الفصل الواحد والعشرين

مر شهر منذ بدأت العيش في القصر؛ مر هذا الشهر وسط مخاطر ومعاناة من تصرفات الأميرة المغرورة، ولأني شعرت أن الملك يراقب تصرفاتي وانفعالاتي عن قرب.

لذا شاركت في هذه المسرحية التافهة؛ هذه المنافسة التي جعلت الملك ينمي ثق أكبر تجاهي أكثر من قبل حتى أشدد عليه المرض في يوماً ما.

عندها طلب الملك حضوري حتى يسألني:
- فاطمة هل اقتربت من النهاية؟

- أعتذر يا مولاي هذا الأمر لا أستطيع التحدث به.

- أشعر جدياً ما حالة جسدي الصحية؛ لذ أشعر أني أجلي أقترب نهايته، وأني لم أستطيع الصمود لمدة الشهرين القادمين.

- لا تتحدث هكذا مولاي.

- أخبرني كيف سوف أحيى عامين كما أخبرتني، وجسدي وصل إلى هذه المرحلة!

- مولاي هل يمكنك الوثوق في الطبيب أنه موهوب جيداُ وسوف يساعدك بإخلاص.

- أتمنى أن أعيش أطول فترة ممكن حتى يكون هناك فرصة لعائلتي أن تحيا من دون كوارث مستقبلية.

- مولاي هل تسمح إليِ أن أتجرأ أسألك عن شيء هام.

- لماذا لم تفعل كما أخبرتك هل هذا لأنك لا تثق في حديثي أما لا تريد التضحية بسبب حديث من الممكن أن يكون مزيف وغير صادق.

- في الحقيقة ليس الأمر لعدم ثقتي بكِ، ولكن بسبب عدم ثقتي في الأمير الثاني.

صمت للحظات أفكر( ليس بمفردك الذي لا يثق به لأني أيضاً أشعر بنفس الطريقة، ولكني يجب أن أحاول بكل شيء حتى أستطيع تغير الماضي المؤلم).

عندما وجدتني الملك شاردة بصمت غريب فجأة قال:
- فاطمة ما بكِ في ماذا تفكرين!

- في الحقيقة حتى أنا أشعر بالخوف من تغير المصير بتهور، ولا أعلم من يجب أن أثق به حتى أفعل ذلك، ولكني أشعر بقوى أني يجب أن أتدخل محاولةً في تغيير الأحداث المؤسفة.

- هذا ما أشعر به هل يجب أن أترك الأمور كما مكتوب له أن تذهب؛ أما أتصرف بأنانية وأذهب لتغير كل شيء من دون اهتمام شيء.

- هذا مطمئن أني ليس الشخص الوحيد الذي يشعر بقلق بسبب التغيير.

- أعلم يا مولاي مخاوفك الحقيقة عن هذا الأمر، وحقيقية مشاعرك في مواجهة الحقيقة لأني أيضاً أشعر الخوف والرعب من هذا التغيير الجذري الذي أسعى إليه.

- أعودك أني عند الانتهاء من التفكير وتقرر الأمر سوف أخبرك أول شخص عما سأفعل والخطوات القادمة.

بعد إنهاء الاجتماع مع السلطان شعرت بالقلق من الحالة التي وصل إليها السلطان أتساءل( لماذا تدهورت حالته السلطان أسرع مما أتوقع، وهذا الأمر لم يذكر من قبل في التاريخ ما الخطأ الذي ارتكبته).

لذا ذهبت إلى المختبر الذي أنشأه الملك داخل القصر من أجل" الفطين" حتى أستفسر عن الأمر، ولكن عند وصولي وجدته يجتهد بإخلاص حتى يصل إلى علاج من أجل السلطان؛ لذا سألته:
- ماذا تفعل!

- أفعل كالمعتاد أبحث عن علاجاً ما.

- هل تعلم ما حالة السلطان الآن؟

- أعلم.

- إذن لماذا تركته من دون اهتمام؟

- الأم ليس لأني غير مهتم ولكن.

- ولكن ماذا! لقد تدهورت حالة السلطان أكثر من قبل؟

- أعلم هذا.

- كيف تترك حالته تصل إلى هذه الدرجة؟

- لأني لم أبداً العلاج بعد.

- لماذا!

- لأن كل ما سأفعله مع السلطان الآن سوف يكون تسكين الملك ومنح مجرد أمل ضعيف؛ لذا إجراء بعض اختبارات متعددة ومختلفة على هذا المرض حتى أتوصل إلى حل نهائي وليس مؤقت.

- ماذا! حل نهائي كيف هذا المرض لم يكن به علاج أبداً، لذا لا تحاول تضيع الوقت في تحقيق المستحيل وأفعل ما يجب عليك فعله؟

- أنتِ مخطة لأني توصلت إلى الحل تقريباً.

- كيف هذا!

- هناك مكون بسيط أن وفر سوف يستطيع السلطان العيش مدة عشرة أعوام أو أكثر.

عندما سمعت هذا الأمر فقدت توازني تقريباً من الصدمة؛ لذا اقتربت من" الفطين" وسحبه من ذراعه برعب أسأله:
- هل أخبرت الملك عن هذا الأمر؟

- لم أفعل حتى الآن، ولكني أخبرته أني سوف اجد الحل قريباً.

- إذن لا تفعل.

- ماذا تقصدين؟

- لا تخبر السلطان أنك وجدت العلاج، لا أظن أنك لا يجب أن تبحث عن العلاج في هذا المرض أبداً.

- لماذا يجب أن أفعل ذلك!

- لأن بسبب هذا المرض مات الكثير حتى وصلنا إلى المستقبل الذي حضرت منه أذا وجدت علاج ممكن الأمر يتحول إلى كارثة، وأيضاً يجب أن يموت السلطان هذا العام أن أرادت إنقاذ الكثير من الأبرياء.

- هذا الأمر لم يحدث أبداً سوف أعلاج الملك وأقنع الأمير الثاني من العودة عما يريد فعله.

حين أنهى" الفطين" جملته ضرب البرق السماء بقوة تصم له الأذان وتذيب الأذهان.

هذا البرق الذي أدخل صوته في السماء الرعب على قلبي لقد سمعته من قبل أنه نفس الصوت الذي سمعته قبل وقوعي في غيبة واستيقاظِ في هذا العالم العقيد.

حينها تثبت في ذراع" الفطين" بقوة جعلته شعر بالخجل والتوتر والقلق عندما نظر إليِ ووجدتني في هذه الحالة الغريبة، ولكن قبل أن يسأل:
- فاطمة ما الذي يحدث معك؟

نظرت إليه بعيون دامعة ترتعش من الخوف قالت:
- محمد أظن أن وقتي انتهاء هنا.

فجأة وجدتني تلاشى واختفى في الهواء أني أذوب في المكان، ولكن عندما وصل الاختفاء إلى ذراعي التي تتثبت به بقوة؛ بدأ هو أيضا في التلاشي من المكان.

بدأ الأمر كأنه مرض معدي يسير تجاه جسده بالكامل حتى اختفاء فجأة من المكان كما كان يحدث بي.

فجأة استيقظت على سرير داخل غرفة المشفى بالمستقبل؛ عودت في لحظة إلى حاضر من دون إدراك أو استعداد، وخلال لحظة وجدت" الفطين" يظهر من العدم بجوار السرير.

بدأ" الفطين" في حالة ذهول تامة مما حدث ومر من خلاله؛ شخص من الماضي أصبح فجأة متواجد في المستقبل من دون تجهيز أو تحضير لذلك.

ظل يسير في الغرفة ببطء شديد يتفحص المكان تفاجأ من كل الأجهزة المتقدمة الحديثة التي يشاهدها لأول مرة.

لذا ضحك أفكر( ماذا سيفعل هذا الرجل عندما يخرج للعامل الخارجي ويشاهد كل التقدم والتغيرات التي حدثت على مر القرون).

لذا حاول اغاظته قليلاً ثم أمسكت جهاز التحكم في التلفاز وقمت بتشغيله؛ عندها فزع" الفطين" من الصوت المفاجئ الذي خرج والشاشة الكبير التي يظهر عليها أشياء غريبة ومخيفة بالنسبة إليه.

أقترب من التلفاز يحاول فحص هذه الشاشة الرفيعة يبحث عن مدخل دخول هؤلاء البشر الذي يشاهدهم لأول مرة في حياته يسأل بفضول شديد:
- من أين دخلوا هؤلاء البشر إلى هذا المكان الصغير.

ظلت أضحك وأتنقل بين القنوات للعبث بعقلية الجهلة للواقع الذي أعيش به حتى فجأة وجدت أحداث غريبة تظهر على التلفاز أشاهدها لأول مرة في حياتي.

كانت نشرة أخبار تعرض بطريقة مخيفة، وكانت المذيعة تنقل أحداث عن نسبة التلوث الموجودة في الهواء، ونسبة الأتربة المرتفعة بشكل مخيف تجعل البشر يذهبوا إلى عامله وهم يرتدون أقنعة مضادة للتلوث والأتربة.

ما أخافني نسبة التلوث المنتشرة لأنه ليست مثل النسبة العادية التي كانت متواجدة قبل ذهابي إلى الماضي، وعندما فحصت أكثر في محرك البحث؛ اكتشف أن سبب حدوث ذلك هو نسبة السكان المرتفعة.

عندما فحصت أكثر في الموضوع اكتشفت أن نسبة الموت خلال الأعوام الماضية كانت قليلة بسبب وصول الطب إلى أعلى درجة في كشف العلاج في كل أنواع المرض.

أصبحت أفكاره المبتكرة والعبقرية متوارثة لأجيال حتى يتعلمون ويطورون من هذه المرجعيات القديمة، ولكن تلك الأفكار التي ظهرت جعلت العالم مكتظ بالسكان وزاد عدد السكان بسبب قلة الوفيات.

هذا العالم الذي أصبح مختلفا نسبة سكان كثير، ونسبة تلوث أكبر، هذا العلم المختلف كثير، هذا العالم الذي أختفي به الأمراض المزمن، وأصبح البشر يفقدون حياتهم به بسبب التلوث.

كل هذا حدث بسبب الإنجاز العظيم الذي وصل إليه الطبيب العبقري الماهر" الفطين محمد بن سليمان" في الماضي؛ عندما وجدت علاج عبقري حتى يعالج الملك من المرض المزمن الخبيث.

بسبب هذا استطاع" الفطين" اكتشاف علاج أغلب الأمراض المزمن التي كان يصعب علاجها حتى في الزمن الحديث الذي كنت أعيش به قبل أن يتغير.

هذا الأمر أخفني بشدة، وجعلني أشعر بالتوتر والرعب أتساءل( ما الذي حدث خلال نومي؟ ما التغير الذي فعلته من دون أن أدرك).
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي