الفصل السابع والعشرون

بعدما طردت من المنزل خرجت أول شخص قبل" الفطين، ويوسف" قبل أن تتحول صديقتي لأني أعلم جيداً كيف تكن شخصية المتغيرة صديقتي الطيبة.

" نوران” التي عندما تغضب سوف تتحول إلى وحش مفترس؛ لذا أدركت الموقف جيداً، وهو أن أحد الحلول في هذا الوقت هو الهروب بعيداً حتى تهدأ.

في الحقيقة كنت ابحث عن سبب أخر من أجل مغادرة من المنزل حتى أكون بمفردي؛ لأنني في هذا الوقت لا أريد مواجهة صديقتي العزيزة والكذب عليها لأني أعلم جيداً ما السؤال الذي سوف تواجهه اليَ.

لحق بي" يوسف" يحمل بيده الجاكت الخاص به ثم وضعه على كتفِ، ثم اقترب" الفطين" محاولاً إيقافي قائلاً:
- إلى أين تذهبين في هذا الجو البارد؟

- أهرب.
- تهربين؟ لماذا!
- لأني أريد ذلك.

- عودي إلى المنزل الآن درجة الحرارة مرتفعة وهذا ليس جيد على صحتك.

- لا أريد العودة.

- ليندا عودي إلى المنزل الآن ولا تخافي ليس الهروب من المواجهة الحل دائماً.

استمر في السير وخلفي" الفطين" يتحدث محاولاً إقناعي على العودة، و" يوسف" يسير خلفي بصمت دون أن يتحدث، وكأنه يعلم كيف أشعر لذلك لا يريد أن يتدخل في هذا الأمر.

نظرت إلى" الفطين" قائلة:
- هل يمكنك الابتعاد؟
- ماذا!

- أرحل، ابتعدت.
- هل تخبرني أن أرحل؟

- نعم أذهب ابتعدت عن هنا.

- إلى أين أذهب؟

- إذهب إلى أبعد مكان حتى لا استطيع رؤياك به.

- لماذا هل تكرهين وجودي إلى هذه الدرجة!

- نعم أكره وجودك وأكره مقابلتك وأترك كل شيء أمر به بسببك وبسبب عالمك المجنون.

حين نطقت هذه الكلمات لن أكن أتوقع يوماً أني سوف أندم على هذه الكلمات القليلة إلى فترة طويلة أشد الندم.

كان ذلك الأمر أسوأ ما فعلته خلال حياتي في لحظة غضب وضعف دمرت كل شيء جميل في حياتي.

كان" الفطين" يحدق في بصدمة من محاولة إبعادي له؛ هذا الأمر المفاجئ جلب التعاسة والإحباط إلى وجهه الوسيم، والفرحة والسعادة إلى وجه" يوسف" الخبيث.

عندما شعر" الفطين" بالإحراج من محاولة إبعادي له ذهب بعيداً من دون وداع بعيون حزينة مغلغل بالدموع.

استمر في السير أمام نظري حتى اختفى نهائياً في هذه اللحظة شعرت أنها المرة الأخيرة التي سوف أراه بها مرة أخرى.

نظرت إلى وجه" يوسف" وجدته في غاية السعادة لذا أخبرته:
- ماذا تفعل هنا أذهب أنت أيضاً.

- لا أريد.
- لماذا!

- لا تهتمي سوف أجلس في صمت دون أن أنطق.

- يوسف أن سمعتك تتحدث سوف أجبرك تذهب أيضاَ.

- حسنا لا تقلقي لن أتحدث أبداً حتى تأذنين بذلك.

كنت أسر على الرصيف المقابل للطريق العام والناحية الأخرى حديقة؛ تأملت الحديقة للحظات مثل الشخص الذي أضاع طريقه ثم ذهبت اليها وجلست على أقرب مقعد.

بعد جلوسي سألت يوسف:
- هل تظن أني حمقاء؟

تنهد" يوسف" قائلاً:
- لا أظن أني متأكد من ذلك.

نظرت إليه باستغراب قائلة:
- لماذا أنت الوحيد الذي يستطيع إخراجي من حالة الحزن واليأس؟

- هل هذا جيد أما شيء سيء!

- أستطيع أن أقول الاثنين معاً.

- ليندا لماذا أجبرته على الذهاب وأنت تعشقيه؟

- لأني أحبه لا أريده أن تشاهدني في أسوأ حالتي.

- كيف هذا أظن من الأفضل أن يكون الأشخاص الذين يحبونها بجوارنا؟

- لا يوجد أحد يريد الشخص الذي يحبه أن يراه في أسوأ حالات.

- لماذا لا افهم.

- لأننا نفضل أن نظهر أفضل ما لدينا كل ما نملكه من صفات جيدة في شخصياتنا للأشخاص التي نحبها.

- أظن أنك محقة.

كان" يوسف" يشعر بنفس الطريقة لا يريد أن أعلم حقيقته حتى لا أبعده وأرفض رؤيته مرة أخرى بسبب الكذب والتلاعب بحياتي دون اخباري أو علمي بشيء.

تنهدت ثم أخبرت" يوسف":
- هل تعلم لماذا هربت من المنزل عندما طردت دون دفاع؟

- لا أعلم أخبرني أنتِ؟

- هذا لأني مازالت غير مستعدة لمواجهة هذا النوع من الأسئلة.

- ماذا تقصدي بهذا النوع من الأسئلة؟

- في الحقيقة أعلم عما تتحدث نوران.

- عن ماذا سوف تتحدث!

- سوف تخبرني أيهما الشخص الذي تفضليه.

- إذن لماذا هربتِ هل ليست واثقة في إجابتك؟

- لا في الحقيقة لدي إجابة واحد حقيقية وغير حقيقية.

- هل من الممكن أن توضحين لم افهم مقصدك؟

- لا أستطيع التوضيح ولكني في الواقع لست مستعدة للتضحية بأي شخص بينك حتى احتفظ بالأخر.

- لماذا لا تستطيعين هل قلبك يحتفظ بينا نحن الاثنان!

- هذا صحيح.

- كيف صحيح هل يوجد شخص يحب اثنان!

نظرت إليه أخبره:
- يوسف في الواقع أنت بالنسبة إليِ مازالت الحب الأول أول مشاعر بريئة ونقية أشعر به، أول قلب يدق تجاه أحد.

- وماذا عن مراد؟

- مراد شيء مختلف أنه شخص محرم بالنسبة إليِ لا أستطيع الاقتراب إليه أو الارتباط به.

- لماذا لا تستطيعي هذا؟

- لأني أعلم أن هذه المشاعر لا يجب عليها الاستمرار أكثر من ذلك؛ لأنه شخص سوف يرحل قريباً إلى مكانه الأصلي في النهاية هذا ليس عالمه.

- هل هذا السبب الذي يمنعك من الاعتراف بمشاعرك

- هناك أسباب كثيرة ولكن هذا السبب أهمها.


توقف" يوسف" عن التحدث وظل يحدق في الأرض كان يفكر كيف ويتساءل بصوت منخفض قائلاً:
- (كيف أصبحت كتومة إلى هذه الدرجة وباردة القلب).

حينها لم أسمع شيء مما قال لذا سألت:
- عما تتحدث لم أسمعك!

- لا شيء أفكر فقط.

بعد ذلك توقف" يوسف" عن الأسئلة، وتوقفت عن التحدث، وظلت أحدق في الشارع والسيارات التي تمر من أمام نظري حينها تذكرت الوقت الذي كنت أقضيها مع هذان الرجلان.

كانت هذه اللحظة التي كنت أشعر بها بالسعادة الغامرة لأمتلكِ هذه الفرصة في قضاء وقت لطيف مع أعز اثنين على قلبي؛ رغم أني أعلم أنها كارثة غير أخلاقية أن أعشق أثنين معاً، وأعلم إني لا يجب أن أشعر بهذه الطريقة المخزية تجاه من أعز.

بعد التجول في الطرقات وخلفي" يوسف" عدت إلى المنزل وقت منتصف الليل على أمل أن أجد صديقتي" نوران" نائمة، ولكن ليس دائماً يقف القدر في صفك.

عند وصولي إلى المنزل وجد" نوران" تنتظرني على الباب تسأل:
- هل تعلمين ما الساعة الآن؟

- أعلم كم الساعة.

- إذن لماذا تأخرتِ إلى هذه الدرجة في الخارج؟

- نوران أولا أنا ليست ابنتك حتى تعاقبها على التأخير، وثانياً أنت من طردني إلى الخارج.

- هل أنت متأكدة أني من طردك أما أنت من هرب من الإجابة على أسئلتي؟

- أذا كنت تعلمين ما أشعر به حاولي أن لا تهتمي بما سوف يزعجني.

- ليندا يبدو أنك غير مستعدة الآن للحدث أو الشرح لذا سوف أتركك ليوم أخر حتى نتحدث بعقلانية أكثر من ذلك.

- هل استطيع الدخول للنوم الآن؟

- لا.

- لماذا؟ لقد أخبرتني أنك سوف تأجلين الحديث إلى يوم آخر !

- يجب أن نذهب إلى المشفى الآن.

- لا أريد أنا متعبة بشدة ويجب أن أنال أكبر قسط من الراحة.

قبل دخولي عبر باب غرفتي قالت" نوران":
- لقد خطف مراد.

صعقتني تلك الجملة الصغير بشدة ثم التفت إليها أسألها بقلق:
- عما تتحدثين؟

- لقد سمعتِ ما قلت.

- كيف خطف مراد هل هو طفل صغير حتى يتم خطفه!

- تم خطفه من أمام المشفى.

- كيف علمت هذا!

- لقد شاهدته طبيب في المشفى أثناء ذهابه إلى الجراج حتى يأخذ سيارته ويذهب.

- لماذا لم يساعده!

- قال أنهما مجموعة كبير من الرجل يشبه رجال العصابات.
- هل أبلغوا الشرطة؟

- نعم أبلغت المشفى الشرطة، سوف أذهب إلى المشفى الآن اذهبي إلى النوم وسوف أتصل بكِ أطمنك عندما نصل إلى شيء.

- لم أنم سوف أذهب معك.

- حسنا هيا بنا.

أخذت" نوران" مفتاح السيارة ونزلنا إلى الأسفل صعدنا السيارة حتى نذهب إلى المشفى، وهنا بدأنا في مشاهدة كاميرات المراقبة.

عندما رأيت هؤلاء الرجال المخيفين يقومون بخطف" الفطين" أرتعب قلبي وفقدت الوعي.

هذا الوقت لم أعلم ما الذي أفقدني الوعي؛ هل مشاهدة خطف" الفطين" الذي أصبحت حياته في خطر، أما لأني لم أخلد إلى النوم منذ يومين حتى الآن.

أظن أني مخطئة لأني طبيبة تستطيع السهر بالأسبوع في غرفة الطوارئ والعمليات كيف سوف أسقط بسبب قلة النوم.

(الآن أستطيع أن أعلم حقيقة مشاعري التي كنت أقاومها دائما).

عندما استيقظت وجدتني بمفردي في الغرفة لأن كان الجميع مشغول بحادة خطف" الفطين" جلست على السرير أبكى محاولات في التخفيف على قلبي الذي يشتغل نار بسبب الخوف حتى فتح الباب ودخل" يوسف".

عند رؤيتي في هذه الحالة شعر بالخوف ، وأسرع يأخذني في حضنه حتى يطمني قائلاً نفس الجملة مكرراً:
- أهدي يا ليندا كل شيء سوف يصبح بخير.

- يوسف ماذا أن قتل مراد ماذا سأفعل من دونه؟

- لا تقلقي سوف يكون بخير.

- هذا الشخص يجب أن يعود إلى عالم سالم معافي لا يجب أن يوضع في هذه المواقف السيئة والبشعة.

بعد دقائق دخلت" نوران" قائلة:
- ليندا كيف حالك الآن؟

أجابها" يوسف" بهدوء:
- سوف تكون بخير لا تقلقي.

- أعلم ولكن ما يقلقني هو مراد لقد تم خطفه من عصابة التماسيح وتلك العصابة لم ترحم أحد أبداً.

صعقت عندما سمعت هذا الأمر ثم سألتها بحيرة:
- لماذا عصابة مثل هذه تخطف طبيب متدرب!

- في الواقع مراد يمتلك عائلة قوية وشديدة الثري لذلك طلبوا فدية كبيرة.

عندما سماع هذا الأمر تذكرت شيء أخر هو:
(أن مراد الذي خطف ليس مراد الحقيقي أنه الفطين إذن أين ذهب مراد الحقيقي هذا الأمر مريب جداً بما أن مراد الحقيقي لم يظهر حتى الآن فهذا يعني أن الفطين واقع في خطر كبير).

عندما لاحظ" يوسف" نظرات الخوف والجنون تعلو على وجهي سأل:
- ليندا ما بكِ؟

- تلك العصابة لن يتركوا مراد حيا أبداً.

- لماذا تتحدثين بهذه الطريقة؟

- لأن مراد ليس مراد.

صدمت" نوران" في حديثي الغريب وبدأت تسأل حتى تفهم ما أقول:
- ماذا تعنين بذلك؟

- مراد ليس مراد أنه الفطين.

- ليندا لم أفهم وضحِ كلامك؟

- مراد الحقيقي قتل.

- مراد الحقيقي إذن من الرجل الذي نعرفه!

- أنه الفطين.

- هل تقصدين الفطين كمثل الفطين المشهور في التاريخ الطبي!

- نعم أنه هو.

نظرت" نوران" إلى" يوسف" برعب قائلة:
- يوسف أظن أنها فقدت عقلها أظن أنها ليست بخير.

أجابها" يوسف" بهدوء:
- لا تقلقي سوف تكن بخير أعطيها مساحة من الوقت.

- حسنا سوف أتركها معك في أمانتك وأذهب لمتابعة أخر التفاصيل في حادث مراد.

- حسنا اذهبي سوف تكن بخير بعد إنهاء العلاج.

بعد خروج" نوران" أصبحت حالتي أسوأ؛ صارت اصرخ وأتحدث بجنون جعلت" يوسف" يشعر بالرعب خوفاً من فقدان عقلي لذا قال:
- ليندا أهدئ سوف أنقذه ولكن بشرط؟

نظرت إليه باستماته أسأله:
- هل تستطيع إنقاذه!

- نعم أستطيع لذا حاولي التحكم في أعصابك وتحلى بالهدوء.

- إذن أخبرني كيف تستطيع إنقاذه من هذه الكارثة!

بعد ذلك رفع" يوسف" معصمه ينظر إلى الساعة قائلاً:
- توقف الآن.

عندما توقف الوقت تفاعلت العين النارية واشتعلت عندها علمت أن" يوسف" هو عقرب الوقت الذي تحدث عنه الوقت في عالم الفراغ.

وأيضاً تفاجئ" يوسف" أني أمتلك العين النارية، وهذا يعني أن الوقت خدعه عندما اخفى عن هذا الأمر ولم يخبره به.

حدقت به قائلة:
- إنه أنت السبب في كل ما حدث؟

- ليندا ليس الآن وقت العتاب سوف أشرح لكِ كل شيء في يوم آخر.

- حسنا سوف أستمع لك جيداً ولكن بعدما نقوم بإنقاذ الفطين؟

- سوف أنقذه ولكن الطريقة الوحيدة لإنقاذ حياته هي بإرساله إلى عالمه.

- هل استطيع الذهاب معه!

- هذا هو الشرط الوحيد من أجل إنقاذه.

- ماذا تقصد؟

- يجب أن يذهب بمفرده وتظلين هنا معي في هذا الزمن؟

- ولكن لقد أخبرني الوقت أن مهمتي لم تنتهي بعد ويجب أن أعود مع الفطين إلى العصر العباسي؟

- هذا لن يحدث أبداً يجب أن تختارِ بيني وبين حياته.

-هل أنت من منع عودتنا إلى الماضي حتى الآن بسبب محاولا إبعادي عن الفطين!

- ليندا قب كان ملكي منذ البداية لذا سوف يصبح ملكي إلى الأبد.

- ولكني أعشق الفطين.

- أنتِ متوهمة الفطين مجرد حالة إعجاب بتاريخيه المشهور ليس أكثر.

- لم أعجب أبداً بتاريخه المشهور لقد وقعت في حب شخصيته.

- ليندا لقد أخبرتك بما أريد أن أردتي إنقاذه أفعلي كما أخبرك أو أنتظرِ حتى يستطيع أن ينقذه أحد.

ظلت أفكر للحظات كما مؤذية هذه العصابة، وبوجوده هناك سوف يضع في خطر كبير، هل يجب أن أحمي العالم عند خطر فقدان الشخص الذي أحبه الذي سيصبح أهم شخص في العالم.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي