ضد اللمس

Tayseer Mohamed`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-07-01ضع على الرف
  • 120.1K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الاول

بسم الله الرحمن الرحيم
ضد اللمس
الفصل الاول

انفاس متقطعة ما بين الركض و السقوط ثم النهوض و من بعدها اكمال الركض بخفقان شديد علها تفر من ذلك الكابوس ، نعم تتمنى ان يصبح كابوس فلا كاقة لها بتحمل عواقب ما حدث لها خاصة انها ليست المذنبة و لكن عليها تحمل العواقب فقط ، و لكن امام من ؟
امام المجتمع و اهلها و ذويها الا قلة منهم سيرأف بحالها بل و سيساندها و يشجعها و هذا ما يحدث في الحالات المماثلة .

ظلت تنظر خلفها و هي تركض و الرهبة متملكة منها ، فها هي تحاول تجميع شتاتها و المام ما تبقي من ذاتها لعلها تفر ببرائتها و عذرية نفسها المهملة من قبل الجمع و من حولها او من يطمع بها و بجمالها الخلاب ، او من الممكن ان تكون انفس مريضة شهوانيه لا تريد سوى انتهاك عرض تلك الفتاه و تدنيس اخرى ، و سرق براءة ثالثة و لن يتوقف الامر لذلك الحد ماداموا احرار لا يوجد من يوقفهم ، و من الممكن أن تكون فئة ممن رأوا أن تلك الحياة كذالك ، تغيب عقولهم ليفعلوا ما يحلوا لهم دون وعي بما فعلوا و هذا الامر يعود لما نشأوا عليه ، و تلك الاحوال و في تلنهاية تقع ضحاية كتلك الفتاة البالغة من العمر ثمانية عشر عاما ، نعم كل العلم أن هناك اخريات فاسقات عاهرات لا دين لديهم مثلهم تماما يجتمعون بهم و برضاء تام منهم يشريون و يتمايلون بل و يرتكبون الكبائر في سبيل الترفيه او من الممكن بعض من النقود و غيرها من الاسباب التي لا تغفر من اجلها اي شئ فلا شئ يبرر ما يحدث .

اصبحنا في مجتمع يجعل من حولنا كل ما هو ممنوع يجعل متاح و جهرا بل و لا رادع لذلك ، زمن لا تجد سوى ثلة من المستقيمين الذين يخافون الله جل شأنه يحبونه فيحبهم الله و يحميهم ، نعلم أن الله ينذرهم كثيرا و لكن عقولهم المغيبة تلك هي ما تجهل هوية تلك الانذارات و تتجاهلها و لكن الله لا يغفل عما يفعل من الخلق و يمهل و لا يهمل فالله ليس بظلام للعبيد .

انهكت من الركض لتنظر امامها و لكنها تتراجع سريعا لتجد احدهم يقف امامها و لكن ما ردها سوى الصراخ المنهك و من ثم تسقط مغشي عليها فمن هنا بدأ اليأس و لا طاقة للجهاد .

تعالى صوت المؤذن في احدى الاحياء معلنا عن اذان فجر يوم جديد لكنه مؤلم للغاية ، ينادٍ الله علي عبادى ليلبي منهم من هم متيمين بالايمان عاشقين عبادة الله بل و مغرمين بعمل الطاعات علي اكمل وجه .

استيقظ ذلك الشاب اليافع البالغ من العمر ٢٧ عام ، و يا الله علي الشباب المقربين من الله لتلك الدرجة فعبادتهم احب عند الله من عبادة كهل يعبد الله علي نفس القدر .

خرج الي المسجد ليجعلونه بعض المصلين إمام لهم فيكفي انه حافظ لكتاب الله ، فهو بينهم الاكثر ايمانا و علما .

و كالعاده كان صوته يجلجل عبر المكبر فيطرب اذان المستمعين و المصلين و يرق قلب الضالين في الخارج لعله سبب في عودتهم الي الله يوما ما .

انتهي للاسف ذلك الصوت العذب من التلاوة و من الصلاة ايضا لينهي مصافحة للمصلين و من ثم يعود سريعا لمنزله لعله ينعب بساعة اخري من النوم حتي يستيقظ للعمل .

دلف للمنزل و كالعاده القي نظرة علي غرفة اخوته و امه ، فوالده وافته المنيه منذ سنتين تقريبا ، و لكن لاحظ عدم وجود اخته التي تصغره ب ثمان سنوات الا و هي غرام .

تسلل حيث غرفة أمه ليوقظها بهدوء ليقول أيهم بهدوء :
ماما غرام فين ؟
التفتت له بقوة لتقول :
في اوضتها يا ابني .

تنهد و ذهب ناحية المرحاض ليدق بابه و من ثم يفتحه ليجده فارغ ، عاد يبحث بكل ركن في المنزل لتنهض الام بفزع تبحث مثله ليستيقظ ابنها الاصغر الاخر الا و هو بسام البالغ من العمر سته عشرة عاما فهو يصغر غرام بسنتين .
ايقن ثلاثتهم عدم وجود غرام .

جلست الام و بدات بالنواح فهي تعلم حالة ابنتها منذ ان توفي والدها و الذي كان مقرب لها للغايه و هي تعاني من تعب نفسي و من المعتقد انها شفيت منه لكن لا يعلمون ان الاثر مازال قائم .

- و بعدين يا ايهم اختك فين ؟
كانت تضرب علي فخذيها بقوة و بكاء لينهض ايهم متجه للخارج قائلا بهدوء :
هنزل اشوفها معرفش فين بس هشوف .

سبحان من انزل عليه هذا الهدوء فكظم الغيظ من اهم ملامح ايمان المرء .

حاول التماسك لا يعلم ما يجب عليه فعله لكن الله يربط علي قلبه دايما و يلهمه الصبر و القوة في اجتياز كل ما هو صعب .

حاول ان يبحث في الشوارع و الحواري المجاوره ، يطلب من اي مرأة كبيره بالعمر ان تذهب لمصلي النساء المتواجد امامه و تهتف باسم غرام و تكرر ذلك الشئ في جميع المساجد المتواجده في الحي لا يجدي اي فائده .

توقف ينظر للسماء يفكر بما يحدث لها الان كثير من الروايات تسلح في مخيلته قلقا علي اخته ، لحظات و دق هاتفه ليعلن عن رقم غريب فأمل أن تكون هي و هاتفها الذي حاول الاتصال عليه و وجده مغلق تأمل لو انها في مأذق بسيط و نفذ شحنه لذلك فصل و وجدت مساعدة فهاتفته .

اجاب بلهفة بل و تلعثم و لكن بعدما استمع لما قال و في النهايه اجاب :
لا اله الا الله انا جاي بامر الله ، الحمد لله الحمد لله .

انهي هاتفه مهلهلا بل و عائدا ليصطحب امه و اخيه حيث مكان اخته فكان لا متخبط في مشاعره ما بين الارتياح و القلق لا يعلم أيفرح أم يبكي فقد علم انها مشفي ما و هذا أمر بحد ذاته مقلق للغايه لكنه استودعها عند الله و هي في حفظه و هذا ما يصبر به ذاته .

مرت دقائق و قد وصلوا بالفعل الي المشفي المتواجدة فيها غرام ، تسائلوا عن رقم غرفتها ليدلهم عليها احدي الممرضات في الاستقبال .

كانت الام تركض و ايهم بخطواته المتسعة يلحق بها ، لحظات و قد وصلوا ليجدوها متسطحة علي الفراش لا حول لها و لا قوة ، هزيلة ضعيفة بل و منهكة .

دلف الطبيب و كانت غرام في ثبات تام ، ذهبت اليها والدتها تتفحصها بريية أما ايهم فسأل الطبيب قائلا :
دكتور بعد اذنك عايز بس افهم ايه الي حصل ؟

دقق النظر به ليستشعر الشبه بينهم ، تنحنح قليلا قبل أن يأخذه للخارج و من ثم بعدما نظف حلقه قال :
حضرتك لازم تبقي هادي في اي حاجه هقولها تمام عشان لازم كل حاجه تتحل بهدوء .

تراقص القلق بين خلايا مخه ليقوم بعدم فهم :
لا ياريت تقول بسرعه عشان كده انا قلقت اكتر .

تنفس قبل ان يقول الطبيب :
للاسف هي اتعرضت للاعتداء الجسدي و و ده حصل عرضها انها بقت للاسف ....

لا يستوعب ما يقول و شعر و كأن العالم من حوله يدور به أحقا حدث كذلك ، تركه و دلف ليجد غرام قد استيقظت ، و لكنها ساكنه لا تتحرك كالحثة الهامدة
والدتها و اخيها يحدثاها و هي في عالم اخر ، تقدم منها ايهم و علي وجهه ملامح صادمة ، لمحته كانت الاقرب و الاهم في حياته و هو لها كان السند و الصديق ، اقترب اكثر ليصبح بمقابلها أما هي فبتلقائية قامت باحتواء خصره بتشبث و من ثم بدأ البكاء بصوت مرتفع تتمزق لها القلوب أما هو فاغمض عينه بقوة و عدم استيعاب و قد اعتصر قلبه نحيبها الذي كان و مازال يميل لبكاء الاطفال ، فكيف هي مازالت طفله يالهي ، لا علم له بما يتوجب عليه فعله ايغضب و يجعل عاليها سافلها ام يصمد و لكن كيف فالعرض لا حديث فيه فلابد من القصاص ...

النحيب مستمر و الام لا تعلم ماذا هناك ، لا يستطيع فعل شئ سوى احتواء رأسها بقوة ، يربط علي ظهرها بحنان يحاول الصمود و يكبت دمعاته فهو السند لها و ان ضعف ضعفت هي الاخري .
ابعدها و من ثم جعلها تستريح لتستكين بالفعل و لا تتحدث ، تقدم من والدته التي تكبره بخمسة عشرة عام فقط فعي تزوجت من والده و هي تمتلك خمسة عشرة عاما .

امسك بيديها و من ثم سحبها للخارج تاركا اخيه الاصغر برفقة شقيقته .

تقدمت المدعوه زينب و هي الام لتقول له :
هو في ايه بالظبط ؟ انا قلقت و الفار ابتدي يلعب في عبي .

حاول تهدأت ذاته و من ثم اخذ نفس عميق و من ثم قال :
انا عايز اعرف ، غرام ازاي تبقي بره في وقت زي ده مين خرجها ؟

دق قلبها بقوة و انحرفت عيونها يمين و يسار و من ثم قالت :
هو المفروض انها خارجه مع صاحبتها و هي صاحبتها الي اقنعتني تبقي عندها شويه قولت كويس و فرحت ان غرام رجعت زي الاول بس و الله نمت غصب عني يا ايهم و كنت مطمنه ان المفتاح معاها .

اغمض عينه بقوة و لمن يعقب لتسال ثانيا :
هو حصلها ايه قولي الله لا يسيئك

و هنا انفجر بها قائلا :
خلاص بنتك ضاعت معرفش مين قدر يعمل فيها كده بس و حياة ربنا ما انا سايب الكلب ده .

ليتركها ذاهبا للخارج لا يعرف وجهته حتي .

أما هي فلا تستوعب ما حدث لتجلس علي اقرب مقعد لديها في صدمة كبيره و هنا عليها تحمل الذنب .

في مكان اخر الا و هو قصر كبير للغاية كانت تلك الفتاة البالغة من العمر ثمانية عشرة عاما ، تطرق بهو القصر ذهابا و ايابا و خصلاتها القصيرة السوداء تتحرك بقوة مع تحركها ، ملامحها مشدوده للغاية من كثر القلق لا تعلم ماذا تفعل ، صديقتها منذ أن ذهبت من بيتها و هي لا تعلم عنها شئ فهاتفها مغلق منذ ذلك الحين ، ظلت مستيقظة حتي الأن و الأن يجب عليها الذهاب لمنزل غرام فاليوم عطلة في مدرستهن فهي مدرسه للفائقات فقط و هذا ما جعلها تجتمع مع سجى ابنة صاحب النفوذ و الجاه .

أتت والدتها و التي تدعي هانم ، وجدت ابنتها فجلست بتعب لتقول :
مالك ؟

جلست امامها سجى لتقول :
غرام يا ماما معرفش عنها حاجه .

سألت هانم و هي لا تعي شئ بالصداع يكاد بفتك رأسها :
غرام مين ؟

اندهشت سجى لتقول بتأفف :
صحبتي ، يوووه مش هتفتكري انا ماشيه .

و بالفعل خرجت من منزلها فهي تعلم ان والدتها لا تعلم اي شئ عنها و كل ما يهمها هي الموضه وصيحاتها و اصدقائها فقط .

اعتلت سيارتها لتقود ذاهبة الي منزل صديقتها حتي تطمئن عليها .

و ما ان غابت سيارتها عن الانظار حتي اتت اخري باللون الاسود فخمة للغاية ، ترجل منها شاب ملابسه غير مهندمه بعض الشئ خصلاته مشعثه و من ثم دلف للداخل قاصد غرفته المتواجده في الطابق الاخر ، لكن هتاف والدته هو ما اوقفه :
كنان !

نظر لها بتساؤل و بعيون لا حياة فيها لتسأله هانم :
كنت فين كل ده ؟

تنهد و لن يعقب بل و اكمل طريقه و كأن السؤال لن يطرح اصلا .

اما هي فلم تهتم بل أتى لها رنين هاتف و كانت احدي صديقتها لتندمج معها في احاديثهم السطحية تلك .

عودة للحي المقام فيه ايهم و غرام و علي باب منزلهم سجى التي طرقت الباب كثيرا و قد ملئ القلق قلبها ، تأففت و من ثم كادت لتهبط فوجت ذلك الشاب الطويل امامها ، وضع عينه ارضا و من ثم سأل :
عايزه حد هنا ؟

اومات بلهفة لتسأل :
غرام ، غرام مش موجوده ؟
تنهد ليقول و هو لا يعلم ماذا يقول :
موجوده بس بره مع ماما و اخوها ، مين حضرتك .

تنفست الصعداء واضعة يدها علي موضع قلبها بارتياح لتقول :
الحمد لله يا رب ، انا سجى صاحبتها كانت معايا امبارح و بتصل بيها من امبارح مش بترد قلقت عليها .

اما هو فما إن استمع لجوابها حتي رفع عيونه بقوة لها .

عودة للمشفي .

كانت زينب ثائرة ممسكته بكتفي ابنتها لتقول بقوة و بكاء :
قوليلي مين عمل كده فهميني .

اما غرام فلا حول لها و لا قوة تبكي بقوة و بسام علم ما حدث فهو ليس بالصغير فالعالم من حوله علمه كل شئ ، حاول أن يبعد والدته عن اخته و لكنه لا يستطيع .

كانت غرام تبكي فقط لا تستطيع التحدث فما تعرضت له ليس بالهين .

امسكتها والدتها بقوة لتقول :
خلاص العار جالنا ، و خلاص مابقتيش نافعه لحد هنفضل تعسى لاخر حياتنا ، ده جزاتي اني حاولت اخرجك من اكتئابك الي بقاله سنتين مش راضي يخلص .

دلف ايهم سريعا ليحول بين امه و شقيقته التي اصبح لها طوق النجاة و من ثم احتضنها بقوة و هي تشبثت به بخوف فلهذه الدرجة امه تجدها المذنبة ، يعلم أن اخته ليست كفتايات هذا الجيل فعي بريئة الغاية و هناك اخر اخذها رغما عنها .

تحدث ايهم بقوة و هي بين احضانه :
انتي بتعملي ايه فهميني ، انتي ازاي كده بدل ما تحضنيها و تطبطبي عليها .

جلست بندب دام لدقائق قائلة :
لا لااا احضن و اطبطب علي مين دي جابت العار ، انا غلطانه انا الي غلطانه ، انا مش عارفه اعمل ايه انا مش قادره اصدق .

و هنا تحظث ايهم بهجوم :
اه انتي بتعملي كده عشان محمله نفسك الغلط و بتطلعي كل الي جواكي عليها .

نظرت له بصدمه فلاول مره يحدثها هكذا ليكمل ايهم :
انا اسف يا امي بس انتي الي اضطرتيني اقول كده و للاسف دي الحقيقه .

انهمرت الدموع من اعين والدته ولن تعقب و لكنها لمحت سجى تقف في ركن من اركان الغرفة باكية لتتقدم منها و من ثم سألت بقوة :
وديتي بنتي فين عشان يحصلها كده ، هي دي الامانه الي امنتك عليها هي دي ؟

حاولت سجى الدفاع عن نفسها و لكن شهقاتها وصلت حتي السماء ، ترك ايهم اخته و من ثم وقف ظهره لسجى و وجهه لامه الذي قال لها :
هي مالها دعوه هي خلتها تروح في المعاد الي اتفقتوا عليه ، ممكن من فضلك تهدي عشان نفهم من غرام ايه الي حصل .

نظرت تارة لسجى و تارة له و من ثم تركت الغرفة كلها فيجب عليها الهدوء و لو لقليل حتي تعيد تفكيرها و تعرف كيف تتصرف في ذلك الامر .

عودة للقصر الخاص بسجى
و خاصة غرفة كنان اخيها المتواجد في المرحاض تتساقط عليه قطرات المياه المتدفقة من الصنبور علي جسده ، كانت باردة تهدا حرارة جسده المرتفعة تلك ، تحاول ان يستفيق كليا فمظهرها أمام عينه لا يغيب ، لعن تلك المغيبات و لعن صحبته تلك ، و رغم كم المحرمات الذي يعيش بها الا ان تلك الفتاة الوحيدة التي شعر بالندم و الاسف بل و الخطأ بما فعله بها و لكن كيف توصل لها و الاهم من ذلك كيف حدث كل ذلك ؟ هذا أمر يجب علينا سماعه من تلك المسكينة فقط .

تيسير محمد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي