الفصل التاسع والعشرون

ساد الصمت قليلاً مسح هاري فيه دموعه التي انهمرت وتنحنح ليجعل صوته هادئ بقدر الإمكان ثم أخبرها قائلاً :
" هناك طريقة واحدة للخروج ، ولكنني على غير إستعداد لأن أخبرك بها الآن
قاطعته ساندرا معترضة على الذي يقوله :
لا! أنت قلت انك ستخبرني بكل شيء فقد اخبرتني الكثير، وما عليك إلا أن
تكمل الباقي حتى نحدد ماذا سنفعل هاري !
" لا استطيع ! " كان صوته ثابتًا هذه المرة ليؤكد لها على قراره الذي اتخذه
هتفت مرة أخرى تسأله : لماذا ! قل لي لماذا ؟ أخبرني سبب واحد لماذا أنت متعنت لهذا الحد ؟!
شعرت وكأن عينيه تدور في محجرهما من شدة التوتر، رأت رعشه يداه فتنهدت وقررت الهدوء قليلاً العصبية لن تأتي بنتيجة، تنهدت وسحبت شهيق ثم زفير شهيق ثم زفير آخر حتى تمالكت أعصابها ثم قالت



هناك حل يا هاري هل نسيت ؟ أنت تملك الآن مبلغا كبيرا من المال لديك أعمال ضخمة يمكنك تصفيتها أو يمكنك ان تستدين مبلغا آخر ،وعندئذ يمكنك ان تعيد المال للإبن وبهذا يسقط عنك هذا الثأر الذي تخشاه صحيح ؟ ما رأيك ؟!

خيم سكون عميق عليهما، انتظرت ساندرا على الجمر، نعم كل ما تشعر به الآن هو وجودها على جمر مشتعل، هذا الصمت القليل إنه كثيرا جدا
هاري ؟
قالتها متشككه أنه معها في نفس الغرفة من الأصل!
حثته على التحدث وعندما تحدث كان الحزن يقطر من كلماته أخبرها ليصدمها قائلاً :
" لقد إنتحر الإبن ، ساندرا "

توقف عن الكلام بضع دقائق وكتفاه تهتزان ، ثم تابع: " لم أكن اعلم بذلك، كان هو الحل الوحيد فعلا لكن فاجئني باريس فيليب أخبرني بذلك هذه الليلة، ألا تدركين يا ساندرا؟! لقد انتهيت صدقيني!


احست ساندرا وكأن دفق الدم تجمد في عروقها وسمرت في مكانها وأحست أن الهواء حتى يصعب دخولها إلى رئتها، سمرت لا تستطيع الكلام

.
لكن تابع هاري حديثه :
إنني أتعذب... عندما تذكرت هذا الأمر شعرت بالعذاب ويجب علي أن أعاني وأتعذب حتى اخر يوم في حياتي! .
سمعت كلامه لكن برغم ذلك حاولت ساندرا ان تتكلم أن تخفف عنه بعض آلامه وتهون الأمر عليه فخرجت الكلمات من فمها

بصعوبة ولكن برقة وعذوبة كما تعود منها :
" هاري لا تقلق إلى هذا الحد فأنا لا أستطيع ان احتمل رؤيتك على هذه الحال ."
إغرورقت عيناها بالدموع ، وسرعان ما تذكرت كلمات كانت تقولها والدتها لها رنت في عقلها
" مشكلتك أنك رقيقة القلب، فأنت لن تصادفي الأذى في حياتك فحسب ، وإنما

ستخدعين أيضا بأناس أكثر منك حذقا، كوني حذرة يا بنيتي، وحاولي أن تري ما في داخل القلوب."
كانت والدتها تحذرها وتريدها أن تغير من طبيعتها ولكن ساندرا لا تستطيع أن تفعل ولا تريد، فإن كانت رقتها وحنانها يبعثان العزاء والسلوى في قلوب الآخرين ، فهي
تكون سعيدة جدا بقدرتها على المساعدة ، والآن ، رغبتها الوحيدة هي ان تساعد هاري ، هاري الذي كان لطيفا معها ،وحسن المعاملة ، طيلة الوقت الذي عملت معه، فهو الذي اعادها الى العمل عندما إحتاجت لذلك ، واكثر من ذلك فهي لن تنسى ما دامت على قيد الحياة، إنه جازف مرة بحياته من أجل ان يخلصها من بناء كان يحترق وهي في داخله ، فهي مدينة له بحياتها، ولن تنسى انها وعدت أن ترد له

الجميل في يوم من الأيام والآن عليها أن تجد له حلاً بأي شكل من الأشكال الممكنه وحتى المستحيلة
بعد فترة صمت خيم عليهما بسبب غرقها في افكارها، قال هاري
" إذهبي الى فراشك عزيزتي ، لا بد أنك متعبة جدا يكفي ما عرفيته حتى الآن
التفتت نحوه واجابته بسرعة وبصوت حازم:
لن أذهب هاري أريد أن أعرف ما هي مطالب باريس فيليب والآن!
ألح عليها بالذهاب، لكنها تجاهلته واصرت أن تسمع الجواب!
" ساندرا ."
" نعم ، هاري ."
خرجت الكلمات متقطعة من فمه وهو يقول:
" أنا لا استطيع ان أخبرك عن ماهية تهديد باريس
" تهديد؟ ."
رددت كلمته بتعجب شديد ،وقد حل في نفسها إحساس بأن هاري يريد ان يخبرها كل شيء عن إنذار أو تهديد باريس كما يسميه، ولكنه يتظاهر بأنه غير راغب في ذلك ، واضافت بتعجب :
" لم افهم شيئا ."!
" ارجوك ساندرا إذهبي الى فراشك، ولا تصري اكثر."
ضاقت عيناها وبدا صوتها جافا باردا وهي تقول:
" أظن انه من الأفضل أن أذهب وأسأل باريس نفسه ، لعلي استطيع أن اعرف منه أكثر ما الذي تخفيه
توقفت قليلا وبقي هاري صامتا، ثم اضافت محاولة لتخمين الحقيقة
" إن الأمر يشملني، أليس كذلك؟ ولولا ذلك لما سألتك أي إيضاحات، باريس قال

لي أنه إذا اخبرني فلن يغمض لي جفن ."
لاحظت جمود هاري، وإستدارت نحو الباب لتفتحه وتذهب لباريس مرة أخرى، وما كادت تبلغه حتى سمعته يقول

بصوت منخفض:
" سأوفر عليك مشقة الذهاب اليه
، فإن تهديده ."....
وتوقف مرة أخرى ، وعادت اليها تلك الفكرة الغريبة بأنه تظاهر بالإمتناع عن القول، قطع فكرتها وتابع :

" هذا لن يغير في الأمر شيئا ساندرا
، فأنا لن اسمح لك بأن تضحّي بنفسك من أجلي."
دارت ساندرا على نفسها، وقد زاغت عيناها:
" أضحّي بنفسي !"
قشعريرة إعترتها، رعشه هزت جسمها هزا، اشبه بقشعريرة الموت ، وإستطاعت بصعوبة أن تسأل:
" ماذا تعني هاري ؟ .
جمد لحظة ثم قال: " إنه يمنحني حريتي، إذا إستطعت أن أقنعك بالزواج منه ، فهو يعرف انني أنقذت

حياتك مرة من الحريق، ويعتمد الآن على ردك على هذا الجميل

رفرفت بجفنيها وسألته متعجبه : هو يعرف انك انقذت حياتي ؟ كيف عرف ذلك؟

هز هاري رأسه وقال:
" يبدو انه يعرف كل شيء عن كلينا
أنه أمر يكاد لا يصدق ، ولكنه الواقع ، يبدو

أن له في لندن من يدوّن له حركاتنا وسكناتنا
صمت لحظة ، ينظر اليها مباشرة ، ثم تابع:
" يظهر أنه لم يتوقف عن رغبته في الزواج منك طيلة هذه السنين ،ولست أدري ما

الذي يدفعه للإصر ار على الزواج منك بهذا الشكل ، اهو الحب مثلا ؟ حاولت ان أستدرجه لمعرفة هذا السبب ولكنني لم أفلح إنه كالسد المنيع أو كالكتاب المغلق لن تعرفي منه شيئًا إلا إذا فتحتي دفتيه المغلقة تجاهلت حديثه وتشبيه فهي خير الناس معرفة بباريس في الأصل، لكنها سألته متوجسه :
" اهو واثق أنني ساتزوج منه كي أنقذك؟."
جاهدت كي تضبط نفسها كما كانت تفعل دائما ، ولكن الحكم بالموت أهون عليها من الزواج من باريس !
الحكم بالموت أهون عليها الف مرة مما يطلبه!
" يعني أن زواجي من باريس يحميك من العقاب ومن الدمار، أليس كذلك ؟؟
" ساندرا ......) قاطعها قبل ان تتمكن من إتمام كلامها( لن اسمح لك أن تضحي

بنفسك من أجلي أنا أعرف جيدا رأيك في الزواج من باريس ورأيك في الزواج عموما ولن أرضى لك هذا، دعينا ننسى كل شيء عن هذا، إنسي الجميل الذي تذكرين دائما أنك مدينة به الي هو شيء طبيعي بيننا وليس جميل، وكذلك الوعد الذي قطعت على نفسك، فأنا أذعن للدمار، والعقاب، والسجن."
إنقطع عن الكلام ، وساندرا تنظر اليه ، ومع كل ما رأته من تعابير محزنة على وجهه ،

فإنها قطبت حاجبيها بكثير من الشك ، لم يكن من الضروري ان يذكر الدين الذي له في ذمتها، وان يذكرها بالوعد الذي وعدته به هناك شيء خاطيء لكن حديثها جاء معاكس لما تشعر به فقالت:
" هاري ، أنت أنقذت حياتي بمحض إرادتك ، وإذا جاء يوم أستطيع فيه أن أرد

المعروف ، سوف افعل ، مهما كان الثمن."
صممت ساندرا عليها أن تفي بوعدها، من دون أن يذكرها بذلك حتى، فسوف تنقذ هاري طالما ذلك في قدرتها، إنها مجبرة أخلاقيا ان تنقذه من اجل شرف الوعد الذي قطعته على نفسها، وصممت أن تفي به وقت الحاجة، والآن جاء الوقت المناسب لتفعل!!




لكن ما تتعجب منه فعلا السبب الذي يدفعه للإصرار على الزواج منها بهذا الشكل !
بدأ التعجب يتحول إلى رعب، هناك شيء ما يكيده لها
وجدت نفسها تتردد، عندما فكرت في حياتها وكيف ستقضيها مع باريس فيليب كما فكرت بمرارة القدر القاسي الذي يعبث بها للمرة الثانية، الضمير ،

الشرف، المسؤولية، كل هذه كانت تلح عليها، وايقنت أن لا مهرب لها البتة.
مفزعة هي الحياة وتعسة مع باريس فيليب، الرجل الذي ، وبدون رحمة ، إستغل معرفته

بالخفايا كشبكة يجرها بها اليه ويضعها تحت سيطرته ولكن كل ذلك لا ينفع الآن يجب أن ترد له الجميل
" هاري " !
وإضطرت ان تنتظر بضع لحظات قبل ان تستطيع ان تهيء الكلمات لتخبره ، إنها

قررت ان تكون زوجة باريس فيليب
" سأفي بالوعد وأتزوجه يا هاري"
ظهرت امارات الاعتراض على وجهه وقبل أن يتحدث قطعت كلامه بإيماءة من يدها.
" لقد قررت ، ولذا ، ارجوك دعنا من هذا الأمر نهائيا ." هرب الدم من شفتيها بعد أن نطقت بكلماتها الأخيرة وإستدارت نحو النافذة، وبكل

المرارة التي تعتمل في نفسها، أخذت تتأمل بجو الهدوء والسلام الذي يلف الطبيعة خارج منزل باريس فيليب ،

ذلك الهدوء والسلام الذي ربما تفقده وإلى الأبد.
غريب القدر، وكأنها في دائرة مغلقة تتكرر ولا تستطيع الهروب منها أبدًا
في المرة الأولى ضحت بنفسها من أجل أخيها، رمت بنفسها إلى الوضيع " ماكس أليكسون" لكن كان القدر هادئًا قليلاً وحررها سريعا من ذلك الزواج الكارثي، ولكن

الآن ليس لها أي أمل في الخلاص، كيف ستتخلص من رجل مثل باريس فيليب!
كل ما عليها فعله بداية من الآن أن تعوّد نفسها على حياة العذاب مع رجل

أحبها مرة ثم كرهها مرة أخرى، يلومها على زواج غير سعيد أكرهت عليه ويريد الانتقام منها بنية سيئة واضحة جدًا
خرجت من أفكارها السوداء وإستطاعت أخيرا أن تقول:
" لماذا لم يقم بهذه المساومة من قبل؟ ."
التفت هاري نحوها بتعجب ورد سؤالها بسؤال منطقي أكثر قائلاً :
" كيف يمكنه أن يتزوج منك ولديه زوجة ؟ كان يبيت النية ويراقبنا طوال تلك السنوات وعندما ماتت زوجته قرر بسرعة القيام بهذه اللعبة الحقيرة ."
توقف هاري عن الكلام، ولاحظت ساندرا أنه لم يعد يبدي إعتراضا وهذا يعني انه

إرتاح لإختيارها الذي يرفع التهديد الجاثم على صدره وتابع يلمح انه من الممكن ان

يكون باريس فيليب هو الذي قتل زوجته، فصاحت:
" ماذا تعني بالضبط؟ هاري! أنت تخيفني
هز كتفيه نافيًا وقال:
" أنا لا أنزهه عن القتل، ولا أقر ذلك عنه، على كل حال هو لا يمكن ان يرتكب معك جريمة كهذه، فلا تقلقي

على سلامتك ساندرا
أحست بالغضب ثم سألته : من أين أتيت بتلك الثقة ؟!
تنهد هاري ثم قال : لأنه يحبك ساندرا، للأسف يحبك
يحبني ويفعل هذا معي ؟ يجبرني على الزواج منه!

إبتعدت ساندرا لتخفي عنه التعاسة التي بدت في عينيها وتلك الدموع التي بدأت في التلألأ فيها، لم يأت خلفها ولم يهتم مثلما اهتمت به، فهو إذن لا يبالي بما يحدث لها،

والآن عرفت أنه منذ البدء كان يتعمد أن يخلق وضعا تكون نهايته التضحية بها!
ذكرت الآن إحساسها منذ دقائق، فقد كان هاري ما يبديه من عاطفة مجرد وسيلة حتى

يفلت بجلده من مصيبته وأفعاله التي فعلها في الماضي، فهو لم يعد يحاول ان يثنيها عن القرار الذي إتخذت فقط رفض مرة واحدة!

كانت على حق، ففي الصباح التالي غادر باكرا، من دون توديعها أو قول أي شيء حتى لم يمر على غرفتها وهو متأكد أنها مستيقظة، كلام باريس قد تحقق ولم يغمض لها جفن فعلا،
لتتفاجئ عندما قررت الخروج من غرفتها ومواجهه هاري بتلك الشكوك والمشاعر التي انتابتها بأنه كاذب وهناك شيء آخر يخفيه عليها وقبل الذهاب نحو غرفته قابلها الخادم ليسلم لها ورقة بخط تعرفه جيدأ ف هو خط " هاري دارك" ترك تلك الملاحظة وسلمها للخادم !

اخذت الورقة وجرت عينيها بسرعة على الكلمات والتي لم تكن كثيرة وقرأت : الوداع ، وأشكرك، أرجو الا تكون الأمور سيئة جدا، على أية حال
فلديك جميع وسائل الراحة والرفاهية.
وكانت الورقة موقعة بإسم هاري!
شحب لونها واستدرات حتى تهرب إلى الغرفة لتجده في وجهها وقف كالسد المنيع، وقفت ورفعت نظرها نحو اليوناني الداكن الذي ظهر من غرفة الطعام ووقف

الى جانبها ، يقرأ من فوق كتفها الورقة التي كانت بين يديها ، وردد الجملة بسخرية واضحة " على أية حال فلديك جميع وسائل الراحة والرفاهية، نعم يا جميلتي ساندرا سوف يتوفر

لك كل هذا لأن هذا كل ما يهمك ! فالمخلوق الوضيع الذي فضلتيه علي لم يترك لك شيئا للأسف
ضبطت ساندرا أعصابها بشكل مبهر وقالت بكل هدوء استطاعت أن تستدعيه في نفسها:
" يبدو انك تعرف الكثير ."
لمعت عيناه بخبث واضح ورد قائلاً :
" جعلت ذلك شغلي الشاغل لأعرف بإنتظام كل شيء عنك ."
اجابته بضحكة ساخرة ولكن يظهر ان من أرسلتهم خلفي لم يخبرك جيدًا بما حدث، لم تعرف الظروف التي قادتني الى ذلك الزواج."
تقدم باريس فيليب نحوها، ولكنها لم تنسحب فقد فر الخوف من قلبها في تلك اللحظة

وإمتلأ بالكراهية التي طغت على كل عاطفة سواها.
بعد لحظة صمت قال :
" في ذلك الحين صدقت انك لن تتزوجي كما اخبرتني أنك لن ترتبطي ابدا ، وكان عندي امل في أن اغير رأيك ولكن
مع الأسف سرعان ما تزوجت قبل ان أصل الى بلدك وألاحق أخبارك واقنعك بوجهه نظري، توقف عن الكلام لحظة، واخذ نفسا عميقا ثم تابع:
" أنت على حق ، فانا لا أعرف الظروف التي قادت الى زواجك، ولا اريد ان اعرف

، وكل ما يهمني أنك فضلت ذلك المخلوق علي، وأنك تستحقين كل ما يحدث لك
نظرت ساندرا نحوه تريد ان يعطيها فرصة تبرر زواجها، ولكنه أصر على أنه لا يريد أن يسمع أو يفهم شيئًا فقررت أن تتركه لأوهامه وخيالاته المريضة
هزت كتفيها ثم تحركت و حاولت أن تتركه وتمضي، ولكنه أمسك بها فجأة بعنف يمنعها من
الذهاب، ويقول:
" لا تنظري اليّ بهذه الطريقة وإلا سأجعلك تندمين على ذلك."
وهذه المرة لم تنظر له اكتفت بالسكوت وانتظرت لثوان حتى تركها وذهبت إلى غرفتها!
دخلت إلى الغرفة التي قرر وجودها بها، كانت تغلي بكثير من المشاعر، غضب..اشمئزاز وقرف.. استياء وآخرهم بالطبع كان الرعب
الرعب مما ينتظرها مع ذلك الرجل المخيف، الذي يذكرها بأخد الآلهه اليونانين الذي قرر معاقبة بشري وجعله يتيه في الأرض
والغضب والاستياء من الموقف الذي وضعها فيه هاري وهرب
حتى لم يترك لها فرصة للدفاع عنه أمام باريس
أحست منه بالندالة والخسة على عكس كل تلك السنوات التي عملتها معه
وكأنه تخلص منها كجوال من القمامة بكل سهولة هكذا!
ستتواصل معه وتنهال عليه بالسب لكن بعد أن تتخلص من ذلك الفخ الذي اوقعت نفسها فيه
نعم هي من اوقعت نفسها فيه من أول موافقتها على المجيء لليونان مرة أخرى
لم تتوقع ولو في خيالها ان هذا ما سيحدث ولكنها كان عليها تجنب حدوث أي شيء مفاجئ ولا توافق على المجيء من الأصل
رمت بنفسها في الفراش الواسع، كان تلك طراز غرفتها، سرير في منتصف الغرفة من النحاس أو الحديد لا تعرف المهم أنه معدني بعكس سريرها الخشب في لندن!
كل شيء هنا عكس هناك
هنا الفخامة بشكل مبالغ فيه، ولا تعرف هل هذا لأنها في اليونان عموما أم لأنها في منزل باريس فيليب!
باريس ماذا تفعل معه ؟ ذلك الرجل البعيد كل البعد عن اسمه، فباريس عاصمة الفن والثقافة والأناقة أما هو فيمثل لها كل شيء همجي في الحياه
نظرته وفكه المميز وضحكته الساخرة وحروفه المرعبة بسمار بشرته كل ذلك يمثل لها في النهاية كائن مخيف فارع الطول تقف أمامه لا حول لها ولا قوة
ستتزوجه !
كيف ؟ لا تعلم
وهل سيكون زواج حقيقيًا ؟ كيف ؟ هل تستطيع أن تكون له زوجه في الأساس ؟
زواج من أجل انتقام ؟ هذا أول مرة تراه في حياتها
نعم تزوجت مساومه وخسة قبل ذلك ورأت ذلك في العديد من الروايات لكن هذا الذي من اجل الانتقام لم يمر عليها من قبل
إذا كنت تكره أحد وتريد الانتقام منه اتقتله أم تتزوجه ؟!
تقتله
أو تتزوجه قتلا!
نعم سيقتلها ولكن بالبطيء
ماذا لو كان كلام هاري حقيقة وكان باريس فيليب هو السبب في موت زوجته أو قتلها كما قال ؟
هل سيفعل هذا معها ؟
لماذا ؟ إذا كانت تلك نيته فالطريق الأسهل أن يقتلها مباشر
يقتلها حتى قبل أن تأتي لليونان
كان متابعا جيدا لاخبارها وهذا الأمر سهل عليه
إذا لماذا كل هذا!
انهمرت الدموع من عينيها، لا تعرف لماذا القدر يصر على أن يختار لها أزواج خسيسة مثلهم
لماذا وهي قررت البعد واختارت أن تكون عازبه وتكون لها حياة مستقله في العمل فقط؟!
تذكرت كل ما حدث معها من قبل وانهارت في البكاء
لفترة طويلة حتى احمرت عينيها ووجنتاها الرقيقة وتمرر حلقها من الشهقات المتتالية
أصاب رأسها الصداع ولكنها قررت اخيرا ألا تستسلم لكل هذا
لن تترك باريس يسيطر عليها
ستجهز حقيبتها وتهرب من هنا بسرعة قبل أن يفعل شيئا أكثر من ذلك
وهناك في لندن ستختفي ولن يجدها مرة أخرى
أو ستختار بلد أخر وتبدأ فيه حياة جديدة بعيدًا عن كل هذا !
لكن كيف ستفعل ذلك هذا ما يجب عليها التفكير والتخطيط له جيدًا قبل أن يأتي الغد عليها !

انهمرت الدموع من عينيها، لا تعرف لماذا القدر يصر على أن يختار لها أزواج خسيسة مثلهم
لماذا وهي قررت البعد واختارت أن تكون عازبه وتكون لها حياة مستقله في العمل فقط؟!
تذكرت كل ما حدث معها من قبل وانهارت في البكاء
لفترة طويلة حتى احمرت عينيها ووجنتاها الرقيقة وتمرر حلقها من الشهقات المتتالية
أصاب رأسها الصداع ولكنها قررت اخيرا ألا تستسلم لكل هذا
لن تترك باريس يسيطر عليها
ستجهز حقيبتها وتهرب من هنا بسرعة قبل أن يفعل شيئا أكثر من ذلك
وهناك في لندن ستختفي ولن يجدها مرة أخرى
أو ستختار بلد أخر وتبدأ فيه حياة جديدة بعيدًا عن كل هذا !
لكن كيف ستفعل ذلك هذا ما يجب عليها التفكير والتخطيط له جيدًا قبل أن يأتي الغد عليها !




ليل اليونان طويل
ولا تعرف لماذا اليونان مختلفة في كل شيء حتى الوقت ومروره!
هذا ما أحسته في تلك الليلة الطويلة، والتي لم يزرها فيها النوم ولو بشق تمرة

بعد قرارها بالهروب، راحت دماغها في التفكير بسرعة، ماذا ستفعل وكيف تهرب
وأخيراً اهتدت لشيء ستفعله
فقط تنتظر أول ساعة من الشروق لتنفذه، على الأقل ولو خيط نهار واحد تستطيع به أن تتحسس طريقها
غادرت الفراش لقد ملت الجلوس فيه على لا شيء!
وقررت الدخول إلى الشرفة لعلها تهدأ بنسمة هواء في تلك الساعة المبكرة،
وقفت في الشرفة الواسعة، كانت غرفتها لها شرفة رائعة التصميم، مربعة بمساحة كبيرة مساوية لمساحة الغرفة تقريبا، وعلى سور الشرفة وقف تمثالين على اليمين والشمال ينتمون للحضارة اليونانية، وكأنهم يرفعون سقف الشرفة على روؤسهم، وكانت الشرفة تطل على جزء كبير من الحديقة والذي يضم الورود المفضلة لساندرا، وكأنها وضعت هنا من أجلها!

من خلف تلك الحديقة كان يقع سور المنزل وخلفه البحر الذي يطل عليه المنزل والذي تشم رائحة مياهه وتسمع صوت ارتطام أمواجه بصخور الجزيرة من مكانها في الشرفة
وهذا البحر هو سبيلها للهروب!
وقفت تتأمل ذلك المنظر الرائع، لكم تمنت أن تعيش في منزل مثله، مليء بالزهور والورود، تبدأ فيه حياه جديدة بمفردها بعيدًا عن أي وجع قابلته من قبل، كانت تخطط لذلك بعد أن تكون مبلغًا كبيرًا من عملها مع هاري دارك تستطيع به أن تبعد عن ضغوط الشغل وتفتح المشروع الذي تحلم به، لكم تمنت أن يصبح عندها مخبز وتصنع بيدها له كل يوم الخبز والشطائر اللذيذة، كانت مميزة جدا في الطبخ وارادت أن تستغل موهبتها في شيء مفيد لها، وتعمل في شيء تهواه، كان كل ذلك ليس الآن بالطبع لكنه كان في المستقبل القريب، نعم كانت تحب العمل مع هاري لكنه كان غير مستقر ومهدده بالفصل خاصة بعد حديثه معها عن احتماليه زواجة من كريسيتن أكد لها أن كل خططها كانت صحيحة وأنها في الاتجاه الصالح لها
ولم تعرف أن سفينتها سيأتي عليها رياح بما لا تشتهي، وسينقلب الزمن عليها ويقلب حياتها وخططها رأسًا على عقب ويرمي بها إلى هنا في شباك باريس فيليب القاسي المتعجرف
لكنها لن تتركه يفعل بها كل ما هددها به، لن تسمح له بهذا حتى لو كانت ستهرب إلى آخر الأرض بعيدًا عنه
وعند هذه النقطة أفاقت وإلتفتت حولها لتجد خيوط النهار بدأت في الظهور، على الفور دخلت إلى الغرفة، سحبت حقيبتها الصغيرة التي آتت بها إلى هنا، وقفت خلف الباب ووضعت أذنها عليه تحاول الاستماع لو أن أحدهم في المكان، اطمئنت أن كل شيء هادئ، فتحت الباب وتمشت في الممر الطويل على السجاد الأحمر العجمي الفخم جدا والذي ساعدها على امتصاص صوت خطواتها التي أصبحت سريعة عندما أحست أن الجميع نيام الآن
خرجت نحو باب المنزل كان كبيرا جدا وثقيل جدا حاولت فتحه لكنها لم تقدر حاولت ثم تأكدت أنه مغلق بالمفتاح من الداخل!
خاب أملها ولكن عقلها عمل بسرعة واقترح عليها فكرة استحسنتها، اتجهت نحو المطبخ، على حسب ما توقعت الغرف، هذا هو المكان الذي كان يخرج منه الخادم وقت الطعام، المنزل كبير ومخيف وكأنه متاهه، وبعد عدة غرف خاطئه أخيراً دخلت إلى المطبخ، والذي كان واسعًا ورائعًا جدا لدرجة خطفت نفسها، كانت تريد الوقوف والتأمل والتعرف على كل أدوات الطبخ الجديدة عليها والتي تستهويها كثيراً
لكن الوقت لن يسعفها فإضطرت أسفا لفتح الباب الخلفي والذي توقع عقلها وجوده ومن حسن حظها أنها وجدته مفتوحًا
فتحته برفق وقررت عدم غلقه مرة أخرى حتى لا يخرج منها صوتًا مميزاً أو أي شيء من هذا القبيل
في تلك الدقائق التي استغرقتها للخروج كان النهار قد سيطر على المكان بسرعة وكان هذا من حسن حظها، تمشت بين الورود بسرعة واتجهت نحو باب المنزل الخارجي بهدوء تراقب إذا كان هناك أحد واقفًا كفرد أمن أو أحد آخر، لتجد أنه لا أحد والباب أيضًا سهل الفتح!
غريب يتركون الباب الخارجي ويغلقون الداخلي ؟
وقبل أن تتعجب سمعت بخطوات قدوم أحدهم فخرجت بسرعة، يبدو أنه فرد الأمن فتح الباب ثم عاد ليفعل شيء ما
عند خروجها من الباب أطلقت ساقيها للريح، جرت وجرت بطول سور المنزل والذي كان كبيراً ثم توغلت بشكل عكسي نحو البحر، توقفت قليلاً لتلتقط أنفاسها، أحست أن دقات قلبها كانت عالية كدقات طبول افريقية في فرح زعيم القبيلة!
حتى أنه من شدتها أحست أنها تسمعها في أذنها، كانت تريد الابتعاد بسرعة قبل أن يكتشف أحدهم غيابها بأي شكل
هدأت لثوان ثم أكملت الجري نحو البحر، كان بعيداً بعكس ما رأته من المنزل وشرفته الشيء الذي أعطاها احساسًا بأنها تمشي في الاتجاه الخطأ
ولكن رائحة البحر التي تزداد وصوته الذي يعلو أكد لها أنه في الطريق الصحيح، جرت وجرت حتى ظهر البحر أمامها أخيرًا، تنهدت ووقفت لتهدأ حتى لا يظهر عليها شيئًا غريبًا، كانت خطتها أن تذهب إلى البحر وتجد مركبًا يوصلها إلى الجزيرة الرئيسية التي بها المطار والذي سيعيدها إلى موطنها
هكذا كان اخبرها هاري في يوم عندما كان يتحدث لها عن مزايا الأرض التي يريد أن يشتريها وأنها سهلة المواصلات

انهمرت الدموع من عينيها، لا تعرف لماذا القدر يصر على أن يختار لها أزواج خسيسة مثلهم
لماذا وهي قررت البعد واختارت أن تكون عازبه وتكون لها حياة مستقله في العمل فقط؟!
تذكرت كل ما حدث معها من قبل وانهارت في البكاء
لفترة طويلة حتى احمرت عينيها ووجنتاها الرقيقة وتمرر حلقها من الشهقات المتتالية
أصاب رأسها الصداع ولكنها قررت اخيرا ألا تستسلم لكل هذا
لن تترك باريس يسيطر عليها
ستجهز حقيبتها وتهرب من هنا بسرعة قبل أن يفعل شيئا أكثر من ذلك
وهناك في لندن ستختفي ولن يجدها مرة أخرى
أو ستختار بلد أخر وتبدأ فيه حياة جديدة بعيدًا عن كل هذا !
لكن كيف ستفعل ذلك هذا ما يجب عليها التفكير والتخطيط له جيدًا قبل أن يأتي الغد عليها !




ليل اليونان طويل
ولا تعرف لماذا اليونان مختلفة في كل شيء حتى الوقت ومروره!
هذا ما أحسته في تلك الليلة الطويلة، والتي لم يزرها فيها النوم ولو بشق تمرة

بعد قرارها بالهروب، راحت دماغها في التفكير بسرعة، ماذا ستفعل وكيف تهرب
وأخيراً اهتدت لشيء ستفعله
فقط تنتظر أول ساعة من الشروق لتنفذه، على الأقل ولو خيط نهار واحد تستطيع به أن تتحسس طريقها
غادرت الفراش لقد ملت الجلوس فيه على لا شيء!
وقررت الدخول إلى الشرفة لعلها تهدأ بنسمة هواء في تلك الساعة المبكرة،
وقفت في الشرفة الواسعة، كانت غرفتها لها شرفة رائعة التصميم، مربعة بمساحة كبيرة مساوية لمساحة الغرفة تقريبا، وعلى سور الشرفة وقف تمثالين على اليمين والشمال ينتمون للحضارة اليونانية، وكأنهم يرفعون سقف الشرفة على روؤسهم، وكانت الشرفة تطل على جزء كبير من الحديقة والذي يضم الورود المفضلة لساندرا، وكأنها وضعت هنا من أجلها!

من خلف تلك الحديقة كان يقع سور المنزل وخلفه البحر الذي يطل عليه المنزل والذي تشم رائحة مياهه وتسمع صوت ارتطام أمواجه بصخور الجزيرة من مكانها في الشرفة
وهذا البحر هو سبيلها للهروب!
وقفت تتأمل ذلك المنظر الرائع، لكم تمنت أن تعيش في منزل مثله، مليء بالزهور والورود، تبدأ فيه حياه جديدة بمفردها بعيدًا عن أي وجع قابلته من قبل، كانت تخطط لذلك بعد أن تكون مبلغًا كبيرًا من عملها مع هاري دارك تستطيع به أن تبعد عن ضغوط الشغل وتفتح المشروع الذي تحلم به، لكم تمنت أن يصبح عندها مخبز وتصنع بيدها له كل يوم الخبز والشطائر اللذيذة، كانت مميزة جدا في الطبخ وارادت أن تستغل موهبتها في شيء مفيد لها، وتعمل في شيء تهواه، كان كل ذلك ليس الآن بالطبع لكنه كان في المستقبل القريب، نعم كانت تحب العمل مع هاري لكنه كان غير مستقر ومهدده بالفصل خاصة بعد حديثه معها عن احتماليه زواجة من كريسيتن أكد لها أن كل خططها كانت صحيحة وأنها في الاتجاه الصالح لها
ولم تعرف أن سفينتها سيأتي عليها رياح بما لا تشتهي، وسينقلب الزمن عليها ويقلب حياتها وخططها رأسًا على عقب ويرمي بها إلى هنا في شباك باريس فيليب القاسي المتعجرف
لكنها لن تتركه يفعل بها كل ما هددها به، لن تسمح له بهذا حتى لو كانت ستهرب إلى آخر الأرض بعيدًا عنه
وعند هذه النقطة أفاقت وإلتفتت حولها لتجد خيوط النهار بدأت في الظهور، على الفور دخلت إلى الغرفة، سحبت حقيبتها الصغيرة التي آتت بها إلى هنا، وقفت خلف الباب ووضعت أذنها عليه تحاول الاستماع لو أن أحدهم في المكان، اطمئنت أن كل شيء هادئ، فتحت الباب وتمشت في الممر الطويل على السجاد الأحمر العجمي الفخم جدا والذي ساعدها على امتصاص صوت خطواتها التي أصبحت سريعة عندما أحست أن الجميع نيام الآن
خرجت نحو باب المنزل كان كبيرا جدا وثقيل جدا حاولت فتحه لكنها لم تقدر حاولت ثم تأكدت أنه مغلق بالمفتاح من الداخل!
خاب أملها ولكن عقلها عمل بسرعة واقترح عليها فكرة استحسنتها، اتجهت نحو المطبخ، على حسب ما توقعت الغرف، هذا هو المكان الذي كان يخرج منه الخادم وقت الطعام، المنزل كبير ومخيف وكأنه متاهه، وبعد عدة غرف خاطئه أخيراً دخلت إلى المطبخ، والذي كان واسعًا ورائعًا جدا لدرجة خطفت نفسها، كانت تريد الوقوف والتأمل والتعرف على كل أدوات الطبخ الجديدة عليها والتي تستهويها كثيراً
لكن الوقت لن يسعفها فإضطرت أسفا لفتح الباب الخلفي والذي توقع عقلها وجوده ومن حسن حظها أنها وجدته مفتوحًا
فتحته برفق وقررت عدم غلقه مرة أخرى حتى لا يخرج منها صوتًا مميزاً أو أي شيء من هذا القبيل
في تلك الدقائق التي استغرقتها للخروج كان النهار قد سيطر على المكان بسرعة وكان هذا من حسن حظها، تمشت بين الورود بسرعة واتجهت نحو باب المنزل الخارجي بهدوء تراقب إذا كان هناك أحد واقفًا كفرد أمن أو أحد آخر، لتجد أنه لا أحد والباب أيضًا سهل الفتح!
غريب يتركون الباب الخارجي ويغلقون الداخلي ؟
وقبل أن تتعجب سمعت بخطوات قدوم أحدهم فخرجت بسرعة، يبدو أنه فرد الأمن فتح الباب ثم عاد ليفعل شيء ما
عند خروجها من الباب أطلقت ساقيها للريح، جرت وجرت بطول سور المنزل والذي كان كبيراً ثم توغلت بشكل عكسي نحو البحر، توقفت قليلاً لتلتقط أنفاسها، أحست أن دقات قلبها كانت عالية كدقات طبول افريقية في فرح زعيم القبيلة!
حتى أنه من شدتها أحست أنها تسمعها في أذنها، كانت تريد الابتعاد بسرعة قبل أن يكتشف أحدهم غيابها بأي شكل
هدأت لثوان ثم أكملت الجري نحو البحر، كان بعيداً بعكس ما رأته من المنزل وشرفته الشيء الذي أعطاها احساسًا بأنها تمشي في الاتجاه الخطأ
ولكن رائحة البحر التي تزداد وصوته الذي يعلو أكد لها أنه في الطريق الصحيح، جرت وجرت حتى ظهر البحر أمامها أخيرًا، تنهدت ووقفت لتهدأ حتى لا يظهر عليها شيئًا غريبًا، كانت خطتها أن تذهب إلى البحر وتجد مركبًا يوصلها إلى الجزيرة الرئيسية التي بها المطار والذي سيعيدها إلى موطنها
هكذا كان اخبرها هاري في يوم عندما كان يتحدث لها عن مزايا الأرض التي يريد أن يشتريها وأنها سهلة المواصلات
توقفت حتى هدأت وبدأت تمشي ناحية الشاطئ ليظهر لها فعلاً مراكب متناثرة على الشاطئ، كانت مراكب صغيرة وهي تخاف منها لكن لا وقت للخوف الآن عليها النفاد بجلدها من هذا الجحيم
توقفت ثم اختارت إحدى المراكب التي يظهر عليها الحداثة وتوجهت نحوها، لتجد صاحبها واقفًا يبدو أنه يستعد للصيد، جيد إذا سيدخل إلى عرض البحر وهذا سيسهل عليها مهمة اقناعه بما تريد
وقفت أمامه وأشارت له وعلت بصوتها حتى استطاع رؤيتها والنظر لها، هز رأسه ثم أشار لها بأنه سينزل لها
وبالفعل نزل من المركب وجاء لها مبلل المنتصف من المياه الذي قفز فيها لتوه، ابتسمت له ودعت أن يكون متحدثا بالانجليزية فهي تعلم جيدًا أن اليونانين يعتزون بلغتهم وليس جميعهم يعرفون لغة أخرى
-  أهلا بك سيدي
وجدته يرد عليها التحية فتهللت أساريرها يبدو أن يتحدث مثلها
تشجعت وبدأت في مفاوضته : أنا هنا كنت ضيفة وأريد العودة إلى الجزيرة لاستقل طائرتي هل يمكنك مساعدتي ؟
هز رأسه نفيا ثم قال : لا استطيع الخروج إلى عرض البحر اليوم، الارصاد تقول أنه الطقس سيكون سيئًا
التفتت حولها ورفعت رأسها للسماء، طقس سيء!
أين ؟ وفي بداية النهار فقط بدأت الشمس في فرض سيطرتها ودفئها على الأنحاء، حاولت اقناعه وقبل أن تقول شيء فهمت أنه يحسبها تطلب الخدمة مجانية!
ياللغبي
-  سأدفع لك ما تريد لا تقلق فقط أوصلني إلى هناك ؟ هل يمكنك ؟
تهللت أساريره وهز رأسه ايجابًا، يبدو أنه يوم رائع يبدء بتلك الصفقة الجميلة
-  نعم أستطيع
-  جيد، هيا بنا بسرعة
-  إلى أين ؟!
لم تخرج هذه الجملة منه، هذا ليس صوته ولم تتحرك شفتاه حتى، هذا الصوت تعرفه جيدًا، ارتعد جسدها، لا تريد أن تلفتت، قررت التعامل مع الصياد وكأنه هو الذي نطق بها، لكن بترت كلماتها عندما تعلق عين الصياد بشيء ما خلفها، رأسه مرفوعة بالطبع عرفت من هو صاحب ذلك الطول الفارع!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي