الفصل الثالث والعشرون

من بين دموعها أجابته
" أليس هذا ما تريد ؟ ."
" أظن أن هذا ما أريده بالضبط، هذا الخوف الحقيقي ،ولكن من أي شيء تخافين؟ أنا حتى لم أفعل لك شيئًا فقط أريد الدخول إلى المنزل ؟
وفجأة تغير صوته وصار أكثر رقة، وبدا القلق في عينيه الداكنتين!
قلق ؟ ماذا يريد هذا الرجل !
أخذت ساندرا تنظر اليه بحيرة وإرتباك ، فقد زالت من وجهه الملامح المخيفة ، وبدا

أمامها كأنه الرجل الذي كانت تعرفه في يوم من الأيام ، الرجل الذي إنجذبت اليه

فعلا ولكنها لم تتزوجه لأنها كانت قد قررت ألا تتزوج على الإطلاق.
سرحت فيه وفي ملامحه الهادئه الآن ليقطع عليها تفكيرها و عاد باريس يسأل:
" من أي شيء أنت خائفة ، ساندرا ؟ ."
كانا يقفان عند الباب على درجة رخامية بيضاء ، الهدوء والسكينة يكتنفان المكان،

والحديقة تلمع تحت أشعة شمس يونانية ، بأزهارها من كل شكل ولون ، رائحتها تعطر
المكان ، ووراءها تشمخ الجبال ، بعض غيوم بيضاء رقيقة تزخرف زرقة السماء ،

النخيل يتماوج مع السرو الأهيف النحيل، ومن الجهة الأخرى أشجار الليمون

والبرتقال تضيف خضرة وجمالا الى تلك الصورة الأخاذة .
" كنت خائفة منك."
جاء الجواب متأخرا ،ولكنه كان ينتظره بصبر ، ينظر الى الجديد في تعابير وجهها ،
يحاول أن يقرأها ، وكمن يحدث نفسه قال:
" خائفة ."...
" ألم يكن هذا متوقعا ، بعد تصرفاتك تلك ؟."
أحنى باريس رأسه ، عيناه كئيبتان، قاتمتان ، فيهما كثير من الغموض ، ولدهشتها

إستدار الى الجهة الخرى كأنه يريد ان يخفي عواطفه ، وبعد وقفة قصيرة ، سار بعيدا

نحو البساتين ، وتركها نهبة للخوف والألم ، وقفت قليلاً تراقب سيره مبعتدا وأحست أنه شعر بشيء من الندم لأنه

أخافها الى درجة الرعب ، الى درجة تريد معها ان تهرب منه .
أي رجل غريب غامض هو هذا !
سيقتلها بتصرفاته المتناقضة والتي لا تفهم منها أي شيء!



رجل حياته هدمت بسبب فشل زواجه ، وفقدان

ولده ، وها هو الآن يحملها مسؤولية كل ذلك ، ويقول في نفسه انها لو قبلت الزواج
منه ، لما حصلت كل هذه المآسي ولكان زواجهما ناجحا ، لأنه كان يحبها وهي معجبة

به.
وتساءلت ساندرا في نفسها:
" هل رأيه صحيح ؟ لو كانت قبلت بزواجه لكان سعيدا ورومانسيًا ؟ أم سيزهد فيها ويحتقرها وينتقم منها كما يفعل الآن ؟!
ترى لماذا تقع في مثل هذه الأخطاء الفادحة ؟."
كانت عيناها الواسعتان تتبعان زوجها الحزين حتى إختفى عن ناظريها بين الأشجار ، ثم

تابعت الحوار مع نفسها:
" كنت غبية بلهاء رفضت الزواج لأنني خشيت مما حدث لجيني ومارثا في زواجهما ، ما كان يجب ان اتاثر بما

وقع لهما ، فلكل أمرىء حياته وتجربته ورؤيته الخاصة يفعل فيها كيف يشاء ولا يجب أن نرفض لمجرد فشل تجربة أحد آخر
ولكن فات الأوان لقد مر الزمن وباريس لم يعد الرجل الذي تستطيع أن تحبه أو حتى تعجب به ، فهو إنسان آخر

غير الذي كانت تعرفه ، إنسان يعرف فقط كيف يكره كيف ينتقم كيف يذيقها العذاب لأنه ذات يوم كان يعرف كيف يحب ويتحتوي وهي رفضته ، رجل أصبح كل همه من الزواج هو الإنتقام ....
أفاقت من شرودها ثم ذهبت خلفه لترى ما به وتسمع منه، لكنها لم تجده، دارت في الحديقة كلها وكأنه اختفى!
عادت إلى المنزل ودخلت تجر ورائها اذيال الخيبة، منذ وقت قليل كانت لا تريد الدخول والآن ستدخل وتجلس في غرفتها التي اختارها لها أيضًا!
هكذا هو باريس يجعلها تتأرجح بين شعور وعكسه في نفس الوقت!
.
.
.


مرّ اسبوعان على تلك الحادثة، على عكس التوقعات هدأ باريس بشكل كبير، أصبحت مشاداته أقل وتصيده للأخطاء أفضل، بل وأصبح يتركها تنام بمفردها كثيرًا عن ذي قبل
وفاجأها بتصرفات هادئه وقضيا فيهما ساعات هادئة في الحديقة والسير على شاطىء البحر ، أو

التسوق في العاصمة، لم يعد باريس يتحدث بنفس الحدة مع ساندرا او يتصرف معها

بخشونة ، كان يبدو لها أن هناك صراعا يعتمل في داخله، ما بين أن يعاملها بشكل سيء كما تعود أو يكن لطيفًا معها كما يحدث هذه الأيام
حاولت ساندرا تفسير كل ذلك وأحست وكأنه يحاول أن يجعل بينهم علاقة صداقة على الأقل بالرغم من أنه لم يحاول أن يظهر أي

رغبة في ذلك بينهما ، اما ساندرا فقد كانت تمتعض حتى من مجرد التفكير أنها

قد ترحب بصداقته إن فعل ، أو تشعر بأن الحياة قد تكون مريحة أكثر إذا إستطاعا أن

يكونا رفيقين .... من غير أن يدخل الحب الى حياتهما لا ترى لعلاقتهما مستقبل وهي لا تستطيع أن تسامحه بشكل كامل أو تتقبل ما فعله بها، وعلى الرغم من كل تلك الصلاحيات والاموال والملابس التي كانت تحت قدمها لكن لازال هذا المنزل وهذه الجزيرة والبلد بأكملها مجرد سجن واسع لها، لازالت تريد العودة إلى موطنها البارد جوا لكن دافئ في المشاعر، على الأقل ترى أختيها واصدقائها ورئيسها في العمل صديقها الخائن هاري دارك الذي لم يسأل عليها ولو لمرة منذ أن تركها وهرب، وعلى الرغم من ذلك كانت تود لو أنها قضت حياتها في تلك الدائرة والعمل بعيدًا عن هذا السجن
.
.
.

بعد ظهر يوم من الأيام التي فقدت عدها هنا
كانت تجلس في الفناء الجميل المزدان بالأزهار تقرأ في كتاب وكان هذا هو تسليتها الوحيدة،

، وأثناء انغماسها في القراءة تفاجئت بباريس يقف أمامها
شهقت من الصدمة وأمسكت بصدرها تحاول التنفس بهدوء
فزعتك لهذه الدرجة ؟
سألها بتشكك ؟
اومأت برأسها : لقد كنت مركزه تماما مع الكتاب
تجاهل كلامها وما حدث وفاجأها بأنه يطلب منها ان ترافقه الى مريتليس ، وهي مدينة تقع على خليج

الشاطىء الغربي من الجزيرة ، حيث كان يملك فندقا هناك.
قبلت بشوق وحماسه أدهشتها ، بالقدر الذي أدهشه.
" إنني أحب ان ارافقك ."
قالت ساندرا ذلك ، وهي تقف في الحال وتلقي بالكتاب على الطاولة
بلا اهتمام وكأنه لم يكن تسليتها وانغماسها منذ قليل
ثم أضافت :
" هل انت على إستعداد ؟."
أحنى رأسه علامة الإيجاب وقال :
" نعم هل ستبدلين كل ملابسك اراها تليق بالخروج ."
" لا ، ولكنني أريد أن أغسل وجهي ويدي ، هل تنتظرني بضع دقائق؟."
" سأفعل ."
قال ذلك وجلس على الكرسي الذي كانت تشغله.
هل هذه خطوة لحياة جديدة اكثر بهجة لكليهما ؟ هذا ما سألت ساندرا نفسها متعجبة !

غسلت وجهها واخذت تسرح
شعرها الذهبي وكأنه إختلس لونه من اشعة الشمس

التي كانت تتسلل من النافذة ، زينت خديها بقليل من الحمرة وكذلك شفتيها ،

وإرتدت ثوبا أبيض بسيطا أنيقا ، ثم وقفت قليلا أمام المرآة ، فإقتنعت بما رأت.
كانت لحظات الإنتظار تلك طويلة بالنسبة الى باريس فقام من كرسيه ووقف الى

جانب حوض من الأزهار ، وإلتفت عندما سمع وقت خطوات خلفه ، كانت ساندرا

طبعا ، شملها بنظراته التي إستقرت على وجهها ، كان فيهما وميض من الاعجاب استطاع أن يخفيه بسرعة وسرعان ما حل مكانه الكآبة في عينيه وتنهد من

أعماقه ، وقال:
" هل أنت مستعدة؟ ."
ثم غيّر إتجاه نظراته فترة ، وقادها الى السيارة ، وفي الحال كانت تنطلق بهما .

كان باريس صامتا كئيبا ، ولم تستطع هي فتح حديث لقد أحست أنه لا تسمح حالته بالحديث، ولذا فإن ساندرا لاذت بالصمت

ايضا ، وسألت نفسها ، ترى لماذا كل هذه الكآبة الان ؟ اهو نادم على ما فعل ،

نادم على دعوته لها للخروج ؟ يستطيع بكل سهولة العودة في طلبه إذا لماذا ؟ هل وصل الى المرحلة التي يسال فيها نفسه عما ربحه من كل

ذلك ؟ الإنتقام حلو كما يقولون، ولكن مع الزمن يصبح المرء اقل رغبة بالحلاوة،

ولا شك أن باريس الآن لم يعد يحس بالسعادة من جعل حياتها مريرة الى هذا الحد.
بالتأكيد مل ما يحدث خاصة وأنها أصبحت تقف في وجهه كثيرًأ وتعانده
والحقيقة أن الأشياء البغيضة التي يقوم بها كانت تبدو اسبابها مقنعة له، لكنها تحس أنه لن

يستمر في هذا الأسلوب الهمجي في معاملتها ، فها هي تصرفاته بدات تتغيّر ولو قليلا

، وأصبح يبدي شيئا من اللطف في سلوكه معها ، حتى أنها لم تكن تصدق أن هذه

البداية للتحول ممكنة الحدوث ...
" هل تريدني أدخل معك ؟ ."
سألته ساندرا للمرة الأخيرة عندما سارا في الطريق الطويل الذي ترتفع الاشجار على جانبيه ، المؤدي

الى الفندق ، حيث أنها احست بندمه بالفعل
وأضافت :

أو أتجول في المدينة ثم أعود اليك؟ ."
" يمكنك ان تأتي لو لم أريدك معي لما طلبت؟؟ ."
" هذا ما أريد أن اسأله أنا !"
هكذا رددت ساندرا السؤال في نفسها لكنها قررت ابتلاع اعتراضها حتى لا تفسد اليوم ويتحول منهم إلى جدال عقيم كالعادة وقررت الرد :
" حسنا ."
إبتسمت له راغبة ان يرد عليها بإبتسامة ولكن خاب أملها ، فقد كان وجهه مقنعا

بقناع قاتم خال من اية تعابير.
كان الفندق من أفخم الفنادق التي رأتها عينها، بالقرب من شاطىء غاية في الروعة

والجمال.
سألته ساندرا بعفوية:
إنه رائع جدا،
هل يعود الفندق عليك بالربح الوفير؟."
" لا شك في ذلك وإلا لما بنيته؟ ."
كان باريس يستمع اليها وهما جالسان في غرفة الإستراحة المخططة باللون الأزرق والأبيض المميز لبلاد اليونان،

وكانا ينتظران الشراب الذي طلبه باريس ولم يأخذ رأيها فيه كعادته حتى أنها لم تعد تعلق على هذا التصرف
قال:
" الحقيقة أن دخل الفندق قليل جدا ."
نظرت ساندرا اليه بدهشة ثم سألته مستفسرة:
" لماذا ؟ألم تكن لديك فكرة قبل بنائه ، أنه من الممكن ألا يكون مربحا؟." لماذا تكون لدي مثل هذه الفكرة؟ ."
" لأنك رجل اعمال ، ومعظم رجال الأعمال يقومون بدراسة جدوى جيدة و فقط يوافقون بتلك المشاريع التي يعرفون

انها مريحة."
" هل الربح هو كل ما يهم ؟ هل المال هو الشيء الوحيد المهم في الحياة؟ ."
تنهدت ساندرا من الأعماق وقالت:
" لقد أسات فهمي ، انا لا يهمني شخصيا إن كان مربحا أم لا ، فليس لذلك أي فارق


عندي إنه فقط .. ."
قاطع باريس حديثها ولم يصبر قائلا:
" سيكون هناك فارق عندما أرحل عن هذا العالم ، فكلما جمعت مالا أكثر ستصبحين

أكثر ثروة عندما يأتي الوقت الذي ترثينني فيه ساندرا أليس هذا ما يقلقك ؟ ."
" باريس، ما هذا الذي تقول ؟ فأنا لا تهمني اموالك ولا يهمني أن أرثك."

هتفت وقالت ساندرا ذلك بإستنكار شديد، أما هو فقد عادت إبتسامة السخرية الى شفتيه ،
وقال : " هراء ، لقد تزوجت الرجل الأول لهذه الغاية ."....

استفزها كثيرًا وأثارها، لازال يفكر فيها بنفس الطريقة على الرغم ما حدث بينهما وعلى الرغم من أنه وجدها عذراء لم يمسها أحد سواه !
" لازالت عند نفس تفكيرك؟ ."
ثم اضافت:
" حتى بعد ما عرفت الحقيقة، انا حقيقي متعجبة منك خاصة أنه ليس لديك أي اساس لتبني عليه حكما كهذا! ."
" أخفضي صوتك ساندرا، إنني لا احتاج لأي أساس إنه واضح كنور الشمس وهذه الحجه التي أخبرتيني بيها لا اصدقها ."
هذا كل ما إستطاع ان يجيب به ، ثم جاء المستخدم بالشراب ، فقال له باريس :
" شكرا ، سنتناول العشاء مبكرين، في الساعة السابعة تقريبا."
انحنى النادل قائلاً " حاضر ، سيد باريس ."
وأخذ المنحة التي أعطاه إياها ، ومضى .
كانت ساندرا ترغب في ان تذكر لباريس أنه كان في إمكانها ان تطعن في الوصية التي كان قد تركها زوجها السابق لو
كان لديها رغبة في المال ، ولكنها احست بكبريائها أن ترفض ان تبرىء نفسها أمامه

، وإذا كان باريس يريد أن يفكر فيها بهذه الطريقة ، فليفعل ، فإن رايه ليس له مثل

هذه الأهمية عندها ، كما أخبرته مرة!!

سألته ساندرا للمرة الأخيرة عندما سارا في الطريق الطويل الذي ترتفع الاشجار على جانبيه ، المؤدي

الى الفندق ، حيث أنها احست بندمه بالفعل
وأضافت :

أو أتجول في المدينة ثم أعود اليك؟ ."
" يمكنك ان تأتي لو لم أريدك معي لما طلبت؟؟ ."
" هذا ما أريد أن اسأله أنا !"
هكذا رددت ساندرا السؤال في نفسها لكنها قررت ابتلاع اعتراضها حتى لا تفسد اليوم ويتحول منهم إلى جدال عقيم كالعادة وقررت الرد :
" حسنا ."
إبتسمت له راغبة ان يرد عليها بإبتسامة ولكن خاب أملها ، فقد كان وجهه مقنعا

بقناع قاتم خال من اية تعابير.
كان الفندق من أفخم الفنادق التي رأتها عينها، بالقرب من شاطىء غاية في الروعة

والجمال.
سألته ساندرا بعفوية:
إنه رائع جدا،
هل يعود الفندق عليك بالربح الوفير؟."
" لا شك في ذلك وإلا لما بنيته؟ ."
كان باريس يستمع اليها وهما جالسان في غرفة الإستراحة المخططة باللون الأزرق والأبيض المميز لبلاد اليونان،

وكانا ينتظران الشراب الذي طلبه باريس ولم يأخذ رأيها فيه كعادته حتى أنها لم تعد تعلق على هذا التصرف
قال:
" الحقيقة أن دخل الفندق قليل جدا ."
نظرت ساندرا اليه بدهشة ثم سألته مستفسرة:
" لماذا ؟ألم تكن لديك فكرة قبل بنائه ، أنه من الممكن ألا يكون مربحا؟." لماذا تكون لدي مثل هذه الفكرة؟ ."
" لأنك رجل اعمال ، ومعظم رجال الأعمال يقومون بدراسة جدوى جيدة و فقط يوافقون بتلك المشاريع التي يعرفون

انها مريحة."
" هل الربح هو كل ما يهم ؟ هل المال هو الشيء الوحيد المهم في الحياة؟ ."
تنهدت ساندرا من الأعماق وقالت:
" لقد أسات فهمي ، انا لا يهمني شخصيا إن كان مربحا أم لا ، فليس لذلك أي فارق


عندي إنه فقط .. ."
قاطع باريس حديثها ولم يصبر قائلا:
" سيكون هناك فارق عندما أرحل عن هذا العالم ، فكلما جمعت مالا أكثر ستصبحين

أكثر ثروة عندما يأتي الوقت الذي ترثينني فيه ساندرا أليس هذا ما يقلقك ؟ ."
" باريس، ما هذا الذي تقول ؟ فأنا لا تهمني اموالك ولا يهمني أن أرثك."

هتفت وقالت ساندرا ذلك بإستنكار شديد، أما هو فقد عادت إبتسامة السخرية الى شفتيه ،
وقال : " هراء ، لقد تزوجت الرجل الأول لهذه الغاية ."....

استفزها كثيرًا وأثارها، لازال يفكر فيها بنفس الطريقة على الرغم ما حدث بينهما وعلى الرغم من أنه وجدها عذراء لم يمسها أحد سواه !
" لازالت عند نفس تفكيرك؟ ."
ثم اضافت:
" حتى بعد ما عرفت الحقيقة، انا حقيقي متعجبة منك خاصة أنه ليس لديك أي اساس لتبني عليه حكما كهذا! ."
" أخفضي صوتك ساندرا، إنني لا احتاج لأي أساس إنه واضح كنور الشمس وهذه الحجه التي أخبرتيني بيها لا اصدقها ."
هذا كل ما إستطاع ان يجيب به ، ثم جاء المستخدم بالشراب ، فقال له باريس :
" شكرا ، سنتناول العشاء مبكرين، في الساعة السابعة تقريبا."
انحنى النادل قائلاً " حاضر ، سيد باريس ."
وأخذ المنحة التي أعطاه إياها ، ومضى .
كانت ساندرا ترغب في ان تذكر لباريس أنه كان في إمكانها ان تطعن في الوصية التي كان قد تركها زوجها السابق لو
كان لديها رغبة في المال ، ولكنها احست بكبريائها أن ترفض ان تبرىء نفسها أمامه

، وإذا كان باريس يريد أن يفكر فيها بهذه الطريقة ، فليفعل ، فإن رايه ليس له مثل

هذه الأهمية عندها ، كما أخبرته مرة!!

أخذ باريس ينظر حوله وعلامات الكآبة لا زالت بادية على وجهه، يبدو أن الرد الأخير لها أسكته خارجيًا لكن داخليا هو لازال يبحث ويفكر في الموضوع ، تنهدت ساندرا وحاولت أن تتجاوز تجريحه لها في محاولة منها أن تجعل اليوم هادئًا مثل الأيام الماضية
لا تريد أن تخسر تلك الشخصية التي غلبته وظهرت عليه جعلته مقبولا إلى حد ما
قررت التجاوز وعادت للحديث لتنهي تلك الحالة المملة من السكوت:
"لازالت لا أعرف لماذا الفندق غير مربح ؟ ألا يمتلىء الفندق بالنزلاء أبدا ؟ فإن شاطئا كهذا يجتذب السياح في كل وقت من

اوقات السنة."
" لا يوجد أي سبب يمنع من ان يكون الفندق مليئا بالنزلاء دوما، وأنا أوافقك على

ذلك ، ولكن كما قلت ، هذا الفندق بالذات أرباحه قليلة ." نظرت اليه بإستغراب ، وقالت:
" أظن انك كنت تعرف قبل ان تبنيه انه لن يكون مربحا ، أليس كذلك؟ ."
" توقعاتك صحيحة ."
إبتسم باريس بشيء من الدعابة ، بينما قطبت ساندرا حاجبيها متعجبة، كانت تريد أن

تعرف السبب ، فسالت:
" لماذا بنيته إذن؟."

احيانا تكون هناك حاجة لفندق فخم من الدرجة الأولى ، يقدم جميع أنواع التسلية
وأسباب الرفاهية لأولئك الذين يحتاجون لأشد أنواع المواساة والتسلية خاصة في تلك الجزيرة المنعزلة."
ضيقت ساندرا عيناها ولم تفهم كلامه فقالت له :
باريس ، لست واضحا في إجابتك لا افهم قصدك بالضبط."
" الحقيقة انه من الممكن أن يكون لدينا بعض السياح بوجود شاطىء جميل كهذا."
وأشار بيده بإتجاه النافذة التي تطل على البحر بصورته الجميلة ، وتابع كلامه:
وهؤلاء الناس الذين لا يجدون ما يطلبون من أسباب الراحة والرفاهية من الدرجة

الأولى ، عزمت أن اقدم لهم ما يريدون."
تعجبت ساندرا وسألته مرة أخرى :
" حتى مع انك تعرف أنه ليس مريحا
؟ ."
انا لا اقول أنه لن يكون مربحا على الإطلاق ، فمن الممكن أن يكون في المستقبل ،
على اية حال فهناك اناس كثيرون يفضلون الأماكن الهادئة غير المحتشدة ، وهذا المكان


واحد منها."
" بالتأكيد فهو كالفردوس ."
" الفردوس! ."
ردد كلمتها بشيء من الدعابة واضاف:
" ما كنت أتوقع أن تشبهيه بالجنة ، فهو اشبه بالجحيم ." !
أجابته ساندرا بشيء من الانفعال قائلة :
" كنت أتحدث عن الجزيرة الخلابة والشاطىء الأخاذ ، ولم أكن اتحدث عن حياتي ."
أحست ساندرا ببرودة تتسلل الى أوصالها ، لهذا لتغيير الذي بدأ يطرا على محادثتهما ،

خصوصا وأنهما يحاولان تخفيف العداء بينهما.
وسأل باريس سؤلاً مستفزا كعادته عندما يكون موقن من الإجابة:
" أحياتك جحيم؟ ."
بريق لم تتوقعه شع من عينيه ، ورأت على الفور أنه عاد الى حالته الأولى ، يجد متعة في

أي ألم يستطيع أن يسببه لها ، وعجبت من هذا الرجل المتلون المزاج الذي يسمح

لنفسه أن يكون في كل دقيقة بلون كانت تعرف هذا عن النساء ومشاعرهم المتقلبة لكنها أول مرة في حياتها يصادفها رجل مثل باريس يكاد يقتلها بالتضاد بين نفسه، وبعد لحظة من التفكير قررت ألا تعطيه فرصة لتعكير صفو ما يحدثقالت: " لم أقصد ذلك بالضبط ، فالحياة في الأسبوعين الماضيين كانت أفضل من البداية،

ويبدو أنني بدات اعتاد على أسلوبك الهادئ وتلك الحياة."
تفاجئ باريس من ردها، حسب أنها ستثار وتنفعل وتضايق كعادتها لكنه صدم بما قالت فضيق عينيه وقال :
" الى أي شيء تريدين ان تصلي؟ ."
وقبل ان يترك لها مجالا للرد ، إستمر في حديثه محذرا ، حتى لا تكون واثقة الى هذا

الحد بأن الأسبوعين الماضيين قد يرسمان صورة أفضل لمستقبل حياتهما أو يعطيها إمارة على أنه قد يسامحها يوما ويعفو عنها ويتركها بلا تعذيب نفسي كما يفعل
" انا إنسان مزاجي ، ويمكن أن أتحول من صورة لأخرى من غير إنذار ، فأنا تزوجتك

فقط كي اجعلك تدفعين ثمن ما عانيت في حياتي ، وسوف تدفعين ، إياك ان تظني غير
ذلك."
تنهدت ساندرا و
لاذت بالصمت ، لن تجيبه ولن تترك له فرصة بل أحست انه وكأنه يجبر نفسه على تكرار هذا الكلام الغبي لشيء أغبى في داخله ،وأن
الأمور ستسير على ما سارت عليه في الأسبوعين الماضيين على الأقل. ولكنها سرعان ما ادركت خطأها ، فإن باريس صمم ألا يضعف من موقفه ،وعاد

مرة أخرى لسلوكه الفظ ومعاملته الخشنة ، غير أن ساندرا كانت تحتمل ظنا منها انها
سحابة ثم تنقشع لمعرفتها بمزاجه المتقلب ، ولكنها في هذه المرة أخطات في ظنها.
قررت إنهاء حرب الاعصاب التي بينهما وقبل أن تتطاول الأمور
ستتركه يفعل كما يحلو له يبدو أن اعترافها له بلطفه في الأيام الماضية ضايقه وقرر معاقبتها عليه
صمتت قليلاً حتى كف عن الحديث ثم قالت : هل يمكن أن نعود إلى المنزل الآن ؟
-  لماذا ؟
-  أشعر بالتعب وأريد النوم
-  يبدو أنك اعتادت حياة الرفاهيه يا ساندرا، أتذكر أنك كنت نحلة نشاط في عملك أما الآن فنومك كثر
على كل حال لن نعود الآن سنتناول العشاء اولا

أحست بغصه في حلقها، آخر ما كان ينقصها اليوم أن يذكرها بحياتها السابقة، هو يريدها أن تتعذب ؟ لقد ربح هذه المرة، هي بالفعل تتعذب فمن اعتادت الحياة العملية لا تستطيع العودة إلى المنزل وهذا ما يزيد سجنها أضعاف وأضعاف
ربح باريس وقررت الصمت إلى نهاية اليوم، حتى تعود وتلقي بأحزانها في النوم !
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي