الفصل الخامس والعشرون

بقي باريس ينظر اليها بهدوء ، حتى أنه كان من الصعب عليها ان تسترجع الحوادث

التي مرت بها خلال تلك الدقائق القليلة الفائتة التي مرت بها كالحلم الرهيب.
عيناه كانتا صافيتان ، وكأن بريق الشر لم يمر بهما على الإطلاق ، والصورة التي تراها

الآن ، هي وجه باريس الذي عرفته في يوم من الأيام... لطيفا رقيقا ، لا أثر لخطوط
الهم والقلق قي وجهه ، وإستعادت في مخيلتها الحنان الذي كان يطل من عينيه،

والرقة التي كانت تذوب فيها كلماته ، وتساءلت ، ترى كيف يمكن أن تكون حاله
الآن لو انها تزوجت منه في ذاك الحين؟ هل كان سيبقى ذاك الرجل الجميل الوسيم ،

ذا الإبتسامة الجذابة والطباع الرقيقة اللطيفة ، تلك الصفات التي يمتلكها الرجال
اليونانيون ؟
نظرت اليه ودهشت من الهدوء الذي سرى بطيئا بين جوانحها، ليحل محل الرعب

السابق.
لم يكن لديها شك في أن قوة زوجها متعددة الجوانب تماما مثل طباعه ،حتى أنه عندما

تكلم ، شعرت أن قلبها قد عاد الى ضرباته العادية.
" لم أقصد أن يصيبك الخوف بهذا الشكل ساندرا"
قالها ثم تنهد تنهيدة حارة حزينة " أنت لا تفهمين شيء "

ثم أكمل كلامه في اتجاه آخر قائلاً :


" لقد قلت انك لا تبالين برأيي فيك ، ساندرا ، وأنا أجد هذا غريبا ، فمعظم الناس

يهمهم رأي الآخرين! ."
تعجبت ساندرا أنه لا يزال يتذكر هذه الجملة وهذا الموقف ووجدت أنه موقف تستطيع فيه رد الاستفزاز وكل الذي حدث معها اليوم فقالت ببرود
" ولكن رأيك أنت بالذات لا يهمني
، طالما انك تحتقرني كما قلت وقتها"
بقي محتفظا بإتزانه ، وقال: " ألا ترغبين في أن تنالي إحترامي؟."
ضحكت ساندرا بسخرية ألمتها هي شخصيًا ثم قالت :
" احترامك ؟ عندما لا يكون هناك حب ، يمكن ايضا الا يكون هناك إحترام ، فأنا لن أحترمك

أبدا ، ولا أعتقد أنك ستفعل ، ولا أي منا يبالي برأي الآخر ، ولا شك أنك مقتنع
بهذا ."
لمع بريق التحدي في عينييه ثم قال
" أنت متغطرسة جدا ، وانا لا أعهدك كذلك ، فانا أذكرك كما كنت هادئه متواضعة و كان

لجمالك عمق ، كنت اتمنى أن اصل اليه ."...
كان صوته اشبه بالهمس ، وكأنه رحل بعيدا في خياله ، وبدا لساندرا أن السبب الذي

تزوج منها لأجله قد تسلل من ذاكرته ومضى ، ولم يعد في ذهنه محل للإنتقام.
وبعد لحظات من الشرود عاد باريس يقول:
في ذلك الحين كنت أريد أن أصل الى أعماق جمالك النفسي ، وأنا اعلم أن ال طريق

أمامي طويلة."
نظر اليها وقد عادت السخرية الى شفتيه:
أين ذلك الجمال الان يا ساندرا؟ ."
وعلى الرغم من تلك السخرية التي تقطر من كلامه احنت راسها لقد كانت تشعر أنها كالطفل أمامه ، وتعجبت لهذا التغيير الذي

طرأ عليه ، مع أن شيئا من الغموض بقي يكتنفه ، مما جعلها تسأل:
" أنت حتى لا تراني جميلة إذا لماذا تزوجتني؟ ما السبب غير الانتقام الذي تتغنى به باريس ؟." وما أن ألقت هذه الكلمات حتى ندمت على ذلك ، فقد توارى وجهه على الفور

خلف قناع بارد غامض ، وشاقت عيناه بصورة غريبة ، ثم قال:
" ما الذي جعلك تسألينني مثل هذا السؤال؟."
ولدهشتها كانت نغمة صوته تختلف عن الملامح التي رأتها في وجهه، فقد كانت تلك
النغمة رقيقة ناعمة ممزوجة بشيء من المزاح ، عجيب كم ه متقلب هذا الرجل!




وسمعته يتابع:
" أعتقد انني أخبرتك السبب ، هل اصبحت تشكين بكلامي؟ ." إحمر وجهها عند هذا السؤال المفاجىء الذي لم تتوقعه ولم تعرف لماذا لكنها، بصعوبة كانت تحاول أن تخرج

الكلمات من بين شفتيها هادئه ولطيفة خشية أن يعود لسابق قسوته ، ولكنها مع ذلك قالت
اخيرا:
" لقد قلت أنك تزوجتني من أجل الإنتقام ."
" هذه هي الحقيقة ."
اعتدلت في جلستها أمامه ونظرت في عينيه لتتبين عمقها لعلها تأتيها الاجابة من داخلها ثم سألته :
" ما هي الحقيقة يا ساندرا؟.
أحس بسؤالها قلب شفتيه وهو ينظر اليها حاول أن يهرب لكنها، لمحت و رأت فيه الرجل الذي تعرفه، بمظهره وقلبه الجميل

الرجل الذي كان سعيدا يفيض حيوية ، ولكنه تغير وذاب مع الزمن.
سرت عاطفة غريبة في صدرها ولكنها لم تدم طويلا ، نظرت إليه وأصغت الى باريس الذي كان يقول
بشيء من الفكاهة:
" أخبريني أنت يا ساندرا أي سبب آخر يمكن أن يكون لدي يدفعني الى الزواج منك؟ "
" أنت تعني أي سبب آخر غير الإنتقام؟ ."
رأت وكأن لون عينيه قد تغير ، وصار أكثر سوادا ، كانت ساندرا تراقبه حائرة،
ولاحظت ان كلمة إنتقام تعيد اليه ذكريات العذاب الذي عاناه خلال السنين الماضية
، ذلك العذاب الذي إلتهمه ، وشوه وجهه بخطوط عميقة من الشر تلك الأحداث التي قرر معاقبتها عليها، سحبت نفس وحاولت أن تكون هادئه أكثر وقالت :
" نعم إنني أعني ذلك ."
إنكمشت ساندرا على نفسها وتراجعت الى الخلف عندما رأت تلك النظرة في عينيه
فضل الصمت وفضلت هي تحديه برغم خوفها ثم قالت :
" لا أظن أن لديك سببا آخر ."
تأوه باريس وظهر كأنه ابتلع كلامًا كاد ان يقوله وغيره إلى شيء أخر قائلا :

" أنت على حق ، نعم تزوجتك من اجل الإنتقام ، ولا تخطر ببالك أية فكرة أخرى

مطلقا ، هل تسمعينني؟ ."
انكمشت أكثر في فراشها ورددت بصوت منخفض :
" نعم بالتأكيد ، إنني اسمعك."
" أظنك بخير الآن "
قالها وقام من جوارها وغادر الغرفة بأكملها كعادته التي صارت تحفظها عن ظهر قلب
عادت ووضعت رأسها على المخدة الخاصة بها تدثرت بالغطاء جيدا، كان جسدها يرتعش بالرغم من الجو الرائع الذي يخص اليونان، لكن ليس الجو هو ما سبب لها هذه الرعشة، كلماته وتصميمه على الانتقام، غبية !
ماذا كانت تظن ؟ هل توقعت أن تسمعه يقول سبب آخر ؟ يحبها مثلا ؟
على الرغم من اقتناعها الكامل بأن الانتقام ليس هو سبب الزواج وحده وأنه يرفض الحقيقة لكنه كان من الغباء أن تظنه سيعترف بغير ذلك
إنها غلطتها ، غلطتها وحدها فهي التي رفضت الحب يوم قدم اليها ، وها هي

تشتاق الى الحب وتندم على ما فات !
وبالرغم من ذلك الاعتراف اخذت ساندرا تتساءل بينها وبين نفسها ، الى متى يمكنها أن تتحمل هذه الحياة؟

تذكرت ما عانته في زواجها الأول مع أليكس الحقير وها هو العذاب يتكرر مرة أخرى، ولكن بشكل أكبر، لم يتوقف عن كونه عذاب فقط فزواجها من
باريس هو الجحيم بعينه ، ظلام دامس لا سبيل للنور اليه ولا وسيلة للخروج منه.
حتى أنها لا تشعر أن القدر سينقذها منه مثل ما حدث من قبل
غريبة هي أطوار هذا الرجل التي جعلت ساندرا تعيش في دوامة ، حائرة في أمره وأمرها

، لا تكاد تتأكد أن الإنتقام هو السبب في زواجه منها ، حتى تشك في ذلك ، ثم تعود

وتتأكد ، وتشكك وهكذا ، ولكنها في قرارة نفسها كانت تحس أن هناك سببا
أعمق ...
غاصت ساندرا أكثر في الفراش وأغمضت عينيها، تحاول أن تهدىء من نفسها ، فتخفف من شدة خفقان

قلبها ، ثم هزت رأسها تكتنفها الحيرة ، وتساءلت لماذا تناقش زوجها في الحقائق التي

يطرحها ؟ فليس من عادته أن يقول شيئا وهو يعني غيره.... ومع ذلك ....
اخذت ساندرا تقلب صفحات حياتهما معا ، ووجدت نفسها تواجه بداية الحقيقة التي لم
تكتشفها بعد.
فالحقيقة أن ما يحدث مخيف جدا ولكنه لم يترك جروحا عميقة في نفسها ، لسانه حاد

وقاس ، ولكنهما في كثير من الأحيان كانا يتحادثان بلطف ، ويكون عند ذلك هادئا

ونغمات صوته عميقة جذابة، فالحياة إذن لم تكن كلها جحيما ، وعندما إسترجعت

الأسابيع القليلة الماضية، لم تتمكن أن تتجاوز هذه الفكرة التي ساورتها ...
بعلاقة أكثر توافقا بينهما، بعد كل تلك السنين ظهر لها أن باريس كان معه حق
لو كانا تزوجا لكانت علاقتهما رومانسية رائعة وكان التفاهم سيكون أساس حياتهما، وذلك التخيل زاد من مشاعر الإشفاق التي لا زالت قوية في صدرها مع أنها تخفيها،

تخفيها لأنها لا تستطيع ان تنسى في لحظة من اللحظات انها ارغمت على هذا الزواج،

ولا يمكنها ان تسامحه على ذلك، حتى تستطيع أن تكون طبيعية معه ، ولكن من

يدري ؟ ربما مع الأيام ...
رأت نفسها غافية بجواره فتحركت ببطء محاولة ألا يشعر بها ويستيقظ، سرى الدم بطيئا في

عروقها وإعترتها رعشة باردة ، هبت واقفة والرغبة في الرحيل مرة أخرى بلغت حدا لا يقاوم ،

حتى أن مشيتها كانت أقرب الى الجري ، خرجت من الغرفة مسرعة
رأت السلالم أمامها مهتزة وإزدادت دقات قلبها ثانية وهي تسرع عليها وتخرج من باب المنزل لتجري وتترك مسافة بعيدة بينها وبين زوجها الذي تخشاه.
جرت حتى وصلت إلى ممر غريب كان ضيقا ترابيا شديد الإنحدار ، يؤدي الى طريق اعرض منه تمتد لتصل الى
الساحل البعيد في نهاية الجزيرة حيث تمتد سلاسل من الجبال وشاطىء صخري

مهجور.
ولما وصلت ساندرا الى هذه الطريق تريثت قليلا واخذت نفسا عميقا ، ثم تابعت المسير

من غير هدف سوى أن تهرب من باريس حتى وإن كانت تبغي الوصول الى آخر الجزيرة ، وقفت تلهث وتفكر عليها أولا ان تمر بالقصر

الرائع الذي لفت نظرها سابقا وسألت عنه باريس وأخبرها بقصة ساكنيه واستهزأ بها وقتها، كان القصر بالفعل غريب عن ما رأته من قبل والذي يقوم على حافة صخرية شاهقة ، يبدو كأنه

يتحفز للوثوب الى المياه العميقة الزرقاء التي تمتد في الأسفل .
سارت ساندرا وسارت حتى أدركها شيء من التعب ، فجلست على حافة الطريق

تستريح ، وتنظر الى الصخور التي تتداخل في البحر الساكن القاتم وقد حجبت بعض

الغيوم العابرة أشعة الشمس عنه .
رات هناك يختا يتأرجح على صفحة الماء ، وأحست أنه يخص اولئك الذين يسكنون

في القصر ، وإتجهت بأفكارها الى الفتاة الإنجليزية التي تعيش هناك، متسائلة عن

حياتها وكيف يمكن أن تكون؟ علما انك باريس قال أنها سعيدة ، فهي وزوجها
متحابان .
وعادت دموع ساندرا تنزل على خديها بغزارة ، إنها تندب سوء حظها ، فلماذا لا تكون هي سعيدة أيضا؟ مر في خاطرها هذا السؤال وأكثر من سؤال ، تركت لأحزانها

العنان ، لتبكي ما شاء لها البكاء، فليس لها من تشكو اليه ليواسيها ويخفف عنها ....
حتى في هذه اللحظات لم تنس نفسها وأن البكاء يجب ألا يسرق شيئا من جمالها ،

فمسحت دموعها متلفتة بالرغم من أنها تعرف ان لا أحد حولها ، وإطمأنت فلا يمكن

ان يراها احد في هذه الحال ، على هذا الشاطىء الصخري المهجور.

تحركت في اتجاه القصر وهي تفكر يا ترى كم من السنوات قد أخذ بناءه ؟ وكم من السنين وصاحبته تعيش في هذا القصر

الجميل ، الذي بني على أروع وجه من غير حساب للتكاليف؟
وصلت إلى القمة التي يقع عليها القصر، كانت مترددة ماذا تخبرهم ؟ وكيف

تعرف به على نفسها ،ولما لم تجد وسيلة ، وقفت بجانب الباب الحديدي المزخرف

الواسع ،ونظرت من خلاله الى ذلك المكان الساحر.
اشجار كثيفة ضخمة تحجب الرياح الشديدة التي قد تأتي من البحر، مروج مخملية

خضراء تحجب تمتد بشجيرات غريبة الشكل ، وحدائق فسيحة من الورود ، بينما

تلمع في البعيد مياه زبرجدية اللون في مسبح واسع ، تماثيل من الرخام هنا وهناك

لفتيات يونانيات من عصور سابقة ، نافورة عالية أقيمت على نقطة مناسبة بحيث ترى

من نوافذ القصر.
أية عظمة تبدو في هذا المكان المنعزل ، فمن جهة ترتفع الجبال وقد إمتزجت بلون

سماء اليونان الأزرق الصافي والى الأخرى يمتد البحر الى مسافات بعيدة لا نهاية لها ،

تزخرف سطحه الجزر الصغيرة ،بعضها صخري قاحل ، والبعض مزين بسلسلة من

الألوان الخضراء.
جزيرة اكبر بكثير من غيرها تستلقي قريبا من شاطىء تركيا، يفصلها عن

كاليمووس مضيق ضيق ، وتضيق المسافة بينهما أكثر في بعض النقاط حتى أنه يمكن

للمرء ان يقطعه سباحة ، وعلى سفوح التلال تبدو البيوت البيضاء لامعة تحت أشعة

الشمس التي تخترق الغيوم البيضاء المتناثرة وقفت تراقب المنظر الساحر الذي أمامها، ازدادت نبضات قلبها وانهمرت دموعها بشكل غريب، أحست بخوف مرعب وكأن هناك موسيقى رعب تعمل في خلفية عقلها!

وبالرغم من ذلك تقدمت نحو البوابة الحديدية ودفعتها لتصدر صرير مخيف في نفسها
دخلت إلى القصر لتجد نفسها في صحن فسيح يستقبلها تمثال وقفت ساندرا وقرأت
" هيلانة! ."
تمتمت ساندرا وهي تقرأ الإسم المحفور على قطعة خشب صغيرة ، مثبتة على جذع

شجرة الى جانب البوابة.
لم تكن هناك معالم للحياة حولها!
تقدمت أكثر و
فجأة ألقت ساندرا نظرة دهشة وعجب ، وكأنها لا تصدق ما ترى ، فقد إنتصب امامها

تمثال برونزي من تماثيل الأساطير القديمة يتوهج تحت أشعة الشمس ، كان تمثالا

لأمرأة تحمل قيثارة ، اقيم على قاعدة صخرية ، كانت المرأة كئيبة حزينة ، ولكنها

ساحرة خلابة ، واستغربت ساندرا من الإنسان هذا الذي يصنع مثل هذا التمثال ، غاية في

الإتقان والجمال ، ثم يضعه في هذا المكان المهجور بعيدا عن أعين الناس!
وفي اللحظة المقبلة عرفت ساندرا لماذا تم وضع هذا التمثال بعيدا عن أعين الناس
لانه يتحرك !!
تحرك التمثال الغريب وجاء نحوها !
جرت و صرخت ساندرا وأفاقت لترى نفسها في غرفتها وفراشها وبجوارها باريس الذي يحاصرها بنظرات لهفة !
أغمضت عينيها وفتحتها عدة مرات
لقد كان كابوس سيء، أمسك بها باريس : ما بك ؟ ماذا رأيتي لتصرخي هكذا عزيزتي
ابتلعت ساندرا ريقها ولم تشعر نفسها إلا وهي في احضان باريس باكيه وهو يحاول تهدئتها وهدهدتها كإبنته وليست زوجته!
لم تركز في الموقف كثيرا بل تشبثت أكثر بأحضنه والذي كان رقيقها وجميلا على غير ما تخيلت أو جربت من قبل!
بدأ صوتها ينخفض وانتشر الهدوء حولها فهدأت دموعها وضربات قلبها السريعة وبدأت عينيها تغفو وتأمرها بالعودة إلى النوم من جديد
فعقلها لم يستوعب الكابوس الذي رأته ولا الحقيقة التي فيها الآن!
أحست بباريس يعود بها إلى الخلف عندما احنى رأسه ورأى عينيها مغلقة
عاد بها وحافظ عليها في حضنه حتى غفت وغفى معها واستسلموا للنوم مرة أخرى !


استيقظت ساندرا ولكن هذه المرة كانت هادئه جدًا، استغرق عقلها ثواني معدودة حتى استوعب ما حدث لها في منتصف الليل، لازال دفئ ذراعيه يحاوطها، فتحت عينيها وتعجبت لعدم وجوده بجوارها، كيف تشعر بكل هذا الدفء إذا ؟
ابتسمت لنفسها عندما تذكرت نظراته ولهفته وخوفه عليها، اخيرًا رأت جزء من باريس تمنت كثيرًا لو تراه، كانت تعلم بوجوده لكنه يفعل المستحيل حتى لا تكتشفه، يريد عذابها بالرغم من كل ذلك الحنان الذي بداخله !
مهما حدث ستحاول ألا تنسى أنه في هذه الحالة السيئة نحى كل شيئًا جانبا واختار أمنها وسلامتها أولاً
جلست في الفراش سمعت طرقات على باب الغرفة وكانت أولجا
التي أخيرًا عادت من أجازتها المرضية، سمحت لها ساندرا بالدخول واستقبلتها بإبتسامة مشرقة قائلة : حمد لله على سلامتك أولجا، هل تصدقين ؟ لقد اشتقت إليك
تهللت أسارير أولجا ودمعت عينيها : سيدتي ؟ وأنا ايضا جدا، هذه أول مرة أرى سيدة تعبر عن اشتياقها لخادمتها هكذا بمنتهى السهولة، حقًا أنا أحبك كثيرا
نظرت ساندرا لها بعتاب ثم قالت : أولجا قلت لك لا أحب لفظ خادمة
قاطعته أولجا قائلة : نعم نعم مساعدتك أليس كذلك ؟
هزت ساندرا رأسها واكتفت بإبتسامة لها ثم قالت : تعافيتي ؟ ما اخبار صحتك الآن
نعم أنا افضل الآن، سيد باريس أخبرني أن اصعد لك إنه ينتظرك على الفطور
تفاجأت ساندرا : باريس ؟ هل لا يزال هنا ؟ الوقت تأخر عن العمل
نعم لقد استيقظ متأخرا اليوم
ثم ذيلت حديثها بضحكة فهمتها ساندرا ولكنها تجاهلتها قائلة : حسنا أخبريه أني سأنزل على الفور
اخذت اولجا الكلام وخرجت من الغرفة، قررت ساندرا مكافأه باريس بأنها لن تتأخر عليه وتستفزه مثل كل مرة، قامت مسرعة من فراشها غسلت وجهها وارتدت فستان رقيق لونه أصفر في تموجات وورد بيضاء جعلها أكثر حيوية وجمالاً وهذا ما تأكدت منه عندما رأته في عين باريس، تلك اللمعة التي يخفيها كلما ظهرت في عينيه، ولكنها كانت تراها فيه بالرغم من هذا
جلست بجواره وبإبتسامة رائعة قالت : صباح الخير
ابتسم باريس ثم قال : يبدو أن مزاجك رائق اليوم
تنهدت ساندرا ثم قالت : الفضل يعود لك شكرا باريس
اومأ برأسه وفضل الصمت وتجاهل ما قالت، لم يكن لديه رد، مشاعره مختطله لا يعرف ماذا يقول لها، هو نفسه لا يعرف كيف فعل هذا وكان رد فعله بعكس الطبيعي
تجاهل كل ذلك وسألها : بماذا كنتي تحلمين ؟
تغيرت ملامح وجهها ولكنها اجابته : كان كابوسً مريعًا
احكي لي أنا منصتًا
لمعت عينيها بحماسة مفاجأه، كانت هي دائمًا تحب أن تحكي ويسمعها أحد يحبها ويهتم لها، وهذه أول مرة يقولها باريس، فقررت استغلال الفرصة وقصت عليه الكابوس كله
استمع للنهاية ثم سألها بتعجب : في جولتك الأخيرة عندما سألتيني على القصر ومن فيه هل دخلتيه ؟
هزت ساندرا رأسها نفيا : لا رأيته من بعيد فقط لكن لماذا تسأل ؟
وصفك للمكان وما حوله صحيح إلى درجة كبيرة وكأنك كنتي هناك
تفاجأت ساندرا وشهقت قائلة : حقا ؟ أنا لدي بعض الاحلام التي تتحقق ولكن على فترات متباعدة
هز باريس رأسه واكتفى بالصمت يفكر في كابوسها ووصفها، وراح عقلها لتفسيرات عديدة
أما هي فقد جاء لها فكرة ارادت أن تخبره بها لكنها تخاف أن ينقلب حاله الهادئ اللطيف معها الآن ويعود كما كان، تخاف أن تستفزه، ولكن الفكرة تلح عليها
رفع عينيه من طبقه ثم نظر إليها مباشرة في عينيها وسألها : ماذا تريدين أن تقولي ساندرا ؟
تفاجأت ساندرا وسألته بسرعة : كيف عرفت أن لدي ما أقوله ؟
عندما تريدين شيئًا يظهر توترك على جسدك كله حتى إنه طاقتك كلها تنتقل لي وأشعر بها
ابتسمت ساندرا وتشجعت قائلة : هذا مجرد طلب منك إذا اردت تلبيته سأكون شاكرة لك وإذا لم..
قاطعها باريس بصبر قد فرغ قائلاً : بلا مقدمات ساندرا، قولي ما عندك بلا مقدمات
أحست بالإحراج والتوتر ولكنها اجابته بسرعة حتى تروي فضوله الواضح عليه قائلة : أريد زيارة ذلك القصر هل يمكن ذلك ؟
لماذا ؟
تنهدت ساندرا ثم قالت :
سيبقى كابوسًا لمدة طويلة إذا لم أكتشف حقيقته هذا ما يحدث لي عندما أحلم بشيء غريب عني
صمت قليلاً وحاصرته هي بنظرات الرجاء رفع رأسه وقال لها : لك ما طلبت
تهللت كالطلفة وسألته : حقا ؟
سأخبر أصحاب القصر أولا، هيا أكملي طعامك وكفي عن الحديث
هذه المرة لم تمتعض ولم تعند معه فقط استجابت لأوامره وصمتت وتناولت طعامها كله لأول مرة منذ قدومها إلى هنا
هناك شيئًا غريبا فيه ولكنه جميلا وستستمع به حتى آخر نفس
حتى يعود وينقلب عليها كالعادة
آه كم تتمنى ألا يحدث ذلك ويبقى معها لطيفًا وهادئًا هكذا !
احكي لي أنا منصتًا
لمعت عينيها بحماسة مفاجأه، كانت هي دائمًا تحب أن تحكي ويسمعها أحد يحبها ويهتم لها، وهذه أول مرة يقولها باريس، فقررت استغلال الفرصة وقصت عليه الكابوس كله
استمع للنهاية ثم سألها بتعجب : في جولتك الأخيرة عندما سألتيني على القصر ومن فيه هل دخلتيه ؟
هزت ساندرا رأسها نفيا : لا رأيته من بعيد فقط لكن لماذا تسأل ؟
وصفك للمكان وما حوله صحيح إلى درجة كبيرة وكأنك كنتي هناك
تفاجأت ساندرا وشهقت قائلة : حقا ؟ أنا لدي بعض الاحلام التي تتحقق ولكن على فترات متباعدة
هز باريس رأسه واكتفى بالصمت يفكر في كابوسها ووصفها، وراح عقلها لتفسيرات عديدة
أما هي فقد جاء لها فكرة ارادت أن تخبره بها لكنها تخاف أن ينقلب حاله الهادئ اللطيف معها الآن ويعود كما كان، تخاف أن تستفزه، ولكن الفكرة تلح عليها
رفع عينيه من طبقه ثم نظر إليها مباشرة في عينيها وسألها : ماذا تريدين أن تقولي ساندرا ؟
تفاجأت ساندرا وسألته بسرعة : كيف عرفت أن لدي ما أقوله ؟
عندما تريدين شيئًا يظهر توترك على جسدك كله حتى إنه طاقتك كلها تنتقل لي وأشعر بها
ابتسمت ساندرا وتشجعت قائلة : هذا مجرد طلب منك إذا اردت تلبيته سأكون شاكرة لك وإذا لم..
قاطعها باريس بصبر قد فرغ قائلاً : بلا مقدمات ساندرا، قولي ما عندك بلا مقدمات
أحست بالإحراج والتوتر ولكنها اجابته بسرعة حتى تروي فضوله الواضح عليه قائلة : أريد زيارة ذلك القصر هل يمكن ذلك ؟
لماذا ؟
تنهدت ساندرا ثم قالت :
سيبقى كابوسًا لمدة طويلة إذا لم أكتشف حقيقته هذا ما يحدث لي عندما أحلم بشيء غريب عني
صمت قليلاً وحاصرته هي بنظرات الرجاء رفع رأسه وقال لها : لك ما طلبت
تهللت كالطلفة وسألته : حقا ؟
سأخبر أصحاب القصر أولا، هيا أكملي طعامك وكفي عن الحديث
هذه المرة لم تمتعض ولم تعند معه فقط استجابت لأوامره وصمتت وتناولت طعامها كله لأول مرة منذ قدومها إلى هنا
هناك شيئًا غريبا فيه ولكنه جميلا وستستمع به حتى آخر نفس
حتى يعود وينقلب عليها كالعادة
آه كم تتمنى ألا يحدث ذلك ويبقى معها لطيفًا وهادئًا هكذا !


استيقظت ساندرا ولكن هذه المرة كانت هادئه جدًا، استغرق عقلها ثواني معدودة حتى استوعب ما حدث لها في منتصف الليل، لازال دفئ ذراعيه يحاوطها، فتحت عينيها وتعجبت لعدم وجوده بجوارها، كيف تشعر بكل هذا الدفء إذا ؟
ابتسمت لنفسها عندما تذكرت نظراته ولهفته وخوفه عليها، اخيرًا رأت جزء من باريس تمنت كثيرًا لو تراه، كانت تعلم بوجوده لكنه يفعل المستحيل حتى لا تكتشفه، يريد عذابها بالرغم من كل ذلك الحنان الذي بداخله !
مهما حدث ستحاول ألا تنسى أنه في هذه الحالة السيئة نحى كل شيئًا جانبا واختار أمنها وسلامتها أولاً
جلست في الفراش سمعت طرقات على باب الغرفة وكانت أولجا
التي أخيرًا عادت من أجازتها المرضية، سمحت لها ساندرا بالدخول واستقبلتها بإبتسامة مشرقة قائلة : حمد لله على سلامتك أولجا، هل تصدقين ؟ لقد اشتقت إليك
تهللت أسارير أولجا ودمعت عينيها : سيدتي ؟ وأنا ايضا جدا، هذه أول مرة أرى سيدة تعبر عن اشتياقها لخادمتها هكذا بمنتهى السهولة، حقًا أنا أحبك كثيرا
نظرت ساندرا لها بعتاب ثم قالت : أولجا قلت لك لا أحب لفظ خادمة
قاطعته أولجا قائلة : نعم نعم مساعدتك أليس كذلك ؟
هزت ساندرا رأسها واكتفت بإبتسامة لها ثم قالت : تعافيتي ؟ ما اخبار صحتك الآن
نعم أنا افضل الآن، سيد باريس أخبرني أن اصعد لك إنه ينتظرك على الفطور
تفاجأت ساندرا : باريس ؟ هل لا يزال هنا ؟ الوقت تأخر عن العمل
نعم لقد استيقظ متأخرا اليوم
ثم ذيلت حديثها بضحكة فهمتها ساندرا ولكنها تجاهلتها قائلة : حسنا أخبريه أني سأنزل على الفور
اخذت اولجا الكلام وخرجت من الغرفة، قررت ساندرا مكافأه باريس بأنها لن تتأخر عليه وتستفزه مثل كل مرة، قامت مسرعة من فراشها غسلت وجهها وارتدت فستان رقيق لونه أصفر في تموجات وورد بيضاء جعلها أكثر حيوية وجمالاً وهذا ما تأكدت منه عندما رأته في عين باريس، تلك اللمعة التي يخفيها كلما ظهرت في عينيه، ولكنها كانت تراها فيه بالرغم من هذا
جلست بجواره وبإبتسامة رائعة قالت : صباح الخير
ابتسم باريس ثم قال : يبدو أن مزاجك رائق اليوم
تنهدت ساندرا ثم قالت : الفضل يعود لك شكرا باريس
اومأ برأسه وفضل الصمت وتجاهل ما قالت، لم يكن لديه رد، مشاعره مختطله لا يعرف ماذا يقول لها، هو نفسه لا يعرف كيف فعل هذا وكان رد فعله بعكس الطبيعي
تجاهل كل ذلك وسألها : بماذا كنتي تحلمين ؟
تغيرت ملامح وجهها ولكنها اجابته : كان كابوسً مريعًا
احكي لي أنا منصتًا
لمعت عينيها بحماسة مفاجأه، كانت هي دائمًا تحب أن تحكي ويسمعها أحد يحبها ويهتم لها، وهذه أول مرة يقولها باريس، فقررت استغلال الفرصة وقصت عليه الكابوس كله
استمع للنهاية ثم سألها بتعجب : في جولتك الأخيرة عندما سألتيني على القصر ومن فيه هل دخلتيه ؟
هزت ساندرا رأسها نفيا : لا رأيته من بعيد فقط لكن لماذا تسأل ؟
وصفك للمكان وما حوله صحيح إلى درجة كبيرة وكأنك كنتي هناك
تفاجأت ساندرا وشهقت قائلة : حقا ؟ أنا لدي بعض الاحلام التي تتحقق ولكن على فترات متباعدة
هز باريس رأسه واكتفى بالصمت يفكر في كابوسها ووصفها، وراح عقلها لتفسيرات عديدة
أما هي فقد جاء لها فكرة ارادت أن تخبره بها لكنها تخاف أن ينقلب حاله الهادئ اللطيف معها الآن ويعود كما كان، تخاف أن تستفزه، ولكن الفكرة تلح عليها
رفع عينيه من طبقه ثم نظر إليها مباشرة في عينيها وسألها : ماذا تريدين أن تقولي ساندرا ؟
تفاجأت ساندرا وسألته بسرعة : كيف عرفت أن لدي ما أقوله ؟
عندما تريدين شيئًا يظهر توترك على جسدك كله حتى إنه طاقتك كلها تنتقل لي وأشعر بها
ابتسمت ساندرا وتشجعت قائلة : هذا مجرد طلب منك إذا اردت تلبيته سأكون شاكرة لك وإذا لم..
قاطعها باريس بصبر قد فرغ قائلاً : بلا مقدمات ساندرا، قولي ما عندك بلا مقدمات
أحست بالإحراج والتوتر ولكنها اجابته بسرعة حتى تروي فضوله الواضح عليه قائلة : أريد زيارة ذلك القصر هل يمكن ذلك ؟
لماذا ؟
تنهدت ساندرا ثم قالت :
سيبقى كابوسًا لمدة طويلة إذا لم أكتشف حقيقته هذا ما يحدث لي عندما أحلم بشيء غريب عني
صمت قليلاً وحاصرته هي بنظرات الرجاء رفع رأسه وقال لها بهدوء شديد : طلبك مفروض
هكذا ؟ بدون سبب ؟ قالت في نفسها ثم تشجعت لسؤاله : لماذا ؟ ما السبب ؟
-  أنا لا احب تلك الزيارات والعلاقات ساندرا، إذا كان على الكوابيس سأساعدك فيها كما فعلت أمس هيا أكملي طعامك وكفي عن الحديث
تنهدت وحزنت كثيرًا، كانت تتمنى لو أنه وافق على طلبها
لكنه لم يفاجئها بل كانت ستتفاجئ إذا وافق من الأساس !
ولكنها هذه المرة لم تمتعض ولم تعند معه فقط استجابت لأوامره وصمتت وتناولت طعامها كله لأول مرة منذ قدومها إلى هنا
هناك شيئًا غريبا فيه ولكنه جميلا، لقد أخبرها رفضه بهدوء ولم ينفعل عليها ستصمت وستستمع به حتى آخر نفس
حتى يعود وينقلب عليها كالعادة
آه كم تتمنى ألا يحدث ذلك ويبقى معها لطيفًا وهادئًا هكذا

. . .


مرت فترة على هذه الحادثة وهذا الحديث، لم تحلم مرة أخرى بكابوس بشع مثل ما رأت من قبل، لكن أحلامها بقيت تتمحور أكثر على هذا القصر وما به، مما زاد فضول عقلها وفضولها هي شخصيًا، كانت في فراشها تفكر قبل أن تنام، لقد عزمت على الذهاب إلى هذا القصر بمفردها ولن تنتظر باريس ولن تخبره
ستنتهز فرصة أنه سيذهب لعمله في الغد مبكرًا وتخرج خلفه مباشرًا دون أن يراها أحد
لابد أن هناك سر في هذا القصر وستكتشفه بنفسها
أحست بدخول باريس الغرفة، لقد عاد متأخرا اليوم، اغمضت عينيها بسرعة وقف يراقبها ككل ليلة ثم يبدل ملابسه ويدخل بجوارها إلى الفراش، لقد أحست منذ يومين به عندما قام بإحتضانها فجأه وبهدوء حتى لا تستيقظ
لكنها استقيظت وترك له الحرية ولم تحاول فتح عينيها وراقبت تصرفه بتعجب كبير
في النهار يوبخها ويعذبها ويستفز أعصابها وفي الليل يحن إليها ويقترب منها
لقد توقف عقلها عن التفكير فيما يفعل معها وقررت الاستسلام ومراقبته فقط!



.
.
.

في اليوم التالي مشت خطتها بشكل صحيح، تناولت فطورها مع باريس وانتظرت بعد خروجه بساعة ثم أخبرت أولجا بأنها ستتنزه قليلاً في حالة لو سأل باريس عنها، وهي متأكدة أنها ستذهب وتعود قبل عودته في الاصل
خرجت من المنزل ومشت في نفس الطريق الذي مشت فيه من قبل، كان يشبه الحلم بشكل كبير، لكن الفارق الوحيد بأن الطريق طويل جدا ولا تصل بسرعة مثل الكابوس
مشت كثيراً وسط الجزيرة والأشجار الباثقة من كل جانب، رائحة البحر طغت على كل شيء وصوته الذي كلما مشت يقترب ويعلو
مشت على هذا الشاطىء الصخري المهجور


تحركت في اتجاه القصر
وصلت إلى القمة التي يقع عليها القصر، كانت مترددة ماذا تخبرهم ؟ وكيف

تعرف به على نفسها ،ولما لم تجد وسيلة ، وقفت بجانب الباب الحديدي المزخرف

الواسع ،ونظرت من خلاله الى ذلك المكان الساحر وتفاجأت كثيراً، لقد كان باريس محقًا عندما أخبرها أن ذلك الكابوس الذي رأته والوصف الذي أخبرته عنه كان يقترب من الحقيقة كثيراً
وتفاجأت أنه لا يقترب فقط بل إنه مثل الحقيقة تمامًا
نفس كل شيء حتى هذا التمثال المرعب لمحته من بعيد، أثار في نفسها الخوف وكادت أن تعود من حيث أتت، لكن فضولها أصدر انذار ليحثها على الدخول وكشف سر هذا القصر
حاولت فتح البوابة مثل الكابوس لكنها لم تنفتح، ابتعدت وقررت أن تدور لعلها تجد باب آخر أو شخصًا تطلب منه الدخول
وأثناء ذلك فوجئت بكلب كبير يقفز من

فوق السياج الى الطريق مما جعلها تصرخ ، وجعل الكلب يقف جامدا في مكانه ،

رافعا أذنيه ، لاويا راسه ، وكأنه يتساءل لماذا خافت منه ، او لماذا يخاف أي إنسان

آخر منه ، ولكنه عاد يعوي بعد لحظات قليلة بينما سمعت صوت رجل يقول بلهجة

الآمر:
" جاز ، تعال هنا ." وعلى التو إستدار الكلب ومشى حتى وصل ودخل من البوابة التي كان صاحبه قد فتحها من قبل.
وتابع الصوت:
" إنني آسف ، لا تخافي ، فهو لا يؤذي أحدا مطلقا."
توقف لحظة عن الكلام ونظرت
ساندرا لترى أمامها رجلا يونانيا وسيما طويلا ، يبدو

شيء من التجهم على وجهه ، ثم أضاف:
" إنني آسف مرة اخرى ، لا شك انه أزعجك ."
وزاد تجهمه وهو يرى دموع ساندرا لا تزال كحبات الندى على خديها ، وقال:
" تعالي ادخلي وإستريحي بضع دقائق زوجتي هنا لا تقلقي" صوته كان عميقا تشيه نبراته صوت زوجها ، تحمل في طياتها شيئا من الغضب ، ثم

إلتفت الى الكلب يخاطبه:
" جاز ، طباعك اليوم على غير عادتك ، إنني أخشى ان تكون سيدتك قد

أفسدتك."
ارخى الكلب ذنبه ، في اللحظة التي قدمت فيها فتاة شابة جميلة ، فإنحنى فرحا وإتجه
نحوها مسرعا:
" ماذا هناك؟."
توقفت قبل أن تكمل ،وهي تنقل النظر من ساندرا التي لا تتحدث فقط تبكي و الى زوجها ، ثم تابعت السؤال:
" هل أنت مريضة؟."
" جاز ارعبها ." ولكن ساندرا قاطعته وقالت: " لم يفعل شيئا، فارجو ألا تلوماه، فقد كان غباء مني ان أخاف الى هذا الحد."
إتجه الكلب نحوها ، وبحركة آلية وضعت يدها على شعره الناعم ورببت على راسه ،

ثم اضافت:
" إنه جميل جدا وذكي ، فلا توبخاه ."
جاز حرّك ذنبه ، واخذ ينتقل بين سيدته وساندرا ثم إستقر عندها كانه فهم ما قالته عنها
دعاها الرجل ثانية وقبلت ساندرا الدعوة بالطبع لقد جاءت فرصتها وبنحو أفضل مما تخيلته دخلت ووجدت نفسها داخل البوابة ، لاحظت

نظرات غريبة يتبادلها الزوج مع المرأة الشابة ، بعدما قدم نفسه معرفا قائلا : أهلا بك أنا لويس جرجيوس

ثم أشار نحو المرأة قائلا : وهذه فيلبا زوجتي


ابتسمت ساندرا ثم قالت : أهلا بكما وآسفه على اقتحامي المكان هكذا
" أنا ساندرا زوجة باريس فيليب ، لقد جئت مؤخرا للعيش على هذه الجزيرة وكنت استكشف المكان وبالصدفة وجدت هذا القصر الجميل ولفت نظري "
تجاهلت فيلبا حديثها وسألت فقط " زوجة السيد باريس فيليب؟! ."
رددت فيلبا ، وهزت راسها بإستغراب ، مع أنها ايقنت أنه لا بد وأن تكون كما

قالت ، فالسواح لا يمكن ان يأتوا الى هذا الشاطىء البعيد المهجور .
وبعد هنيهة صمت ، تابعت فيلبا : " نحن لا نعرف زوجك جيدا ." كان صوتها باردا ، أما زوجها فقد كان فمه مطبقا وجبينه مقطبا ، لقد لاحظت ساندرا

بعض تعابير غامضة تمر على وجهه مما أكد لها أنه لا يحب زوجها ، وغريب ألا يكون

وفاق بين الرجلين ، لما رأته من الشبه بينهما في كثير من الأمور، فكلاهما تبدو فيه

جلية روح السلطة والسيطرة ، ونفس طابع الأرستقراطية الموروث عن الأجداد

اليونانيين ، نعم كانا متشابهين كثيرا ومن العجيب ألا يكونا صديقين.
أحست ساندرا بالقلق يساورها لهذا الصمت الذي ساد بينهم ، ولما لم يكن لديها اية

فكرة عن أية اسباب يمكن أن تكون هناك لعدم نشوء صداقة بين زوجها وبينهما ،
قالت:
" في الواقع إنه منطو على نفسه."
تجاهل لويس ذلك وطلب من زوجته ان تذهب مع ساندرا الى الداخل وتقدم لها بعض

المرطبات.
" آه ، لا ، شكرا ."
تمنعت ساندرا على الرغم من مجيئها إلى هنا لكنها كانت غير مرتاحة لبرودة الزوجة وزوجها ايضا ، وأضافت:
" لا اريد إزعاجكما ." صدر صوتها غريبا عنها لا تكاد تعرفه ، وكأنها لاحظت شيئا ما يدور في عيني فيلبا

اللتين أظلمتا بشيء من الإشفاق.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي