حفل زفاف

الفصل الثامن ....

بعد أسبوع من مقابلتها الأخيرة معه فى حديقة منزلها واختفاؤه الغريب، ظنت أنه يأس من محاولاته معها ولكن ...
بعد عودتها من عملها فى شركة والدها تمددت بجوار والدتها التى فتحت أحضانها لها بمجرد رؤيتها تقترب بإنهاك نحوها.
_ ها يا ورد اخبار الشغل إيه ؟

تنهدت بإرهاق وحزن وردت :
_ تعبت يا مامى بجد، إدعيلي .

_ إن شاء الله ربنا هيقويكى ويقدرك .

رفعت رأسها قليلاً عن كتف والدتها بعدما سمعت ضوضاء صادرة من الأسفل .

_ إيه الدوشة دى ؟

_ الله أعلم، شوفى في إيه كده .

تحركت نحو شرفة الغرفة لتتفاجىء بكثير من الأشخاص فى الحديقة وبعض السيارات التى تحمل أدوات زينة غريبة.

_ ورد، في إيه ؟

أستدارات نحو والدتها بعدما غادرت الشرفة متجهه نحو الأسفل .

_ الله أعلم، أنا نازلة أشوف فى إيه ومين الناس اللى تحت .

نزلت مسرعة نحو الأسفل لتجد صوت عمتها صادراً من المطبخ، فأتجهت نحوها تلقائياً.

_يلا أنتى وهى بسرعة علشان بكرة يوم طويل وعايزين نبدأ نجهز من دلوقت قبل ما طقم الطباخين يوصلوا بكرة .

_ فى إيه بيحصل هنا ؟

ألتفتت عمتها بإبتسامة فى ظاهرها ودوده أما عن باطنها فهى منبع للخبث .
_ ورد ... احنا بنجهز لبكرة إن شاء الله.

_ بتجهزوا لبكرة إيه؟ إحنا عندنا إيه بكرة ؟

_ أكيد بتهزرى مش رياض قالك كتب كتابكم بكرة .

ثم همست بضحكة صفراء كأنها تشي به .
_ بس هو قالى هيعملك مفاجئة ويخليه فرح كمان .

شعرت بغليان الدماء فى رأسها وغضب أتقد فى صدرها .
_ إيه الجنان ده ؟ فرح مين ؟

ردت عمتها عليها بغضب :
_ ورد أحترمى نفسك وأنتى بتكلمينى .

بادلتها الرد بنفس الغضب :
_ أحترم نفسي إيه ؟ أنتوا عايزين تجوزونى غصب ولا إيه أنا رفضته مليون مرة .

_ خلاص يا ورد قضي الأمر وبكرة هيكون فرحنا .

ألتفتت بغضب عارم نحو مصدر الصوت كأنها تريد أقتلاع قلبه بيدها .

_ أنت مجنون، والله العظيم أنت مجنون وعلى جثتى لو الفرح ده تم، سامعنى على جثتى.

ابتسم بلا مبالاة كأن حديثها لا يعنيه .
_ولو، فرحنا هيتم مهما عملتى.

تحركت بغضب ناحية باب الڤيلا تنادى بعلو صوتها على رئيس الأمن .

_ عماد، يا عماد .

_ نعم يا ورد هانم .

_ الناس دى كلها تطلع بره الڤيلا حالاً وإلا مش هيحصلك طيب لا أنت ولا هما.

نظر للواقف خلفها بقلة حيلة ونكث رأسه .
_ مقدرش يا هانم .

_ مش فاهمه؟ متقدرش يعنى إيه ؟

_ يعنى أوامر رياض بيه وعم حضرتك مش هقدر أكسرها .

وقفت عاجزه كمن سكب دلو ماء على رأسها لا تعى ما يحدث حولها، فألتفتت للواقف خلفها ينظر لها بتشفي .

_ على جثتى يا رياض .

أزاحته من طريقها بعنف وصعدت نحو غرفة والدتها بصدر يعلو ويهبط من أثر الغضب .

_ مالك يا ورد وفى إيه بيحصل تحت ؟

ألقت بنفسها بحضن والدتها بحزن باكية .
_ أنا مبقاش ليا سند ولا ضهر خلاص، عايزين يجوزونى غصب عنى .

ربتت والدتها على كتفها بحب مغلف بحزن بادى على وجهها لكن ثقتها فى تدابير الله تملأ قلبها .

_ ليه بتقولى كده ؟ ليكي ربنا سبحانه وتعالى هيدبرهالك وهتتحل من عنده إن شاء الله.

رفعت عينيها المليئة بالدموع نحو السماء تهمس بصوت شبه مسموع بقلب نازف " يارب " .

أستيقظت ورد من نومها وكانت تشعر بأن ما حدث ليلة أمس ماهو إلا حلم، إلا أن أستعادت وعيها كاملاً وتيقنت من أن ما حدث لم يكن إلا حقيقة .. حقيقة مؤلمة توجع قلبها الحزين .

فجأة أنفتح عليها باب غرفتها ف وجدت عمتها وزوجة عمها وبعض الفتيات يحضرن أثواباً معلقة على حامل بإبتسامة مجاملة منهن .

_ يلا يا عروسة فوقى علشان تختارى فستانك .

نظرت لعمتها بغيظ ف صرخت بغضب .
_ أنتوا مبتفهموش، أطلعوا بره وخدوا القرف دا معاكم .

_ بنت أحترمى نفسك، أنا مش عارفه ابنى هيموت نفسه عليكى كده ليه؟ دا يستاهل ستك وتاج راسك .

_ تمااام، روحى بقي جوزى ابنك لستى وتاج راسي وابعدوا عنى أحسن ما هرتكب جنايه هنا دلوقت .

_بنت أنتى عيارك فلت على الاخر بجد، قومى أحسن ما أبعت لرياض يعرف شغله معاكى .

وقفت فى منتصف الفراش بغضب بالغ ذروته تقذف فى وجههم كل ما تطاله يداها وتصرخ .

_ لا دى أتجننت على الاخر أنا هجيب لها عمها يشوفها .

خرج الجميع من الغرفة بعد أن جلست فى مكانها بضعف باكية، تنظر للسماء بقلب يعتصره الالم تناجى ربها .

مرت دقائق لتسمع صوت رسالة على هاتفها . مسكت هاتفها فرأت رسالة من رقم مجهول، فتحتها لتتسع عيناها من محتوى الرسالة .

" نفذى كل اللى هيطلبوه منك وأتعاملى بهدوء وقبل كتب الكتاب أستنى منى رسالة تانية وسيبي موبايلك فى إيدك ، متقلقيش أنا جنبك. "

قرأت الرسالة عدت مرات مراراً وتكراراً قلبها يحدثها بمن المرسل ولكن عقلها ينفي ذلك .

انفتح الباب بعنف تلاه دخول عمها وابنه .

_ أنتى مش ناوية تجيبيها لبر يا بنت مصطفى .

وقفت أمامه هادئه عكس الأعصار السابق الذى أخبرته به زوجته .

_ إيه يا عروسة أرجع البنات تانى علشان تجهزى.

نظرت لابن عمها بغضب دفين وملامح هادئه تهز رأسها بإيجاب .

شعر رياض بلذة الأنتصار والتشفى بالرغم من أستغرابه لموقفها وتحولها المفاجىء فاقترب منها يهمس بنفس الفحيح المعتاد منه .
_ ايه اللى حصل للقطة البرية؟ ضوافرها اتقصت ولا إيه؟ عموماً .. ساعات وهتبقي بتاعتى رسمي يا ... بنت عمى .

خرج عمها وابنه من غرفتها ف اتجهت لغرفة والدتها مسرعة لتجدها فارغة .
ف نزلت نحو الأسفل لتبحث عنها .

_ مامى فين ؟

رد أحد الخدم :
_ كانت فى الجنينة مع مدام رجاء .

خرجت نحو الحديقة لتجد والدتها تجلس على مقعدها المتحرك وأمامها رجاء تحدثها عن ترتيبات الحفل .

_ مامى .

_ ها هديتى يا عروسة، ريحان مبسوطة بالفرح وبتتكلم معانا أهو فى التجهيزات أنا مش فاهمه أنتى اللى بتعملى كده ليه ؟

ألتفتت نحو والدتها بأستغراب فأبتسمت والدتها بحب وأطمئنان وهزت رأسها بألا تقلق.

بعدما جلست قليلاً معهن صعدت لغرفتها ثانية لتستعد لحفل زفافها المزعوم .

وبعد أرتدائها ثوب زفافها كان ملائكى، يشبه أثواب الأميرات وهى كانت كمن خرج للتو من عالم ديزنى الخيالى، صعد عمها ليحضرها نحو الأسفل.
تبحث عن والدتها بين الحضور ولا تجدها، تحمل هاتفها فى يدها ترفض تركه حتى بعد توبيخ عمها لها بسببه .

كانت تنتظر ما سيحدث بفارغ الصبر ف كلما تقترب من رياض بضحكته السمجة المتشفيه ينفذ صبرها أكثر فأكثر إلى أن وصلت إليها رسالتها المنتظرة " متخافيش من اللى هيحصل ومدام ريحان فى أمان، وأمشي مع اللى جايين "
وصلت إلى رياض وبمجرد إمساك يده لكفها أنطفئت أنوار المكان و على صوت إطلاق نار يليه صريخ وهرج من الحضور ولم تشعر بنفسها سوى أن هناك من يحتضنها من خصرها ويحملها على كتفه نحو مكان مجهول لم تستطع تحديده بسبب الأنوار المنطفئة بعدها وجدت نفسها تخرج من باب المطبخ الخلفي إلى البوابة الخلفية للڤيلا نحو سيارة قديمة قليلاً تجلس بها والدتها مع شاب غريب و غريب أخر يحملها .

_ بسرعة يا يزيد قبل ما حد ياخد باله .

نزلت من على كتف يزيد لتجلس بجوار والدتها تحتضنها ببكاء .

_ فين عاصم يا يامن ؟

_ أهو وراك أركبوا بسرعة يلا .

جلس عاصم مع يامن فى الأمام أما يزيد ف كان مع ورد ووالدتها بالخلف وبعد تحركهم وبعدهم النسبي عن مكان الحفل .

_ تعرف يا يامن لو تميمة عرفت أنك هربت واحدة تانية من فرحها هتعمل فيك إيه ؟

_ بس إيه رأيك يا واد يا عاصم ف الساصبنس؟

_ لا خطير .

أقترب منهم يزيد من الخلف يضحك على كلامهم .

_ بس يارب ما يكونش أهلها صعايده .

ضحك الثلاثة علي جملته أما ورد فلم تعى ما يحدث حولها ولا هويتهم إلى أن جاءت رسالة أخرى " دول زى أخواتى متقلقيش، دقايق وهتفهمى كل حاجة "
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي