روايةقدري والمتعجرف

نورا أحمد`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-06-22ضع على الرف
  • 31.6K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

عاصفة الشتاء

قبل كل شئ أسمح عزيزي القارئ أن أوضح لك أمر إن كان بسيطًا لكنة في غاية الأهمية وعلى الرغم من ذلك الكثير غفل عنه وغير مدرك بشعة ومأساة ما يتركه عند رحيلة لن أطيل الحديث سأخبركم به...
يمر على حياتنا الكثير من البشر وبأدوار مختلفة منهم من يحمل قناع واحد ويتعامل بطريقه عفوية وتلقائية وحديثه واضح كوضوح الشمس في كبد السماء فيرحل ذلك الشخص و يترك خلفه أثر خاص من ضحكات تظل عالقة بذهنك ومتذكر تفاصيل حديثة وإن كان عابر سبيل ولكن تتمنى عودته مرة أخرى . . . . . .
وهناك من يتلون بقناع الخداع والكذب والنفاق ويكون حديثه معسول وملفوف بالكلمات العذابة لغرض دينوي لا تعلمه.
ما يريده؟ ولحين أن يرحل بعد فترة ويترك الكثير من التساؤلات تظل تبحث عن أجوبتها لكن دون جدوى ، لذلك كون صاحب أثر لطيف بكل علاقاتك يبتسم عندما يتذكرك . . . . . .
أردت ترك تلك الرواية لمغزي تبعث به نفسي مُنذ فترة ألا وهو النفور من تحكمات القدر والعلاقات الإنسانية ، نعم قصدت النفور، فلا تحكم عليّ بعدم الرضا بقضاء الله وقدره قبل أن تقرأ حكايتي مع القدر وما فعلة .
الفصل الأول (عاصفة الشتاء)
مسار إجباري يقودها إلي حيث لا تريدُ وكأنه السجان يجرها بكلٌ قوة إلى مكان سجنها كي يغلق عليها أبواب زنزانتها ولم يكتفى بذلك، أرد أن يمنعَ النور والهواء عنها عقاب لوجودها في تلك الحياة رغم أنها لم تقترف أثمًا ولا ذنبًا، رُبما والأحري ذنبها وجودها في عائلة "الصفطاوي التي لا ترحم"!
نور فتاة بسيطة كباقي الفتيات كانت خفيفة الظل والروح وتتميزُ بالمشاعر والأحاسيس الجياشة وبشكل مبالغ فيه تتأثر بالمواقف المحيطة بها، والذي يعلو من شأنها خُلقها الحسن الذي يشهد به الجميع، لها أحلام وردية تتمنى يومًا أن تحققها، على رغم من العوائق التي تُعثر في طريقها لحلمها لكنها عنيدة وقوية كالنفس الأبية لا تستلم بسهولة وشموخها كشموخ ملكة تتربع على عرشها..... وإن كانت ولدتْ في عائلة مفككة وعاشت بظروف سيئة سبب انفصال أمها فلذة كبدها عن أبيها سند ظهرها بعد حياة زوجية دامت بينهم خمسة أعوام من المودة والرحمة والحب والود ولكن دوام الحال من المحال انقلبت حياتهم رأس عن عقب؛ حيث أثرت خسارة أبيها في أعماله التجارية على حياتهم ممَّا أدى إلى تراكم علية الكثير من الديون فلم يُجد أمامه غير النزوح إلى موطنة الأصلي وطلب المساعدة من أقاربه، لكن المفاجأة الصاعقة!
أصرار معظهم إعطائه حقه الشرعي ولكن بعد تنفيذ الوصية أبيه المرحوم الذي كان من أحدي بنودها أن يعود إلى حيث ولد ويستقر في قريته لمدة لا تقل عن ثلاثة سنوات وعندما سمع ذلك لم يجد حيلة غير السمع والطاعة بعد إنعلاق كل المنافذ للنجاة من المأزق، أتخذ قرار دون النظر إلي رأي زوجتة التي عافرت وتحدت الكثير من المشاكل في بداية زواجهم ورفض أهلها تلك الإرتباط وصمدت على الزواج منه وفضلته على الأخرين ليكون شريك دربها وإن كانت عانت الكثير والكثير لإقناعهم بهذة الزيجة حتى نالت موافقتهم وإن قطع بعض أفراد أسرتها صلة الرحم التي تربطهم بسب الزواج منه فلم يكن ذلك في حسبانه عندما أخذ قراره وأنها تحددت الظروف من أجله ومواجهته أقرب الناس إليها ألا وهو أبيها و لكنه كان مُصر علي الإستقرار في قريته وإن رفضت زوجتة ولا تريد ذلك مهما كفلها الأمر من عوائق ومشاكل زوجية وصمودها على رأئيها و العيش في القاهرة بلدها التي ترعرعت فيها حيث أن الوجة البحري يمتلك وجهة نظر سيئة على الحياة في الصعيد حيث يسودها التعقيد والجحيم وجفاء المعاملة وعادات وأعراف وتقاليد قاتلة وقسوة المعيشة وإنعزالها عن وسائل الترفيه.... وكل منهما مستبد برأيه ويظن أنه على صواب دون النظر إلي مستقبل تلك الفتاة والتفكير في مشاعرها وكأنها بعوضة لا قيمة لها !!!
وعندما خُلقت المشاكل والشد والجذب بينهم وصل الأمر لتداخل بعض أقاربه والصُلح بينهم لكن أنتهي المطاف بحل أن يعود إلى الصعيد ويستقر هناك ويأخذ حقه الشرعي ليسد تلك الديون أفضل من أن يُسجن ويكون مجرمًا مُختلسًا لحقوق الأخرين في نظر القانون والمجتمع وتحلقهم وسمة العار.. فكان مصير تلك الفتاة أن تحرم من مشاعر الأبوية في أشد إحتياجها لوجوده بجوارها و تقيم مع أمها في القاهرة وتكون بعيدة كل البُعد عنه، والإتفاق على رؤيتها من حين لأخرى وتسافر له في الإجازات الرسمية لحين تنتهي من دراستها وحينها يُنظر في المكان الذي تستقر فيها وكأنها لعبة بيدهم يرميها كل منهما لأخر دون معرفة رغبتها !
وتلك الفتاة ظلت كاتمة مشاعرها الجياشة والتعبير عن رائيها خوفًا عليهم أن يشعر أحدهم أنها تفضله أحدهم على الأخر ، على الرغم من كونهم متجاهلين مشاعرها ولكن لم تدوم الحياة كثيرًا فبعد الإستقرار مع أمها لمدة ثلاثة أشهر ومررت عليهم الحياة بشكل تقليدي وتلك الفجوة التي تركها والدها تكبر يومًا تلو يوم حتى أصابت أمها بأزمة قلبية أدت بحياتها للوفاة حينها أحست تلك الفتاة المسكينة أنها مكسورة الجناح حقًا وأصبحت وحيدة بعد رحيلها فإنها رفيقتها وسبب وجودها وصبرها على المعاناة كانت تدعوها دومًا ريحانة القلب ذهبت وتركتها وحيدة لمواجهة مأساة العالم وعادات وتقاليد لا ترحم، وارتقت روحها إلي رب العباد وبات قلبها مُنقسم حيث أرهقته الحياة وأصبح ملئ بالحزن علي رحيلها وبعد وفاة أمها بيوم أعطاها جدها ورقة تركتها أمها أمانة عنده لحين يُسلمها إياه إن حدث لها مكروه أخذتها وبدأت تقرأها والعيون جارية على خدها وأخذت وضع القرفصاء وكانت محتضنه تلك الورقة حتى حفظت كلماتها عن ظاهر قلب ولن تنسها وإن طال الزمن.
"أرجوك يا عزيزتي بأن لا تحزني ولا تبكي فلا مفر من الموت وأنه الحقيقة الوحيدة الحتمية في حياتنا وأتمنى أن تكون واعية لكل كلمة بل لكل حرف أُخبرك بأمر كنت أخفية جدًا عندما انفصلت عن أبيك كنت كل ليلة مع عتمة الليل أبكي بحرقة عليه فقد فضل الحياة ولم يأخذ في حسبانه ما واجهته بسبب فقد أحببته حُبًا جمًا لكن خذلني وفرقتنا الحياة وأخبرية بأني ما زالت أحبة وسأظل أحبه وإن خذلني ولكن التمس له العذر وأرجوك أنتبهِ لتلك النصيحة وأجعلها على محمل الجد إجتهدي في دراستك فهي سلاحك الذي يحميك من بشاعة المجتمع وأجعلي هدفك أن تصبحي مهندسة ماهرة وترفعي من شأن نفسك دومًا وحينها أكون فخورة بيك ولا تجعلي العناد يكون سبب في تحطيم حياتك كما أخطأت ، فقد أدخرت مبلغ من المال في درج السحري لمكتبي ليساعدك على مصاريف الحياة ودراستك وتجلسي من جدك لحين تخرجك من الجامعة كما تم الإتفاق مع أبيك وما عليك إلا السمع والطاعة لما يطلبه منك فهو أشد الناس خوفًا حرصًا على مستقبلك ومن الآن وصعدنا لا تبكي يا قطعة من روحي "
قرأت تلك الوصية مرراً وتكررًا والبكاء يرفقها ولكن لن يعود ما فات والوقت كان عصيب ومنفزع عليها ولم يحضر أبيها الوفاة لإصرار جدها على عدم حضوره ولن يدخل له بيتًا عندما تم الإنفصال عن إبنته مررت الأيام بمذاق الحزن والمرار الأليم واستمرت حياتها مع جدها لحين تنتهي الدراسة وعلى الرغم لم يتبقى الكثير على موعد زيارتها لأبيها الذي لم يوجد غيره من عائلتها بعد وفاة أمها وريحانة قلبها ولكن لم تكن الزيارة كالمعتاد بل طلبها بمنتهي السرعة قبل موعد الإجازة على الرغم من علمة لم يتبقي غير شهر و أيام معدودة علي الإمتحانات ، طننت ذلك شوقًا ولكن كانت مُخطئية !!!!!!
تلك الليلة القاسية والحدث الشنيع الذي حدث في الصعيد حيثُ مأوى أبيها وغير مسار حياتها بشكل كُلي على الرغم من وجودها خارج تلك الدائرة ، تلك الليلة كانت من إحدي ليالي الشتاء الباردة في منتصف شهر يناير فمن المتعارف علية إختباء البشر في منازلهم هربًا من البرد القارس بعد العشاء ممَّا يعم الهدوء أرجاء المنطقة لعدم خروج الناس من منازلهم لكن منتصف الليل من غير سابق إنذار حدثت مشاجرة عنيفة عندما تقابلا رجلين على متن الطريق بضواحي القرية أحدهم كان من أفراد عائلة الصفطاوي والأخر من عائلة عبد السميع تشاجرا على قطعة من الأرض قد غُمرت بالري عن طريق الخطأ ممًا أحدث هذين الرجلين مشاجرة عنيفة وصُراخ أدى لرجه هزت أرجاء الصعيد بأكملها فأصوات الصراخ الصاخبة كأنها مهلي ليلى رجت الأرض والبيوت التي يسكنها الهدوء وخرج الجميع فضولًا لمعرفة مصدر تلك الأصوات حيث كان الرجال يمكثون في بيتهم خوفًا من تلك البروده لكن الصراخ أفزعهم فزعًا أخترق قلوبهم فخرجوا لمشاهدة ورؤية ذلك الإشتباك الذي فوقه ظلام ممتدٌّ ومحاولة باتت بالفشل لقضاء على المشاجرة وتداخل أطراف أسرتهم لكن صوت سقوط المطر كان الوحيد القادر على تعثر خطواتهم جميع الأشخاص ويرفقه صوت الرعد منادي بالصُلح وفض تلك الإشتباك كأنها نبرة تهديد لهم ، وما هي الا لحظة بل برهة وأطلق رصاصة من سلاح شخص مجهول وخسيس كان يترقب تلك الفرصة وإنتهزها بطريقة صحيحة مُعقبها الهدوء التام نتيجة لما حدث حيث سقط أحدهم مقتول شخص لم تظهر ملامحه من خلال ظلام الليل الدامس تلامس جسدة بالأرض أحدثت رجة فمن كان هذا المقتول الذي أفزعهم لتلك الدرجة ؟، هل كان فرقد من أعيان البلد أم أنة مفحمة؟.
-ذلك المقتول يُدعي محمد الصفطاوي رجل من أكبر عائلات الصعيد التي يهابها الجميع فقد تمتع بمكانة مرموقة كالفرقد في القطب الشمالي ومركز بين الناس وعلى الرغم من أن زوجتة متوفية مُنذ زمن بعيد وتركت ولدًا في الخمسة عشر من عمره لكنه أثار وهب حياتة لذلك الولد والعمل على رعاية بنفسة دون النظر لرغباته وصراعة مع المرض الذي يحتاج لوجود ما يساعده ويتقوي عليه في المعيشة وما يسمعه من أعيان العائلة بأنه لابد من الزواج لمراعاة حاجاته ومتطلباته ومساعدته في تربية ذلك الولد لكنه رفض تللك المحاولات في إقناعة وعاش عمرة علي تعليمة وتأدبة ومنحة كل المشاعر التي يحتاج إليها وتعويض عاطفة الأمومة التي أثرت عليه بعد موت ولدته لحُبة الشديد لها، حتى وصل لست الثلاثين من العمر و أصبح معيد في كلية الهندسة جامعة القاهرة فلم يكن أقل حظًا من والده تمتع أيضًا بشخصية قوية يحترمها الجميع يوقره وإن كان ذو عرق صعيدي إلا أنه متفهمُ ومُتحضر وعاش معتمد و بعيد عن أهله يأتي إليهم بعض الأيام زيارة ليطمئن عليهم ويقضي أيامًا مع أبوه وكان يحترم عاداتهم وتقاليد هم وإن كانت ضد رغبته ولكن يا حسرتا كان أبوة هو من وقع جثة هامدة تلك الليلة الحزينة ؛ لكن ما حدث بعد مقتله ومن القاتل وهل عرف الخبر بعد؟!.
كل هذة التساؤلات تَظَل تَبْحَثُ عَنْ أَجْوِبَتِهَا؟.
تلك الفتاة المسكينة نور وخفيفة الظل بشوشة الوجه مجرد دخولها الجامعة يُصاحبها الفرح والبهجة وإبتسامة تخطف الأفئدة على الرغم من شخصيتها الإجتماعية وكثرة معارفها لم يكن لديها غير شخصين مقربين مُنذ مراحل دراستها حتى السنوات الأخيرة من الجامعة لوجود تشبه بينهم فالرفيق مأوى صديقة عند الأزمات وكانوا حقًا ذلك.. . وعندما وصلت رسالة من أبيها بسرعة الرحيل إليه فورًا من مضمون خطابهُ، ممّا ترك مشاعر متلهبه لذلك ولم يوجد أمامها إلا أن تشارك صديقتها بما يدور بداخلها..
-تعلمي يا أسماء أبي يريدني أسافر البلد بأقصى سرعة ومصمم بشدة لكن يراودني شعور بأن هناك مكروه أصابه و رُبما شوقًا ولكن لا أدري ولا أعلم يقينًا سبب إصراره تلك المرة.
-يا صديقتي لا تشغلي بالك بما يأخذك إلي متاهة فأنتِ بغني عنها يكفي ما حدث لكِ بعد رحيل أمك ، رُبما شوقًا ليكِ ولم يحدث مكروها اتركي تلك الأفكار السئية بعيدة عنك فلا ثمة لها غير سرقة الفرحة وتضيع لحظات السعادة.
- كيف؟ فقد كنتِ علي دراية بما حدث فبعد رحيلها ذهبت فرحتي وأصبحتُ أهاب كل شئ وعلى الرغم من محاولتة التعويض كل ذلك فلم ينجح ، فحنان أمي ومحبتها التي منحتها لقلبي لم يستطيع أحدهم وإن كان أبي ممَّا ترك فجوة أصابت فؤادي بعد رحليها، فالأيام المعدودة التي أجلس معه فيها كل سنة غير كافية ولا وافية بتعويض ذلك فأنا بحاجه إلية دومًا.
-لما تنهشي عقلك وقلبك بتلك الذكريات التي باتت من الماضي يا صديقتي اتركي ما مضى ، عليكِ الذهاب لتحضير نفسك والإستراحة لبعض من الوقت فلم يتبقى الكثير لسفرك والطريق مرهق وطويل لغاية .
- لا حاجه لراحة الحين، لابد من الحضور فتعلمي ذلك الدكتور المتعجرف لا يرحم وينقص من درجاتنا كأننا نضمن النجاح في مادتة التي تشببه كمعادلة أينشتاين.
- يكفي يا نور فلو سمعنا حينها سوف نبكي بدل من ضحكنا ويضحك علينا الجميع ، الله يكرمك كُفي عن الكلام لحين نفرغ من تلك المحاضرة فلا أتمالك أعصابِ من كلامك وطريقتك في الحديث عن المتعجرف فلو سمع لقبة منكِ لقطعك إربا وتركك لكلاب الضالة بلا رحمة.
- بارعة في التأليف واختلاق جو رعب من غير نقاش ليس هناك داعي لتلك التخيلات فلن يصل الأمر لهذا ، حقًا متعجرف لكنه ليس مفترس ومتوحش رُبما يمتلك إنسانية كالبشر ولا يفعل ذلك حتمًا، وعلى الرغم من كراهتي له لسوء معاملتة لنا كأننا ما زالنا في الصفوف الأولى ولسنا طلاب جامعة ولم يتبقي الكثير ونصبح قائدات مشارع هندسية ........
وقطع حديثهم دخول الدكتور عمر قاعة المحاضرات ساد الصمت التام فالجميع يخاف منه ولكنهم يحرصون على حضور محاضرتة؛ فكان يشرح بطريقة يستوعبها الجميع ويحرص كل الحرص على إيصال المعلومة لجميع الطلاب بطرق شتا. بنبرة صوت حادة تعطي صدى في جميع أركان المدرج.
-أتمني الجميع بخير وسلامة، سوف أعطيكم اليوم محاضرة مكثفة لظروف تمنعِ من حضور الأسبوع القادم فأرجو الإنصات وترك ما يشغل ذهنكم جنبًا فإنها في غاية الأهمية وموضع سؤال بالامتحان .
فرحت صديقتها أسماء بتلك الخبر وتحدث بصوت يُكاد يسمعه قائلة .
-يا أحلي خبر في حياتي، سوف نرتاح يا نور من رؤية وجهه الأسبوع القادم ومعاملته الجدية ولكن لابد من خروجه هذا اليوم لإنعاش أرواحنا وتشجعيها لإجتياز ما يتبقى من الدراسة..
-كيف أخبريني يا ذكية و وأنا سوف أسافر غدًا ولا أعلم متي أعود بعد؟.
أصبحت نور غاضبة جدًا عندما أشار بإبهامه ذلك المتعجرف الذي لا تطيقة من غير سبب لحد الآن حيثُ وضعها في موقف يخجل منه الطلاب.
-أنتم الأثنين لخارج فالمحاضرة مكان للعلم وليست لكلام الفارغ وتبادل الأحاديث الجانبية وقد نبهت على ذلك من قبل وأخر إنذار لكم والا ستحرموا من دخول الإمتحان النهائي وسوف أكتفي اليوم بطاردتكم للخارج وتكونوا عبرة وعظة لغيركم.
حينها خرجت نور وصديقتها من غير التفوه بكلمة وكان بداخلها غضب يثور كالبركان ظهر على وجهها فعلى الرغم من الحريص الشديد لحضور تلك المحاضرة حُرمت منها وطردت أمام زملائها وأصبحت علامات الحزن ترسم وجهها من إخراجه لهما أمام الطلاب ولكن سُرعنا ما أضحكتها صديقتها وهي تمثل طريقة المتعجرف. أنتم لخارج فليست... علي أساس نحب نحضر لولا الملامة لم نحضر لك يومًا ، لكنك تشرح لنا هذة المادة ولن يشرحها غيرك بتلك الطريقة البسيطة وتجزينا عند عدم الحضور .
أصبحت لا تتمالك أعصابها حتى انفجرت ضحكًا، فلم يكن الحظ حليفًا لها اليوم كالعادة حيث راها تضحك ظن ذلك سخرية منه واستهزاء فأوفقها.
-مكانك يا أنسة وأسمعي ما أقولة بعناية فلا تريني وجهك بعد اليوم ؛ بسرعة إلى الخارج بل لخارج المبنى حتى لا أحولك لمجلس تأديب الجامعة وتحرمي من دخول الإمتحانات .
خرجت دون نطق كلمة منعًا من مشاجرة تضيع بمستقبلها وسيطر عليها حالة حزن من موقفها أمام زملائها وأثناء نزولها على درجات السلم بعصيبة قد كان مبالغ فيها لما حدث وألقت اللؤم على صديقتها أسماء.
-هل سعيدة الحين؟. فقد أخبرتك مررًا وتكررا لا داعي لجلوس بجوار بعض وقت محاضرة ذلك المتعجرف، الهمي يا اللة الصبر عليه فلم يبقى غير فصل دراسي واحد على التخرج.
-يكفي يا نور فما حدث كان سيحدث فهذا مقدر ، فلا نضيع اليوم على الحزن لا أريد أن يراني زوجي المستقبلي بوجه عابس بسب المتعجرف.
- هل حاتم في انتظارك بالخارج؟
-نعم، نريد شراء بعد المستلزمات لشقة الزوجية وسوف يمر لنذهب لشرائها اليوم قبل حلول الإمتحانات فلم يتبقى الكثير على موعد الزفاف .
تبادلوا الضحك وكأن لما يحدث شئ، فلديها قوة رهيبة لتغير المزاجِ، فحقًا مجنونة صديقتها ونعم الرفيقة وتشبهها لحد كبير، خرجت إسماء مع حاتم خطيبها، وذهبت بمفردها ولكن هناك شعور يراودنها كخنجر تتوالى طعناته لقلبها بدم بارد وترادوها تساؤلات لا تعلم إجابتها أجوبتها.
هل ذلك الشعور خوفًا من طلب أبي بالزيارة السريعة، أم بما فعلة المتعجرف في المحاضرة؟ وصلت المنزل وتناولت الطعام مع جدها وإستعجلها بالنهوض لإسراع في تحضير حقيبة السفر، ولكن ظل تلك الشعور يروداها كأن سجن سيحكم عليها بالأعدام فيه؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي