22
بعد أن نال ريان وكاتيا قسط من الراحة الكافية، كان يتوجب عليه أن يفكر بطريقة للخروج من المكان الذي هم فيه حاليا، قبل حدوث أي شيء بشكل مفاجىء.
فقال ريان لكاتيا: كوني مستعدة سوف نغادر خلال وقت قصير.
ردت عليه كاتيا، تسأل: إلى أين سوف تكون الوجهة؟
تنهد ريان فهو ذاته لم يكن يعلم إلى أين، فهمت كاتيا هذا من سكوته المطبق وقالت: هل لديك ما يكفي من المال للسير؟!
رفع ريان كتفيه نافياً وقال: لا أدري إلى أين المسير، وهذا يعني أنني لا أملك مالاً أيضا.
تأففت كاتيا وقالت بنبرة ساخرة: وهنا تأمر وتنهي فقط لا شيء أخر غير أنك تلقي الأوامر.
نهض من مكانه وكان يبدو متذمر وقد ضاق به الحال فقال لها: اتمنى أن تكفي عن التذمر هذا ليس الوقت المناسب، حالنا هذا بسبب تصرفاتك الطائشة.
أصيبت كاتيا بدهشة، ولم تصدق ما تسمعه، صمتت قليلا تصغي لما يقوله ريان، وهو أكمال بالقول: لو انك لم تتدخلي في ذلك اليوم، كنت الآن مرتاح في بيتي، أو مازلت أعمل في المكان الذي كان مصدر رزق لك أيضا
.
أضاف على كلامه: نحن الآن هاربين لا نملك قطعة نقدية واحدة، ولا يوجد لدينا من نثق به ونطلب المساعدة، إنها جحيم الحياة.
جلس بعد أن قال كل ما يزعجه ويأرق قلبه وعقله، يضع رأسه بين كيفيه.
لم تقل كاتيا أيا كلمة، صمتت في البداية ولكن بعد أن تكرر كلام ريان في رأسها تسابقت الدموع من عينيها.
ثم قالت بصوت خافت: كلامك صحيح، لم أكن سبب في سعادة أحد بل على العكس دائما ما أكون عامل رئيسي في المشكلات والمصائب التي تحدث للآخرين من حولي.
ساد الصمت قليلاً، ثم أكملت كاتيا: لم يكن هذا من اختياري بل على العكس كنت أحاول مساعدتك ليس إلا.
طالعته وفي عينها نظرة ألم، وقالت: لم أكن أريد الوصل معك إلى ما نحن عليه الآن، لكنه حدث ماذا يمكنني أن أفعل؟ لا حول لي ولا قوة .
كلماتها تلك جعلته يشعر بثقل ما القى عليها من لوم وتحميل للمسؤولية.
حاول أن يجدد مبرر لنفسه أو أي كلمة تخفف من وطئة ما قاله لكن لم يعد يجدي الأمر نفعاً لقد فات الاوان.
فقال ريان لها: لا تفهمي كل ما يقال بطريقة تفصيلية.
ضحكت بسخرية وقالت: وكيف يفهم الكلام عن طريق فك الشيفرات؟ او قراءة لغة الجسد مثلاً؟
رد ريان بطريقة جافة: دعينا من هذا الآن، كوني مستعدو عندما يكون الوقت مناسب سوف نغادر من هنا.
أشاحت وجهها وقالت له: غادر وحدك .
لم يفهم ما تعنيه، فسألها: ماذا تقصدين؟ وأنت؟!
ردت عليه: لن اذهب معك إلى أين مكان.
تأفف ريان وقال: لا تكوني عنيدة، كفي عن تصرفات الأطفال لا داعي لهذا الآن.
قالت بنبرة حازمة، لعله يفهم بأن ما تقوله هو ما تريده: لن اذهب معك إلى أي مكان، لقد انتهى الأمر.
اشتعل ريان غضبا من طريقة حديثها معه فقال: وهل سوف تبقين وحدك حتى يتمكن مسعود ورجاله من الوصول إليك، ماذا يمكنك أن تفعلي بعدها؟!
انتفضت من مكانها وجسدها يرتعش من شدة الغضب وقالت له: لا شان لك في هذا، لا تتدخل في ما أريد.
وهمت تخرج من الغرفة، أدرك ريان ذلك سريعاً، وسارع يمسكها قبل أن تخرج، شدها نحوه، ثم وضع يده على فمها وقال لها: كفي عن هذا أرجوك.
كانت تحاول إبعاد يده عن فمها، لكنه قال لها: سوف ابعد يدي لكن إياك أن تصرخي او تتفوهي بأمر قد يودي بنا إلى تهلكة.
أومأت رأسها مرغمة، فهي تعرف جيداً ما قد يحدث لو فعلت امر كهذا.
نزع ريان يده عنها، فتنهدت متذمرة وكان الغضب والخزن جلي على وجهها، حتى أنها لم تكن ترغب في النظر إلى عينيه.
قالت له دون أن تطالعه: ابتعد عني قليلاً.
لاحظ حينها ريان بأنه اقترب منها كثيراً، حتى أنه لم يشعر بنفسه..
وابتعد عنها كما طلبت منه، وجلست في مكانها حيث كانت.
فقال لها ريان محاولا أن يفهم ما الذي حدث لها: كاتيا، هوني عليك الأمر لا يتطلب كل هذه الحدة، دعينا نفكر بعقلانية.
لم تجب ولم تعره أي اهتمام، وكأنه لم ينطق أي كلمة أمامها.
هز رأسه يمين ويسار وقال بصوت خافت جداً بالكاد يسمع نفسه: إنهن النساء.
ثم قال لها: لك ما تريدين، اطلبي.
أجابت كاتيا: إن كنت حقا سوف تفعل ما أريده، أخبرك.
قال ريان: أعدك أن افعل ما ترغبين به دون أن اجبرك على أي شيء.
قسم الغضب ملامح وجهها الرقيقة، وكان الأمر هذا واضح بالنسبة لي ريان.
فقالت له كاتيا: أريد أن اكمل الطريق وحدي.
قاطعها ريان وقال: لكنني اخشى عليك من مسعود واتباعه قد يصلوا إليك.
أجابته: استطيع تولي أمري لا تشغل نفسك.
عض ريان شفته السفلية وهو يحاول كتم غيظه منها، لكنه مجبر كي لا تقوم بأي تصرف جنوني أخر.
ثم قال لها بعد نفس عميق أخذه حتى لا ينفجر في وجهها: كنت معك منذ البداية ولا يليق بي أن اذهب وحدي دون أن اعرف وجهتك.
قالت كاتيا: سوف اغادر هذه المدينة، واعيش بعيداً عن هنا، وبعيدة أيضا عن العمل الذي منت فيه، أرغب أن تكون حياتي الجديدة خالية من كل ما يذكرني في الماضي.
رد ريان والسرور باد على وجهه وقال لها: سوف نفعل ذلك معا، لقد اتفقنا من قبل على هذا.
أبدت كاتيا عدم رغبتها في الأمر وقالت: لا أريد هذا مطلقاً، أنت من الماضي، لذا لا أرغب بوجودك معي.
شعر ريان ببعض الضيق من كلماتها، لكنه قال لها: إذا كان هذا ما تريدينه إنك حرة يمكنك فعل ما تشائين.
بدا القهر على وجه كاتيا ولفت يديها حول نفسها بتذمر ثم قالت بصوت مسموع لريان: لو كان مهتم لأمر لما استسلم بسهولة لكنها فرصته الذهبية لتخلص مني، والرحيل.
أخفى ريان ابتسامة تمكنت من شق شفتيه دون أن يستطيع منعها ثم أعاد تلك الكلمة التي خطرت في باله منذ قليل: إنهن النساء، ومن يستطيع فهم ما يريدون.
ثم قال ريان موجه الحديث لكاتيا: هل يمكنك توضيح ما تريدينه مني بضبط؟
لم تجبه كاتيا أبدا، ثم قال ريان: ساعديني كي أفهم ما تريدينه، اكره الإلحاح.
التفت اليه بسرعة وقالت: هذا هو.
فتح عيناه وقال: ما هو؟
ردت عليه كاتيا بالقول: الإلحاح، كون مصمم على معرفة ما أريد، كرر السؤال.
قال بنبرة فيها استنكار: لكنك رفضتي الإجابة عند ما سألتك.
اجابته كاتيا: لا مشكلة كرر السؤال مرة اخرى ولن اجيبك أيضاً.
نظر إليها وكانت البلاهة واضحة عليه ثم قال ريان: ثم ماذا؟!
كاتيا بثقة: ثم كرر وكرر حتى أجيب، ليس الأمر بهذه الصعوبة.
ضرب يده على جبينه وقال يسالها: ألم تقولي لا أريد وسوف اذهب.
ابتسمت كاتيا وقالت نعم، لكن هذا لا يعني أن تنفذ ما اريد.
أمسك ريان بمنديل ابيض كان على طاولة وقال لها: استسلم أنا حقا لست قادر على فهم ما تريده الفتيات.
ثم أكمل وقال: لدي سؤال، هل تفهم الفتيات على انفسهن ويعرفن ما يريدن؟
قالت له كاتيا: ليس دائما، أحيانا لا نعرف ولكن يجب على الرجال المعرفة.
تنهد ريان وقال: هذا اصعب من حل معضلة في رياضيات.
ثم قال: دعينا من هذا وذاك، إلى أين الوجهة التالية؟
قالت كاتيا: بعيداً عن المزاح والغضب، يجدر بنا أن نفترق، وليس من الصائب أن نكمل سويا، إلى هنا وينتهي طريق الذي بدأنا به معا.
فهم ريان بأن كاتيا عزمت على هذا الأمر، لكنه لم يكن قادر على الموافقة، وفي الوقت ذاته لم يستطيع أن يجبرها على البقاء.
فحاول أن يجد فكرة ثانية تجعله يطمئن عليها قبل أن يتركها ويمضى في طريقه.
بدأ يقلب أفكاره لعله يجد وسيلة، وفجأة صرخ قائلاً: وجدتها.
رفعت كاتيا حاجبها مستغربة وقالت: من هي ؟
قال ريان: لقد وجدت فكرة جيدة تنفع لحل المشكلة التي وقعنا بها نحن الاثنين..
قالت كاتيا: وما هي؟!.
رد ريان: هل أنت مصرة على الاستمرار وحدك؟!.
أومات كاتيا رأسها، فأكمل ريان كلامه بالقول: ما أريده هو منك هو القبول ببقائي معك فقط حتى نتجاوز مرحلة الخطر.
سألته كاتيا: وماذا تعني بمرحلة الخطر تلك؟
رد عليها ريان: أنا أيضاً لم أعد قادر على البقاء هنا، ويجب عليي المغادرة، نذهب معا وعند وصولنا إلى أول مدينة بعد هذه التي نحن نقيم فيها الآن اتركك ويكمل وكل واحد منا طريقه حيث يشاء.
شردت كاتيا تفكر وتقلب الأمور في رأسها، هل تقبل بهذا العرض أم لا.
حدثت نفسها وقالت: أنا لا أعرف إلى أين سوف اذهب، وهذه المدينة كبيرة، ولكن لا يخفى على مسعود شبر واحد منها، سوف يكون من السهل عليهم أن يجدوني.
تنهدت كاتيا، عندما أدركت بأن ما يجري ليس قرارها وهي مرغمة على الموافقة لنجاة من مسعود.
لأن كاتيا تعلم ما الذي يمكن أن يحدث في حال أمسكها مسعود أو عادت تحت قبضته، لذا هي تخشى المغامرة في أمر مثل هذا..
بعد فترة بسيطة من التفكير الذي كان عميق رغم قصر الوقت لكنها قالت لريان: أنا أقبل بعرضك هذا.
قاطع حديثها وقال لها: إذا اتفقنا.
فقالت هي نكمل كلامها: قبل الإتفاق بجب علينا أن نكون متفقين على مل شيء..
والأهم من هذا أن تكون أنت قادر على الالتزام بتنفيذ وعدك لي وهذا الأهم بالنسبة لي.
قال ريان وهو يأس: إن كان التخلي عنك هو الحل فلك هذا، لكنني سوف احاول البقاء والتمسك حتى أخر دقيقة ولن ادخر أي جهد في محاولة البقاء معا حتى تصلي إلى بر الأمان .
يتبع . .
فقال ريان لكاتيا: كوني مستعدة سوف نغادر خلال وقت قصير.
ردت عليه كاتيا، تسأل: إلى أين سوف تكون الوجهة؟
تنهد ريان فهو ذاته لم يكن يعلم إلى أين، فهمت كاتيا هذا من سكوته المطبق وقالت: هل لديك ما يكفي من المال للسير؟!
رفع ريان كتفيه نافياً وقال: لا أدري إلى أين المسير، وهذا يعني أنني لا أملك مالاً أيضا.
تأففت كاتيا وقالت بنبرة ساخرة: وهنا تأمر وتنهي فقط لا شيء أخر غير أنك تلقي الأوامر.
نهض من مكانه وكان يبدو متذمر وقد ضاق به الحال فقال لها: اتمنى أن تكفي عن التذمر هذا ليس الوقت المناسب، حالنا هذا بسبب تصرفاتك الطائشة.
أصيبت كاتيا بدهشة، ولم تصدق ما تسمعه، صمتت قليلا تصغي لما يقوله ريان، وهو أكمال بالقول: لو انك لم تتدخلي في ذلك اليوم، كنت الآن مرتاح في بيتي، أو مازلت أعمل في المكان الذي كان مصدر رزق لك أيضا
.
أضاف على كلامه: نحن الآن هاربين لا نملك قطعة نقدية واحدة، ولا يوجد لدينا من نثق به ونطلب المساعدة، إنها جحيم الحياة.
جلس بعد أن قال كل ما يزعجه ويأرق قلبه وعقله، يضع رأسه بين كيفيه.
لم تقل كاتيا أيا كلمة، صمتت في البداية ولكن بعد أن تكرر كلام ريان في رأسها تسابقت الدموع من عينيها.
ثم قالت بصوت خافت: كلامك صحيح، لم أكن سبب في سعادة أحد بل على العكس دائما ما أكون عامل رئيسي في المشكلات والمصائب التي تحدث للآخرين من حولي.
ساد الصمت قليلاً، ثم أكملت كاتيا: لم يكن هذا من اختياري بل على العكس كنت أحاول مساعدتك ليس إلا.
طالعته وفي عينها نظرة ألم، وقالت: لم أكن أريد الوصل معك إلى ما نحن عليه الآن، لكنه حدث ماذا يمكنني أن أفعل؟ لا حول لي ولا قوة .
كلماتها تلك جعلته يشعر بثقل ما القى عليها من لوم وتحميل للمسؤولية.
حاول أن يجدد مبرر لنفسه أو أي كلمة تخفف من وطئة ما قاله لكن لم يعد يجدي الأمر نفعاً لقد فات الاوان.
فقال ريان لها: لا تفهمي كل ما يقال بطريقة تفصيلية.
ضحكت بسخرية وقالت: وكيف يفهم الكلام عن طريق فك الشيفرات؟ او قراءة لغة الجسد مثلاً؟
رد ريان بطريقة جافة: دعينا من هذا الآن، كوني مستعدو عندما يكون الوقت مناسب سوف نغادر من هنا.
أشاحت وجهها وقالت له: غادر وحدك .
لم يفهم ما تعنيه، فسألها: ماذا تقصدين؟ وأنت؟!
ردت عليه: لن اذهب معك إلى أين مكان.
تأفف ريان وقال: لا تكوني عنيدة، كفي عن تصرفات الأطفال لا داعي لهذا الآن.
قالت بنبرة حازمة، لعله يفهم بأن ما تقوله هو ما تريده: لن اذهب معك إلى أي مكان، لقد انتهى الأمر.
اشتعل ريان غضبا من طريقة حديثها معه فقال: وهل سوف تبقين وحدك حتى يتمكن مسعود ورجاله من الوصول إليك، ماذا يمكنك أن تفعلي بعدها؟!
انتفضت من مكانها وجسدها يرتعش من شدة الغضب وقالت له: لا شان لك في هذا، لا تتدخل في ما أريد.
وهمت تخرج من الغرفة، أدرك ريان ذلك سريعاً، وسارع يمسكها قبل أن تخرج، شدها نحوه، ثم وضع يده على فمها وقال لها: كفي عن هذا أرجوك.
كانت تحاول إبعاد يده عن فمها، لكنه قال لها: سوف ابعد يدي لكن إياك أن تصرخي او تتفوهي بأمر قد يودي بنا إلى تهلكة.
أومأت رأسها مرغمة، فهي تعرف جيداً ما قد يحدث لو فعلت امر كهذا.
نزع ريان يده عنها، فتنهدت متذمرة وكان الغضب والخزن جلي على وجهها، حتى أنها لم تكن ترغب في النظر إلى عينيه.
قالت له دون أن تطالعه: ابتعد عني قليلاً.
لاحظ حينها ريان بأنه اقترب منها كثيراً، حتى أنه لم يشعر بنفسه..
وابتعد عنها كما طلبت منه، وجلست في مكانها حيث كانت.
فقال لها ريان محاولا أن يفهم ما الذي حدث لها: كاتيا، هوني عليك الأمر لا يتطلب كل هذه الحدة، دعينا نفكر بعقلانية.
لم تجب ولم تعره أي اهتمام، وكأنه لم ينطق أي كلمة أمامها.
هز رأسه يمين ويسار وقال بصوت خافت جداً بالكاد يسمع نفسه: إنهن النساء.
ثم قال لها: لك ما تريدين، اطلبي.
أجابت كاتيا: إن كنت حقا سوف تفعل ما أريده، أخبرك.
قال ريان: أعدك أن افعل ما ترغبين به دون أن اجبرك على أي شيء.
قسم الغضب ملامح وجهها الرقيقة، وكان الأمر هذا واضح بالنسبة لي ريان.
فقالت له كاتيا: أريد أن اكمل الطريق وحدي.
قاطعها ريان وقال: لكنني اخشى عليك من مسعود واتباعه قد يصلوا إليك.
أجابته: استطيع تولي أمري لا تشغل نفسك.
عض ريان شفته السفلية وهو يحاول كتم غيظه منها، لكنه مجبر كي لا تقوم بأي تصرف جنوني أخر.
ثم قال لها بعد نفس عميق أخذه حتى لا ينفجر في وجهها: كنت معك منذ البداية ولا يليق بي أن اذهب وحدي دون أن اعرف وجهتك.
قالت كاتيا: سوف اغادر هذه المدينة، واعيش بعيداً عن هنا، وبعيدة أيضا عن العمل الذي منت فيه، أرغب أن تكون حياتي الجديدة خالية من كل ما يذكرني في الماضي.
رد ريان والسرور باد على وجهه وقال لها: سوف نفعل ذلك معا، لقد اتفقنا من قبل على هذا.
أبدت كاتيا عدم رغبتها في الأمر وقالت: لا أريد هذا مطلقاً، أنت من الماضي، لذا لا أرغب بوجودك معي.
شعر ريان ببعض الضيق من كلماتها، لكنه قال لها: إذا كان هذا ما تريدينه إنك حرة يمكنك فعل ما تشائين.
بدا القهر على وجه كاتيا ولفت يديها حول نفسها بتذمر ثم قالت بصوت مسموع لريان: لو كان مهتم لأمر لما استسلم بسهولة لكنها فرصته الذهبية لتخلص مني، والرحيل.
أخفى ريان ابتسامة تمكنت من شق شفتيه دون أن يستطيع منعها ثم أعاد تلك الكلمة التي خطرت في باله منذ قليل: إنهن النساء، ومن يستطيع فهم ما يريدون.
ثم قال ريان موجه الحديث لكاتيا: هل يمكنك توضيح ما تريدينه مني بضبط؟
لم تجبه كاتيا أبدا، ثم قال ريان: ساعديني كي أفهم ما تريدينه، اكره الإلحاح.
التفت اليه بسرعة وقالت: هذا هو.
فتح عيناه وقال: ما هو؟
ردت عليه كاتيا بالقول: الإلحاح، كون مصمم على معرفة ما أريد، كرر السؤال.
قال بنبرة فيها استنكار: لكنك رفضتي الإجابة عند ما سألتك.
اجابته كاتيا: لا مشكلة كرر السؤال مرة اخرى ولن اجيبك أيضاً.
نظر إليها وكانت البلاهة واضحة عليه ثم قال ريان: ثم ماذا؟!
كاتيا بثقة: ثم كرر وكرر حتى أجيب، ليس الأمر بهذه الصعوبة.
ضرب يده على جبينه وقال يسالها: ألم تقولي لا أريد وسوف اذهب.
ابتسمت كاتيا وقالت نعم، لكن هذا لا يعني أن تنفذ ما اريد.
أمسك ريان بمنديل ابيض كان على طاولة وقال لها: استسلم أنا حقا لست قادر على فهم ما تريده الفتيات.
ثم أكمل وقال: لدي سؤال، هل تفهم الفتيات على انفسهن ويعرفن ما يريدن؟
قالت له كاتيا: ليس دائما، أحيانا لا نعرف ولكن يجب على الرجال المعرفة.
تنهد ريان وقال: هذا اصعب من حل معضلة في رياضيات.
ثم قال: دعينا من هذا وذاك، إلى أين الوجهة التالية؟
قالت كاتيا: بعيداً عن المزاح والغضب، يجدر بنا أن نفترق، وليس من الصائب أن نكمل سويا، إلى هنا وينتهي طريق الذي بدأنا به معا.
فهم ريان بأن كاتيا عزمت على هذا الأمر، لكنه لم يكن قادر على الموافقة، وفي الوقت ذاته لم يستطيع أن يجبرها على البقاء.
فحاول أن يجد فكرة ثانية تجعله يطمئن عليها قبل أن يتركها ويمضى في طريقه.
بدأ يقلب أفكاره لعله يجد وسيلة، وفجأة صرخ قائلاً: وجدتها.
رفعت كاتيا حاجبها مستغربة وقالت: من هي ؟
قال ريان: لقد وجدت فكرة جيدة تنفع لحل المشكلة التي وقعنا بها نحن الاثنين..
قالت كاتيا: وما هي؟!.
رد ريان: هل أنت مصرة على الاستمرار وحدك؟!.
أومات كاتيا رأسها، فأكمل ريان كلامه بالقول: ما أريده هو منك هو القبول ببقائي معك فقط حتى نتجاوز مرحلة الخطر.
سألته كاتيا: وماذا تعني بمرحلة الخطر تلك؟
رد عليها ريان: أنا أيضاً لم أعد قادر على البقاء هنا، ويجب عليي المغادرة، نذهب معا وعند وصولنا إلى أول مدينة بعد هذه التي نحن نقيم فيها الآن اتركك ويكمل وكل واحد منا طريقه حيث يشاء.
شردت كاتيا تفكر وتقلب الأمور في رأسها، هل تقبل بهذا العرض أم لا.
حدثت نفسها وقالت: أنا لا أعرف إلى أين سوف اذهب، وهذه المدينة كبيرة، ولكن لا يخفى على مسعود شبر واحد منها، سوف يكون من السهل عليهم أن يجدوني.
تنهدت كاتيا، عندما أدركت بأن ما يجري ليس قرارها وهي مرغمة على الموافقة لنجاة من مسعود.
لأن كاتيا تعلم ما الذي يمكن أن يحدث في حال أمسكها مسعود أو عادت تحت قبضته، لذا هي تخشى المغامرة في أمر مثل هذا..
بعد فترة بسيطة من التفكير الذي كان عميق رغم قصر الوقت لكنها قالت لريان: أنا أقبل بعرضك هذا.
قاطع حديثها وقال لها: إذا اتفقنا.
فقالت هي نكمل كلامها: قبل الإتفاق بجب علينا أن نكون متفقين على مل شيء..
والأهم من هذا أن تكون أنت قادر على الالتزام بتنفيذ وعدك لي وهذا الأهم بالنسبة لي.
قال ريان وهو يأس: إن كان التخلي عنك هو الحل فلك هذا، لكنني سوف احاول البقاء والتمسك حتى أخر دقيقة ولن ادخر أي جهد في محاولة البقاء معا حتى تصلي إلى بر الأمان .
يتبع . .