك تعلمين جيداً ما أريد الوصول إليه لذا أجبيني بجدية؟

تنهدت مستسلمة ثم اعتدلت في جلستي أنظر إليه بجدية قائلة:
- حسنا سوف أخبرك، ولكني أريد الآن سؤلك عن شيء ما.

- تفضلي بالسؤال.

- في البداية هل تتذكر أول يوم بدأت العمل معك ماذا أخبرك؟

- هل تتحدثين عن الشرط الذي وضعته من أجل العمل لدي!

- نعم أتحدث عن ذلك.

تذكر الأمير عندما ذهبت إليه حتى أخبره:
- أيها الأمير أعلم أنك تخطط للخيانة والاستيلاء على العرش.

غضب الأمير قائلاً:
- عما تتحدثين هذا غير صحيح.

- توقف في التخطيط في هذا الأمر، وابتعد عن سحب" الفطين" إلى هذه الكارثة، وسوف أعطيك العرش بسهولة من دون قتال.

- هل تستعطين تحقيق ذلّك؟

- نعم أستطيع، أعطيني عام واحد وسوف أحقق ذلك؟

- عام واحد ليس بكثير؛ حسنا سوف أتوقف عن سحب" الفطين" إلى هذا الأمر وأنتظر.

- هل هذا وعد؟
- نعم إنه وعد.

بعد انتهائه من التذكر ضحك قائلاً:
- هل انتهاء العام هل مازال يريد الكثير من الوقت؟

- أريد المعرفة أولاً هل مازال تحافظ على الوعد؟

- مازالت أفكر به.
- لماذا!

- دخول" الفطين" القصر فجأة أصبحت فرصة كبيرة لا يمكنني التخلي عنها إنه أمر من الصعب تحقيقه بسهولة.

- في ماذا تفكر؟

- أفكر أن أستغل الفرصة بعد انتهاء العام الذي وعدك به.

- وماذا أن أخبرتك أني نجحت في تحقيق هذا الوعد؟

- ماذا تقصدين!

- سوف تعلم عن هذا الأمر في يوم آخر لذا تصرف بحكمة، وانتبه، ولا تتهور هذه الأيام.

- أشعر بوجود أمر هام تخفيه؟

- سوف تعلم في الوقت المناسب لذا أنتظر بهدوء، وابتعد عن الشبهات هذه الأيام.

عندما لم يجبها الأمير نهضت من المقعد حتى أخر من الباب، وقبل بلوغي الباب أخبرته بصوت حزين:
- أتمنى أن تمر هذا العام من دون كوارث.

بعد خروجي ظلت الأمير يفكر في حديثي بجدية لأنه كان وضع خطط ومخططا من أجل السيطرة على العرش.

لكن بعد حديثي الجدي شعر بالقلق وقرر وقف كل شيء حتى يصل إلى معنى إلى حديثي المفاجئ.

طلب الأمير من الخادم أن يرسل في طلب الحارس المخلص، وعند وصوله أخبره:
- أمين أوقف كل شيء الآن.

- لماذا يا سيدي لقد استعدينا جيداً من مدة طويلة من أجل هذه اللحظة؟

- نفذ الأوامر من دون مناقشة.
- أمرك يا سيدي.

بعد ذهاب الحارس المخلص جاء الحارس الأخر يخبره:
- سيدي لقد خرج الطبيب" الفطين" من القصر منذ لحظات.

- هل علمت لماذا طلبه الملك؟

- أخبرني مصادري أن الملك مريض لذلك طلب الطبيب من أجل الفحص.

- هل تعلم ما نوع المرض؟

- لا يا سيدي ولكن علمت أن الملك طلب من الفطين أن يدخل في ضيافة الملك من أجل مباشر العلاج فوراً.

- هل يعني بوجود شيء خطير؟

- لا أعلم يا سيدي لكن المصدر قال أن القصر في حالة توتر.

- دخول الفطين يعني أن الملك ليس بمرض بسيط حاول البحث في هذا الأمر.

- أمرك شيء.

بعد تفكير للحظات قال:
- انتظر لا تبحث وتثير الشبهات انتظر لفترة دون تحرك.

- أمرك يا سيدي.

بعد خروج الحارس جلس الأمير يفكر ويتساءل:
- هل كل ما قامت به" فاطمة" جزء من خطتها الذكية!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي