الفصل الاول

داعبت بعض النسمات الخفيفة شعر "فيحاء " , كانت ملامحها الهادئة الساكنة تشير الى استغراقها فى النوم فلم تسمع والدتها "سهام" وهي تفتح نافذة حجرتها التي تسللت
منها تلك النسمات التى أخذت تداعب شعيراتها السوداء المتساقطة على جبينها فى رقة , اقتربت الأم من فراشها ونادتها بنبرة حانية:
"فيحاء " قومى با بنتى أبوكى نزل
تململت "فيحاء" في فراشها وفتحت عينيها في بطء وارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها ونظرت الى أمها قائلة :
ماما ... صباح الخير يا ست الكل
صباح الفل يا حبيبتى .. قومى أبوكى نزل يصلي الجمعة .. يلا عشان نشوف اللى ورانا
أزاحت "فيحاء" الغطاء الذى تدثرت به ونهضت فى تكاسل وطبعت قبلة على خد أمها
حاضر يا قمر .. هدخل الحمام وآجي أشوف هنعمل ايه
أنا هدخل المطبخ أبدأ في تحضير الغدا وانتى يا حبيبتى عليكي التنضيف زى كل جمعة .. يلا شهلى أوام قبل ما أبوكى يرجع .. انتى عارفة ما بيحبش يرجع يلاقي البيت
مكركب

نظرت "فيحاء" الى الفراش الفارغ الموجود بجوار فراشها والتفتت الى أمها قائلة :
- أمال فين" لمياء"
- نزلت تجيب شوية طلبات .. أنا مش عارفة اتأخرت ليه
دخلت "فيحاء" الحمام وتوضأت وصلت ركعتي الضحى وشرعت فى مساعدة والدتها فيما اعتادت أن تقوم به من أعمال.

كانت "فيحاء" ابنة لأسرة متوسطة الحال أو تحت المتوسطة بقليل , من تلك الأسر التي نقول عنها (عايشين مستورين) , والدها موظف على المعاش ولا يملكون من حطام
الدنيا إلا هذا البيت الذى يأويهم والذى يقع فى أحد الأحياء البسيطة فى اسكندرية , أمها من تلك الأمهات اللاتي تراهم فى معظم البيوت المصرية من هذه الطبقة ,
سيدة طيبة لم تنل حظها من التعليم لكنها تراعي ربها فى بيتها وزوجها وبناتها على أكمل وجه , سيدة حانية تجمع بين الطيبة والبساطة لدي " فيحاء" شقيقة واحدة
تصغرها بـ 4 أعوام تدرس فى السنة الأخيرة بكلية تجارة جامعة الاسكندرية
أما فيحاء " فكانت في ال 26 من عمرها دكتورة بيطرية لا تعمل منذ أن تخرجت , نجح البنتان فى نيل حظ وافر من التعليم , فكان هذا هو ما يطمح اليه والدهما الذى
يفتخر بهما كلما اجتمع بأصدقائه على القهوة التى يجلس عليها عادةَ , كم يشعر بالفخر أنه بالرغم من مستواه المتواضع إلا أنه لديه ابنتان كانتا سبب فخره دائماً
ليس بتعليمهما فقط بل بأدبهما وأخلاقهما وتربيتهما أيضاَ .

رن جرس الباب فنظرت "فيحاء" من العين السحرية ثم فتحت الباب لأختها لمياء"

- طبعا لمياء " هانم هربانة على الصبح من شغل البيت
- ياساتر على الظلم .. كنت بجيب حاجات ماما طلباها
- طيب , يلا يا حلوة شوفى ماما فى المطبخ ساعديها
- من غير ما تقولى كنت داخللها
كانت فيحاء" و "لمياءلمياء" على وفاق دائماً ويحبان مشاكسة بعضهما البعض والمزاح والضحك وساعد على ذلك تقارب سنهما.

التف الجميع حول طاولة الطعام وشرعوا في تناول طعامهم واشتركوا في الحديث والمزاح , ثم بعد فترة قال رب الأسرة عادل "
- النهاردة جه عريس لـ "فيحاء"
احمرت وجنتا "فيحاء" بشدة , فهذه هي المرة الأولى التي يتم فتح مثل هذه المواضيع أمامها , فقد كانت تتسم دائماً بالخجل والهدوء خاصة في الحديث مع والدها الذى
تقدره وتحترمه كثيراَ
الأم "سهام" بجد يا عادل" طيب هو مين ؟ وقالك ايه ؟
"لمياء" بمزاح : ايه ده بجد .. أخيراً حد عبرك
لم تستطع " فيحاء" الجلوس أكثر فنهضت بسرعة
سهام" ايه يا بنتى مش هتكملى أكلك
"فيحاء" : شبعت يا ماما

دخلت مسرعة الى غرفتها ونظرت الى وجنتيها الحمراوان فى المرآة , وشعرت بدقات قلبها تتسارع وتساءلت فى نفسها ( يا ترى شافني فين ؟ وعرفني منين ؟ يا ترى ليه اخترنى
أنا بالذات ؟

كانت " فيحاء" طوال سنين دراستها الجامعية ترفض تماماً الإختلاط بالشباب والإنضمام الى مجموعات تحتوى على الجنسين , فلم تكن تهتم إلا بدراستها وتفوقها , وساعدها
تربيتها وتدينها على المحافظة على نفسها ومشاعرها , كانت "فيحاء" تتمنى دائماً أن يكون زوجها هو أول من يطرق باب قلبها فإحتفظت بكل مشاعرها وعواطفها له وحده
, فكانت ترى أن الحب الحلال أبرك كثيراً من أى علاقة محرمة تغضب ربها.

ومن جهه أخرى لم تكن تحظى بإهتمام الشباب وخاصة أولئك الذين يبحثون عن حب سريع وعلاقات عابرة لأنها لم تكن تملك مقاومات جمال تبهر الرجال , فملامحها
الهادئة ليس بها شئ مميز بإستثناء عينيها السوداوين برموشها الكثيفة التي تشكل مع ابتسامتها الرقيقة جمالاً هادئاً ناعماً بريئاً

فتحت "لمياء" الباب ونظرت الى "فيحاء" ضاحكة : قومتى ليه يا عروسة ؟

"فيحاء" وهي تشير الى الباب : بطلى بأه واقفلى الباب ده
دخلت "لمياء" وأغلقت الباب خلفها قائلة بشقاوتها المعهودة:
تدفعى كام وأقولك المعلومات اللى بابا قالها عن العريس؟
"فيحاء" بلهفة : قولى بأه ما تبقيش رخمة
ايه هى سايبه وحطت ايديها في جمبها بدلع مش هقول إلا لما آخد الحلاوة
حلاوة ايه هو لسه حصل حاجة
هيحصل ان شاء الله وبكرة تقولى لومي اختي حبيبتي " قالت
قولى بأه يا "لمياء" , بابا قال ايه؟
"لمياء" باستسلام مصطنع : طيب صعبتى عليا , هوجب معاكي وارعي حالك وأقولك مهو انتى زى أختى برده هههههه
أوف , مش هنخلص النهاردة

جذبت "لمياء " "فيحاء" من ذراعها وأجلستها على السرير : بصى يا موزة .. العريس اللى أمه داعية عليه .. يوووه قصدى اللى أمه دعياله عنده ٣٣ سنة خريج هندسة بيشتغل
مهندس بترول .. جاهز من مجاميعة .. عنده شقة بتاعته فى منطقة راقية مش ناقصها غيرك يا جميل
- اسمه ايه؟
"لمياء" ضاحكة : ههههههه هيفرق ايه اسمه معاكى .. افرضى مثلاً اسمه "عوض" هترفضى؟
"فيحاء" غاضبة: عشان أما أجى أصلى استخارة يا أذكى اخواتك أقول اسمه فى الدعاء
"لمياء" بهيام : اسمه "درش"
"فيحاء" بإستغراب : "درش" .. ايه "درش " دي
"درش" يا "فيحاء" .. يعني "مصطفى"
صمتت قليلاً ثم قالت : طيب هو شافني فين يعني ؟
ا لا هو أنا ما قولتلكيش .. يقطعني
"فيحاء" وهى تقرص "لمياء" في ذراعها: بطلي أم الاستظراف ده .. مش وقتك خالص
"لمياء" وهى تفرك ذراعها : آآآآآآه .. يا متوحشة , ربنا يكون فى عونك يا "درش" .. بصى يا موزة أبو "درش" الله يمسيه بالخير هو و بابا وبيصيعوا مع بعض على
القهوة وصحاب من زمان
- احترمى نفسك ايه بيصيعوا دى
- الله .. ما تسبينى أكمل بأه .. المهم شكل كدة الواد "مصطفي " شافك فى مرة وانتى واقفة مع بابا وعرف من أبوه كل حاجة عنك , وشكل الصنارة غمزت يا جميل

رغم محاولات "فيحاء" الفاشله في النوم إلا أن النوم أبى أن يسيطر عليها وقضت معظم ليلتها فى التفكير فى شكل هذا الـ " مصطفى" , وأهم شئ أخلاقه وطباعه , ولم
تنسى قبل أن تخلد الى النوم أن تصلى صلاة الاستخارة لتسأل الله -عز وجل- أن ييسر لها إن كان هذا الأمر خير لها وأن يصرفه عنها إن كان فيه شر لها .. وفى النهاية
استسلمت "فيحاء" الى سلطان النوم.
ارتدت "فيحاء" ملابسها التي اختارتها بعناية ولفت حجابها وتأملت نفسها في المرآة , كانت في غاية التوتر والقلق فهذه هي المرة الأولى التر يتقدم أحدهم بطلب
يدها , شعرت أنها تريد أن تسأله عشرات الأسئلة لتتأكد من أنه الشخص المناسب لها , وفى نفس الوقت شعرت أنها لن تستطيع أن تتفوه بحرف واحد
دخلت "لمياء" الغرفة لتخرج "فيحاء" من شرودها
ايه أخبار عروستنا ؟
هموت يا "لميا" حاسه انى هيغمى عليا
ههههههه معلش حبيبتى كلنا لها
-حاسه اني متوترة أوى ومكسوفة أوى

في هذه الأثناء دخلت "سهام" : يلا يا "عروسة " أبوكى قالى أندهلك
"فيحاء" بفزع "بسرعة كدة خليهم يعدوا مع بعض شوية
"لميا" : يعني الراجل دابب المشوار ده كله عشان يعد مع أبوكى .. يلا يا بت بلاش دلع
سارت "فيحاء" الى الصالون وهي تناجى ربها فى سرها وتدعوه أن يقدر لها الخير حيث كان , كانت تشعر أن قدميها لا تستطيع حملها , جذبتها أمها قبل أن تدخل اليهم
قائلة :
استني هتدخلى كدة وايدك فاضية .. خدى قدمى صنية الحاجة الساقعة دى
ياماما ونبي أبوس ايدك شيليها انتى أنا شايلة نفسي بالعافية

دخلت "فيحاء" وألقت السلام وهى تنظر الى الأرض : السلام عليكم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وعليكم السلام أهلا بالعروسة
وعليكم السلام ازيك يا بنتى
لم ترفع "فيحاء" عينيها لترى محدثيها ولكنها ميزت من أقدامهم أنهم امرأة ورجلين
"عادل" سلمي على طنط "حنان" يا "فيحاء"
توجهت "فيحاء" الى القدم الأنثوية وسلمت فجذبتها "حنان" وقبلتها قائلة:
- بسم الله الله أكبر .. ازيك يا عروسة
تمتمت "فيحاء" بصوت خافت : الحمد لله

جلست "فيحاء" فى المقعد الفارغ بجوار السيدة "حنان" والدة "مصطفى" , تمنت "فيحاء " أن ترفع عينها لتراه لكنها لم تجرؤ على ذلك , تحدث الجميع فى مواضيع متفرقة
وتشاركوا الضحكات والمزاح الخفيف , وظلت "فيحاء" مستمعة اليهم دون أن تشاركهم الحديث
"عادل" : "فيحاء " يا بنتى شوفتى عريسك ؟
"فيحاء" وشها في الارض ومن كتر الكسوف احمر زي الطماطم ومش بترد
"عادل" : لازم تشوفيه يا بنتى ده جواز يعني لازم قبول من الطرفين
" فيحاء" : ____________
- "حنان " : اظاهر عروستنا مكسوفة
- "عبدالله " والد " مصطفى" : والعريس كمان شكله محرج
- "عادل" : طيب يا جماعة نسيبهم شوية لوحدهم عشان يعرفوا يتكلموا براحتهم

نهض الجميع وتوجههوا الى الأنتريه الذى لا يبعد كثيرا عن المكان الذى يجلس فيه "مصطفى" و "فيحاء"
" مصطفى" : ازيك عاملة ايه؟
"فيحاء" بخجل : الحمد لله
انتى دكتورة بيطرية مش كدة ؟
أيوة
طيب أنا عارف كل حاجة عنك من والدك انتى بأه عايزة تعرفى عني ايه ؟
"فيحاء" : صمت وكسوف مقتحم المكان
طيب بصيلي على الأقل
حضرتك اتكلم عن نفسك أنا مفيش عندى أسئلة معينة
- طيب أنا اسمي "مصطفى" عندى ٣٣ سنة و 9 شهور , مهندس بترول فى شركة كبيرة فى البحر الأحمر بنزل الإسكندرية اسبوع كل شهر , يعني عايز واحدة مستعدة تتحمل ظروف شغلى
لأني هغيب عنها 3 أسابيع كل شهر , هواياتى هى لعب الملاكمة وكمان بحب سباق السيارات.

أثناء حديثه كانت "فيحاء" تختلس النظر اليه , رأته شابا هادئ الملامح عينيه سوداويين خمرى البشرة بنفس لون بشرتها لديه شعر قصير جدا أسود اللون , أكمل "مصطفى"
قائلاً :
- شقتى جاهزة على الفرش بس , ولو قبلتيني وكان لينا نصيب مع بعض ان شاء الله الفرح هيكون خلال شهرين بالكتير
- شهرين ؟!
- أيوة ان شاء الله الأمر مش هيطول عن كدة أنا متكلم مع والدك فى الموضوع ده , وأنا هاخد أجازة من شغلى الفترة الجاية عشان أقدر أخلص الشقة قبل معاد الفرح انتهت الزيارة ورحلوا فى انتظار رد العروس
, توجهت "فيحاء" الى الحمام وتوضأت وصلت استخارة مرة أخرى فهى لم تتوقف عن أدائها منذ أن بدأ هذا الموضوع , شعرت بأنها لم تستطع أن تكون فكرة واضحة عنه ولا
تستطيع الحكم جيداً على مشاعرها فهى لا تشعر بشئ على الاطلاق , لا برغبة فى القبول ولا برغبة فى الرفض لذلك تركت الاختيار بيد الله -عز وجل
كان أكثر ما يقلقها
هو هذه الخطوبة القصيرة التى لن تتعدى الشهرين , تساءلت فى نفسها هل تستطيع أن تتعرف عليه وتعتاد عليه فى هذه الفترة القصيرة ؟!

كان من الواضح الجلى أن "عادل" سعيداً جداً بـ "مصطفى" فهو لم يكن ليتمنى شخص أفضل منه لابنته , وما زاد من تمسكه به هو أن "مصطفى" اتفق معه أن يتكفل
بمعظم الجهاز والفرش حتى ينتهى سريعاً من اعداد شقة الزوجية فرفع بذلك عن كاهلة حمل ثقيل من النفقات.
أخبرت "فيحاء" والدها عن مخاوفها من قصر فترة الخطوبة , لكنه لم يلتفت لذلك وأخبرها أنه سأل عليه جيداً وأنه شاب ممتاز لا غبار عليه.
جاء اليوم الموعود وارتدت فيه "فيحاء" فستانها الذى عثرت عليه بعد عناء وأجرته من أجل هذا اليوم , فكان اختيارها موفق اذ أنها لطالما كانت تتمنع بذوق راقٍ
في اختيار ملابسها رغم بساطتها , كان فستانها ذو لون موف مطعم ببعض الفصوص فضية اللون وارتدت طرحتين من اللونين الموف والفضى وكان مكياجها هادئ أظهر رقتها وجمال
ملامحها.

كانت الزغاريد لا تنقطع منذ الصباح فهي البكرية والفرح بها له مذاق خاص , كانت حفلة الخطوبة صغيره فى منزلها المتواضع تضم الأسرتان فقط , و "سحر"احدى صديقات
" فيحاء" المقربات من أيام الثانوية

" سحر" : قمر يا اخواتى .. قمر اللهم بارك
"فيحاء" : بجد يا "سحر" .. حلو الفستان والطرحة والميك آب
"سحر" : بقولك قمر
"فيحاء" : قمر بالستر يختى
لمياء" : يلا يا عروسة الناس مستنية بره
فيحاء" : حاضر خارجة أهو
خرجت "فيحاء" من غرفتها وتعالت الزغاريد مرة أخرى فى أرجاء المنزل.

قبل يومين خرجت الأسرتان وانتقت "فيحاء" دبلة الخطوبة والشبكة المكونة من خاتم رقيق و سلسلة بسيطة يتدلى منها قلب صغير , كانت سعيدة للغاية فهذه هى المرة الأولى
التي ترتدى فيها ذلك المعدن الذهبي النفيس الذى يخطف عقول النساء , فلم تكن ظروف اسرتها تسمح بشراء مثل هذه الرفاهيات.

جلست "فيحاؤ" بجوار "مصطفى" وقدمت "حنان" صنية عليها الشبكة الى ابنها ليلبسها لعروسته , قالت "فيحاء" بحرج :
معلش يا طنط ممكن حضرتك اللى تلبسيني الشبكة
حنان" : ليه يا حبيبتى ده "مصطفى" خلاص بأه خطيبك وقريب أوى هيبقى جوزك
فيحاء" بحرج أكبر : معلش يا طنط مش هينفع
نظرت اليها أمها نظرة معناها (عديها مفيهاش حاجة)

لكن "فيحاء" كانت مصرة ألا يلمس يدها قبل كتب الكتاب فمازال رجل غريب عنها , شعرت بضيق "مصطفى" من تصرفها لكنها حدثت نفسها قائلة (من أرضى الله بسخط الناس
رضى الله عنه وأرضى عنه الناس) , ألبستها "حنان" الشبكة , شعرت "فيحاء" بأن قلبها يرقص فرحاً فهاهى لحقت بركب صديقاتها وجاراتها المخطوبات.

فى هذه اللحظة وفى حديقة فيلا كبيرة فى ارقي مناطق كان هناك حفل خطوبة لأحد أكبر رجال الأعمال بالإسكندرية .. "عزمي نور الدين الألفي" كان "عزمي" في الـ 37 من عمره
, أسمر طويل عريض المنكبين ذو شعر أسود حريري , تجمع ملامحه بين الوسامة والرجولة .. رجل تتمناه الكثير من النساء ليس لشكله ووسامته فقط بل لمركزه الإجتماعى
وثراءه الفاحش أيضاً , فبالرغم من صغر سنه إلا أنه يملك ويدير العديد من المصانع والأراضى والشركات التي كانت ملكاً لأجداده ولكنه بذكائه وحسن ادارته لأعماله
نجح فى توسيع أعماله حتى ذاع صيته داخل مصر وخارجها.

أقبل رجل فى العقد السادس من عمره على "عزمي" قائلاً :
ابني حبيبى , أخيراً عشت وشوفت اليوم ده
"عزمي" وهو يقبل يد والده : بابا , ربنا ما يحرمني منك
مبروك يا "عزمي" أخيراً هنفرح بيك , بقولك ايه ما تطولش فى الخطوبة هاا عايز أشيل ولادك قبل ما أموت
"عزمي" ضاحكاً : ربنا يديلك طولة العمر يا بابا , ما تقلقش هو ده أصلاً اللى أنا ناوى عليه

رأى "عزمي" والدته "كريمة" مقبلة عليه فإستقبلها بإبتسامة قائلاً : أمى الغالية , هى فين العروسة مش هتنزل بأه
الأم ضاحكة : هههههه اصبر على رزقك , خلاص خلصت لبس والكوافير كمان خلص شغله
"عزمي" بغضب : كوافير ؟ يعني راجل اللى بيزوقها ؟
"كريمة" : بقولك ايه ما تضايقش البنت النهاردة , يوم سيبها تفرح بيه وبعدين انت ابقى طبعها بطبعك

أقبلت "ليلي " فى فستانها زهرى اللون الذى صُمم على يد أشهر مصممي الأزياء فى العالم , كانت فاتنة تخطف الأنظار بعينيها الخضراويين وشعرها الأشقر الذى رفعته
الى الخلف , وبشرتها الملساء ناصعة البياض , كانت كالأميرة تنزل على سلالم الفيلا ليستقبلها أميرها الساحر.

أمسك "عزمي" يديها وقبلها وهمس لها : حبيبتي
"ليلي" بإبتسامتها الساحرة : عجبتك ؟
امتلأت عيناه بنظرات الحب والإعجاب قائلاً : عجبتيني بس , ده انتى هوستيني .. اعملى حسابك فترة الخطوبة هتكون قصيرة جدا
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي