الفصل الحادي والعشرون

تخشّّبت ابتسامتها للحظةٍ ولكنها لم تستسلم لشعورها بالذنب بل اعتدلت بوقفتها وواجهته لتقول بحروفٍ مُتلعثمة:
- انا آسفة، لن استطيع.
لم تزُل ابتسامة خليل الهادئة وهو يلمحُ تخضُّب وجهها بالحياء ليهمس ببساطة:
- لا اريدُ منكِ ردًّا حاليًّا يا ميرال، فقط فكري بهدوء وتذكري بأنني سأكون صديقكِ دائمًا مهما كان ردّك.

قالها وخرج معتذرًا بغية تفقُّد المكان لتظلّ للحظات تنظر في الفراغ قبل ان تشعُر بلسعة دموعٍ تحرقُ عينيها، يا الله كم تشتاقُ اليه!  لقد ظنّت ان الوقت قد يشفي قلبها المريض بحُبّه الّا انه لم يزِدها سوى سقمًا.. تخرُجُ كُلّ يوم، تبتسم لمن حولها وتعمل برضا شاكرةً الله على وجود سجى بجوارها الّا انّ قلبها يأبى ان يتركها تهنأ بحياتها، وكأنّهُ طائرٌ مُكبّل بالأصفاد يرفرف بلا هوادة ليتحرر، لا يتعب ويُتعبها بخفقاته المجنونة الى درجة شعورها بالسقم، وكأنه يخبرها بأن لا مناص من بحر حتى وان ابتعدت عنه.



يقتُلُ الوقتُ ملامحه من ذاكرتها، تنسى ما كان لون عينيه، تقاسيم وجهه الحبيب، تنسى حتى شكل ابتسامته الطفوليّة الّا انّ رائحته تأبى ان تتركها، تلك الرائحة اللاذعة الدافئة التي لم تستنشقها سوى مرّةٍ واحدة، رائحة حُبّه المجنون الذي كاد ان يجرفها الى محظوراتٍ لم تكُن لتفعلها مع سواه.
ازدردت ريقها بصعوبةٍ وهي تجِرّ احد المقاعد لتجلس عليها ويدها تضغطُ على قلبها الذي لا يهدأ وكأنه يعاقبها على المرّة الوحيدة التي تمنّت فيها ان تكون كأي امرأة.



- إهدأ، إهدأ ارجوك، فأنا لن امنحكَ لأحدٍ سواه، انتَ ملكًا لبحر وحده.
اسندت رأسها على الطاولة امامها وغمغمت بإنهاك:
- يكفي، سأموت من هذا الألم.
ظلّت تجاهد للحظاتٍ طويلة في محاولات فاشلة لتهدئة ذلك الطنين المؤلم الذي لا يسكُن ولكنها لم تستطع، بدأت تشعر بخطر هذا الأمر ولكنها لا تريد ان تُثقل على كاهل سجى، يكفي انها ساعدتها بثمن الشقّة الصغيرة التي استأجرتها مؤخرًا، لن تطلب منها ان ترافقها الى المشفى، ستكتفي بالإنتظار الى ان تقبِض راتبها الشهري.


اغمضت عينيها بعذابٍ وهي تفطن لأنها رفضت عرض ربّ عملها بالزواج، هل يا ترى سيطردها من العمل؟ هل ستعود الى حياة الشوارع من جديد؟!
ازدادت دموعها تدفُّقًا الّا انها حاولت التماسُك لتنهي اعمالها، فلا وقت الآن للحُزن، ستبكي ليلًا، عندما تخلدُ الى النوم، ستتذكره في كل حُلُمٍ عابرٍ وستبصقُ على وجه الظروف وتحتضنه الى ان يهدأ قلبها، ستنظر الى وجهه وتهمس بجُرأةٍ بكُلّ كلمات الحُبّ التي لم تعرفها لولا وجوده، سترتدي ثوبًا ابيضًا وتتأبط ذراعه طوال الحياة، ستمنحه عائلة كبيرة، وستضحكُ على نفسها ما ان تستيقظ من حُلُمها المُستحيل، وستعود لتحارب الدنيا ببسالة الى ان ينقضي النهار لتعود الى احلامها من جديد.

.
.

- لا تبكِ يا صغيري، لا تبكِ ارجوك، ماذا تريدني ان اصنع لك؟ صه يا بني توقف قليلًا عن البكاء!
همس آدم بنفاذ صبر وهو يهادي ابنه الذي لا يكفّ عن البكاء واتجه به الى غرفته ليحمل لعبته ذات الصوت الرنان ليهزها امام وجهه فيهدأ الصغير قليلًا ليبتسم اليه ويقول بحنان:
- تريد اللعب يا مُشاغب، لما لم تخبرني من البداية؟
تأمله بحُب وهو يراقب اللعبة بعيناه الزرقاوان اللتان اخذهما من والدته، انه لطيف للغاية، صحيح انه كثير البكاء الّا ان غيد تستطيع التعامل معه ولا يضطرّ هو لمجابهة نوبات بكائها الّا عندما تنشغل والدته.

خرج حاملًّا اياه ليعود الى غرفته حيث وجد غيد تخرج من الحمام لتقول بلهفة وهي تتجه نحوه:
- فادي حبيبي، لما البكاء؟
- ربما يكون جائعًا.
اجابها وهو يضعه بين ذراعيها لتجلس على فراشها وتحمله لترضعه، تحتضنه فينبضُ قلبها بذات المشاعر التي باتت تعتادها طوال الأشهُر السابقة، تستنشقُ رائحته التي باتت هوائها الوحيد وتبتسم.

كيف لهذا الطفل ان يجعلها ضعيفةً بهذا الشكل، لقد تناست كل شيءٍ ما ان جاء ليزين حياتها، لم يعُد يهمها احدٌ في الدنيا سواه، الأمر لا يقترن بأنه صبيّ وانّه سيحمل اسم آدم بل لأنه ابنها، قطعةٌ من روحها ولو خُيّرت بأموال الدنيا لن تُبدله، هو الوحيد الذي يسمع حكاياها المليئة بالدموع، وحده الذي يغمرها بحُبّ لم تشعر به بحياتها.

عندما يفتح عينيه الصغيرتان وينظر نحوها يزيل كل جروحها، وكأنه يخبرها بأن كُلّ شيءٍ سيكون على ما يُرام، حتى اذا تركها آدم لن تهتم.. ولكنها لن تتخلى عن ابنها، ستأخذه معها اينما ذهبت وستُربيه بحُبٍ وحنان، لن تقسوا عليه، ولن تساوم به مهما كلفها الأمر، لن تبيعهُ كما بيعت من قبل.
- لقد نام اخيرًا.
همس آدم بجوارها لتنظر الى صغيرها وقد غفى بالفعل.
- ملاكي الصغير، نم يا حبيبي فليحفظك الله.

تمتمت وهي تريحه على مهده لتستلقي على فراشها بإنهاك راغبة بنيل القليل من الراحة قبل ان يستيقظ فادي من جديد، لم تكُن غافلة عن مراقبة آدم لها ولكنها ومنذ تلك اللحظات التي قضتها وحيدةً اثناء ولادتها وما بعدها من ايام باتت كقطعة ثلجٍ بلا احساس، لا تخافه ولا تشتاق اليه بل ولا تتمنّي منه اي شيء، حتى وجوده بات يخنقها، صحيح انها عذرته لإصابة ابنته بمرضٍ عضال الّا انها لم تستطع ان تنسى تلك الأيام، بكائها المتواصل المُصاحب لبكاء ابنها، بقائها وحيدةً طوال فترة نفاسها دون ان يطُلّ عليها احد حتى لم تستطع ان تحتفي بمولد ابنها كما تمنّت.

هو لم يهنها فقط بل كسر فرحتها بمولودها الأول، نسي انها لا زالت صغيرةً على الإعتناء بطفل، لم يساعدها كما كان يعدها مُسبقًا، لم يُكبّر على أُذُني طفله، لم يهمس له بإسمه، وهذا ما لن تغفره له طوال حياتها، لن تنسى ان من حنّ عليها وحملها للمشفى ليس سوى اخيه، حتى بعد ولادتها تكفل اخيه بكل الإجراءات وهو من اعادها بنفسه الى بيتها بالوقت الذي كان هو يجترّ احزانه على مرض ابنته لتتسائل للحظة هل يا ترى كان ليحزن بالمثل اذا أُصيب ابنها بمكروه؟! وظلّ سؤالها مُعلّقًا كخنجرٍ مسمومٍ بمُنتصف قلبها.

شعرت بيداه تجذبانها نحوه لتنظر اليه لتشعر بأنفاسه ساخنةً على عنقها فتغمض عينيها بشدّة تحبس دموعها بصعوبة، فقد ملّت البكاء كالأطفال، عليها ان تعتاد على حياتها الجديدة برفقته فقد ارتبطت به الى الأبد بعد ذلك الصغير، يجب ان تتحمل لأجله، لكي لا يكون ذات يومٍ بحاجةٍ الى احدٍ وهي اشدّ الناس معرفةً بذُلّ الحاجة، يجب ان يعيش فادي تحت جناح والده وإن كلْفها الأمرُ ان تظلّ جاريةً بين ذراعي ابيه الى الأبد.

- ألم تشتاقين اليّ يا صغيرتي؟!
همست وهو يديرها اليه لتصطدم نظراتهما للحظة قبل ان تزيح عيناها عنه وتهمس بخفوت:
- كيف حال حور؟!
رأت تبدُّل نظراته الى أُخرى باهتة وهو يجيب بهدوء:
- انها في تحسُّن، المرض بدأ بالإنحسار عن دمها.
- جيد، اتمنى ان تُشفى بأقرب وقت.

قبّل وجنتيها ونظر الى عينيها طويلًا وكاد ان ينطق بشيءٍ الّا انه صمت بآخر لحظةٍ ليستبدل كلماته بقُبلةٍ طويلةٍ ارتوى بها بعد عطشٍ طويلٍ ولم يستطع حينها ان يبعدها عنه، كان بحاجةٍ اليها او بالأصح لقربها، الأمر لا يتعلّق برغبةٍ جسدية بل رغبةً بأن يشعُر بحُبّها الذي كاد ان يبتلعه قبل اشهُر، حُبّها الذي بدى كسرابٍ اليوم وهو يشعر بها بعيدةً عنه بالرغم من سكنها بين اضلُعه، هل يا تُرى كان الأمر مُجرد تضارب بهرمونات الحمل؟ هل عادا لنُقطة الصفر من جديد؟!
تسائل بداخله بيأس، ألا يكفيه ليلى وجفائها المُفرِط؟ أمكتوبٌ عليه ان يعيش بعذابهما؟! ماذا فعل بحياته لينال كل هذا الألم، هل كل هذا لأنه تزوّج امرأتين؟!

ماذا يفعل وهو ينجذبُ دون ارادته لغيد، لقد تزوجها بشرع الله ولم يرتكب إثمًا صحيح انه استغلّ فقرها ليحصل على موافقتها ولكنها بالنهاية كانت موافقة، هو لم يضع سلاحًا على رأسها يجبرها على الزواج، لقد تقدّم لها ونال موافقتها، انتشلها من بؤرة فقرٍ مُدقِعٍ ليجعلها زوجةً له امام الجميع، لقد كان بإمكانه إسرار هذا الزواج والحياة كرجُلٍ نبيلٍ امام الجميع الّا انه لا يستطيع ان يخون ليلى، لا يريد ان يكون رجُلًا بتلك المواصفات القذرة، كل ما اراده هو ان تستسلم ليلى لأحقّيته بالزواج من أُخرى ليعيشوا جميعًا بسلام ولكن يبدوا ان هذا الأمرُ مُستحيل.

- هل تكرهينني يا غيد؟
القى بسؤاله فجأةً لترفع عينيها اليه بدهشة وتتسائل بتلعثم:
- ماذا؟!
وضع يده على خدها واعاد سؤاله اكثر وضوحًا:
- هل تندمين على زواجنا؟ وربما تتمنين لو لم تلتقين بي؟ هل اذا اعطيتكِ حريتكِ اليوم ستتركينني الى الأبد؟!

شعرت بأنه يضغط على جروحها ليؤلمها اكثر، يذكر بوضوحٍ انه يأسرها، يذكرها بأنها تزوّجته مُجبرة.
برقت عيناها بوميض دمعٍ الّا انها ابتلعته مُجيبةً بوضوح:
- لا اعلم، هذا الشيء الوحيد الذي استطيع ان أُجزم به، إن تركتني لحريتي سأقف تائهةً طويلًا، لا ادري ماذا سأفعل، صدقًا لا ادري.

اتسعت عيناها وهي تدرك بأنها منحته نفسها وروحها برضا بالوقت الذي خيرها فيه بالتحرُر منه الّا ان قبلاته المتلاحقة لم تمنحها فُرصةً للتفكير وهي تنساق نحوه من جديد، بجوعٍ للحُبّ والحنان، تطوف كموجةٍ تائهة في بحر عواطفه الهادرة تسحبها همساته بين مدّ وجزر لتغمض ابواب قلبها تاركة لروحها لذّة الإستمتاع بتلك الدوّامة المُجنونة مدركة بأنها تكتبُ قصّتها بقلمها ولكن للأسف على ذات الدفتر القديم.

.
.

- الى اللقاء يا مشاكسة، سآتي في الغد لزيارتكِ، استعدي للهزيمة.
قالها جلال وهو يُغلق هاتفه وابتسامةً نادرةً ترتسمُ على شفتيه ليقول كمال بتساؤل:
- حور؟!
اومأ جلال بإعجابٍ:
- تلك الفتاة بارعة للغاية في الشطرنج، لم ترها وهي تهزِمُ والدكَ المخضرم في اللُعبة.

- ابي، الا ترى انّك تعلّقت بالصبيّةِ ووالدتها زيادةً عن اللزوم؟
كان جلال مُدرِكًا بأن ابنه على حقّ الّا انهُ اجاب بحيادية:
- ليلى ابنة الزيات، كان لوالدها وعمّها علاقةً قوية مع جدّك، اي انني لا افعل شيئًا سوى الواجب.
- اتمنّى ذلك يا ابي، لأنني لا ارغب بأن تكون موضعًا للشُبهات.

قالها وهو يدخل لغرفته منهيًا الحوار ليترك والده يؤنب نفسه بشرود، كمال على حق، إنه تعلّق بحور بصورةٍ مُفزِعة، ربما لاُمنيةٍ عميقةٍ كات بقلبه، لقد اراد الحصول على فتاة، لم يشعُر يومًا بهذا الشيء الرائع، ان يكون ابًا لفتاة، ان يرى العالم الزهريّ بعينيها، ان يراها بثوبٍ ابيضٍ ويقدمها بيده لزوجها.
- رحمكِ اللهُ يا امينة.

همس بحُزنٍ وهو ينظر الى صورة زوجته وابنيه المعلّقة امامه ليعود ليعتذر بخجل من نفسه قبل كل شيء:
- يبدوا انني اخلفتُ وعدكِ يا غالية.
نهض ليتجه بدوره الى غرفته ليخلد للنوم ولكنه كالعادة بقي ساهدًا يناجي نجوم السماء غير قادرٍ على حلّ مُعضلته العظيمة، إنه مُعجبٌ بإمرأةٍ متزوجة وهذا ما لن يوجد له تبرير.

.
.

- هل عيناكِ ناعسة بطبيعتها ام انّكِ مستيقظة للتوّ من النوم؟!
قالها المتدرب الجديد الذي أوكل اليه متابعة حالتها لترفع موضع حاجبها الأيسر بترفُّعٍ معهود وتُجيب بلؤم:
- وهل المطلوب منك ان تلقي ملاحظات الظريفة عن عيناي وشكلهما ام تتدرب لتصبح طبيبًا مع انني اشكّ في ذلك.

بهتت ملامح الطبيب للحظة ليقول المتدرب وقد ابتلع مرحه المعتاد:
- ظننت انّك...
قاطعته مُجيبة بصلف:
- ظننت انني فتاة ضعيفة تبكِ لأنها قد تموت بأي لحظة، وتأتي انت لترفه عنها بملاحظاتك السمجة، لا يا عزيزي، لست كذلك.

دلف كمال في تلك الأثناء ليسمع توبيخها لزميله ويطالها بإبتسامةٍ فخورة فها هي تستلقي على فراش المشفى وقد تحوّلت الى شبحٍ هزيل، ولكن لا زال لسانها لاذِعًا كما كانت فقد استطاعت ان تحارب المرض ببسالة بالرغم من آلام الأدوية وخوف الإحتمالات السوداء، هي ووالدتها كانتا من أقوى النساء اللاتي عرفهُنّ في حياته، فبالثلاثة اشهُر الماضية توقّع ان تنهار إحداهما الّا ان ظنونه تخيب في كُلّ مرّة، فقد اثبتن له ان النساء لسن كما يعرف دائمًا، ثمّة اخريات قويّات كالمحاربين، يُخفين اوجاعهُنّ ببسالة خشية ان يُرى بداخلهن الخوف.

- كمال، أريد الخروج من هنا، لقد مللتُ من اجواء المشفى.
التفت المتدرب الى كمال ليجيبها بهدوءه المُعتاد:
- لا يمكننا المُجازفة، يكفي آخر مرّة ذهبتي فيها الى البيت.
لوت شفتيها بملل وهي تتذكر تعبها المُفاجئ قبل شهر إثر إهمالها لأوامر الطبيب وقد حاولت وقتها ان تعود لحياتها الطبيعية غير آبهة بمحظورات حالتها لتنتكس من جديد مُسببة الألم لنفسها ولمن حولها.
اغمضت عينيها ووخزات الألم قد بدأت بالظهور لتقول بإعياء:
- بإمكانكما الخروج، انا سأنام قليلًا.

خرج المتدرب ليقترب منها كمال وقد تأكد ان الجرعة الأخيرة من العقار الكيميائي قد بدأت بنشر الألم بداخلها ليهمس بمواساة:
- ابكِ! اصرخي يا حور.
زفرت انفاسها بألمٍ واجابت بخفوت:
- لا اريد.
الّا انه قال بقسوة:
- بلى يا حور، يجب ان تبكي، يجب ان تعترفي بأوجاعكِ وخوفكِ، انتِ لست سوى طفلة، ليس عليكِ التظاهُر بالقوّة.
- لستُ طفلة ولا أشعُر بالألم.

تمتمت بعُنف وهي ترفض حصاره لها ولا ترغب بشيء سوى ان يخرج ليتركها تبكِ قليلًا قبل ان يراها احد.
انحنى لينظُر الى وجهها عن قُرب، رأسها قد فقد الشعر تمامًا وحاجباها كذلك اختفيا محترقان بقوّة الدواء ولكن عيناها الملتمعة بالدموع لم يستطع المرضُ تشويهها لتشتعل بداخلها روح المُحاربة الشرسة التي لا تعرف الهزيمة.
- كما تشائين يا حور، ولكن دعيني أخبركِ شيئًا واحدًا، لن يُحاسبكِ احدٌ على خوفكِ، لن يسخر منكِ احدٌ لأنكِ تشعرين بالتعب فنحن بشر يا عزيزتي، فلابُدّ ان يأتي يومًا ونشعر بالضعف.

لم يبد ان كلماته اثّرت بها لأنها اغمضت عينيها بشدّة بغية الهروب ولم يرد ان يُثقِل عليها لذا غادر بصمت واغلق الباب خلفه حينها فقط سمع صوت نحيبها المكتوم، وادرك ان هذه الفتاة ليست بخير، الأمرُ ليس مُتعلقًا بمرضها. كيف لفتاة بعُمرها ان تستطيع اخفاء نفسها تحت جدران عالية بتلك الطريقة المؤذية؟ ماذا واجهت بحياتها لتُصبح بهذه القسوة؟! بل كيف لم يفطن اهلها لإحتياجها للمساعدة من قِبل طبيب نفسي فبالعادة من بعمرها وبتصرفاتها تلك بالتأكيد سيحتاجون لمن يسمع اليهم ويخرجهم من تلك الهوّة.
غادر ليتفقد بقيّة الحالات المسؤول منها ينحيّ تفكيره بحالتها ليتحوّل سائر اهتمامه للحالة التاليه يسعى جاهدًا ان يمنح المساعدة لكل من يحتاجها.

بينما بالداخل كانت حور تعاني تشهقُ بدموعها المكتومة طويلا لا تريد ان تُثقل بها على كاهل والدتها التي تتظتهر بالتماسُك الّا انها تنهار ببُطء امام عينيها وهي غير قادرة على طمأنتها، لا يهمها كل ما تشعر به ولكن الأهم ان لا تحزن والدتها من جديد، يكفي ما فعله بها والدها.

تظاهرت بالنوم ودموعها على خدها هربًا من كُلّ شيء لتعيش حياتها السابقةُ كحُلُمٍ جميل، تحذف سنةً وبضعة أشهُرٍ من حياتها لترتق تلك الفترة بخيوط الألم، تعود لتُحبّ والدها كما كانت، تشعر بأبوّته نحوها كما الماضي، تغار من والدتها، تُحب أُختيها ..تبتسم من كل قلبها وتزهو بنفسها.

سالت دمعةٌ حارّة على وجنتها وعقلها يصوّر لها عوده شعرها، طويلا، كثيفًا يجعلها اكثر جمالا، هل من الغباء ان تحزن على فقد شعرها؟! هل ستبدوا تافهة اذا شعرت بأنها لا تستحقُّ الحياة لأنها اصبحت بشعة؟! هل يفطن احدٌ انها ليست اكبر من مُراهقة صغيرة ترغبُ بأن تستمتع بمباهج الحياة؟!

تلمّست فروة رأسها البيضاء الناعمة وازداد نحيبها وشعورها بالألم يتضاعف، يبدوا وكأن احدهم يسكبُ مياهًا مغليّةً على شرايينها، تحترقُ برويّةٍ ولا تجدُ من يُطفئ نيرانها، كم هي ظالمةٌ لنفسها! فها هي تختزلُ لحظات تعبها لتعيشها وحيدةً بينما تتظاهر بأنها بأفضل حالٍ امام الجميع، ترى ان ضعفها واجب الإخفاء ولا تدري بأنها ترتكب افدح اخطائها.
ظلّت تتلوّى وانّاتها الخافتة تترددُ في فضاء الغُرفة الواسعة الى ان حنّ عليها النوم ليغلفها بالقليل من الراحة فإنتهى بها الأمرُ متكوّرة على نفسها ووجهها غارِقٌ بالدموع. 

عندما استيقظت بعد فترةٍ لا تُدرِكُ مداها وجدت حلا امامها، وقبل ان تبادر بالسؤال عن البقية هتفت تحثّها بلهفة:
- استيقظتي اخيرًا يا كسولة، هيا انهضي بسُرعة لكي لا نتأخر.
تسائل بحيرة عن وجهتهما لتجيبها حلا وعلى وجهها ابتسامة مُشرقة افتقدتها طويلا:
- ألم تقولي انّكِ مللتِ من المشفى سنسير قليلًا جوار البحر، منذ وقتٍ طويلٍ لم نخرج بمشوار وحدنا.

ابتسمت للذكريات التي تبدوا لها بعيدة المدى لتقول بتردُد وهي تتلمّسُ منابت شعرها:
- لا اريد، لستُ بمزاجٍ للخروج.
- بلى سنخرج، وسأساعدكِ لترتدي ثوبكِ.
همست حلا نبرةٍ قاطعة وهي تخرج ثيابًا جديدة من كيسٍ كانت تحمله واقتربت منها لتقول بنبرتها الحُلوة:
- انظري، سترتدين ثوبًا مثلي، لم نفعلها منذُ مُدّةٍ طويلة.
الّا ان حور لم تنتبه لأيّ مما تقول وهي تصرخ بجنون
- حلا، اين شعرك؟!
ازدادت ابتسامة حلا غباءً وهي تجيب ببراءة:
- قصصته.

- هل جُننتي؟! كيف تفعلين ذلك؟
هتفت وهي تمسكُ بيدها بآخر لحظةٍ لا تريد ان تصفعها لتُجيب حلا ودموعها تنساب بألم:
- اردتُ ان أُخبرك انكِ لستِ وحدك، انا وانتِ دومًا سنكون سويًّا.
- ابصُقي هذا الحديث، انتِ لن تكونين مثلي، لن تُصابين بهذا المرض، إياكِ ان تُعيدي هذا الكلام.
ضمّتها بشدّةٍ وقلبها ينبضُ بالخوف من مُجرد التفكير بالأمر، ستكون حينها القاضية على والدتهما، الّا ان حلا لم تمنحها وقتًا للحزن عندما قالت برجاء:
- هيا حبيبتي، ارتدي هذا الثوب لكي لا نتأخر.
اومأت تتأملها من جديد وتنظر الى مظهرها اللطيف ولم تستطع ان تمنع نفسها عن قرص وجنتيها وهي تهمسُ ودموعها تأبى ان تجفّ:
- كيف اُفرّطُ بكِ يا أُختي الجميلة.

ابتسمت حلا من جديد وحثتّها على الذهاب لتسقُط حينها ابتسامتها المُصطنعة وتنتحب بألمٍ على حال أُختها، تشعُر بأن روحها تنشطر من الوجع، تحاول جاهدة ان تواسي توأمتها وهي بأمسّ الحاجة لتك المواساة، فحياتها قد تبدّلت تمامًا، بين يومٍ وليلةٍ افترقت عن قطعةً منها، تراقبها من بعيدٍ وهي تتألم غير قادرة على التخفيف عنها وما اكبره من وجعٍ ان تكون مرغمًا على رؤية جُزءٍ منك يذبُل دون ان تستطيع فعل شيء.

.
.

عندما خرجتا من المشفى كان مظهرهما ظريفًا للغاية، فثوبيهما باللون الأرجواني الى حدّ الركبتين متماثلان، وكلاهما تضعان قبعةً صوفيّةٍ بلونٍ مماثل والشبه بينهما يدعوا الناظر للإبتسام، قابلهما كمال قبل ان تغادرا وصافح حلا بحرارة بينما حدته حور بنظراتها الجليدية ليقول بنبرته التي لا تشي بأي مرح:
- تشبهان بعضكما كثيرًا.
- واحدة بحاجبين واخرى بدونهما.
قالت حور وهي تشير لحاجبيها المُختفيين الّا انّه زفر بحنقٍ واردف بغموض:
- اذن، هيا اذهبي الى مشواركِ ولنا حديثٌ بعد عودتكِ.

تأففت بضيق وهي تغادر برفقة اختها تتذمّر من هذا الكائن السمج الذي لا ينزل من بلعومها، لا تدري كيف تحملت وجوده طوال الأشهُر الفائتة، انه ابن العم جلال الذي باتت تربطها به علاقة خاصة عقب زياراته المُتكررة لها وبالرغم من حُبّها لوالده الّا انها لم تستطع تقبُّله ابدًا، يبدوا شابًّا مغرورًا للغاية، ومستفز بصورةٍ لا تُحتمل.
- انتِ بخير أليس كذلك؟!
تسائلت حلا وهي تسندها لتقول كاذبة:
- انا بأفضل حال حبيبتي.

كان حلا تريد ان تذهبان سيرًا على الأقدام الّا انها غيّرت رأيها وهي توقف عربة أُجرة لكي لا تتعب اختها من السير، وبعد دقائق قليلة كانتا تقفان امام احد المطاعم الشهيرة وحلا تسحبها هامسة بسعادة:
- هيا بنا.
عندما دلفتا كان المكان أُضيئ المكان لتصرخ صديقاتها بفرح:
- يوم ميلاد سعيد.

- يوم ميلاد سعيد يا حورياتي، عسى ان تعيشا اعواما مليئة بالفرح.
همست ليلى وهي تغمر ابنتيها بقبلات حانية قبل ان تبتعد عنهما وتتركهما برفقة صديقاتهما، تنظر الى حور من بعيد فتلتقي نظراتهما لتبتسم لها بإختناق، قبل ان تنسحب لأحد الطاولات البعيدة، تمسح دموعها خفيةً وتحاول ان تبتسم من جديد ولكنها تفشل، كما تفشلُ في كل ليلةٍ قضتها عقب مرض ابنتها وهي تبكِ بحسرةٍ على صغيرتها التي لم تعِش حياتها كما يجب.

كان بحر يراقبها بحزن يشاركها ذات الخوف الذي لن يشعُر به احدٌ مثلهُما، ينظر لأخته الوحيدة تلتفُّ بخيوط اليأس من جديد بعد ان حاربت طويلًا ذلك الحُزن، يدري انها مُدمّرة للغاية ولا ترغب بأن تُظهر ذلك لأحد، ليلى العنيدة ترفض حتى ان يواسيها بمُصيبتها ويعلم جيدًا انها ستتعب للغاية من تبعات هذا الكتمان.
كاد ان يقترب منها الّا انه لمح آدم يتجه نحوها فتراجع بصمت، وعلاقتهما المُتهالكة لا تروقه ابدًا الّا انه لا يريد ان يُثقل عليها الآن.

اجفلت ليلى ويد آدم تمتدّ لتربّت على ظهرها لتبتعد بحركةٍ واضحة وتطالعه بعينان مُكتحلتان بالهمّ ليهمس بنبرةٍ مُختنقة:
- اريدكِ اليوم يا ليلى، يجب ان نتحدّث طويلا، يجب ان نضع النقاط على الحروف، يكفي الى هذا الحدّ.
نظرت اليه وهمست بخفوت:
- سنتحدث يا آدم، سنتحدّث اليوم لآخر مرّة.
اتسعت عيناه بتساؤل الّا انها اكتفت بأن عادت تقول بصوتٍ ميّت:
- سأذهب لتفقُّد الفتيات.
وغادرت بالفعل تاركةً اياه يهمس بألم:
- لن يكون ما ببالي صحيحًا.. لن يكون.

.
.

- حبيبتي، انظري كم هي سعيدة لا تُفسدي بهجتها.
همس عزيز وهو يسحب فلك للخارج عندما شعر بأنها ستنفجر باكيةً وبالفعل ما ان ابتعدا اخذت تبكي بحزن ليضمها هامسًا بمزاح:
- هذي الدموع تقتلني يا فلك، لا تبكِ ارجوكِ يا عزيزتي، حور تلك المشاكسة كالقطط بسبعة ارواح لا تقلقي عليها صدقيني ستدفننا جميعًا ولن تموت.
- لا تقُل عنها كالقطط.
تذمّرت من بين دموعها ليُضيف مُبتسمًا بحنان:
- حسنًا ليست قطّة انها فأرة صغيرة.

نظرت اليه بيأسٍ وقد ضحكت بالفعل لتقول بتوبيخ:
- توقف عن المزاح يا عزيز، واتركني احزن كما يجب.
جذبها نحوه مُحيطًا خصرها بذراعيه ليجيبها بقُبلةٍ طويلةٍ اودع فيها كل مخاوفه ليقول بعشق:
- لن اسمح لكِ بأن تحزني ابدًا.
- عزيز، انا آسفة.
قالتها وهي تريحُ خدها على قلبه وتضيف بحُزن:
- منذ اصابة حور وانا في دوّامةٍ من الكآبة، لم استطع ان امنحك السعادة التي تستحقها، وحتى زفافنا تم تأجيله...

قاطعها هامسًا بصِدق:
- انا من يتوجب عليه الإعتذار، لقد تمنيت ان ابقى معكِ بكُل لحظةٍ تحتاجينني فيها.
نظر نحو عيناها المُحمرّة ليُضيف:
- لقد تمنيت ان نُتمم زواجنا لأكون بجواركِ الى الأبد الّا انني عُدتُ لأُفكر بأن والدتكِ بحاجةً اليكِ، عليكِ التخفيف عنها والبقاء بجانبها.
اومأت بهدوءٍ وهي تستلمُ لعناقه الدافئ تستمدُّ منه قوّةً لم تدرك انها تمتلكها سوى بتلك الفترة، فقد اثبت لها انه نِعم السند، ظلّ بجانبها بأكثر وقتٍ احتاجته فيه ليخفف عنها ويؤازرها بحُب، ولم يعُد حينها بطلها فحسب بل حبيبها وزوجها الذي تعشقهُ الى الأبد.

.
.

- يوم ميلاد سعيد يا طويلة اللسان "كمال"
عندما عادت الى المشفى وجدت تلك العبارة مكتوبةً على الدفتر المُغلّف بأكياس الهدايا الذي وُضِع على فراشها، نظرت الى العبارة بغيظ وكادت ان تمزق اوراق الدفتر الّا انها تراجعت في اللحظة الأخيرة لتضعه على الطاولة وتخلُد الى النوم، لا تدري ما اهمية ان تبقى بالمشفى بالرغم من ان حالتها في تحسُّن الّا انها لا تدري ان الطبيب هو من اصرّ على ملاحظة حالتها التي بدأت بالإنتكاس من جديد بعد ان ظنّ انها قد تماثلت للشفاء.

جائت المُمرضة لتحقنها ببعض الأدوية التي باتت ملازمة لها لتستلقي بإرهاق، تتذكّرُ وجه والدتها الباكي وهي تترجاها لكي تأتي معها للمشفى الّا انها رفضت بشدّة، لم تعُد راغبة بأن تُسبب الألم لمن حولها، فنظرات اخواتها ووالديها لا تجلب لها سوى الحُزن وهي في امسّ الحاجة للتخلُّص منه، يجب ان تحارب هذا المرض وحدها كما يخبرها كمال دائمًا، فقرار الشفاء هي من ستتخذه وعلى هذا الأساس ستحيا بالفترة القادمة فما قدمته لها عائلتها بالفترة الماضية كافٍ للغاية وأتي الحين دورها لتُثبت لهُم انها تستطيع التعافي.

نظرت الى الدفتر من جديد ومدّت يدها الموصلة بالمحاليل لتلتقطه، امسكت بالقلم الأزرق وبدأت تكتب بإستفاضة.
- دفتري العزيز، إنها اوّل مرّة انساق نحو افكاري العاطفيّة وأُقرر كتابة مذكّراتي، ساكتب عني قليلًا، اسمي حور ويعجبني اسمي للغاية لأنه يتلائم وبطريقةٍ ما مع رسمة عيناي، لا اعلم ماذا اقصد بهذا الحديث ولكنني ابدوا كالحوريات اللاتي اشاهدهنّ بأفلام الكرتون، عقلي يعمل اكثر من اللازم وهذا ما يشعرني بالتعب، لم أعُد ارغب بأن اكبر كما تمنيتُ سابقًا فالكِبار يواجهون مشاكل عديدة، فقط اريد ان اعود لطور الطفولة وتحديدًا لعُمر الخمسة اعوام، لانني لازلتُ اذكُر كيف كانت حياتنا رائعة.. انا وحلا توأمتي الجميلة.

انا مريضة بحُبّ والداي، أُحبُّهما بصورةٍ تشعرني بأنني غريبة الأطوار، انا اعشقُ ليلى للغاية واتمنى ان ابقى بين ذراعيها للأبد، ولكنني اعود وأُفكّر بأنني صرتُ فتاةً كبيرة ويجب ان اتخلّص من هذا التعلُّق ولكنني لا استطيع، أُحبّ ابي آدم ولكنني اكره تصرفاته، اكره إيلامه لأُمّي، اكره تحوّلي لأُخرى بغيضةً عندما يتعلّقُ الأمرُ بهما.

وايضًا انا وحيدة، بالرغم من وجود الكثير من حولي الّا ان قلبي ليس بخير، لم أعُد ارغب بأن اثق بأي احدٍ لكي لا يؤلمني كما فعل ابي، كل ما اتمنّاه هو ان ينفصِلا ليكون كلاهُما بخير وليس مُهمًا ان احزن انا ام لا.
مسحت دموعها وعادت تكتب من جديد:
- انا لا اواجه السرطان، انا اواجه عقلي وافكاري المُتعِبة، وسأتخلّص منها، ساقضي عليها وسأكون بخير، انا مُتأكدةً من ذلك.. وحينها ساقرأ هذا الكلام وابتسم واقول: "لقد فعلتِها، ونجوتِ يا حور... "
   

.
.

- انتِ طالق! طالق!  يا ليلى.
عبارةً باهتة مرّت بدقّة كرصاصة قناص لتصيب قلبها مُباشرةً.
لقد طلّقها.. حُرّمت عليه الى الأبد، وقُطع آخر حبلٍ يربطهما.
تكوّنت دمعةً ثقيلةً على عينيها، لتتذكر كُلّ شيء، كيف كانت حياتها برفقته، منذُ ان عرفت معنى الحياة، كانت ليلى آدم وآدم لليلى، ربطتهما قرابة الدم والنسب وانتهى بهما الأمر بزواجٍ اسطوري ليغدوا زوجها وابنها وكل ما تملك، لقد ظنّت انها بمأمنٍ عن كُلّ ما يُحزن قلبها.

لم تشُكّ به ولو للحظة لتتفاجأ به يخبرها بأنه سيتزوّج، آه  من ألم تلك اللحظة، وكأن احدهم شقّ قلبها بسيفٍ مسنون ليقتلع قلبها، كيف له ان يتزوج؟ ولماذا فعلها؟! هل قصرت للحظةٍ بحقوقه؟ هل اهملته؟ هل وجد من هي اجمل منها؟ لا.. لا.. لا لم يكُن ايّ من اجاباتها بنعم، وبالرغم من ذلك داست على روحها المجروحة وظلّت تحت رحمته، كان حينها قلبها الخائن ينبضُ له وحده، تحمّلت لأجل ذلك القلب المريض رائحة امرأةٍ أُخرى.

كانت تختنق بكُل ليلةٍ يقربها فيها، تشعُر بالإمتهان وهي تتخيل انها ليست سوى امرأةً ثانية يقتربُ منها عندما يشعر بالملل و كم كان هذا الشعور يقتُلها، وبالرغم من ذلك لم تتحدث، لم تُفصح عن رغباتها التي دُفنت منذُ وقتٍ طويلٍ ليُفاجأها بخبر حمل غيد باسوأ طريقةٍ بالدُنيا، يومها شعرت بأنه قدّمها لمقصلة الموت بيديه، ولكن عندما امتدّت يده لتصفعها وتعريها ادركت حينها انها لم تعُد تريده في حياتها، وما تلا ذلك ليس سوى غرغرة الموت.. وها هي الآن تتلقى العزاء لموت قلبها الغبيّ الذي ظنّ ان بيوت الرمال ستتصمد امام الموج العاتي...

.
.

بذات الوقت كان بحر يلتقي بصديقه الذي كلفه مسبقًا لجلب بعض المعلومات عن ميرال ليصدمه بحقيقةٍ لم يتوقعها... والدة ميرال على قيد الحياة، ويجب ان يلتقي بها...

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
فصل جديد اتمنى ان ينال اعجابكم.
تم الطلاق اخيرا ولكن بالفصل القادم سنرى ردود افعال الجميع على الأمر.

اريد رأيكم بصراحة، هل تشعرون بأن الطلاق هو الحل الوحيد لليلى وآدم؟!

بالفصل القادم سترتفع الأحداث الى منحى سريع خاصة واننا سنتعرف على والدة ميرال.

مع حبي  ❤❤❤

فايا 
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي